• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

هجرتنا الى طهران

هجرتنا الى طهران

في أواخر أيام الملك فتح علي القاجاري، تشرف جدنا السيد حسن الواعظ الشيرازي ـ طاب ثراه ـ بزيارة مرقد الإمام الرضا علي بن موسى عليه السلام، وعند رجوعه من خراسان وصل طهران العاصمة فاستقبله أهلها والعلماء، وتوافدوا إلى منزله يزورونه ويرحبون بقدومه، وجاء وفد من قبل جلالة الملك وبلغوه تحية جلالته ورغبته في أن يجعل السيد محل إقامته في العاصمة، فلبى جدنا دعوة الملك وأجابوه بالقبول.

وكانت المساجد آنذاك في طهران، تختص بصلوات الجماعة وبيان المسائل الشرعية، ولم تنعقد فيها مجالس الخطابة ـ المتداولة في زماننا ـ وكانت التكايا والحينيات تختص بعرض التمثيليات عن وقائع عاشوراء الدامية واقامة العزاء والشعائر الحسينية.

وكانت " تكية الدولة " من أهم التكايا والحسينيات، فطلب جدنا من الملك أن ينصب منبرا للخطابة والتبليغ والإرشاد ـ على النحو المتعارف في زماننا ـ في كل حسينية وتكية.

فأيد الملك ذلك وبدأ بتكية الدولة، ودعا فضيلته ليخطب ويفيد الناس فصعد جدنا المنبر في تكية الدولة فوعظ وبلغ وأرشد الناس إلى حقائق الدين وتعاليم المذهب، وبعد ذلك رثى سيد الشهداء الحسين عليه السلام وأبكى الحاضرين.

فاستقبل الناس طريقته بحضورهم المتكاثف، واستمر مجلسه ليالي كثيرة في ذلك المكان، وبعده دعي على تكية أخرى، وهكذا كان جدنا مؤسس مجالس الوعظ والخطابة، وأول من وضع منبر التوجيه الديني والارشاد المذهبي في طهران.

ثم لما رأى جدنا السيد حسن الواعظ، استقبال الناس لمجالسه وحديثه، أرسل كتابا إلى والده السيد اسماعيل، أحد مجتهدي شيراز، وطلب منه أن يبعث بعض أولاده إلى طهران، وكان له أربعون ولدا فانتخب منهم:

1ـ السيد رضا، وكان فقيها مجتهدا، 2 ـ السيد جعفر، 3 ـ السيد عباس، 4 ـ السيد جواد، 5 ـ السيد مهدي، 6 ـ السيد مسلم، 7 ـ السيد كاظم، 8 ـ السيد فتح الله.

وأمرهم ان يهاجروا الى طهران ليعينوا أخاهم السيد حسن في إدارة مجلس الوعظ والإرشاد، ويطيعوه لنه كان أكبرهم وأفضلهم.

فأقام هؤلاء السادة في طهران واشتهروا فيها وفي المدن المجاورة لها، بحسن أخلاقهم وإيمانهم وبعذوبة بيانهم وحلاوة كلامهم.

فطلب أهالي قزوين من السيد احسن أن يبعث إليهم بعض إخوته، ليقيموا هناك ليرشدوهم ويعلموهم الدين.

فبعث إليهم السيد مهدي والسيد مسلم والسيد كاظم، فسكنوا قزوين وقاموا فيها بأمر التبليغ والتوجيه الديني، وخلفوا أولادا يعرفون بالسادة المجابية، وعددهم اليوم كثير في قزوين.

وأما السيد حسن مع بقية اخوانه فقد سكنوا طهران وعقدوا فيها مجالس كثيرة للتوجيه والإرشاد، فخدموا الدين وأهله خدمة جليلة عن طريق المحراب والمنبر.

وبعد أن توفي جدنا السيد حسن ـ قدس سره ـ سنة 1291 هـ، تعينت نقابة السادة المجابية والعابدية في ولده الأكبر، السيد قاسم، بحر العلوم، وهو والد والدي، وكان عدد رجال هذا البيت الشريف يبلغ ألفا آنذاك، وكانت مؤهلات وشرائط الرئاسة مجتمعة في السيد قاسم، من الزهد والورع والعلم والحلم وحسن الخلق، فكان يحوي العلوم العقلية والنقلية، وعلم الأصول والفروع، واشتهر في زمانه بالعلم وحسن التدبير والإدارة.

وتوفي سنة 1308هـ ونقل جثمانه إلى العراق، وشيع في مدينة كربلاء المقدسة بكل عز واحترام، ودفن عند مرقد جده الإمام الشهيد الحسين بن علي عليه السلام، بجنب قبر والده السيد حسن الواعظ ـ طاب ثراه ـ وبعده انتقلت نقابة السادة العابدية والمجابية، إلى والدي، وهو اليوم من حماة الشيعة وأنصار الشريعة، وحيد عصره، وفريد دهره، السيد علي أكبر، دامت بركاته.

