• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

قصة الهدم الثاني

إن مما لا شك فيه أن لردود الفعل الإسلامية التي رافقت إحتلال الطائف ومكة وهدم آثارهما الإسلامية على إقدام إبن سعود على هدم الآثار والمعالم والقبب الإسلامية في المدينة المنورة، فقد إعتاد المسلمون منذ فجر الإسلام على زيارة القبور والدعاء لأصحابها ومنذ ان سنها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله بزيارته للمدفونين بالبقيع وقوله: «اللهم إغفر لأهل بقيع الغرقد». ولم يكن قط بدعة أن يتوجه الناس إلى زيارة قبور الأولياء في المناسبات الدينية طوال قرون مضت .. بأجماع المذاهب الإسلامية المعروفة، ولذلك فقد كان وقع المفاجأة كبيراً على عموم المسلمين عندما شاهدوا العبث الذي قام به الوهابيون في الآثار الإسلامية وقد كانت ردات الفعل تجاه ذلك كبيرة بدرجة لم يتوقعها إبن سعود نفسه، ولذلك فقد حاول جهده أن يمارس الضغط على جيشه لتأجيل عملية هدم مقبرة البقيع والمعالم الإسلامية الأخرى في المدينة، ولذلك فقد مكث جيشه عدة أشهر (تقل عن الخمسة بقليل) في المدينة لم يمس فيها مقبرة البقيع بسوء.. فبعد ان دخل الجيش المدينة المنورة في 15 جمادى الأولى 1344هـ، لم تنلها أيد الغي السعودي إلاّ في الثامن من شوال من ذلك العام وقبلها قام بالتمهيد لذلك عبر أحد فقهاء السلاطين وهو قاضي القضاء الشيخ عبدالله بن بليهد حيث أرسله إلى المدينة المنورة في شهر رمضان، وبعد دخوله المدينة وجه إلى علمائها المغلوبين على أمرهم السؤال التالي[1]:
«ما قول علماء المدينة زادهم الله فهماً وعلماً في البناء على القبور وإتخاذها مساجد هل هو جائز أم لا وإذا كان غير جائز بل ممنوع منهي عنه نهياً شديداً فهل يجب هدمها ومنع الصلاة عندها أم لا وإذا كان البناء في مسبلة كالبقيع وهو مانع من الإنتفاع بالمقدار المبني عليها فهل هو غصب يجب رفعه لما فيه من ظلم المستحقين ومنعهم إستحقاقهم أم لا وما يفعله الجهال عند هذه الضرائح من التمسح بها ودعائها مع الله والتقرب بالذبح والنذر لها وإيقاد السرج علها هل هو جائز أم لا وما يفعل عند حجة النبي صلى الله عليه وآله من التوجه إليها عند الدعاء وغيره والطواف بها وتقبيلها والتمسح بها وكذلك ما يفعل في المسجد من الترنيم والتذكير بين الأذان والإقامة وقبل الفجر ويوم الجمعة هل هو مشروع أم لا افتونا مأجورين وبينوا لنا الأدلة المستند إليها لا زلتم ملجأ للمستفيدين».
وهكذا وفي يومٍ أسود كالح من أيام عام 1344 هـ كشر الوهابيون عن أنيابهم وسنوا حرابهم وفرضوا على جميع بنائي المدينة الإشتراك في الهدم، وتوجهوا إلى جنة البقيع ورفعوا سواعد طالما تغذت على المال الحرام وهووا بها على أطيب بقعة ضمت رفات أربعة من الأئمة الأطهار من آل البيت الأبرار عليه السلام، ولا زالوا بها حتى سووها مع الأرض لا يشير إليها إلا مجموعة الحصى التي عليها .. لا يعرفها من يزورها إلاّ بدليل ولا يظلله عن شمس الحجاز الحارقة بناء أو ظلال، يكاد من ينظر إليها في وحشتها أن يبكي فلا يتوقف عن البكاء، ويكاد لا يبرح مكانه إلاّ أن تدفعه سياط الحارس الواقف عليها لمنع الزائرين من الزيارة، وتنقل لنا رسالة لرجل شيعي كان في المدينة المنورة عند هدم قبور البقيع أرسلها إلى أحد علماء الشيعة في العراق مؤرخة في 8 شوال 1344 تنقل لنا هذه الرسالة صورة لما حصل للمقدسات الإسلامية في المدينة المنورة ومما جاء في الرسالة[2].
«أعرض لكم ان جميع البلاد الحجازية مقهورة تحت سيطرة إبن سعود وحكمه المطلق فيها، ولا يوجد في هذه البلاد من أقصاها إلى أناها فرد واحد سواء من سكان المدن أو البوادي يسعه أن يقف دون أوامره وإرادته النافذة. ومنذ أيام ورد المدينة قاضي قضاة الوهابيين –يقصد الشيخ عبدالله بن بليهد- وبينما كان مجلسه غاصاً بعلمائها صرح أمامهم بتحريم زيارة القبور، وانها بدعة في الدين، وشرك بالله، وانه يلزم تحصيل الإتفاق من جميع علماء المذاهب الأربعة على تخريبها تماماً ومحو آخر أثر من آثارها على وجه الأرض. ونظراً لذلك فقد منعت زيارة جميع المراقد المطهرة، وأغلقت أبوابها، ومنذ عشرين يوماً لم نجرؤ على قصد هذه المشاهد المشرفة وزيارتها، إذ ان جنود الوهابيين (الأخوان) قد رصدوا الحرم المطهر النبوي ومنعوا أي زائر من التشرف بزيارة سيدة نساء العالمين، ومن التقرب إلى ضريح رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم ان قاضي قضاة الوهابيين لم يتمكن من تحصيل الإتفاق المطلوب من علماء المدينة، إلا بعد أيام إذا إستعمل معهم الوسائل الأخرى المخوفة من القوة، والبعض الآخر وافق إبتداء، فحكموا جميعاً طبق رغبته بتحريم زيارة القبور مطلقاً والتمسح بها إلى الله والإستشفاع بها إليه وتلاوة الزيارة فيها. ثم صدر الأمر بهدم وتخريب المراقد الشريفة، فشرع الجند أولاً بنهب جميع ما تحتوية تلك البنايات المقدسة في البقيع من الفرش والستائر والمعلقات والسرج وغير ذلك ثم بدأوا يخربون تلك المشاهد المقدسة، وفرضوا على جميع بنائي المدينة الإشتراك في التخريب والتهديم».
هذه هي حال البقيع منذ ذاك وحتى اليوم فماذا فعل الغيارى من المسلمين تجاه ذلك؟
________________
[1]. كشف الإرتياب في إتباع محمد بن عبدالوهاب –ص287.
[2] . لمحات إجتماعية من تاريخ العراق الحديث –الجزء السادس- د. علي الوردي –ص306


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page