• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الامام علي عليه السلام في سطور....

 

 بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم واهلك عدوهم
ابو الامام علي عليه السلام:أبو طالب:
اسمه عبد مناف كما مر و ابو طالب كنيته كني باكبر اولاده و تأتي له (انش) ترجمة مفصلة في بابه من هذا الكتاب في عبد مناف و يدل على ان اسم ابي طالب عبد مناف ان اباه عبد المطلب لما اوصاه بالنبي صلى الله عليه و آله و سلم قال:

اوصيك يا عبد مناف بعدي‏
بموحد بعد ابيه فرد
و قال:
وصيت من كنيته بطالب‏ ***عبد مناف و هو ذو تجارب‏
بابن الحبيب اكرم الاقارب‏ ***بابن الذي قد غاب غير آئب

و هو اخو عبد الله ابي النبي صلى الله عليه و آله و سلم لامه و ابيه و الى ذلك يشير ابو طالب بقوله في الابيات الآتية (اخي لأمي من بينهم و ابي) و ابو طالب هو الذي كفل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم صغيرا و قام بنصره و حامى عنه و ذب عنه و حاطه كبيرا و تحمل الاذى في سبيله من مشركي قريش و منعه منهم و لقي لاجله عناء عظيما و قاسى بلاء شديدا و صبر على نصره و القيام بأمره حتى ان قريشا لم تطمع في رسول الله (ص) و كانت كاعة عنه حتى توفي ابو طالب و لم يؤمر بالهجرة الا بعد وفاته.و كان ابو طالب مسلما لا يجاهر باسلامه و لو جاهرلم يمكنه ما امكنه من نصر رسول الله (ص) على انه قد جاهر بالاقرار بصحة نبوته في شعره مرارا مثل قوله:
و دعوتني و علمت انك صادق‏ ***و لقد صدقت و كنت قبل امينا
و لقد علمت بان دين محمد ***من خير اديان البرية دينا
و قوله الذي مدحه فيه بما لا ينطق به غير مسلم فقال:
كذبتم و بيت الله نبزي محمدا ***و لما نطاعن دونه و نناضل‏
و ننصره حتى نصرع حوله‏ ***و نذهل عن ابنائنا و الحلائل‏
و ابيض يستسقى الغمام بوجهه ***ثمال اليتامى عصمة للأرامل
تلوذ به الهلاك من آل هاشم‏ ***فهم عنده في نعمة و فواضل‏
و ميزان حق لا يخيس شعيرة ***و وزان صدق وزنه غير عائل‏
ا لم تعلموا ان ابننا لا مكذب‏ ***لدينا و لا يعني (يعيا) بقول الاباطل

و قوله:
لقد اكرم الله النبي محمدا ***فاكرم خلق الله في الناس احمد
و شق له من اسمه ليجله‏ ***فذو العرش محمود و هذا محمد

و قوله:
و ظلم نبي جاء يدعو الى الهدى‏ ***و أمر أتى من عند ذي العرش قيم

و قوله:
ا لم تعلموا انا وجدنا محمدا ***نبيا كموسى خط في محكم الكتب

و قوله:
نبي اتاه الوحي من عند ربه‏ ***فمن قال لا يقرع بها سن نادم

و قوله:

او تؤمنوا بكتاب منزل عجب‏ ***على نبي كموسى او كذي النون

و قوله:
نصرت الرسول رسول المليك‏ ***بيض تلالا كلمع البروق‏
اذب و احمي رسول الاله‏ ***حماية حام عليه شفيق

و قوله لما ذهب عمرو بن العاص الى النجاشي ليكيد جعفرا و اصحابه.
ا لا ليت شعري كيف في الناس جعفر ***و عمرو و أعداء النبي الاقارب

و روى الصدوق في الامالي بسنده عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام انه قال أول جماعة كانت ان الرسول الله (ص) كان يصلي و امير المؤمنين علي بن ابي طالب معه اذ مر به ابو طالب و جعفر معه قال يا بني صل جناح ابن عمك فلما احسه رسول الله (ص) تقدمهما و انصرف ابو طالب مسرورا و هو يقول:

ان عليا و جعفرا ثقتي‏ ***عند ملم الزمان و الكرب‏
و الله لا أخذل النبي و لا ***يخذله من بني ذو حسب‏
لا تخذلا و انصرا ابن عمكما ***اخي لأمي من بينهم و ابي

فكانت اول جماعة جمعت و ذكره ابو هلال العسكري ايضا في كتاب الاوائل.و روي عن علي عليه السلام انه قال قال لي ابي يا بني الزم ابن عمك فانك تسلم به من كل بأس عاجل و آجل ثم قال لي:

ان الوثيقة في لزوم محمد ***فاشدد بصحبته علي يديكا
و قال ابو طالب يخاطب اخاه حمزة حين اسلم من ابيات:
صبرا أبا يعلى على دين احمد ***و كن مظهرا للدين وفقت صابرا
و من شعر ابي طالب المشهور قوله من ابيات:
انت النبي محمد ***قرم اغر مسود

الى غير ذلك مما يطول الكلام باستقصائه.و مع ذلك فلا يزال بعض من لا يروق لهم ان يضاف الى علي عليه السلام شي‏ء من المحاسن حتى باسلام ابيه يصرون على انه مات كافرا لروايات رويت في عصر الملك العضوض و في ابي طالب يقول المؤلف من قصيدة:

أبوه حمى دين النبي و حاطه‏ ***و لولاه لم يصبح لراياته نشر
و اسلامه اخفى و اجهر تارة ***باسلامه من حيث امكنه الجهر
لمن خير اديان الورى دين احمد ***علمت الذي جاءت به الرسل و النذر
ليمكنه نصر النبي و لو غدا ***به جاهرا ما كان يمكنه النصر
دعا جعفرا كن لابن عمك واصلا ***جناحا اذا ما صلي الظهر و العصر

في رحاب ائمة اهل‏ البيت(ع) ج ١ ص ٥
السيد محسن الامين الحسيني العاملي

فاطمة بنت اسد: فاطمة بنت اسد بن هاشم.في الاغاني هي اول هاشمية تزوجها هاشمي و هي ام سائر ولد ابي طالب«ا ه».و كانت لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بمنزلة الام ربي في حجرها وكان شاكرا لبرها و كان يسميها امي و كانت تفضله على اولادها في البر،كان اولادها يصبحون شعثا رمصا و يصبح رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) كحيلا دهينا،روى الحاكم في المستدرك بسنده انها كانت بمحل عظيم من الايمان في عهد رسول الله (ص) «ا ه»سبقت الى الاسلام و هاجرت‏الى المدينة و لما توفيت كفنها رسول الله (ص) في قميصه و امر من يحفر قبرها فلما بلغوا لحدها حفره بيده و اضطجع فيه و قال اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت اسد و لقنها حجتها و وسع عليها مدخلها فقيل يا رسول الله رأيناك صنعت شيئا لم تكن تصنعه بأحد قبلها فقال ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة او قال هو أمان لها يوم القيامة او قال ليدرأ عنها هوام الارض و اضطجعت في قبرها ليوسعه الله عليها و تأمن ضغطة القبر انها كانت من أحسن خلق الله صنعا الي بعد ابي طالب.و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن سعيد بن المسيب عن علي ابن الحسين عن ابيه عن جده امير المؤمنين علي بن ابي طالب قال لما ماتت فاطمة بنت اسد كفنها رسول الله (ص) في قميصه و صلى عليها و كبر عليها سبعين تكبيرة (١) و نزل في قبرها فجعل يومي في نواحي القبر كأنه يوسعه و يسوي عليها و خرج من قبرها و عيناه تذرفان و جثا في قبرها فقال له عمر بن الخطاب يا رسول الله رأيتك فعلت على هذه المرأة شيئا لم تفعله على احد فقال له ان هذه المرأة كانت امي بعد امي التي ولدتني ان ابا طالب كان يصنع الصنيع و تكون له المأدبة و كان يجمعنا على طعامه فكانت هذه المرأة تفضل منه كله نصيبنا فاعود فيه«ا ه».ولدت طالبا خرج يوم بدر مع المشركين كارها و لم يعرف له خبر و لا عقب له و عقيلا و جعفرا و عليا و كل واحد أسن من الآخر بعشر سنين و ام هانئ و اسمها فاختة،و هو و اخوته اول هاشمي ولد من هاشميين.و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة:

له فاطم ام و كانت لأحمد ***ببر و اشفاق هي الأم و الظئر
فيغدو دهينا عندها متكحلا ***و اولادها شعث شعورهم غبر
به آمنت في مكة ثم هاجرت‏ ***الى يثرب ما شاب ايمانها نكر
و كفنها خير الورى في قميصه‏ ***و في قبرها قد نام مذ حفر القبر
و لقنها القول السديد الذي به‏ ***لدى الحشر تنجو حين يجمعها الحشر
لخير أب ينمى و أكرم حرة ***بذاك سمت عدنان و افتخرت فهر
هما الهاشميان اللذان تفرعا ***على خير فرع اصله هاشم عمرو
له نسب من شيبة الحمد باهر ***جلي فمن ساماه اقعده البهر
نماه الى العليا لؤي بن غالب‏ ***و عبد مناف قد مضى قبله النضر

تعليقة:
(١) يستفاد من هذا استحباب زيادة التكبير عن العدد الواجب في الصلاة على الشخص العظيم كما ورد مثل ذلك في صلاته على عمه حمزة.
في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج ١ ص ٧
السيد محسن الامين الحسيني العاملي

في ذكر أولاد فاطمة بنت أسد و أبي طالب (ع) «علي (ع) و إخوته» قال ابن الجوزي في التذكرة:و جميعهم من أبي طالب،و هم ستة:أربع ذكور،و بنتان،فالذكور :طالب،و عقيل،و جعفر،و علي،و بين كل واحد و بين الآخر عشر سنين،فطالب أكبر ولد أبي طالب وبه يكنى،و بين طالب و عقيل عشر سنين،و بين عقيل و جعفر عشر سنين،و بين جعفر و علي عشر سنين.
فعلي (عليه السلام) أصغر ولده و طالب أكبرهم.
و كنية طالب أبو يزيد،و كان عالما بأنساب قريش،أخرجه المشركون يوم بدر لقتال رسول الله (صلى الله عليه و آله) كرها فقال:

اللهم أما يغزون طالب‏ ***في مقنب من هذه المقانب‏
و ليكن المغلوب غير غالب‏ ***و ليكن المسلوب غير السالب
فلما انهزم المشركون يوم بدر،لم يوجد لا في القتلى و لا في الأسرى،و لا رجع إلى مكة،و لا يدرى ما حاله،و ليس له عقب. و أما عقيل،فقال ابن سعد:إنه اخرج يوم بدر مع من اخرج مكرها و اسريومئذ،و لم يكن له حال،ففداه عمه العباس إلى أن قال:ثم رجع إلى مكة فأقام بها إلى سنة ثمان من الهجرة،ثم خرجمهاجرا إلى المدينة فشهد غزاة مؤتة،و أطعمه رسول الله (صلى الله عليه و آله) من خيبر مائة و أربعين و تسعا كل سنة.
و قال الواقدي:و عاش إلى سنة خمسين من الهجرة و توفي فيها بعد ما ذهب بصره (١) . أما جعفر (عليه السلام) :فإنه كان أكبر من علي (عليه السلام) بعشر سنين،و إنه أسلم قديما و أقام بالحبشة مهاجرا حتى فتحت خيبر سنة سبع،و قدم على رسول الله (صلى الله عليه و آله)فيها،فقام (صلى الله عليه و آله) إليه و اعتنقه و قبله بين عينيه،و قال:ما أدري بأيهم أفرح بقدوم جعفر أو بفتح خيبر» (٢) .
(١) ذكر الحافظ القندوزي،عن الحاكم،قال (صلى الله عليه و آله) :«ما أدري أنا بقدوم جعفر أو بفتح خيبر اسر» (٣) .
(٢) و ذكر أبو نعيم في الحلية،عن أبي هريرة،و قال النبي (صلى الله عليه و آله) لجعفر :«اشبهت خلقي و خلقي».
(٣) قال أبو هريرة:و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يسميه أبا المساكين لأنه كان يحبهم و يطعمهم و يجلس إليهم و يرفق بهم،و كنيته المشهورة أبو عبد الله (٤) .
و أما البنتان فام هاني،إسمها جعدة،و قيل:فاخته،و قيل:هند،و هي التي صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) صلاة الضحى في بيتها يوم الفتح ثمان‏ركعات.
و ابنة اخرى لأبي طالب،قال ابن سعد:إسمها ريطة،و قيل:أسماء،إلى آخره (٥) .
تعليقات:
(١) تذكرة ابن الجوزي الحنفي ص ٢١ و قد ذكرنا شرحا مختصرا لعقيل في آخر فصل علي (عليه السلام) و العدل) فلاحظه.
(٢) تذكرة الخواص لابن الجوزي الحنفي ص .١٦٩
(٣) ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص .١٨١
(٤) تذكرة الخواص ص .١٦٩
(٥) تذكرة الخواص ص .٢٢
الفصول المائة ج ١ ص ٨٦
تأليف: السيد اصغر ناظم‏زاده قمى‏
ميلاد علي عليه السلام
١ـ قال المحدث الحافظ،الحاكم النيسابوري:«و قد تواترت الأخبار أن فاطمةبنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالبـكرم الله وجههـفي جوف الكعبة (١) ».
٢ـ قال المحدث الدهلوي،والد عبد العزيز الدهلوي مصنف«التحفة الاثنا عشرية في الرد على الشيعة»:«تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليا في جوف الكعبة (٢) ». ٣ـقال العلامة ابن الصباغ المالكي:«ولد علي عليه السلام بمكة المشرفة بداخل البيت الحرام،في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم رجب الفرد،سنة ثلاثين من عام الفيل،قبلالهجرة بثلاث و عشرين سنة...و قيل بعشر سنين،و لم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه،و هي فضيلة خصه الله تعالى بها إجلالا له،و إعلاء لمرتبته،و إظهارا لتكرمته (٣) ».

٤ـ قال الشيخ مؤمن بن الحسن الشبلنجي:«علي بن أبي طالب ابن عم الرسول،و سيف الله المسلول،ولدـرضي الله عنهـبمكة داخل البيت الحرام على قول،يوم الجمعة ثالث عشر رجب الحرامسنة ثلاثين من عام الفيل،قبل الهجرة بثلاث و عشرين سنة،و قيل:بخمس و عشرين،و قبل المبعث باثني عشرة سنة،و قيل:بعشر سنين،و لم يولد في البيت أحد قبله سواه (٤) ».

٥ـ قال العلامة الكنجي الشافعي:«ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل،و لم يولد قبله و لابعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراما له بذلك،و إجلالا لمحله في التعظيم (٥) ».

٦ـ قال العقاد:«ولد علي في داخل الكعبة،و كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها،فكأنما كان ميلاده ثمة إيذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها،و كاد علي أن يولد مسلما،بل لقد ولد مسلما على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة و الروح،لأنه فتح عينيه على الإسلام،و لم يعرف قط عبادة الأصنام،فهو قد تربى في البيت الذي خرجت منه الدعوة الإسلامية (٦) ».
٧ـ قال العلامة الصفوري:«إن عليا ولدته امه بجوف الكعبةـشرفها الله تعالىـو هي فضيلة خصه الله تعالى بها (٧) ».
٨ـ قال العلامة برهان الدين الحلبي الشافعيـفي ضمن كلام طويلـ:«لأنه عليه السلام ولد في الكعبة،و عمره (يعني النبي) صلى الله عليه و آله و سلم ثلاثون سنة (٨) ».

