• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مناظرة عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع الحرورية

مناظرة عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع الحرورية

المناظرة العاشرة(مناظرة عبدالله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مع الحرورية(1) )

قال عبدالله بن عباس: لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دارهم وكانوا ستة آلاف.

فقلت لعلي ـ عليه السلام ـ: يا أمير المؤمنين أبرد بالظهر، لعَليّ آتي هؤلاء القوم فأكلمهم.

قال: إني أخاف عليك.

قلت: كلا.

قال: فقمت وخرجت ودخلت عليهم في نصف النهار وهم قائلون، فسلمت عليهم.

فقالوا: مرحبا بك يابن عباس، فما جاء بك ؟

قلت لهم: أتيتكم من عند أصحاب النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وصهره، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله منكم، وليس فيكم منهم أحد، لابلّغكم ما يقولون، وأخبرهم بما تقولون.

قلت: أخبروني ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ وابن عمه ؟

قالوا: ثلاث.

قلت: ما هن ؟

قالوا: أما إحداهن، فإنه حَكَّم الرجال في أمر الله، وقال الله تعالى: (إن الحكم إلا الله)(2) ، ما شأن الرجال والحكم ؟ !

فقلت: هذه واحدة.

قالوا: وأما الثانية، فإنه قاتل ولم يَسبِ ولم يغنم، فإن كانوا كفارا سلبهم، وإن كانوا مؤمنين ما أحل قتالهم(3) .

قلت: هذه اثنتان، فما الثالثة ؟

قالوا: إنه محى نفسه عن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين.

قلت: هل عندكم شيء غير هذا ؟

قالوا: حسبنا هذا.

قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله ومن سنة نبيه ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ ما يردّ قولكم، أترضون ؟

قالوا: نعم.

قلت: أما قولكم حَكَّم الرجال في أمر الله، فأنا أقرأ عليكم في كتاب الله أن قد صيَّر الله حكمه إلى الرجال في ثَمَن ربع درهم، فأمر الله الرجال أن يحكّموا فيه، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم)(4) الاية، فأنشدتكم بالله تعالى: أحكمُ الرجال في أرنب ونحوها من الصيد أفضل ؟ أم حكمهم في دمائهم وصلاح ذات بينهم، وأنت تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم يصيّر ذلك إلى الرجال ؟

قالوا: بل هذا أفضل.

وفي المرأة وزوجها قال الله عزوجل: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)(5) الاية، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في امرأة ؟ أخرجتُ من هذه ؟

قالوا: نعم.

قلت: وأما قولكم: قاتل ولم يسَبِ ولم يغنم، أفَتسْبوُن أمَّكم عائشة، وتستحلون منها ما تستحلون من غيرها، وهي أمُكم ؟ فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها، فقد كفرتم، ولان قلتم: ليست بأمنا، فقد كفرتم، لان الله تعالى يقول: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم)(6) .

فأنتم تدورون بين ضلالتين، فأتوا منهما بمخرج ؟

قلت: فخرجتُ من هذه ؟

قالوا: نعم.

وأما قولكم: محى اسمه من أمير المؤمنين، فأنا آتيكم بمن ترضون، وأراكم قد سمعتم أن النبي ـ صلّى عليه وآله وسلّم ـ يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعلي ـ عليه السلام ـ: اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ، فقال المشركون: لا و، ما نعلم أنك رسول و الله، لو نعلم أنك رسول الله لاطعناك، فاكتب محمد بن عبدالله، فقال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ: امح يا عليّ «رسول الله» اللّهم إنك تعلم أني رسولك، امح يا عليّ واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله.

فوالله لرسول الله ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ خير من علي، وقد محا نفسه، ولم يكن محوه ذلك يمحاه من النبوة ؟(7) .

خرجتُ من هذه ؟

قالوا: نعم.

فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم، فَقُتِلوا على ضلالتهم، فقتلهم المهاجرون والانصار(8) .


--------------------------------------------------------------------------------

(1) الحرورية: جماعة من الخوارج النواصب، والنسبة لبلد قرب الكوفة على ميلين منها تسمى حرُوراء، نزل بها هؤلاء بعد خروجهم على أمير المؤمنين علي ـ عليه السلام ـ حينما قبل بالتحكيم بينه وبين معاوية، قيل لهم حينئذاك: أنتم الحرورية لاجتماعكم بحروراء، وقال شاعرهم:

 

· اذا الحرورية الحرى ركبوا لا يستطيع لهم أمثالك الطلبا

· لا يستطيع لهم أمثالك الطلبا لا يستطيع لهم أمثالك الطلبا

وقالوا يومها: لا حكم إلا الله، فقال علي ـ عليه السلام ـ: كلمة حق أريد بها باطل.

وسُموا ايضاً بالخوارج والمحكمة، والسبب الذي له سُمّوا خوارج: خروجهم على أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ، والذي له سُمّوا محكمة: إنكارهم الحكمين، وقولهم لا حكم الا الله.

راجع: معجم الفرق الاسلامية لشريف الامين ص 94، مقالات الاسلامين للاشعري ص 127 ـ 128.

(2) سورة الانعام: الاية 57.

(3) المقصود من كانوا في حرب الجمل، فان أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ نهى عن قتل جريحهم وسبيهم وسلبهم واتباع مدبرهم.

(4) سورة المائدة: الاية 95.

(5) سورة النساء: الاية 35.

(6) سورة الاحزاب: الاية 6.

(7) خصائص امير المؤمنين للنسائي ص150 ـ 152 ح185، دلائل النبوة للبيهقي ج 4 ص 147، المناقب للخوارزمي ص192 ح231، الكامل في التاريخ ج2 ص204، شرح نهج البلاغة ج2 ص232 وج10 ص258، الارشاد للمفيد ص63، مجمع البيان ج 5 ص 119.

(8) المصنف لعبد الرزاق ج10 ص157 ـ 160، جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج2 ص103 ـ 104، الحاكم في المستدرك ج2 ص150، مناقب ابن المغازلي ص406 ح460.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page