• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عقائد الشيعة اصولاً وفروعاً

ولنكتف بهذا القدر من « المقصد الأول » ونستأنف الكلام في :
( المقصد الثاني )
وهو بيان عقائد الشيعة ( اصولاً وفروعاً ) ونحن نورد امهات القضايا ، ورؤوس المسائل ، على الشرط الذي أشرنا إليه آنفاً من الاقتصار على المجتمع عليه ، الذي يصح أن يقال : أنه مذهب الشيعة ، دون ما هو رأي الفرد والأفراد منهم .
فنقول : إن الدين ينحصر في قضايا خمس :
1ـ معرفة الخالق .

2 ـ معرفة المبلغ .

3 ـ معرفة ما تعبد به ، والعمل به .

4 ـ الأخذ بالفضيلة ورفض الرذيلة .

5 ـ الاعتقاد بالمعاد والدينونة .

فالدين علم وعمل ( وأن الدين عند الله الإسلام )(1) والإسلام والإيمان مترادفان ، ويطلقان على معنى أعم يعتمد على ثلاثة أركان :

التوحيد ، والنبوة ، والمعاد . .

فلو أنكر الرجل واحدا منها فليس بمسلم ولا مؤمن ، وإذا دان بتوحيد الله ، ونبوة سيد الانبياء محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، واعتقد بيوم الجزاء ـ من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر ـ فهو مسلم حقاً ، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم ، دمه وماله وعرضه حرام .

ويطلقان أيضاً على معنى أخص يعتمد على تلك الأركان الثلاثة وركن رابع وهو العمل بالدعائم التي بني الإسلام عليها وهي خمس :

الصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج ، والجهاد .

وبالنظر إلى هذا قالوا : الإيمان إعتقاد بالجنان ، وإقرار باللسان ، وعمل بالإركان (2) ، ( من آمن بالله ورسوله وعمل صالحا ).

فكل مورد في القرآن اقتصر على ذكر الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ، يراد به الإسلام والإيمان بالمعنى الأول ، وكل مورد اضيف إليه ذكر العمل الصالح يراد به المعنى الثاني .

والأصل في هذا التقسيم قوله تعالى : ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )(3).

وزاده تعالى إيضاحاً بقوله بعدها : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وأنفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون )(4) يعني : أن الايمان قول ويقين وعمل .

فهذه الأركان الأربعة هي اصول الإسلام والإيمان بالمعنى الأخص عند جمهور المسلمين .

ولكن الشيعة الإمامية زادوا ( ركناً خامساً ) وهو : الإعتقاد بالإمامة . يعني أن يعتقد : أن الإمامة منصب إلهي كالنبوة ، فكما أن الله سبحانه يختار من يشاء من عباده للنبوة والرسالة ، ويؤيده بالمعجزة التي هي كنص من الله عليه ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة )(5) فكذلك يختار
للإمامة من يشاء ، ويأمر نبيه بالنص عليه ، وأن ينصبه إماماً للناس من بعده للقيام بالوضائف التي كان على النبي أن يقوم بها ، سوى أن الإمام لا يوحى إليه كالنبي وإنما يتلقى الأحكام منه مع تسديد إلهي . فالنبي مبلغ عن الله والإمام مبلغ عن النبي .

والإمامة متسلسلة في اثني عشر ، كل سابق ينص على اللاحق . ويشترطون أن يكون معصوماً كالنبي عن الخطأ والخطيئة ، والإ لزالت الثقة به ، وكريمة قوله تعالى : ( إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين ) (6)(7) صريحة في لزوم العصمة في الإمام لمن تدبرها جيداً .

وأن يكون أفضل أهل زمانه في كل فضيلة ، وأعلمهم بكل علم ، لأن الغرض منه تكميل البشر ، وتزكية النفوس وتهذيبها بالعلم والعمل الصالح ( هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة )(8) والناقص لا يكون مكملاً ، والفاقد لا يكون معطياً.

فالإمام في الكمالات دون النبي وفوق البشر.

فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص ، وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة فهو مسلم ومؤمن بالمعنى الأعم ، تترتب عليه جميع أحكام الإسلام ، من حرمة دمه ، وماله ، وعرضه ، ووجوب حفظه ، وحرمة غيبته ، وغير ذلك ، لا أنه بعدم الإعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلماً ( معاذ الله ).

نعم يظهر أثر التدين بالإمامة في منازل القرب والكرامة يوم القيامة ، أما في الدنيا فالمسلمون باجمعهم سواء ، وبعضهم لبعض أكفاء ، وأما في الآخرة فلاشك أن تتفاوت درجاتهم ومنازلهم حسب نياتهم وأعمالهم ، وأمر ذلك وعلمه إلى الله سبحانه ، ولا مساغ للبت به لأحد من الخلق .

