• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الملوك والامراء والوزراء والكتاب الشيعة

ثمَّ اعطف نظرك على أعاظم الملوك والامراء والكتّاب والوزراء من الشَّيعة كالدولة الفاطمية ، والبويهية ، والحمدانيين ، وبني مزيد بن صدقة ، وبني دُبيس ، وعمران بن شاهين أمير البطائح ، والمقلّد بن المسيَّب العقيلي ، وقرواش بن المسيَّب .
بل وأعاظم الخلفاء العبّاسيين : كألمأمون ، والمنتصر ، والمعتضد أحمد بن الموفق ، والناصر أحمد بن المستضيء ، وهو أشهرهم في التظاهر بالتشيُّع وأشعاره ومراجعته مع الملك الأفضل علي بن يوسف صلاح الدين الأيوبي الصريحة في غلوِّهما بالتشيُّع مشهورة (1) والمستنصر ، وذي القرنين التغلبي وجيه الدولة أبي مطاع ، وتميم بن المعز بن باديس ملك أفريقيا والمغرب ، وكثير من أمثالهم مما لا مجال لتعداد أسمائهم فضلاً عن ترجمة أحوالهم وأنبائهم .
ثم اسبر أكابر الوزراء في الاسلام ، فهل تجدهم إلاّ من الشَّيعة ، كاسحاق الكاتب ، ولعلَّه أوَّل من سُمي وزيراً في الاسلام ، قبل الدولة العباسية ، وأبي سلمة الخلال حفص بن سليمان الهمداني الكوفي ، أوَّل وزير لأول خليفة عباسي ، استوزره السفّاح وفوَّض جميع الامور اليه لفضله وكفاءته ، ولُقبّ ( وزير آل محمَّد ) ثمَّ قتله السفّاح حين أحسَّ منه بالتشيُّع لآل علي عليهم السَّلام .
وكأبي عبداللهّ يعقوب بن داود ، وزير المهدي الَّذي تولّى تدبير جميع الأمور حتى قيل فيه :
بَني اُميّة هُبُّوا طالَ نَومَكُمُ * إنَّ الخليفةَ يَعقوبُ بنُ داودِ(2)
وحبسه المهدي أخيراً في المطبق (3) لتشيُّعه أيضاً إلى أن أخرجه الرشيد .
ومن بيوتات الوزارة من الشَّيعة : بنو نوبخت ، وبنو سهل وزراء المأمون كالفضل بن سهل ، والحسن بن سهل .
وبنو الفرات (4) : أبو الحسن علي بن محمّد ، تولى الوزارة للمقتدر ثلاث مرات ، وأبو الفضل جعفر ، وأبو الفتح الفضل بن جعفر.
وبنو العميد محمَّد بن الحسين بن العميد ، وابنه ذو الكفايتين أبو الفتح علي بن محمَّد ، وزراء ركن الدولة .
وبنو طاهر الخزاعي وزراء المأمون ومَنْ بعده ، والوزير المهلُّبي الحسن ابن هارون ، وأبو دلف العجلي ، والصاحب بن عبّاد ، وداهية السياسة أبو القاسم الوزير المغربي ، ومؤسس الدولة الفاطمية رجل الدولة والسِّياسة أبو عبدالله الحسين بن زكريا المعروف بـ ( الشِّيعي ) ، وإبراهيم بن العبّاس الصولي الكاتب الشهير في دولة المتوكل ، وطلائع بن رزيك أحد وزراء الفاطمية المشاهير ، والأفضل أمير الجيوش في مصر وأولاده ، وأبو الحسن جعفر بن محمَّد بن فطير ، وأبو المعالي هبة الله بن محمَّد بن المطلب وزير المستظهر ، ومؤيد الدِّين محمَّد بن عبدالكريم القمِّي من ذرية المقداد ، تولى الوزارة للناصر ثم للظاهر ثم للمستنصر.
والحسن بن سليمان ، أحد كتّاب البرامكة ويعرف بـ ( الشيعي ) أيضاً كما في كتاب ( الأوراق ) للصولي (5) .
