• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الغلو في فضايل عثمان : 23 - رأي الخليفة في الجمع بين الأختين بالملك

أخرج مالك في الموطأ 2: 10 عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان بن عفان عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك. قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شئ ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب.
(لفظ آخر للبيهقي)
عن ابن شهاب قال أخبرني قبيصة بن ذؤيب: إن نيارا الأسلمي سأل رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأختين فيما ملكت اليمين فقال له: أحلتهما آية وحرمتهما آية، ولم أكن لأفعل ذلك. قال: فخرج نيار من عند ذلك الرجل فلقيه رجل آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أفتاك به صاحبك الذي استفيته فأخبره فقال: إني أنهاك عنهما ولو جمعت بينهما ولي عليك سلطان عاقبتك عقوبة منكلة.
قال ملك العلماء في البدايع: وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: كل شئ حرمه الله تعالى من الحرائر حرمه الله تعالى من الإماء إلا الجمع في الوطئ بملك اليمين.
وقال الجصاص في أحكام القرآن: وروي عن عثمان وابن عباس إنهما أباحا ذلك وقالا: أحلتهما آية وحرمتهما آية. وقال: روي عن عثمان الإباحة، وروي عنه أنه ذكر التحريم والتحليل وقال: لا آمر به ولا أنهى عنه. وهذا القول منه يدل على أنه كان ناظرا فيه غير قاطع بالتحليل والتحريم فيه فجائز أن يكون قال فيه بالإباحة ثم وقف فيه، وقطع علي فيه بالتحريم.
وقال الزمخشري: أما الجمع بينهما في ملك اليمين فعن عثمان وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: أحلتهما آية وحرمتهما آية. فرجح علي التحريم وعثمان التحليل.
قال الرازي: عن عثمان أنه قال: أحلتهما آية وحرمتهما آية والتحليل أولى
قال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار (1): إنما كنى قبيصة بن ذؤيب عن علي بن أبي طالب لصحبته عبد الملك بن مروان، وكانوا يستثقلون ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
راجع السنن الكبرى للبيهقي 7: 164، أحكام القرآن للجصاص 2: 158، المحلى لابن حزم 9: 522، تفسير الزمخشري 1: 359، تفسير القرطبي 5: 117، بدايع الصنايع للملك العلماء 2: 264، تفسير الخازن 1: 356، الدر المنثور 2: 136 نقلا عن مالك والشافعي وعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والبيهقي، تفسير الشوكاني 1: 418 نقلا عن الحفاظ المذكورين.
قال الأميني: يقع البحث عن هذه المسألة في موردين الأول: في حكم الجمع بين الأختين بملك اليمين ووطأهما جميعا فهو محرم على المشهور بين الفقهاء كما قاله الرازي في تفسيره 3: 193.
وهو المشهور عن الجمهور والأئمة الأربعة وغيرهم وإن كان بعض السلف قد توقف في ذلك كما قاله ابن كثير في تفسيره 1: 472.
ولا يجوز الجمع عند عامة الصحابة كما في بدايع 2: 264.
كان فيه خلاف بين السلف ثم زال وحصل الإجماع على تحريم الجمع بينهما بملك اليمين. واتفق فقهاء الأمصار عليه كما قاله الجصاص في أحكام القرآن 2: 158 وذهب كافة العلماء إلى عدم جوازه ولم يلتفت أحد من أئمة الفتوى إلى خلافه (قول عثمان) لأنهم فهموا من تأويل كتاب الله خلافه ولا يجوز عليهم تحريف التأويل وممن قال ذلك من الصحابة عمر وعلي وابن عباس وعمار وابن عمر وعائشة وابن الزبير وهؤلاء أهل العلم بكتاب الله فمن خالفهم فهو متعسف في التأويل. كذا قاله القرطبي في تفسيره 5: 116، 117.
