• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ثبات الخليفة على المبدء

عن أبي سعيد الخدري: إن أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني مررت بوادي كذا وكذا فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي. فقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذهب إليه فاقتله. قال: فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحالة كره أن يقتله فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر: إذهب إليه فاقتله. قال فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر فكره أن يقتله فرجع فقال: يا رسول الله! إني رأيته متخشعا فكرهت أن أقتله قال: يا علي إذهب فاقتله. فذهب علي فلم يره فرجع فقال: يا رسول الله! إني لم أره. فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا وأصحابه يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البرية (1).
وعن أنس بن مالك قال: كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يعجبنا تعبده و اجتهاده وقد ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا: هو هذا. قال: إنكم لتخبروني عن رجل إن في وجهه لسفعة من الشيطان فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟
قال: أللهم نعم. ثم دخل يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر أنا، فدخل عليه فوجده يصلي فقال: سبحان الله! أقتل رجلا يصلي: وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل المصلين، فخرج. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعلت؟ قال: كرهت أن أقتله وهو يصلي وأنت قد نهيت عن قتل المصلين. قال: من يقتل الرجل؟ قال عمر: أنا. فدخل فوجده واضعا جبهته فقال عمر: أبو بكر أفضل مني فخرج فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مه؟ قال: وجدته واضعا وجهه لله فكرهت أن أقتله. فقال: من يقتل الرجل؟ فقال علي: أنا. فقال: أنت إن أدركته. فدخل عليه فوجده قد خرج فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: مه؟ قال: وجدته قد خرج قال: لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم (2).
صاحب القصة هو ذو الثدية رأس الفتنة يوم النهروان قتله أمير المؤمنين الإمام علي يوم ذاك كما في صحيح مسلم وسنن أبي داود، قال الثعالبي في ثمار القلوب ص 233: ذو الثدية شيخ الخوارج وكبيرهم الذي علمهم الضلال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله وهو في الصلاة فكع عنه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فلما قصده علي رضي الله عنه لم يره، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أما إنك لو قتلته لكان أول فتنة وآخرها، ولما كان يوم النهروان وجد بين القتلى فقال علي رضي الله عنه: ائتوني بيده المخدجة. فأتي بها فأمر بنصبها.
قال الأميني: هلم معي نسائل الرجلين ممن أخذا أن الصلاة تحقن دم صاحبها؟
هل أخذاها عن شريعة غاب الصادع بها، فارتبكا بين قوليه؟ أليست هي الشريعة المحمدية وصاحبها هو الذي أمر بقتل الرجل؟ وهو ينظر إليه من كثب، ويعلم أنه يصلي، و قد أخبرته الصحابة وفيهم الرجلان بخضوعه وخشوعه في صلاته، وإعجابهم بتعبده و اجتهاده، وفي المخبرين أبو بكر نفسه، غير أن رسول الله صلى الله عليه وآله عرف بواسع علمه النبوي أن كل ذلك عن دهاء وتصنع يريد بن إغراء الدهماء للحصول على أمنيته الفاسدة التي لم يتمكن منها إلا على عهد الخوارج فأراد صلى الله عليه وآله قمع تلك الجرثومة الخبيثة بقتله، ولقد أراد صلى الله عليه وآله تعريف الناس بالرجل إيقافهم على ما انطوت عليه أضالعه فاستحفاه عما دار في خلده حين وقف على القوم وفيهم النبي صلى الله عليه وآله وأراد أن يعلموا أنه يجد نفسه خيرا أو أفضل منهم ومنه صلى الله عليه وآله.
أي كافر هذا يجب قتله لا سيما بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: إن في وجهه لسفعة من الشيطان؟
وأي شقي هذا يقف على المنتدى وقد ضم صدره نبي العظمة ولم يسلم؟ وأي صفيق يعرب عن سوء ما هجس في ضميره بكل صراحة، غير محتشم عن موقفه، ولا مكترث لمقاله؟
نعم لذلك كله أمر صلى الله عليه وآله بقتله وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، لكن الشيخين رؤفا به حين وجداه يصلي تثبتا على المبدء، وتحفظا على كرامة الصلاة ومن أتى بها، وزاد عمر: إن أبا بكر خير مني ولم يقتله. أو لم يكن النبي الآمر بقتله خيرا منهما؟ أولم يكن هو مشرع الصلاة والآتي بحرمتها؟ أو لم يكن مصدقا لدى الصديق وصاحبه في قوله حول الرجل وإعرابه عن نواياه؟
كان خيرا للشيخين أن يتركا هذا التعلل الواضح فساده ويتعللا بما في لفظ أبي نعيم في الحلية من أنهما هابا أن يقتلاه، وبما أسلفناه عن ثمار القلوب للثعالبي من أنهما كعا عن الرجل. أي جبنا وضعفا وتهيبهما الرجل وإن كان مصليا غير شاك السلاح، فلعله يكون معذرا لهما عن ترك الامتثال، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، لكنهما يوم عرفا نفسهما كذلك والانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره لماذا أقدما على قتل الرجل، ففوتا على النبي صلى الله عليه وآله طلبته وعلى الأمة السلام والأمن ولو بعد لأي من عمر الدهر عند ثورات الخوارج؟ وأبو بكر هذا هو الذي يحسبه ابن حزم والمحب الطبري والقرطبي والسيوطي أشجع الناس كما مر ص 200 وقد يهابه ظل الرجال في مصلاهم.
وللرجل (ذي الثدية) سابقة سوء عند الشيخين من يوم قسم رسول الله صلى الله عليه وآله غنيمة هوازن قال ذو الثدية للنبي صلى الله عليه وآله لم أرك عدلت. أو: لم تعدل هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: ويحك إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ فقال عمر: يا رسول الله ألا أقتله؟ قال: لا، سيخرج من ضيضئ هذا الرجل قوم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم تراقيهم. تاريخ أبي الفدا ج 1 ص 148، الامتاع للمقريزي ص 425.
____________
(1) مسند أحمد 3: 15، تاريخ ابن كثير 7: 298.
(2) حلية الأولياء 2: 317، ج 3: 227، مسند البزار من طريق الأعمش، وأبو يعلى مسنده كما في تأريخ ابن كثير 7 ص 298، الإصابة 1: 484


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page