١ـ السيد اسماعيل الشيرازي:

آنست نفسي من الكعبة نور ***مثل ما آنس موسى نار طور
يوم غشى الملأ الأعلى سرور ***قرع السمع نداء كنداء
شاطى‏ء الوادي طوى من حرم‏ ***ولدت شمس الضحى بدر التمام‏
فانجلت عنا دياجير الظلام‏ ***ناديا بشراكم هذا غلام‏
وجهه فلقة بدر يهتدى‏ ***بسنا أنواره في الظلم‏
هذه فاطمة بنت أسد ***أقبلت تحمل لاهوت الأبد
فاسجدوا ذلا له فيمن سجد ***فله الأملاك خرت سجدا
إذ تجلى نوره في آدم‏ ***كشف الستر عن الحق المبين‏
و تجلى وجه رب العالمين‏ ***و بدأ مصباح مشكاة اليقين‏
و بدت مشرقة شمس الهدى‏ ***فانجلى ليل الضلال المظلم‏
نسخ التأبيد من نفي ترى‏ ***فأرانا وجهه رب الورى‏
ليت موسى كان فينا فيرى‏ ***ما تمناه بطور مجهدا
فانثنى عنه بكفي معدم‏ ***هل درت ام العلى ما وضعت؟
أم درت ثدى الهدى ما أرضعت؟ ***أم درت كف النهى ما رفعت؟
أم درى رب الحجى ما ولدا؟ ***جل معناه فلما يعلم‏
سيد فاق علا كل الأنام‏ ***كان إذ لا كائن و هو إمام‏
شرف الله به بيت الحرام‏ ***حين أضحى لعلاه مولدا
فوطى تربته بالقدم‏ ***إن يكن يجعل لله البنون‏
و تعالى الله عما يصفون‏***فوليد البيت أحرى أن يكون‏
لولى البيت حقا ولدا ***لا عزيز،لا و لا ابن مريم‏
سبق الكون جيمعا في الوجود ***و طوى عالم غيب و شهود
كل ما في الكون من يمناه جود ***إذ هو الكائن لله يدا
و يد الله مدر الأنعم (٩) ***هو بدر و ذراريه بدور
عقمت عن مثلهم ام الدهور ***كعبة الوفاد في كل الشهور
فاز من نحو فناها و فدا ***بمطاف منه أو مستلم‏
أيها المرجى لقاه في الممات‏ ***كل موت فيه لقياك حياة
ليتما عجل بي ما هو آت‏ ***علني ألقى حياتي في الردى‏
فايزا منه بأوفى النعم (١٠)

٢ـ الشيخ حسين نجف:

جعل الله بيته لعلي‏ ***مولدا يا له من علا لايضاها
لم يشاركه في الولادة فيه‏ ***سيد الرسل لا و لا أنبياها (١١)

٣ـ السيد على نقى الهندى:

لم يكن في كعبة الرحمن مولود سواه‏ ***إذ تعالى في البرايا عن مثيل في علاه‏
و تولى ذكره في محكم الذكر الإله‏ ***أيقول الغر فيه بعد هذا لست أدري‏
أقبلت فاطمة حاملة خير جنين‏ ***جاء مخلوقا بنور القدس لا الماء المهين‏
و تردى منظر اللاهوت بين العالمين‏ ***كيف قد اودع في جنب و صدر؟لست أدري‏
أقبلت تدعو و قد جاء بها داء المخاض‏ ***نحو جذع النخل من ألطاف ذي اللطف المفاض‏
فدعت خالقها الباري بأحشاء مراض‏ ***كيف ضجت،كيف عجت،كيف ناحت؟لست أدرى‏
لست أدري غير أن البيت قد رد الجواب‏ ***بابتسام في جدار البيت أضحى منه باب‏
دخلت فانجاب فيه البشر عن محض اللباب‏ ***إنما أدري بهذا،غير هذا لست أدري‏
كيف أدري و هو سر فيه قد حار العقول‏ ***حادث في اليوم لكن لم يزل أصل الاصول‏
مظهر لله لكن لا اتحاد لا حلول‏ ***غاية الإدراك أن أدري بأني لست أدري‏
ولد الطهر«علي»من تسامى في علاه؟ ***فاهتدى فيه فريق و فريق فيه تاه‏
ضل أقوام فظنوا أنه حقا إله‏ ***أم جنون العشق هذا لا يجازى؟ (١٢) لست أدري

تعليقات
١ـ الحاكم:المستدرك،ج ٣:ص .٤٨٣
٢ـ الدهلوي:إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء،ص ٢٥١،ط باكستان.
٣ـ ابن الصباغ:الفصول المهمة،ص .٣٠
٤ـ الشبلنجي:نور الابصار،ص .٨٥
٥ـ الكنجي الشافعي:كفاية الطالب،ص .٤٠٧
٦ـ العقاد:عبقرية الإمام على عليه السلام،ص ٤٣،ط بيروت.
٧ـ الصفوري:نزهة المجالس،ج ٢:ص ٤٥٤،ط بيروت.
٨ـ الحلبي:السيرة الحلبية،ج ١:ص .١٣٩
٩ـ إلى هنا أورده سفينة البحار،ج ٢:ص .٢٣٠
١٠ـ الاميني:الغدير،ج ٦:صص ٣٠ و ٣١،أوردناها بالتلخيص.
١١ـ الاميني:الغدير،ج ٦:ص .٢٩
١٢ـ الاميني:الغدير،ج ٦:ص ٣٧،و القصيدة طويلة أخذنا منها موضع الحاجة.
الامام علي(ع) ص ٢٥٢
احمد الرحماني الهمداني
١ـ كلمة في ولادته في جوف الكعبة.
ولد علي (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل في جوف الكعبة شرفها الله زائريها و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه كرم الله وجهه عنالسجود لأصنامها فكانما كان ميلاده ثمة ايذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها و كاد علي أن يولد مسلما،بل و قد ولد مسلما تحقيقا،و بعد خروجه عن البيت لم يفتح عينيه إلا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قرأ من سورة المؤمنون: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذينهم في صلاتهم خاشعون) (١) الآية،و حمله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلي منزل امه و سماه أبو طالب عليا و اسمه مشتق من إسم الله العلي الأعلى كي يدوم له عز العلو و فخر العز أدومه (٢) .
٢ـتفصيل الواقعة في الحديث.
في كشف الغمة عن بشائر المصطفى،و في البحار عن غيبة النعمانى،و معاني الأخبار،و علل الشرائع،عن سعيد بن جبير،قال:يزيد بن قعيب:كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب و فريق منبنى عبد العزى بإزاء بيت الله‏الحرام،إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) و كانت حاملة به لتسعة أشهر و قد أخذها الطلق،فقالت:يا رب،إنى مؤمنة بك و بما جاء من عندك من رسل و كتب،و إني مصدقة بكلام جدى إبراهيم الخليل (عليه السلام) و إنه بنى البيت العتيق،فبحق الذي بنى هذا البيت،و بحق المولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي. قال يزيد بن قعيب:فرأيت البيت قد انشق عن ظهره،و دخلت فاطمة فيه،و غابت عن أبصارنا و عاد إلى حاله و التزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب (٣) فلم ينفتح،فعلمنا أن ذلك أمر من أمرالله عز و جل،ثم خرجت في اليوم الرابع و على يدها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ،ثم قالت:إني فضلت على من تقدمني من النساء،لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز و جل سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا و أن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا،و أنى دخلت بيت الله الحرامـفأكلت من ثمار الجنة و أرزاقها (أرواقها) فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف :يا فاطمة،سميه عليا (٤) ،فهو علي و الله العلي الأعلى يقول:إنى شققت اسمه من اسمي و أدبته بأدبي،و اوقفته على غامض علمي،و هو الذي يكسر الأصنام في بيتي،و هو الذي يوذن فوق ظهر بيتي و يقدسني و يمجدني،فطوبى لمن أحبه و اطاعه،و ويل لمن أبغضه و عصاه. قالت:فولدت عليا و لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ثلاثون سنة،و احبه رسول الله حبا شديدا،و قال لها:إجعلي مهده بقرب فراشي و كان يلي أكثر تربيته،و كان يطهر عليا في وقتغسله،و يوجره اللبن عند شربه،و يحرك مهده عند نومه،و يناغيه في يقظته،و يحمله على صدره و رقبته،و يقول:«هذا أخي و وليي‏و ناصري و صفيي و ذخري و كهفي و صهري و وصيي و زوج كريمتي و أميني على وصيتي و خليفتي،و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يحمله دائما و يطوف به جبال مكة و شعابها و أوديتها و فجاجها صلى الله على الحامل و المحمول (٥) ».
و في المناقب:ـفي رواية شعبة عن قتادة،عن أنس عن العباس بن عبد المطلب و في رواية الحسن بن محبوب،عن الصادق (عليه السلام) و الحديث مختصر:أنه انفتح البيت من ظهرهـو دخلتفاطمة فيه،ثم عادت الفتحة و التصقت و بقيت فيه ثلاثة أيام،فأكلت من ثمار الجنة،فلما خرجت قال علي:السلام عليك يا أبه و رحمة الله و بركاته،ثم تنحنح و قال: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) الى آخر الآيات،فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) : (قد افلحوا بك،أنتـو اللهـأميرهم تميرهم من علمك فيمتارون،و أنتـو اللهـدليلهم و بك و الله يهتدون،و وضع رسول الله لسانه في فيه فانفجرت اثنتا عشرة عينا،قال :فسمي ذلك اليوم يوم التروية.
فلما كان من غده و بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) سلم عليه و ضحك في وجهه،و جعل يشير إليه،فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالتفاطمة:عرفه فسمي ذلك اليوم عرفة،فلما كان اليوم الثالث و كان يوم العاشر من ذي الحجة،أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا،و قال:هلموا إلى وليمة ابني علي (عليه السلام) و نحر ثلاثمائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم و اتخذوا وليمة،و قال:هلموا و طوفوا بالبيت سبعا و ادخلوا على علي (عليه السلام) ولدى ففعل الناس من ذلك و جرت به السنة و وضعته امه بين يدي النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ففتح فاه بلسانه و حنكه و أذن في اذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى،فعرف الشهادتين و ولد على الفطرة (٦) .و انشأ الحميرى:

ولدته في حرم الله و أمنه‏ ***و البيت حيث فناؤه و المسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة ***طابت و طاب وليدها و المولد
في ليلة غابت نحوس نجومها ***و بدت مع القمر المنير الأسعد
ما لف في خرق القوابل مثله‏ ***إلا ابن امنة النبي محمد (٧)

٣ـ ما قاله رسول الله (ص) في ولادة علي (ع)
قال الحافظ الكنجى الشافعي،عن جابر بن عبد الله،قال:سألت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) عن ميلاد علي بن أبي طالب.فقال:لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح (عليه السلام) ،إن الله تبارك و تعالى خلق عليا من نوري و خلقني من نوره و كلانا من نور واحد،ثم إن الله عز و جل نقلنا من صلب آدم، (عليه السلام) في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكية فما نقلت من صلب إلا و نقل علي معي،فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم و هي آمنة،و استودع عليا خير رحم و هي فاطمة بنت أسد.و كان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم ابن دعيب بن الشقبان قد عبد الله تعالى مائتين و سبعين سنة لم يسأل الله حاجة فبعث الله إليه أبا طالب،فلما أبصره المبرم قام إليه،و قبل رأسه و أجلسه بين يديه ثم قال له:من أنت؟فقال:رجل من تهامة،فقال:من أى تهامة؟فقال:من بني هاشم،فوثب العابد فقبل رأسه ثانية،ثم قال:يا هذا،إن العلي الأعلى ألهمني إلهاما،قال أبو طالب:و ما هو؟قال:ولد يولد من ظهرك و هو ولى الله عز وجل،فلما كانت الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض،فخرج أبو طالب،و هويقول:أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله عز و جل فلما أصبح دخل الكعبة و هو يقول:

يا رب هذا العسق الدجى‏ ***و القمر المبتلج المضى‏
بين لنا امرك الخفى‏ ***ماذا ترى فى اسم ذا الصبى‏

قال فسمع صوت هاتف يقول:

يا اهل بيت المصطفى النبى‏ ***خصصتم بالولد الزكي‏
إن اسمه من شامخ العلى‏ ***على اشتق من العلى (٨)
٤ـما قاله علي بن الحسين في ولادته عن زبدة بنت العجلان و في الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي من كتاب المناقب لابي العالى الفقيه المالكي روى خبرا يرفعه إلى علي بن الحسين (عليه السلام) أنه قال:كنا عند الحسين عليه السلام في بعض الايام و اذا بنسوة مجتمعين،فاقبلت امرأة منهن علينا فقلت لها:من أنت يرحمك الله .
قالت:أنا زبدة ابنة العجلان من بني ساعدة.
فقلت لها:هل عندك من شي‏ء تحدثينا به. قالت:إي و الله حدثتني ام عمارة بنت عبادة من فضلة بن هالك بن عجلان الساعدي،أنها كانت ذات يوم في نساء من العرب إذ أقبل أبو طالب كئيبا حزينا،فقلت له:ما شأنك؟قال:إن فاطمة بنتأسد في شدة من الطلق.
ثم أنه أخذ بيدها و جاء بها الي الكعبة فدخل بها،و قال:اجلسي على اسم الله،فطلقت طلقة واحدة فولدت غلاما نظيفا منظفا لم أر أحسن وجها منه،فسماه‏أبو طالب عليا.

و قال شعرا:

سميته بعلي كي يدوم له‏ ***عز العلو و فخر العز أدومه

و جاء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فحمله معه إلى منزل امه.
قال علي بن الحسين (عليه السلام) :«فو الله ما سمعت بشي‏ء حسن قط إلا و هذا من أحسنه»الى آخره (٩)
و روى ابن المغازلى الشافعى فى المناقب عن على بن الحسين عليه السلام نحوه. (١٠)
٥ـما قاله جعفر بن محمد الصادق (ع) في ولادته في الكافى الشريف عن محمد بن عبد الله ابن مسكان،عن أبيه قال:قال أبو عبد الله (عليه السلام) :«إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبى طالب لتبشره بمولد النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) فقال أبو طالب:اصبرى سبتا ابشرك بمثله إلا النبوة،و قال:السبت (١١) ثلاثون سنة و كان بين رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و أميرالمؤمنين (عليه السلام) ثلاثون سنة» (١٢) .
٦ـ أن عليا (ع) ارتزق من لسان النبي (ص) عن السيد احمد زينى دحلان الشافعى،عن فاطمة بنت اسد ام علي (عليه السلام) أنها قالت :لما ولدته سماه (صلى الله عليه و آله و سلم) عليا و بصق في فيه،ثم أنه القمه لسانه فما زاليمصه حتى نام.
قالت:فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد،فدعونا له محمدا (صلى الله عليه و آله و سلم) فالقمه لسانه فنام،فكان كذلك ما شاء الله تعالى (١٣) .

