طباعة

تقدم الخليفة في السنة

أما تقدمه في السنة فكل ما أثبته عنه إمام الحنابلة أحمد في المسند 1 ص 2 - 14 ثمانون حديثا، ويربو المتكرر منها على العشرين، فلم يصف منها إلا ما يقرب الستين حديثا وقد التقط ما في مسنده من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، وكان يحفظ ألف ألف حديث (1).
وجمع ابن كثير بعد جهود جبارة أحاديثه في اثنين وسبعين حديثا وسمى مجموعه:
مسند الصديق (2).
واستدرك ما جمعه ابن كثير جلال الدين السيوطي بعد تصعيد وتصويب ومع تضلع وإحاطة بالحديث، فأنهى أحاديثه إلى مائة وأربعة، وذكرها برمتها في تاريخ الخلفاء ص 59 - 64.
وقد يروى أن له مائة واثنان وأربعون حديثا اتفق الشيخان على ستة أحاديث منها. وانفرد البخاري بأحد عشر، ومسلم بواحد (3).
وفي وسع الباحث المناقشة في غير واحد من تلك الأحاديث سندا أو متنا، فإن من جملتها ما ليس بحديث وإنما هو قول قاله كقوله: للحسن السبط سلام الله عليه: بأبي شبيه بالنبي ليس شبيها بعلي.
وقوله: شاور رسول الله في أمر الحرب.
وقوله: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أهدى جملا لأبي جهل.
ومنها ما هو محكوم عليه بالوضع، أو يخالف الكتاب والسنة، ويكذبه العقل والمنطق والطبيعة مثل قوله:
1 - لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.
2 - وقوله: ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر.
3 - وقوله: إن الميت ينضح عليه الحميم ببكاء الحي.
4 - وقوله: إنما حر جهنم على أمتي مثل الحمام، أما الأول فله عدة طرق لا يصح شئ منها. الطريق الأول لابن عدي وفي إسناده:
1 - زكريا بن يحيى الوكار، أحد الكذابين الكبار مرت ترجمته في سلسلة الكذابين في الجزء الخامس ص 230 ط 2.
2 - بشر بن بكر. قال الأزدي منكر الحديث ولا يعرف، لسان الميزان 2 ص 20 3 - أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني. قال أحمد: ضعيف كان عيسى بن يونس لا يرضاه وعن أبي داود عن أحمد: إنه ليس بشئ وقال أبو حاتم: سألت ابن معين عنه فضعفه. وقال أبو زرعة: ضعيف منكر الحديث. وقال أبو حاتم:
ضعيف الحديث طرقه لصوص فأخذوا متاعه فاختلط (4) وقال الجوزقاني: ليس بالقوي.
وقال النسائي: ضعيف وقال أبو سعد: كان كثير الحديث ضعيفا. وقال الدار قطني:
متروك (5).
الطريق الثاني لابن عدي أيضا وفي إسناده:
1 - مصعب بن سعيد أبو خيثمة المصيصي. قال ابن عدي: يحدث عن الثقات بالمناكير ويصحف. وقال: والضعف على رواياته بين. وقال ابن حبان: كان مدلسا وقال صالح جزرة: شيخ ضرير لا يدري ما يقول. وذكر الذهبي له أحاديث فقال: ما هذه إلا مناكير وبلايا (6).
2 - عبد الله بن واقد. قال ابن عدي والجوزقاني والنسائي: متروك الحديث و قال غيرهما: ليس بشئ. وقال الأزدي: عنده مناكير. وقال أحمد: أظنه كان يدلس. وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث لا يحدث عنه. وقال البخاري: تركوه منكر الحديث: وقال ابن حبان: وقع المناكير في حديثه فلا يجوز الاحتجاج بخبره. وقال صالح جزرة: ضعيف مهين. وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم (7).
3 - مشرح بن عاهان. قال ابن عدي وابن حبان: لا يحتج به. وقال غيرهما:
يروي عن عقبة مناكير لا يتابع عليهما. وقال آخرون: الصواب ترك ما انفرد به (8) أورده بهذين الطريقين ابن الجوزي في الموضوعات فقال: هذان حديثان لا يصحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الأول، فإن زكريا بن يحيى كان من الكذابين.
