طباعة

الزعم التاسع: ذكر أسماء أوصياء النبىّ في الكتب السالفة

يقول المحدث النوري:
"إنّه تعالى قد ذكر أسامي أوصياء خاتم النبيين وابنته الصديقة الطاهرة عليهم السلام وبعض شمائلهم وصفاتهم في تمام الكتب المباركة التي أنزلها على رسله... فكيف يحتمل أن يهمل الله تعالى ذكر أساميهم في كتابه المهيمن على جميع الكتب الباقي على مر الدهور الواجب التمسك به إلى قيام الساعة..."(1).
ونحن مسبقاً درسنا هذا الادّعاء في مناقشة الطائفة الخامسة من طوائف روايات التحريف في كتب الشيعة دراسة تحليلية نقدية، وحيث أوردنا هناك روايات الفريقين على هذا الصعيد، وتمّ نقدها وتسجيل الملاحظات عليها(2) ولا حاجة بنا لتكرار ذلك البحث.
لكن ما تجدر الإشارة إليه هنا والتعرض لبحثه هو التناقض الذي وقع فيه المحدث النوري من حيث لا يشعر.
فقد ذكر أنـّه لا بدّ من وجود أسماء الأوصياء في القرآن الكريم، معترفاً بأن هذا القرآن مهيمن على جميع الكتب الباقية، مر الدهور، والتمسك به واجب إلى قيام الساعة، وانطلاقاً من ذلك رأى بأن أسماء الأوصياء قد جرى إسقاطها من القرآن الكريم في عملية تحريف مسبقة، وفي هذه الحالة لا يعود القرآن مهيمناً على الكتب السابقة الأخرى ولا واجب التمسك والأخذ، بل في هذه الحالة ـ على الأقل ـ تصبح تلك الكتب السماوية الأخرى واجبة التمسك لتأخذ من ثم موقع الهيمنة الذي كان للقرآن وتكسبه لنفسها ولتحدد بنفسها تكليف القرآن في هذا المجال وهذا الكلام لا يستبطن سوى التناقض بل هو مخالف لصريح القرآن الكريم نفسه; وبناء عليه فمضافاً إلى الآيات التي تردّ التحريف في القرآن العظيم، تثبت هذه الآية الشريفة هذا الأمر بعينه، وهي قوله تعالى: (وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه)(3) نعم، إن الكتب السابقة ـ كما أقرّه المحدث النوري نفسه في هذا الفصل على تقدير تمامية السند ـ لم تتعرض سوى لأوصاف الأوصياء وشمائلهم كما هو الحال في القرآن تماماً، ولو حصل أن صرحت هذه الكتب باسم من أسماء الأوصياء فإنما ذلك من باب التفسير الذي قام به الأنبياء لأممهم لا جزءاً من النص الكتابي نفسه.
____________
1 ـ نفس المصدر: ص 183.
2 ـ انظر: مبحث "دراسة روايات التحريف في كتب الشيعة" وللتفصيل انظر: صيانة القرآن عن التحريف: ص 214 ـ 219.
3 ـ المائدة (5): الآية 48.