والغرض : إن أهم ما امتازت به الشيعة عن سائر فرق المسلمين هو : القول بإمامة الأئمة الأثني عشر ، وبه سميت هذه الطائفة ( إمامية ) إذ ليس كل الشيعة تقول بذلك ، كيف واسم الشيعة يجري على الزيدية(9)، والإسماعيلية (10)، والواقفية(11) ، والفطحية(12) ، وغيرهم ، هذا إذا اقتصرنا على الداخلين في حظيرة الإسلام منهم ، أما لو توسعنا في الإطلاق والتسمية حتى للملاحدة ـ الخارجين عن الحدود ـ كالخطابية وأضرابهم (13) فقد تتجاوز طوائف الشيعة المائة أو أكثر ، ببعض الاعتبارات والفوارق ، ولكن يختص اسم الشيعة اليوم ـ على إطلاقه ـ بالإمامية التي تمثل أكبر طائفة في المسلمين بعد طائفة السنة .

والقول بالاثني عشر ليس بغريب عن اصول الإسلام وصحاح كتب المسلمين ، فقد روى البخاري ـ وغيره ـ في صحيحه حديث الاثني عشر
خليفة بطرق متعددة : منها : بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله : « إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ».

قال [ الراوي ] : ثم تكلم بكلام خفي علي فقلت لأبي : ما قال ؟ .

قال : كلهم من قريش .

وروى أيضاً : « لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم أثنا عشر رجلاً » .

وروى أيضاً : « لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة »(14) .

وما أدري من هؤلاء الاثنا عشر ؟ والقوم يروون عنه صلى الله عليه وآله : الخلافة بعدي ثلاثون ثم تعود ملكاً عضوضاً(15).

دع عنك ذا فلسنا بصدد إقامة الدليل والحجة على إمامة الاثني عشر ، فهناك مؤلفات لهذا الشأن تنوف على الألوف ، ولكن القصد أن نذكر اصول عقائد الشيعة ورؤوس أحكامها المجمع عليها عندهم ، والعهدة في إثباتها على موسوعات مؤلفاتهم .

