• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اشعار الزهرا سلام الله علیها

 

الصدّيقة

سفيان ابن مصعب العبدي


صدّيقـة خُلقـت لـصــدّيــق * شـريــفٍ فــي المـناســبْ
اخـتـاره واخــتـــارهــا * طهـريــن‌من دنس المعـايـب
اسمـاهـما قـرنــــاً علـى * سطر بـظــل العــرش راتـب
كـــان الإلــــه ولـيّـهـا * وأمـينه جبــريـل ‌خـاطــب
والمهر خمــس الأرض موهوباً * وغالــت فـي المـــواهــب
ونهابـهــا من حـمل طـوبى * طيّبــت تـلك المـــواهــب


المشهد الأعلى

السيد الحميري

والله زوّجـه الـزكيــة فاطمـــاً * في ظل طوبى مشهـدا محضــورا
كان الملائك ثـم في عــدد الحصى * جبريل يـخطبهم بـها مـســرورا
يدعـو لــه ولهـا وكـان دعـاؤه * لهـمـا بخـيـر دائمــاً مـذكورا
حتى إذا فــرغ الخطيـب تتابعـت * طوبــى تُساقـط‌‌‌‌‌‌‌‌‌لــؤلؤاً منثـورا
وتهيـل ياقوتـــاً‌عليـهم مــرّة * وتهـيــل درّاً تــارة ‌وشــذورا
فترى نســاء الحـور ينتهـبـونه * حــوراً بـذلك يهتـديـن الحـورا

________________________________________
( 6 )


فيكم ودادي

مهيار الديلمي

لئــن نـام دهــري دون‌المنــى * واصبــح عن نـيلهـا ‌مـقـعــدي
فـملـتــم بهـا حسـد الفضل عنـه * ومن يك خـيـر الـورى يُــحـسـدِ
وقـلــتـم بـذاك قضـى الاجتمـاع * ألا انمـا‌الـحــــق للمـفـــرد
وإرث عــلــــــــيّ لأولاده * إذا آيـــة الإرث لـم ‌تـفــســد
فمـن قاعـــد ‌منـهــم خـائـف * ومـــن ثائر ‌قـــام لــم يسعـد
سيعـلــم مــن فاطــم خصمـه * بـأي نـــكال غــداً يـرتــدي
ومَن ساء أحـمــد يـــا سبـطـه * فبـــاء بقتـلك مـــاذا ‌يـــدي
فداؤك نـفســي ومَـن لـي فــدا * ك لـو ان مولـى بعــبـــد فـدي
أنــا العبـــد والاكــم عقـــده * إذا القــول بالقـلـب‌‌لـم يـعقــد
وفيكـــم ودادي‌وديـنـي‌ معـــا * وإن‌كان فــي فــارس مـولــدي
خصمـت ضلالي بكم فاهـتــديـت * ولـولاكـم لــم أكــن‌ أهـتــدي
وجـردتـمـوني وقـد كـنـتُ فـي * يــد الشــرك كالصـارم ‌المغـمـد
ومـا زال شـعـري مــن نائــحٍ * ينقّل فيـكــم إلــى مــنـشــد
وما فاتـنـي ‌نصـــركم باللـسـان * إذا فاتـنــي‌نصـركــم بـاليــد

 

الحكم والخصم

الصاحب بن عبّاد

ســـوف تأتي الزهراء تلتمس الحكم * إذا حــان مـعشـــر التـعـديـلِ
وأبــــوهـا وبـعـلها وبـنـوها * حـولهـا والخـصــام غيـر قلـيلِ
وتـنـــادي يـا رب ذبّـح أولادي * لمـــاذا وأنـتَ انـــتَ مـديـلي

________________________________________
( 7 )

فيـنـــادي بمـالكٍ ألهـبِ النـار * وأجّــج وخـذ بأهـــل الغـلـولِ
ويـجـــازي كـلِّ بـما كان مـنه * مــن عقـاب التـخليــد والتـنكيل


سبطا محمّد

محمد بن منصور السرخسي

وأراد ربَ العــرش أن يلـقـي بها * شجراً كريـــم العــرق والإغصـانِ
فقضى فزوّجـهــا عليّـــاً أنّـه * كـان الكفــي لهـــا بــلا نقصانِ
وقضى الإله بـان تولّــد منهــما * ولـدان كالقــمـرين يـلتــقـيــانِ
سبطا محمّــد الرسـول وفـلـذّتـا * كبـد البـتـول كـذلك يـعتـلـقــانِ
فبنــي الإمـامـة والخلافة والهدى * بعد الرسالــة ذانــــك الـــولدانِ

 

المم بقبرها

الهبل اليمني

غــرسٌ نما في المجد؛ أورق غـصنه * بوداد أبـنـاء النـبــي ، وأثمـرا .. !
شــرفي العظيم ، ومفخري ، أنّي لهم * عبدّ ، وحُــقّ بمثـل ذا .. أن أفـخرا !
لـــن يعتـريني في اقتفاء طـريقهم * ريبٌ يصدُّ عـن اليـقيـن ولا امـترى ..
هــذي عقـيدتـي التـي ألقـى بـها * ربَّ الأنـــام إذا أتيـتُ المحـشـرا !
إنّــي رجوت رضـى الإله بحبّهـم ، * وجعلتُـه لــي عـندهـم أقـوى العُرى
يــا أيّهـا الغـادي المجـدّ بجسـرةٍ * يطوي السباســب رائـحـاً ومبكّــرا؛
جُــر بالغـريّ ؛ مُسلّمـاً متواضعاً ، * ولِحُــرّ وجهــك فـي ثـراه مـعفّرا؛
حيــث الإمـامـة ، والوصـايــة ، والــوزارة ، والهـدى ، لا شـك فيه ولا مرا ؛

________________________________________
( 8 )

والمـــم بقـبر فـيه سيـدة النسـاء * بأبـي واُمـي ؛ ما أبــرَّ وأطـهـرا !
قـبّـــل ثـراها عن محب قلبـه .. * ما انفـكّ جاحـم حزنـه مُتســعّــرا؛
مُتـلهّــفٌ غـضبان مـمّا نالـهـا ؛ * لا يستـطيـع تـجـلّـداً ، وتصبّـــرا


حزن البتول

الشيخ صالح الكوّاز

الواثبــيـــن لظـلــم آل مـحمّد * ومـحـمّـــد ملقـى بــلا تكـفـيـنِ
والقائــليـن لفـاطــــم آذيـتـنا * فـي طـــول نـوحٍ دائـم وحنيـــن
والقــاطعين إراكــــةً كيما تـقيل * بظــــل أوراق لـهـا وغصـــون
ومجمّـعي حطبٍ علـــى البيت الذي * لم يجتــــمع لـولاه شمـل الـديــن
والداخـلين علـى البـتـــولة بيتـها * والمسقــطـيـن لهـا أعـزّ جنيـــن
والقائــديـن إمامهـم بـنـجـــاده * والطـهــر تــدعو خلفهـم بـرنيـن
خلّوا ابـن عمّي أو لأكشف للدعـــا * رأســي وأشـكـو للإله شـجونـــي
مـا كــان ناقـة وفـصـيلهــــا * بـالفـضـــل عنــدالله إلاّ دونــي
ورنت إلـى القبر الشريف بمـقلـــة * عبـرى وقلـــب مكـمـد محــزون
قالت وأظفـار المصـاب بقلـبهـــا * ابتاه قلّ علـــى العـــداة مـعيـنـي
أبتاه هـذا السـامـري وصحبــــه * تُبعاً ومال النـــاس عــن هــارون
أيّ الـرزايــا اتـقــي بتــجـلّد * هـو في النوائــب ما حيـيـت قرينـي
فقدي أبي أم غصــــب بعلـي حقّه * أم كسر ضلعـــي أم سقــوط جنيـني
أم أخذهم إرثي وفـاضـل نحلتـــي * أم جهلهم قــدري وقــد عـرفــوني
قهروا يتيمـيك الحسيـن وصنـــوه * وسألتهم حقّـــي وقـد نهـرونـــي
باعوا بضائـع مكرهـم وبزعمهـــم * ربحوا ومـا بالقــــوم غيـر غبـيـنِ

