• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الغلو في فضايل عثمان : 15 - رأي الخليفة في صيد الحرم

رأي الخليفة في صيد الحرم (1)
أخرج إمام الحنابلة أحمد وغيره بإسناد صحيح عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: أقبل عثمان إلى مكة فاستقبلت بقديد فاصطاد أهل الماء حجلا فطبخناه بماء وملح فقدمناه إلى عثمان وأصحابه فأمسكوا فقال عثمان: صيد لم نصده ولم نأمر بصيده اصطاده قوم حل فأطعموناه فما بأس به. فبعث إلى علي فجاء فذكر له فغضب علي و قال: انشد رجلا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتي بقائمة حمار وحش فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قوم حرم فأطعموه أهل الحل؟ فشهد اثني عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال علي: أنشد الله رجلا شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتي ببيض النعام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا قوم حرم أطعموه أهل الحل؟ فشهد دونهم من العدة من الاثنى عشر قال: فثنى عثمان وركه من الطعام فدخل رحله وأكل الطعام أهل الماء.
وفي لفظ آخر لأحمد عن عبد الله بن الحرث: إن أباه ولي طعام عثمان قال: فكأني أنظر إلى الحجل حوالي الجفان فجاء رجل فقال: إن عليا رضي الله عنه يكره هذا فبعث إلى علي وهو ملطخ يديه بالخبط فقال: إنك لكثير الخلاف علينا فقال علي: أذكر الله من شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتي بعجز حمار وحش وهو محرم فقال: إنا محرمون فأطعموه أهل الحل. فقام رجال فشهدوا ثم قال: أذكر الله رجلا شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتي بخمس بيضات بيض نعام فقال: إنا محرمون فأطعموه أهل الحل فقام رجال فشهدوا، فقام عثمان فدخل فسطاطه وتركوا الطعام على أهل الماء.
وفي لفظ الإمام الشافعي: إن عثمان أهديت له حجل وهو محرم فأكل القوم إلا عليا فإنه كره ذلك.
وفي لفظ لابن جرير: حج عثمان بن عفان فحج علي معه فأتي عثمان بلحم صيد صاده حلال فأكل منه ولم يأكله علي فقال عثمان: والله ما صدنا ولا أمرنا ولا أشرنا فقال علي: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما. " سورة المائدة: 96 ".
وفي لفظ: إن عثمان بن عفان رضي الله عنه نزل قديدا فأتي بالحجل في الجفان شائلة بأرجلها فأرسل إلى علي رضي الله عنه وهو يضفر (2) بعيرا له فجاء والخبط ينحات من يديه، فأمسك علي وأمسك الناس فقال علي: من هاهنا من أشجع؟ هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء أعرابي ببيضات نعام وتتمير (3) وحش فقال: أطعمهن أهلك فإنا حرم؟ قالوا: بلى. فتورك عثمان عن سريره ونزل فقال: خبثت علينا.
وفي لفظ البيهقي: كان الحارث خليفة عثمان رضي الله عنه على الطائف، فصنع لعثمان رضي الله عنه طعاما وصنع فيه من الحجل واليعاقيب ولحوم الوحش قال: فبعث إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فجاء الرسول وهو يخبط لأباعر له، فجاءه وهو ينفض الخبط من يده فقالوا له: كل. فقال: اطعموه قوما حلالا فإنا قوم حرم، ثم قال علي رضي الله عنه: أنشد الله من كان هاهنا من أشجع، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله؟ قالوا: نعم.
وأخرج الطبري من طريق صبيح بن عبد الله العبسي قال: بعث عثمان بن عفان أبا سفيان بن الحرث على العروض فنزل قديدا فمر به رجل من أهل الشام معه باز و سقر فاستعار منه فاصطاد به من اليعاقيب فجعلهن في حظيرة فلما مر به عثمان طبخهن ثم قدمهن إليه فقال عثمان: كلوا فقال بعضهم: حتى يجئ علي بن أبي طالب. فلما جاء فرأى ما بين أيديهم قال علي: إنا لا نأكل منه. فقال عثمان مالك لا تأكل؟ فقال: هو صيد لا يحل أكله وأنا محرم. فقال عثمان: بين لنا. فقال علي: " يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ". فقال عثمان: أو نحن قتلناه؟ فقرأ عليه: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما.
وأخرج سعيد بن منصور كما ذكره ابن حزم من طريق بسر بن سعيد قال: إن عثمان بن عفان كان يصاد له الوحش على المنازل ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته، ثم إن الزبير كلمه فقال: ما أدري ما هذا يصاد لنا ومن أجلنا، لو تركناه فتركه.
