• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الزهراء(سلام الله علیها) و الخلافة

من المعروف أن الإمام على و آل البيت الكرام قد انشغلوا بعد انتقال الرسول صلى اللَّه عليه و آله إلى الرفيق الأعلى، مباشرة، بتجهيزه صلى اللَّه عليه و آله و كان علي، و هو مشغول بالجهاز، تفيض دموعه على وجهه في صمت و هو يتمتم «بأبي أنت و أمي يا رسول اللَّه، طيب حياً و ميتاً، و لولا أنك أمرت بالصبر و نهبت عن الجرع، بأبي أنت و أمي، إن الصبر لجميل، إلا عنك، و إن الجزع لقبيح إلا عليك، أذكرنا عند ربك، و اجعلنا من همك»، و في هذه الأثناء، و قبل أن تشيع جنازة الرسول صلى اللَّه عليه و آله، و هو ما يزال بعد مسجى في فراشه، و قد أغلق أهله دونه الباب، حدث أمر جد و هو ما يزال خطير، فلقد اجتمع الخزرج بقيادة سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، و خف إليهم رجال الأوس، ليختاروا من بينهم رجلاً يكون على رأس المسلمين، باد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، فلقد اعتقد الأنصار أنها أولى بهذا الأمر، بعد أن آوى الإسلام إليهم، و أذن اللَّه لرسوله بالهجره اليهم، ليتخذ مدينتهم موطناً له، و منطلقاً لرسالته، فأتى الخبر أبابكر، فأسرع و معه عمر، ثم لقيا أباعبيدة، فانطلقوا جميعاً لرسالته، فاتى الخبر ابابكر، فاسرع و معه عمر، ثم لقيا ابا عبيده، فانطلقوا جميعا الى سقيفه بنى ساعده، و بعد جدال طال و لم يستطل، انتهي المجتمعون الى اختيار الصديق خليفه للمسلمين.

و كان الإمام على في تلك الساعات العصيبة بجوار الجثمان الطاهر السمجى في حجرته، و من ثم فلم يحضر هو و بنوهاشم هذا الاجتماع، و لو شهد الإمام على اجتماع سقيفه هذا، لكان له فيه مقال، و لربما أخذت الأمور في هذا اليوم اتجاهاً آخر، غير اتجاهها الذي سارت فيه، و عندما علمت الزهراء، عليهاالسلام،بما حدث في اجتماع سقيفه بني ساعده، و أبوها سيد المرسلين لم يدفن بعد، بكت بكاء جاراً، حتى أنه لما جاءها بعض الصحابه، و فيهم أبوبكر و عمر أبوعبيده، و معزين، قالت «تركتم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله جنازة بين أيدينا، و قطعتم أمركم بينكم و لم تستامرونا»، فبكى أبوبكر حتى علا نشيجه، و بكى من كان في الدار من المهاجرين الذين كانوا يساعدون علياً في تجهيز رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، و فيهم سلمان و أبوذر و المقداد و الزبير و عمار، و من ثم فقد خاصمت أبابكر و عمر لأنهما أخذا البيعة لأبي بكر في وقت انشغال زوجها بتجهيز أبيها المتوفى صلى اللَّه عليه و آله، و من ثم فقد استأخرت يمين الإمام على عن البيعة للصديق، و تذهب الروايات في تفسير ذلك مذاهب شتى، لسنا الآن بصدد مناقشتها، فمجال ذلك أن شاء اللَّه، كتابنا عن «الإمام علي بن أبي طالب، و إن كان هذا لا يمنعنا من الإشارة إلى أن الإمام علي إنما كان يعتقد، أنه ما دام الرسول صلى اللَّه عليه و آله لم يعهد بالخلافة إلى أحد بذاتة، فإن البيت الذي اختارته السماء ليكون منه النبي المصطفي، هو البيت الذي يختار المسلمون منه خليفتهم، ما دام في هذا البيت من يتمتع بالكفاية الكاملة لشغل منصب الخلافة أو كما قال الإمام في حواره مع الصحابة، و على رأسهم أبوبكر و عمر، «إنكم تدفعون آل محمد عن مقامه و مقامهم في الناس، أما واللَّه لنحن أحق منكم بالأمر، ما دام فينا القارى ء لكتاب اللَّه، الفقيه في دين اللَّه، العالم بسنن رسول اللَّه المضطلع بأمر الرعية، القاسم بينهم بالسوية».