________________________________________
( 9 )


البغي الزاحف

السيد حيدر الحلي

وأقسم مـا ســنّ الضـلال سـوى الألى * علــى اُمّـة المخــتـار بغيـاً تخلّفوا
فيوم غـــدوا بغيـاً علــى دار فاطـمٍ * أتـت جنـدهم بالغاضــريـة تـزحف
وقتل ابنــها مـن يـوم رضّت ضلوعها * ومـن هتكها هتك الفواطـــم يُعـرف
ومن يــوم قادوا حيـدر الطهر قد غدوا * بهـنَّ اُسـارى شـأنهــــنّ التـلهّف

 

نقضوا عهد أحمد

الشيخ سليمان البلادي البحراني

نقضـــوا عهـد أحـمد فــي أخيـه * وأذاقـــوا البتـول مـا أشجـاهـــا
وهي العـــروة التـي لـيس يـنجـو * غيـــر مسـتعـصم بحـبل ولاهــا
لـم يـــــرَ الله للنـبـوّة أجـــراً * غيـــر حفـظ الـوداد فـي قرباهــا
لستُ أدري إذ روّعــت وهي حســرى * عـانـد القــوم بعلهـــا وأبـاهــا
يـوم جـاءت إلـى عــديّ وتيــــمٍ * ومــن الوجـد ما أطـــال بكاهـــا
فدعت واشتـكت إلــى الله شجــــواً * والـرّواسـي تهتـز مـن شكواهــــا
فاطمـأنّت لهـا القلــوب وكــــادت * أن تـزول الأحـقـاد ممّن حواهــــا
تعـظ الـقـوم فـي أتـمَّ خطــــابٍ * حـكـت المصطفى بـه وحكـاهــــا
أيّـهـا النــــاس أيّ بـنـت نـبـيّ * عـن مـواريثـه أبوهــا زواهــــا
كيف يزوي عنـي تـراثــي عتـيـقٌ * بـأحـاديث مـن لدنـــه افتراهـــا

 

أيدي الحوادث

الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء


لكِ الله مـن قلـــبٍ بأيـدي الحـوادث * لعبن بـه الأشجـانُ لعبـــة عابــث

________________________________________
( 10 )

تمرّ بـــه الأفـــراح مـرّة مسـرعٍ * وتوقفـه الأتـراح وقـفـة مـاكـــث
تـذكــّر مـــن أرزاء آل مـحمّــد * مصائب جلّت من قديـــم وحـــادث
عشيّـة خـان المصطفـى كـل غــادر * وبزّ حقـوق المرتـضى كـلّ ناكـــث
وهاجــت على الزهـــراء بعـد محمّد * دفائن أضـغـان رمـوهـا بنابــــث
فألمـهـا فـي سـوطـــه كـل ظالـم * ودافعهـا عـن حقّهــا كــل رافــث
وردّ الهدى والديـن فـي الأرض دولــة * تـداول فيمـا بـينهــم كالمـــوارث
فأدلى إلـى (الثـانـي) بهــا شرّ (أوّل) * ودسّ بها الثاني إلـى شــرّ (ثالـــث)
ومــا ذاك إلاّ انّهـــم مـا تمـسّـكوا * من الدين حتـى بالحبـال الرثايــــث
إلــى ان دبـت تســري بسـمّ نفـاقهم * إلى كربـــلا رقش الأفـاعي النوافـث
فاحنـت علـى آل النـبـيّ بوقـعـــة * بهــا عاث في شمـل الهدى كل عايـث

 

العبرات السخينة

الشيخ سليمان البلادي البحراني


إلى كـم ولـوع القلب بالغادة الحسنـــا * وذكرى ليالـي وصـل بثــنةَ أو لبـنى
ولو أنّهـا سـاوت جنـاح بعـوضـــة * لمـا اتخـذتهـا الأوليــاء لهـم سجنـا
وفـي غـدرها بالمصـطفى وبـآلـــه * سلاطينهـا برهـان مقدارهـــا الادنى
لهم سددت من أقوس البغـي اسهـمـــا * أصمّت وأصمت للهدى القلــب والاُذنـا
فكـم كابـد المختار مـن قـومــه أذى * يهيج اسى يستغـرق السهــل والحزنـا
قضـى نحبه بالسـم وهــو معالـــج * على رغم أنف الدين سقمــاً له أضنـى
وقـد قلبـت ظهـر المـجنّ لحيـــدر * فكم زفرة أبـدى وكـم غـصــة جنـا
ومخـدومـة الأمـلاك سيـدة النســـا * سليلة خيـر الخلـق والـــدرة الحسنـا
أتاحت لها كهف العدى غصــص الردى * وذاقت لها سمّاً مـن الحقـــد والشحنـا

________________________________________
( 11 )

بـضرب وضغـط واهتضام ولـوعــةٍ * وكان حماها العـز والأمـــن والحصنا
على دارهـا داروا بجـزلٍ لحـرقـهــا * وكانت بها الأمـلاك تلتــمـس الاُذنـا
وفي بعـلها الهـادي استحلــوا محرمـاً * كما حرموها نحلة المصطـفــى ضغنـا
وما برحت من بعـد حامـــي ذمارهـا * معـصبـة رأسـاً ومنـهـــدة ركـنا
علـيلـة جسـم للـنحـــول مــلازم * لفرط الضنا حتى حكى قلبـهــا المضنا
إذا ذكـرت حـالاتها فـي حيـوتـــه * تؤجج نـار الفقد فـي قلبهـــا حزنـا
فتبكيـه والحيطـان تبـكي لصوتــهـا * فمــا بقعـة إلاّ وعبـرتهـــا سخنـا
إلـى أن أرادت روحهـا العالــم الـذي * بدت منه واشتقـات لمـوردهــا الأسنى
ففـارقـت الدنيـا كـراهـــة لبـثهـا * ورافقـت الاُخرى ونعمتهـــا الحسنـى

 

