• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

1 - حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه

1 - من كلام له عليه السلام في معنى قتل عثمان: لو أمرت به لكنت قاتلا، أو نهيت عنه لكنت ناصرا، غير أن من نصره لا يستطيع أن يقول: خذله من أنا خير منه، و من خذله لا يستطيع أن يقول: نصره من هو خير مني، وأنا جامع لكم أمره: استأثر فأساء الأثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، ولله حكم واقع في المستأثر والجازع (1)
قال ابن أبي الحديد في الشرح 1: 158: قوله: غير أن من نصره. معناه إن خاذليه كانوا خيرا من ناصريه، لأن الذين نصروه كان أكثرهم فساقا كمروان بن الحكم وأضرابه، وخذله المهاجرون والأنصار.
2 - من كلام له عليه السلام قاله لابن عباس وقد جاءه برسالة من عثمان وهو محصور يسأله فيها الخروج إلى ماله بينبع فقال عليه السلام:
يا ابن عباس! ما يريد عثمان إلا أن يجعلني جملا ناضحا بالغرب (2) أقبل وأدبر بعث إلي أن أخرج ثم بعث إلي أن أقدم، ثم هو الآن يبعث إلي أن أخرج، والله لقد دفعت عنه حتى خشيت أن أكون آثما (3).
3 - أخرج البلاذري في الأنساب 5: 98 من طريق أبي حادة أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول وهو يخطب فذكر عثمان فقال: والله الذي لا إله إلا هو ما قتلته، و لا ما لات على قتله، ولا ساءني.
4 أخرج ابن سعد من طريق عمار بن ياسر قال: رأيت عليا على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قتل عثمان وهو يقول: ما أحببت قتله ولا كرهته، ولا أمرت به ولا نهيت عنه. الأنساب للبلاذري 5: 101.
وأو عز شاعر أهل الشام كعب بن جعيل إلى قول الإمام عليه السلام بأبيات له ألا وهي:

وما في علي لمستعتب * مقال سوى ضمه المحدثينا
وإيثاره اليوم أهل الذنوب * ورفع القصاص عن القاتلينا
إذا سيل عنه حذا شبهة (4) * وعمى الجواب على السائلينا
فليس براض ولا ساخط * ولا في النهاة ولا الآمرينا
ولا هو ساء ولا سرة * ولا بد من بعض ذا أن يكونا (5)

قال ابن أبي الحديد بعد ذكر الأبيات: ما قال هذا الشعر إلا بعد أن نقل إلى أهل الشام كلام كثير لأمير المؤمنين في عثمان يجري هذا المجرى نحو قوله: ما سرني ولا ساءني، وقيل له: أرضيت بقتله؟ فقال: لم أرض، فقيل له: أسخطت قتله؟ فقال: لم أسخط. وقوله تارة: الله قتله وأنا معه. وقوله تارة أخرى: ما قتلت عثمان ولا مالأت في قتله. وقوله تارة أخرى: كنت رجلا من المسلمين أوردت إذا وردوا، و أصدرت إذا صدروا. ولكل شئ من كلامه إذا صح عنه تأويل يعرفه أولو الألباب.
5 - أخرج أبو مخنف من طريق عبد الرحمن بن عبيد: إن معاوية بعث إلى علي حبيب من مسلمة الفهري وشرحبيل بن سمط ومعن بن يزيد بن الأخنس فدخلوا عليه وأنا عنده (إلى أن قال بعد كلام حبيب وشرحبيل وذكر جواب مولانا أمير المؤمنين): فقالا أتشهد أن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما؟ فقال لهما: لا أقول ذلك. قالا: فمن لم يشهد أن عثمان قتل مظلوما فنحن منه برءاء. ثم قاما فانصرفا فقال علي: إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون.
كتاب صفين لابن مزاحم ص 277 واللفظ له، تاريخ الطبري 6: 4، الكامل لابن الأثير 3: 125.
6 - ذكر البلاذري في الأنساب 5: 44 في حديث قول علي عليه السلام لعثمان: يا عثمان! إن الحق مرئ، وإن الباطل خفيف وبئ، وإنك متى تصدق تسخط ومتى تكذب ترض.