وهنا نعود فنقول : الدين علم وعمل ، وظائف للعقل ووظائف للجسد ، فهاهنا منهجان :
____________
(1) آل عمران 3 : 52 .
(2) انظر : نهج البلاغة 3 : 203|227 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 226| 1 و2 ، أمالي الشجري 1 : 24 ، جامع الأخبار : 103|172 ، سنن ابن ماجة 1 : 25| 651 ، الفردوس بمأثور الخطاب 1 : 110|371.
(3) الحجرات 49 : 14 .
(4) الحجرات 49 :15 .
(5) القصص 28 : 68 .
(6) البقرة 2 : 124 .
(7) قال شيخنا الطوسي رحمه الله تعالى في كتابه الموسوم بالتبيان في تفسير القرآن ( 1 : 449 ) تعليقاً على هذه الآية الكريمة : استدل أصحابنا بهذه الآية على أن الامام لايكون إلا معصوماً من القبائح ، لان الله تعالى نفى أن ينال عهده ـ الذي هو الإمامة ـ ظالم ، ومن ليس بمعصوم فهو ظالم ، إما لنفسه ، أو لغيره .
فإن قيل : إنما نفى أن يناله ظالم في حال كونه كذلك ، فأما إذا تاب وأناب فلا يسمى ظالما ، فلا يمتنع أن ينال .
قلنا : إذا تاب لا يخرج من أن تكون الآية تناولته ـ في حال كونه ظالماً ـ فإذا نفى أن يناله فقد حكم عليه بأنه لا ينالها ، ولم يفد أنه لا ينالها في هذه الحال دون غيرها ، فيجب أن تحمل الآية على عموم الاوقات في ذلك ، ولا ينالها وإن تاب فيما بعد .
واستدلوا بها ايضاً على أن منزلة الامامة منفصلة عن النبوة ، لأن الله تعالى خاطب ابراهيم عليه السلام وهو نبي ، فقال له : انه سيجعله إماماً جزاء له على اتمامه ما ابتلاه الله به من الكلمات ، ولو كان إماماً في الحال لما كان للكلام معنى . فدل ذلك على أن الامامة منفصلة من النبوة ، وانما اراد الله تبارك وتعالى ان يجعلها لإبراهيم عليه السلام . . . .
(8) الجمعة 62 : 2 .
(9) نشأت هذه الفرقة ابان الظروف القاسية التي أحاطت بالشيعة في العراق أثناء حكم الامويين المعروف بعدائه الشديد ، وبغضه المشهور للشيعة وأئمتهم عليهم السلام ، وكردة فعل للاحوال المزرية المحيطة بهم .
فقد كان العراق آنذاك تحت ولاية يوسف بن عمر الثقفي الجندي المطيع ، والكلب الوفي ، والعميل المخلص المتفاني في تحقيق أهداف الامويين ، بل ويدهم الضاربة التي لا تتردد في البطش بكل من يفكر في الاعتراض على سياستهم الخرقاء الفاسدة ، وظلمهم الذي لا يقف عند أي حد.
ومن الثابت أن هذا الرجل كان من أشد المبغضين للشيعة حتى قبل تسنمه لمنصب ولاية
العراق ، لأنه عمل جهده قبل ذلك على اقصاء خالد القسري عن هذه الولاية لانتهاجه سياسة الرفق واللين مع عموم اناس في العراق ، وحيث يمثل الشيعة الاكثرية منهم ، فالقى في روع الامويين ما يمكن أن تشكله سياسة خالد المتساهلة مع الشيعة من عوامل لعلها تؤدي إلى تقوية شوكتهم ، وتنامي قوتهم ، فعزل خالد وولي يوسف الثقفي محله ، فكان أول ما افتتح به ولايته أن شدد الخناق على الشيعة ، وضيق عليهم ما استطاع الى ذلك سبيلا ، ونكل بهم ، وشزدهم ، وأعمل السيف في رقابهم ، فعاش الشيعة ظروفا قاسية ومرة شملت الصغير منهم والكبير ، والنساء منهم والرجال ، فلم يسلم منهم أحد ، ولا سيما وجوههم وأعيانهم ، حيث كان الامر عليهم شديداً ، والبلاء حولهم مضيقاً ، ومنهم أخ الامام الباقر عليه السلام زيد بن علي رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ، فناله ما نالهم ، وتعرض لمثل ما تعرضوا له من الظلم والتعدي ، بل ووشى به يوسف إلى أسياده ، فاستدعي ( أي زيد ) إلى مقر الحكم الاموي في الشام ، وحيث كان انذاك هشام بن عبدالملك ، فتعمد توجيه الاهانات اللاذعة والجارحة لزيد رحمه الله تعالى ، فثار بوجهه ، ورد عليه حتى الجمه ولم يحر أمامه جواباً .
ثم خرج بعد ذلك زيد من الشام حانقاً على هشام ، ثائراً على سياسته ، وتوجه إلى الكوفة ، ثم أراد أن يقصد المدينة إلا أن أهل الكوفة استغاثوا به وطلبوا منه الخروج على الامويين ، واعطوه على مناصرته العهود والمواثيق ، وبايعه على ذلك أربعون ألفا ـ وفي خبر : أنهم بلغوا ثمانين الفاً ـ فخرج بهم .