ويحيى بن سلامة الحصكفي ، وابن النديم صاحب ( الفهرستّ ) ، وأبو جعفر أحمد بن يوسف وأخوه أبو محمَّد القاسم ـ انظر في كتاب الأوراق للصولي قصائده البديعة في مديح أهل البيت ومراثيهم ـ وكانا من أعيان الكتّاب والمتقدمين في عصر المأمون ومَنْ بعده ، وكذلك إبراهيم بن يوسف ، وأولادهم .
والإمام في علوم العربية والنوادر : أبو عبدالله محمد بن عمران المرزباني ، صاحب المعجم الذي نصَّ السَّمعاني (6) وغيره على تشيًّعه واعتزاله (7) . إلى كثير يضيق [ عنهم ] الاحصاء.
ولو أردنا ضبط جميع سلاطين الشيعة ، ومَنْ تقلَّد الوزارة والإمارة والمناصب العالية ـ بعلمهم ، وكتابتهم ، وعظيم خدماتهم للاسلام ـ لما وسعتهم المجلدات الضخمة والأسفار العديدة .
وقد تصدى والدنا العلامة ـ أعلى الله مقامه ـ الى تراجم طبقات الشيعة ، من علماء ، وحكماء ، وسلاطين ، ووزراء ، ومنجِّمين ، وأطباء ـ وهكذا ـ الى ثلاثين طبقة ، كلّ طبقة مرتبَّة على حروف المعجم ، وسمّاه ( الحصون المنيعة في طبقات الشِّيعة ) فكتب عشرة مجلدات ضخام لم تخرج الى المبيضَّة ، ومع ذلك لم يأت [ إلاّ ] على القليل منهم .
ولكنّا نريد ـ أنْ نقول لصاحب ( فجر الإسلام ) : إنْ كان هؤلاء الَّذين ذكرناهم ، وأضعاف أمثالهم مِن رجال الشِّيعة ، الَّذين أسسوا علوم الإسلام ،
وشادوا دعائمه ، وأحكموا قوائمه ، إنْ كانوا هم الَّذين يريدون هدم الاسلام ، وأنت واستاذك الدكتور وزملاؤكم هم الَّذين شيَّدوا الاسلام وأيّدوه ! ! إذاً فعلى الدنيا العفا ، وعلى الاسلام السلام ، ورحم الله فيلسوف المعرة حيث يقول :
إذا وصِفَ الطائيِ بِالبُخلِ ما دَر
إلى قوله : فَيا مَوت زُرْ إنَّ الحَياةَ ذَمِيمَةٌ . ..(8).
وما كان شيء من كلِّ هذا من أصل قصدي ، وصميم غرضي ، ولكن جرى القلم به عفواً ، وتمطّى على القول فيه قهراً ، فعسى أن يعلم الكاتب من أبناء العصر ومن بعدهم ـ بعد ذا كيف يكتب ، ويتصوَّر ماذا يقول ، فقد قال أمير المؤمنين عليه السلام ـ وما أشرف مَنْ قال ـ :
« لسانُ العاقلِ مِنْ وراءِ قَلبهِ ، وَقَلبُ الجاهِلِ مِنْ وَراءِ لِسانِهِ» (9).
____________
(1) أورد هذه المراجعة السيد حسن الامين رحمه الله في أعيانه 2 : 507 ، والقمَي رحمه الله في كُناه 3 : 195 ، فلتراجع .
(2) قيل : إنَّ قائل هذين البيتين الشعريين هو بشار بن برد ، الشاعر الاعمى المعروف ، الذي لم يلبث بعد ذلك أنْ هجا المهدي بجملة من الابيات التي نعرض عن ذكرها ، فتحين به المهدي الفرص حتى قتله .
أنظر : أمالي السيَّد المرتضى 1 : 141 ، الاغاني 3 : 2 34 ، سير أعلام إلنبلاء 8 : 347، ديوان الشاعر 3 : 94 .