٧ـ تسميته عليا (ع) كانت من عند الله روى الحافظ القندوزى الحنفي عن عباس بن عبد المطلب،قال:لما ولدت فاطمة بنت أسد عليا،سمته باسم ابيها أسد،و لم يرض أبو طالب بهذا الاسم فقال:هلم حتى نعلوا أبا قبيس ليلا،و ندعواخالق الخضراء فلعله أن ينبئنا في اسمه،فلما أمسيا خرجا و صعدا أبا قبيس و دعيا الله تعالى،فانشأ أبو طالب شعرا:

يا رب هذا الغسق الدجى‏ ***و الفلق المبتلج المضى‏
بين لنا عن امرك المقضى‏ ***لما نسمى ذلك الصبى

فاذا خشخشة من السماء فرفع أبو طالب طرفه فإذا لوح مثل زبرجد أخضر فيه أربعة أسطر فاخذه بكلتا يديه و ضمه إلى صدره ضما شديدا فاذا مكتوب:

خصصتما بالولد الزكي‏ ***و الطاهر المنتجب الرضي‏
و اسمه من قاهر العلى‏ ***علي اشتق من العلي

فسر أبو طالب (عليه السلام) سرورا عظيما،و خر ساجدا لله تبارك و تعالى و عق بعشرة من الإبل و كان اللوح معلقا في البيت الحرام يفتخر به بنو هاشم على قريش حتى غاب زمان قتال الحجاج ابن الزبير. (١٤)
انشد الشاعر الدكتور باهر القمى:

مشتق شده از نام خدا نام على‏ ***پر شد ز محبت خدا جام على‏
با مهر على مرا سرشتند وجود ***آزاد كسى كه رفت در دام على

٨ـ نبذة مما يتعلق بميلاده (ع) و ان ولادته كانت في جوف الكعبه
من كان في حرم الرحمان مولده‏ ***و حاطه الله من بأس و عدوان (١٥)
قصة ولادته (عليه السلام) في الكعبة المكرمة أمر مشهور بين الأمة حتى ألف شيخنا الأوردبادي في الموضوع كتابا فخما (١٦) . و مجمل القصة ان جدار البيت قد انشق لامه فاطمة بنت أسد،فدخلته،ثم التأمت‏الفتحة،فلم تزل في البيت العتيق حتى ولدت وليد البيت تلك الولادة المباركة و أكلت من ثمار الجنة،و لم ينفلقصدف الكعبة عن دره الدرى إلا و أضاء الكون بنوره محياه الأبلج،وفاح في الأجواء شذى عنصره الأقدس. و هذه حقيقة ناصعة أصفق على إثباتها الفريقان،و تضافرت بها الأحاديث،و طفحت بها الكتب،فلا نعبأ بجلبة رماة القول على عواهنه بعد نص جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذه الأثارة(١٧)

الحديث:
(١) قال الحاكم النيشابوري في المستدرك:و قد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في جوف الكعبة (١٨) . (٢) و قال العلامة الكنجي الشافعي:ولد امير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بمكة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل،و لميولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه إكراما له بذلك و إجلالا له لمحله في التعظيم (١٩) . (٣) و تبعه أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي الشهير بشاه ولي الله والد عبد العزيز الدهلوي (مصنف التحفة الإثنى عشرية في الرد على الشيعة) فقال في كتاب‏[إزالة الخفاء]،:تواترت الأخبار أنفاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين (عليه السلام) عليا في جوف الكعبة فإنه ولد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهررجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة و لم يولد فيها أحد سواه قبله و لا بعده (٢٠) . (٤) و قال ابن الصباغ المالكي:ولد علي (عليه السلام) بمكة المشرفة بداخل البيت الحرام في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم رجب الفرد سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرةبثلاث و عشرين سنة،و قيل بخمس و عشرين و قبل البعث باثنتي عشرة سنة،و قيل بعشر سنين،و لم يولد في بيت الله الحرام قبله أحد سواه،و هي فضيلة خصه الله تعالى بها إجلالا له و إعلاء لمرتبته و إظهارا لتكرمته،و كان علي هاشميا من هاشميين و أول من ولده هاشم مرتين (٢١) .
(٥) و قال ابن الجوزي الحنفي:و روي أن فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت و هي حامل بعلي (عليه السلام) فضربها الطلق ففتح لها باب الكعبة فدخلت فوضعته فيها (٢٢) . (٦) و قال العلامة السكتواري البسنوي الحنفي:أول من لقب في صباه باسم الأسد في الإسلام من الصحب الكرام و هو الحيدر من أسماء الأسد سيدنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) كانأبو امه غائبا حين ولدته داخل الكعبة و هي فاطمة بنت أسد لقبته امه تفاؤلا باسم أبيه (٢٣) . (٧) و قال ابن المغازلي الشافعي في حديث طويل عن زبدة بنت قرسته...أن أبا طالب أقبل يوما حزينا و قال:إن فاطمة بنت أسد في شدة المخاض،ثم وضع يده على وجهه فبينا هو كذلك اذأقبل محمد فقال:ما شانك يا عم فقال:إن فاطمة بنت أسد تشتكي المخاض،فأخذ بيدها و قمن معه فجاء بها إلى‏الكعبه فأجلسها في الكعبة،ثم قال:اجلسي على اسم الله،قالت:فطلقت طلقة فولدت غلاما مسروا نظيفا منظفا لم أر كحسن وجهه،فسماه أبو طالب عليا،و حمله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى اداه إلى منزلها الى آخره (٢٤) . (٨) قال عباس محمود العقاد المصري:ولد علي (عليه السلام) في داخل الكعبة و كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها،فكانما كان ميلاده ثمة ايذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها،و كاد علي(عليه السلام) أن يولد مسلما بل لقد ولد مسلما على التحقيق إذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة و الروح كأنه فتح عينيه على الإسلام و لم يعرف قط عبادة الأصنام (٢٥) .
و غير اولئك من علماء العامة في كتبهم فمن أراد اقوالهم فليراجع الغدير ج ٦ ص .٢٣

تعليقات:
(١) سورة المؤمنون: .١
(٢) اقتباس من شعر ابي طالب (ع) و ساتيك.
(٣) أن للكعبة بابا يمكن الدخول و الخروج منه و لكن الباب لم ينفتح بل انشق الجدار ليكون أبلغ و أوضح و أدل على خرق العادة،و لا يمكن اسناد الأمر إلى الصدفة.
(٤)فسياتيك حديث من القندوزى الحنفي ان تسمية على (ع) كان من عند الله بدعاء ابن طالب (ع) .
(٥) كشف الغمة باب المناقب ج ١ ص ٨٢ و البحار ج ٣٥ ص .٨
(٦) المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ١٧٤ و بحار الانوار ج ٣٥ ص .١٧
(٧) المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص .١٧٤
(٨) كفاية الطالب ص ٢٦٠ نقلا عن الاحقاق ج ٧ ص .٤٨٨
(٩) الفصول المهمة لابن الصباح المالكى ص ٣٠ و روى عنه فى غاية المرام ص ١٣ الباب الثالث من المقصد الاول رقم الحديث .١
(١٠) المناقب لابن المغازلي الشافعي ص ٦ رقم الحديث ٣ و روى عنه في غاية المرام ص ١٢ الباب الثالث من المقصد الأول رقم الحديث .١ (١١)فى مرآة العقول ج ٥ ص ٢٧٧:السبت:الدهر كما ذكره الجوهرى و الفيروز آبادى و غيرهما،و في النهاية مدة من الزمان قليلة كانت أم كثيرة،فالتفسير بالسبت اما لشيوعه بهذا المعنى فىذلك الزمان او لان مراده كان هذه المدة و ان لم يوضع لخصوص هذا المعنى،و يدل على تقدم أبى طالب و إنه كان من الأوصيا و أمينا على أسرار الأنبياء.
(١٢) اصول الكافى ج ١ ص .٤٥٢
(١٣) السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبيه ج ١ ص .١٧٦
(١٤) ينابيع المودة ص ٢٥٥ و يستفاد من هذا الحديث ان ابا طالب كان موحدا بل كان وصيا من اوصياء الله.
(١٥) من قصيدة أنشاها السريجى الأواني و هل طويلة في الغدير ج ٦ ص .٢١
(١٦) الغدير ج ٦ ص .٢٧
(١٧) اقتباس عن الغدير ج ٦ ص .٢١
(١٨) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٨٣ نقلا عن الإحقاق ج ٧ ص ٤٨٩ و الغدير ج ٦ ص .٢٢
(١٩) كفاية الطالب ص ٢٠٧ نقلا عن الغدير ج ٦ ص .٢٢
(٢٠) الغدير ج ٦ ص .٢٢
(٢١) الفصول المهمة ص: .٣٠
(٢٢) تذكرة الخواص ص: .٢٠
(٢٣) محاضرة الاوائل ص ٧٩ نقلا عن الاحقاق ج ٧ ص: .٤٩٠
(٢٤) مناقب أمير المؤمنين مخطوط نقلا عن الاحقاق ج ٧ ص .٤٨٦
(٢٥) عبقرية الامام علي (ع) ص .٤٣
الفصول المائة ج ١ ص ١٩
تأليف: السيد اصغر ناظم‏زاده قمى‏
١ ـ قال عليه لاسلام تعريفا لنفسه: «و لقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بالقرابة القريبة، و المنزلة الخصيصة،و ضعني في حجره و أنا وليد[ولد ـ خ ل‏]،يضمني إلىصدره، و يكنفني في فراشه، و يمسني جسده، و يشمني عرفه، و كان يمضغ الشي‏ء ثم يلقمينه، و ما وجد لى كذبة في قول،و لا خطلة في فعل،و لقد قرن الله به صلى الله عليه و آله و سلم من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته،يسلك به طريق المكارم و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره، و لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر امه،يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما،و يأمرني بالاقتداء به، و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه و لا يراه غيري، و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و خديجة، و أنا ثالثهما،أرى نور الوحى و الرسالة، و أشم ريح النبوة، و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه و آله و سلم، فقلت: يا رسول الله! ما هذه الرنة؟ فقال : هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنك تسمع ما أسمع، و ترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي و لكنك لوزير، و إنك لعلى خير (١) ». قال ابن أبي الحديد: «و روى عن جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام قال: كان علي عليه السلام يرى مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قبل الرسالة الضوء، و يسمع الصوت، و قالصلى الله عليه و آله و سلم له: لو لا أني خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة، فإن لا تكن نبيا فإنك وصي نبي و وارثه، بل أنت سيد الأوصياء، و إمام الأتقياء (٢) ». ٢ ـ قال العلامة الحلي رحمه الله: «و أما حال ولادته فإنه عليه السلام ولد يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبه؛ و لم يولد فيها أحد سواه لا قبله و لابعده، و كان عمر النبي صلى الله عليه و آله و سلم ثلاثين سنة، فأحبه و رباه، و كان يطهره في وقت غسله، و يجرعه اللبن عند شربه، و يحرك مهده عند نومه... و يقول: هذا أخي و وليي و ذخري و ناصري و صفيي و كهفي و صهري و وصيي و زوج كريمتي و أميني و خليفتي، و كان يحمله دائما و يطوف به جبال مكة و شعابها و أوديتها (٣) ». ٣ ـ و قال برهان الدين الحلبي: «فلم يزل علي عليه السلام مع رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم، و في خصائص العشرة للزمخشري: أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم تولى تسميتهبعلي، و تغذيته أياما من ريقه المبارك، يمصه لسانه، فعن فاطمة بنت أسد أم علي ـ رضي الله تعالى عنها ـ قالت: لما ولدته سماه عليا، و بصق في فيه، ثم إنه ألقمه لسانه، فما زال يمصه حتى نام، فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة فلم يقبل ثدي أحد، فدعونا له محمد صلى الله عليه و آله و سلم فألقمه لسانه فنام، فكان كذلك ما شاء الله (٤) ». ٤ ـ ذكر أبو القاسم في أخبار أبي رافع من ثلاثة طرق أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم حين تزوج خديجة قال لعمه أبي طالب: إنى احب أن تدفع إلي بعض ولدك يعينني على أمري ويكفيني، و أشكر لك بلاءك عندي، فقال أبو طالب: خذ أيهم شئت، فأخذ عليا عليه السلام، فمن استقى عروقه من منبع النبوة، و رضعت شجرته ثدي الرسالة، تهدلت أغصانه عن نبعة إلامامة، و نشأ في دار الوحي، و ربي في بيت التنزيل، و لم يفارق النبي صلى الله عليه و آله و سلم في حال حياته إلى حال وفاته لا يقاس بسائر الناس، و إذا كان عليه‏السلام في أكرم أرومة، و أطيب مغرس، و العرق الصالح ينمي، و الشهاب الثاقب يسري، و تعليم الرسول ناجع، و لم يكن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ليتولى تأديبه، و يتضمن حضانته و حسن ترتيبه إلا على ضربين:
إما التفرس فيه، أو بالوحي من الله تعالى، فإن كان بالتفرس فلا تخطأ فراسته، و لا يخيب ظنه، و إن كان بالوحي فلا منزلة أعلى و لا حال أدل على الفضيلة و الامامة منه (٥) ».

تعليقات
(١) نهج البلاغة،الخطبة .١٩٠
(٢) ابن أبي الحديد: شرح النهج، ج ١٣: ص ٢١٠/الخطبة ٢٣٨
(٣) الحلي: كشف الحق و نهج الصدق، ص ١٠٩،ط بغداد، المظفر: دلائل الصدق، ج ١: ص .٥٠٦
(٤) الحلبي: السيرة الحلبية، ج ١: ص ٢٦٨، السيرة النبوية لزيني دحلان المطبوع بهامش السيرة الحليية.
(٥) المجلسي: بحار الانوار، ج ٣٨:ص ٢٩٥.و تهدلت: تدلت، و الارومة: أصل الشجرة.
الامام على بن ابى‏طالب(ع) ص ٥٣١
احمد الرحماني الهمداني

١ـ ما قيل في قرابته (ع)
(١) قال ابن أبي الحديد في قرابته (ع) و القرابة القريبة بينه و بين رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) دون غيره من الأعمام كونه رباه في حجره،ثم حامى عنه.و نصره عند إظهار الدعوة دون غيره من بني هاشم،ثم ما كان بينهمامن المصاهرة التي أفضت إلى النسل‏الأطهر دون غيره من الأصهار (١) .
(٢) و قال ابن حجر العسقلاني الشافعي
ولد علي (عليه السلام) قبل البعثة بعشر سنين،فربى في حجر النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و لم يفارقه،و شهد معه من المشاهد إلا غزوة تبوك،إلى آخره (٢) .
(٣) روى الطبري في تاريخه عن مجاهد قال كان من نعمة الله عز و جل على علي بن أبي طالب (عليه السلام) و ما صنع‏الله له،و أراده به من الخير،أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة،و كان أبو طالب ذا عيال كثير،فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) للعباس،ـو كان من أيسر بني هاشمـ«يا عباس،إن أخاك أبا طالب كثير العيال،و قد ترى ما أصاب الناس من هذه الأزمة،فانطلق بنا،فلنخفف عنه من عياله،آخذ من بيته واحدا،و تأخذ واحدا،فنكفيهما عنه،قال العباس:نعم.
فانطلقا حتى أتيا أبا طالب،فقالا له: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك‏حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه،فقال لهما أبو طالب:إذا تركتمالي عقيلا فاصنعا ما شئتما،فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) عليا (عليه السلام)فضمه إليه،و أخذ العباس جعفرا،فلم يزل علي بن أبي طالب (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى بعثه الله نبيا فأتبعه علي (عليه السلام) فآمن به و صدقه،و لم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم و استغنى عنه (٣) .
و روى الحافظ القندوزى الحنفي في ينابيع المودة نحوه مع اختصار فيه (٤) .
و روى العلامة الأربلي عن أبي المؤيد بإسناده عن محمد بن اسحاق نحوه (٥) .

و روى العلامة الكراجكى نحوه (٦) .
صورة اخرى قال ابن الصباغ المالكي:لما نشأ علي بن أبي طالب و بلغ سن التمييز أصاب أهل مكة جدب شديد و قحط أجحف بذوى المروة،و أضر بذوي العيال‏إلى الغاية،فقال رسول الله (صلى الله عليه و آلهو سلم) لعمه العباس و كان من أيسر بني هاشم،يا عم،إن أخاك أبا طالب كثير العيال و قد أصاب الناس ما ترى،فانطلق بنا إلى بيته لنخفف من عياله فتأخذ أنت رجلا واحدا و آخذ أنا رجلا،فنكفلهما عنه،قال العباس:أفعل،فانطلقا حتى أتيا أبا طالب،فقالا:
إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه. فقال لهما أبو طالب:إذا تركتما لى عقيلا و طالبا فاصنعا ما شئتما،فأخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) عليا و ضمه إليه،و أخذ العباس جعفرا فضمه إليه،فلم يزل علي (عليه السلام)مع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى بعث الله عز و جل محمدا نبيا فأتبعه علي (عليه السلام) ،و آمن به و صدقه،و كان عمره إذ ذاك في السنة الثالثة عشر من عمره لم يبلغ الحلم،و قيل غير ذلك،و أكثر الأقوال و اشهرها أنه لم يبلغ الحلم،و أنه أول من أسلم و آمن برسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) من الذكور بعد خديجة،قاله الثعلبي في تفسير قوله تعالى:

و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار (٧) . و هو قول ابن عباس و جابر بن عبد الله الأنصاري و زيد بن أرقم،و محمد بن المتكدر و ربيعه المرائي (٨) و قد أشار علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى شي‏ء من ذلك في أبيات قالها،رواهاعنه الثقاة الأثبات،و هي هذه الآبيات:

محمد النبي أخي و صنوي‏ ***و حمزة سيد الشهدا عمي
و بنت محمد سكني و عرسي‏ ***منوط لحمها بدمي و لحمي‏
سبقتكم إلى الإسلام طفلا ***صغيرا ما بلغت أوان حلمي‏
فويل ثم ويل ثم ويل‏ ***لمن يلقى الإله غدا بظلمي
رباه النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) و أزلفه و هداه إلى مكارم الأخلاق و الفقه الى آخره (٩) . (٤) و ذكر أبو القاسم في أخبار أبى رافع عن ثلاثة طرق أن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) حين تزوج خديجة قال لعمه أبى طالب:إنى أحب أن تدفع إلى بعض ولدكـيعنني على أمريـو يكفيني،و أشكر لك بلاءك عندى،فقال أبو طالب:خذ ايهم شئت،فأخذ عليا (عليه السلام) فمن استقى عروقه من منبع النبوة،و رضعت شجرته ثدي الرسالة،و تهدلت أغصانه (١٠) عن تبعة الإمامة،و نشأ في دار الوحي،و ربى فى بيت التنزيل،و لم يفارق النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) في حال حياته إلى حال وفاته،لا يقاس بسائر الناس،و إذا كان (عليه السلام) في أكرم ارومة (١١) و أطيب مغرس و العرق الصالح ينمي و الشهاب الثاقب يسري و تعليم الرسول ناجع (١٢) و لم يكن الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) ليتولى تأديبه و يتضمن حضانته و حسن تربيته إلا على ضربين،إما على التفرس فيه أو بالوحى من الله تعالى،فإن كان بالتفرس فلا تخطأ فراسته و لا يخيب ظنه،و إن كان بالوحي فلا منزلة أعلى و لا حال أدل على الفضيلة و الإمامة منه (١٣) . (٥) و قال ابو جعفر نقيب البصرة،فيما حكاه تلميذه ابن أبي الحديد في شرحه:و إذا كان القرين مقتديا بالقرين،فما ظنك بالتربية و التنقيف الدهر الطويل،فوجب أن تكون أخلاق علي (عليه السلام) كأخلاق محمد (صلى الله عليه و آله و سلم) مربيه،لو لا أن الله اختص محمدا برسالته،فامتاز رسول الله (صلى الله‏عليه و آله و سلم) بذلك عن سواه،و بقي ما عد الرسالة على أمر الإتحاد،و إلى هذا المعنى أشار (صلى الله عليه و آله و سلم) بقوله :«أخصمك بالنبوة،فلا نبوة بعدي،و تخصم الناس بسبع».
و قال له:«انت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي»فأبان نفسه منه بالنبوة،و أثبت له ما عداها من جميع الفضائل مشتركا بينهما الى آخره...

