طباعة

ومن كلام له في المعنى

قاله لذعلب اليماني ، وقد سأله : هل رأيت ربك ؟ فقال . أفأعبد من (1)لا أرى؟ !قال : وكيف تراه ، قال : لاتدركه العيون بمشاهدة العيان ، ولكن تدركه القلوب بحقائقالايمان ، قريب من الأشياء غير ملامس ، بعيد منها غير مباين متكلم لا بروية، مريدلا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لايوصف بالخفاء، كبير لايوصف بالجفاء، بصيرلا يوصف بالحاسة، رحيم لايوصف بالرقة، تعنو الوجوه لعظمته ، وتوجل (2) القلوب منمخافته (3).
الذي (4) لم يسبق له حال حالا، فيكون أولا قبل أن يكون اخرا، ويكونظاهرا قبل أن يكون باطناً كل مسمى بالوحدة غيره قليل ، وكل عزيز غيره ذليل ،وكل قوي غيره ضعيف ، وكل مالك غيره مملوك ، وكل عالم غيره متعلم ، وكل قادرغيره يقدر ويعجز، وكل سميع غيره يصم عن لطيف الأصوات ويصمه كبيرهاويذهب عنه مابعد منها، وكل بصير غيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام ،وكل ظاهرغيره غير باطن ، وكل باطن غيره غير ظاهر، لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ،ولا تخوف من عواقب زمان ، ولا استعانة على ند مثاور، ولا شريك مكاثر(5)، ولا ضدمنافر، ولكن خلائق مربوبون وعباد داخرون ، لم يحلل في الاشياء فيقال : هوفيهاكائن ، ولم ينأ عنها فيقال : هو منها بائن ، لم يؤده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ماذرأ، ولاوقفبه عجزعما خلق ، ولا ولجت عليه شبهة فيما قدر وقضى ، بل قضاء متقن ، وعلم محكم ،وأمر مبرم ، المأمول مع النقم ، المرهوب مع النعم (6).
____________
1 ـ في النهج : ما.
2 ـ في النهج: وتجب .
3 ـ نهج البلاغة 2 : 120 | 174 .
4 ـ في النهج : الحمد لله الذي.
5 ـ في النهج : مكابر.
6 ـ نهج البلاغة 1: 107 | 62 . وفيه من : الذي لم يسبق .