(3)  سجن مظلم تحت الارض يُوضع فيه من لا يوافق هوى الحكام العبّاسيين ، وهي سياسة ثابتة يتفق عليها كل الطواغيت في جميع الامصار وعلى طول الدهور ، وإنْ خضعت ـ مع مرور الازمنة ـ للمؤثرات التقنية لتواكب التقدم العلمي بالشكل الذي يتناسب وأمزجة الحكام وحبهم لسفك الدماء . فلا غرابة فيما نقرأه من أشكال هذه السجون ، ووحشة ترتيبها في عصر العبّاسيين والامويين آنذاك ، لانها في أيامنا هذه لم تعد الا كلعب الاطفال قياساً بما نراه ونسمعه من أشكال ونظم السجون والمعتقلات التي تزخر بها الكثير من الدول المبتلاة بالانظمة الجائرة ، والحكومات الفاسدة .
(4) اُسرة شيعية ، أصلهم من صديقين من أعمال الدجيل ، وكانوا من العوائل المشهورة المعروفة بالفضل والكرم والنبل .
(5) الاوراق . . .
(6) الانساب للسمعاني : 521.
(7) في هامش نسخنا : التشيع بالمعنى الخاص ينافي الاعتزال ، ويكفي في تحقيق المباينة أن الشيعة تقول بالنص والمعتزلة لاتقول به ، ولكن كثيراً من الشيعة كانوا يتظاهرون بالاعتزال ، لمصلحة كانت يقتضيها ذلك الوقت ، ومنهم يحيى بن زيد العلوي ، الذي ينقل عنه ابن أبي الحديد جملة من التحقيقات العالية ، فليفهم هذا . . انتهى .
أقول : نعم ، إن ما ذهب اليه السمعاني من الخلط في النسبة بين عقيدتين تستقل كلُ واحدة منهما عن الاخرى بعقائدها الخاصة بها ، والتي يجد الباحث عند استقراء هذه العقائد وضوح وجلاء هذا الاختلاف الذي قد يصل في أحيان عديدة إلى حالة تنافر لا يمكن معها الاغضاء أبداً عن ذلك الواقع الثابت مهما يلجأ اليه البعض من الخلط والتأويل والاقحام . . . نعمٍ ، ليس ذلك بالامر الذي تفرد هو به ، بل تجد هذا الخلط الممجوج والمستهجن طافحا على سطح العديد من المؤئفات القديمة والحديثة ، حتى إني وقبل فترة قصيرة عندما كنت مشاركاً بجهد متواضع في المؤتمر العالمي الخاص بالذكرى الالفية لوفاة الشيخ المفيد رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ( 1413 هـ ) أثار تعجبي ترديد هذه العبارة الباهتة من قبل بعض الاساتذة والباحثين ، بشكل لا يجد المرء أمامه إلا التسليم بسريان حالة الفهم السطحي وغير العلمي لخصائص كل عقيدة من هاتين العقيدتين باعتماد اُفق ضيق في دراسة كلٍ منهما ـ كما وجدته في عمل المستشرق آدم متز أثناء حديثه عن الحضارة الاسلامية في القرن الرابع ،الهجري باعتماده على كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق فحسب لتقييم الصلة بين الشيعة والمعتزلة!! ـ والترديد الحرفي وغير العلمي لما ورد في كتابات اُولئك المستشرقين ـ كما يتبين ذلك في كتاب فجر الاسلام للدكتور أحمد أمين ـ أو بعض السابقين ممن جهدوا في تجريد الشيعة الامامية من كل خصائصهم وعقائدهم ، استجابة لارادات الحكّام آنذاك من الذين دفعهم التعصب البغيض والتحزُب الاعمى لمذاهبهم ، وعدائهم الواضح لاهل البيت عليهم السلام ، إلى اتخاذ هذا الموقف الملتوي والمفضوح من عقائد الشِّيعة الامامية وأفكارها ، يضاف إلى ذلك ـ وهو الاهم ـ دأب اولئك الحكّام على ايقاد نار الخلاف والتناحر الفكري والعقائدي بين فرق المسلمين المختلفة وتأجيجها في محاولة منهم