و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة:
و ربيت في حجر النبي محمد ***فطوبى لمن من أحمد ضمه حجر
و غذاك بالعلم الإلهي ناشئا ***فلا علم إلا منك قد حاطه خبر
بآدابه أدبت طفلا و يافعا ***و اكسبك الأخلاق أخلاقه الغر (١٤)
٢ـقول علي (ع) في الخطبة القاصعة في موضعه من رسول الله (ص)
نذكر ما ذكره (عليه السلام) في خطبته القاصعة حول موضعه من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و تربيته في حجره حيث قال: «و قد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بالقرابة القريبة و المنزلة الخصيصة (١٥) ،و ضعني في حجره و أنا وليد،يضمني الى صدره و يكنفني في فراشه و يمسني جسده،و يشمني عرفه (١٦) ،و كان يمضغ الشي‏ء ثم‏يلقمنيه،و ما وجد لي كذبة في قول،و لا خطلة (١٧) في فعل،و لقد قرن الله به (صلى الله عليه و آله و سلم) من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره،و لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل (١٨) أثرأمه،يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما (١٩) ،و يأمرني بالاقتداء به،و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء (٢٠) ،فأراه و لا يراه غيرى،و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و خديجة و أنا ثالثهما،أرى نور الوحي و الرسالة،و أشم ريح النبوة،و لقد سمعت رنة (٢١) الشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه و آله و سلم) فقلت:يا رسول الله،ما هذه الرنة؟فقال هذا الشيطان آيس من عبادته،انك تسمع ما أسمع،و ترى ما أرى،إلا أنك لست بنبي و لكنك وزير،و أنك لعلى خير» (٢٢) .
٣ـشرح الخطبة: لقد ذكر (عليه السلام) في هذه العبارة مناقبه الجميلة،و مفاخره الجليلة،و شرح لتربيته الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) له من أول عمره،و اعداده بتلك التربية للكمالات النفسانية من العلوم و الأخلاق الفاضلة،و عد أحواله التي هي‏وجوه ذلك الاستعداد و أسبابه : الأولى:القرابة،و أشار إليها بقوله:«و قد علمتم موضعي من رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بالقرابة القربية»لأن أبويهما عبد الله و أبا طالب إخوان لأب و أم دون غيرهما من بني عبد المطلب فهما ابنا عم،مضافا إلى علاقة المصاهرة،و كونه (عليه السلام) زوج ابنته فاطمة سلام الله عليها. الثاني:منزلته الخصيصة به،و أشار إليها بقوله:«و المنزلة الخصيصة»أي:الخاصة و المخصوصه بي،و شرحها (عليه السلام) بقوله:«و ضعنى في حجره،و رباني و أنا ولد»طفل صغير«يضمنى إلى صدره و يكنفي»أي يضمني إلى كنفه و حضنه«في فراشه و يمسنى جسده و يشمنى عرفه»أي ريحه الطيب«و كان يمضغ الشي‏ء ثم يلقمنيه»و هذا كله إشارة إلى عمق تربيته (صلى الله عليه و آله و سلم) و شدة اهتمامه و قيامه بأمره،و يوضحه رواه الطبري في تاريخه بإسناده إلى مجاهدين بن جبر أبي الحجاج الى آخره (٢٣) :و قال العلامة الكراجكي:و كان (صلى الله عليه و آله و سلم) يلي اكثر تربيته (عليه السلام) و يراعيه في نومه،و يقظته،و يحمله على صدره و كتفه،و يحبوه بألطافه و تحفه،و يقول:هذا أخي،و سيفي و ناصري،و وصيي (٢٤) . و روى ابن أبي الحديد،عن الفضل بن عباس،قال:سألت أبي عن ولد رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الذكور،أيهم كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أشد حبا (٢٥) .فقال:علي بن أبي طالب،فقلت له:سألتك عن بنيه؟
فقال:إنه كان أحب عليه من بنيه جميعا و أرأف،ما رأيناه زايله يوما من الدهر منذ كان طفلا إلا أن يكون في سفر لخديجة،و ما رأينا أبا أبر بابن منه لعلي،و لا ابنا أطوع لأب من علي له (٢٦) . و روى جبير بن مطعم،قال:قال أبي مطعم بن عدي لنا و نحن صبيان بمكة:أ لا ترون حب الغلامـيعني علياـلمحمد و اتباعه له دون أبيه!!و اللات و العزى لوددت أن ابني بفتيان بني نوفل جميعا (٢٧) !و فيه أيضا:و روى الحسين بن زيد بن علي بن الحسين (عليه السلام) ،قال:سمعت زيدا أبي (عليه السلام) يقول:كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يمضغ اللحمة و التمرة حتى تلين و يجعلهما في فم علي (عليه السلام) و هو صغير في حجره (٢٨) . الثالثة:لم يجد (صلى الله عليه و آله و سلم) له كذبة في قول،و لا خطلة في فعل،كما أشار إلى ذلك بقوله:«و ما وجد لي كذبة في قول،و لا خطلة في فعل»و ذلك لما استمد من تربيته (صلى الله عليه و آله و سلم) و سائر متممات الرياضة و أعراضها،لاستيلاء قوته العاقلة على القوتين الشهوية و الغضبيه،و قهر نفسه الأمارة التي هي مبدأ خطأ الأقوال،و خطل الأفعال،حتى حصلت له من ذلك ملكة في ترك الرذائل و اجتناب المآثم و المعاصي،فصار له ذلك خلقا و طبعا و قد نبه (عليه السلام) على منقبة عظيمة لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) لتكون تمهيدا لمنقبته،فقال:«و لقد قرن الله به من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره». و اقترانه (عليه السلام) به (صلى الله عليه و آله و سلم) إشارة إلى توليه بتربيةنفسه القدسية بإفاضة العلوم و مكارم الأخلاق و سائر الطرق المؤدية إلى الله سبحانه من حين صغره بحسبحسن استعداد مزاجه و قوة عقله الطفولي. الرابعة:أشار إلى اتباعه له و ملازمته إياه بقوله:«و لقد كنت اتبعه اتباع الفصيل»ولد الناقة«اثر امه»و هو إشارة إلى شدة ملازمته له و عدم انفكاكه عنه (صلى الله عليه و آله و سلم) ليله و نهاره،و سفرا و حضرا،في خلواته و بين الناس،فيكون تاليا له (صلى الله عليه و آله و سلم) في سلوك مسالك مكارم الخصال و محامد الافعال مقتبسا من أنواره،مقتفيا لآثاره. الخامسة:اشار إلى ثمرة ذلك الاتباع لقوله:«يرفع لي في كل يوم علما»راية من أخلاقه«و يأمرني بالاقتداء به»و المتابعة له،و استعار لفظ العلم لأخلاقه باعتبار كونه هاديا إلى سبيل الله،كما يهدي العلم.
السادسة:أنه كان يجاور معه (صلى الله عليه و آله و سلم) في كل سنة بحراء فيراه دون غيره و أشار إليه بقول:«و لقد يجاور في كل سنة بحراء فأراه و لا يراه»أحد«غيري». و قال الشارح المعتزلي:حديث مجاورته (عليه السلام) بحراء مشهور،و قد ورد في كتب الصحاح أنه (صلى الله عليه و آله و سلم) كان يجاور في حراء من كل سنة شهرا،و كان يطعم في ذلك الشهر من جاءه من المساكين،فإذا قضى جواره من حراء كان أول ما يبدأ به إذا انصرف أن يأتي باب الكعبة قبل أن يدخل بيته،فيطوف بها سبعا أو ما شاء الله من ذلك،ثم يرجع إلى بيته حتى جاءت السنة التي أكرمه الله فيها بالرسالة،فجاور في حراء شهر رمضان و معه أهله خديجة و علي بن أبي طالب و خادم لهم،فجاء،جبرئيل بالرسالة.قال (صلى الله عليه و آله و سلم) :«جاءني و أنا نائم بنمط فيه كتاب،فقال:اقرأ قلت:ما اقرأ؟فغشي حتى ظننت أنه الموت،ثم أرسلني،فقال: إقراء باسم ربك الذي خلق إلى قوله علم الإنسان ما لم يعلم فقرأته ثم انصرف عني،فنبهت من نومي و كأنما كتب في قلبي كتاب،الحديث (٢٩) . و روى العلامة الخوئي (رحمة الله عليه) في شرحه على النهج،عن حياة القلوب،عن علي بن أبي إبراهيم،و ابن شهر آشوب،و الطبرسي،و الراوندي،و غيرهم من المحدثين و المفسرين،أن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) كان قبل مبعثه يعتزل عن قومه و يجاور حراء،و يفرغ لعبادة ربه سبحانه،و كان عز و جل يسدده و يهديه و يرشده بالروح القدس و الرؤيا الصادقة و أصوات الملائكة و الالهامات الغيبية فيندرج في مدارج المحبة و المعرفة،و يعرج إلى معارج القرب و الزلفى،و كان سبحان يزينه بالفضل و العلم و محامد الأخلاق و محاسن الخصال،و لا يراه أحد في أيام مجاورته به و خلال تلك الأجوال غير أمير المؤمنين (عليه السلام) و خديجة (٣٠) . السابعة:ما أشار إليه بقوله:«و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و خديجة و أنا ثالثهما»و هذا الكلام صريح في سبقه جميع من سواه من الرجال بالإسلام و ذكرناه مفصلا في فصل (علي أول من أسلم) . الثامنة:كونه يرى نور الوحى بالرسالة و يشم ريح النبوة و يسمع صوت الشيطان بقوله:«ارى نور الوحي و الرسالة و أشم ريح النبوة،و لقد سمعت رنةالشيطان حين نزل الوحي عليه (صلى الله عليه و آله و سلم) فقلت:يا رسول الله،ما هذه الرنة؟فقال:هذا الشيطان،قد أيس من عبادته»أي من أن يعبد له،و هذه المنقبة له (عليه السلام) في صغره تمثل أعلى مراتب الأولياء،و له (عليه السلام) ما للرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) الا النبوة. التاسعة:أنه حقيق أن يكون خليفة رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و وصية و وارثه كما أشار إليه بقوله عن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) «إنك تسمع ما أسمع،و ترى ما أرى»إلا أنك لست بنبي،و لكنك وزير،و أنك لعلى خير»الخطبه. و روى ابن أبي الحديد،عن جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) قال:«كان علي (عليه السلام) يرى مع رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) قبل الرسالة الضوء و يسمع الصوت،و قال له (صلى الله عليه و آله و سلم) :لو لا إني خاتم الأنبياء لكنت شريكا في النبوة،فان لا تكن نبيا فانك وصي نبي و وراثه،بل أنت سيد الأوصياء،و إمام الأتقياء» (٣١) .

و قد أخذنا شرح الخطبة المذكورة من شرح ابن أبى الحديد و شرح الخوئي و شرح المحقق البحراني .
تعليقات:
(١) شرح ابن ابى الحديد ج ١٣ ص .١٩٨
(٢) الاصابة لابن حجر بهامشه الاستيعاب ج ٢ ص .٥٠١
(٣) تاريخ الطبرى ج ٢ ص ٥٧ و شرح ابن ابى الحديد عنه ج ١٣ ص .١٩٨
(٤) ينابيع المودة ص .٢٠٢
(٥) كشف الغمة باب المناقب ج ١ ص .١٠٤
(٦) كنز الفوائد.طبع منشورات دار الذخائر ص .٢٥٥
(٧) سورة التوبة: .١٠٠
(٨) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى صفحه ٣٢ و الكامل لابن الاثير روى الحديث الى قوله فاتبعه فى ج ٢ ص .٥٨
(٩) الفصول المهمة...ص .٣٢
(١٠) تهدلت اغصان الشجر:تدلت.
(١١) الارومة:اصل الشجرة.
(١٢) ناجع،نجع الطعام فى الانسان:هنا آكله و استمرأه و صلح عليه.
(١٣) بحار الانوار ج ٣٨ ص .٢٩٥
(١٤) اعيان الشيعة ج ١ ص .٣٣٥
(١٥) الخصيصة:الخاصة.
(١٦) عرفه بالفتح:رائحته و اكثر استعماله فى الطيب.
(١٧) الخطلة:الخطاء ينشأ من عدم الرؤية.
(١٨) الفصيل:ولد الناقة.
(١٩) علما:فضلا ظاهرا.
(٢٠) حراء:جبل قرب مكة.
(٢١) رنة الشيطان:صوته.
(٢٢) شرح نهج البلاغة:للفيض ص ٨٠٢ الخطبة .٢٣٤
(٢٣) قد تقدم الحديث في هذا الفصل.
(٢٤) كنز الفوائد ج ١ ص .٢٢٥
(٢٥) كذا فى المصدر و الصواب:حبا له.
(٢٦ و٢٧ و ٢٨) شرح نهج البلاغه لابن ابى الحديد ج ١٣ ص ٢٠٠ و .٢٠١
(٢٩) شرح ابن ابى الحديد ج ١٣ ص .٢٠٨
(٣٠) شرح نهج البلاغة للخوئي ج ١٢ ص .٣٩
(٣١) شرح ابن ابى الحديد ج ١٣ ص .٢١٠
الفصول المائة ج ١ ص ٩٣
تأليف: السيد اصغر ناظم‏زاده قمى‏
و بعد أن مضت ست سنوات على ولادة علي (ع) اصيبت قريش بأزمة اقتصادية خانقة،و قد كانت وطأتها شديدة على أبي طالب،إذ كان رجلا ذا عيال كثيرة،و كهفايلوذ به المحتاج و الفقير،بحكممركزه الاجتماعي في مكة،ترى أيرضى المصطفى (ص) و بنو هاشم،أن تقسو الحياة على عميدهم؟ ! أقبل رسول الله (ص) على عمه العباس بن عبد المطلب،و هو أثرى بني هاشم يومها،فخاطبه بقوله :«يا عم!إن أخاك أبا طالب كثير العيال،و قد أصاب الناس ما ترى فانطلق بنا إلى بيته لنخفف من عياله،فتأخذ أنت رجلا واحدا،و آخذ أنا رجلا فنكفلهما عنه» (١) .
و قوبل رأي المصطفى (ص) بالتأييد و الرضا من قبل عمه العباس،فأسرع إلى أبي طالب،و خاطباه بالأمر،فاستجاب لما عرضا قائلا:«إذا تركتما لي عقيلا و طالبا،فاصنعا ما شئتما» (٢) .
فأخذ العباس جعفرا و أخذ رسول الله (ص) عليا (ع) ،و كان عمره يومئذ ستة أعوام (٣) و قد قال (ص) بعد أن اختار عليا (ع) :«قد اخترت من اختاره الله لي عليكم:عليا» (٤) . و هكذا آن لعلي أن يعيش منذ نعومة أظفاره في كنف محمد رسول الله (ص) :حيث نشأ في رعايته،و شرب من ينابيع مودته و حنانه،و رباه وفقا لما علمه ربه تعالى،و لم يفارقه منذ ذلك التاريخ،حتى لحق الرسول (ص) بالرفيق الأعلى.
أشار الإمام علي (ع) إلى أبعاد التربية التي حظي بها من لدن استاذه و مربيه‏الرسول (ص) ،و مداها و عمقها،و ذلك في خطبته المعروفة بالقاصعة،إذ جاء فيها ما نصه: « (و قد علمتم موضعي من رسول الله (ص) ،بالقرابة القريبة،و المنزلة الخصيصة،وضعني في حجره،و أنا ولد،يضمني إلى صدره،و يكنفني في فراشه،و يمسني جسده،و يشمني عرفه،و كان يمضغ الشي‏ء ثم يلقمنيه،و ما وجد لي كذبة في قول،و لا خطلة في فعل) . (و لقد قرن الله به (ص) ـمن لدن أن كان فطيماـأعظم ملك من ملائكته،يسلك به طريق المكارم،و محاسن أخلاق العالم،ليله و نهاره،و لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر امه،يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما،و يأمرني بالاقتداء به) .

