• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

يوم الدار والقتال فيها

أخرج ابن سعد في طبقاته 5: 25 ط ليدن من طريق أبي حفصة مولى مروان قال: خرج مروان بن الحكم يومئذ يرتجز ويقول: من يبارز؟ فبرز إليه عروة بن شييم بن البياع الليثي فضربه على قفاه بالسيف فخر لوجهه فقام إليه عبيد بن رفاعة بن رافع الزرقي بسكين معه ليقطع رأسه فقامت إليه أمه التي أرضعته وهي فاطمة الثقفية وهي جدة إبراهيم بن العربي صاحب اليمامة فقالت: إن كنت تريد قتله؟ فقد قتله، فما تصنع بلحمه أن تبضعه؟ فاستحى عبيد بن رفاعة منها فتركه.
وروى عن عياش بن عباس قال: حدثني من حضر ابن البياع يومئذ يبارز مروان بن الحكم: فكأني أنظر إلى قبائه قد أدخل طرفيه في منطقته وتحت القباء الدرع، فضرب مروان على فقاه ضربة فقطع علابي رقبته ووقع لوجهه فأرادوا أن يذففوا عليه فقيل: تبضعون اللحم؟ فترك.
وأخرج البلاذري من طريق خالد بن حرب قال: لجأ بنو أمية يوم قتل عثمان إلى أم حبيبة (1) فجعلت آل العاص وآل أبي العاص وآل أسيد في كندوج (2) وجعلت سائرهم في مكان آخر، ونظر معاوية يوما إلى عمرو بن سعيد يختال في مشيته فقال: بأبي وأمي أم حبيبة، ما كان أعلمها بهذا الحي حين جعلتك في كندوج؟.
قال: ومشى الناس إلى عثمان وتسلقوا عليه من دار بني حزم الأنصاري، فقاتل دونه ثلاثة من قريش: عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود (3). عبد الله بن عوف ابن السباق (4). وعبد الله (5) بن عبد الرحمن بن العوام، وكان عبد الله بن عبد الرحمن ابن العوام يقول: يا عباد الله! بيننا وبينكم كتاب الله. فشد عليه عبد الرحمن بن عبد الله الجمحي وهو يقول:

لأضربن اليوم بالقرضاب * بقية الكفار والأحزاب
ضرب امرئ ليس بذي ارتياب * أأنت تدعونا إلى الكتاب؟
نبذته في سائر الأحقاب

فقتله، وشد جماعة من الناس على عبد الله بن وهب بن زمعة، وعبد الله بن عوف ابن السباق، فقتلوهما في جانب الدار.
جاء مالك الأشتر حتى انتهى إلى عثمان فلم ير عنده أحدا فرجع فقال له مسلم بن كريب القابضي من همدان: أيا أشتر! دعوتنا إلى قتل رجل فأجبناك حتى إذا نظرت إليه نكصت عنه على عقبيك. فقال له الأشتر: لله أبوك أما تراه ليس له مانع ولا عنه وازع؟ فلما ذهب لينصرف قال ناتل مولى عثمان: واثكلاه هذا والله الأشتر الذي سعر البلاد كلها على أمير المؤمنين، قتلني الله إن لم أقتله. فشد في أثره فصاح به عمرو بن عبيد الحارثي من همدان: وراءك الرجل يا أشتر! فالتفت الأشتر إلى ناتل فضربه بالسيف فأطار يده اليسرى ونادى الأشتر: يا عمرو بن عبيد إليك الرجل فاتبع عمرو ناتلا فقتله.

وقال مروان في يوم الدار:

وما قلت يوم الدار للقوم: حاجزوا * رويدا ولا اختاروا الحياة على القتل
ولكنني قد قلت للقوم: قاتلوا * بأسيافكم لا يوصلن إلى الكهل

وفي رواية أبي مخنف: تهيأ مروان وعدة معه للقتال فنهاهم عثمان فلم يقبلوا منه وحملوا على من دخل الدار فأخرجوهم. ورمي عثمان بالحجارة من دار بني حزم بن زيد الأنصاري ونادوا: لسنا نرميك، الله يرميك، فقال: لو رماني الله لم يخطأني، و شد المغيرة بن الأخنس بالسيف وهو يقول:

قد علمت جارية عطبول * لها وشاح ولها جديل
أني لمن حاربت ذو تنكيل

فشد عليه رفاعة بن رافع وهو يقول:

قد علمت خود صحوب للذيل * ترخي قرونا مثل أذناب الخيل

أن لقرني في الوغى مني الويل

فضربه على رأسه بالسيف فقتله. ويقال: بل قتله رجل من عرض الناس، وخرج مروان بن الحكم وهو يقول:

قد علمت ذات القرون الميل * والكف والأنامل الطفول
أني أروع أول الرعيل

ثم ضرب عن يمينه وشماله فحمل عليه الحجاج بن غزية وهو يقول:
قد علمت بيضاء حسناء الطلل * واضحة الليتين قعساء الكفل
أني غداة الروع مقدام بطل