وقال أبو عمر في الاستذكار: روي مثل قول عثمان عن طائفة من السلف منهم ابن عباس ولكن اختلف عليهم ولم يلتفت إلى ذلك أحد من فقهاء الأمصار والحجاز والعراق ولا ما وراءهما من المشرق ولا بالشام والمغرب إلا من شذ عن جماعتهم باتباع الظاهر ونفي القياس، وقد ترك من يعمل ذلك ظاهرا ما اجتمعنا عليه، وجماعة الفقهاء متفقون على أنه لا يحل الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطئ كما لا يحل ذلك في النكاح. (2)
وحكيت الحرمة المتسالم عليها بين الأمة جمعاء عن علي وعمر والزبير وابن عباس وابن مسعود وعائشة وعمار وزيد بن ثابت وابن عمر وابن الزبير وابن منبة وإسحاق ابن راهويه وإبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة وحماد بن أبي سليمان والشعبي والحسن البصري وأشهب والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة ومالك. (3)
ومع المجمعين الكتاب والسنة فمن الكتاب إطلاق الذكر الحكيم في عد المحرمات في قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين (سورة النساء 23) فقد حرمت الجمع بينهما بأي صورة من نكاح أو ملك يمين قال ابن كثير في تفسيره 1: 473: وقد أجمع المسلمون على أن معنى قوله: حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم. إلى آخر الآية (4): أن النكاح وملك اليمين في هؤلاء كلهن سواء وكذلك يجب أن يكون نظرا و قياسا الجمع بين الأختين وأمهات النساء والربائب، وكذلك هو عند جمهورهم وهم الحجة المحجوج بها " على " من خالفها وشذ عنها. ه‍.
وقد تمسك بهذا الإطلاق الصحابة والتابعون والعلماء وأئمة الفتوى والمفسرون وكان مولانا أمير المؤمنين عليه السلام يشدد النكير على من يفعل ذلك ويقول: لو كان لي من الأمر شئ ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. أو يقول للسائل: إني أنهاك عنهما ولو جمعت بينهما ولي عليك سلطان عاقبتك عقوبة منكلة.
وروي عن أياس بن عامر أنه قال: سألت علي بن أبي طالب فقلت: إن لي أختين مما ملكت يميني إتخذت إحداهما سرية وولدت لي أولادا ثم رغبت في الأخرى فما أصنع؟ قال: تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى ثم قال: إنه يحرم عليك مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد. أو قال: إلا الأربع ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب. (5)
ولو لم يكن في هذا المورد غير كلام الإمام عليه السلام لنهض حجة للفتوى فإنه أعرف الأمة بمغازي الكتاب وموارد السنة، وهو باب علم النبي صلى الله عليهما وآلهما وهو الذي خلفه صلى الله عليه وآله عدلا للكتاب ليتمسكوا بهما فلا يضلوا.
وقد أصفق على ذلك أئمة أهل البيت عليهم السلام من ولده وهم عترته صلى الله عليه وآله أعدال الكتاب وأبوهم سيدهم وقولهم حجة في كل باب.
وبهذه تعرف مقدار ما قد يعزى إلى أمير المؤمنين عليه السلام من موافقته لعثمان في رأيه الشاذ عن الكتاب والسنة وقوله: أحلتهما آية وحرمتهما آية. وحاشاه عليه السلام من أن يختلف رأيه في حكم من أحكام الله، غير إن رماة القول على عواهنه راقهم أن يهون على الأمة خطب عثمان فكذبوا عليه صلوات الله عليه واختلقوا عليه، قال الجصاص في أحكام القرآن 2: 158: قد روى أياس بن عامر أنه قال لعلي: إنهم يقولون: إنك تقول: أحلتهما آية وحرمتهما آية. فقال: كذبوا.
ومن السنة للمجمعين ما استدل به على الحرمة ابن نجيم في البحر الرائق 3: 95، وملك العلماء في بدايع الصنايع 2: 264 وغيرهما من قوله صلى الله عليه وآله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعن ماءه في رحم أختين.