(و لقد كان يجاور في كل سنة (بحراء) ،فأراه،و لا يراه غيري،و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (ص) و خديجة،و أنا ثالثهما،أرى نور الوحي و الرسالة،و أشم ريح النبوة) » (٥)
و في صباه و شبابه،انصب جهد رسول الله (ص) على تكوين شخصيته:إذ كان يأمره بالاقتداء به،و سلوك سبيله،و في كل يوم يرفع له من أخلاقه علما و علي كان يتبع أثره،أولا بأول،كما يصف ذلك في حديثه. و لهذا و ذاك،فإن اختيار علي (ع) من لدن الرسول (ص) يوم أملق أبو طالبـكما أسلفناـكان مخططا هادفا ابتداء لكي يأتي علي (ع) صورة مجسدة لشخصية رسول الله (ص) ،في فكره و مواقفه و شتى ألوان سلوكه،بل حتى في مشيته (٦) . و لقد كان الإمام (ع) من الصفاء الروحي،و الاستقامة الخلقية،وفقا لما علمه رسول الله (ص) ،بحيث كانت تتكشف له الكثير من حجب المستقبل المستور،فها هو يقول:«و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزول الوحي عليه (ص) فقلت:يا رسول الله!ما هذه الرنة؟فقال:هذا الشيطان قد أيس من عبادته،إنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى إلا أنك لست بنبي،و لكنك وزير،و إنك لعلى خير» (٧) . فان الشوط الذي قطعه في مضمار التقرب إلى الله سبحانه،و امتثال أوامره،و تجسيد متطلبات رسالته،رشحه لأن يكون وزيرا للنبوة،و هو مقام لا يناله إلا من قطع شوطا بعيدا باتجاه قمة الفضيلة و السمو الروحي و المعنوي،فلم يفصله عن الرسول (ص) إلا درجة النبوة،فارتقى منصة الوزارة بحق و جدارة،و هكذا كان علي.
و إذا كان الإمام (ع) قد عاش ست سنوات في أحضان والديه و اخوته،و كان لرسول الله (ص) دور بارز في رعايته طوال تلك السنوات الندية من عمره (ع) . فإن رعاية علي و تربيته،صارت من اختصاص المصطفى (ص) دون منازع منذ السنة السادسة،حيث انتقل (ع) إلى دار رسول الله (ص) على إثر الضائقة المالية التي ألمت بأبيه أبي طالبـكماذكرناـ. و منذ تلك السن المبكرة عاش علي (ع) مع رسول الله (ص) في بيته قبل الدعوة،حيث قضى تحت رعايته سنوات الصبا و سنوات التفتح على الحياة،و خلالها عايش الإمام (ع) كل التطورات التياكتنفت حياة الرسول (ص) . و بناء على ذلك فعلي لم يحظ بالتربية المألوفة،التي يحظى بها غالبا طفل من لدن أبيه،أو صغير من قبل أخيه الأكبر،و انما كان إعداده و تربيته من نوع خاص،و حسبك أنه كان يتبع محمدا (ص) حتى في ساعات اختلائه في غار حراء،و يشهد التطور الروحي و الفكري الذي كان رسول الله (ص) يمر فيه،و ها هو (ع) يستذكر تلك الأيام الخالدة و ذلك الشطر الحساس من حياته،فيقول:«و لقد كان يجاور كل سنة بحراء،فأراه و لا يراه غيري» (٨) ،أجل كان (ع) يعايش التحول الروحي الهائل الذي شهدته نفس المصطفى (ص) ،حتى أشرف عليه و حي السماء المبارك لينهض بمهمة الدعوة إلى الرسالة الإلهية الخاتمة.
(اقرأ باسم ربك الذي خلق*خلق الإنسان ما علق*اقرأ و ربك الأكرم*الذي علم بالقلم*علم الإنسان ما لم يعلم) . (العلق/١ـ٥)
فمن هذه الارهاصات التي شهدها قلب علي (ع) و روحه الطاهرة ما تعكسه هذه الروايات و الآثار التاريخية الدالة:
١ـ حدث كمال الدين ميثم بن علي البحراني المتوفى عام (٦٧٩ ه) في شرحه لنهج البلاغة بما يلي: «روي في الصحاح:انه كان (ص) يجاور بحراء في كل سنة شهرا،و كان يطعم في ذلك الشهر من جاءه من المساكين،فاذا قضى جواره انصرف إلى مكة،و طاف بها سبعا قبل أن يدخل بيته حتىجاءت السنة التي أكرمه الله فيها بالرسالة،فجاء في حراء في شهر رمضان،و معه أهله:خديجة و علي و خادم» (٩) .

٢ـ و عن أبي مسعود قال: «قدمت إلى مكة فانتهيت إلى العباس بن عبد المطلب و هو يومئذ عطار جالس إلى زمزم و نحن عنده إذ أقبل رجل من باب الصفا عليه ثوبان أبيضان،عليه وفرة جعدة إلى انصاف أذنيه،أشم أقنى،أدعج العينين،كث اللحية،أبلج براق الثنايا أبيض تعلوه حمرة،و على يمينه غلام مراهق أو محتلم حسن الوجه،تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها،فقصدوا نحو الحجر فاستلمه الرجل ثم الغلام ثم طافوا بالبيت ثم استقبلوا الحجر و قام الغلام إلى جانب الرجل و المرأة خلفهما فأتوا بأركان الصلاةمستوفاة فلما رأينا ما لا نعرفه بمكة،قلنا للعباس:إنا لا نعرف هذا الدين فيكم،فقال:
أجل و الله،فسألناه عن هؤلاء فعرفنا إياهم ثم قال:و الله ما على وجه الأرض أحد يدين بهذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة،و روي مثله عن عفيف بن قيس» (١٠) .

٣ـ و عن الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) قال:
«كان علي (ع) يرى مع النبي (ص) قبل الرسالة الضوء،و يسمع الصوت» (١١) . إن هذا الاحساس العلوي المميز بعمق التحولات الغيبية التي تجري لرسول الله (ص) تكشف عن كيان روحي خاص لا يختص به غير الأنبياء (ع) ،إلا أن ختم النبوة بمحمد (ص) اقتضى أن يكونعلي (ع) وزيرا للنبوة:فقد ذكر أصحاب السنن بأسانيدهم عن النبي (ص) مخاطبا عليا (ع) ما يلي:
«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» (١٢) .
و قد أشرنا إلى ما ذكره علي (ع) نفسه في خطبة القاصعة حين سأل الرسول (ص) عن رنة الشيطان،حيث أجابه النبي (ص) :
«إنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى إلا أنك لست بنبي،و لكنك وزير،و إنك لعلى خير» (١٣) .

تعليقات:
١ـ ابن الصباغ المالكي/الفصول المهمة/ص ١٤،و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ج ١/ص .١٥١
٢ـ سيرة ابن هشام/ط دار إحياء التراث العربي (بيروت) /ص ٢٦٣،المجلسي/بحار الأنوار/ج ٣٥/ص ٤٤،نقلا عن كنز العمال،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ج ١/ص .١٥
٣ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ج ١/ص .١٥
٤ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد/ج ١/ص ١٥،نقلا عن البلاذري و الاصفهاني.
٥ـ نهج البلاغة/تبويب د.صبحي الصالح/ط ١،١٩٦٧ م/ص .٣٠٠
٦ـ عبد الفتاح عبد المقصود/علي بن أبي طالب/ج ١/ص ٣٩،و الإملاق:الفقر.
٧ـ نهج البلاغة/الخطبة القاصعة.
٨ـ نهج البلاغة/الخطبة القاصعة.
٩ـ ابن أبي الحديد/شرح نهج البلاغة/ج ٤/ص .٣١٤
١٠ـ المصدر السابق/ص .٣١٥
١١ـ المصدر السابق.
١٢ـ الخوارزمي/المناقب/ص ٢٧ـ٣٧،محب الدين الطبري/ذخائر العقبى/ص .٦٣
١٣ـ نهج البلاغة/الخطبة القاصعة.
سيرة رسول الله و أهل بيته(ع) ج ١ ص ٤٨٠
مؤلف: لجنة التأليف مؤسسة البلاغ


