عدالة الصحابة عند المستبصر الهاشميّ بن عليّ(1)
هل مسألة الصحابة مِن أصول الدين؟
أهل السُنّة عموماً يعتبرون الصحابة جزءاً لا يتجزأ من إيمان الفرد المُسلم، وإذا طعن أي فرد بأيّ واحد من الصحابة فقد اقترف إثماً عظيماً ووزراً كبيراً.
لكن هذه المسألة (الصحابة) ليستْ من المعتقدات المهمّة، سواء التي اتفقت عليها طوائف المسلمين كالتوحيد والمعاد والنبوّة، ولا من التي اختُلِفَ حولها كالعدل والإمامة. فأركان الإسلام عند أهل السُنّة خمسة وهي: شهادة أن لا اله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله والصلاة والزكاة وحجّ بيت الله الحرام لمَن استطاع إليه سبيلا والايمان بالقضاء والقدر خيره وشرّه. فأين الصحابة من هذه الأركان الخمسة التي يقوم عليها الاسلام؟!
وأمّا عند الشيعة فأصول الدين خمسة وهي: التوحيد والعدل والنبوّة والمعاد، والإمامة، وإنْ كان العدل والامامة مِن أركان وأصول المذهب عندهم أي لا يكفر الإنسان بإنكارها، وكما ترى فلا أثر للصحابة في هذه العقيدة ولا وجود لهم.
وأمّا الإيمان فكما اتّفقت عليه كلمة المسلمين وكما ورد في القرآن فمؤسّس على الإيمان بالله وكتبه ورُسله والملائكة.
إقرأ قوله تعالى في سورة البقرة حيث يقول:
(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَد مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)(2)
فأين محلّ الصحابة في هذا الإيمان؟!
ثمّ أليس لكلّ نبيّ صحابه؟ فإذا كان الإيمان بصحابة رسول الله (ص) من ضرورات الإسلام أو مِن أركان الإيمان، فلماذا لا يكون الإيمان بصحابة نوح وابراهيم وموسى وعيسى كذلك؟! ثمّ بأيّ دليل من الكتاب والسُنّة نَجد أنّ الإيمان بمسألة الصحابة جميعاً واجب علينا كالايمان بالله ورسوله؟!(3)
هل الشيعة يسبّون الصحابة؟:
إنّ الشيعة لا يسبّون الصحابة كما قال أعداؤهم، لكن الشيعة أخذت طريقاً وسطاً وعقلانيّاً ينطبق مع الكتاب والسُنّة، فلم يقولوا بعصمتهم جميعاً كأهل السُنّة وكيف يقولون ذلك وفي الصحابة مَن زَنى ومَن شرب الخمر ومَن قتل النفس ومَن حارب سنّة الرسول (ص) ومَن أشعل الفتن؟!
ثمّ إنّ الرسول (ص) نفسه كان يُقيم الحدود كحدّ السِرقة والزنا وشرب الخمر، فعلى مَن كان يُقيم تلك الحدود؟! أليس على أصحابه المسلمين، وإلاّ فالكافر بعيدٌ عن المجتمع المَدَني بطبيعة الحال.(4)
ــــــــــــــــــــــــــــ
1) مكان وسنة الولادة: تونس، مدينة «قابس»، 1968م. المستوى الدراسي: حاصل على شهادة الليسانس في اللغة الإنجليزيّة واللغة الإيطاليّة عام 1994م، من جامعة تونس. استبصر عام 1989م. سافر بعد استبصاره إلى إيران وواصل دراسته في الحوزة العلميّة في مدينة قم، ثمّ سافر إلى سوريا والتحق بالحوزة العلميّة في دمشق. مؤلّفاته: 1) الصّحابة في حجمهم الحقيقي، 2) حوار مع صديقي الشيعي.
2) البقرة: 285.
3) الصحابة في حَجمهُم الحقيقي، الهاشميّ بن عليّ: 15 ـ 16.
4) الصحابة في حَجمهُم الحقيقي، الهاشميّ بن عليّ: 81.
عدالة الصحابة عند المستبصر الهاشميّ بن عليّ
- الزيارات: 3498