طباعة

الملحق الأول : نص رسالة الحكومة السعودية على استفسارات جميعة خدام الحرمين الشريفين


بسم الله الرحمن الرحيم
حضرات الأفاضل حبيب الله ورفاقه المحترمين.
لي الشّرف أن أحيط حضراتكم علما بان كتابكم المرفوع لمولاي جلالة الملك المؤرخ في 12 رجب سنة 1344 وقد وصل وقد أمرني أيده الله ان أعرب لكم عن شكره بما ذكرتموه من عباراتكم الرقيقة في أول كتابكم فإني أجمل لحضراتكم الجواب على الأسئلة ا لتي أحببتم الإستفسار عنها لتكون معلوما لديكم على وجهها بغير مبالغة أوتحريف[1] سألتم ستة عشر سؤالاً عما وقع في الطائف من الحوادث والوقائع في أول الحرب أحيط حضراتكم علماً بأن الجند النجدي لما تقدم إلى الحجاز لم يكن ليقدر له ما لاقاه من النّصر والظفروا ولم يكن القادة الذين كانوا معه ليقدروا هذا الظفر والنصر وإنما جاء الجيش وكان عبارة عن طليعة بسيطة لإكتشاف قوة العدو ولما اقترب من حدود الطائف أرسل في المساء ما يقرب من أربعين خيالاً لأسوار مدينة الطائف ليكشف حال العدو فوجد باباً من أبواب أسوار الطائف مفتوحاً وان قوة من جند الشريف تخرج من الباب فهاجم الباب حتى دخله وكان الوقت وقت غروب الشمس واختلط عند ذلك جند الشريف بالسرية الصغيرة من جنودنا في داخل البلدة ودخلها أخلاط من الناس من رواد السلب والنهب حتى إختلط الحابل بالنابل ولم يصل الخبر بدخول الطائف لقادة جندنا إلا بعد منتصف الليل ولم يكن بأمكان أحد ان يعمل أي عمل في ذلك الليل البهيم فوقعت حوادث تأسف لها مولاي جلالة الملك كل التأسف ولم يكن ليرضى بها قط وليس ما وقع في الطائف بدعاً في تاريخ الحروب في اعالم فهذه أفعال الألمان في القرن العشرين مسطورة في بطون التواريخ عن أعمال جنودهم في بلاد البلجيك وفي بلاد الأفرنسيين مسطورة في بطون التواريخ عن أعمال جنودهم في بلاد البلجيك وفي بلاد الأفرنسيين بل هذه أعمال جنود الحلفاء وسيرتهم في سائر البلاد التي دخلوها وما لنا ولذكر الأوروبيين الم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله «اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد» وخالد بن الوليد رضي الله عنه سيف الله فقد ذكر الطبري في تاريخه فيما روي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله حين إفتتح مكة خالد بن الوليد داعياً ولم يبعثه مقاتلاً ومعه قبائل من العرب سليم ومدلج وقبائل من غيرهم فلما نزلوا على الغميضاء وهي ماء من مياه بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة على جماعاتهم وكانت بنو جذيمة قد أصابوا في الجاهلية عوف بن عبد عوف أبا عبدالرحمن بن عوف والفاكه بن المغيرة وكانا قد أقبلا تاجرين من اليمن حتى إذا نرلا بهم قتلوهما وأخذوا أموالهما فلما كان الإسلام وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله خالد بن الوليد سار حتى نزل ذلك الماء فلما رآه القوم أخذوا السلاح وقالوا ما هنا إلا الأسار ثم ما بعد الأسار إلا ضرب الأعناق والله لا أضع سلاحي أبداً قال فأخذه رجال من قومه فقالوا يا جحدم أتريد ان تسفك دماؤنا إن الناس قد أسلموا ووضعت الحرب وأمن الناس فلم يزالوا به حتى نزعوا سلاحه ووضع القوم السلاح لقول خالد فلما وضعوه أمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم فلما انتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رفع يديه إلى السماء ثم قال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد وبعد ان أرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إليهم دعاه وخبره بمواساتهم قام صلى الله عليه وآله فاستقبل القبلة قائماً شاهراً يديه حتى إنه ليرى بياض أبطيه وهو يقول اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات).