اول صاحبه اسلاما

١ـ قال الحافظ نور الدين الهيتمى (المتوفى ٨٠٧): «عن أبى‏ذر و سلمان، قالا: أخذ النبى (ص) بيد على فقال: إن هذا أول من آمن بى، و هذا أول من يصافحنى يوم القيامة، و هذا الصديق الأكبر، و هذا فاروق الأمة يفرق بين الحق و الباطل، و هذا يعسوب المؤمنين، و المال يعسوب الظالمين (١) ».
٢ـ و عن سلمان(ره)، قال: «أول هذه الامة ورودا على نبيها(ص) أولها إسلاما على بن أبى‏طالب (رض) (٢) ».
٣ـ و عن ابن عباس، عن النبى(ص)، قال: «السبق ثلاثة: السابق إلى موسى: يوشع بن نون، و السابق الى عيسى صاحب ياسين، و السابق إلى محمد(ص) على بن ابى‏طالب(رض) (٣) ».
٤ـ و عن عروة بن الزبير، قال: «أسلم على و هو ابن ثمان سنين (٤) ».
٥ـ قال الحموئى: «عن أبى أيوب قال: قال رسول الله(ص): لقد صلت الملائكة على و على على سبع سنين، لأنا كنا نصلى و ليس معنا أحد يصلى غيرنا. (٥) ».
٦ـ و عن ابن عباس، قال: «إن النبى (ص) قال: أول من صلى معى على (٦) ».
٧ـ قال رسول الله(ص) لفاطمة(ع): «أما ترضين أنى زوجتك أول المسلمين إسلاما، و أعلمهم علما»، و قال(ص) لها: «زوجتك خير أمتى أعلمهم علما، و أفضلهم حلما، و أولهم سلما (٧) ». ٨ـ قال العلامة الأمينى(ره): «هذا(أى أولية إسلامه و هو ابن تسع أو ثمان أو غير ذلك) مما اقتضته المسالمة مع القوم فى تحديد مبدأ إسلامه(ع)، و أما نحن فلا نقول إنه أول من أسلم بالمعنىالذى يحاوله ابن كثير و قومه، لأن البدأة به تستدعى سبقا من الكفر، و متى كفر أمير المؤمنين حتى يسلم؟ و متى أشرك بالله حتى يؤمن؟ و قد انعقدت نطفته على الحنيفية البيضاء، و احتضنه حجر الرسالة، و غذته يد النبوة، و هذبه الخلق النبوى العظيم، فلم يزل مقتصا أثر الرسول قبل أن يصدع بالدين الحنيف و بعده، فلم يكن له هوى غير هواه، و لا نزعة غير نزعته، و كيف يمكن الخصم أن يقدفه بكفر قبل الدعوة و هو يقول: ـو إن لم نر صحة ما يقول ـ إنه كان يمنع أمه من السجود للصنم و هو حمل. أيكون إمام الامة هكذا فى عالم الأجنة ثم يدنسه درن الكفر فى عالم التكليف؟ فلقد كان (ص) مؤمنا جنينا و رضيعا و فطيما و يافعا و غلاما و كهلا و خليفة.
لما مثل الدن شخصا و قاما بل نحن نقول: إن المراد من إسلامه و إيمانه و أوليته فيهما و سبقه إلى النبى فى الاسلام هو المعنى المراد من قوله تعالى عن إبراهيم الخليل (٨) ع): و أنا أول المسلمين (٩) ، و فيما قالسبحانه عنه: إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (١٠) ، و فيما قال سبحانه عن موسى(ع): و أنا أول المؤمنين (١١) و فيما قال تعالى عن نبيه الاعظم: آمن الرسول بما انزل إليه من ربه (١٢) ، و فيما قال: قل إنى امرت أن اكون أول من أسلم (١٣) ، و فى قوله: و أمرت أن أسلم لرب العالمين (١٤) ». ٩ـ قال أبو جعفر الاسكافى(المتوفى ٢٣٠): «فنبتدى‏ء بذكر تقدمه فى الإسلام، فإن الناس مختلفون فى أبى‏بكر و على، و قد أجمعوا على أن عليا أسلم قبله إلا أنهم زعموا أن إسلامه كان و هوطفل، فقد وجب تصديقنا فى أنه أسلم قبله، و دعواهم فى أنه كان طفلا غير مقبول إلا بحجة.
فإن قالوا: و قولكم «إنه أسلم و هو بالغ» دعوى مردودة. قلنا: الإسلام قد ثبت له، و حكمه قد وجب بالدعوة و الإقرار، و لو كان طفلا لكان فى الحقيقة غير مسلم، لان أسماء الإسلام و الإيمان و أسماء الكفر و الضلال و الطاعة و المعصية إنما على يقعالعقلاء البالغين دون الاطفال ( و المجانين). و حجة (اخرى)ـ أيضا ـ: إن الله لم يرسل رسولا إلى الأطفال و المجانين، فلما رأيناه قد قصد(ص) إلى على بن أبى‏طالب، فدعاه إلى الإسلام و أمره بالإيمان و بدأ به قبل الخلق علمنا أنه عاقلبالغ و أن الأمر له لازم.
فإن قالوا: و ما تنكرون أن يكون ذلك منه بالتأذيب كما يكون ذلك منا إلى أطفالنا على جهة التعليم؟ قلنا: ذلك من قولكم غير جائز و إنما ذلك يكون منا عند تمكن الإسلام بأهله و عن ظهوره و النشوء و الولادة عليه، فأما فى دار الشرك و الحرب فليس يجوز ذلك، فالنبى(ص) لم يكن ليدع ماارسل به، و يقصد إلى دعاء الأطفال و الدار دار شرك و كفر، فيشتغل بالتطوع قبل أداء الفرض [و] ذلك عنه(ص) منفر، و ما باله لم يدع طفلا غير على بن أبى‏طالب و ليس فى السنة أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام و يفرق بينهم و بين آبائهم قبل أن يبلغوا الحلم. فإن قالوا: إن عليا قد كان يألف النبى(ص) فوافقه على طريق المساعدة، قلنا لهم: و إن كان يألفه فلم يكن إلفه‏[به‏] بأكثر من [الفه‏] أبويه و إخوته و عمومته و أهل بيته، و لم يكن الإلف ممايخرجه عما نشأ عليه و غذيه به، و لم يكن الإسلام مما غذى به و كثر على سمعه إلى آخر ما قال (١٥) ». ١٠ـ قال المحقق المتضلع، الشيخ محمد باقر المحمودى ـ جزاه الله عن صاحب الولاية خير الجزاءـ فى هامش الكلام المذكور: «و لأبى جعفر(ره) فى رده على عثمانية الجاحظ هيهنا أدلة فطرية و أبحاث وجدانية يصدقها كل عاقل سلمت فطرته، و لم يعقد قلبه على بغض الامام على بن أبى‏طالب(ع) و مشاقه الحقائق، و آثرنا أن نذكر ههنا جملا منها قال: «و ما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه، و لم يلصق بأشكاله، و لم ير مع الصبيان فى ملاعبهم و هو كأحدهم فى طبقته، كبعضهم فى معرفته؟ و كيف لم ينزع إليهم فى ساعة من ساعاته فيقال: دعاه نقص الصبا و خاطر من خواطر الدنيا، و حملته الغرة و الحداثة على حضور لهوهم و الدخول فى حالهم؟ بل ما رأيناه إلا ماضيا على إسلامه، مصمما فى أمره، محققا لقوله بفعله، و قد صدق إسلامه بعفافه و زهده، و لصق برسول الله(ص) من بين جميع من‏[كان‏]بحضرته، فهو أمينه و أليفه فى دنياه و آخرته، و قد قهر شهوته، و جاذب خواطره، صابرا على ذلك نفسه لما يرجوه من فوز العاقبة و ثواب الآخرة... ثم لينظر المنصف و ليدع الهوى جانبا ليعلم نعمة الله على على(ع) بالإسلام حيث أسلم على الوضع الذى أسلم عليه، فإنه لولا الألطاف التى خص بها، و الهداية التى منحها له لما كان إلا كبعض أقارب محمد(ص) و أهله، فقد كان ممازجا له كممجازجته، و مخالطا له كمخالطة كثير من أهله و رهطه، و لم يستجب أحد منهم له إلا بعد حين، و منهم من لم يستجب له أصلا ...». و ساق الكلام فى تسمية من استجاب النبى(ص) و من لم يستجبه من عشيرته ـإلى أن قالـ:«فكيف ينسب إسلام على(ع) إلى الإلف و التربية و القرابة و اللحمة و التلقين، و الحضانة و الدارالجامعة، و طول العشرة و الانس والخلوة، و قد كان كل ذلك حاصلا لهؤلاء أو لكثير منهم، و لم يهتد أحد منهم إذ ذاك؟ بل كانوا بين من جحد و كفر و مات على كفره، و من أبطأ و تأخر و سبق و جاء سكيتا و قد فاز بالمنزلة غيره. و هل يدل تأمل حال على(ع) مع الانصاف إلا على أنه أسلم لأنه شاهد الأعلام، و رأى المعجزات، و شم ريح النبوة، و رأى نور الرسالة، و ثبت اليقين فى قلبه بمعرفة و علم و نظر صحيح لابتقليد و لا حمية و لا رغبة و لا رهبة إلا فيما يتعلق بأمور الآخرة (١٦) ». ١١ـ قال عبد الكريم الخطيب: «و أكثر الذين ينازعون فى أسبقية على فى الإسلام لا يعتدون بالسبق الزمنى و إنما نراهم قد يسلمون به و لكنهم لا يرون إسلام على إسلاما يعتد به فى تلكالسن المبكرة اذ لم يكن عن نظر و تدبر، فقد أسلم على حين كان صبيا لم يبلغ مبلغ الادراك و التمييز! و الذى نقوله هنا هو ما قلناه من قبل و هو: أن عليا ولد مسلما على الفطرة اذ كان مرباه منذ طفولته فى بيت الرسول الذى عصمه الله و عصم من كان فى بيته من شرك الجاهلية و ضلالها (١٧) ». ١٢ـ قال العقاد: «و كاد على أن يولد مسلما، بل لقد ولد مسلما على التحقيق اذا نحن نظرنا إلى ميلاد العقيدة و الروح، لأنه فتح عينيه على الإسلام، و لم يعرف قط عبادة الاصنام، فهو قد تربىفى البيت الذى خرجت منه الدعوة الاسلامية، و عرف العبادة فى صلاة النبى ... (١٨) ». ١٣ـ قال المقريزى ما هذا ملخصه: « و أما على بن أبى‏طالب فلم يشرك بالله قط، و ذلك أن الله تعالى أراد به الخير فجعله فى كفالة ابن عمه سيد المرسلين محمد(ص)، فعند ما أتى رسولالله(ص) الوحى و أخبر خديجة و صدقت كانت هى و على بن أبى‏طالب و زيد بن حارثة يصلون معه... فلم يحتج على رضى الله أن يدعى، و لا كان مشركا حتى يوحد فيقال: أسلم، بل كان عند ما أوحى الله إلى رسوله(ص) عمره ثمانى سنين، و قيل: سبع، و قيل: إحدى عشرة سنة، و كان مع رسول الله(ص)فى منزله بين أهله كأحد أولاده، يتبعه فى جميع أحواله (١٩) ». ١٤ـ قال المأمون فى حديث احتجاجه على أربعين فقيها و مناظرته إياهم فى أن أمير المؤمنين أولى بالناس بالخلافة: «يا إسحاق! أى الأعمال كان أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت: الإخلاصبالشهادة. قال: أليس السبق إلى الإسلام؟ قلت: نعم، قال: اقرأ ذلك فى كتاب الله تعالى يقول: و السابقون السابقون أولئك المقربون (٢٠) ، إنما عنى من سبق إلى الإسلام، فهل علمت أحدا سبق عليا إلى الإسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين ! إن عليا أسلم و هو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، و أبو بكر أسلم و هو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال: أخبرنى أيهما أسلم قبل؟ ثم أناظرك من بعده فى الحداثة و الكمال، قلت: على أسلم قبل أبى بكر على هذه الشريطة، فقال: نعم، فأخبرنى عن إسلام على حين أسلم لا يخلو من أنيكون رسول الله(ص) دعاه إلى الإسلام أو يكون إلهاما من الله، قال: فأطرقت، فقال لى : يا إسحاق لا تقل: إلهاما فتقدمه على رسول الله(ص) لأن رسول الله يعرف الإسلام حتى أتاه جبرئيل عن الله تعالى، قلت: أجل، بل دعاه رسول الله(ص) إلى الإسلام، قال: يا إسحاق! فهل يخلو رسول الله(ص) حين دعاه إلى الإسلام من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلف ذلك من نفسه؟ قال: فأطرقت، فقال: يا إسحاق! لا تنسب رسول الله إلى التكلف، فإن الله يقول : و ما أنا من المتكلفين (٢١) . قلت: أجل، يا أمير المؤمنين! بل دعاه بأمر الله، قال: فهل من صفة الجبارـجل ذكرهـ أن يكلف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ قلت: أعوذ بالله،فقال: أفتراه فى قياس قولك يا إسحاق، «إن عليا أسلم صبيا لا يجوز عليه الحكم» قد تكلف رسول الله(ص) من دعاء الصبيان ما لا يطيقون؟ فهل يدعوهم الساعة و يرتدون بعد ساعة فلا يجب عليهم فى ارتدادهم شى‏ء و لا يجوز عليهم حكم الرسول(ص)؟ أترى هذا جائزا عندك أن تنسبه إلى رسول الله(ص)؟ قلت : أعوذ بالله. (٢٢) .

قال يا إسحاق! فأراك إنما قصدت لفضيلة فضل بها رسول الله(ص) عليا على هذا الخلق أبانة بها منهم ليعرف مكانه و فضله، و لو كان الله تبارك و تعالى أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا عليا!
قلت: بلى،[قالـظ] فهل بلغك أن رسول الله(ص) دعا أحدا من الصبيان من أهله و قرابته لئلا تقول: إن عليا ابن عمه؟ قلت: لا أعلم و لا أدرى فعل أو لم يفعل، قال: يا إسحاق! أرأيت ما لم تدره و لم تعلمه هل تسأله عنه؟ قلت: لا، قال: فدع ما قد وضعه الله عنا و عنك (٢٣) ». ١٥ـ قال جورج جرداق: «فإن على بن أبى‏طالب قد ولد مسلما، لأنه من معدن الرسول مولدا و نشأة و من ذاته خلقا و فطرة، ثم إن الظرف الذى أعلن فيه عما يكمن فى كيانه من روح الإسلام ومن حقيقته لم يكن شيئا من ظروف الآخرين و لم يرتبط بموجبات العمر، لأن إسلام على كان أعمق من ضرورة الارتباط بالظروف اذ كان جاريا من روحه كما تجرى الأشياء من معادنها و المياه من ينابيعها (٢٤) ».١٦ـ قال العلامة الشيخ خليل: «و يوم جهر النبى بدعوته كان على أول الناس إسلاما، و أسبقهم إيمانا، بل الواقع الصحيح أنه عليه السلام لم يكن أول الناس إسلاما، و أسبقهم إيمانا، بل كان أول الناس إعلانا لاسلامه و جهرا بإيمانه لأن ذينك الإسلام و الايمان كانا كامنين فى أعماق قلبه فى كل كيانه يعيشهما بعمق و تأمل و هو فى كنف الرسول(ص) يستمد منه هديا و إيمانا تماما كما يستمد القمر من الشمس نورا و ضياء، و إذا لعلى قدر ما لم يقدر لسواه من البشر... (٢٥) ». ١٧ـ قال محمد بن طلحة الشافعى: «لما نزل الوحى على رسول الله(ص) و شرفه الله سبحانه و تعالى بالنبوة كان على يومئذ لم يبلغ الحلم و كان عمره إذ ذاك فى السنة الثالث عشرة، و قيلأقل من ذلك، و قيل أكثر، و أكثر الأقوال و أشهرها انه كان لم يكن بالغا، فإنه أول من أسلم و آمن برسول الله(ص) من الذكور، و قد ذكر عليه السلام ذلك و أشار إليه فى أبيات قالها بعد ذلك بمدة مديدة، نقلها عنه الثقات و رواها النقلة الأثبات:

محمد النبى أخى و صنوى‏ ***و حمزة سيد الشهداء عمى‏
و جعفر الذى يضحى و يمسى‏ ***يطير مع الملائكة ابن امى‏
و بنت محمد سكنى و عرسى‏ ***منوط لحمها بدمى و لحمى‏
و سبطا أحمد ولداى منها ***فأيكم له سهم كسهمى‏
سبقتكم إلى الاسلام طرا ***غلاما ما بلغت أوان حلمى‏
و أوجب لى ولايته عليكم‏ ***رسول الله يوم غدير خم‏
فويل، ثم ويل، ثم ويل‏ ***لمن يلقى الاله غدا بظلمى (٢٦)

أقول: ذكر هذه الأبيات بتمامها شيخنا العلامة الأمينى(ره) فى كتابه الغدير (ج ٢: ص ٢٥)، إلا أنه قال بدل «غلاما ما بلغت أوان حلمى»: «على ما كان من فهمى و علمى»، و أضاف فى الهامش بيتين آخرين، و قال: «و فى رواية الطبرسى بعد هذا البيت:

و صليت الصلاة و كنت طفلا ***مقرا بالنبى فى بطن امى.
ثم قال(ره): «هذه الابيات كتبها الامام(ع) إلى معاوية لما كتب معاوية إليه: إن لى فضائل : كان أبى سيدا فى الجاهلية، و صرت ملكا فى الاسلام، و أنا صهر رسول الله و خال المؤمنين و كاتب الوحى، فقال أمير المؤمنين(ص)ـ:أ بالفضائل يبغى على ابن آكلة الأكباد؟ اكتب يا غلام: محمد النبى أخى و صنوىـإلى آخر الأبيات المذكورة، فلما قرأ معاوية الكتاب قال : أخفوا الكتاب لا يقرأه أهل الشام فيميلوا إلى ابن أبى‏طالب، و الامة قد تلقتها بالقبول، و تسالمت على روايتها (٢٧) . ١٨ـ قال محمد بن جرير الطبرى: «عن عباد بن عبد الله، قال: سمعت عليا يقول: أنا عبد الله و أخو رسوله، و أنا الصديق الأكبر، لايقولها بعدى الا كاذب مفتر، صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم)قبل الناس بسبع سنين ». (٢٨)
١٩ـ وعن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس قال: «أول من صلى على(صلوات الله عليه) (٢٩) ».
٢٠ـ و عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا حمزة ـرجلا من الأنصار ـ يقول: سمعت زيد بن أرقم يقول:« أول رجل صلى مع رسول الله(ص) على(ع) (٣٠) ».

