أعطى الحارث بن الحكم بن العاص أخا مروان وصهر الخليفة من ابنته عائشة ثلاثمائة ألف درهم كما في أنساب البلاذري 5: 52، وقال في ص 28: قدمت إبل الصدقة على عثمان فوهبها للحارث بن الحكم.
وقال ابن قتيبة في المعارف ص 84، وابن عبد ربه في العقد الفريد 2: 261، و ابن أبي الحديد في شرحه 1: 67، والراغب في المحاضرات 2: 212: تصدق رسول الله صلى الله عليه وآله بموضع سوق بالمدينة يعرف بمهزون (1) على المسلمين فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم.
وقال الحلبي في السيرة 2: 87: أعطى الحارث عشر ما يباع في السوق، أي سوق المدينة.
قال الأميني: لقد اصطنع الخليفة لهذا الرجل ثلاثا لا أظنه يخرج من عهدة النقد عليها:
1 - إعطاءه ثلاثمائة ألف ولم يكن من حر ماله.
2 - هبته إبل الصدقة إياه وحده.
3 - إقطاعه إياه ما تصدق به رسول الله صلى الله عليه وآله على عامة المسلمين.
أنا لا أدري بماذا استحق الرجل هذه الأعطيات الجزيلة؟ وكيف خص به ما تصدق به رسول الله صلى الله عليه وآله على كافة أهل الاسلام، وحرمه الباقون؟ ولو كان الخليفة موفرا عليه بهذه الكمية من مال أبيه لاستكثر ذلك نظرا إلى حاجة المسلمين وجيوشهم ومرابطيهم، فكيف به؟ وقد وهبه ما يملك من مال المسلمين ومن الأوقاف والصدقات، وما كان الرجل يعرف بشئ من الأعمال البارة والمساعي المشكورة في سبيل الدعوة الإلهية وخدمة المجتمع الديني حتى يحتمل فيه استحقاق زيادة في عطاءه، وهب أنا نجزنا ذلك الاستحقاق لكنه لا يعدو أن يكون مخرج الزيادة مما يسوغ للخليفة التصرف فيه لا مما لا يجوز تبديله من إقطاع ما تصدق به النبي صلى الله عليه وآله وجعله وقفا عاما على المسلمين لا يخص به واحد دون آخر، ومن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبد لونه.
فلم يبق مبرر لتلكم الصنايع أو الفجايع إلا الصهر بينه وبين الخليفة والنسب لأنه ابن عمه. ولك حق النظر في صنيع كل من الخليفتين:
1 - عثمان وقد علمت ما ارتكبه هاهنا وفي غيره
2 - مولانا علي عليه السلام يوم جاءه عقيل يستميحه صاعا من البر للتوسيع له ولعياله مما قدر له في العطاء، فأدى عليه السلام ما هو حق الأخوة والتربية، ولا سيما في مثل عقيل من الأشراف والأعاظم الذي يجب فيهم التهذيب أكثر من غيرهم فأدى إليه الحديدة المحماة فتأوه فقال عليه السلام: تجزع من هذه وتعرضني لنار جهنم؟. (2)
وفي رواية ابن الأثير في أسد الغابة 3: 423 من طريق سعد: إن عقيل بن أبي طالب لزمه دين فقدم على علي بن أبي طالب الكوفة فأنزله وأمر ابنه الحسن فكساه فلما أمسى دعا بعشائه فإذا خبز وملح وبقل فقال عقيل: ما هو إلا ما أرى. قال: لا. قال: فتقضي ديني؟ قال وكم دينك؟ قال: أربعون ألفا. قال: ما هي عندي ولكن اصبر حتى يخرج عطائي فإنه أربعة آلاف فأدفعه إليك. فقال له عقيل: بيوت المال بيدك و أنت تسوفني بعطائك؟. فقال: أتأمرني أن أدفع إليك أموال المسلمين وقد ائتمنوني عليها؟. إقرأ، فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى.
____________
(1) في المعارف: مهزوز. وفى شرح ابن أبي الحديد: تهروز. وفي محاضرات الراغب: مهزور.
(2) الصواعق لابن حجر ص 79.
الغلو في فضايل عثمان : 33 - إقطاع الخليفة وعطيته الحارث
- الزيارات: 2276