(المورد الثاني):
وهل هناك ما يخصص الحرمة المستفادة من القرآن بالسنة إلى ملك اليمين؟ يدعي عثمان ذلك فقال: أحلتهما آية وحرمتهما آية. ولم يعين الآية المحللة كما يعينها غيره من السلف، نعم: أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن حاتم والطبراني من طريق ابن مسعود إنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين الأمتين فكرهه، فقيل: يقول الله تعالى: إلا ما ملكت أيمانكم. فقال وبعيرك أيضا مما ملكت يمينك. وفي لفظ ابن حزم: إن حملك مما ملكت يمينك (6)
وقال الجصاص في أحكام القرآن 2: 158: يعنون بالمحلل قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. والقول بهذا بعيد عن نطاق فهم القرآن وعرفان أسباب نزول الآيات، ولا تساعده الأحاديث الواردة في الآية الكريمة، وأنى للقائل من ثبوت التعارض بين الآيتين بعد ورودهما في موضوعين مختلفين؟ ولأعلام القوم في المقام بيانات ضافية قيمة نقتصر منها بكلام الجصاص قال في " أحكام القرآن " 2: 199: إن الآيتين غير متساويتين في إيجاب التحريم والتحليل وغير جائز الاعتراض بأحدهما على الأخرى إذ كل واحدة منهما ورود ها في سبب غير سبب الأخرى وذلك: لأن قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين. وارد في حكم التحريم كقوله تعالى: وحلائل أبنائكم. وأمهات نسائكم. وسائر من ذكر في الآية تحريمها. وقوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. في إباحة المسبية التي لها زوج في دار الحرب، وأفاد وقوع الفرقة وقطع العصمة فيما بينهما، فهو مستعمل فيهما ورد فيه من إيقاع الفرقة بين المسبية وبين زوجها وإباحتها لمالكها، فلا يجوز الاعتراض به على تحريم الجمع بين الأختين، إذ كل واحدة من الآيتين واردة في سبب غير سبب الأخرى، فيستعمل حكم كل واحدة منهما في السبب الذي وردت فيه. قال:
ويدل على ذلك إنه لا خلاف بين المسلمين في أنها لم تعترض على حلائل الأبناء وأمهات النساء وسائر من ذكر تحريمهن في الآية، وإنه لا يجوز وطئ حليلة الابن ولا أم المرأة بملك اليمين ولم يكن قوله تعالى: " إلاما ملكت أيمانكم " موجبا لتخصيصهن لوروده في سبب غير سبب الآية الأخرى، كذلك ينبغي أن يكون حكمه في اعتراضه على تحريم الجمع وامتناع علي رضي الله عنه ومن تابعه في ذلك من الصحابة من الاعتراض بقوله تعالى: " إلا ما ملكت أيمانكم ". على تحريم الجمع بين الأختين يدل على أن حكم الآيتين إذا وردتا في سببين إحداهما في التحليل و الأخرى في التحريم إن كل واحدة منهما تجري على حكمهما في ذلك السبب ولا يعترض بها على الأخرى، وكذلك ينبغي أن يكون حكم الخبرين إذا وردا عن الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك. الخ.
ونحن نردف كلام الجصاص بما ورد في سبب نزول قوله تعالى: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. وإنه كما سمعت من الجصاص غير السبب الوارد فيه قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين. أخرج مسلم في صحيحه وغيره بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال: أصبنا نساء من سبي أوطاس ولهن أزواج فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم. فاستحللنا بها فروجهن وفي لفظ أحمد: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابوا سبايا يوم أطاس لهن أزواج من أهل الشرك فكان أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا وتأثموا من من غشيانهن قال: فنزلت هذه الآية في ذلك: " والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم ".
وفي لفظ النسائي: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم وظهروا عليهم فأصابوا لهم سبايا لهن أزواج في المشركين فكان المسلمون تحرجوا من غشيانهن فأنزل الله عز وجل: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم.
راجع صحيح مسلم 1: 416، 417، صحيح الترمذي 1: 135، سنن أبي داود 1: 336، سنن النسائي 6: 110، مسند أحمد 3: 72، 84، أحكام القرآن للجصاص 2: 165، سنن البيهقي 7: 167، المحلى لابن حزم 9: 447، مصابيح السنة 2: 29، تفسير القرطبي 5: 121، تفسير البيضاوي 1: 269، تفسير ابن كثير 1: 372، تفسير الخازن 1: 375، تفسير الشوكاني 1: 418.
وعلى ذلك تأوله علي وابن عباس وعمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر وابن مسعود وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وقالوا: إن الآية وردت في ذوات الأزواج من السبايا أبيح وطؤهن بملك اليمين ووجب بحدوث السبي عليها دون زوجها وقوع الفرقة بينهما (7).