سل أربعاً

الشيخ حسن الحلّي


سـل أربعـاً فطمت أكنافهـا السحــبُ * عن ساكنيها متـى عن اُفقهـــا غـربوا
وقائلٍ لـي رفّـه عـن حـشــاك ولي * وجدٌ إذا مـا نـزا بالقلــــب يضطرب
فقلت لـم يشجني نـأي الخلـيــط ولا * ربع محت رسمـه الأعــــوام والحقب
لكـن أذاب فـؤادي حــادث جـــللٌ * تُنمى إليـه الـرزايا حيــــت تنتسـب
يوم قضـى المصطفى فـي صحبــه و * على الأعقاب من بعده أصحابـــه انقلبوا
قادوا أخـاه ورضّـوا ضلـع بضعتــهِ * بجورهم ولها البغضـاء قـد نصبـــوا
لـم أنسهـا وهـي تـنعـاه وتــندبـه * وقلبـهـا بـيـد الأزراء ملتـهــــب
تقول : يا والدي ضــاق الفضاء بنــا * لمّا مضيـتَ وحالـت دونـك التـــرب
( قد كـان بعـدك أنبــاء وهنبـثــة * لو كنتَ شاهد هالم تكثـر الخطــــب )
( إنّـا فقدنـاك فقد الأرض وابلـهـــا * واختلّ قومك فاشهدهـم فقد نكـــبـوا )

________________________________________
( 12 )

نفـوا أخـاك عليـاً عـن خلافـــتـه * وشيـخ تيـم عنـاداً منهـم نصبــــوا
ويـل لهـم نبـذوا القـرآن خلفــهــم * ومزّقـوه عنـاداً بئس مـا ارتكبــــوا
مــا راقبــوا غضـب الجـبّــار حيــن إلـى المختـار أحمـد قول الهجـر قد نسبـوا
الغوا وصاياه فـي أهليـه وانتــهـبـوا * ميراثـه وإلـى حرمـانهـم وثـــبـوا
جاروا علـى ابنتـه من بعده فـغــدت * عبـرى النواظـر حزناً دمعها ســـرب
وجرّعوها خطوباً لو وقــعــن علـى * صم الجبال لأضحت وهي تضـطـــرب
أبضعة الطهر طـه نصــب أعيـنهـم * بالباب يعصرها الطاغي وما غضـبـــوا
رضّوا أضالعهــا أجـروا مدامعهـــا * أدمـوا نواظرهـا ميراثهـا غصـبـــوا


يا باب فاطم لا طُرقتَ بخيفة

الشيخ محمّد حسن آل سميسم

مّن مبلّــع عنّـي الزمـان عتـابـاً * ومُقــرّع منّـي لــه أبــوابــا
يا ويـح دهـري راح ينـزع للأسـى * من بعـد ما ذقـتُ النعيـم شـرابـا
دهــرٌ تعامـى عـن هُــداه كأنّـه * أصحـاب أحمـد أشركوا مُـذ غابـا
نكصــوا علـى الأعقاب بعد مماتـه * سيـرون فـي هـذا النكـوص عقابا
يا بــاب فاطـم لا طُرقـت بخيفـةٍ * ويدُ الهــدى سدلـت عليـه حجابـا
أوَلـسـت أنـت بكـل آنٍ مهـبـط * الأمـلاك فيــك تقبَّـل الأعتـابـا
أوْهاً عليـك فمـا استطعـت تصدَّهـم * لما أتـوك بنـو الضـلال غضابـا
نفســي فـداك أمـا علمـتَ بفاطـمٍ * وقفـت وراك تـوبّـخ الأصحـابـا
أوَ ما رقـقـتَ لضلعـهــا لما انحنـى كســراً وعنه تزجـر الخطّـابــا
أوَ مـا درى المسمـار حيـن أصابها * مـن قبلهـا قلـب النبـي أصابــا
عتبي علـى الأعتـاب فيهـا محسـن * مُلقـىً ومـا انهالـت عليـه ترابـا

________________________________________
( 13 )

حتـى تواريـه لأن لا تسـتحـق الـ * أقـدام منـه أضـلعـاً واهـابـــا
هـو أوّل الشـهـداء بعـد محـمّـدٍ * ويرى المصاب على الصواب صوابـا
ما اسطـاع يدفـع عـن أبيـه واُمّـه * فمضـى لأحمـدَ يشتكـي الأصحابـا
لمـا عــدوا للبـيـت عـدوةَ آمـنٍ * من ليـث غابٍ حيـن داسـوا الغابـا
لـو ينظرون ذُبـاب صـارم حيـدر * لـرأيتـهـم يتطـايـرون ذُبـابــا
لكنّهـم علِـمـوا الوصـيـة أنّهــا * صارت لصارمــه الصقيـل قِرابـا
فهناك قـد جعلـوا النّجاد بعُنـق مَـن * مدّوا لـه يـوم « الغـديـر » رِقابـا
سحبـوه والـزهراء تعــدو خلفــه * والدمــع أجرتـه عليـه سحـابـا
فدعتْهـم خلّـوا ابـن عمـي حيـدرٍ * أو أكشفـنَّ إلــى الدعـاء نِقابــا
حـاربـتـم البــاري وآل نبـيّــه * وعـصيتُـم الأعــواد والمحرابــا
ونكـثتـُـم كثمـود ، هـذا صـالـحٌ * لِـمَ تسحبــون الصالـح الأوّابــا
رجعـوا إليـهـا بالسـيـاط ليُخمـدوا * نــور النّبــي الساطـع الثـقّابـا
فتهـافـتـوا مثـل الفـراش ونـوره * قـد صار دونهـم لهــا جلبـابــا


رمتها سهام الدهر

الشيخ حبيب شعبان

سقاك الحيـال الهطّال يا معهـد الألــف * ويا جنّـة الفردوس دانيـــة القطـــفِ
أيـا منـزل الأحبـــاب ما لكَ موحشـاً * بزهوتــك الأريـاح أودت بما تسفـــي
تعـفّـيــت يا ربــع الأحبّـة بعدهـم * فذكّرتنـي قبــر البـتـولة إذ عفّـــي
رمتهــا سهــام الدهـر وهي صوائـب * بشجوٍ إلى ان جـرَّعت غصص الحتــف
شجـاها فـراق المصطفـى واهتضامهـا * لدى كـلّ رجـس من صحابتــه جلــف
لقـد بالغـوا فـي هضـمهـا وتحالفــوا * عليها وخانوا الله فــي محـكم الصحــف

________________________________________
( 14 )

فآبـت وزنـد الغيـظ يقـدح فـي الحشــا * تعثَّـرُ بالأذيــال مثـنـية العـطـــف
وجاءت إلـى الكــرار تشكـو اهتضامهـا * ومدّت إليـه الطـرف خاشعة الطـــرف
أبـا حسـن يـا راســخ الحلـم والحـجـا * إذا فــرّت الأبطـال رعبـاً من الزحف
ويـا واحـداً أفنـى الجمــوع ولـم يـزل * بصيحته في الـروع يأتـي علـى الألف
أراك ترانــي وابـن تـيـم وصـحبــه * يسومونني ما لا أطيـق مــن الخسـف
ويلطــم عينـي نصـب عينيـك ناصـبُ * العــداوة لي بالضرب منّـيَ يستشـفـي
فتـغضــي ولا تنـضـي حسامـك آخـذاً * بحقـيّ ومنـه اليـوم قـد صفـرت كفّي
لِمَـن اشتـكـي إلاّ إليــك ومَــن بــه * ألوذُ وهـل لـي بعـد بيتـك مـن كهف
وقد أضرمــوا النيـران فيـه واسقطــوا * جنينــي فواويـلاه منـهم ويــا لهفي
ومــا برحـت مهـضـومـة ذات علّــة * تـؤرقهـا البلـوى وظـالمـهـا مُغـفي
إلى ان قضـت مكسـورة الضلـع مسقَطــاً * جنـينٌ لهـا بـالضـرب مسـودّة الكتف