وقد نال من الملك ناصر الدين شاه القاجاري، لقب " اشرف الواعظين " ويبلغ عمره اليوم ثمانين سنة، صرف جله في خدمة الدين وإثبات أصوله ونشر فروعه، وقد قام بتوجيه الغافلين وإرشاد الجاهلين، وخاصة في الآونة الأخيرة، إذ مرت بالأمة عواصف إلحادية وحوادث خطيرة جاءت من قبل الأجانب المستعمرين وأعداء الإسلام والمسلمين، فجرفت الكثير من العوام والجاهلين، فنهض والدي وأمثاله من العلماء الكرام، ووقفوا في وجوه الأعداء اللئام، حتى كشفوا عن الحق اللئام، وشقوا أمواج الفتن والظلام، بنور العلم وضوء الكلام.

فدحضوا الباطل، وأنقذوا العوام من الشكوك والأوهام، فقدر مواقف والدي وخدماته، علماء عصره ومراجع الدين في زمانه، أمثال:

1 ـ آية الله العظمى، مجدد مذهب سيد البشر في القرن الثالث عشر، السيد ميرزا محمد حسن الشيرازي ـ طاب ثراه.

2 ـ آية الله العظمى ميرزا حبيب الله الرشتي.

3 ـ الآية العظمى الشيخ زين العابدين المازندراني.

4 ـ آية الله ميرزا حسين بن ميرزا خليل الطهراني.

5 ـ المجتهد الأكبر آية الله السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي.

6 ـ آية الله العظمى الشيخ فتح الله، شيخ الشريعة الأصفهاني.

7 ـ آية الله العظمى السيد اسماعيل الصدر.

8 ـ آية الله العظمى الميرزا محمد تقي الشيرازي، قائد ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للعراق.

فهؤلاء المجتهدون الكرام والعلماء الأعلام ـ قدس الله أسرارهم ـ كانوا يحترمون والدي كثيرا ويحبونه ويكرمونه غاية الإكرام والاحترام.

وأما في هذا الزمان، فإن زعيم الشيعة سيد الفقهاء والمجتهدين، وحيد دهره، ونابغة عصره، سماحة السيد أبو الحسن الأصفهاني متع الله المسلمين بطول بقائه، وهو الآن في النجف الأشرف يرفع لواء الدين وراية أمير المؤمنين عليه السلام، ويهتم بنشر علوم سيد المرسلين (ص) في كل أقطار العالم، وقد دخل بواسطته جماعات كثيرة من أصحاب الملل والنحل في الإسلام واعتنقوا مذهب التشيع.

وفي إيران، زعيمنا آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري مد ظله العالي، مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة، وهو ملاذ الشيعة، وحامي الشريعة في إيران.

وإن هذين العالمين الكبيرين يحترمان والدي ويكرمانه كثيرا، ويقدران جهوده الجبارة في سبيل إحياء الدين ورد شبهات المضلين.

وان سماحة الشيخ الحائري يخاطب والدي بـ " سيف الإسلام " لأن بيانه وكلامه مفعم بالأدلة العقلية القاطعة، والبراهين الساطعة، فلسانه في الدفاع عن الدين الحنيف، والذب عن مذهب التشيع الشريف، أكثر أثرا من السيف.

واليوم بنو أعمامي ورجال شجرتنا المباركة موجودون في أكثر مدن ايران، وبالأخص في طهران ونواحيها، وشيراز وحواليها، وقزوين وضواحيها، وهم يعرفون بالسادة العابدية والمجابية والشيرازية، ولم يزالوا يخدمون الدين وأهله، بسلوكهم النزيه، وبالارشاد والتوجيه.

هذا ملخص تاريخ هذه السلالة الكريمة، في جواب سؤالكم: لماذا هاجرنا إلى إيران؟ وقد تبين لكم من خلال الجواب أن هدف المهاجرين الأولين من هذه السلالة، زيارة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام ولما منعتهم السلطات، قاموا يفضحون أعمال الحكام والولاة، ويعلنون جور الخلفاء الجفاة، وينشرون الوعي بين الأمة، ويوجهون الناس الى الحقائق الدينية والأحكام الالهية التي طالما سعى الخلفاء وأعوانهم في تغييرها، فكانوا كما قال تعالى: (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون احدا إلا الله وكفى بالله حسيبا) (38).

لما تلونا هذه الآية الكريمة، نظر السيد عبد الحي الى ساعته فقال: لقد مضى كثير من الليل، فلو تسمحون أن نؤجل الكلام الى الليلة الآتية، فنأتيكم إن شاء الله تعالى من أول الليل ونواصل الحديث.

فابتسمت وأبديت موافقتي، فانصرفوا وشيعتهم إلى باب الدار.

________________
38- سورة الاحزاب، الآية 39.‏


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page