إن مولاي يكرر في مثل هذا المقام ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله من براءته من كل عمل عمله أي رجل من قواده أو جنوده مما ليس له حق في فعله ولا يسمح به الشرع ولا تستدعيه المصلحة الحربية.
(2) ذكرتم ثمانية أسئلة عن المساجد وهدمها (إننا نبرأ إلى الله من هدم مساجد الله اما مسجد أبي قبيس فقد أقدم بعض الجهلة على هدمه من غير غلم فأمرت الحكومة بإعادته لأنه مسجد ليس إلاّ واما باقي المساجد فإنها باقية وستبقى إن شاء الله تعالى عامرة بذكر الله نحافظ عليها بأموالنا وأنفسنا).
(3) سألتم ثلاثين سؤالا تتعلق بأشياء جعلتم لها ثلاثة أسماء المآثر الإسلامية والمزارات والقبب فنخبر حضراتكم في صدد هذه المسائل بصراحة وهو ان ديننا دين الإسلام ومرجعنا في أعمالنا كتاب الله وسنّة رسوله محمد صلى الله عليه وآله وسنة الخلفاء الراشدين من بعده وما عليه الأئمة الأربعة الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبو حنيفة والإمام أحمد رحمهم الله تعالى فإذا كان لدى أحد من الناس حجة يوردها علينا في أمر من الأمور فيما يتعلق بهذه الأقسام الثلاثة من كتاب الله أو من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أو من أعمال السلف الصالح أو من أقوال الأئمة الأربعة فليتفضلوا علينا بها لنكون أول المطيعين. ان الذي نتبعه في ديننا هو هذا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسنة الخلفاء الراشدين وأقوال الأئمة الأربعة ولسنا تبعاً لرغائب الناس وأهوائهم فإذا كان المجموع من الفرقة الفلانية يبتغون كذا والمجموع من الفرقة الفلانية ينعون كذا وكان واجباًعلينا أن نراعي رأي كل فريق فيما يشتهي ويحب ضاع الدين وضيعنا كتاب الله «ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض» إننا لا يهمنا في أمر ديننا أهواء الناس ولا غاياتهم ولا فرقهم ولا أحزابهم وإنما يهمنا أمر الله وإجتناب نواهيه وإتباع رسوله صلى الله عليه وآله والخلفاء الراشدين والأئمة الأربعة فمن كان عنده من الأصول اتي ذكرناها انتقاد أو مقال فليتفضل علينا به لنكون أول المتبعين ويمكنكم ان تراجعوا النظر في أسئلتكم وترجعوا إلى كتاب الله وسنة نبيه أو إلى الخلفاء الراشدين أو قول أحد الأئمة الأربعة فتقولوا انكم فعلتم كذا وهذا ممنوع بدليل ان الله تعالى يقول كذا أو رسوله يقول كذا أو أحد الخلفاء يقول كذا أو أحد الأئمة الأربعة يقول كذا عندئذ تجدوننا نطأطىء الرأس ونعود عن كل خطأ مستغفرين تائبين «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين».
(4) ذكرتم أسئلة ستة تتعلق بقبر النبي صلى الله عليه وآله وبيته فقد أعلنا غير مرة رأينا في ان قبر النبي صلى الله عليه وآله وبيته ندافع عنه بأموالنا وأرواحنا وبكل ما نملك ولم نقف أمام المدينة المنورة ونتكفي بحصارها إلا حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله ولمسجده.
