• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

خطبة للإمام‌ علي في فضل القران

وقال عليه السلام :« فإن أطعتموني حملتكم - إن شاء ألله - على سبيل الجنة ،وإن كان ذا مشقة شديدة، ومذاقة مريرة.
وسبيل أبلج المنهاج أنورالسراج ، بالإيمان يستدل على الصالحات ،وبالصالحات يستدل على الإيمان ، وبالإيمان يعمر العلم، وبالعلم يرهب الموت ، وبالموتتختم الدنيا، وبالدنيا تحرز الآخرة، وإن الخلق لامقصر لهم عن القيامة، مرقين (1) فيمضمارها إلى الغاية ألقصوى .
قد شخصوا من (2) مستقر الأجداث ، وصاروا إلى مضائق الغايات ، لكل دارأهل لايستبدلون بها ، ولا ينفكون عنها، وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لخلقانمن خلق الله ، وانهما لايقربان من أجل ، ولا ينقصان من رزق ، وعليكم بكتاب اللهّ،فإنه الحبل المتين ، والنور المبين ، والشفاء النافع ، والري الناقع ، والعصمة للمستمسك بها ،والنجاة للمتعلق به ، لايعوج فيقوم ، ولا يزيغ فيستعتب ، لاتخلقه كثرة ألرد وولوجألسمع ، من قال به صدق ومن عمل به سبق».
فقام إليه رجل فقال : أخبرنا عن الفتنة .
فقال : «لمّا انزل الله تعالى قوله (الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهملايفتنون)(3) علمت أن الفتنة لاتنزل بنا ورسول الله بين أظهرنا، فقلت : يا رسول الله ،ما هذه الفتنة التي أخبرك الله بها؟ فقال : يا علي ، إن امتي سيفتنون من بعدي ، فقلت :يا رسول الله أوليس قلت لي في يوم احد، حيث استشهد من استشهد من المسلمين ،وحيزت الشهادة عني فشق ذلك علي ، فقلت لي : ابشر، فإن الشهادة من ورائك ؟ فقاللي : إن ذلك لكذلك ، فكيف صبرك إذاً؟ فقلت : يا رسول الله ، ليس هذا من مواطنالصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر. فقال يا: يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم،ويمنون. بدينهم على ربهم ، ويتمنون رحمته ، ويأمنون سطوته ، ويستحلون حرامه بالشبهاتالكاذبة والأهواء الساهية، فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية، والربا بالبيع .فقلت : يا رسول الله ، فبأي المنازل أنزلهم عند ذلك، أبمنزلة ردة، أم بمنزلة فتنة؟ فقال : بمنزلة فتنة»(4).
وقال عليه السلام : «يأتي على الناس زمان ، يبايع فيه المضطرون ، وقد نهىرسول الله عن بيع المضطرين»(5).
وقال عليه السلام - في خطبة له يذكر فيها فضل القرآن وشيئاً منمواعظه -: «انتفعوا ببيان الله ، واتعظوا بمواعظ الله واقبلوا نصيحة الله ، فإن الله قد أعذرإليكم بالجليلة، واتخذ عليكم الحجة، وبين لكم محابّهُ من الأعمال ومكارهه منها ؛لتبغوا هذه وتتجنٌبوا هذه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول : إن الجنةحفت(6) بالمكارة، وان النار حفت بالشهوات .
واعلموا، أنه مامن طاعة الله شيء إلا يأتي في كره ، ومامن معصية الله[شئ] (7)إلا يأتي في شهوة، فرحم الله رجلاً نزع عن شهوته ، وقمع هوى نفسه ، فإنهذه النفس أبعد شيء منزعاً، وإنّها لاتزال تنزع إلى المعصية في هوى .
واعلموا - عباد الله - أنّ المؤمن لايصبح ولا يمسي إلا ونفسه ظنون (8) عنده ،فلا يزال زارياَ عليها ، ومستزيداً لها، فكونوا كالسابقين قبلكم والماضين أمامكم،قوضوا(9) من الدنيا تقويض الراحل ، وطووها طي المنازل .