 

المناقب الغر

الشيخ حبيب شعبان

هي الغيد تسقــى من لواحظها خمـرا * لذلك لا تنفـك عشـاقهــا سكــرى
واصـفـي ودادي للـديـار وأهلـهـا * فيسـلو فـؤادي ودّ فاطمــة الزهرا
وقـد فرض الرحمـان في الذكر ودّهـا * وللمصطفـى كانـت مودتـهـا أجرا
وزوّجهـا فـوق السمـا مـن أميـنـه * علـيٍ فزادت فوق مفخـرهـا فخـرا
وكـان شهود العقـد سكّـان عـرشـه * وكـان جنان الخلد منـه لهـا مهــرا
فـلـم تـرض إلاّ ان يشفّعهـا بمَــن * تحب فأعطاها الشفاعة فـي الأخـرى
حبيبـة خيـر الرسـل ما بيـن أهلـه * يقبّلهـا شوقـاً ويـوسعـهـا بشـرا
ومهمـا لريـح الجنـة اشتـاق شمّهـا * فينشق منهـا ذلك العطـر والبشــرا

________________________________________
( 15 )

إذا هـي في المحراب قامـت فنورهـا * بزهرته يحكي لأهـل السمـا الزهـرا
وانسيــة حـوراء فالحــورُ كلّـهـا * وصائـفهـا يعـددن خدمتهـا فخـرا
وان نسـاء العـالمـيـن إمــاءَ‌هــا * بهـا شرفت منهـنّ مـن شرفت قدرا
فلـم يكُ لولاهـا نصيبٌ مــن العـلا * لاُنثـى ولا كانـت خديجـة بالكبـرى
لقـد خصّهـا البـاري بغـرّ منـاقـبٍ * تجلّت وجلّـت ان نطيق لهـا حصـرا
وكيف تحيط اللسن وصفـاً بكنـهِ مـن * أحاطت بمـا يأتي وما قد مضى خبـرا
وما خفيـت فضـلاً علـى كـل مسلـمٍ * فياليت شعـري كيـف قد خفيت قبـرا
ومـا شيّع الأصحـاب سامـي نعشهـا * وما ضرّهم ان يغنموا الفضل والأجـرا
لهـا الله مـن مظلومـة كـم ظـلامـة * لديـك لهـا لا تستطيع لهـا حصـرا
وافـجـع مـا قاسـتـه منـك وكلهـا * فجائـع ان ارقيت صـدر ابنها شمـرا

 

النجم المشرق

الدكتور محمد اقبال اللاهوري

نســب المسيـح بنـى لمريـم سيــرةً * بقيـت علـى طول المـدى ذكراهـا
والنجــم يشـرق مـن ثـلاث مطالــع * فـي مهـد فاطمـة فمـا أعـلاهـا
هي بنت مَن ، هي زوج مّن ، هي اُم مّن ؟ * مّن ذا يدانـي فـي الفخـار أباهــا
هي ومضـة مـن نـور عيـن المصطفى * هـادي الشعـوب إذا تـروم هداهـا
هـي رحمة للعالـميـن وكعـبـة الآمـال * فـي الـدنـيـا وفـي اُخـراهــا
مّـن أيـقـظ الفـطـر النـيـام بروحـه * وكأنّـه بعــد البـلـى أحـيـاهـا
وأعــاد تـاريـخ الحـيـاة جـديــدة * مثل العرائس في جـديـد حـلاهـا
ولـزوج فاطـمـة بسـورة هـل أتــى * تاجٌ يفـوق الشمـس عنـد ضحاهـا

________________________________________
( 16 )


ما بال عينيك

السيد مهدي الأعرجي

مـا بـال عينيـك دمـاً تنسـكـب * ونـار أحشـــاك اســى تلتـهــبُ
يــوم قضـى فيـه النبـي نحـبه * فضلَّت الدنيــــا لـــه تنـتحــبُ
وانقـلب الناس علـى أعقابـهــم * ولـن يضــــرّ الله مّــن ينقـلـبُ
وأقبلـوا إلـى ( البتـول ) عنــوة * وحـول دارهـــا أُديــر الحطــبُ
فاستـقبـلتهـم ( فاطـم ) وظنّـهـا * إن كلّمتـهـم رجعـــوا وانقلـبــوا
حتى إذا خلت عـن البـاب وقــد * لاذت وراهــا منـهــمّ تحتـجــبُ
فكسّـروا أضلاعهـا واغتـصبـوا * ميراثـهـا وللشـهـــور كـذّبـــوا
وأخرجوا ( الكـرار ) من منزلــه * وهـو بـبـند سيـفـــه مـلبـــبُ
يصيـح أين اليوم منّي ( حمــزة ) * ينصرنـي و( جعـفــر ) فيغـضــبُ
وخلفهـم ( فاطمـة ) تعـثـر فـي * أذيالـهــا وقـلبـهــا منـشـعــبُ
تصيـح خلّوا عن ( علـي ) قبـل أن * أدعـو وفيكم أرضكـم تـنـقـلــبُ
فأقـبــل العـبد لهـا يضربـهـا * بالسـوط وهي بالنـبـيّ تـنــــدبُ
يـا والـدي هـذا ( علــي ) بعـد * عينيـك علـى اغـتصابــه تـألّبـوا
واعتـزلـوا جانـبـاً وأمّــــروا ضئـيــل تـيـم بـعـــده ونصّـبــوا
تجاهلــوا مقـامـه وهـــو الـذي * بسيفه في الحــرب قُدّ ( مرحــبُ )
ولـو ترانــي والعــدى تحالفـــوا * علـيّ لمّـا غيّـبــتـك التـــربُ
وجرّعـونــي صحبـك الصـاب وقـد * تراكمـت منهـم علـــيّ الكــربُ
ولـم تزل تجــرع منهـم غصصــاً * تنـدكّ منها الراسيـــات الهضــبُ
حتى قضـت بحســرة مهـضومــة * حقـوقهـا وفيـئهــا مسـتــلـبُ
وأخـرج الكـرار ليــلاً نعـشـهــا * و ( زينـب ) خلفهـــم تنـتحــبُ

