• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في نبذة مما صح عند أهل السنة والجماعة من الأحاديث الدالة على أن من قال " لا إله إلا الله محمد رسول الله " محترم دمه وماله وعرضه

أوردناها لينتبه الغافل ويقنع الجاهل ، وليعلما أن أمر المسلمين ليس كما يزعمه إخوان العصبية ، وأبناء الهمجية ، وحلفاء الحمية ، حمية الجاهلية ، الذين شقوا عصا المسلمين وأضرموا نار الفتن بينهم ، حتى كانوا أوزاعا وشيعا ، يكفر بعضهم
بعضا ، ويتبرأ بعضهم من بعض ، من غير أمر يوجب ذلك ، إلا ما نفخته الشياطين ، أو نفثته أبالسة الأنس الذين هم أنكى للإسلام من نسل آكلة الأكباد ، وهذا عصر العلم . عصر الإنصاف ، عصر النور ، عصر التأمل في حقائق الأمور ، عصر
الإعراض عن كل تعصب ذميم ، والأخذ بكتاب الله العظيم ، وسنة نبيه الكريم ، وإليك منها ما عقد الفصل لذكره :
أخرج البخاري في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن : إنك ستأتي قوما أهل كتاب ، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ،
فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لك بذلك ، فإياك وكرائم أموالهم - الحديث ( 1 ) .
وتراه ينادي بثبوت الإسلام لهم بمجرد طاعتهم له بذلك ، بحيث تكون أموالهم حينئذ فضلا عن أعراضهم ودمائهم محترمة كغيرهم من أفضل أفراد المؤمنين .
ومثله في باب فضائل علي عليه السلام من الجزء الثاني من صحيح مسلم ( 2 ) قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا عطين هذه الراية رجلا يحب الله ورسوله ( وفي رواية أخرى هي في الصحاح أيضا ويحبه الله ورسوله )
يفتح الله على يديه . قال عمر بن الخطاب : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، فتساورت لها رجاء أن أدعى لها . قال : فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب فأعطاه إياها وقال : إمش ولا تلتفت . قال فسار علي شيئا ثم وقف ولم يلتفت ، فصرخ يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس ؟ قال : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم .
وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أسامة بن زيد قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمنا هم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله ، فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وآله ذلك فقال : يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله ؟ قلت : كان متعوذا . قال : فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم .
قلت : ما تمنى ذلك حتى اعتقد أن جميع ما عمله قبل هذه الواقعة ( من إيمان وصحبة وجهاد وصلاة وصوم وزكاة وحج وغيرها ) لا يذهب عنه هذه السيئة ، وأن أعماله الصالحة بأجمعها قد حبطت بها .
ولا يخفى ما في كلامه من الدلالة على أنه كان يخاف أن لا يغفر له ، ولذلك تمنى تأخر إسلامه عن هذه الخطيئة ليكون داخلا في حكم قوله ( ص ) : " الإسلام يجب ما قبله " .
وناهيك بهذا دليلا على احترام لا إله إلا الله وأهلها ، وإذا كانت هذه حال من يقولها متعوذا فما ظنك بمن انعقدت بها نطفته ثم رضعها من ثديي أمه ، فاشتد عليها عظمه ونبت بها لحمه وامتلأ من نورها قلبه ودانت بها جميع جوارحه ، فلينته أهل العناد عن غيهم وليحذروا غضب الله تعالى وسخط نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم .
وفي الصحيحين بالإسناد إلى المقداد بن عمرو أنه قال : يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله ، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : لا تقتله ، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ( 3 ) وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ( 4 ) .
قلت : ليس في كلام العرب ولا غيرهم عبارة هي أدل على احترام الإسلام وأهله من هذا الحديث الشريف ، وأي عبارة تكايله في ذلك أو توازنه ، وقد قضى بأن المقداد على سوابقه وحسن بلائه لو قتل ذلك الرجل لكان بمنزلة الكافرين المحاربين لله ولرسوله ، وكان المقتول بمنزلة واحد من أعاظم السابقين وأكابر البدريين الأحديين ، وهذه أقصى غاية يؤمها المبالغ في احترام أهل التوحيد ، فليتق الله كل مجازف عنيد .