7 - كان علي كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان أرسل ابنه الحسن إليه فلما أكثر عليه قال له: إن أباك يرى أن أحدا لا يعلم ما يعلم، ونحن أعلم بما نفعل، فكف عنا، فلم يبعث علي ابنه في شئ بعد ذلك، وذكروا أن عثمان صلى العصر ثم خرج إلى علي يعوده في مرضه ومروان معه فرآه ثقيلا فقال: أما والله لولا ما أرى منك ما كنت أتكلم بما أريد أن أتكلم به، والله ما أدري أي يوميك أحب إلي أو أبغض، أيوم حياتك؟ أو يوم موتك؟ أما والله لئن بقيت لا أعدم شامتا يعدك كهفا، ويتخذك عضدا، ولئن مت لأفجعن بك، فحظي منك حظ الوالد المشفق من الولد العاق، إن عاش عقه، وإن مات فجعه فليتك جعلت لنا من أمرك لنا علما نقف عليه ونعرفه، إما صديق مسالم، وإما عدو معاني، ولا تجعلني كالمختنق بين السماء والأرض، لا يرقى بيد ولا يهبط برجل، أما والله لئن قتلتك لا أصيب منك خلفا، ولئن قتلتني لا تصيب مني خلفا، وما أحب أن أبقى بعدك. قال مروان: إي والله، وأخرى أنه لا ينال ما وراء ظهورنا حتى تكسر رماحنا، وتقطع سيوفنا، فما خير العيش بعد هذا؟ فضرب عثمان في صدره وقال: ما يدخلك في كلامنا؟ فقال علي: إني والله في شغل عن جوابكما ولكني أقول كما قال أبو يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون.    (العقد الفريد 2: 274، الإمامة والسياسة 1: 30).
8 - في كتاب لمولانا أمير المؤمنين يجيب به معاوية بن أبي سفيان قال: وذكرت إبطائي عن الخلفاء وحسدي إياهم والبغي عليهم، فأما البغي فمعاذ الله أن يكون، وأما الكراهة لهم فوالله ما اعتذر للناس من ذلك، وذكرت بغيي على عثمان وقطعي رحمه فقد عمل عثمان بما قد علمت، وعمل به الناس ما قد بلغك، فقد علمت أني كنت من أمره في عزلة إلا أن تجنى فتجن ما شئت، وأما ذكرك قتلة عثمان وما سألت من دفعهم إليك فإني نظرت في هذا الأمر وضربت أنفه وعينه فلم يسعني دفعهم إليك ولا إلى غيرك، وإن لم تنزع عن غيك لنعرفنك عما قليل يطلبونك ولا يكلفونك أن تطلبهم في سهل ولا جبل ولا بر ولا بحر.    كتاب صفين لابن مزاحم ص 102، العقد الفريد 2: 286، نهج البلاغة 2: 10، شرح ابن أبي الحديد 3: 409.
9 - أخرج الطبري من طريق إسماعيل بن محمد: إن عثمان صعد يوم الجمعة المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقام رجل فقال: أقم كتاب الله، فقال عثمان: اجلس فجلس حتى قام ثلاثا فأمر به عثمان فتحاثوا بالحصباء حتى ما ترى السماء وسقط عن المنبر وحمل فأدخل داره مغشيا عليه فخرج رجل من حجاب عثمان ومعه مصحف في يده وهو ينادي: إن الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله.
ودخل علي بن أبي طالب على عثمان رضي الله عنهما وهو مغشي عليه وبنو أمية حوله، فقال: مالك يا أمير المؤمنين؟ فأقبلت بنو أمية بمنطق واحد فقالوا: يا علي! أهلكتنا وصنعت هذا الصنيع بأمير المؤمنين، أما والله لئن بلغت الذي تريد لتمرن عليك الدنيا. فقام علي مغضبا.    تاريخ الطبري 5: 113، الكامل لابن الأثير 3: 67.