قال ابن عدي، كان يضع الحديث. وأما الثاني: فقال أحمد ويحيى: عبد الله بن واقد ليس بشئ. وقال النسائي: متروك: وقال ابن حبان: انقلبت على مشرح صحائفه فبطل الاحتجاج به. ا ه‍.
الطريق الثالث لأبي العباس الزوزني في كتاب شجرة العقل بلفظ: لو لم أبعث لبعثت يا عمر!. وفي إسناده:
1 - عبد الله بن واقد. وقد مر في الطريق الثاني.
2 - راشد بن سعد بن الحمصي، ذكر الحاكم أن الدار قطني ضعفه، وكذا ضعفه ابن حزم، وذكر البخاري أنه شهد صفين مع معاوية (9) فالرجل من الفئة الباغية بنص من النبي الأعظم، وذكره الصغاني فقال: موضوع. كما في كشف الخفاء 2 ص 163 الطريق الرابع للديلمي عن أبي هريرة بلفظ: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر. أيد الله عمر بملكين يوفقانه ويسددانه، فإذا أخطأ صرفاه حتى يكون صوابا.
في إسناده إسحاق بن نجيح الملطي أبو صالح الأزدي. قال أحمد: من أكذب الناس. وقال ابن معين: كذاب عدو الله رجل سوء خبيث. كان ببغداد قوم يضعون الحديث منهم إسحاق الملطي. وقال ابن أبي مريم عنه: من المعروفين بالكذب ووضع الحديث. وقال علي بن المديني: ليس بشئ وضعفه، روى عجائب. وقال عمر بن علي:
كذاب كان يضع الحديث. وقال الجوزقاني: غير ثقة ولا من أوعية الأمانة. وقال:
كذاب وضاع لا يجوز قبول خبره ولا الاحتجاج بحديثه ويجب بيان أمره. وقال الجهضمي والبخاري: منكر الحديث. وقال السنائي: كذاب متروك الحديث. وقال:
ابن عدي: أحاديثه موضوعات وضعها هو وعامة ما أتى عن ابن جريج بكل منكر ووضعه عليه، وهو بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث. وقال ابن حبان: دجال من الدجاجلة يضع الحديث صراحا. وقال البرقي: نسب إلى الكذب. وقال أبو سعيد النقاش: مشهور بوضع الحديث. وقال: وقال ابن طاهر: دجال كذاب. وقال ابن الجوزي: أجمعوا على أنه كان يضع الحديث (10).
قال الديلمي بعد ذكر الحديث بالطريق المذكور: وتابعه راشد بن سعد عن المقدام بن معدي كرب عن أبي بكر الصديق والله أعلم.
قال الأميني: عرفت في الطريق الثالث ضعف راشد، وإنما الصغاني حكم على حديثه هذا بالوضع، وأقره العجلوني وزيفه في كشف الخفاء 2 ص 154، 163 وذكره السيوطي في اللئالي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1 ص 302 غير أنه عده بهذا الطريق الوعر في تاريخ الخلفاء عن أحاديث أبي بكر، ولا تخفى عليه تراجم هؤلاء الرجال أمثال إسحاق الملطي، نعم راقه أن يكثر عدد أحاديث الخليفة ولو بمثل هذا وقد حذف الأسانيد منها حتى لا يقف القارئ على ما فيها من الوضع والاختلاق والله من ورائه حسيب.
____________
(1) طبقات الحفاظ للذهبي 2 ص 17، ترجمة أحمد في آخر الجزء الأول من مسنده.
(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 64.
(3) شرح رياض الصالحين للصديقي 2: 23.
(4) قال الأميني: لو لم يكن لاختلاط الرجل آية غير حديثه هذا لكفى وحسبه.
(5) تهذيب التهذيب 12 ص 29.
(6) ميزان الاعتدال 3: 173، لسان الميزان 6: 44.
(7) تهذيب التهذيب 6 ص 66، ميزان الاعتدال 2 ص 84، لسان الميزان 3 ص 374.
اللئالي المصنوعة 1 ص 302.
(8) اللئالي المصنوعة 1: 302، ميزان الاعتدال 3: 172.
(9) تهذيب التهذيب 3 ص 226.
(10) مرت المصادر في الجزء الخامس ص 218 ط 2.