21- عن يحيى بن عفيف، عن عفيف، قال: «جئت فى الجاهلية إلى مكة فنزلت على العباس بن عبد المطلب، قال: فلما طلعت الشمس، و حلقت فى السماء، و أنا أنظر إلى الكعبة أقبل شابفرمى ببصره إلى السماء، ثم استقبل الكعبة فقام مستقبلها، فلم يلبث حتى جاءه غلام فقام عن يمينه، قال: فلم يلبث حتى جاءت امرأة فقامت خلفهما، فركع الشاب فركع الغلام و المرأة، فرفع الشاب، فرفع الغلام و المرأة، فخر الشاب ساجدا فسجدا معه. فقلت: يا عباس! امر عظيم! فقال: أمر عظيم، أتدرى من هذا؟ فقلت: لا، قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخى، أتدرى من هذا مع؟ قلت: لا، قال: هذا على بن أبى‏طالب بن عبدالمطلب ابن أخى، أتدرى من هذه المرأة التى خلفهما؟ قلت:، قال: هذه خديجة بنت خويلد زوجة ابن أخى، و هذا حدثنى أن ربك رب السماء، أمرهم بهذا الذى تراهم عليه، و ايم الله، ما أعلم على ظهر الأرض كلها أحدا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة (٣١) ».
٢٢ـ عن محمد بن سعد، قال: «قلت لأبى: أ كان أبوبكر أولكم إسلاما؟ فقال: لا، و لقد أسلم قبله أكثر من خمسين... (٣٢) ».
٢٣ـ قال العلامة الأمينى(ع): «قال [على‏](ع):أسلمت قبل أن يسلم الناس بسبع سنين (٣٣) ».
٢٤ـ قال(ع): «عبدت الله مع رسول الله(ص) سبع سنين قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة (٣٤) ».
٢٥ـ قال(ع): «آمنت قبل الناس سبع سنين (٣٥) ».
٢٦ـ قال(ع): «ما أعرف أحدا من هذه الامة عبد الله بعد نبينا غيرى، عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الامة تسع سنين (٣٦) ».
٢٧ـ قال(ع): «عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الامة خمس سنين (٣٧) ». ثم قال(ره): بعد نقل الأخبار: «لعل الباحث يرى خلافا بين كلمات أمير المؤمنين المذكورة (ص) ٢٢١ـ٢٢٤) فى سنى عبادته و صلاته مع رسول الله(ص) بين ثلاث و خمس و سبع و تسع سنين،فنقول: أما ثلاث سنين فلعل المراد منه ما بين أول البعثة إلى إظهار الدعوة من المدة و هى ثلاث سنين، فقد أقام(ص) بمكة ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن فى الرابعة . و أما خمس سنين فلعل المراد منها سنتا فترة الوحى من يوم نزول إقرأ باسم ربك الذى خلق إلى نزول يا ايها المدثر و ثلاث سنين من أول بعثته بعد الفترة إلى نزول قوله فاصدع بما تؤمر وأعرض أن المشركين و قوله: و أنذر عشيرتك الأقربين سنى الدعوة الخفية التى لم يكن فيها معه(ص) إلا خديجة و على، و أحسب أن هذا مراد من قال: إن رسول الله(ص) كان مستخفيا أمره خمس سنين كما فى«الامتاع» (ص ٤٤). و أما سبع سنين فإنها مضافا إلى كثرة طرقها و صحة أسانيدها معتضدة بالنبوية المذكورة (ص ٢٢٠ (٣٨) ، و بحديث أبى رافع المذكور (ص ٢٢٧ (٣٩) ، و هى سنى الدعوة النبوية من أول بعثته(ص) إلى فرض الصلاة المكتوبة، و ذلك أن الصلاة فرضت لا خلاف ليلة الاسراء، و كان الاسراء كما قال محمد بن شهاب الزهرى قبل الهجرة بثلاث سنين، و قد أقام(ص) فى مكة عشر سنين، فكان أمير المؤمنين خلال هذه المدة السنين السبع يعبد الله و يصلى معه(ص)، فكانا يخرجان ردحا من الزمن إلى الشعب و إلى حراء للعبادة، و مكثا على هذا ما شاء الله أن يمكثا حتى نزل قوله تعالى: فاصدع بما تؤمر و اعرض عن المشركين و قوله: و أنذر عشيرتك الأقربين و ذلك بعد ثلاث سنين من مبعثه الشريف، فتظاهر (ع) بإجابة الدعوة فى منتدى الهاشميين المعقود لها، و لم يلبها غيره، و من يومذاك اتخذه رسول الله(ص) أخا و وصيا، و خليفة و وزيرا، ثم لم يلب الدعوة إلى مدة إلا آحادهم بالنسبة إلى عامة قريش و الناس المرتطمين فى تمردهم فى حيز العدم. على أن إيمان من آمن وقتئذ لم يكن معرفة تامة بحدود العبادات حتى تدرجوا فى المعرفة و التهذيب، و إنما كان خضوعا للإسلام و تلفظا بالشهادتين و رفضا لعبادة الأوثان، لكن أميرالمؤمنين خلال هذه المدة كان مقتصا أثر الرسول من أول يومه، فيشاهده كيف يتعبد، و يتعلم منه حدود الفرائض و يقيمها على ما هى عليه، فمن الحق الصحيح اذن توحيده فى باب العبادة الكاملة والقول بأنه عبد الله و صلى قبل الناس بسبع سنين... و أما تسع سنين فيمكن أن يراد منها سنتا الفترة و السنين السبع من البعثة إلى فرض الصلوات المكتوبة، و المبنى فى هذه كلها على التقريب لا على الدقة و التحقيق كما هو المطرد فى المحاورات، فالكل صحيح لا خلاف بينها و لا تعارض هناك (٤٠) ».
تعليقات:
(١) الهيثمى: مجمع الزوائد، ج ٩: ص .١٠٢
(٢) المصدر.
(٣) المصدر.
(٤) المصدر.
(٥) الحموى: فرائد السمطين/الباب ٤٧، ج ١: صص ٢٤٢ و .٢٤٥
(٦) المصدر.
(٧) الامينى: الغدير، ج ٣: ص .٩٥
(٨) كذا، و الكلام أمره تعالى لرسول الله(ص).
(٩) الانعام، ٦: .١٦٣
(١٠) البقرة ٢: .١٣١
(١١) الاعراف، ٧: .١٤٣
(١٢) البقرة، ٢: .٢٨٥
(١٣) الانعام، ٦: .١٤
(١٤) الامينى: الغدير، ج ٣: ص .٢٣٩ و الآية فى غافر، ٤٠: .٦٦
(١٥) الإسكافى: المعيار و الموازنة، ص ٦٦ـ .٦٨
(١٦) الإسكافى: المعيار و الموازنة/هامش ص ٦٧ـ .٦٨
(١٧) عبد الكريم الخطيب: على بن أبى‏طالب بقية النبوة و خاتم الخلافة، ص ١٠٠، ط بيروت .
(١٨) العقاد: عبقرية الامام على(ع)، ص ٤٣، ط بيروت.
(١٩) المقريزى: الامتاع، ص ١٦ (كما فى الغدير [ج ٣: ص ٢٣٨]).
(٢٠) الواقعة، ٥٦: .١٠
(٢١) ص، ٣٨: .٨٦
(٢٢) الى هنا أورده فى الغدير (ج ٣: ص ٢٣٦).
(٢٣) ابن عبدربه: العقد الفريد، ج ١: ص ٣٥٢، ط بيروت.
(٢٤) جورج جرداق: الإمام على صوت العدالة الانسانية، ج ١: ص ٦٣، ط بيروت/ بمقدمة ميخائيل نعيمه.
(٢٥) جورج جرداق: الإمام على، رسالة و عدالة، ص ٢٥ ط بيروت.
(٢٦) ابن طلحة: مطالب السؤول، ص ١١، ط ايران.
(٢٧) الامينى: الغدير ج ٢: ص .٢٦
(٢٨) الطبرى: تاريخ الامم والملوك ج ٢: ص ٢١٠/ بتحقيق: محمد أبى الفضل إبراهيم.
(٢٩) المصدر.
(٣٠) المصدر.
(٣١) الطبرى: تاريخ الامم والملوك ج ٢: ص ٢١٠/ بتحقيق: محمد أبى الفضل إبراهيم.
(٣٢) الطبرى: تاريخ الامم والملوك ج ٢: ص ٣١٦/ بتحقيق: محمد أبى الفضل إبراهيم.
(٣٣) المحب الطبرى: الرياض النضرة، ج ٢: ص .١٥٨
(٣٤) الحاكم: المستدرك، ج ٣: ص .١١٢
(٣٥) النسائى: الخصائص، ص .٣
(٣٦) النسائى: الخصائص، ص .٣
(٣٧) ابن عبدالبر الاستيعاب، ج ٢: ص ٤٤٨ (راجع الغدير، ج ٣: ص ٢٢٢).
(٣٨) و هى قوله(ص) «لقد صلت الملائكة على و على علي سبع سنين لأنا كنا نصلى و ليس معنا أحد يصل غيرنا» (اسد الغابة، ج ٤: ص ١٨).
(٣٩) و هو قوله(ص): «مكث على يصلى مستخفيا سبع سنين و أشهرا قبل أن يصلى أحدنا» (أخرجه الطبرانى و الهيثمى فى «المجمع» [ج ٩: ص ١٠٣]و الحموئى فى «الفرائد» [الباب ٤٧]).
(٤٠) الامينى: الغدير ج ٣: ص ٢٤١ـ .٢٤٣
الامام على بن ابى‏طالب(ع) ص ٥٣٤
احمد الرحماني الهمداني
السبق الى الاسلام و عدم السجود لصنم قط قال ابن ابي الحديد ما أقول في رجل سبق الناس الى الهدى و آمن بالله و عبده و كل من في الارض يعبد الحجر و يجحد الخالق لم يسبقه احد الى التوحيد الا السابق الى كل خير محمد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم.ذهب اكثر اهل الحديث الى انه عليه السلام اول الناس اتباعا لرسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و ايمانا به و لم يخالف في ذلك الا الاقلون و قد قال هو (ع) انا الصديق الاكبر و انا الفاروق الاول اسلمت قبل اسلام الناس و صليت قبل صلاتهم و من وقف على كتب اصحاب الحديث تحقق ذلك و علمه‏واضحا و اليه ذهب الواقدي و ابن جرير الطبري و هو القول الذي رجحه و نصره صاحب كتاب الاستيعاب (ا ه) و في اسد الغابة:هو اول الناس اسلاما في قول كثير من العلماء و قال ابن عبد البر في الاستيعاب:روي عن سلمان و ابي ذر و المقداد و خباب و جابر و ابي سعيد الخدري و زيد بن الارقم ان علي بن ابي طالب اول من اسلم و فضله هؤلاء على غيره و قال ابن اسحق اول من آمن بالله و برسوله محمد صلى الله عليه و آله و سلم من الرجال علي بن ابي طالب و هو قول ابن شهاب الا انه قال من الرجال بعد خديجة و هو قول الجميع في خديجة ثم روي بسنده عن ابن عباس قال لعلي اربع خصال ليست لاحد غيره هو اول عربي و عجمي صلى مع رسول الله (ص) و هو الذي كان لواؤه معه في كل زحف و هو الذي صبر معه يوم فر عنه غيره و هو الذي غسله و ادخله قبره قال و روي عن سلمان عن النبي (ص) اول هذه الامة ورودا على الحوض اولها اسلاما علي بن ابي طالب (و بسنده) عن سلمان الفارسي عن النبي (ص) اولكم ورودا على الحوض اولكم اسلاما علي بن ابي طالب و رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن سلمان مثله (و في الاستيعاب) بسنده عن ابن عباس اول من صلى مع النبي (ص) بعد خديجة علي بن ابي طالب (و بسنده) عن ابن عباس ايضا كان علي بن ابي طالب اول من آمن من الناس بعد خديجة قال ابو عمرو بن عبد البر هذا اسناد لا مطعن فيه لاحد لصحته و ثقة نقلته و هو يعارض ما ذكرناه عن ابن عباس في باب ابي بكر قال و الصحيح في امر ابي بكر انه اول من اظهر اسلامه كذلك قال مجاهد و غيره قالوا أو منعه قومه و قال ابن شهاب و عبد الله بن محمد بن عقيل و قتادة و ابن اسحق اول من اسلم من الرجال علي و اتفقوا على ان خديجة اول من آمن بالله و رسوله و صدقه فيما جاء به ثم علي بعدها قال و روي في ذلك عن ابي رافع مثل ذلك (و بسنده) سئل محمد بن كعب القرظي عن اول من اسلم علي ام ابوبكر قال سبحان الله علي اولهما اسلاما و انما شبه على الناس لان عليا اخفى اسلامه و لا شك ان عليا عندنا اولهما اسلاما و بسنده عن قتادة عن الحسن اسلم علي و هو اول من اسلم الحديث و قال ابن اسحق اول ذكر آمن بالله و رسوله علي بن ابي طالب (و بسنده) عن قتادة عن الحسن و غيره قالوا أول من اسلم بعد خديجة علي بن ابي طالب (و بسنده) عن ابن عباس اول من اسلم علي (و بسنده) عن حبة العرني سمعت عليا يقول لقد عبدت الله قبل ان يعبده احد من هذه الامة خمس سنين (و بسنده) عن حبة العرني سمعت عليا يقول انا اول من صلى مع رسول الله (ص) و رواه الحافظ النسائي في الخصائص بسنده عن حبةالعرني مثله قال ابن عبد البر و روى مسلم الملائي عن انس بن مالك قال استنبئ النبي (ص) يوم الاثنين و صلى علي يوم الثلاثاء و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن عبد الله بن بريدة عن ابيه قال اوحي الى رسول الله (ص) يوم الاثنين و صلى علي يوم الثلاثاء (و بسنده) عن انس قال نبئ النبي (ص) يوم الاثنين و اسلم علي يوم الثلاثاء. (و روى) النسائي في الخصائص بعدة اسانيد عن زيد بن ارقم اول من صلى مع رسول الله (ص) علي بن ابي طالب (و بسنده) عنه اول من اسلم مع رسول الله (ص) علي بن ابي طالب (و روى) الحاكم في المستدرك و صححه عن زيد بن ارقم اول من اسلم مع رسول الله (ص) علي بن ابي طالب و صححه الذهبي في تلخيص المستدرك و في الاستيعاب و قال زيد بن ارقم اول من آمن بالله بعد رسول الله (ص) علي بن ابي طالب :روي حديث زيد بن ارقم من وجوه ذكرها النسائي و اسد بن موسى و غيرهما و في الاستيعاب قال علي صليت مع رسول الله (ص) كذا و كذا لا يصلي معه غيري الا خديجة (ا ه) . (و روي) في اسد الغابة بعدة اسانيد الى ابن عباس و زيد بن ارقم:اول من اسلم علي (و باسناده) عن حبة بن جوين عن علي لم اعلم احدا من هذه الامة عبد الله قبلي لقد عبدته قبل ان يعبده احد منهم خمس سنين او سبع سنين (و باسناده) عن ابي ايوب الانصاري عن النبي (ص) لقد صلت الملائكة علي و على علي سبع سنين و ذلك انه لم يصل معي رجل غيره (و روى) النسائي في الخصائص بسنده عن علي آمنت قبل الناس بسبع سنين (و بسنده) عنه (ع) ما اعرف احدا من هذه الامة عبد الله بعد نبينا غيري عبدت الله قبل ان يعبده احد من هذه الامة تسع سنين.كذا في النسخة و لعله تصحيف سبع سنين (و روى) الحاكم في المستدرك بسنده عن عباد ابن عبد الله الاسدي عن علي قال اني عبد الله و اخو رسوله و انا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي الا كاذب صليت قبل الناس بسبع سنين قبل ان يعبده احد من هذه الامة.و الذهبي في تلخيص المستدرك لم تتحمل نفسه مضمون هذا الحديث فقال كذا قال صحيح على شرط الشيخين و هو على شرط احدهما بل و لا هو بصحيح بل حديث باطل فتدبره و عباد قال ابن المديني ضعيف (اقول) ليست مبالغته في تضعيفه الا لمضمونه و لذلك امر بتدبره و صحته على شرط احدهما كافية و عباد ذكره ابن حبان في الثقات نقله في تهذيب التهذيب و قال ان ابن المديني قال ضعيف الحديث (ا ه) .فيظهر منه ضعف حديثه عنده لا ضعفه في نفسه و لعله لان في حديثه مثل هذا الذي لا يراه صوابا و يرشد اليه ما حكاه في تهذيب التهذيب عن ابن‏حنبل انه ضرب على حديثه عن علي انا الصديق الاكبر و قال هو منكر فانه ظاهر في ان عليه لمضمونه لا لضعف سنده .و روى الحاكم في المستدرك عن شعيب بن صفوان عن الاجلح عن سلمة بن كهيل عن حبة بن جوين عن علي قال عبدت الله مع رسول الله (ص) سبع سنين قبل ان يعبده احد من هذه الامة.قال الذهبي في المستدرك و هذا باطل لان النبي (ص) من اول ما اوحي له آمن به خديجة و ابو بكر و بلال و زيد مع علي قبله بساعات او بعده بساعات و عبدوا الله مع نبيه فاين السبع السنين و لعل السمع اخطأ فيكون امير المؤمنين قال عبدت الله و لي سبع سنين و لم يضبط الراوي ما سمع ثم حبة شيعي جبل ضعفه الجوزجاني و الدار قطني و شعيب و اجلح متكلم فيهما (ا ه) ملخصا و جزمه ببطلانه في غير محله فانه لو صح ان قليلين اسلموا قبل سبع سنين لجاز ان يراد قبل ان يعبده احد من جمهور الامة مجازا جمعا بين الاحاديث اذا كان قد عبده قبلها الواحد او الاثنان او الثلاثة و اما قوله قبله بساعات او بعده بساعات فبعيد عن الاثبات كما يعلم مما سبق و اما القدح في حبة و تضعيفه فليس الا لانه شيعي و ذلك لو لم يكن من اسباب المدح لا يكون من اسباب القدح عند المتصف.

