• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حديث : تفضيل زيد بن عمرو بن نفيل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )

ومنها : ما أورده في كتاب الذبائح : « حَدَّثَنا مُعَلى بنُ أَسَد ، حَدَّثَنا عَبدُالعَزيزِ ـ يَعني ابنَ المُختارِ : أَخبَرَنا مُوسى بنُ عُقبَةَ قالَ : أَخبَرَني سالِمُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبدَاللهِ يُحَدِّثُ عَن رَسُولِ الله : أَنَّهُ لَقِيَ زَيدَ بنَ عَمروبنَ نُفَيل بِأسفَل بَلْدَح ـ وَذاكَ قَبلَ أَنْ يُنزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الوَحيُ ـ فَقَدَّمَ إِلَيهِ رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سُفرَةً فِيها لَحْمٌ ، فَأبى أَنْ يَأكُلَ مِنْها ، ثُمَّ قالَ : إِنّي لاآكُلُ مِما تَذْبَحونَ عَلَى أَنْصابِكُمْ ، وَ لاآكُلُ إِلاّ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيهِ » ! !. (1)
وأورد هذا الحديث الامام أحمد بن حنبل وأبو يعلى والبزار وغيرهم من أكابر القوم مع التصريح بأكل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مما ذبح على النصب ، قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري :
وقد وقع في حديث سعيد بن زيد الذي قهر منه وهو عند أحمد ، فكان زيد يقول : عذت بما عاذ به ابراهيم ثم يخرُّ ساجداً للكعبة ، قال : فمرّ بالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما فدعياه.
قال : يابن أخي لا آكل مما ذبح على النصب ، قال : فما رأي النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يأكل مما ذبح على النصب من يومه وذلك.
وفي حديث زيد بن حارثة عند أبي يعلى والبزار وغيرهما ، قال : خرجت مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يوماً من مكة وهو مرد في مذبحنا شاة على بعض الأصنام فاذبحناها فلقينا زيد بن عمرو ، فذكر الحديث مطولاً ، فقال زيد : اني لا أكل مما لم يذكر اسم الله عليه (2).
وأورده البخاري أيضاً في موضع آخر من صحيحه ، لكن بتعبير وتبديل ، قال في كتاب المناقب ، باب حديث زيد بن عمرو ابن نفيل : حدّثني محمد بن أبي بكر ، قال : حدّثنا فضيل بن سليمان ، حدّثنا موسى ، حدثنا سالم بن عبدالله بن عمر أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لقى زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الوحي فقدمت إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سفرة فأبى أن يأكل منها.
ثم قال زيد : إني لست آكل مما تذبحون على انصابكم ، ولا آكل الاّ ما ذكر اسم الله عليه ، وان زيدبن عمرو كان يعيب على قريش ذبائهم ، ويقول : الشاة خلقها الله تعالى وانزل لها من السماء الماء وانبت لها من الارض ثم تذبحونها على غير اسم الله ؟ انكاراً لذلك واعظاماً له (3).
وأيّاً من هذه الروايات قلنا به يوجب اثبات طعن عظيم على سيد النبيين وأفضل المرسلين واثبات أعرفية زيد بالله وتعظيمه منه ( صلى الله عليه وآله وسلم ).
ويدل على أن مثل هذا الامر الذي ارتكز قبحه في عقل زيد الغير المتدين بدين وفي عقول المتقطنين وان لم يكونوا بالشرايع ملتزمين ، قد خفي على سيد البشر نعوذ بالله من هذه الهذيانات.
اذ لو قيل بموجب رواية أحمد وأبي يعلى والبزار من أكله مما ذبح على النصب بل مباشرته لهذا الذبح مع زيد بن حارثة فالامر واضح ، ولو قيل بموجب ما رواه البخاري في كتاب الذبائح فهو أيضاً لايخلو من رضائه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذا الامر الشنيع وحفظ هذا اللحم في السفرة وعدم ابائه عن أكله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ودعوته لزيد في الاكل منه واباء زيد وأعرفيته بالله منه وأورعيته وأعقليّته.
ولو قيل بموجب ما رواه في كتاب المناقب فكذلك اتحاد الحديثين ، فلابد من ارجاع الضمير في قوله : فأبى ، إلى زيد كما هو سياق الكلام والمقام والحديث يفسّر بعضه بعضاً ، كما صرّح به أعيان العامة فيلزم جميع ما ذكرنا.
ولو تعسّف متعسّف فارجع الضمير إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلا أقل دعوة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) زيداً إلى هذا الامر القبيح الذي تقرّرت حرمته في الشرايع السابقة بل في شريعة ابراهيم على ما اعترف بعض أعيانهم وارتكز قبحه في العقول ولننقل بعض كلمات القوم مما يتعلق بالمقام.