________________________________________
( 17 )


من الأنوار القدسية

الشيخ محمد حسين الاصفهاني

جوهرةُ القـدس مـن الكنـز الخـفـي * بـدت فابــدت عاليـات الأحــرفِ
وقـد تجلّـى مـن سمـاء العظـمــه * مـن عالــم الأسماء اسمـى كَلِمَـهْ
بـل هـي اُمّ الكلـمات المـحـكمــه * فـي غيــب ذاتهـا نكـات مبهـمه
اُمّ الائـمـة العـقـول الغـرَّ بـــلْ * اُمّ أبيـهــا وهـو علــة العــللْ
روح النـبيّ فـي عظـيم المنـزلــةْ * وفي الكفـاء كفـو من لا كفــوَ لـهْ
هـي البـتـول الطـهـر والعــذراء * كمــريــم الطهـر ولا ســـواء
فــانّهــا ســيــدة النـســـاء * ومريـم الكبـــرى بـلا خفـــاء
وحبـهـا مـن الصفــات العاليــة * عليــه دارت القـــرون الخالـيـة
تبتّـلـت عــن دنــس الطبـيعـة * فيــا لهـا مـن رتـبـةٍ رفيـعــة
فـي اُفـق المجــد هـي الزهــراء * للشمـس مـن زهرتـهـا الضيــاء
بـل هــي نــورُ عالــم الأنـوارِ * ومطلـع الشـمــوس والاقـمــارِ
رضيـعـة الوحــي مـن الجلـيـل * حليفـــة المحـكــم والتنـزيــل
مفـطـومــة مــن زلل الأهــواء * معصومة عـن وصـمة الأخـطــاء
زكيــة مــن وصــمـة القيــود * فهــي غنـيـة مــن الحـــدود
يـــا قبلــة الأرواح والعـقــول * وكعبـــة الشهــود والـوصــول
لهـفـي لهـا لقــد اُضيـع قـدرُهـا * حتــى توارى بالحـجـاب بــدرها
تجرّعـت مـن غصــص الزمــان * مـا جـاوز الحـدَّ مــن البــيـانِ
إنّ حديــث البـــاب ذو شجــون * مـمّـا جنت بــه يـــد الخــؤنِ
أيضــرم النــار ببــاب دارهــا * وآيـة النـــور علـى منـارِهـا
وبـابـهـا بـاب نبـــي الرحمــة * وبـاب أبـواب نجــــاة الاُمّــة
بـل بابهـا بـاب العلــيّ الأعلــى * فثـم وجــه الله قــد تـجـلّــى
ما اكتسبـوا بالنـار غيــر العــار * ومـن ورائــه عـــذاب النــار

________________________________________
( 18 )

ما أجهـل القـوم فــانّ النــار لا * تطفـيء نـور الله جـلَّ وعــلا
لكـنّ كسـر الضلـع ليـس ينجبـرْ * إلاّ بصـمصام عـزيـزٍ مقـتـدر
إذ رضّ تـلك الأضلــع الزكـيـة * رزيــة لا مثـلهــا رزيـــهْ
ومــن نبـوع الـدم مـن ثديـيـها * يعـرف عُظـم ما جـرى عليهـا
وجــاوزوا الحـدّ بلطــمِ الخــدَّ * شُلّت يـد الطغـيـان والتعــدي
فأجـرت العـين وعيـنُ المعــرفة * تذرفُ بالدمع علـى تـلك الصفـة
ولا يزيـلُ حمـرة العـينِ ســوى * بيضُ السيوف يـومَ يُنشرُ اللـوى
ومـن سـواد متـنها اسـودّ الفـضا * يـا ساعـدَ الله الإمـام المرتضـى
ووكـز نعـل السيـف فـي جنبـيها * أتـى بكـلّ مــا أتـى عليـهـا
ولســتُ أدري خبــر المسـمـار * سلْ صـدرها خُـزانـة الأسـرار
وفـي جنيـن المجد ما يُدمي الحشـا * وهـل لهـم إخفـاء أمرٍ قد فشـى
والبــابُ والجــدار والدمـــاءُ * شهـود صـدقٍ مـا بــه خفـاءُ
لقد جنـى الجانـي علـى جنينهــا * فانـدكّت الجـبال مـن حنـينهـا
أهكــذا يُصـنـع بابـنـة النبـي * حرصـاً على المُـلك فيـا للعجب
أتُـمنـع المكـروبـةُ المقـروحـة * عـن البكـا خوفـاً من الفضيـحة
تـاللهِ ينـبغي لهـا تـبكـي دمــا * مـا دامـت الأرض ودارتِ السمـا
لفـقـد عـزَّهـا أبيـها السامــي * ولا هتـضـامـهـا وذلَّ الحــام


قل للبتول

الشيخ عبدالحسين صادق العاملي

خـذ فـي مديحــك للبتـول * حظّين مـن عـرضٍ وطـولِ
قـل للقريحـة فـي مهــذب * مدحـة فيـضـي وسيــلي
ولفيك قـل : فـه في حديثك * غيــر محســور كّليــلِ

( 19 )

قـل : للبتـول عظيم فضـل * لــم يُدنَّـس بالــفضـولِ
هـي قبــل كـلّ مكــــوّنٍ * قنـديــل عـرش للجـليلِ
هي صفـوة للخلـق سيــدة * النسـا فـي كــلّ جيــلِ
هــي للقبــيل عقـيـلـة * ومليكــة هـي للعـقــولِ
هــي للنبــي وللوصــي * وللــزكـي وللقــتيــلِ
مقرونــة فـي عصـمــة * عـن كــلّ مذمـوم وبـيلِ
هــي لبـــوة نبـويّــة * محجـوبة فـي خيـر غيـلِ
سكــن لحيـدرة وحيــدرة * هــزبــرٌ للــرســولِ

 

الشكوى والدموع

السيد كاظم الأمين

يا صاحبـي كن من الدنيا على وجلِ * وخالف النفس واحـذر كاذب الأملِ
فمـا أرى هـذه الدنيـا وان عطفت * سوى عـدو بثـوب الغـدر مشتمل
وقد أعـود علـى نفسـي بتسلـية * فيما نعانيـه مـن أيامنـا الفصـل
بأهـل بيت الهـدى كم كابدوا محنا * تزول شمّ الرواسـي وهي لـم تزل
وكم دماء لهـم عنـد العـدى هدر * يحول صبغ الليالي وهي لـم تحـل
اليّةً بـرة بالبيـت والحرم الشـريف والقبــر مثـوى خاتـم الرســل
لقد تزلـزلت السبـع الطباق ومـا * على البسيطة من سهـل ومن جبل
غداة اجهشـت الزهراء معلـنة الشكـوى بدمـع من الأحشـاء منهـمل
وربّ دمع لها مـن بعد ذاك جرى * على قتيل بأرض الطـف منجـدل
الله يعلـم مـا تلك الدمـاء جـرت * بالطـف إلاّ بتمـهيـد مـن الأول
فسـوف يعلـم أقـوام منازلهــم * وما أعـدّ لهـم فيها مـن النـزل

________________________________________
( 20 )


يعزّ على الرسول
الشيخ محمّد علي اليعقوبي

تـرك الصبـا لك والصبـابـه * صـبّ كفـاه مـا أصـابـه
ولقــد يعـزّ علـى رســول * الله مـا جنـت الصحـابـه
قــد مـات فانتـقـلبوا علـى * الأعقاب لم يخـشوا عقابـه
منعـوا البـتـولـة ان تنـوح * عليـه أو تبـكي مصـابـه
نعــش النـبـي أمامـهــم * ووراءهـم نبـذوا كتـابـه
لــم يحفظــوا للمـرتضـى * رحـم النبـوة والقــرابـه
لـو لـم يكن خيــر الـورى * بعـد النبـي لمـا استنـابه
قـد أطـفـأوا نــور الهـدى * مـذ أضرمـوا بالنـار بابه
أسـد الإلـــه فكـيف قــد * ولجت ذئـاب القـوم بابـه
فـي أيّ حكـم قـد أباحــوا * ارث فاطـم واغتـصابــه
بيــت النـبــوة بيـتــها * شادت يـد البـاري قبابــه
أذِنَ الإلــــه برفـعـــه * والقوم قـد هتـكوا حجابـه
بـأبــي وديــعـة أحمــد * جرعاً سقاهـا الظـلم صابه
عاشـت معصّـبة الجبـيــن * تئنَ مـن تلك ( العصابـة )
حتـى قضــت وعيـونهــا * عبـرى ومهـجتهـا مذابـه
وأمـضّ خطب فـي حشـا الا * سـلام قـد أورى التهابــه
بـالليـل واراهـا الوصــيّ * وقبـرهـا عفّـى ترابــه