لصرف أذهان الناس عن تلمس الوضع المزري التي تعيشه شعوبهم المغلوبة على أمرها ، كنتيجة منطقية لتسلط جملة مشخصة من الافّاقين والفاسدين على رقاب الاُمَّة ، وانغماسهم في اللهو واصطياد المتع الرخيصة ومنادمة الجواري والغلمان ، واشراعهم أبواب بيوت مال المسلمين أمام المغنين والراقصين والماجنين وغيرهم ، حين يُحرم من ذلك المال أصحابه الشرعيين ، ومن ينبغي أنْ تُصرف تلك الاموال فيهم. . . فكان ايقاد ذلك الخلاف والاختلاف بين الفرق الاسلامية المختلفة خير وسيله لصرف أذهان زعماء تلك المذاهب والفرق واتباعهم عن الالتفات الجدي إلى ذلك الامر ، لانَّ ساحة المنازلة القسرية تكون في محاولة الدفاع عن وجودهم الفكري والعقائدي قبالة التحديات الفكرية المطروحة أمامهم ، وهذا ما سعى له الحكّام آنذاك وأتباعهم ، فكان ورغم ما نتج عنه من نتاجات واسعة شكَلت بالتالي البنيان الاساسي لجملة من عقائد الفرق المختلفة ، وتاكيد الهوية المستقلة للمذاهب المتعددة ، إلاّ أنَّها وفي مواضع كثيرة ـ وذلك ممّا يثير الاسى والاسف ـ كانت أشبه بساحة قتال غير عقلائية ، انشغل فيها المسلمون من أتباع تلك الفرق المختلفة باتهامهم البعض للآخر ، والطعن فيه وتكفيره ، بل واشتداد حدة هذا الخلاف بينهم حتى تصل في أحيان عدة الى وقوع صراعات دموية مؤسفة أريقت فيها الدماء ، واستبيحت فيها الاموال والاعراض ! !
بلى إنَ ذلك كان مما يروق لاؤلئك الحكّام ويثلج صدورهم ، بل ومداعاة لاطالة أمد حكمهم ، وتلك حقيقة لا يعسر على أحد تلمُسها وادراكها . من خلال مراجعة الفترة الزمنية التي شهدت ولادة العديد من تلك الفرق ابان القرن الهجري الثاني وما بعده ، وانضواء الكثيرين واتَباعهم لزعماء تلك المذاهب ومفكريها ، وبالتالي توظيف امكاناتهم المختلفة في الدفاع عن هذه عقائد ورد عقائد الاخرين وتوهينها .
هذا في الوقت الذي كان فيه الائمة من أهل البيت عليهم الَسلام وأتباعهم يواصلون جهدهم الرصين في خدمة هذا الدين الحنيف ، حيث كانت تعج مدارسهم ومجالسهم ـ في الكوفة والبصرة وبغداد ـ بالألاف من الطلبة والدارسين ، ويتزايد عدد شيعتهم ومريديهم بشكل بين أقلق المراكز الفاسدة وأعوانها ، بل وحتىِ رموز بعض المذاهب الاسلامية المختلفة مع الاسف الكثير ، فكانوا في أحيان كثيرة عوناَ مع السلطة الظالمة على اخوانهم في الدين ، فتاضل .
ثم إنَّ الملفت للنظر كون حدة ذلك الصراع الفكري آنذاك كانت على أشدها بين مدرستين كبيرتين هما : الاشاعرة ، والمعتزلة ، وحيث تتلخص قضية ذلك الخلاف في جمود المحدثين والفقهاء على النص ، وعزلهم العقل عن الدين ، بل وتجريده عن جميع صلاحياته الثابتة والتي نادت بها جميع الاديان ، حين كان يقابلهم ـ على الضد ـ موقف المعتزلة المفرط في تحكيم العقل ، وبالشكل الذي أثار الطرف الآخر ، فحدثت بينهما هذه الفجوة الرهيبة .
هذا والحكّام يجدون في ذلك الامر تدعيماً لاركان حكمهم ، وتثبيتاً لملكهم ، فوقفوا إلى جانب الاشاعرة ـ بعد أنْ كانوا ميّالين إلى المعتزلة ومقربين لهم ـ وتبنوا آرائهم ، وطعنوا في آراء الاخرين بعد أنْ أقرُّوا أربعة من المذاهب الفقهية الاسلامية وأعرضوا عن غيرها .
