• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عبدلله بن الزبير ومحاصرته لبني هاشم

ومن شنائع أطواره وقبائح أفعاله ما صدر منه بالنسبة إلى سيدنا محمد بن الحنفية وابن عباس من التشديد عليهما وايذائهما وحصرهما في الشعب واحضار الحطب لاحراقهما لامتناعهما من مبايعته مع عدم صلاحيته للخلافة بنص علماء القوم.
قال في الاستيعاب : قال علي بن زيد الجدعاني : كان عبدالله بن الزبير كثير الصلاة شديد البأس كريم الجدات ، والامّهات ، والخالات الاّ انه كان فيه خلال لا تصلح للخلافة ، لانه كان بخيلاً ضيّق العطن سيّء الخلق ، حسوداً ، كثير الخلاف أخرج محمد بن الحنفية ، ونفى عبدالله بن عباس إلى الطائف (1).
وبعد ملاحظة ما تقدم من تصريحهم بأن من رضي بامام باطل فانه يكفر يتضّح غاية الوضوح كفر نفس الامام الباطل الذي لا يصلح للامامة.
وفي تاريخ ابن خلكان في ترجمة سيدنا ابن الحنفية : ولما دعى ابن الزبير إلى نفسه وتابعه أهل الحجاز بالخلافة دعى عبد الله ابن عباس ومحمد بن الحنفية رضي الله عنهما إلى البيعة فأبيا ذلك ، وقالا له : لا نبايعك حتى يجتمع لك البلاد ويتفق الناس فأساء جوابهم وحصرهم وآذاهم وقال لهما والله لئن لم تبايعا أحرقتكما بالنار.
وذكر ابن حجر في فتح الباري في كتاب التفسير : كان ابن عباس وابن الحنفية بالمدينة ثم سكنا مكة فطلب منهما ابن الزبير البيعة فابيا حتى يجتمع الناس على رجل فضيّق عليهما فبعثا رسولاً إلى العراق فخرج اليهما جيش في أربعة آلاف ، فوجدوهما محصورين وقد احضر الحطب على الباب يخوّفهما بذلك فاخرجوهما إلى الطائف.
وقال عمر بن فهد المكي في « اتحاف الورى » في وقائع سنة ستّ وستين : فيها دعى عبدالله بن الزبير محمد بن الحنفية ومن معه من أهل بيته وسبعة عشر رجلاً من وجوه أهل الكوفة منهم أبو الطفيل عامر بن واثلة الصحابي ليبايعوه فامتنعوا وقالوا : لانبايع حتى تجتمع الأمّة فاكثر ابن الزبير الوقيعة في ابن الحنفية ، وذمه فاغلظ له عبدالله بن هاني الكندي وقال : لئن لم يضرك الاّ تركنا بيعتك لا يضرك شيء ، وان صاحبنا يقول لو بايعني الأمّة كلّها غير سعد مولى معاوية ما قتلته وانما عرّض بذكر سعد لأن ابن الزبير أرسل إليه فقتله فسبّ عبدالله ، وسبّ أصحابه ، وأخرجهم من عنده ، فاخبروا ابن الحنفية بما كان منهم ولم يلحّ عليهم ابن الزبير.
فلما استولى المختار على الكوفة ، وصارت الشيعة تدعوا لابن الحنفية ، خاف ابن الزبير ان يتداعي الناس إلى الرماية فحينئذ ألح على ابن الحنفية وعلى أصحابه في البيعة له ، فجلسهم بزمزم وتوعّدهم بالقتل والاحراق ، وأعطى إليه عهداً ان لم يبايعوه ينفذ فيهم ما توعّدهم به وضرب لهم على ذلك أجلاً ، فأشار بعض من كان مع ابن الحنفية عليه أن يبعث الى المختار والى من بالكوفة رسولاً يعلمهم حالهم وحال من معهم وما كان توعدهم به ابن الزبير.
فوجد ثلاثة نفر من أهل الكوفة حين نام الحرس على باب زمزم ، وكتب معهم إلى المختار وإلى أهل الكوفة يعلمهم حاله وحال من معه وما توعدهم به ابن الزبير من القتل والتحريق بالنار ويطلب منهم النصرة ، ويسألهم ان لا يخذلوه كما خذلوا الحسين ( عليه السَّلام ) وأهل بيته.