مولد الزهراء

السيد محمّد جمال الهاشمي

مولـدُ الزهـراء للإيمـان عيـدُ * كـلّ شيعـي بذكــراه سعيـدُ
ذكريـاتُ الفجـر فـي مطلـعـه * تتـجلّـى ، ولنـا فيـه عهـودُ

________________________________________
( 21 )

مولـد الزهــراء فـي موكبـه * يتهادى ، وبـه الماضـي يعودُ
يهـزم الأوهـامَ فـي ألطـافـه * فالفيـافي مـن معانيــه ورودُ
ورمـال البيـد سالـت عسجـداً * والحصـى فيـه لئـالٍ وعقودُ
واستطالـتْ قمـم المجـد بهـا  * فهي في الشـرق روابٍ ونجودُ
وُلِـدَ الإنسـان فـي أكنافهــا * فهـي اُمّ للـكرامـات ولــودُ
لم يكـن من قبلهـا فـي ظلّهـا * للهدى عيـنٌ ، وللحـق وجـودُ
مولـد الزهـراء هـذا فابسمـي * أيّهـا الشيـعةُ ، فالموسم عيـدُ
ودعي عنـكِ الأسـى واحتفـلي * فيه ، فالعيد بـه الحـزنُ يبـيدُ
سوف ينجـابُ الدجـى منهزمـاً * من سنا الفجـر ، فللفجر جنودُ
فــإذا وجّـهــها الله إلــى * اُفـق بـادَ بـه اللـيل المبـيد


بنت الخلود

السيد محمّد جمال الهاشمي

شعَّت فـلا الشمـس تحكيها ولا القمرُ * زهـراءُ من نورها الأكوانُ تزدهـرُ
بنـتُ الخلـود لها الأجيـال خاشعـةٌ * اُمّ الزمـان إليهـا تنتـمي العُصُـرُ
روحُ الحيـاة ، فلو لا لطفُ عنصرها * لم تأتلف بينـنا الأرواحُ والصــورُ
سمت عـن الاُفق ، لا روح ولا ملَكٌ * وفاقت الأرض ، لا جـنٌّ ولا بشـرُ
مجبـولـةٌ مـن جـلال الله طيـنتُها * يرفُّ لُطفاً عليهـا الصـونُ والخَفـرُ
ما عابَ مفخَـرها التأنـيث أنَّ بهـا * على الرجال نسـاءُ الأرض تفتـخرُ
خِصالها الغـرُّ جلّت ان تلـوكَ بهـا * منّا المقـاولُ أو تدنـو لهـا الفكـرُ
معنى النبـوة ، سرُّ الوحي ، قد نزلتْ * في بيـتِ عصمتها الآيـاتُ والسورُ
حـوت خِلال رسـول الله أجمــعَها * لولا الرسالـةُ ساوى أصلـه الثمرُ
تدرّجت في مراقـي الحـقَّ عارجـةً * لمشرق النـور حيث السـرُّ مستـترُ

( 22 )

ثم انثـنت تمـلأ الدنيـا معارفُهــا * تطوى القرون عيـاءً وهـي تنتشرُ
قل للذي راح يُخفي فضـلها حسـداً * وجـه الحقيـقة عنّـا كيـف ينسترُ
أتقرن النـورَ بالظلمـاء من سفـهٍ ؟ * مـا أنتَ فـي القـول إلاّ كاذب أشِرُ
بنـتُ النبـي الـذي لـولا هدايتُـه * ما كان للحـقّ ، لا عيـنٌ ولا أثـرُ
هـي التـي ورثـت حقـاً مفاخـره * والعطر فيه الذي في الـورد مدَّخـرُ
فـي عيد ميلادهـا الأمـلاكُ حافلـةٌ * والحور فـي الجنة العليـا لها سمـرُ
تزوجتْ في السماء بالمرتضى شرفـاً * والشمس يقرُنهـا فـي الرتبة القمـرُ
علـى النبـوّة أضفت فـي مراتبهـا * فضـل الـولاية لا تبقـى ولا تـذرُ
اُمّ الأئـمة مَـن طـوعاً لرغبتـهـم * يعلـو القضاءُ بنـا أو ينزل القـدرُ
قف يا يراعـي عـن مدح البتول ففي * مديحهـا تهتـف الألـواحُ والزبـرُ
وارجع لنستـخبر التـأريخ عن نبـأٍ * قد فاجـأتنـا بـه الأنبـاء والسيـرُ
هل أسقط القوم ضرباً حملَها فهـوت * تـأنُّ ممّـا بهـا والضلـعُ منكسـرُ
وهل كما قيـل قـادوا بعلَهـا فعـدت * وراه نادبـةً والدمــع منـهـمـرُ
إن كـان حقاً فإنّ القـوم قـد مرقـوا * عن دينهم وبشرع المصطفـى كفروا


الصديقة الزهراء

الشيخ عبد المنعم الفرطوسي

شجـونٌ تستهـل لهـا الدمـــوعُ * وتحـرق من لواعجهـا الضلـوعُ
وقفـتُ على البقيـع فسال طـرفي * وقلبـي فالدموع هــي النجيــع
كـأنّ مصيـبة الزهـراء بيــتٌ * بقـلبـي للأسـى وهــو البقيـع
أمثـلُ البضعة الزهـراء تُجـفـى * ويعـفـا قبرهـا وهــو الرفيـع
ويغصب حقـها جهـراً وتــؤذى * بحيـث وصيـة الهـادي تضيـع
تُصـدّ عن البكـاء علـى أبيـهـا * فتحبس فـي محاجـرها الدمـوع

( 23 )

وتقتـطع الاراكـة حيـن تــأوي * لظـل غصـونهـا كـفٌ قطيـع
ويحـرق بيـتـها بالنـار حقــداً * ويٌهتـك ستـرها وهـو المنـيـع
ويُكسر ضلعهـا بالبـاب عصــراً * فيسقـط حملهـا وهــو الشفيـع
ويدمـي صدرهـا المسمـار كسراً * فينـبغ بيـن ثديـيهـا النجـيـع
وحمـرة عينـهـا للحشـر تبقـى * بهـا من كـفّ لاطمـهـا تشـيع
تنـوح فتسـمع الشكـوى وتدعـو * وما في المسلميـن لهـا سميــع
مصائـب بالفظـاعة قـد تنـاهت * وكـل مصـيـبة خطـب فظـيع
قضت ألمـاً مـن الزهـراء فيهـا * حشاشـة قلـبهـا وهـو المـروع

 