فنقول من عجيب الأمر أن ابن روزبهان لابتلائه بضيق خناق الالزام والافحام من علامة العلماء الاعلام حيث ذكر هذا الحديث بعين الالفاظ التي أوردها البخاري في كتاب الذبائح ، من أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لقى زيد بن عمرو فقدم اليه رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منها ثم قال : اني لا آكل مما تذبحون على انصابكم ! اضطرب واختلّ عقله وضاق عليه الامر فاختلق تتمة لهذا الحديث غير مرتبطة به لفظاً ولا معنى.
فقال : من غرائب ما يستدل به على ترك امانة هذا الرجل وعدم الاعتماد والوثوق على نقله رواية هذا الحديث ، فقد روى بعض هذا الحديث ليستدل به على مطلوبه وهو الطعن في رواية الصحاح ، وما ذكر تمامه وتمام الحديث : « أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لما قال لزيد بن عمرو بن نفيل هذا الكلام ، قال : وأنا أيضاً لا آكل من ذبيحتهم ومما لم يذكر عليه اسم الله تعالى فاكلا معاً ».
وهذا الرجل لم يذكره التتمة ليتمكن من الطعن في الرواية ، نسأل الله العصمة من التعصب فانه بئس الضجيع.
أقول : فيه أولاً : ان هذه التتمة موضوعة مختلقة افتراها واخترعهاً هذا الناصب ، ونسخ صحيح البخاري موجودة منتشرة في شرق العالم وغربها ليس فيها من هذه التتمة عين ولا أثر فليراجع من أراده.
وثانياً : انه إمّا أن يكون الضمير في الحديث في قوله : « فأبى » و « ثم قال » راجعاً إلى الرسول أو إلى زيد ، فان كان راجعاً إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنفس العبارة المنقولة كافية في دفع الطعن ، ولايتمكن من الطعن فيه وان لم تكن هذه التتمة موجودة مع أن صريح كلامه ابتناء عدم التمكن من الطعن ودفعه على هذه التتمة وأيضاً على التقدير فالضمير في هذه التتمة في قوله : « قال وأنا أيضاً » ان كان راجعاً إلى الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فلا معنى له أصلاً بل يصير من قبيل الهذيان ، اذ بعد قول الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحديث : أنا لا آكل ، فأي معنى لقوله ثانياً : وأنا أيضاً لا آكل ؟
وان كان إلى زيد فلهذه التتمة مدخلية في دفع الطعن عن زيد ؟ والكلام لم يكن فيه ، ولم يرده العلامة قدّس الله روحه حتى يحذف التتمة لاجله ، وان كان الضمير في الحديث في قوله : « فأبى ثم قال » راجعاً إلى زيد فلا معنى لقوله : لما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لزيد هذا الكلام.
فان هذا الكلام على هذا التقدير لم يقله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بل قاله زيد ولا شبهة في أن هذا الكلام إشارة إلى الكلام المنقول في عبارة العلامة رحمه الله.
وبهذا التقرير يعلم خيانة ابن روزبهان في النقل وافترائه كما يعلم من سخافة عقله وقلّة ادراكه ، حيث أنه اختلق عبارة لا يمكن ارتباطها بالحديث وقد اقتصر العلامة التستري نوّر الله مرقده لتوضيح الفقرة الاولى أعني خيانته في النقل ، دون الثانية قبالاً لما تفوّه به في حقّ العلامة ، لامن جهة أنه خفي عليه ما قرّرناه.
فقال رحمة الله عليه : من بدايع حيل هذا الناصب العاجز الكاذب الخائن أنه لما أراد التفصي عن التشنيع المتوجه على أصحابه في هذه الرواية بضمّ بعض ما اخترعه من العبارات أرعد وأبرق أولاً تشدّد في اظهار التعجب والغرابة ونسبة المصنّف قدس الله روحه إلى الخيانة والتقصير ، وختم ذلك بسؤال العصمة عن التعصب ليسدّ بذلك باب رجوع الناظرين إلى مأخذ الرواية فلايظهر خيانته فيها بالزيادة عليها.
والحاصل إنّا قد راجعنا صحيح البخاري فكان الحديث كما نقله المصنّف تغمده الله بغفرانه ، ولم يكن من الاضافة التي ذكرها هذا الناصب الخائن الشقي عين ولا أثر ، فمن أبى لحسن ظنه في هذا الشقي السقيم فليراجع ذلك الصحيح ، ليتّضح له ما أتى به من الكذب الصريح.