وقال القرطبي في تفسيره 5: 121: قد اختلف العلماء في تأويل هذه الآية فقال ابن عباس وأبو قلابة وابن زيد ومكحول والزهري وأبو سعيد الخدري: المراد بالمحصنات هنا المسبيات ذوات الأزواج خاصة، أي هن محرمات إلا ما مملكت اليمين بالسبي من أرض الحرب، فإن تلك حلال للذي تقع في سهمه وإن كان لها زوج. وهو قول الشافعي في أن السباء يقطع العصمة، وقاله ابن وهب وابن عبد الحكم وروياه عن مالك، و وقال به أشهب، يدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري " وذكر الحديث فقال ": وهذا نص صريح في أن الآية نزلت بسبب تحرج أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن وطئ المسبيات ذوات الأزواج، فأنزل الله تعالى في جوابهم: إلا ما ملكت أيمانكم وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى. ا ه‍.
* (قول آخر في الآية المحللة) *
قال ملك العلماء في بدايع الصنايع 2: 264، والزمخشري في تفسيره 1: 359: عني عثمان بآية التحليل قوله عز وجل: إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين (8).
وهذا إنما يتم بالتمسك بعموم ملك اليمين لكن الممعن في لحن القول يجد إنه لا يجوز الأخذ بهذا العموم لأنه في مقام بيان ناموس العفة للمؤمنين بأن صاحبها يكون حافظا لفرجه إلا فيما أباح له الشارع في الجملة من زوجة أو ملك يمين فقال: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أوما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين ولا ينافي هذا وجود شروط في كل منهما، فإن العموم لا يبطل تلكم الشروط الثابتة من الشريعة، وإنما هي التي تضيق دائرة العموم وهي الناظرة عليه، مثلا لا يقتضي هو إباحة وطي الزوجة في حال الحيض والنفاس وفي أيام شهر رمضان وفي الاحرام والايلاء والظهار والمعتدة من وطئ بشبهة، ولا إباحة وطي الأختين ولا وطئ الأمة ذات الزوج فإن هذه شرايط جاء بها الاسلام لا يخصصها أي شئ، ولا يعارض أدلتها عموم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم.
ولو وسعنا عموم الآية لوجب أن نبيح كل هذه أو نراها تعارض أدلتها، ولنا عندئذ أن نقول في نكاح الأختين وفي بقية ما ورد في الكتاب مما ذكر: أحلته آية وحرمته آية. فقد استثنيا " الزوجة وملك اليمين " بنسق واحد وهذا مما لا يفوه به أي متفقه.
وكذلك لو أخذ بعمومها في الرجال والنساء كما جوزه الجصاص لوجب أن نبيح للمرأة المالكة أن يطأها من تملكه، وهذا لا يحل إجماعا من أئمة المذاهب.
وقال ابن حزم في المحلى 9: 524: لا خلاف بين أحد من الأمة كلها قطعا متيقنا في أنه ليس على عمومه، بل كلهم مجمع قطعا على أنه مخصوص، لأنه لا خلاف ولا شك في أن الغلام من ملك اليمين وهو حرام لا يحل، وإن الأم من الرضاعة من ملك اليمين والأخت من الرضاعة من ملك اليمين، وكلتاهما متفق على تحريمهما، أو الأمة يملكها الرجل قد تزوجها أبوه ووطأها وولد منها حرام على الابن.
وقال: ثم نظرنا في قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين. وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن. ولا تنكح المشركات حتى يؤمن. ولم يأت نص ولا إجماع على أنه مخصوص حاش زواج الكتابيات فقط، فلا يحل تخصيص نص لا برهان على تخصيصه، وإذ لا بد من تخصيص ما هذه صفتها أو تخصيص نص آخر لا خلاف في أنه مخصص، فتخصيص المخصوص هو الذي لا يجوز غيره. ا ه‍.
وأما ما قيل (9) من أن الآية المحللة قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم.