دموع خلف الابتسام

الاستاذ عبود الأحمد

تـوارتْ خلـف بسمتـي الدمـوعُ * وخلـف صداي يختبـئُ الخشـوعُ
وما ضحـكـي أمــامَ النـاس إلاّ * مــداراةٌ وأحشــائـي تلــوع
يُعمّقُ فـي جـراح القلــب نزفـاً * بكـاءٌ صامـتٌ وأســىً مـروع
فيخـفي لحـنَ اُغنيـتـي نشيجـي * ولكــنّ الأنيــنَ بــه يذيــع
تكـاد مـن العـذاب تـذوب روحٌ * محـمّلــة بمـا لا تسـتطيــع
أنـام علـى لظـىً بيـن الحنايــا * وأصحـو والهمـوم هي الضجيـع
شببتُ على الجراح فكــلّ عمـري * جــراحٌ والمسـيـلُ دمٌ نجـيـع
تطوف على شغاف القلــب وجـداً * فتـحضـنه المواجـع والضلـوع
وشابـت كـلّ آمالــي وماتــت * وجُـرحي فـي تأجّـجه رضيــع
ويغمـرني إلـى الأعمـاق حـزنٌ * تفيضُ علـى جوانبــه الدمــوع
فخـذ يا حـزن مـا ابقيـت منّـي * كيـانـاً قـد تـولاه الخضــوع
أنا السهـرُ المـؤرّق فـي المنافـي * ويأبـى أن يمـرّ بــه الهجـوع

( 24 )

أنا الوجـد المضيّـع عـن بـلادي * وقـد أودى بـه الزمـن الوضيـع
بــأرض الرافــدين لـه قبـابٌ * وأضـرحةٌ معـطــرة تضــوع
ومــا أحــلامـه إلاّ ســرابٌ * يراود شوقهــا أمــلٌ خــدوع
لأنّ فـراتـه مــا عـاد عذبــاً * وخالـط مـاءه الســـم النقيــع
وقـد غـدت النخيـل بـلا حيـاةٍ * تعـرَّت عـن ظفائـرها الجـذوع
الا يـا قاصـد الزهــراء شوقـاً * تعطّــركَ المدينـــة والبقيــع
فطأطـئ عنـد مرأى القبـر جيـداً * ففـي أحشائـه الطهــر الوديـع
وقبّـل تربــةَ الزهـراء وابثُـث * رزايـا قــد تناسـتهـا الجمـوع
وقـل بنـت النبـي إليـكِ نشكـو * عذابــاً مالـه يومــاً نــزوع
فيـا زهـراء هـل عاينـتِ شعبـاً * وأبنــاءً لـه ظلمــاً اريعــوا
وبلّغــها سلامـاً عــن بقايـــا * نفـوسٍ فـي محبّتــها تضـيـع
تولّـتْهــا يـدُّ مـا كـان منهــا * سوى ظلـمٍ يشيـبُ لـه الرضيـع
سـلامُ يـا ابنـةَ الطهـر المفـدّى * سـلامٌ أيّهــا المجــد الرفيــع
تـودّع فيــكِ ســرُّ الله حقـــاً * وفـي ميـلادك الســرُّ الـودوع
فيــا اُمّ الحسيـن فدتــكِ دنيــا * وما ضمّــت عوالمنـا الجميــع
أيــا قدسـاً أفاضـتـه سمـــاءٌ * تكـلّلــه المهابــةُ والخشــوع
ويــا غصنـاً تفـرّع مـن سمـوٍ * لطــه أثمـرت منـه الفــروع
ويـا نبعـاً من الإيمـان محضــاً * تدفّــق واليـقيـن لـه تبــوع
وجوهـرةً تشـع بهــا الليـالـي * ونـور الله مزدهـــرٌ نصــوع
تجلّــت قـدرة البـاري بخــلقٍ * وجــلَّ الله بارئـــكِ البديــع
ويـا حصنـاً أحـاط بنـا أمانــاً * إذا مــا يُفـقد الحصـن المنيـع
سأسـألكِ الشفـاعة رغـم ذنـبـي * يؤرّقنــي بـه فــزع مــروع
إذا مــا ضمّـني قبــرٌ ولحــدٌ * وأوحدنـي بـه العمـل المضيــع
واُغلــقَ دون أحبابــي رتــاجٌ * وضاق بقبـري الكــون الوسيـع

( 25 )

وانّـي إن دعوتِـكِ يـوم حشـري * فأنـتِ لـي المُـطَمْئـنُ والشفيـع
فـإنّ شـفَّعـتِ فـي عبـدٍ ذليـلٍ * تولانــي برحمـتــه السميــع
 


امتداد السنا

الشيخ ابراهيم النصيراوي

جدّد العهـد يـا نشيـد الــولاءِ * هاتفـاً بالوليــدة الزهـــراءِ
هي نبـع من المكـارم يزهــو * خُصّ للأرض من عيـون السماء
تتباهـى بهـا السمـاوات فخـراً * وتغنّـت بهـا ربـى الغبــراء
لا كيـوم الزهــراء يوم بهـيّ * دائم العطـر مـن أريـج الثنـاء
والأهازيــج باسمهــا تتعالـى * وهـي فوق المديــح والإطراء
فكأنّـي بكــل قلــب ينـادي * ولــدت بنـت سيـد الأنبيـاء
* * *
جـدّد العهـد يـا نشيـد الـولاء * فهـي حسبـي وغايتـي ورجائـي
كل عـرق جـرى بجسميَ حـيٌَ * حبُّهـا فيــه لا مسيـل الدمــاء
إنّ قلبـاً خـلا من الحـب يومـاً * ليـس يُنمـى لهــذه الأحيــاء
كلما جلـتُ خاطـراً تهـتُ فيها * بسنـاهـا يغيـب كــل سنــاء
حشـدت نفسها الملائـك زحفـاً * خلــف بيـتٍ بلهــفةٍ وانحنـاء
علّهـا ان تـرى سنـاء وجـوهٍ * خُلقـت قبـل خلـق هذا الفضـاء
تتمنّـى بـأن تظــلّ عكـوفـاً * ولتحظى بحمـلِ فضـل الــرداء
هكـذا البضعـة الزكيـة كانـت * منبــت اليُـمـن منبـت الآلاء
غطتِ الشمس شمـسها فأنـارت * هـذه الأرض مـن سنـى الزهراء
هـي انثى وخلفهـا ألـف معنى * كــل معـنـى بـه مدى للخـفاء
انّهـا المـرأة التـي قيـل فيهـا * ما على الأرض مثلها فـي النسـاء

________________________________________
( 26 )

هـي ســرٌ وحسبـها انّ فيهـا * نــزل الوحـي هاتفـاً بالثـنـاء
ليـس يرقى لفضلهـا أي فضـلٍ * مــن أبيـنــا واُمّـنـا حـواء

 

الزهراء ( عليها السلام )