10 - ذكر ابن قتيبة في الإمامة والسياسة 1 ص 42 في حديث مسائلة عمرو بن العاص راكبا: فقال له عمرو: ما الخبر؟ قال: قتل عثمان، قال: فما فعل الناس؟ فقال: بايعوا عليا. قال: فما فعل علي في قتلة عثمان؟ قال: دخل عليه وليد بن عقبة فسأله عن قتله فقال: ما أمرت ولا نهيت، ولا سرني ولا ساءني. قال: فما فعل بقتلة عثمان؟ فقال: آوى ولم يرض، وقد قال له مروان: إن لا تكن أمرت فقد توليت الأمر، وإن لا تكن قتلت فقد آويت القاتلين، فقال عمرو بن العاص: خلط والله أبو الحسن.
11 - روى الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت عليا عليه السلام على منبر الكوفة وهو يقول: يا أبناء المهاجرين! انفروا إلى أئمة الكفر، وبقية الأحزاب وأولياء الشيطان، انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا، فوالله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقض من أوزارهم شيئا (6).
قال الأميني: طعن ابن أبي الحديد في هذا الحديث بمكان قيس (7) بن أبي حازم وقال: هو الذي روى حديث إنكم لترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا تضامون في رؤيته، وقد طعن مشايخنا المتكلمون فيه وقالوا: إنه فاسق ولا تقبل روايته لأنه قال: إني سمعت عليا يخطب على منبر الكوفة ويقول: انفروا إلى بقية الأحزاب. فأبغضته ودخل بغضه في قلبي ومن يبغض عليا عليه السلام لا تقبل روايته. ثم حمله على فرض الصحة على إرادة معاوية من قوله: حمال الخطايا فقال: لأنهم يحامون عن دمه، ومن حامى عن دم إنسان فقد قاتل عليه. ا هـ.
ألا مسائل الرجل عن أن رواية حديث الرؤية أي منقصة وحزازة فيها وقد أخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما وأحمد في مسنده؟ فهل طعن أحد في أولئك الأئمة لروايتهم إياها؟
ثم لو كان من أبغض عليا عليه السلام فاسقا غير مقبول الرواية - كما هو الحق فما - قيمة الصحاح عندئذ في سوق الاعتبار؟ وما أكثر فيها من الرواية عن مناوئي أمير المؤمنين ومنهم نفس الرجل (قيس بن أبي حازم) فقد أخرج أئمة الصحاح أحاديث من طريقه و هو من رجالهم.
على أن علماء الفن من القوم مع قولهم بأنه كان يحمل على علي نصوا على ثقة الرجل وقالوا: متقن الرواية، والحديث عنه من أصح الاسناد، وقال ابن خراش:
كوفي جليل. وقال ابن معين: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حجر:
أجمعوا على الذهبي الاحتجاج به ومن تكلم فيه فقد آذى نفسه.    (راجع تهذيب التهذيب 8: 386)
وأما تأويل: (حمال الخطايا) بإرادة معاوية منه فمن التافه البعيد عن سياق العربية نظير تأويل معاوية الحديث الوارد في عمار من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: تقتلك الفئة الباغية.
12 - كان مولانا أمير المؤمنين يخطب ويلوم الناس على تثبيطهم وتقاعدهم و يستنفرهم إلى أهل الشام فقال له الأشعث بن قيس: هلا فعلت فعل ابن عفان؟ فقال له:
إن فعل ابن عفان لمخزاة على من لا دين له ولا وثيقة معه، إن امرأ أمكن عدوه من نفسه يهشم عظمه ويفري جلده لضعيف رأيه، مأفون عقله، أنت فكن ذاك، إن أحببت فأما أنا فدون أن اعطي ذاك ضرب بالمشرفية الفصل (8).
13 - من كتاب له عليه السلام كتبه إلى أهل مصر لما ولى عليهم الأشتر:
من عبد الله علي أمير المؤمنين: إلى القوم الذين غضبوا لله حين عصي في أرضه وذهب بحقه، فضرب الجور سرادقه على البر والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح إليه، ولا منكر يتناهى عنه (9).
قال ابن أبي الحديد في شرحه 3: 58: هذا الفصل يشكل علي تأويله لأن أهل مصرهم الذين قتلوا عثمان، وإذا شهد أمير المؤمنين عليه السلام أنهم غضبوا لله حين عصي في الأرض، فهذه شهادة قاطعة على عثمان بالعصيان وإتيان المنكر. ثم تأوله بما رآه تعسفا، والتعسف لا يغني عن الحق شيئا ولا تتم به الحجة.