ومن هاهنا أيضاً يظهر صدق ما أشرنا إليه في بعض المباحث ، من أن أصحاب الناصب يعدّ ما نبّههم الشيعة على شناعة بعض أحاديثهم ، يزيدون على ذلك أو ينقصون عنه على حسبما عرض لهم من ضيق الخناق فلايعتد بما يرويه أهل الشقاق انتهى كلامه رفع مقامه.
وليعلم أن جماعة من أعيانهم كالجرجاني والاسماعيلي وغيرهما نقلوا الفاظ الحديث المروي في كتاب المناقب أيضاً مطابقة لما في باب الذبائح.
قال في فتح الباري في شرح البخاري قوله : فَقُدِّمَت بضم القاف ، قوله إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كذا الأكثر ، وفي رواية الجرجاني ، وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما (4).
ولننقل بعض كلماتهم الأُخر مما يتعلق بالمقام.
قال ابن حجر العسقلاني : قال الداودي : كان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل البعث يجانب المشركين في عباداتهم ولكن لم يكن يعلم ما يتعلق بأمر الذبائح ، وكان زيد قد علم ذلك من أهل الكتاب الذين لقيهم (5) ، وسخافته ظاهرة.
وقال السهيلي في روض الانف بعد نقل الحديث : وفيه سؤال يقال : كيف وفّق الله زيد إلى ترك أكل ما ذبح على النصب وما لم يذكر اسم الله عليه ! ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أولى بهذه الفضيلة في الجاهلية لما ثبت الله له من عصمته ! ؟
فالجواب من وجهين :
الاول : انه ليس في الحديث حين لقيه ببلدح ، فقدمت إليه السفرة ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكل منها ، وانما في الحديث أن زيداً قال حين قدمت السفرة لا اكل مما لم يذكر اسم الله عليه.
الجواب الثاني : ان زيداً انما فعل ذلك برأي رآه لا بشرع متقدّم ، وإنّما تقدم شرع ابراهيم بتحريم الميتة لا بتحريم ما ذبح لغير الله ، وانّما نزل تحريم ذلك في الاسلام.
وبعض الأُصوليين يقولون : الأشياء قبل ورود الشرع على الاباحة ، فان قلنا بهذا وقلنا ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يأكل مما ذبح على النصب ، فإنّما فعل مباحاً ، وان كان لا يأكل منها فلا اشكال ، وان قلنا أيضاً ، أنها ليست على الاباحة ولا على التحريم وهو الصحيح.
فالذبائح خاصة لها أصل في تحليل الشرع المتقدم ، فالشاة والبعير ونحو ذلك ممّا أحلّه الله تعالى في دين من قد كان قبلنا ، ولم يقدح في ذلك التحليل المتقدم ما ابتدعوه حتى جاء الاسلام وأنزل الله سبحانه : ( ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم الله عليه ) (6).
ألا ترى كيف بقيت ذبائح أهل الكتاب عندنا على أصل التحليل بالشرع المتقدم ولم يقدح في التحليل ما أحدثوه من الكفر وعبادة الصلبان ، فكذلك كان ما ذبحه أهل الاوثان محلّلاً بالشرع المتقدم حتى خصّه القرآن بالتحريم (7).
وقال الزركشي ، وهو من أكابر القوم ، في كتاب التنقيح بعد نقل الحديث : ان قيل كان نبينا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أولى بهذه الفضيلة ، قلنا : ليس في الحديث أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أكل من السفرة.
وأجاب السهيلي : بأن زيداً انما قال ذلك برأي منه لا شرع متقدم ، وفي شرع ابراهيم تحريم الميتة لا تحريم ما ذبح لغير الله وانّما نزل تحريم ذلك في الاسلام ، وهذا الذي قاله ضعيف ، بل كان في شريعة الخليل تحريم ما ذبح لغير الله ، وقد كان عدوّ الاصنام ، والله تعالى يقول : ( ثم أوحينا إليك أن اتبع ملّة ابراهيم حنيفاً ) (8).
وبالجملة فرواية نسبة أكل مما ذبح على النصب إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كما صرّح في رواية أحمد وأبو يعلى والبزار وغيرهم أو دعوته غيره إلى أكله مع أنه ممّا يجتنب عنه اليهود والنصارى ويختصّ بعابدي الأصنام مما لا تخفى.
______________________
1. صحيح البخاري 6 : 225 ، كتاب الذبائح ، باب : ما ذبح على النصب والأَصنام ط باموق ، فتح الباري 9 : 518.
2. فتح الباري 9 : 518.
3. صحيح البخاري كتاب المناقب ، باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل رقم 3826.
4. فتح الباري 7 : 112.
5. فتح الباري 7 : 113 كتاب المناقب باب ، حديث زيد بن عمرو بن نفيل.
6. الانعام : 121.
7. روض الأُنف 2 : 361 ـ 363.
8. النحل : 123.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page