(5) ذكرتم ثمانية أسئلة عن الحرية المذهبية ونحن نقول إن كل مسلم حر في كل قول أو عمل يجيزه الإسلام ونمنعه من كل قول أو عمل يحرمه الإسلام ويمنعه. إن الحجاز هو مصدر الإسلام وأساسه فإذا لم تكن الكلمة العليا فيه لكتاب الله ولسنة رسوله ولما كان عليه السلف الصالح ففي أي مكان تكون الكلمة العليا لهذه الأسس العظيمة ولهذا فيمكن لكل مسلم ان يعلم الشيء المباح في الحجاز والشيء الممنوع فيه بعرضه على ذلك الأساس المتين الذي من تمسك به نجا ومن فارقه وحاد عنه كان والعياذبالله من الهالكين.
(6) ذكرتم حضراتكم أسئلة متعددة تتعلق بأمور البلاد الحربية والعسكرية وبعض شؤون الإدارة الداخلية فاستميحكم العذر في ان أذكر حضراتكم بأن البحث في هذا الموضوع لا يعنيكم بوجه من الوجوه ولا يمكن الحكومة ان تقبل من حضراتكم أو من أي إنسان كان أن يسألها عن مقدار ما عندها من الأسلحة ولا عن مواضع وجودها وإن في السؤال عنها مدعاة للريبة التي يجب ان نجلكم عنها.
(7) سألتم عن المدارس وحالها قبل دخولنا لهذه الديار وبعده فإن الحكومة كانت أيام الحرب مشتغلة بالأمور الحربية فلم توجه العناية المطلوبة لنشر التعليم في البلاد ولكنها عازمة بحول اله وفوته أن تؤيد نشر العلم في هذه الديار بكل الوسائل الممكنة وسيجني المسلمون عامة بحول الله من الثمار الطيبة التي ستؤتي أكلها في هذه الديار بعد حين قليل بحول الله وقوته.
(8) سألتم بعض أسئلة تتعلق بعلاقة نجد مع بعض الدول الخارجية فاستميحكم العذر في أن أفيد حضراتكم بأن نجد مستقلة إستقلالاً تاماً في داخليتها وخارجيتها وليس لدولة أجنبية أو أدنى فرد أجنبي سلطان عليها ولا تسمح لأي إنسان كان أن يتداخل في أي شأن من شؤونها الداخلية أو الخارجية. أما الحجاز فإن مولاي لم يعقد أي عقد أو معاهدة يتعلق بالحجاز وأما معاهدة جدة وبحره فعلاقتها مقتصرة على المسائل المشتركة بين العراق ونجد وشرق الأردن ونجد وليس لها علاقة في الحجاز بوجه من الوجود. اما العقبة ومعان فليس لمولاي جلالة الملك أيّ علاقة في أمرهما أيام دارت المفاوضة بشأنهما بين الشريف علي وأخيه الشريف عبدالله بشأن تنازل الأولاد عنهما للثاني وقد نشرت الجرائد نص تلك المخابرات في حينها وان حدود الحجاز لم تقرر بصورة نهائية بعد لنكون مسؤولين عن جميع الأطراف.
(9) سألتم بعض أسئلة تتعلق بمصير الحجاز السياسي والإداري وعن المؤتمر الإسلامي وما للمسلمين من علاقة في هذه الديار أما ما يتعلق بمصير الحجاز السياسي والإداري فهذا أمر ترك مولاي أمر التقرير فيه لأهل الحجاز أنفسهم ولهم الحرية فيما يرون فيه المصلحة لأنفسهم فيقررونه لحفظ الحجاز من أي سيطرة أو مداخلة أجنبية ولما يؤمن الأمن فيه ويعلى كلمة الشريعة الإسلامية فيه وأما المسلمون ومؤتمرهم فإنا نرحب بالمسلمين ومؤتمرهم متى صمموا على ذلك ليبحثوا فيما يؤمن راحة الحجاج ورفاهيتهم في هذه الديار المقدسة وتفضلوا حضراتكم بقبول فائق الإحترام.

رئيس الديوان الملكي
عبدالله السليمان الحمدان
14 رجب سنة 1344.

______________________

[1]  . صور المفاوضات الخطية .. ص13-18 .