و روى الحاكم في المستدرك بسنده عن ابن عباس قال لعلي اربع خصال ليست لأحد:هو اول عربي و أعجمي صلى مع رسول الله«ص»و هو الذي كان لواؤه معه في كل زحف و هو الذي صبر معه يوم المهراس (١) و هو الذي غسله و أدخله قبره«ا ه»و في ذلك يقول المؤلف من قصيدة:

بقت الى الاسلام كل موحد ***و قد عم اصناف الورى الشرك و الكفر
فكنت و ما في الارض غير ثلاثة ***يصلون للرحمن اذا زف الظهر
علي و ام المؤمنين خديجة ***و احمد لا عمرو هناك و لا بكر

تعليقات:
(١) اي يوم احد لان المهراس اسم ماء بأحد. المؤلفـ
في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج ١ ص ٣٧
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
اول من آمن بالنبي«ص»و اتبعه من جميع الخلق،بعث النبي صلى الله عليه و آله و سلم يوم الاثنين و أسلم علي يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة،و بعضهم يروي ان خديجة أسلمت قبل علي،و اصحابنا يروون ان عليا أسلم قبل خديجة و يدل عليه قول أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطب النهج:اللهم اني اول من أناب و سمع و أجاب لم يسبقني الا رسول الله«ص»بالصلاة،و هو الموافق للاعتبار فان الرسول«ص»مع حاله المعلومة مع علي لم يكن ليقدم في الدعوة الى الاسلام احدا على علي حتى خديجة مع مكانتها منه.و كيف كان فلا ريب في ان اسلامهما في زمان متقارب كما لا ريب في ان اول الناس اسلاما من الذكور علي و من النساء خديجة،و لا شك انه لما كان النبي«ص»يتحنث اي يختلي للعبادة في غار حراء كان علي«ع» يحمل اليه الزاد و الماء من بيت خديجة ان لم تحمله الخادم.و في الاستيعاب عن عفيف الكندي قال:كنت امرأ تاجرا فقدمت للحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة و كان امرأ تاجرا فاني لعنده بمنى اذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر الى الشمس فلما رآها قد مالت قام يصلي ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي خرج منه ذلك الرجل فقامت خلفه تصلي ثم خرج غلام قد راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معهما يصلي فقلت للعباس من هذا يا عباس قال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي،قلت من هذه المرأة قال هذه امرأته خديجة بنت خويلد،قلت من هذا الفتى قال علي بن ابي طالب ابن عمه،قلت ما هذا الذي يصنع قال يصلي،و هو يزعم انه نبي و لم يتبعه فيما ادعى الا امرأته و ابن عمه هذا الغلام،و هو يزعم انه ستفتح عليه كنوز كسرى و قيصر،و كان عفيف يقولـو قد أسلم بعد ذلكـلو كان الله رزقني الاسلام يومئذ فأكون ثانيا مع علي،قال و قد ذكرنا هذا الحديث من طرق في باب عفيف الكندي«اه».و رواه النسائي في الخصائص بسنده عن عفيف قال:جئت في الجاهلية الى مكة و انا اريد ان ابتاع لأهلي من ثيابها و عطرها فأتيت العباس بن عبد المطلب و ذكر نحوه الا انه قال فأنا عنده‏جالس حيث انظر الى الكعبة و قال فقلت يا عباس امر عظيم قال العباس امر عظيم تدري من هذا الشاب الخ ثم قال ان ابن اخي هذا اخبرني ان ربه رب السماء و الارض امره بهذا الدين الذي هو عليه و لا و الله ما على الارض كلها احد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة«اه».و مر في مناقبه و فضائله زيادة شرح لهذا. مبلغ سنه وقت اسلامه قيل اسلم و هو ابن عشر سنين رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن محمد بن اسحق و هو المطابق لقول من قال انه ولد بعد مولد النبي«ص»بثلاثين سنة و قبل البعثة بعشر سنين فان النبي«ص»كان عمره يوم بعث اربعين سنة و مطابق للقول بانه عاش ثلاثا و ستين سنة فانه استشهد سنة اربعين و توفي النبي«ص»سنة عشر او احدى عشرة و عاش هو بعد النبي ثلاثين سنة فاذا أضيفت الى ثلاث و عشرين سنة أقامها بمكة و المدينة بعد البعثة كانت ثلاثا و خمسين فاذا أضيف اليها عشر قبل البعثة كانت ثلاثا و ستين.و قال المفيد في الارشاد:أقام بعد البعثة ثلاثا و عشرين سنة منها ثلاث عشرة سنة بمكة قبل الهجرة و عشر سنين بعد الهجرة بالمدينة و توفي النبي و لأمير المؤمنين ثلاث و ثلان سنة«اه».فعلى هذا يكون عمره يوم اسلم عشر سنين و قيل أسلم و هو ابن احدى عشرة سنة و هو الذي صححه ابو الفرج الاصبهاني في مقاتل الطالبيين و هو المروي عن مجاهد و قيل اثنتي عشرة سنة بناء على انه عاش خمسا و ستين سنة كما سيأتي،اثنتي عشرة قبل البعثة و ثلاثا و عشرين بعد البعثة الى وفاة النبي«ص»و ثلاثين بعد وفاة النبي«ص»و قيل ثلاث عشرة سنة،في الاستيعاب هو أصح ما قيل و قد روي عن ابن عمر من وجهين جيدين«اه»و قيل خمس عشرة سنة رواه الحاكم في المستدرك بسنده عن قتادة عن الحسن ثم قال و هذا الاسناد أولى من الاسناد الاول.يعني الذي رواه عن محمد بن اسحق.و رواه في أسد الغابة بسنده عن الحسن و غيره قال اول من أسلم علي بعد خديجة و هو ابن خمس عشرة سنة«اه».و قيل ابن ست عشرة سنة حكاه الحاكم في المستدرك ثم روى بسنده عن ابن عباس و قال صحيح على شرط الشيخين ان رسول الله«ص»دفع الراية الى علي يوم بدر و هو ابن عشرين سنة.قال الذهبي في تلخيص‏المستدرك .هذا نص على انه أسلم و له أقل من عشر سنين بل نص في انه أسلم و هو ابن سبع سنين او ثمان و هو قول عروة«اه» (اقول) بل يلزم كونه ابن خمس سنين و نصف تقريبا لان النبي«ص»أقام بمكة بعد البعثة نحو ثلاث عشرة سنة و كانت بدر على رأس تسعة عشر شهرا من مهاجره فهذه نحو اربع عشر سنة و نصف فاذا أضيف اليها خمس سنين و نصف كانت عشرين.و روى ابن عبد البر في الاستيعاب عن السراج في تاريخه بسنده عن ابن عباس قال دفع رسول الله«ص»الراية يوم بدر الى علي و هو ابن عشرين سنة،و تدل خطبته حين بلغه غارة الغامدي على الانبار انه باشر الحرب و هو ابن عشرين سنة.و قال في خطبة له يحث فيها على الجهاد:لقد نهضت فيها (اي الحرب) و ما بلغت العشرين«اه»و لا يبعد ان يريد بمباشرته الحرب ما كان منه يوم هجرته و لحوق الفوارس الثمانية به و قتله مقدمهم جناحا فان ذلك اول مباشرته الحرب و اول ظهور شجاعته العظيمة لا حرب بدر المتأخرة عن ذلك تسعة عشر شهرا و ان كانت هي اول وقائعه العظمى فيكون عمره على هذا يوم أسلم سبع سنين فاذا أضيف اليها ثلاث عشرة سنة أقامها بمكة الى حين هجرته كانت عشرين.و في بعض الروايات انه كان عمره يوم بدر ثلاثا و عشرين سنة و في بعضها أربعا و عشرين و في بعضها خمسا و عشرين،و لعل القول بان عمره يوم أسلم احدى عشرة سنة مبني على انه كان يوم بدر ابن خمس و عشرين او ست و عشرين بأن تكون التسعة عشر شهرا حسبت سنة و ترك الزائد او حسبت سنتين و ألغي الناقص،و كذلك القول بان عمره يوم أسلم اثنتي عشرة سنة يمكن تطبيقه على انه كان يوم بدر ابن ست عشرة بحساب التسعة عشر شهرا سنة واحدة،اما القول بأنه أسلم و هو ابن ثلاث عشرة سنة او خمس عشرة او ست عشرة فهو يقتضي ان يكون عمره يوم بدر فوق سبع و عشرين او تسع و عشرين او ثلاثين و الله أعلم.

في رحاب ائمة اهل‏البيت(ع) ج ١ ص ١٤٥
السيد محسن الامين الحسيني العاملي
الحديث: (١) لقد كان علي (عليه السلام) سبق الناس كلهم في الإيمان بالله و برسوله بعد خديجة،و أشار إلى ذلك بقوله:«فانى ولدت على الفطرة،و سبقت إلى الايمان و الهجرة» (١) .
(٢) و قال أيضا في الخطبة القاصعة:«و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) و خديجة و أنا ثالثهما» (٢) .
(٣) و قال أيضا:«اللهم،إني أول من أناب و سمع و أجاب،لم يسبقني إلا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) الصلاة (٣) ». (٤) و روى القندوزي الحنفي و العلامة الأربلي (رحمة الله عليه) عن عمرو بن‏عبادة (٤) عن عبد الله قال:قال علي (عليه السلام) :«أنا عبد الله،و أخو رسول الله،و أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب،و لقد صليت قبل الناس سبع سنين» (٥) .
(٥) و روى أبو عبد البر المالكي،عن حبة العربي،قال:سمعت عليا (عليه السلام) يقول:لقد عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الامة قبل خمس سنين (٦) .

و الأخبار بهذا المضمون الصريحة في سبقة إيمانه (عليه السلام) على جميع من سواه من الرجال كثيرة،و سياتى بعضها إن شاء الله،و في ذلك يقول الشاعر عن قوله (عليه السلام) :
سبقت الى الإسلام كل موحد ***و قد عمم أصناف الورى الشرك و الكفر
فكنت و ما في الأرض غير ثلاثه‏ ***يصلون للرحمن إذ أزف الظهر
علي و ام المؤمنين خديجة ***و أحمد لا عمر هناك و لا بكر
و لا يخفى أن ايمانه (عليه السلام) في ذروة مراتب الإيمان،و فيه تجسد اكمل معانيه،و المستفاد من بعض الروايات المأثورة عن النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ان إيمانه و عمله في يوم احد يرجح على إيمان جميع الخلائق. (٦) قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) :«يا أبا الحسن،لو وضع إيمان الخلائق و أعمالهم في كفة ميزان،و وضع عملك يوم احد على كفة لرجح عملك على جميع ما عمل الخلائق،و إن الله باهى بك يوم احد ملائكته المقربين،و رفع الحجب من السموات السبع،و أشرفت إليك الجنة و ما فيها،و ابتهج بفعلك رب العالمين،و إن الله تعالى يعوضك ذلك اليوم ما يغبط كل نبي و رسول و صديق‏و شهيد» (٧) . و من كان إيمانه و عمله في يوم احد في الثواب و الأجر كذلك،فكيف إيمانه و عمله في جميع غزوات الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم) و سائر أعماله في مدة حياته الشريفه المباركة فيالأجر و الثواب،لا يعده العادون اللهم اجعلنا من محبيه و شيعته في الدنيا،و من مشفعيه يوم القيامة.

و قال العبدي في إيمانه (عليه السلام) :
اشهد بالله لقد قال لنا ***محمد و القول منه ما خفى‏
لو أن إيمان جميع الخلق ممن‏ ***سكن الأرض و من حل السما
يجعل في كفة ميزان لكي‏ ***يوفي بإيمان علي ما وفى (٨)

تعليقات:
(١) نهج البلاغه فيض ص ١٣٧ الخطبة .٥٦
(٢) نهج البلاغة فيض ص ٨٠٢ الخطبة .٢٣٤
(٣) نهج البلاغه فيض ص ٣٩٨ الخطبة .١٣١
(٤) فى ينابيع المودة أسند الحديث إلى عباد بن عبد الله و في كشف الغمة عن عبد الله .
(٥) ينابيع المودة للقندوزي ص ٦٠ و كشف الغمة باب المناقب ج ١ ص .١٨
(٦) الاستيعاب بهامش الإصابة ج ٣ ص .٣١
(٧) ينابيع المودة للحافظ القندوزي الحنفي ص .٦٤
(٨) المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٩ و قد ذكرنا مطالب مفيده في فصل«علي (ع) في قوة إيمانه»فلاحظه .
الفصول المائة ج ١ ص ١١٤
تأليف: السيد اصغر ناظم‏ زاده قمى‏
حين تلقى الرسول (ص) بيان التكليف الإلهي بحمل الرسالة،عاد إلى بيته فأطلع عليا (١) (ع) على أمره،فاستقبله بالتصديق و اليقين،كذلك فعلت خديجة الكبرى،فانبثق من أجل ذلك أول نواة لمجتمع المتقين في الأرض. على أنه يجدر بنا،أن نعي أن عليا (ع) لم يدعه الرسول (ص) إلى الاسلام كما دعا غيره فيما بعد أبدا،لأن عليا (ع) كان مسلما على فطرة الله تعالى،لم تصبه الجاهلية بأوضارها،و لم يتفاعل مع شي‏ء من سفسافها و كل الذي كان:أن عليا (ع) قد أطلعه الرسول القائد (ص) على أمر دعوته و منهج رسالته،فأعلن تصديقه و أيقن بالرسالة الخاتمة،و بادر لتلقي توجيهاته المباركة تلقي تنفيذ و تجسيد،و لهذا يقال (كرم الله وجهه) .
فإن عليا (ع) كان مؤهلاـكما بينا في مطلع الحديثـلاتباع رسول الله (ص) في دعوته،لأنه (ص) كان قد أنشأ شخصيته،و أرسى لبناتها الأساسية. و لا نضيف جديدا إذا قلنا إن الإمام (ع) لم يفاجأ بأمر الدعوة المباركة،طالما عاش في كنف رسول الله (ص) و تفيأ ظلاله،فالمصطفى محمد (ص) ـكما نعلمـكان يعبد ربه تعالى و ينأى عن الجاهليةفي مفاهيمه و سلوكه و علاقاته قبل أن يتنزل عليه وحي السماء،بأول سورة من القرآن الكريم.و علي (ع) كان مطلعا على عبادة أخيه رسول الله (ص) و ممارساته و تحولاته الروحية و الفكرية،فكان يتعبد معه،و ينهج نهجه،و يسلك سبيله في تلك السن المبكرة من عمره. أما حين فاتحه رسول الله (ص) بأمر الدعوة الإلهية،فقد لبى النداء بروحه و وعيه و كل جوارحه،دون أن يباغت في الأمر،و إن كان هناك من جدة في المسألة،فإنما هي في الكيفية و درجةالمسؤولية الواجب تحملها،أو في تفاصيل الأحكام.
و حين بلغ رسول الله (ص) بأمر التكليف الإلهي لحمل الدعوة المباركة،بلغ كذلك،أن تنصب دعوته أولا على الخاصة من أهل بيته،و قد أشار ابن هشام في سيرته لذلك بقوله:
«فجعل رسول الله (ص) يذكر ما أنعم الله به عليه،و على العباد به،من النبوة سرا من يطمئن إليه من أهله» (٢) .
و من أجل ذلك فاتح عليا و خديجة بالدعوةـكما ذكرناـو بعدهما زيد بن حارثة،و بقي أمر الدعوة طي الكتمان لا يعلمه غير هؤلاء،و بعض الخاصة من أهل البيت (ع) .

و قد أشار الإمام علي بن الحسين (ع) في حديث له حول إسلام جده علي بن أبي طالب (ع) بقوله :
«و لقد آمن بالله تبارك و تعالى و برسوله (ص) و سبق الناس كلهم إلى الإيمان بالله و برسوله و إلى الصلاة ثلاث سنين» (٣) .
و لأسبقيته في حمل الدعوة أشار الإمام (ع) في حديث جاء فيه:
«و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (ص) و خديجة،و أنا ثالثهما،أرى نور الوحي و الرسالة،و أشم ريح النبوة». و بعد أن تخطت الدعوة مرحلة دعوة الخاصة من أهل البيت جاءت مرحلة دعوة من يتوسم رسول الله (ص) فيهم القبول لدعوته،فانخرط عدد من الناس في سلك الدعوة،كان أغلبهم من الشباب،وكانت لقاءاتهم من أجل قراءة القرآن الكريم،و التعرف إلى أحكام دين الله تعالى تتم بصورة سرية.
تعليقات: ١ـاضافة إلى كتب التاريخ التي تصرح بأن عليا أول الناس اسلاما،كالسيوطي الذي قال:«إنه أول من أسلم،و نقل بعضهم الاجماع عليه»ص ١٨٥ من تاريخ الخلفاء،فهناك عدة أحاديث عن رسولالله (ص) تجسد هذه الحقيقة،راجع المستدرك/ج ٣/ص ١٣٦،التاريخ الكبير للخطيب البغدادي/ج ٢/ص ٨١،و مناقب الخوارزمي،و حلية الأولياء/ج ١/ص ٦٦،و السيرة الحلبية/ج ١/ص ٢٦٨،و سيرة زيني دحلان في هامش الحلبية/ج ١/ص .١٧٣
٢ـابن هشام/السيرة النبوية/ج ١/ص .٢٥٩ ٣ـالكليني/الكافي/ج ٨/ص ٣٣٩،و هناك أحاديث بهذا الصدد يرويها كل من النسائي و ابن ماجة،و الحاكم في المستدرك/ج ٣/ص ١١١،و محب الدين الطبري في ذخائر العقبى/ص ٦٠،و الطبريفي تاريخه،و الرياض النضرة/ج ٢/ص ١٥٨،و كتاب صفين لنصر بن مزاحم/ص ١٠٠ و غيرها،راجع كتاب الغدير/ج ٣/ص ٢٢١ـ٢٤٠،على أن تلك الروايات تشير إلى أن إيمان علي و عبادته قد سبق فيها الناس بسبع أو تسع سنين،و هي لا تخالف القول بثلاث سنين أبدا،فان المراد بأنه سبق بالتصديق بالاسلام بعد الدعوة بثلاث سنين،و سبق سواه بالإيمان و التعبد مع الرسول (ص) في مرحلة الإعداد التي أشار إليها في خطبته القاصعة بسنوات اخرى.
سيرة رسول الله و أهل بيته(ع) ج ١ ص ٤٨٦
مؤلف: لجنة التأليف مؤسسة البلاغ


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page