إنَّ هذا الموقف المتعجرف دفع إلى الظل بالكثير من الآراء والعقائد الأخرى ، وبالتالي تهيئة المجال لخدم السلطة والمتحجرين من أتباع المذهب الذي تؤمن به السلطة إلى الطعن بعقائد الآخرين ، وتزييف الكثير من الحقائق والثوابت ، وتركيز جملة مشوشة وهجينة من الاطروحات الباهتة ، ومن ضمنها هذا الخلط الواضح بين عقائد الشِّيعة الامامية وبين عقائد المعتزلة . ونحن وإنْ لم نكن في معرض اثبات بطلان الشبهات القائلة بأنَ الامامية عيال على المعتزلة في أُصول عقائدهم ، أو أنَهم مقلِّدون لهم ، أو غير ذلك من التفاهات المردودة ، والتي تصدَى لاثبات بطلانها وردها الكثير من علماء الطائفة ومفكريها بشكل واضح وجلي لا جدوى من الاستفاضة في التعرُّض له ، مع ادراكنا الواضح بأنَ المجال هنا لا يتسع لها ، إلاّ إنّا سنحاول من خلال هذه الاسطر المحدودة الاشارة المختصرة إلى الاختلافات الجوهرية بين هاتين العقيدتين الاسلاميتين .
فالاُصول الخمسة التي تشكَل أساس مذهب الاعتزال ـ والتي هي : التوحيد ، والعدل ، والوعد والوعيد ، والمنزلة بين المنزلتين ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكرـ تترتَّب عليها دون شك جملة مفاهيم وتصورات تشكِّل القاعدة العقائدية للمعتزلة ، والتي تبدو عند مقارنة الكثير منها بآراء الامامية شديدة التباين ، واسعة الاختلاف ، وَلعلَّ من جملة تلك الآراء المنبعثة عن تلك الاُصول ، والتي خالفهم بها الامامية ، وتعرَّضوا لهم فيها بالمناقشة والابطال : قولهم بانَ الاشياء كانت قبل حدوثها أشياء ، والجواهر أيضاً كانت في حال عدمها جواهر ، وكذا هو حال الاعراض والالوان والحركات .
ومن ذلك أيضاً : قولهم بان الانسان هو الذي يصنع أفعاله بنفسه ، متوافقين في ذلك مع القدرية ، وذاهبين فيه إلى التفويض .
ومن ذلك ايضاً : ما ذهبوا اليه من أنَّ الوفاء بالوعيد واجب على الله تبارك وتعالى ، خلاف الامامية الذين يذهبون إلى عدم وجوبه .
ومن ذلك ايضاً : قولهم بأنَ مرتكب الكبيرة بين الايمان والكفر ، وأنَّه يُخلَد في النار ، حين إنَّ الامامية يذهبون إلى اعتباره مؤمناً فاسقاً مستحقاً للعقاب على قدر ما أجرم . يضاف إلى ذلك جملة واسعة من الاختلافات الجوهرية في مسائل الصفات ، والحسن والقبح العقليين ، ووجوب اللطف ، والشَّفاعة ، والتي شغلت في مؤلَّفات أصحابنا رحمهم الله تعالى مساحات واسعة ، وجوانب مهمة ، بل إنَّ العديد من أعلام الطائفة أفردوا العديد من مؤلَفاتهم للرد على عقائد المعتزلة ابان تلك الحقب السالفة والتي شهدت فترة الاحتدام ، والصراع الفكري والعقائدي بين عقائد الفرق الاسلامية المختلفة ، أمثال شيخنا المفيد رحمه الله تعالى ( ت 413 هـ ) حيث ألَف كتاباً في الرد على الجاحظ المعتزلي ، وآخر في نقض فضائل المعتزلة ، وكذا كتابه الشهير ( الفصول المختارة ) وكتاب ( الوعيد ) وغيرها ، وحيث تعرض رحمه الله تعالى برحمته الواسعة إلى إيراد جملة ارائهم التي خالفوا بها الشِّيعة في مطاوي كتابه الشهير المعروف بـ ( أوائل المقالات ) والتي كان من أوضحها : انكارهم نص النبي صلى الله عليه وآله على علي عليه السلام ، مع انكارهم أيضاً وجود نص بإمامة الحسن والحسين عليهما السَّلام ، وكذا هو حال الامام علي بن الحسين عليه السلام ، حيث أنكروا باجمعهم أنْ يكون إماماً للأمة بما يوجب به الامامة لاحد من أئمة المسلمين ، بل إنهم أنكروا ما تعتقد به الشيعة الامامية من أن الائمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله اثنا عشر إماماً ، مع مخالفتهم لهم في مسالة عصمة الامام ، حيث جؤَزوا أنْ يكون الائمة عصاة في الباطن ، وأنْ يكونوا أيضاً ممَن يُقارف الذنوب ، ثم إنَّهم أجازوا الامامة في مَنْ لا معجزة له ، ولا نص عليه ، ولا توقيف ، مع تجويزهم لانْ تكون الامامة في غير بني هاشم ، بل وتجويزهم خلو الازمان الكثيرة من إمام موجود ، فراجع.
