تناولت مجلة "اتجاهات معاصرة في الفكر الإسلامي"، الصادرة عن عن معهد هدسون بالولايات المتحدة في عددها الاخير القضايا المتعلقة بالمسلمين الشيعة في العالم من بينها مقال لجوشوا تيتلبام بعنوان "الشيعة في السعودية".
ابنا : ويعتبر الكاتب أن سقوط نظام صدام حسين في العراق عام 2003 مثل تغييرا في ميزان القوى الإقليمي لصالح إيران أثر على موقع السعودية عربيا وإسلاميا، التي تشهد ميراثا تاريخيا من المتاعب السياسية مع إيران خاصة منذ قيام الجمهورية الإسلامية.
لذا فإن السعودية في محاولاتها الدائمة لكبح القوة المتزايدة لإيران والشيعة خارج المملكة، تنظر بعين الاعتبار للشيعة داخلها وفقا للكاتب.
فقد أعطى تصاعد الشيعة في العراق ولبنان شعورا بالتمكين بين الشيعة في السعودية، وهم من ناحية فخورون بانجازات إخوتهم هناك، ومن ناحية أخرى يشعرون بالحذر والخوف من النظام السعودي الذي يسيطر عليه - حسبما يذكر الكاتب - العلماء الوهابيون الذي يصدرون يوميا فتاوى مناهضة للشيعة، والحكومة بدلا من أن تحمي مواطنيها تقف صامتة إزاء هذه الفتاوى.
التأثبر الوهابي
ويبرر الكاتب موقف الحكومة السعودية باستمدادها شرعيتها من الدعم الوهابي الذي يناهض غالبيته الشيعة، كما أن العداء بين السعودية وإيران يمتد لعهود بعيدة، حتى أن الشيعة في السعودية يرفضون الرواية الرسمية للتاريخ السعودي.
ويستعرض الكاتب تاريخ وجود الشيعة في المملكة، ويذكر أنه من المستحيل الوصول إلى تحديد دقيق لعدد الشيعة في السعودية، وإن كانت الإحصاءات الأولية تشير إلى أنهم يشكلون ما بين 10: 15% من عدد السكان، يعيش ثلثهم في المنطقة الشرقية، حيث يوجد النفط، وهناك عدد قليل يسكن في المدينة المنورة.
ويرى الكاتب أن شيعة السعودية لا يشكلون تهديدا للحكومة أو الدولة، لانخفاض أعدادهم إضافة إلى أنهم لا يحظون بارتياح من قبل معظم السعوديين. وهؤلاء الشيعة لم يشعروا قط أنهم جزء من الدولة.
ويسرد الكاتب أربع أسباب لتنامي العداء بين الدولة والشيعة، يأتي على رأسها الأيديولوجية الوهابية، وضغط العلماء الوهابيين، ووجود الشيعة في المنطقة النفطية الحساسة، وأخيرا علاقات المملكة العدائية مع إيران.
وهذه العوامل الأربعة في نظر الكاتب أثرت على مصير الشيعة في المملكة العربية السعودية طوال تاريخها.
محاولات التهميش
ويستعرض الكاتب ما أسماه بمحاولات الحكومة السعودية تهميش الشيعة وتقليص نفوذهم، وكذلك محاولات الشيعة لمعارضة النظام إلا أنه خلال التسعينيات من القرن الماضي تغيرت طبيعة العلاقة بين الدولة السعودية والشيعة من المواجهة إلى الاستيعاب. وذلك حين تحولت المعارضة الشيعية للاهتمام بالبحث عن بدائل أقل عنفا في العلاقة مع الدولة.
وينبع هذا التغيير من إدراك الشيعة أن المواجهة لم تقدم نتائج ذات جدوى، فبدءوا بالبحث عن طريقة أخرى للتعبير عن هويتهم الشيعية والمطالبة بالتغيير الاجتماعي.
وحاولت المعارضة الشيعية فتح قنوات اتصال مع بعض من المعارضة السنية خلال فترة التسعينيات، وهنا أدركت الحكومة ضرورة استيعاب المعارضة الشيعية؛ فقد اضطر حاكم المنطقة الشرقية لتنفيذ المطالب الشيعية، والتي شملت السماح بممارسة الشعائر الدينية الشيعية المحظورة سابقا، والسماح للمنفيين بالعودة، وضمان عدم القبض عليهم أو استجوابهم.
وبحسب الكاتب حصل هناك تطورا ذي بال بحق الشيعة حين أصبح هناك خمس مذاهب رسمية تدرس في المملكة تضم الأربع مذاهب السنية إضافة للمذهب الاثنى عشري والذي كان منصوصا على اعتباره من الطوائف المبتدعة قبل ذلك.