فقدموا على المختار فدفعوا اليه الكتاب فنادى في الناس فقرأ عليهم الكتاب إلى أن قال : فوجّه المختار أبا عبدالله الجدلي في سبعين راكباً من أهل القوة ، ووجّه ظبيان بن عمّارة أخا بني تميم ، ومعه أربعمأئة ، وبعث معه لابن الحنفية أربعمائة درهم وسيّر أبا معتمر في مأة وهاني بن قيس في مأة وعمير ابن طارق في أربعين ويونس ابن عمران في أربعين وكتب إلى محمد بن علي مع الطفيل بن عامر ومحمد بن قيس بتوجيه الجند اليه وخرج الناس أثرهم في أثر بعض.
وجاء أبو عبدالله الجدلي ، حتى نزل ذات عرق في سبعين راكباً فأقام بها حتى أتاه عمير ويونس في ثمانين راكباً فبلغوا مأة وخمسين رجلاً ، فسار بهم حتى دخلوا المسجد الحرام ، ومعهم الكافر كوبات ، (2) وهم ينادون يا لثارات الحسين ( عليه السَّلام ) حتى انتهوا إلى زمزم وقد أعدّ ابن الزبير الحطب ليحرقهم ، وكان قد بقى من الأجل يومان فطردوا الحرس ، وكسروا أعواد زمزم ودخلوا على ابن الحنفية ، فقالوا : خلّ بيننا وبين عدوّ الله ابن الزبير.
فقال لهم : اني لا استحل القتال في حرم الله ، فقال ابن الزبير واعجباً لهذه الخشبية ينعون حسيناً ، ثم كأني قتلته ، والله لو قدّرت على قتلته لقتلتهم ، وانّما قيل لهم خشبية لانهم وصلوا إلى مكة وبايديهم الخشب كراهة اشهار السيوف في الحرم وقيل لانهم أخذوا الحطب الذي أعدّه ابن الزبير وقال ابن الزبير : أيحسبون أني أخلى سبيلهم دون أن أبايع ويبايعون ؟!
فقال أبو عبدالله الجدلي : أي وربّ الكعبة والمقام وربّ الحلّ والحرام لتخلّ سبيلهم أو لنجادلنك بأسيافنا جدالا يرتاب فيه المبطلون.
فقال ابن الزبير : هل أنتم والله الاّ أكلة رأس لو أذنت لأصحابي ما مضت ساعة حتى تعطف رؤوسهم.
فقال له قيس بن مالك : أما والله اني لأرجو اذا رمت ذلك ان يرسل إليك قبل أن ترى ما تحب.
فكف ابن الحنفية أصحابه وحذرهم الفتنة ، ثم قدم أبو المعتمر في مائة وهاني بن قيس في مائة وظبيان ابن عمّارة في مائتين ، ومعه المال حتى دخلوا المسجد الحرام فكبروا وقالوا : « يا لثارات الحسين ( عليه السَّلام ) » رآهم ابن الزبير وخافهم.
فخرج محمد بن الحنفية ومن معه إلى شعب علي وهم يسبون ابن الزبير ويستأذنون ابن الحنفية فيه ، فيأبى عليهم واجتمع مع محمد في الشعب أربعة آلاف رجل ، فقسّم بينهم ذلك المال ثم ذكر مما يتعلق بهذه القصة أشياء كثيرة لم ننقلها اختصاراً (3).
قال ابن أبي الحديد : قال المسعودي : وكان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبدالله في حصر بني هاشم في الشعب ، وجمعه الحطب ليحرقهم ويقول انما أراد بذلك أن الاّ تنتشر الكلمة ، ولا يختلف المسلمون ، وأن يدخلوا في الطاعة ، فتكون الكلمة واحدة ، كما فعل عمر بن الخطاب ببني هاشم لما تأخروا عن بيعة أبي بكر ، فانه أحضر الحطب ليحرق عليهم الدار. (4)
ولا ينبغي أن يفعل عما يفهم من هذا الاعتذار فانه يدل على ان احضار عمر الحطب لاحراق بيت سيدّة النساء وأمير المؤمنين صلوات الله عليهم كان أمراً مسلّماً مفروغاً عنه عند قدمائهم فلا يجدي انكار متأخريهم طائلاً.
