• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نظرة في الكلمات الواردة في إطراء أبي ذر هل تلائم ما اتهم به؟

أما ثناء الصحابة عليه بعد نفيه ودؤبه على ما هتف به فحسبك من ذلك قول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: إنك غضبت لله فارج من غضبت له، إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك. إلى آخر ما مر في صفحة 300.
صدرت هذه الكلمة الذهبية من الإمام عليه السلام في منصرم ما صعد به أبو ذر وصوب فليس له بعد هذا إلا طفائف سمعها منه من زاره بالمنفى الربذة فلم يكن لها شأن كبير، وفي الكلمة صراحة بأن غضب أبي ذر كان لله فعليه أن يرجو من عضب له، وهو فرع رضا الله سبحانه على ما ناء به ودعا إليه، وإن ما لهج به مما أغضب القوم كانت كلمة دينية محضة تجاه الدنيوية المحضة التي خافها أبو ذر على دينه وخافها القوم على دنياهم، فامتحنوه بالقلى ونفوه إلى الفلا، وإن هو الرابح غدا، وإنما القوم حاسدوه، وأي من هذه تلتئم مع الشيوعية التي هي مادية محضة ليس بينهما وبين مرضاة الله تعالى أي صلة؟.
أتحسب إن مولانا امير المؤمنين عليه السلام أطرى أبا ذر بهذا الإطراء البالغ ويقول في كلمته الأخرى لعثمان: إتق الله سيرت رجلا صالحا من المسلمين فهلك في تسييرك فيراه صالحا ويرى هلاكه في ذلك التسيير حوبا لا يصدر من المتقي، إنه أطراه وهو غير مستشف لنظريته؟ ولا عارف بنفسيته؟ وهو كروحه التي بين جنبيه، أو أنه يوافقه على المذهب الشيوعي؟ أو أنه يراغم أعداءه مع حيطته بباطله؟ وقد قال لعثمان " وهو الصادق الأمين ": والله ما أردت مساءت ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقه.
وأي حق للشيوعي متحري الفساد في الجامعة وباخش حقوق الأمة؟ وإنما الحق للمؤمن الكامل في نفسه، المحق في دعاءه، الصالح في رأيه.
وهناك ما هو أصرح من ذلك في كون أبي ذر محقا وإن نظرية من خالفه من الباطل المحض وهو قول الإمام في ذيل كلمته في توديع أبي ذر! يا أبا ذر! لا يؤنسنك إلا الحق، ولا يوحشنك إلا الباطل، وأي اشتراكي. يكون هكذا؟ نعوذ بالله من السفاسف أضف إلى كلمة الإمام قول ولده الإمام الزكي السبط المجتبى أبي محمد الحسن لأبي ذر: قد أتى من القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها، واصبر حتى تلقى نبيك وهو عنك راض. راجع ص 301.
فترى الإمام المعصوم يتذمر مما أصاب أبا ذر من القوم ويأمره بالصبر المقابل بالأجر الجزيل، وأنه سيلقى رسول الله صلى الله عليه وآله وهو عنه راض، وهل تجد توفيقا بين الرسول ومعتقد الإمام المجتبى وبين الشيوعية؟ ذلك المعول الهدام لأساس دين المصطفى وسنة الله التي لن تجد لها تحويلا.
واشفع الكلمتين بقول الإمام السبط الشهيد أبي عبد الله لأبي ذر: قد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك، فاسأل الله الصبر والنصر.
وهذه الكلمة لدة كلمات أبيه وأخيه صلوات الله عليهم في المصارحة بأن دعوة أبي ذر كانت دينية ولم يكن فيها أي شذوذ، ودعوة مناوئيه دنيوية، والمرجع في الإفراج عنه إزاء ما انتابه من المحن هو الله، لرضاه سبحانه بدعوة المنكوب وسخطه على من نال منه، ولا يحسب عاقل إن شيئا من ذلك يلتأم مع الاشتراكية الممقوتة وبعد تلكم الكلمات الذهبية خطاب عمار بن ياسر أبا ذر بقوله: لا آنس الله من أوحشك ولا آمن من أخافك، والله لو أردت دنياهم لآمنوك، ولو رضيت أعمالهم لأحبوك.
أيجوز لمسلم عادي فضلا عن مثل عمار الذي لا يفارق الحق ولا يفارقه نصا من النبي الكريم أن يدعو على أناس نكبوا بعائث في المجتمع الديني المقلق فيهم السلام بذلك الدعاء المجهد؟ ويحكم عليهم بأنهم أهل دنيا غرتهم الأماني، وإن أعمالهم غير مرضية، وانهم خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين؟.
يدعو عليهم بذلك في مشهد إمام معصوم خشن في ذات الله كمولانا أمير المؤمنين وشبليه السبطين الحسنين ثم لا ينكر ذلك عليه احد منهم. إن هذا لا يكون.
وإن مشايعة القوم لأبي ذر قبل هذه الكلمات كلها مع العلم بنهي الخليفة عنها إشادة بأمره، وتصديق لمقاله، والإمام يرى إن النهي عن مشايعته معصية أو أنه خلاف الحق لا يتبع كما قاله لعثمان (1) ولا يجتمع شئ من ذلك مع ما قذفوه به من الطامة الكبرى.
كانت الصحابة كلهم المهاجرون منهم والأنصار ينقمون ما نيل به أبو ذر من النفي والتعذيب، وكان قيل النقمة بين شفافهم، وفي طيات قلوبهم، وأسطر خطاباتهم، يوم التجمهر ويوم الدار، وكانت إحدى العلل المعدة لما جرى هنالك من مغبات الأعمال، فلم تكن الغضبة عمن ذكرنا أسماءهم بدعا من جمهرة الأصحاب غير إن منهم من صبها في بوتقة الاطراء لأبي ذر، ومنهم من أفرغها في قالب العيب على من نال منه، ولهم هنالك لهجات مختلفة في الصورة متحدة في المآل، ولذلك عد المؤرخون مما أنكر الصحابة من سيرة عثمان تسييره أبا ذر. وقال البلاذري: قد كانت من عثمان قبل هنات إلى عبد الله بن مسعود وأبي ذر وعمار فكان في قلوب هذيل وبني زهرة وبني غفار وأحلافها من غضب لأبي ذر (2)
وهذه النقمة العامة المنبعثة عن مودة القوم لأبي ذر مودة خالصة دينية وإخاء في الإيمان وولاء في الطريقة المثلى كل ذلك أخذا بما وعوه عن رسول الله صلى الله عليه وآله في أبي ذر وهديه وسمته ونسكه وتقواه وإيمانه وصدقه. لا تلتأم مع شئ مما قذفوا به أبا ذر من الشيوعية، أو تقول: أن الصحابة كلهم شيوعيون. أعوذ بالله من الفرية الشاينة ولو كان أبو ذر شيوعيا؟ كان في الحق نفيه عن أديم الأرض لا عن المدينة فحسب، و كان من واجب الصحابة أن يرضوا بذلك الحكم البات. قال الله تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (3) وأي فساد في الأرض أعظم من هذا المبدأ التعيس المضاد للكتاب والسنة؟
وفي الكتاب الكريم قوله سبحانه: أهم يقسمون رحمة ربك، نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا، ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون (*) وأما السنة الشريفة فحدث عنها في باب الأموال والاختصاص فيها وتقرير فيها وتقرير ميسرة الأغنياء ولا حرج. وبذلك كله تقوم دعائم المدنية، وتشاد علالي الحضارة الراقية.

