لم تكن للبقيع أية شهرة معروفة سوي انها كانت حديقة من الحدائق الواقعة شرق يثرب، وقد ذكرها صاحب (مرآة الحرمين) [1] فقال:
«وبقيع الغرقد هذا هو الذي ورد ذكره في مرثية عمرو إبن النعمان البياضي لقومه، وقد دخلوا في بعض حروبهم حديقة من حدائقهم وأغلقوا بابها عليهم ثم إقتتلوا فلم يفتح إلاّ بعد ان قتل بعضهم بعضاً فقال في ذلك:
خلت الديار فَسُدت غير مُسوّد
ومن العناء تَفَردّي بالسؤدد
أين الذين عهدتهم في غبطة
بين العقيق إلىٰ بقيع الغرقد
كانت لهم أنهاب كل قبيلة
وسلاح كل مدرّب مستنجد
نفسي الفداء لفتية من عامر
شربوا المنّية في مقام أنكد
قوم هم سفكوا دماء سراتهم
بعض ببعض فعل من لم يبرشد
يا للرجال لفتية من دهرهم
تركت منازلهم كأن لم تعهد»
وقال ياقوت الحموي[2]:
«انها منسوبة إلىٰ رجل من خثعم وفي أولها زيادة علىٰ هذا».
البقيع في التوراة:
في رواية وردت (عمدة الأخبار في مدينة المختار) ان إبن الزبير روىٰ بسنده عن كعب الأحبار، قال: «نجدها في التوراة كفته محفوفة بالنخيل وموكل بها ملائكة، وكلما إمتلأت أخذوا بأطرافها فكفؤها في الجنة». قال إبن النجار: يعني البقيع» [3].
وروي عن سعيد المقبري قال: «قدم مصعب بن الزبير حاجاً أو معتمراً ومعه إبن رأس الجالوت فدخل المدينة من نحو البقيع، فلما مر بالمقبرة قال إبن رأس الجالوت: «انها لهي»، قال مصعب: وما هي قال: «انا نجد في كتاب الله صفة مقبرة في شرقيها نخل، وغربيها بيوت، يبعث منها سبعون ألفاً كلهم علىٰ صورة القمر ليلة البدر، وقد طفت مقابر الأرض فلم أر تلك الصفة حتي رأيت هذه المقبرة، وفي لفظ لما أشرف إبن رأس الجالوت على البقيع قال: هذه التي نجد في كتاب الله كفته لا أطؤها»، قال: «فانصرف عنها إجلالاً لها»[4].
«حدثنا خليح بن محمد اليماني قال، حدثنا محمد بن سعيد المقبري قال، حدثني أخي، عن جدّه، أن كعب الأحبار قال: نجد مكتوباً في الكتاب أن مقبرة بغربي المدينة علىٰ حافة سيل، يحشر منها سبعون ألفاً ليس عليهم حساب.. وأن أبا سعيد المقبري قال لإبنه سعيد: ان أنا هلكت فادفني في مقبرة بني سلمة التي سمعت من كعب» [5].
___________________________
[1] . مرآة الحرمين ـ الجزء الثاني ـ ص 425.
[2] . معجم البلدان ـ المجلد الثاني ـ ص 254.
[3] . عمدة الأخبار في مدينة المختار ـ ص 150.
[4] . المصدر السابق ـ ص 150.
[5] . تاريخ المدينة المنورة ـ إبن شبة ص 92.
البقيع قبل الاسلام
- الزيارات: 1746