قال الأميني: هذه القصة تشف عن تقاعس فقه الخليفة عن بلوغ مدى هذه المسألة، أو أنه راقه إتباع الخليفة الثاني في الرأي حيث كان يأمر المحرم بأكل لحم الصيد، ويحذر أهل الفتوى عن خلافه مهددا بالدرة إن فعل وسيوافيك تفصيله إن شاء الله تعالى، غير أن عثمان أفحمه مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بالكتاب والسنة فلم يجد ندحة من الدخول في فسطاطه والاكتفاء بقوله: إنك لكثير الخلاف علينا.
وهذا القول ينم عن توفر الخلاف بين مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وبين الخليفة، ومن الواضح الجلي إن الحق كلما شجر خلاف بين مولانا علي عليه السلام وبين غيره كائنا من كان لا يعدو كفة الإمام صلوات الله عليه للنص النبوي: علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة (4) وقوله: علي مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان حتى يردا علي الحوض (5) وإنه باب مدينة علم النبي صلى الله عليه وآله، ووارث علمه، وعيبة علمه وأقضى أمته (6) وكان سلام الله عليه منزها عن الخلاف لاتباع هوى أو احتدام بغضاء بينه وبين غيره، فإن ذلك من الرجس الذي نفاه الله عنه عليه السلام في آية التطهير. وقد طأطأ كل عيلم لعلمه، وكان من المتسالم عليه إنه أعلم الناس بالسنة؟ ولذلك لما نهى عمر عبد الله بن جعفر عن لبس الثياب المعصفرة في الاحرام جابهه الإمام عليه السلام بقوله: ما أخال أحدا يعلمنا السنة (7) فسكت عمر إذ كان لم يجد منتدحا عن الاخبات إلى قوله، ولو كان غيره عليه السلام لعلاه بالدرة، ولذلك كان عمر يرجع إليه في كل أمر عصيب فإذا حله قال: لولا علي لهلك عمر (8) أو نظير هذا القول وسيوافيك عن عثمان نفسه قوله: لولا علي لهلك عثمان.
فرأي الإمام الطاهر هو المتبع وهو المعتضد بالكتاب بقوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما، كما استدل به عليه السلام على عثمان، فبعمومه كما حكاه ابن حزم في المحلى 7: 249 عن طائفة ظاهر في أن الشئ المتصيد هو المحرم ملكه وذبحه وأكله كيف كان، فحرموا على المحرم أكل لحم الصيد وإن صاده لنفسه حلال، وإن ذبحه حلال، وحرموا عليه ذبح شئ منه وإن كان قد ملكه قبل إحرامه.
وقال القرطبي في تفسيره 6: 321: التحريم ليس صفة للأعيان، وإنما يتعلق بالافعال فمعنى قوله: وحرم عليكم صيد البر. أي فعل الصيد، وهو المنع من الاصطياد، أو يكون الصيد بمعنى المصيد على معنى تسمية المفعول بالفعل، وهو الأظهر لإجماع العلماء على إنه لا يجوز للمحرم قبول صيد وهب له، ولا يجوز له شراؤه ولا اصطياده ولا استحداث ملكه بوجه من الوجوه، ولا خلاف بين علماء المسلمين في ذلك لعموم قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما، ولحديث الصعب بن جثامة. وقال في ص 322: وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر: إنه لا يجوز للمحرم أكل صيد على حال من الأحوال، سواء صيد من أجله أولم يصد لعموم قوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما. قال ابن عباس: هي مبهمة. وبه قال طاووس، وجابر بن زيد وأبو الشعثاء، وروي ذلك عن الثوري، وبه قال إسحاق، واحتجوا بحديث ابن جثامة ه‍
ويعتضد رأي الإمام عليه السلام ومن تبعه بالسنة الشريفة الثابتة بما ورد في الصحاح والمسانيد وإليك جملة منه:
1 - عن ابن عباس قال: يا زيد بن أرقم! هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدي إليه عضد صيد فلم يقبله وقال: إنا حرم؟ قال: نعم.
وفي لفظ: قدم زيد بن أرقم فقال له ابن عباس يستذكره: كيف أخبرتني عن لحم صيد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حرام؟ قال: نعم أهدى له رجل عضوا من لحم صيد فرده وقال: إنا لا نأكل إنا حرم.