* ثناء النبي صلى الله عليه وآله عليه وعهد إليه *
أما ما أثر عن نبي الاسلام من ذلك فقد قدمنا شطرا منه في صفحة 319312 ولا منتدح من أن نقول: إن نبي العظمة كان جد عليم بواسع علم النبوة بما سوف ينوء به أبو ذر في خواتيم أيامه بأقوال وأعمال تبهظ مناوئيه، وكان يعلم أيضا إن أمته سيتخذون كل ما لهج به أصولا متبعة، فلو كان يعلم في أبي ذر شذوذا. لما أغرى الأمة بموافقته بتلكم الكلم الدرية، على أنه صلى الله عليه وآله عهد إليه وأخبره إن ما يصيبه من الكوارث من جراء ما يدعو إليه في الله وبعينه، فلا يعقل أن يكون في رأيه شذوذ عن طريقة الدين، بل كان من واجبه صلى الله عليه وآله أن ينبهه على خطأه في الرأي وغلطه في الدعوة، فإذ لم يفعل واشفع ذلك بثنائه البالغ عليه وعهده إليه علمنا أن أبا ذر هو ذلك البر التقي، ورجل الاصلاح، ومثال العطف والحنو على ضعفاء الأمة، وطالب الخير والسعادة لأقوياءها، ولقد تحمل الشدائد لينقذ المكبين على الدنيا من مغبة العمل السئ، وليسعد آخرين برغد العيش وبلهنية الحياة، موصولة حلقات حياتهم الدنيا بدرجات الآخرة العليا، لكن جهلوه وجهلوا أمره وجهلوا حقه، وأضاعوه وإي فتى أضاعوا؟ وأضاعوا فيه وصية نبيه صلى الله عليه وآله وناوءه قوم ليسوا له بأكفاء.

ولو أني بليت بهاشمي * خؤولته بنو عبد المدان
لهان علي ما ألقى ولكن * تعالوا وانظروا بمن ابتلاني

فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين
" الصف آية 14 "
____________
(1) راجع صفحة 297 و 303.
(2) أنساب البلاذري 5: 26، تاريخ اليعقوبي 2: 150، مروج الذهب 1: 438، 441 ، الرياض النضرة 2: 124، تاريخ ابن خلدون 2: 385، الصواعق ص 68، تاريخ الخميس 2: 261.
(3) سورة المائدة: 33.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page