لقد كان زيد رحمه الله تعالى مشهوراً بالصلاح والورع والتقوى ، وكان صاحب فضل وعلم مشهود ، وكان أيضاً من أكثر الداعين إلى الرضا من آل محمد عليهم السلام ، ولم يدع الامامة لنفسه قطعاً ـ كما يدعي البعض ذلك ـ لادراكه قبل غيره موضع الحق وأهله ، ولكن وبعد النهاية المفجعة لثورته العارمة تلك ، وبالتحديد بعد ما يقارب من نصف قرن من الزمان وقع الخلاف من بعض الشيعة ـ والذي يعد من أوضح أسبابه شدة ضيقهم وبغضهم للامويين وسياستهم الظالمة الخرقاء ، وقساوتهم وشدة تنكليهم بالشيعة ـ حيث توهموا وادعوا بان الامامة لكل فاطمي دعا إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ، وكان من أهل العلم والشجاعة ، وكانت بيعته تجريد السيف للجهاد .
ومن هنا ونتيجة لرأي دعاة هذه الفرقة فان الامامة بعد مقتل زيد قد انتقلت إلى ولده يحيى الذي خرج بعد ذلك على الامويين ايضاً ، وحاربهم حتى قتلوه بعد فترة في الجوزجان ، وهكذا .
ومن هنا فإن هذه الطائفة من الشيعة قد كوّنت لها اراء مستقلة وخاصة بها ، تختلف مع العقائد الشيعية الاساسية في العديد من الموارد المعروفة ، والتي توسعت مع الإيام نتيجة لانقساماتهم وتفرقهم . . . وحيث يذهب المؤرخون الى أنهم انقسموا إلى ثلائة فرق : جارودية ، وسليمانية ، وبترية ، حين يضيف البعض الآخر اليهم فرقاً أكثر ؟ وإن كان النوبختي يذهب الى أن فرق الزيدية تشعبت من الجارودية .
وأتباع هذه الفرقة ـ أو الفرق ـ يشكلون اولى الفرق الاسلامية من سكان اليمن في عصرنا الحاضر .
راجع : فرق الشيعة : 21 و55 ، أوائل المقالات : 46 ، الفصول العشرة في الغيبة : 273 ، الملل والنحل 1 : 154 ، الامام زيد : 5 ، تأريخ المذاهب الاسلامية : 44 ، الفرق بين الفرق : 2.
(10) تفترق هذه الجماعة عن الشيعة الإمامية بقولهم أن الإمامة بعد الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام تنتقل لولده الأكبر اسماعيل ، لذهابهم إلى القول بنص الإمام عليه دون ولده ، ولذا فهم بين من يقول بوفاته الثابتة في حياة أبيه إلاّ أنه يرجع الامامة إلى ولده وأولهم محمد بن اسماعيل ؟ وبين من يقول ببقائه حيا إلى ما بعد وفاة أبيه ، وأن أباه عليه السلام أظهر موته خوفاً عليه من العباسيين .
وهكذا فان هؤلاء ينقسمون إلى قسمين اثنين : القسم الاوّل منهم يقف على محمد بن اسماعيل ولا يتجاوزه إلى غيره ، والقسم الثاني يتعداه ويجعل الامامة في سبعة سبعة ، بين ظاهر ومستور ، أولهم محمد بن اسماعيل ، ثم ولده جعفر المصدق ، ثم ولده محمد الحبيب ، وبعده عبدالله المهدي الذي ظهر في شمالي افريقيا والذي من ولده تكوّنت الدولة الفاطمية .
ومن ثم فان هذه الجماعة وبمرور الزمن بدأت تأخذ لنفسها جملة مستقلة من الآراء والمعتقدات الخاصة به كنتيجة منطقية لتشعبهم وتفرقهم ، ولعل من أوضح ذلك قول جماعة منهم ـ وهم السبعية ـ بأن الامامة تدور على سبعة سبعة ، كأيام الاسبوع والسموات والأرضين والافلاك ، وأن السبعة الأول أولهم علي عليه السلام وآخرهم اسماعيل بن جعفر ، وهم يمثلون الدور الأول والذي يبتدأ الثاني منه بمحمد بن اسماعيل ومن يليه من الأئمة المستورين السائرين في البلاد سراً ، وأن الامام السابع ينسخ شرائع من تقدمه . . . وهكذا .
انظر : فرق الشيعة : 67 ، الفصول المختارة من العيون والمحاسن : 308 ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : 78 ، تأريخ المذأهب الاسلامية : 54 ، الملل والنحل 1 : 167 .
(11) تطلق هذه التسمية على الأفراد والجماعات المنحرفة من الذين وقفوا على إمام من أئمة أهل البيت عليهم السلام ولم يذهبوا إلى القول بوجوب امتداد الامامة إلى من بعده من الأئمة كما هو ثابت ومنصوص عليه ، رغم أن هذه التسمية ، ولكثرة ما اشتهر من الذين وقفوا على الامام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام ، أخذت تنصرف إلى هذه الجماعة عند الاطلاق .
والحق يقال : أن هذه الظاهرة المنحرفة كانت تشكل حالة مرضية لايمكن الاعراض عنها واهمالها لما تمثله من تفكير فاسد ومنحرف وضع لبناته جملة مشخصة من الجماعات لاغراض ومآرب واضحة ومعروفة ، ولذا فقد تصدى لابطال شبهات ودعاوى هذه الجماعات أئمة أهل البيت عليهم السلام وكبار رجالات الطائفة وأعيانها ، ودعوا الناس إلى نبذهم وادراك اغراضهم من هذا الطرح الباهت والباطل .