وفي لفظ مسلم: إن زيد بن أرقم قدم فأتاه ابن عباس رضي الله عنه فاستفتاه في لحم الصيد فقال: أتي رسول الله بلحم صيد وهو محرم فرده.
راجع صحيح مسلم 1: 450، سنن أبي داود 1: 291، سنن النسائي 5: 184، سنن البيهقي 5: 194، المحلى لابن حزم 7: 250 وقال: رويناه من طرق كلها صحاح.

2 - عن الصعب بن جثامة قال: مربي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء أو بودان (9) وأهديت له لحم حمار وحش فرده علي فلما رأى في وجهي الكراهية قال: إنه ليس بنا رد عليك ولكننا حرم. وفي لفظ: إن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلحم حمار وحش فرده وقال: إنا حرم لا نأكل الصيد.
راجع صحيح مسلم 1: 449، مسند أحمد 4: 37، سنن الدارمي 2: 39، سنن ابن ماجة 2: 262، سنن النسائي 5: 18؟، سنن البيهقي 5: 192 بعدة طرق، أحكام القرآن للجصاص 2: 586، تفسير الطبري 7: 48، تيسير الوصول 1: 272.
3 - عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أهدي للنبي صلى الله عليه وسلم شق حمار وحش وهو محرم فرده. وفي لفظ أحمد: إن الصعب بن جثامة أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم عجز حمار فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقطر دما.
وفي لفظ طاووس في حديثه: عضدا من لحم صيد.
وفي لفظ مقسم: لحم حمار وحش.
وفي لفظ عطاء في حديثه: أهدي له صيد فلم يقبله وقال: إنا حرم.
وفي لفظ النسائي: أهدى الصعب بن جثامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش تقطر دما وهو محرم وهو بقديد فردها عليه.
وفي لفظ ابن حزم: إنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل حمار وحش فرده عليه وقال: إنا حرم لا نأكل الصيد. وفي لفظ: لولا إنا محرمون لقبلناه منك.
راجع صحيح مسلم 1: 449، مسند أحمد 1: 290، 338، 341، مسند الطيالسي ص 171، سنن النسائي 5: 185، سنن البيهقي 5: 193، المحلى لابن حزم،: 249 وقال: رويناه من طرق كلها صحاح، أحكام القرآن للجصاص 2: 586، تفسير القرطبي 6: 322.

(لفت نظر)
أخرج البيهقي في تجاه هذا الصحيح المتسالم عليه في السنن الكبرى 5: 193 من طريق عمرو بن أمية الضميري إن الصعب بن جثامة أهدى للنبي عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم. ثم قال: وهذا إسناد صحيح، فإن كان محفوظا فكأنه رد الحي وقبل اللحم والله أعلم. ا ه‍.
لا أحسب هذا مبلغ علم البيهقي وإنما أعماه حبه لتبرير الخليفة في رأيه الشاذ عن الكتاب والسنة، فرأى الضعيف صحيحا، وأتى في الجمع بينه وبين الصحيح المذكور بما يأباه صريح لفظه، ولهذه الغاية أخرج البخاري ذلك الصحيح المتسالم عليه في صحيحه 3: 165 وحذف منه كلمة: الشق. والعجز. والرجل. والعضد. واللحم. وتبعه في ذلك الجصاص في أحكام القرآن 2: 586 حيا الله الأمانة وعقب ابن التركماني رأي البيهقي فيما أخرجه فقال في سنن الكبرى:
قلت: هذا في سنده يحيى بن سليمان الجعفي عن ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب هو الغافقي المصري، ويحيى بن سليمان ذكره الذهبي في الميزان والكاشف عن النسائي إنه ليس بثقة وقال ابن حبان: ربما أغرب. والغافقي قال النسائي ليس بذلك القوي.
وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال أحمد: كان سيئ الحفظ يخطئ خطئا كثيرا، و كذبه مالك في حديثين، فعلى هذا لا يشغل بتأويل هذا الحديث لأجل سنده ولمخالفته للحديث الصحيح، وقول البيهقي: رد الحي وقبل اللحم يرده ما في الصحيح إنه عليه السلام رده. ا ه‍.
4 - عن عبد الله بن الحرث عن ابن عباس عن علي بن أبي طالب قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بلحم صيد وهو محرم فلم يأكله.
مسند أحمد 1: 105، سنن ابن ماجة 2: 263.
5 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين إنها قالت له: يا ابن أختي إنما هي عشر ليال فإن يختلج في نفسك شئ فدعه. يعني أكل لحم الصيد.