هذا و قد كانت الزهراء، عليهاالسلام، ترى أن زوجها الإمام علي، كرم اللَّه وجهه في الجنة، أحق الناس بالخلافة، فهو ربيب النبي صلى اللَّه عليه و آله و بان عمه و زوج ابنته، و أبوسبطيه الحسن و الحسين، و أول الناس إسلاماً، و أطولهم في الجهاد باعاً، و هو فتى قريش شجاعه و علماً و فضلاً، و كان النبي صلى اللَّه عليه و آله يحبه أشد الحب، يؤثره أعظم الإيثار، استخلفه حين هاجر على ما كان عنده من الودائع حتى ردها إلى أصحابها، و أمره فنام في مضجعه ليلة ائتمرت قريش بقتله، فكان أول من شرى نفسه في سبيل اللَّه، ثم هاجر حتى لحق بالنبي صلى اللَّه عليه و آله في المدينة، فآخى النبي بينه و بين نفسه، ثم شهد مع النبي صلى اللَّه عليه و آله مشاهده كلها، و كان صاحب رايته في أيام البأس، و قال النبي صلى اللَّه عليه و آله يوم خيبر «لأعطين الراية غدار رجلاً يحب اللَّه و رسوله، و يحبه اللَّه و رسوله»، فتطلع إليها كبار الصحابة، غير أن النبي صلى اللَّه عليه و آله دفعها إلى علي و قال له النبي صلى اللَّه عليه و آله يوم استخلفه على المدينة و على أهله، عندما سار إلى غزوة تبوك «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي»، و أعطاه سورة براءة ليقرأها على أهل الموسم، فلما قيل له لو بعثت بها لأبي بكر، قال «لا يؤد عني إلا رجل من أهل بيتي»، و قال النبي صلى اللَّه عليه و آله للمسلمين و هو في طريقه إلى المدينة بعد حجة الوداع «من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، و عاد من عاداه».

و هكذا كانت الزهراء، كما كان بنوهاشم جميعاً، و جمهرة من أهل المدينة، يرون أن الإمام علي أحق الناس بخلافة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، و من ثم فقد خرج الإمام يحمل فاطمة بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله على دابة ليلاً، في مجالس الأنصار، تسألهم النصزه، فكانوا يقولون: يا بنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، و لو أن زوجك و ابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول علي، كرم اللَّه وجهه في الجنة، «أكنت أدع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله لما أدفنه، و أخرج أنازع الناس سلطانه، فقالت فاطمة: ما صنع أبوالحسن إلا ما كان ينبغي له، و لقد صنعوا ما اللَّه حسيبهم عليه»، هذا و قد روى أن أبابكر قام على المنبر يخطب، فما هو إلا أن حمداللَّه، و أخذ في خطبته، حتى سمع و سمع الحاضرون صوتاً نحيلاً يهتف «ليس هذا منير أبيك، إنزل عن منبر أبي»، و التفتوا فإذا بالصائح هو الحسن بن علي، و لما يبلغ الثامنة، فابتسم الصديق، و قال، و الحنو يشع في نفسه، «ابن بنت رسول اللَّه، صدقت واللَّه، ما كان لأبي منبر، و إنه لمنبر أبيك»، فلما سمع الإمام بالخبر أرسل إلى أبي بكر يقول له «إغفر ما كان من الغلام فإنه حدث و لم نأمره»، فقال أبوبكر «أني أعلم، و ما اتهمت يا أباالحسن».

و ظلت الزهراء متمسكة برايها، و ما كانت، رضي اللَّه عنها، لتتزحزح عن رأي اقتنعت به، ورأته صواباً، و كان رأيها الذي لا تحيد عنه أن علياً أحق بالخلافة في غيره، و من هنا ذهب البعض إلى أن الإمام توقف عن البية للصديق مجاملة للزهراء، فلما انتقلت إلى جوار ربها، راضية مرضيا عنها، بايع الإمام الصديق، و ذهب آخرون أن تلك البيعه لم تكن الأولى، و إنما كانت تجديداً لها، غير أن ما قاله الإمام للصديق تدل على أنها الأولى، حيث استدعاه في بيته و حوله بنوهاشم ثم قال له «يا أبابكر إنه لم يمنعنا أن نبايعك إنكاراً لفضلك، و لا نفاسة عليك لخير ساقه اللَّه إليك، ولكنا كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقاً أخذتموه»، و هكذا بايع الإمام الصديق، و فاءت نفسه إلى الرضا، خاصة و قد سار أبوبكر في خلافته تلك السيرة الراشدة، و قام في المسلمين هذا المقام المحمود،: متأسياً برسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله متبعاً هديه، مقتفياً أثره، ما استطاع إلى ذلك سبيلا.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page