هب ابن أبي الحديد تعسف هاهنا وتأول فما يصنع ببقية كلمات مولانا أمير المؤمنين وكلمات ساير الصحابة لدة هذه الكلمة وهي تربو على مئات؟ فهل يسعنا أن نكون عسوفا في كل ذلك؟ سل عنه خبيرا.
14 - من كلام لأمير المؤمنين قاله لعثمان لما اجتمع الناس إليه وشكوا إليه ما نقموه على عثمان فدخل عليه السلام عليه فقال:
إن الناس ورائي وقد استفسروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك، ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شئ فنخبرك عنه، ولا خلونا بشئ فنبلغكه وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا وصحبت رسول الله كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا، فالله الله في نفسك فإنك والله ما تبصر من عمى، ولا تعلم من جهل، وإن الطرق لواضحة، وإن أعلام الدين لقائمة، فاعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل، هدي وهدى، فأقام سنة معلومة، وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة لها أعلام، وإن البدع لظاهرة لها أعلام، وأن شر الناس عند الله إمام جائر، ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة، وأحيا بدعة متروكة، وأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في نار جهنم فيدور فيها كما تدور الرحى ثم يرتبط في قعرها، وإني أنشدك الله أن تكون إمام هذه الأمة المقتول فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويثبت الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجا، ويمرجون فيها مرجا، فلا تكونن لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السن و تقضي العمر، فقال له عثمان: كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم فقال عليه السلام: ما كان بالمدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك إليه (10).
تاريخ الطبري 5: 96، الأنساب للبلاذري 5: 60، نهج البلاغة 1: 303، الكامل لابن الأثير 3: 63، تاريخ ابن كثير 7: 168.
15 - أخرج ابن السمان من طريق عطاء إن عثمان دعا عليا فقال: يا أبا الحسن!
إنك لو شئت لاستقامت علي هذه الأمة فلم يخالفني واحد. فقال علي: لو كانت لي أموال الدنيا وزخرفها ما استطعت أن أدفع عنك أكف الناس، ولكني سأدلك على أمر هو أفضل مما سألتني: تعمل بعمل أخويك أبي بكر وعمر، وأنا لك بالناس لا يخالفك أحد.    (الرياض النضرة 2: 129)
16 - من خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام الشقشقية قوله: إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى انكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكتب به بطنته.    مرت مصادر هذه الخطبة في الجزء السابع ص 82 - 85 ط 2.
17 - قال ابن عبد ربه في العقد الفريد 2: 267: قال حسان بن ثابت لعلي: إنك تقول: ما قتلت عثمان ولكن خذلته، ولا آمر به ولكن لم أنه عنه، فالخاذل شريك القاتل، والساكت شريك القاتل.
18 - أخرج البلاذري في الأنساب 5: 13 من طريق عبد الله بن عباس قال: إن عثمان شكا عليا إلى العباس فقال له: يا خال؟ إن عليا قد قطع رحمي، وألب الناس ابنك، والله لئن كنتم يا بني عبد المطلب! أقررتم هذا الأمر في أيدي بني تيم وعدي فبنو عبد مناف أحق أن لا تنازعوهم فيه ولا تحسدوهم عليه. قال عبد الله بن العباس: فأطرق أبي طويلا ثم قال: يا ابن أخت؟ لئن كنت لا تحمد عليا فما يحمدك له، وإن حقك في القرابة والامامة للحق الذي لا يدفع ولا يجحد، فلو رقيت فيما تطأطأ أو تطأطأت فيما رقى تقاربتما، وكان ذلك أوصل وأجمل، قال: قد صيرت الأمر في ذلك إليك فقرب الأمر بيننا. قال: فلما خرجنا من عنده دخل عليه مروان فأزاله عن رأيه، فما لبثنا أن جاء أبي رسول عثمان بالرجوع إليه فلما رجع قال: يا خال! أحب أن تؤخر النظر في الأمر الذي ألقيت إلي حتى أرى من رأيي، فخرج أبي من عنده ثم التفت إلي فقال:
يا بني ليس إلى هذا الرجل من أمره شئ، ثم قال: أللهم أسبق بي الفتن ولا تبقني إلى ما لا خير لي في البقاء إليه. فما كانت جمعة حتى هلك.