ولعل المرور المتعجل على الاسباب التي نشأت من خلالها هذه الاطروحة الساقطة يبين بوضوح أن أولى تلك الاسباب كان الجشع والطمع والضعف قبال الثروات الهائلة التي أؤتمن عليها اؤلئك الرواد الأوائل لهذه الجماعات المنحرفة ، والتي كان ينبغي أن تخضع لوصاية الامام التالي للامام المتوفى ، والتي كانت أوضح صورها بعد استشهاد الامام موسى بن جعفر عليه السلام ، بعد غيبته التي امتدت لسنين طويلة في سجن الرشيد ، فكان وجود هذه الثروات الضخمة والطائلة بأيدي ذلك البعض ابان الظروف العسرة والشاقة التي احاطت بالشيعة ـ ولا سيما وامامهم مغيب في قعر السجون ، وهم دائماً تحت طائلة العقاب ، من سجن ونفي وتشريد وقتل ، بأيدي ازلام السلطة ، والعديد من عشاق المال والثروة ، وطلاب الجاة والشهرة ـ غنيمة باردة صورتها لهم نفوسهم المريضة ، وأفكارهم المضطربة أمام بريق هذا المال ووهجه البراق ، فكان أن وقع ما هو ليس بمستغرب ، بل وكثير ما نشاهده ونسمعه في كل زمان ومكان ، من انهيار البعض وسقوطه في هذا الامتحان الكبير. . . فلم يجد اولئك المفتونين ـ بعد قدح زناد الفكرـ حيلة ـ كما صورتها لهم أفكارهم الفاسدة ـ انسب من ادعاء عدم وفاة الامام الذي كان هو المصرف الاول لشؤون هذه الامة ، ومن له الحق المطلق في كيفية أنفاق هذه الاموال ، والقول بانه حي يرزق ، وأنه سيعود لتصريف هذه الشؤون ولو بعد حين . واذن فلا ولي لهذه الاموال في غيبة الامام ـ كنتيجة لقولهم هذا ـ إلا هم ، وهم أسياد في التصرف بما لا رقيب عليه . فطلبوا لدعواهم الباهتة هذه وزمروا ، وتشبثوا بها تشبثاً مستميتاً.
وكان من نتيجة ذلك ألموقف أن ردوا امامة ولده علي بن موسى الرضا عليه السلام ، وبقيت أيدهم حرة في التلاعب بتلك الاموال الطائلة .
نعم ، هذا الجانب كان يشكل الطرف الأهم في بروز ونشوء هذه الحالة المنحرفة لدى تلك الجماعات المنبوذة والمردودة ، وإن كانت هناك جملة اخرى من الاسباب الباهتة التي سوغت لهم هذا الموقف المشين والمخزي ، ومن ضمنها حالة الغرور والتكبر والتفرعن التي أصابت رواد تلك المدرسة المنحرفة مع تقادم السنين وتكدس الثروات بايدهم ، واحترام وتكريم الناس لهم ، فلم يكن هذا ليتوافق ـ في مخيلتهم المريضة ـ مع اذعانهم لامام يصغرهم سناً ، والانقياد لاوامره . . . مضافاً إلى غير ذلك من الشبهات والارتباكات الفكرية التي تفاعلت مع غيرها من الاسباب في صناعة هذه الفتنة الفاسدة والتي ليست هنا بمحل بحثنا.
راجع : فرق الشيعة : 54 ، 81 ، الفصول المختارة : 313 ، فوائد الوحيد البهبهاني : 40 ، معراج أهل الكمال في معرفة الرجال ( مخطوط ) ، الواقفية 1 : 18 وما بعدها ، الملل والنحل 1 : 167 .
(12) ذهبت هذه الجماعة إلى أن الامامة بعد الامام الصادق عليه السلام إلى ولده عبدالله المعروف بالافطح ، لشبهات دخلت عليهم ، إلا أنهم لايخالفون الامامية في الاعتراف ببقية الأئمة المنصوص عليهم باستثناء اضافتهم عبدالله الافطح اليهم ، حيث يقولون بامامة ثلاثة عشر ، وإن كان حياة عبدالله لم تمتد بعد أبيه الصادق عليه السلام إلا سبعين يوماً لا غير.
راجع : فرق الشيعة : 78 ، روضة المتقين 14 : 395 ، تنقيح المقال 1 : 194 ، الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة : 77 ، الملل والنحل 1 : 167 .
(13) تقدم الحديث عن ذلك ، فراجع .
(14) هذه الاحاديث وغيرها من التي تنحو عين منحاها ، روتها كتب العامة بكثرة وبأسانيد متعددة يصعب حصرها ، ولكن انظر على سبيل المثال لا الحصر : صحيح البخاري ( كتاب الاحكام ) صحيح مسلم ( كتاب الامارة ) ، سنن الترمذي ( كتاب الفتن ) ، مسند أحمد 1: 398 ، 406 ، و5 : 86 ، 90 ، 93 ، 98 ، 99 ، 101 ، 106 ، 107 ، المعجم الكبير للطبراني 2 : 412 .
(15) انظر : فتح الباري 8 : 77 ، الجامع لاحكام القرآن للقرطبي 12 : 297 ، البداية والنهاية 319:3.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page