وأخرج البخاري في باب بعث علي عليه السلام وخالد إلى اليمن : أن رجلا قام فقال : يا رسول الله اتق الله . فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ويلك ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله . فقال : خالد يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال صلى الله عليه وآله : لا ، لعله أن يكون يصلي ( 5 ) .
قلت : أعظم بهذا الحديث ودلالته على احترام الصلاة وأهلها ، وإذا كان احتمال كونه يصلي مانعا من قتله ، وقد اعترض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهرة وكاشفه علانية ، فما طنك بمن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم الشهر ويحج البيت ويحلل الحلال ويحرم الحرام ، ويتعبد يقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) وفعله وتقريره ، ويقترب إلى الله تعالى يحبه وبموالاة أهل بيته ويرجو رحمة الله عز وجل بشفاعته متمسكا بثقليه معتصما بحبليه ، ويوالي وليه وإن كان قاتل أبيه ويعادي عدوه وإن كان خاصته وأهليه . وأخرج البخاري في باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان ، حيث ذكر مقتل عمر " رض " والحديث طويل ، وفيه : يا بن عباس انظر من قتلني ؟ فجال ساعة ثم جاء فقال : غلام المغيرة .
قال : الصنع ؟ قال : نعم . قال قاتله الله لقد أمرت به معروفا ، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام ، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة . فقال : إن شئت قتلناهم . قال : كذبت بعد أن تكلموا بلسانكم ( أي أقروا بالشهادتين ) وصلوا قبلتكم وحجوا حجتكم . . الحديث .
والظاهر من قوله " الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام " - بقرينة ما ستسمعه من رواية ابن قتيبة وابن عبد البر - إنه كان يخشى أن يكون قاتله مسلما فيغفر له بسبب إسلامه ، فلما عرف أنه ممن لا يدعي الإسلام علم أن الله آخذ بحقه على كل حال ، وفي هذا من الدلالة على حسن عواقب المسلمين ما لا تسعه عبارة .
ثم إذا نظرت إلى إنكاره على ابن عباس ، وقوله له مع جلالته " كذبت " إلى آخر كلامه ذلك دلك على احترام أهل الشهادتين والصلاة والحج كيف كانوا .
وفي صفحة 26 من كتاب الإمامة والسياسة للإمام المجمع على فضله ابن قتيبة المتوفى سنة مائتين وسبعين : أن عمر لما أخبر أن قاتله غلام المغيرة قال : الحمد لله الذي لم يقتلني رجل يحاجني بلا إله إلا الله يوم القيامة .
وروى الحافظ أبو عمرو يوسف بن عبد البر القرطبي في ترجمة عمر من الاستيعاب أنه قال لولده عبد الله . الحمد لله الذي لم يجعل قتلي بيد رجل يحاجني بلا إله إلا الله ا ه‍ .
قلت : إذا كان صاحب لا إله إلا الله بحيث لو قتل عمر بن الخطاب وهو الخليفة الثاني لحاجة بها فأمر أهل التوحيد إذن سهل يسير ، فليتق الله أهل الشقاق ولينهض رجال الاصلاح بأسباب الوئام والوفاق ، فقد نصب الغرب لنا حبائله ووجه نحونا قنابله وأظلنا منطاده بكل صاعقة وأقلنا نفقه بكل بائقة وأحاط بنا أسطوله وضربت في أطلالنا طبوله ، ولئن لم يعتصم المسلمون بحبل الاجتماع ويبرؤا إلى الله من هذا النزاع ليكونن أذلاء خاسئين وأرقاء صاغرين ( أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا ) .