موطأ مالك 1: 257، سنن البيهقي 5: 194، تيسير الوصول 1: 273.
6 - عن نافع قال: أهدي إلى ابن عمر ظبيا مذبوحة بمكة فلم يقبلها، وكان ابن عمر يكره للمحرم أن يأكل من لحم الصيد على كل حال.
رواه ابن حزم في المحلى 7: 250 من طريق رجاله كلهم ثقات.
ولو كان عند الخليفة علم بسنة نبيه لعله لم يك يخالفها، ولو كان عنده ما يجديه في الحجاج تجاه هذه السنة الثابتة لأفاضه وما ترك النوبة لأتباعه ليحتجوا له بعد لاي من عمر الدهر بما لا يغني من الحق شيئا، قال البيهقي في سننه 5: 194: أما علي وابن عباس رضي الله عنهما فإنهما ذهبا إلى تحريم أكله على المحرم مطلقا، وقد خالفهما عمر وعثمان وطلحة والزبير وغيرهم ومعهم حديث أبي قتادة وجابر والله أعلم. ا ه‍.
أما حديث أبي قتادة قال: انطلقت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم وكنت مع أصحابي فجعل بعضهم يضحك إلى بعض فنظرت فإذا حمار وحش فحملت عليه فطعنته فأثبته فاستعنت بهم فأبوا أن يعينوني فأكلنا منه، فلحقت برسول الله وقلت: يا رسول الله! إني أصبت حمار وحش ومعي منه فاضلة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للقوم: كلوا. وهم محرمون (10).
فهو غير واف بالمقصود لأن قصته كانت عام الحديبية السادس من الهجرة كما هو صريح لفظه وكثير من أحكام الحج شرعت في عام حجة الوداع السنة العاشرة ومنها تعيين المواقيت ولذلك ما كان أبو قتادة محرما عند ذا، مع إحرام رسول الله وإحرام أصحابه. قال ابن حجر في فتح الباري 4: 19: قيل كانت: هذه القصة قبل أن يوقت النبي المواقيت. وقال السندي في شرح سنن النسائي 5: 185 عند ذكر حديث أبي قتادة: قوله " عام الحديبية " بهذا تبين أن تركه الاحرام ومجاوزته الميقات بلا إحرام كان قبل أن تقرر المواقيت، فإن تقرير المواقيت كان سنة حج الوداع كما روي عن أحمد.
ومنها أحكام الصيد النازلة في سورة المائدة التي هي آخر ما نزل من القرآن، و روي عن النبي صلى الله عليه وآله: إنه قرأها في حجة الوداع وقال: يا أيها الناس إن سورة المائدة آخر ما نزل فأحلوا حلالها وحرموا حرامها. وروي نحوه عن عائشة موقوفا وصححه الحاكم وأقره ابن كثير، وأخرجه أبو عبيد من طريق ضمرة بن حبيب، وعطية بن قيس مرفوعا (11).
فليس من البدع أن يكون غير واحد من مواضيع الحج لم يشرع لها حكم في عام الحديبية ثم شرع بعده ومنها هذه المسألة، وكان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حاضرا في عام الحديبية وقد شاهد قصة أبي قتادة كما شاهد ها غيره " على فرض صحتها " ومع ذلك أنكر على عثمان وكذلك الشهود الذين استنشدهم صلوات الله عليه فشهدوا له لم يعزب عنهم ما وقع في ذلك العام، لكنهم شهدوا على التشريع الأخير الثابت.
ولو كان لقصة أبي قتادة مقيل من الصحة أو وزن يقام لما ترك عثمان الاحتجاج به لكنه كان يعلم أن الشأن فيها كما ذكرناه، وإن العمل قبل التشريع لا حجية له، وأفحمه الإمام عليه السلام بحجته الداحضة، فتوارى عن الحجاج في فسطاطه وترك الطعام على أهل الماء.
وأما حديث جابر فقد أخرجه غير واحد من أئمة الفقه والحديث ناصين على ضعفه من طريق عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صيد البر لكم حلال وأنتم حرم إلا ما اصطدتم وصيد لكم (12)
قال النسائي في سننه: أبو عبد الرحمن عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن كان قد روى عنه مالك.
وقال ابن حزم في المحلى: أما خبر جابر فساقط لأنه عن عمرو بن أبي عمرو وهو ضعيف.