واعلموا أن هذا القرآن هوالناصح الذي لايغش ، والهادي الذي لايضل ،والمحدّث الذي لايكذب ، وما جالس هذا القران أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان ،زيادة في هدى، ونقصان من عمى .
واعلموا أنه ليس على أحد بعد القران من فاقة، ولا لأحد قبل القران من غنى ،فاستشفوه من أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم ، فإن فيه شفاء من أكبر الداء،وهو الكفرو النفاق ، والغي والضلال ، واسألوا الله به ، وتوجهوا إليه بحبه ، ولا تسألوا بهخلقه ، فإنه ما توجه العباد إلى الله بمثله .
واعلموا أنه شافع مشفع ، وشاهد مصدق ، وأنه من شفع له القران يوم القيامةشفع فيه ، ومن محل (10) به القران يوم القيامة صدق عليه ، وانه ينادي مناد يوم القيامة:ألا إن كل حارث مبتلىً في حرثه وعاقبة عمله غير حرثة القرآن ، فكونوا من حراثهوأتباعه ، واستدلّوه على ربكم ،واستنصحوه على أنفسكم ، واتهموا عليه آراءكم ،واستغشوا فيه أهواءكم ،العمل (العمل ثم النهاية النهاية، والإستقامة الإستقامة، ثم الصبرالصبر، والورع الورع)(11) .
إن لكم نهاية فانتهوا إليها، وإن لكم علماً فاهتدوا بعلمكم ، وإن للأسلامغاية فانتهوا إلى غايته، واخرجوا إلى الله مما افترض عليكم من حقه ، وبين لكم منوظائفه ، أنا شاهد لكم وحجيج يوم القيامة عنكم ، ألا وإن القدر السابق قد وقع ،والقضاء الماضي قد تورد، وإني متكلم بعِدَةِ الله وحجته ، قال الله تعالى :(ان الذين قالواربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم المَلائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتمتوعدون)(12) وقد قلتم : ربنا الله ، فاستقيموا على كتابه ، وعلى منهاج أمره ، وعلى الطريقةالصالحة من عبادته ، ولا تمرقوا منها، ولا تبدعوا فيها، ولاتخالفوا عنها، فإن أهل المروقمنقطع بهم عند الله يوم القيامة.
ثم إياكم وتهزيع (13) الاخلاق وتصريفها ، واجعلوا اللسا ن واحداً ، وليخزن الرجللسانه ، فإن هذا اللسان جموح المصاحبة، والله ما أرى أحداً يتقي تقوىً تنفعه حتى يختزنلسانه ، فإن لسان المؤمن من وراء قلبه ، وإن قلب المنافق من وراء لسانه ، لأن المؤمن إذاأراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه ، فإن كان خيراً أبداه ، وإن كان شراً واراه ، وإنالمنافق يتكلم بما أتى على لسانه ، لايدري ماذا عليه مما له ، وقد قال رسول الله صلى اللهعليه وآله : لايستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فمناستطاع منكم أن يلقى اللهّ - سبحانه - وهو نقي الراحة من دم المسلمين وأموالهم ،سليم اللسان من أعراضهم ، فليفعل .
واعلموا -عباد الله - أن المؤمن يستحل العام ما استحل عاماً أول ، ويحرّم العام ما حرّم عاماً أول ، وإن أول ما أحدث الناس البدع ، ولا يحل لكم شيء مما حُرّمعليكم ، ولكن الحلال ما أحلّ الله ، والحرام ما حرّم الله ، فقد جربتم الاُموروصرفتموها، ووعضتم بمن كان قبلكم ، وضربت الأمثال لكم ، ودعيتم إلى الأمرالواضح ، فلا يصم عن ذلك إلأّ أصم ، ولا يعمى عنه إلاّ أعمى، ومن لم ينفعه الله تعالىبالبلاء والتجارب ، لم ينتفع بشيء من العظة، وأتاه التقصيرمن أمامه ، حتى يعرف ماأنكر، وينكر ما عرف ، وإنما الناس رجلان : متّبع شرعة، ومبتدع بدعة، ليسّ معه منالله سبحانه برهان سنة، ولاضياء حجة، وان الله - سبحانه - لم يعظ أحداً بمثل هذاالقران ، فإنه حبل الله المتين ، وسببه الأمين ، وفيه ربيع القلب ، وينابيع العلم ، وماللقلب جلاء غيره ، مع أنه قد ذهب المتذكرون ، وبقي المتناسون والناسون ، فإذا رأيتمخيراً فأعينوا عليه ، وإذا رأيتم شراً فاذهبوا عنه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمكان يقول : يا ابن ادم ، اعمل الخير، ودع الشر، فإذا أنت جواد قاصد.