وكذا هو حال سيدنا المرتضىِ رحمه الله تعالى ( ت 436 هـ ) والذي كان أبرز ما كتبه في ذلك كتابه الشهير ( الشافي ) رداَ على كتاب المغني لعبد الجبار المعتزلي . وغير ذلك ، فتأمَّل .
راجع : أوائل المقالات : 45 ، كشف المراد : 261 ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : 239 ، مقالات الاسلاميين 1 : 330 ، شرح المقاصد 2 : 230 ، تأريخ المذاهب الاسلامية : 138 ، الملل والنحل 1 : 43 ، مذاهب الاسلاميين : 40 ، شرح الاصول الخمسة : 625 وما بعدها ، الملل والنحل من كتاب البحر الزخّار : 12 ، الحور العين : 204.. .
(8) من قصيدة طويلة شهيرة كانت في زمنها محل جدل ونقاش ، لكون المعري قد نسب إلى نفسه في هذه القصيدة أمراً عظيماً من العسير أنْ ينسبه أحد إلى نفسه ، مطلعها :

ألا في سَبيلِ المَجدِ مَا أنا فاعِل * عَفاف وإقدام وَحَزم ونائِلُ

وَحيث يقول في بعض أبياتها :

تًـعـدُّ ذُنـُوبي عِـنـدَ قَومٍ كَثيرَةً * وَلاذَنبَ لي إلاّ العُلى وَالفَواضِلُ
وَقَد سارَ ذكري في البِلاد ِفَـمَنْ لَهُم * بِإخـفاءِ شَمسٍ ضَوؤها مُتكامِلً
يـُـهم اللَيالي بَعضُ ما أنا مُضمِر * وَيُثقِل رَضوى دونَ ما أنا حامل
وَإنـي وإنْ كـنـت الأخيرَ زمانُهُ * لآتٍ بـمـا لم تستطعِهُ الاوائِل

والبيتان اللذان ذكرهما الشَّيخ رحمه الله تعالى أعلاه هما :

إذا وصفَ الطّائي بِالبُخلِ مادِر * وعيـرَ قـًـسّـا بالفَقاهَةِ باقلُ
فَـيا مَوتُ زُرْ إنَّ الحَياةَ ذَميمَة * وَيا نَفسُ جِدّي إنَّ دَهرَكِ هازِلُ

اُنظر : ديوان الشاعر المسمَّى بـ ( سقط الزند ) : 193 .
(9) نهج البلاغة للشيخ محمدعبده 4 : 667|40 .
وقال السيِّد الرَّضي رحمه الله تعالى تعليقاً على هذا القول : وهذا من المعاني العجيبة الشريفة ، المراد به : أنَ العاقل لايطلق لسانه إلاّ بعد مشاورة الروية ، ومؤامرة الفكرة ، والاحمق تسبق حذفات لسانه ، وفلتات كلامه ، مراجعة فكره ، ومماحضة رأيه . ، فكأنَّ لي ان العاقل تابع لقلبه ، وكان قلب الاحمق تابع للسانه .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page