في ذيل آية عد المحرمات فباطل أيضا فإنه بمنزلة الاستثناء مما قبله من المحرمات ومنها الجمع بين الأختين، وقد عرفت إن الأمة صحابيها وتابعيها وفقهائها مجمعة على عدم الفرق في حرمة الجمع بين الأختين في الوطئ نكاحا وملك يمين، ولم يفرقوا بينهما قط، وهو الحجة، على أن ملاك التحريم في النكاح وهو الوطي موجود في ملك اليمين فالحكم فيهما شرع سواء في المراد مما وراء ذلك هوما وراء المذكورات كلها من الأمهات والبنات إلى آخر ما فيها، ومنها الجمع بين الأختين بقسميه.
وعلى فرض الاغضاء عن كل هذه وعن أسباب نزول الآيات وتسليم إمكان المعارضة بين الآيتين فإن دليل الحظر مقدم على دليل الإباحة في صورة التعارض ووحدة سبب الدليلين كما بينه علماء علم الأصول ونص عليه في هذه المسألة الجصاص في أحكام القرآن 2: 158، والرازي في تفسيره 3: 193.
لكن عثمان كان لا يعرف كل هذا، ولا أحاط بشئ من أسباب نزول الآيات فطفق يغلب دليل الإباحة في مزعمته على دليل التحريم المتسالم عليه عند الكل، وقد عزب عنه حكم العقل المستدعي لتقديم أدلة الحرمة دفعا للضرر المحتمل، وقد شذ بذلك عن جميع الأمة كما عرفت تفصيله ولم يوافقه على هذا الحسبان أي أحد إلا ما يعزى إلى ابن عباس بنقل مختلف فيه كما مر عن أبي عمر في الاستذكار.
وفي كلا م الخليفة شذوذ آخر وهو قوله: كل شئ حرمه الله تعالى من الحرائر حرمه الله تعالى من الإماء إلا الجمع بالوطئ بملك اليمين. فهو باطل في الاستثناء والمستثنى منه، أما الاستثناء فقد عرفت إطباق الكل على حرمة الجمع بين الأختين بالوطئ بملك اليمين معتضدا بالكتاب والسنة، وأما المستثنى منه فقد أبقى فيه ما هو خارج منه بالاتفاق من الأمة جمعاء وهو العدد المأخوذ في الحرائر دون الإماء.
لقد فتحت أمثال هذه المزاعم الباطلة الشاذة عن الكتاب وفقه الاسلام باب الشجار على الأمة بمصراعيه، فإنها في الأغلب لا تفقد متابعا أو مجادلا قد ضلوا وأضلوا وهم لا يشعرون، وهناك شرذمة سبقها الإجماع ولحقها من أهل الظاهر لا يأبه بهم لم يزالوا مصرين على رأي الخليفة في هذه المسألة، لكنهم شذاذ عن الطريقة المثلى، قال القرطبي في تفسيره 5: 117: شذ أهل الظاهر فقالوا: يجوز الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطئ كما يجوز الجمع بينهما في الملك، واحتجوا بما روي عن عثمان في الأختين من ملك اليمين: حرمتهما آية وأحلتهما آية.
ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين.      " البقرة 145 "
____________
(1) في بيان حديث الموطأ المذكور في أول العنوان في قول قبيصة: فلقي رجلا.
(2) تفسير ابن كثير 1: 473، تفسير الشوكاني 1: 411.
(3) راجع أحكام القرآن للجصاص 2: 158، المحلى لابن حزم 9: 522، 523، تفسير القرطبي 5: 117، 118، تفسير أبي حيان 3: 213، تفسير الرازي 3: 193، الدر المنثور 2، 137.
(4) هي آية: وأن تجمعوا بين الأختين.
(5) أخرجه الجصاص في أحكام القرآن 2: 158، وأبو عمر في الاستذكار، وذكره ابن كثير في تفسيره 1: 472، والسيوطي في الدر المنثور 2: 137.
(6) المحلى لابن حزم 9: 524، تفسير ابن كثير 1: 472، الدر المنثور 2: 137 نقلا عن الحفاظ المذكورين.
(7) أحكام القرآن للجصاص 2: 165، سنن البيهقي 7: 167، تفسير الشوكاني 1: 418.
(8) سورة المؤمنين آية 6.
(9) تفسير القرطبي 5: 117، تفسير ابن كثير 1: 474.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page