ألا وإن الظلم ثلاثة : فظلم لايغفر، وظلم لايترك ، وظلم مغفور لايطلب .
فأما الظلم الذي لايغفر، فالشرك باللهّ تعالى، قال الله تعالى :(إن الله لايغفرأن يشرك به)(14)و أما الظلم الذي لايترك ، فظلم العباد بعض لبعض .وأما الظلم الذي يغفر، فظلمالعبد نفسه عند بعض الهنات (15).
القصاص هناك شديد، ليس هوجرحاً بالمدى، ولاضرباً بالسياط ، لكنه مايستصغر ذلك معه ، فإياكم والتلون في دين الله ، فإن جماعة فيما تكرهون من الحق ، خيرمن فرقة فيما تحبون من الباطل ، وإن الله سبحانه لم يعط أحداَ بفرقة خيراً، ممن مضى ولافيمن بقي .
يا أيها الناس ، وطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، وطولا لمن لزم بيته ،وأكل قوته ،واشتغل بطاعة الله ، وبكى على خطيئته ، فكان من نفسه في شغل ، والناسمنه في راحة»(16).
وقال عليه السلام لبعض أصحابه : «واعلم أن الدنيا داربلية، لم يفرغ صاحبها ساعة قط ، إلا كانت فرغته عليه حسرة يوم القيامة»(17).
وقال عليه السلام : «العلم وراثة كريمة، والاداب حلل مجددة، والفكر مرآةصافية، وصدرالعاقل صندوق سره ، والبشاشة حبالة المودة، والاحتمال ينفيالعيوب »(18).
____________
1 - أرقل في سيره : أسرع «الصحاح - رقل - 4 : 1712».
2 - في الأصل : في ، وما اثبتناه من المصدر.
3 - العنكبوت 29 : 1 ، 2 .
4 - نهج البلاغة 2 : 62 | 151، من كلام له عليه السلام خاطب به أهل البصرة .
5 - نهج البلاغة 3 : 264 |468 .
6 - في الأصل : حجبت ، وما أثبتناه من النهج .
7 - أثبتناه من النهج.
8 - الظنون : التي يظن فيها الظنون ، يعني انها متهمة عنده . اُنظر«الصحاح - ظن - 6 : 2160»
9 - تقوضت الصفوف : تفرقت «الصحاح - قوض - 3: 1103».
10 - محل به : كاده ، ورفع أمره إلى السلطان « الصحاح -محل - 5: 1817»».
11 - في الأصل : العمل به الاستقامة الاستقامة ثم الصبر والورع ، وما أثبتناه من النهج.
12 - فصلت 41 : 30.
13 - ألتهزيع : التكسير والدق .
«الصحاح - هزع - 3 : 1356 » .
14 - النساء 4 : 48 .
15 - الهنات : جمع هنة وهي الشيء اليسير. والمراد ألمظالم الصغيرة لنفسه . أنظر(القاموس المحيط-هنو-404:4).
16 - نهج البلاغة 2 : 109 |171 .
17 - نهج البلاغة 3 : 127 | 59 ، من كتاب له عليه السلام إلى الاسود بن قطيبة صاحب جندحلوان .
18 - نهج البلاغة 3 : 152 | 4 ، 5 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page