طباعة

التشاور دأب النبلاء

التشاور دأب النبلاء

وهنا أخذ الأمير السيد أحمد يشاور اخوته وغيرهم من ذوي الرأي والحجى من رجال القافلة في الأمر، فلم يوافق أحد منهم على الرجوع، وأجمعوا على مواصلة السفر إلى خراسان مهما كلفهم الأمر، فجعلوا النساء في مؤخرة القافلة، والأقوياء من الرجال المجاهدين في المقدمة، وأخذوا يواصلون سفرهم.

وتحرك (قتلغ خان) بجيشه وقطع عليهم الطريق، وكلما نصحهم السادة أبناء رسول الله (ص) بتخلية الطريق لم ينفعهم نصحهم، وانجر الموقف إلى المناوشة والمقاتلة، ومنها شبت نيران الحرب والقتال بين الطرفين، فحمى الوطيس وانهزم جيش المأمون على أثر مقاومة بني هاشم وشجاعتهم.

فتوسل (قتلغ خان) بالمكر والخديعة وأمر جماعة من رجاله أن يصعدوا على التلال وينادوا بأعلى أصواتهم: يا أبناء علي وشيعته! إن كنتم تظنون أن الرضا سوف يشفع لكم عند الخليفة، فقد وصلنا خبر وفاته، وجلوس الخليفة في عزاءه، فلماذا تقاتلون؟! فإن الرضا قد مات!!

أثرت هذه الخديعة أثرا كبيرا في انهيار معنويات المقاتلين والمجاهدين، فتفرقوا في ظلام الليل وتركوا ساحة القتال، وبقي أبناء الرسول (ص) وحدهم، فأمر الأمير السيد أحمد اخوته ومن بقي معه أن يرتدوا ملابس أهل القرى ويتزيّوا بزيهم، ويتفرقوا في سواد الليل، ويتنكبوا عن الطريق العام حتى يسلموا على أنفسهم ولا يقعوا في يد (قتلغ خان) ورجاله، فتفرقوا من هنا وهناك، في الجبال والقفار مشردين مطاردين.

وأما الأمير السيد أحمد، وكذا السيد محمد العابد، والسيد علاء الدين، فقد دخلوا شيراز مختفين، وانفرد كل منهم في مكان منعزل وانشغل في عبادة ربه.

نعم يقال: أن المراقد المنسوبة إلى أل النبي (ص) في إيران وخاصة النائية منها في القرى وبين الجبال، أكثرها لأصحاب تلك الوقعة الأليمة.