19 - أخرج البلاذري في الأنساب 5: 14 من طريق صهيب مولى العباس: إن العباس قال لعثمان: أذكرك الله في أمر ابن عمك وابن خالك وصهرك وصاحبك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد بلغني أنك تريد أن تقوم به وبأصحابه، فقال: أول ما أجيبك به أني قد شفعتك، إن عليا لو شاء لم يكن أحد عندي إلا دونه ولكنه أبى إلا رأيه، ثم قال لعلي مثل قوله لعثمان، فقال علي: لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت.
20 - من كتاب لأمير المؤمنين عليه السلام إلى معاوية: أما بعد: فوالله ما قتل ابن عمك غيرك، وإني لأرجو أن ألحقك به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته.    (العقد الفريد 2: 223، وفي ط 285)
ولا تنس في الختام قول حسان بن ثابت:

صبرا جميلا بني الأحرار لا تهنوا * قد ينفع الصبر في المكروه أحيانا
يا ليت شعري وليت الطير تخبرني * ما كان شأن علي وابن عفانا
لتسمعن وشيكا في دياركم * الله أكبر يا ثارات عثمانا (11)

قال الأميني: يعطينا الأخذ بمجامع هذه الأحاديث الإمام عليه السلام ما كان يرى الخليفة إمام عدل يسوءه قتله، أو يهمه أمره يسخطه التجمهر عليه، بل كان يعتزل عن أمره ويخشى أن يكون آثما إن دؤب على الدفاع عنه، ولا يرى الثائرين عليه متحوبين في نهضتهم وإلا لساءه ذلك فضلا عن أن يسكت عنهم، أو يطريهم كما سمعته من كتابه إلى أهل مصر، أو يرى الخاذلين له خيرا ممن نصره، ولو كان يراه إمام عدل فأقل المراتب أن يقول: إن ناصره خير من خاذله. بل الشأن هذا في أفراد المسلمين العدول من الرعية فضلا عن إمامها.
وحديث شكاية عثمان إلى عمه العباس المتوفى سنة 32 بعلمنا بأن الخلاف والتشاجر بينهما كانا قبل تجمهر الثائرين عليه في أواسط أيام خلافته قبل وفاته بأعوام وقول أمير المؤمنين له: لو أمرني عثمان أن أخرج من داري لخرجت. فيه إيعاز إلى أن إنكاره عليه السلام على الرجل لم يكن قط في الملك، وما كان يرضى بشق عصا المسلمين بالخلاف عليه في أمره، وإنما كان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يك يرى لنفسه بدا من ذلك.
ولو أمعنت النظر فيما سردناه من ألفاظه الدرية لا نفتح عليك أبواب من رأي الإمام عليه السلام في الخليفة لم نوعز إليها، ويعرب عن رأيه فيه ما مر في ج 8 ص 287 ط 2 من خطبة له عليه السلام خطبها في اليوم الثاني من بيعته من قوله: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان. وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال. فلو كان الرجل إمام عدل عند الإمام عليه السلام لكان أخذه ورده وقطعه وعطاءه حجة لا يتطرق إليها الرد، ولكن....
____________
(1) نهج البلاغة 1: 76.
(2) الناضح: البعير يستقى عليه. الغرب: الدلو العظيمة.
(3) نهج البلاغة 1: 468.
(4) في العقد الفريد: زوى وجهه.
(5) كتاب صفين لابن مزاحم ص 63، العقد الفريد 2: 267، شرح ابن أبي الحديد 1: 158
(6) شرح ابن أبي الحديد 1: 179.
(7) من رجال الصحيحين: البخاري ومسلم.
(8) شرح ابن أبي الحديد 1: 178.
(9) تاريخ الطبري 6: 55، نهج البلاغة، 2: 63، شرح ابن أبي الحديد 2: 29.
(10) سيأتي تمام الحديث في صور توبة الخليفة وحنثه إياها مرة بعد أخرى.
(11) أنساب البلاذري 5: 104.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page