طباعة

الزعم الأول: تشابه الأمم

قال النوري:
"إن اليهود والنصارى غيروا وحرفوا كتاب نبيهم بعده فهذه الأمة أيضاً لا بدّ وأن يغيروا القرآن بعد نبينا صلّى الله عليه وآله لأن كل ما وقع في بني إسرائيل لا بدّ وأن يقع في هذه الأمة على ما أخبر به الصادق المصدق صلوات الله عليه..."(1).
والجواب عن ذلك:

أولا: إنّ هذا الدليل لو تم لكان دالا على وقوع الزيادة في القرآن أيضاً كما وقعت في التوراة والإنجيل، ومن الواضح بطلان ذلك.
ثانياً: إنّ كثيراً من الوقائع التي حدثت في الأمم السابقة لم يقع مثلها في هذه الأمة، كعبادة العجل، وتيه بني إسرائيل أربعين سنة، ومسخ كثير من السابقين قردة وخنازير، وغير ذلك ممّا لا يسعنا إحصاؤه، وهذا أدل دليل على عدم إرادة التشابه في كل الجهات فلا بدّ من إرادته في بعض الوجوه.
ثالثاً: يكفي لتشابه هذه الأمة في وقوع التحريف في كتابها، عدم اتباعهم لحدود القرآن، وإن أقاموا حروفه، أي تفسيرهم له برأيهم، كما كان الحال في التحريف على مستوى العهدين حيث تم تحريفهما تحريفاً معنوياً وتفسيرهما تفسيراً على غير وجهه.
رابعاً: إن كان المقصود من المشابهة، إرادة التشابة في تمام الجهات، إذاً فتلك الروايات مخالفة للأدلة القطعية التي تؤكد على سلامة القرآن من التحريف ـ وقد تقدّم ذكرها ـ فلا بدّ من تأويلها أو استثناء تحريف ألفاظ القرآن منها(2).
________________________________
1 ـ فصل الخطاب: ص 35، وقد ورد في الروايات من طريق الشيعة والسنة أن كل ما وقع في الأمم السابقة لا بدّ وأن يقع مثله في هذه الأمة، انظر: مسند أحمد بن حنبل (طبع المحقق): ج 18، ص 322، رقم 11800، فالمحققون قد صرحوا في الهامش بصحة سند حديث تشابه الأمم; وبحار الأنوار، باب افتراق الأمة بعد النبىّ صلّى الله عليه وآله وسلم على ثلاث وسبعين فرقة: ج 28، ص 8 وج 51، ص 128.
2 ـ لمزيد من التفصيل حول زعم المحدث النوري هذا ينبغي مراجعة: كشف الإرتياب في عدم تحريف كتاب ربّ الأرباب: ص 164; الحجة على فصل الخطاب في إبطال القول بتحريف الكتاب: ص 75; البيان في تفسير القرآن: ص 220 ـ 222; صيانة القرآن من التحريف: ص 151.