وأخرج البخاري عن أنس " رض " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأموالهم ا ه‍ .
قلت : هل بقي بعد هذه الأحاديث الصحيحة والنصوص الصريحة ملتمس لشغب المشاغب ومطمع يتشبث به الناصب ؟ كلا ورب محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، إن دين الإسلام برئ ما يزعمه المرجفون ، مناقض لما يحاوله المجحفون ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .
وفي الصحيحين بالإسناد إلى ابن عمر " رض " قال : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو بمنى - قد أشار إلى مكة المعظمة - : أتدرون أي بلد هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : فإن هذا بلد حرام ، أتدرون أي يوم هذا ؟ قالوا : الله
ورسوله أعلم . قال : إنه يوم حرام ، أتدرون أي شهر هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : شهر حرام . قال : فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا ا ه‍ .
والصحاح الستة وغيرها مشحونة من هذه الأخبار ، وهي أشهر من الشمس في رائعة النهار .
فليت شعري أي عذر لمن اعتمد عليها ، وانحصر رجوعه في أحكام الدين إليها ، ثم خالف في ذلك أحكامها ونبذ وراء ظهره كلامها ( 6 ) بلى إنهم مرجفون والأمر على خلاف ما يظنون .
________________________
(1)  وأخرجه مسلم في صحيحه بالإسناد إلى ابن عباس أيضا . ولا يخفى تقييده بما دل على اشتراط طاعتهم له في الصوم والحج والخمس من الصحاح الآخر .
(2) وهو موجود في باب غزوة خيبر من الجزء الثالث من صحيح البخاري ، وفي باب مناقب علي عليه السلام من الجزء الثاني منه أيضا بنوع ما من التغيير في الألفاظ . ( * )
(3) يعني أنه يكون من عدول المؤمنين ، لأن المقداد كان كذلك .
(4) يعني أنه يكون بمنزلة الكافر الحربي ، لأن المقتول كان كذلك قبل أن يقول كلمته التي قالها . ( * )
(5) وأخرجه أحمد بن حنبل من حديث أبي سعيد الخدري في صفحة 4 من الجزء الثالث من مسنده . ومثله وما نقله العسقلاني في الإصابة في ترجمة سرحوق المناطق من أنه لما أتى به ليقتل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . هل يصلي ؟ قالوا : إذا رآه الناس . قال : إني نهيت أن أقتل المصلين ا ه‍ .
وكذلك ما أخرجه الذهبي في ترجمة عامر بن عبد الله ابن يساف من ميزانه بسند ضعيف عن أنس قال : ذكر عند النبي ( ص ) رجل فقيل ذلك كهف المنافقين فلما اكثروا فيه رخص لهم في قتله ثم قال : هل يصلي ؟ قالوا : نعم لا خير فيها . قال ( ص ) : إني نهيت عن قتل المصلين . قلت : إذا كانت هذه حاله مع المنافقين المرائين بصلاتهم فما ظنك بالمحافظين عليها والخاشعين المخلصين لله فيها . ( * )
(6) كالشيخ نوح الحنفي حيث أفتى - مع وجود هذه الصحاح وأمثالها - بتكفير الشيعة ، وأوجب قتالهم ، وأباح قتلهم وسبي ذراريهم ونساءهم ، سواء تابوا أم لم يتوبوا ، فراجع فتواه هذه في باب الردة والتعزير ، من كتاب الفتاوي الحامدية الشهير ، وسنذكرها بعين لفظه في الفصل التاسع من هذه الفصول ، مزيفين لها بالأدلة القاطعة والبراهين الناصعة ، فراجع ذلك الفصل وأعلم أن الفصول الثمانية التي قبله إنما هي مقدمة للرد على هذه الفتوى القاسية ، وما ألفنا هذا الكتاب إلا لهذه الغاية ؟ إذ لم أجد أحدا قام بهذا الواجب ، والحمد لله على التوفيق لأدائه كما يجب . ( * )


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page