• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

طلب الشفاعة من المأذونين بالشفاعة

قد تجلّتِ الحقيقة بأجلى مظاهرها وتبيّن أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)ولفيفاً من الأولياء والصالحين يشفعون عند الله في ظروف خاصة وأنّهم مأذونون من جانبه سبحانه يوم القيامة.
كما أن تبيّن أنّ المفهوم الواضح لدى العامّة من الشفاعة، هو دعاء الرسول وطلبه من الله غفرانَ ذنوب عباده، إذا كانوا أهلا لها. إذن يرجع طلب الشفاعة من الشفيع إلى طلب الدعاء منه لتلك الغاية، وهل ترى في طلب الدعاء من الأخ المؤمن إشكالا؟! فضلا عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، الذي يُستجاب دعاؤه ولا يُردّ بنص الذكر الحكيم(1).
فعندما كان النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّاً في دار هجرته، كان طلبُ أصحابِه الدعاءَ منه، راجعاً إلى طلب الشفاعة منه والاختلاف في الإسم لا في الواقع والحقيقة.
وبعد انتقاله من الدنيا إلى عالم البرزخ، يرجع طلب الشفاعة منه أيضاً إلى طلب الدعاء منه لا غير.
فلو أنّ أعرابياً جاء إلى مسجده فطلب منه أن يستغفر له، فقد طلب منه الشفاعة عند الله. ولو جاء ذاك الرجل بعد رحيله، وقال له: يا أيها النبي، استغفر لي عند الله. أو قال: إشفع لي عند الله فالجميع بمعنى واحد لبّاً وحقيقةً، وإنّما يختلفان صورةً وظاهراً. فالإذعان بصحة أحدِهما، والشك في صحة الآخر كالتفكيك بين المتلازمين.
نعم، هناك سؤالٌ يطرح نفسَه وهو أنّه إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيّاً يُرزَق في هذه الدنيا ويسمع كلام السائل، فلا فرق بين طلب الدعاء وطلب الشفاعة.
وأمّا بعد رحيله وانتقاله إلى رحمة الله الواسعة، فلا يسمع كلامَ السائل، بأيّ صفة خاطبَه وكلَّمه سواء أقال: استغفر لي، أم قال: إشفع لي.
والإجابة واضحة، لأنّ الكلام مركَّزٌ في تبيين معنى طلب الشفاعة منه حيّاً وميّتاً وأنّ حقيقته أمرٌ واحدٌ بجميع صوره، وأمّا أنّه يسمع أو لا يسمع، أو أنّ الدعوة تنفع أو لا تنفع، فهو أمرٌ نرجع إليه بعد الفراغ من صميم البحث. ولإيضاح الأمر نورد بعض النصوص من المفسّرين في تفسير الشفاعة:
قال الإمام الرازي في تفسير قوله سبحانه: {الذين يحملون العرش ومَن حوله يسبّحون بحمد ربّهم ويؤمنون به ويستغفرون للّذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للّذين تابوا واتّبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم} (غافر/7) إنّ الآية تدل على حصول الشفاعة للمذنبين، والاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة لا تُذْكر إلاّ في إسقاط العقاب، أمّا طلب النفع الزائد فإنّه لا يسمّى استغفاراً. وقوله تعالى: {ويستغفرون للّذين آمنوا} يدل على أنّهم يستغفرون لكل أهل الإيمان، فإذا دللنا على أنّ صاحب الكبيرة مؤمن، وجب دخوله تحت هذه الشفاعة(2).
نرى أنّ الإمام الرازي جعل قول الملائكة في حق المؤمنين والتائبين، من أقسام الشفاعة، وفسّر قوله: {فاغفر للّذين تابوا} بالشفاعة. وهذا دليل واضح على أنّ الدعاء في حق المؤمن، شفاعة في حقّه، وطلبه منه طلبُ الشفاعة.
ونقل نظام الدين النيسابوري، في تفسير قوله تعالى: {مَن يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} (النساء/85) عن مقاتل: " إنّ الشفاعة إلى الله إنّما هي دعوة الله لمسلم، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " من دعا لأخيه المسلم بظهر الغيب أُستجيب له، وقال الملك ولك مثل ذلك "(3).
والذي يوضح أنّ شفاعة النبي عبارة عن دعائه في حقّ المشفوع له، ما رواه مسلم في "صحيحه" عن النبي الأكرم أنّه قال: " ما من ميّت يُصلّي عليه أُمة من المسلمين يبلغون مائة كلّهم يشفعون له إلاّ شُفِّعوا فيه "(4).
وفسّر الشارح قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " يشفعون له " بقوله: أي يدعون له، كما فسّر قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إلاّ شُفِّعوا فيه " بقوله: أي قبلت شفاعتهم.
وروي أيضاً عن عبد الله بن عباس أنّه قال: سمعت رسول الله يقول: " ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئاً إلاّ شفّعهم الله فيه "(5) أي قبلت شفاعتهم في حق ذلك الميت فيغفر له.
فإذا كان مرجع الاستشفاع من الصالحين إلى طلب الدعاء، فكل من يطلب من النبي الشفاعة لا يقصد منه إلاّ المعنى الشائع(6).
إلى هنا تبيّن أنّ طلب الشفاعة يرجع إلى طلب الدعاء، وهو أمر مطلوب في الشرع من غير فرق بين طلبه من الشفيع في حال حياته أو مماته، فهو لا يخرج عن حد طلب الدعاء، وأمّا كونه ناجعاً أو لا؟ فهو أمر آخر نرجع إليه كما مرّ.
____________
1- النساء/64 ; والمنافقون/5.
2- مفاتيح الغيب: 7/285 ـ 286، طـ. مصر، الجزء 27/34 طـ. دار إحياء التراث الإسلامي، بيروت.
3- نظام الدين النيسابوري: غرائب القرآن بهامش تفسير الطبري: 5/118.
4- صحيح مسلم: 4/53، طـ. مصر، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده.
5- المصدر نفسه.
6- لو كان للشفاعة معنى آخر من التصرف التكويني في قلوب المذنبين، وتصفيتهم في البرزخ، ومواقف القيامة فهو أمر عقلي لا يتوجّه إليه إلاّ الأوحدي من الناس.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page