ويدل على أن جسارة ذلك الشقي على أهل البيت أوجبت هذه الامور وأثمرت هذه العظائم ، وأنه لولم يجرأ أولاً ذاك الملعون على ما فعل لما جرى على أهل البيت ماجرى.
اللهم العن أول من أسس أساس الظلم والجور عليهم ، وآخر تابع له على ذلك.
ومما عيّب على ابن الزبير أنه قال : لتنتهن عائشة عن بيع رباعها او لأحجرنّ عليها ، وكانت لا تمسك شيئاً مما يأتي في يدها بل تتصدّق به. فنذرت عائشة ان لا يكلمه.
قال السيد السمهودي في « جواهر العقدين » : فان في قوله ذلك جرأة عليها وتنقيصاً لقدرها بنسبتها إلى ارتكاب التبذير الموجب لمنعها من التصرف مع كونها أم المؤمنين وخالته أخت أمه ولم يكن أحد عندها في منزلته ، فرأت ذلك منه نوع عقوق فجعلت مجازاته ترك مكالمته.
وقال ابن حزم في المحلى في « كتاب الحجر » : وأما الرواية عن ابن الزبير فطامة الأبد لا وما ندري كيف استحل مسلم أن يحتجّ بخطيئة ووهلة وزلة كانت من ابن الزبير ، والله تعالى يغفر له اذ أراد مثله في كونه من أصاغر الصحابة أن يحجر على مثل أم المؤمنين التي أثنى الله عليها أعظم الثناء في بعض القرآن ، وهو لا يكاد ليجزي منها في الفضل عند الله تعالى ثم قال : ومعاذ الله من هذا ومن أن تكون ام المؤمنين توصف بسفه وتستحق ان يحجر عليها نعوذ بالله من هذا القول. (5)
وأصل الرواية على ما ذكرها البخاري في كتاب البرّ والصلة : أن عائشة حدّثت أن عبدالله بن الزبير قال : في بيع أو عطاء أعطته عائشة : والله لتنتهين عائشة أو لاحجّرن عليها ، قالت : أهو قال هذا ؟ قالوا : نعم قالت ، : هو لله علي نذر أن لا أكلّم ابن الزبير أبداً فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالت الهجرة فقالت : لا والله لا أشفع فيه أحداً ولا أتحنّث إلى نذري فلما طال ذلك على ابن الزبير كلّم المسور بن المخرمة وعبد الرحمن بن الاسود ابن عبد يغوث وهما من بني زهرة وقال أنشدكما بالله لما أدخلتماني على عائشة فانها لا تحل لها أن تنذر قطيعتي فاقبل به المسور وعبدالرحمن مشتملين بارديتهما حتى استأذنا على عائشة فقالا : السلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخل ؟ فقالت عائشة : أدخلوا ، قالوا كلّنا ؟ قالت : نعم أدخلوا كلكم ولا تعلم أن معهما ابن الزبير ، فلما دخلوا دخل ابن الزبير الحجاب فاعشق عائشة وطفق يناشدها ويبكي وطفق المسور وعبدالرحمن يناشدانها إلاّ ما كلّمت وقبلت منه ، ويقولان ان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد نهى عما عملت من الهجرة وانه لا يحلّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال ، فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتجريح ، طفقت تذكرهما وتبكي وتقول اني نذرت والنذر شديد فلم يزالا حتى كلّمت ابن الزبير واعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة وكانت تذكر نذرها بعد ذلك فتبكي حتى تبلّ دموعها خمارها (6).
ولابن الزبير شنائع كثيرة غير ما قدمنا وفيما ذكرناه كفاية.
_______________
1. الاستيعاب 3 : 906 رقم 1535.
2. هذه كلمة مركبة من كافر وكوبات وهي آلة الحرب نصرب بها الكفار ، والكوبات فارسية.
3. فتح الباري 8 : 262.
4. مروج الذهب 3 : 85 ، شرح ابن أبي الحديد 20 : 147.
5. المحلى 8 : 292 و 293 كتاب الحجر.
6. صحيح البخاري كتاب الادب باب الهجرة رقم 6073 ، 6074 ، 6075 ، كتاب المناقب باب مناقب قريش رقم 3505.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page