فضربه على عنقه بالسيف فلم يقطع سيفه وخر مروان لوجهه وجاءت فاطمة بنت شريك الأنصارية من بلي - وهي أم إبراهيم بن عربي الكناني الذي كان عبد الملك ابن مروان ولاه اليمامة وهي التي كانت ربت مروان - فقامت على رأسه ثم أمرت به فحمل، وادخل بيتا فيه كنه (6) وشد عامر بن بكير الكناني وهو بدري على سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية فضربه بالسيف على رأسه، وقامت نائلة بنت الفرافصة على رأسه ثم احتملته فأدخلته بيتا وأغلقت بـابـه (7).
وفي رواية الطبري من طريق أبي حفصة مولى مروان: لما حصر عثمان رضي الله عنه شمرت معه بنو أمية، ودخل معه مروان الدار فكنت معه في الدار، فأنا والله أنشبت القتال بين الناس رميت من فوق الدار رجلا من أسلم فقتلته وهو نيار الأسلمي فنشب القتال، ثم نزلت فاقتتل الناس على الباب، فأرسلوا إلى عثمان أن أمكنا من قاتله قال: والله ما أعرف له قاتلا فباتوا ينحرفون علينا ليلة الجمعة بمثل النيران، فلما أصبحوا غدوا فأول من طلع علينا كنانة بن عتاب في يده شعلة من نار على ظهر سطوحنا قد فتح له من دار آل حزم، ثم دخلت الشعل على أثره تنضح بالنفط فقاتلناهم ساعة على الخشب وقد اضطرم الخشب، فأسمع عثمان يقول لأصحابه: ما بعد الحريق شئ قد احترق الخشب واحترقت الأبواب ومن كانت لي عليه طاعة فليمسك داره، ثم قال لمروان:
اجلس فلا تخرج. فعصاه مروان فقال: والله لا تقتل ولا يخلص إليك وأنا أسمع الصوت ثم خرج إلى الناس فقلت: ما لمولاي مترك. فخرجت معه أذب عنه ونحن قليل فأسمع مروان يقول:

قد علمت ذات القرون الميل * والكف والأنامل الطفول
أني أروع أول الرعيل * بفاره مثل قطا الشليل

وقال أبو بكر بن الحارث: كأني أنظر إلى عبد الرحمن بن عديس البلوي وهو مسند ظهره إلى مسجد نبي الله صلى الله عليه وسلم وعثمان محصور فخرج مروان فقال: من يبارز؟
فقال عبد الرحمن بن عديس لفلان بن عروة (8): قم إلى هذا الرجل. فقام إليه غلام شاب طوال فأخذ رفيف الدرع فغرزه في منطقته فأعور له عن ساقه فأهوى له مروان وضربه ابن عروة على عنقه، فكأني أنظر إليه حين استدار وقام إليه عبيد بن رفاعة الزرقي ليدفف عليه (إلى آخر ما مر عن ابن سعد).
ومن طريق حسين بن عيسى عن أبيه قال: لما مضت أيام التشريق أطافوا بدار عثمان رضي الله عنه، وأبى إلا الإقامة على أمره، وأرسل إلى حشمه وخاصته فجمعهم فقام رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: نيار بن عياض وكان شيخا كبيرا فنادى: يا عثمان! فأشرف عليه من أعلى داره فناشده الله وذكره الله لما اعتزلهم، فبينا هو يراجعه الكلام إذا رماه رجل من أصحاب عثمان فقتله بسهم، وزعموا أن الذي رماه كثير بن الصلت الكندي، فقالوا لعثمان عند ذلك: إدفع إلينا قاتل نيار بن عياض فلنقتله به. فقال:
لم أكن لأقتل رجلا نصرني وأنتم تريدون قتلي، فلما رأوا ذلك ثاروا إلى بابه فأحرقوه، وخرج عليهم مروان بن الحكم من دار عثمان في عصابة، وخرج سعيد بن العاص في عصابة، وخرج المغيرة بن الأخنس الثقفي في عصابة، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكان الذي حداهم على القتال أنه بلغهم أن مددا من أهل البصرة قد نزلوا صرارا وهي من المدينة على ليلة، وأن أهل الشام قد توجهوا مقبلين فقاتلوهم قتالا شديدا على باب الدار فحمل المغيرة بن الأخنس الثقفي على القوم وهو يقول مرتجزا:
قد علمت جارية عطبول * لها وشاح ولها حجول
أني بنصل السيف خنشليل
فحمل عليه عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي وهو يقول:
إن تك بالسيف كما تقول * فاثبت لقرن ماجد يصول
بمشرفي حده مصقول
فضربه عبد الله فقتله، وحمل رفاعة بن رافع الأنصاري ثم الزرقي على مروان ابن الحكم فضربه فصرعه فنزع عنه وهو يرى أنه قد قتله، وجرح عبد الله بن الزبير جراحات وانهزم القوم حتى لجأوا إلى القصر فاعتصموا ببابه فاقتلوا عليه قتالا شديدا فقتل في المعركة على الباب زياد بن نعيم الفهري (9) في ناس من أصحاب عثمان فلم يزل الناس يقتتلون حتى فتح عمرو بن حزم الأنصاري باب داره وهو إلى جنب دار عثمان بن عفان ثم نادى الناس، فأقبلوا عليهم من داره فقاتلوهم في جوف الدار حتى انهزموا وخلي لهم عن باب الدار فخرجوا هرابا في طريق المدينة، وبقي عثمان في أناس من أهل بيته وأصحابه فقتلوا معه وقتل عثمان رضي الله عنه (10).
وفر خالد بن عقبة بن أبي معيط أخو الوليد يوم الدار، وإليه أشار عبد الرحمن ابن سيحان (11) بقوله:

يلومونني إن جلت في الدار حاسرا * وقد مر منها خالد وهو دارع (12)
فإن كان نادى دعوة فسمعتها * فشلت يدي واستك مني المسامع

فقال خالد:
لعمري لقد أبصرتهم فتركتهم * بعينك إذ ممشاك في الدار واسع (13)

وقال أبو عمر: قتل المغيرة بن الأخنس يوم الدار مع عثمان رحمه الله وله يوم الدار أخبار كثيرة، ومنها: إنه قال لعثمان حين أحرقوا بابه: والله لا قال الناس عنا إنا خذلناك وخرج بسيفه وهو يقول:

لما تهدمت الأبواب واحترقت * يممت منهن بابا غير محترق
حقا أقول لعبد الله آمره * إن لم تقاتل لدى عثمان فانطلق
والله لا أتركه ما دام بي رمق * حتى يزايل بين الراس والعنق
هو الإمام فلست اليوم خاذله * إن الفرار علي اليوم كالسرق

وحمل على الناس فضربه رجل على ساقه فقطعها ثم قتله. فقال رجل من بني زهرة لطلحة بن عبيد الله: قتل المغيرة بن الأخنس فقال: قتل سيد حلفاء قريش. راجع " الاستيعاب " ترجمة المغيرة.
وقال ابن كثير في تاريخه 7: 188: ومن أعيان من قتل من أصحاب عثمان زياد ابن نعيم الفهري، والمغيرة بن الأخنس بن شريق، ونيار بن عبد الله الأسلمي، في أناس وقت المعركة.
قال الأميني: لقد حدتني إلى سرد هذه الأحاديث الدلالة بها منضمة إلى ما سبقها من الأخبار على أنه لم يكن مع عثمان من يدافع عنه غير الأمويين ومواليهم وحثالة ممن كان ينسج على نولهم تجاه هياج المهاجرين والأنصار فقتل من أولئك من قتل، وضم إليه كندوج أم حبيبة آخرين، وتفرق شذاذ منهم هاربين في أزقة المدينة، فلم يبق إلا الرجل نفسه وأهله حتى انتهت إليه نوبة القتل من دون أي مدافع عنه، فتحفظ على هذا فإنه سوف ينفعك فيما يأتي من البحث عن سلسلة الموضوعات.

(لفت نظر)
عد نيار بن عبد الله بن أصحاب عثمان كما فعله ابن كثير غلط فاحش دعاه إليه حبه إكثار عدد المدافعين عن الخليفة المقتولين دونه، وقد عرفت أنه كان شيخا كبيرا حضر ذلك الموقف للنصيحة والموعظة الحسنة لعثمان فقتله مولى مروان بسهم، فشب به القتال، وطولب عثمان بقاتله ليقتص منه وامتنع عن دفعه فهاج بذلك غضب الأنصار عليه.
____________
(1) زوجة رسول الله صلى الله عليه وآله.
(2) كندوج: شبه المخزن في البيت.
(3) قال ابن الأثير في أسد الغابة 3: 273، قتل يوم الجمل أو يوم الدار وقال ابن حجر في الإصابة 2: 381: قتل يوم الدار.
(4) هو عبد الله بن أبي مرة " أبي ميسرة " العبدري قتل مع عثمان كما في الاستيعاب 2: 3، و الإصابة 2: 367.
(5) ذكر أبو عمر في الاستيعاب وابن الأثير في أسد الغابة في ترجمة عبد الرحمن، وابن حجر في الإصابة 2: 415: إنه ممن قتل يوم الدار.
(6) كنة بالضم: جناح يخرج من الحائط. والسقيفة تشرع فوق باب الدار: وقيل: هو مخدع أو رف يشرع في البيت.
(7) الأنساب 5: 78 - 81.
(8) لعل الصحيح: عروة بن شييم البياع الليثي كما جاء في رواية الطبري في تاريخه 5، 133 ومر في ص 198 من رواية ابن سعد في طبقاته.
(9) عده من قتلى يوم الدار أبو عمر في الاستيعاب وابن حجر في الإصابة.
(10) تاريخ الطبري 5: 122 - 125 الكامل لابن الأثير 3: 73، 74.
(11) كذا في الأنساب وفي الاستيعاب والإصابة: أزهر بن سحبان.
(12) في الأنساب للبلاذري:
يلومونني في الدار إن غبت عنهم * وقد فر عنهم خالد وهو دارع
(13) الأنساب 5: 117، الاستيعاب 1: 155، الإصابة 1: 103، 410.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page