وقال ابن التركماني في شرح سنن البيهقي عند قول الشافعي: إن ابن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي (13): قلت: الدراوردي احتج به الشيخان وبقية الجماعة، وقال ابن معين: ثقة حجة، ووثقه القطان وأبو حاتم وغيرهما، وأما ابن أبي يحيى فلم يخرج له في شئ من الكتب الخمسة، ونسبه إلى الكذب جماعة من الحفاظ كابن حنبل وابن معين وغيرهما، وقال بشر بن المفضل: سألت فقهاء المدينة عنه فكلهم يقولون: كذاب أو نحو هذا، وسئل مالك: أكان ثقة؟ فقال: لا ولا في دينه، وقال ابن حنبل: كان قدريا معتزليا جهميا كل بلاء فيه، وقال البيهقي في التيمم والنكاح: مختلف في عدالته.
ومع هذا كله كيف يرجح على الدراوردي؟.
قال: ثم لو رجع عليه هو ومن معه فالحديث في نفسه معلول عمرو بن أبي عمرو مع اضطرابه في هذا الحديث متكلم فيه. قال ابن معين وأبو داود: ليس بالقوي زاد يحيى: وكان مالك يستضعفه. وقال السعدي: مضطرب الحديث.
قال: والمطلب قال فيه ابن سعد: ليس يحتج بحديثه لأنه يرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا، وعامة أصحابه يدلسون، ثم الحديث مرسل، قال الترمذي: المطلب لا يعرف له سماع من جابر. فظهر بهذا أن الحديث فيه أربع علل: إحداها: الكلام في المطلب. ثانيها: إنه ولو كان ثقة فلا سماع له من جابر فالحديث مرسل. ثالثها: الكلام في عمرو. رابعها: إنه ولو كان ثقة فقد اختلف عليه فيه كما مر. ا ه‍.
ثم ذكر ما استشكل به الطحاوي في الحديث من وجهة النظر من قوله: إن الشئ لا يحرم على إنسان بنية غيره أن يصيد له.
هذا مجمل القول في حديث أبي قتادة وجابر، فلا يصلحان للاعتماد ورفع اليد عن تلكم الصحاح المذكورة الثابتة، ولا يخصص بمثلهما عموم، ولا يتم بهما تقييد مطلقات الكتاب، والمعول عليه في المسألة هو كتاب الله العزيز والسنة الشريفة الثابتة، وما شذ عنهما من رأي أي بشر يضرب به عرض الجدار، فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون.
____________
(1) مسند أحمد 1: 100، 104، كتاب الأم للشافعي 7: 157، سنن أبي داود 1: 291، سنن البيهقي 5: 194، تفسير الطبري 7: 45، 46 المحلى لابن حزم 8: 254، كنز العمال 3: 53، نقلا عن أحمد وأبي داود وابن جرير وقال: صححه، وعن الطحاوي و أبي يعلى والبيهقي.
(2) ضفر الدابة يضفر ها ضفرا: ألقى اللجام في فيها. والضفر: ما شددت به البعير من الشعر المضفور. والمضفور والضفير: الحبل المفتول. الضفائر: الدوائب المضفورة.
(3) التتمير: التقديد. والتتمير: التيبيس. والتتمير: أن يقطع اللحم صغار أو يجفف. واللحم المتمر: المقطع (لسان العرب).
(4) راجع ما مر في الجزء الثالث ص 155 158 ط 1، و 176 180 ط 2.
(5) راجع ما أسلفناه في الجزء الثالث ص 158 ط 1، و 180 ط 2.
(6) راجع ما فصلناه في الجزء السادس ص 54 73 ط 1، و 61 81 ط 2.
(7) كتاب الأم للإمام الشافعي 2: 126، المحلى لابن حزم 7: 260.
(8) راجع نوادر الأثر في علم عمر في الجزء السادس من كتابنا هذا.
(9) ودان بفتح الواو قرية جامعة بين مكة والمدينة، بينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال من الجحفة، ومنها الصعب بن جثامة " معجم البلدان "
(10) صحيح البخاري 3: 163، صحيح مسلم 1: 450، سنن النسائي 5: 185، سنن ابن ماجة 2: 363، سنن البيهقي 5: 188.
(11) مستدرك الحاكم 2: 311، تفسير القرطبي 6: 31، تفسير الزمخشري 1: 403، تفسير ابن كثير 2: 2، تفسير الخازن 2: 448، تفسير الشوكاني 2: 1.
(12) كتاب الأم 2: 176، سنن أبي داود 1: 291، سنن النسائي 5: 187، سنن البيهقي 5: 190، المحلى لابن حزم 7: 253.
(13) الرجلان وردا في طريقي الشافعي للحديث.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page