طباعة

من أخبار الخضر عليه السلام

الحديث الخامس: عن أبي أمامة (1) أن رسول الله صلى الله عليه واله ، قال- ذات يوم - لأصحابه : «ألا أحدثكم عن الخضر؟»
قالوا: بلى، يا رسول الله .
قال : «بينا هو يمشي في سوق من أسواق بني إسرائيل ، أبصره مكاتب (2) فقال :تصدق علي بارك الله فيك .
قال الخضر:آمنت بالله ، ما يقضي الله يكون ، ما عندي من شيء أعطيكه .
قال المسكين : بوجه الله ، لمّا تصدقت عليّ ، إني رأيت الخير في وجهك ،ورجوت الخير عندك .
قال الخضر: امنت بالله ، إنك سألتني بأمر عظيم ، ما عندي من شيء اُعطيكه،إلا أن تأخذني فتبيعني .
قال المسكين : وهل يستقيم هذا؟
قال: الحق أقول لك ، إنك سالتني بأمر عظيم ، سألتني بوجه ربي عز وجل ، أماأني لا أخيبك مسألتي بوجه ربي ، فبعني .
فقدمه إلى السوق فباعه بأربع مائة درهم ، فمكث عند المشتري زماناً لا يستعملهفي شيء .
فقال الخضر عليه السلام : إنما ابتعتني التماس خدمتي ، فمرني بعمل .
قال : إني أكره أن أشقّ عليك ، إنك شيخ كبير.
قال : لست تشقّ علي .
قال : فقم فانقل هذه الحجارة .
قال : وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم ، فقام فنقل الحجارة في ساعته.
فقال له : أحسنت وأجملت ، وأطقت ما لم يطقه أحد.
قال : ثم عرض للرجل سفر، فقال : إني أحسبك أميناً، فاخلفني في أهلي خلافةحسنة، وإني اكره أن أشق عليك .
قال : ليس تشق علي .
قال: فاضرب من اللبن شيئاً - أوقال لَبِّن - حتى أرجع إليك .
قال : فخرج الرجل لسفره ورجع وقد شيد بناؤه .
فقال له الرجل : أسألك بوجه الله ، ما حسبك وما أمرك .
قال : إنك سألتني بأمر عظيم ، بوجه الله عز وجل ، ووجه الله عز وجل أوقعني فيالعبودية، وسأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به ، سألني مسكين صدقة ولم يكنعندي شيء أعطيه ، فسألني بوجه الله عز وجل ، فأمكنته من رقبتي فباعني .
فأخبرك : أنه من سئل بوجه الله عز وجل ، فردّ سائله وهو قادر على ذلك ، وقفيوم القيامة، ليس لوجهه جلد ولا لحم ولا دم إلا(3) عظم يتقعقع (4).
قال الرجل : شققت عليك ولم أعرفك .
قال : لا بأس ، أبقيت وأحسنت .
قال : بأبي أنت واُمي ، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله عز وجل ، أم أخيّركفاُخلّي سبيلك .
فقال : أحبُّ إلي أن تخلّي سبيلي فأعبد الله فخلى سبيله .
قال الخضر: الحمد لله الذي أوقعني في العبودية، وأنجاني منها(5)».
____________
1 ـ هو صُديّ بن عجلان بن وهب أبو أمامة الباهلي ، روى عن النبي (ص) وعنه محمد بن زيادالالهاني ، مات سنة 81 وقيل : سنة 86، وهو آخرمن مات بالشام من الصحابة، اُنظر «اُسد الغابة5 : 138 ،تهذيب التهذيب 4 : 420 و12 : 13 ، الكنى والاسماء للدولابي: 13 ».
2 - في البحار: إذ بصر به مسكين ، والظاهر هو الصواب ، لما يأتي في متن الحديث ، والمكاتب : هو العبديكاتب على نفسه بثمنه، فإذا أدّاه عتق «الصحاح - كتب - 1: 209».
3 ـ في الأصل : ولا، وما أثبتناه من البحار.
4 ـ القعقعة : حكاية حركة الشيء يسمع له صوت. «العناية- قعقع - 4 : 88».
5 - رواه العسقلاني في الإصابة في تمييز الصحابة 1: 434 ، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 13 :321 | 55عن أعلام الدين .