إنّ مسألة الصحبة من المسائل التي أسالت حبراً كثيراً وصار حولها لغط كثير، فأهل السنّة عموماً يعتبرون الصحابة جزءاً لا يتجزأ من إيمان الفرد المسلم، وإذا طعن أي فرد بأيّ واحد من الصحابة فقد اقترف إثماً عظيماً ووزراً كبيراً.
لكن هذه المسألة ـ مسألة الصحابة ـ لو يتجرّد الباحث المسلم المنصف للخوض فيها فسيرى ويعلم علم اليقين أنّها لَيسَتْ من المعتقدات المهمة سواء التي اتفقت عليها طوائف المسلمين كالتوحيد والمعاد والنبوّة، ولا من التي اختُلِفَ حولها كالعدل والامامة.
فأركان الاسلام عند أهل السنة خمسة وهي: شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً رسول الله، والصلاة والزكاة وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً والايمان بالقضاء والقدر خيره وشرّه.
فأين الصحابة من هذه الاركان الخمسة التي يقوم عليها الاسلام؟!
وأما عند الشيعة فأُصول الدين خمسة وهي: التوحيد والعدل والنبوّة والمعاد، والامامة، وإن كان العدل والامامة من أركان وأُصول المذهب عندهم أي لا يكفر الانسان بإنكارها، وكما ترى فلا أثر للصحابة في هذه العقيدة ولا وجود لهم.
وأمّا الايمان، فكما اتفقت عليه كلمة المسلمين وكما ورد في القرآن فمؤسّس على الايمان بالله وكتبه ورسله والملائكة.
اقرأ قوله تعالى في سورة البقرة حيث يقول: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسِلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ)(1) .
وانظر إلى قوله تعالى في سورة النساء حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذيِنَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرُسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالكِتَابِ الَّذي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الاخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعيداً)(2) .
فأين محلّ الصحابة في هذا الايمان؟!!
ثم أليس لكلّ نبىّ صحابة؟! فإذا كان الايمان بصحابة رسول الله من ضرورات الاسلام أو من أركان الايمان، فلماذا لا يكون الايمان بصحابة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى كذلك؟!
ثم بأيّ دليل من الكتاب والسنّة نجد أن الايمان بمسألة الصحابة جميعاً واجب علينا كالايمان بالله ورسوله؟!
____________
1) سورة البقرة: 285.
2) سورة النساء: 136.
الولوج في البحث
- الزيارات: 1983