الدكتور الشيخ أحمد الوائلي

كيـف يدنـو إلـى حشـاي الــدّاءُ * وبقلبـي الصديــقــة الزهـــراءُ
مــن أبـوهـا وبعلهـا وبنــوها * صفـوة مـا لمثلـهــم قـرنـــاء
اُفــق ينـتمـي إلــى اُفــق الله * وناهيـــك ذلك الانــتــمـــاء
وكيــان بنــاه أحمـــد خُلقــاً * ورعتـه خديـجـــة الغــــرّاء
وعلــيّ ضجـيعــه يـالــروح * صنـعـته وباركـتــه السمـــاء
أيّ دهمـاء جلّلـت اُفـق الإســلام * حتــى تنـكَّـر الخـلـصــــاء
أطعمـوك الهــوان من بعـد عـزًّ * وعن الحـبّ نابـت البغـضــــاء
اَاُضـيعـت آلآء أحمــد فيـهــم * وضــلال أن تجــحــــد الآلاء
أو لــم يعلمـوا بأنّــك حـــبّ * المصطفـى حين تُحفــــظ الآبـاء
أفأجــر الرســول هـذا ، وهـذا * لمزيـد مـن العطـاء الجــــزاء
أيّهـا الموسـع البتـولـة هضمــاً * وَيـكَ ما هكـذا يكــون الـوفــاء
بلغة خصّهـا النبـي لـذي القربـى * كمـا صرَّحـت بــه الأنـبـــاء
لا تسـاوي جــزءاً لمــا فــي سبـيل الله أعطتــه امُّــك السمحــاء
ثم فيها إلـى مودة ذي القربـى سبيل * يمشــــي بــه الأتـقيـــاء
لو بهـا أكرمـوكِ سُـرَّ رسـول الله * يـا ويـح مَــن إليـه أســاءُوا
أيذاد السبطـان عـن بلغـة العيـش * ويُـعطــى تراثــه البـُـعـداء
وتبيـت الزهـراء غرثـى ويُغـذى * من جناهـا مـروان والبُغـضــاء
أتـروح الزهــراء تطلـب قـوتـاً * والـذي استرفـدوا بهـا أغنيــاء

________________________________________
( 27 )

يــا لوَجـد الهـدى ، أجل وعلـى الدنيـا ومـا أوعبـت عليـه العفــاء
نهنهي يـا ابنـةَ النبـي عن الوجـد * فـلا برَّحــت بــكِ البُرحــاء
وأريحــي عينـــاً وإن أذبلـتهـا * دمعـة عنـد جفـنـهـا خرســاء
وانطـوي فـوق أضلـع كسـروهـا * فهي من بعـد كسـرهـم أنضــاء
وتناســي ذاك الجـنيـن المـدمَّـى * وإن استوحشـت لــه الأحشــاء
وجبـيــن محمّــد كـان يـرتــاح إليـــه مبـــارك وضّــــاء
لطـمتـه كـفّ عـن المجــد والنخـــوة فيـمـا عهـدتهـا شـــلاء
وسـوار علـى ذراعيك مــن ســوط تمـطّــت بضـربـه اللُّـؤمــاء
فـي حشـايـا الظــلام في مخـدع الزهــــراء آهٌ ولـوعـةٌ وبكــاء
وهـي فـوق الفـراش نضـوٌ مـن الأسقـام كالغصــن جـفَّ عنـه الماء
ألـرَّزايا السـوداء لـم تُبـق منهـا * غيـر روح ألـوى بهــا الإعيـاء
ومسـجـّى مـن جسـمهـا وسمتـه * بالنـدوب السيــاط كيـف تشـاء
وكسيــر مـن الضلـوع تحامــت * أن يـراه ابـن عمّهـا فيُــســاء
فـاستجـارت بالمـوت والمـوت للـروح التـي أدّهــا العـذاب شفـــاء
وبجفـن الزهــراء طيـف تبـدّى * فيـه وجـهُ الحبيــب والسّيمــاء
وذراعــا خديـجــة وابتـهــالُ * الاُمّ تشـتـاق فـرخهـا ودعــاء
فتـمـشّـت بجـسمهـا خلجــاتٌ * ومشـى فـي جفــونهـا إغـمـاء
وبـدت فـي شفاههــا همهـمـاتٌ * لعلــيًّ فـي بعـضهــا إيصـاء
بيـتيـمَيـن وابنتـيـن ويــا للامَّ * نبــض بقـلـبهـــا الأبـنـاء
ووصايــا نمّـت عـن الهضــم والعتــب روتهـا مـن بعـدها أسمـاء
ثــم ماتـت ولهـى فمـا أقبــح الخضـراء ممّــا جنــوه والغبــراء
سُجّـيـت فـي فراشهـا وعلـــيّ * وبنـوه علـى الفـراش انحنـــاء
وتلاقـت دمـوعهـم فــوق صـدرٍ * كـان للمصطـفى عليـه ارتـمـاء
وعلـيّ بمـدمـعٍ يقـتـضيه الحـزنُ سكبـــاً وتمـنـــعُ الكبـريــاء

________________________________________
( 28 )

فاحتــوى فاطمـاً إليــه ونــادى * عـزّ يـا بَضعــة النبـيّ العـزاء
وتولّـى تجهيـزها مثـل مـا أوصـتـه مـن حيــن مــدّت الظـلمــاء
وعلـى القبـر ذاب حـزنـاً ونـدّت * دمعــة مــن عيـونـه وكفــاء
ثــم نـادى وديـعـةٌ يـا رســول الله رُدّت وعيـنـهـــا حمـــراء


الكوثر النبوي

الاستاذ بدر الشبيب

أيـا سائلاً عنـي إذا شئـت أن تقـرا * فقلّـب كتـاب المجد لا تتركَـنْ سطرا
ستعلـم أنـي فـي عيـون سطـوره * اُزيّنهــا كحـلاً وأمنحهـا سحــرا
وأنّـي الـذي والـى النبـي وآلــه * هـم قدوتـي دنياهـم عدتـي اُخـرى
رجالهم خيـر الرجال مكانةً كفاني بهم * عــزاً كفـانـي بــه فـخـــرا
وإن عـدَّ غيري في المفاخـر نسـوة * كفاني إذا ما قلت فاطمـة الزهـــراء
لئن سادت العذراء نســوة عصـرها * فقد سادت الزهـراء في قدرها العُصرا
تعجبــت للتاريـخ يكتـم أمــرها * فساءلتـه يوماً فأبـدي لـي العــذرا
وأعـرض عنـي قائـلاً إنّ فـي فمي * فقلتُ اقذف الماء الذي يورث القهــرا
وحدّث عن الزهـراء بضعـة أحمـدٍ * ومَن كانت الآيات في حقّـها تـتـرى
ألـم تـكُ اُمّـاً للنبـي وكوثراً وكان * رسـول الله يوصــي بهـا خيــرا
فهل حفظـوا بعـد النبـي مقامهــا * فصانوا لها ودّاً وكانت لـهم ذكــرى
فقـال لي التاريـخ والدمـع هاطـل * أحلت فـؤادي منـذ ساءلتني جمــرا
لقـد بدأتْ كــل الرزايـا برزئهـا * ومن فـدكٍ كانـت رزيتنـا الكبــرى
وكان الـذي قـد كان من أمـر دارها * فظُنّ به خيـراً ولا تكشـفنْ ستـــرا
فقلـت إذا أحسنـت ظناً بمـا جـرى * فما بال بنت المصطفى ووريـت سـرّا
فقال كفـى لا تستـزد مـن عنائهــا * فقد زدتني همّاً وأرهـقتـني عســرا

________________________________________
( 29 )

ولا تطلب التفصيل عمّـا جـرى لهـا * ورفقـاً بحالي إن لـي كبـداً حــرى
تكـّـلفـني الأيــام مـالا أطيعـه * أرى صفوة الأخيار مغبونـة جهــرا


اُم أبيها

الاستاذ بشار كامل الزين

بـدار الوحــي يا خيــر النســاءِ * حظيــتِ بكــل آيـات الثنـــاءِ
تجمّـعـتِ الفضائــل فيـك حتـى * كسَـتـكِ بنفــسها مثـل الــرداءِ
فإنّك بنـــتُ خيـر نســاء أرض * توّلــت دينهـا قـبـل النســـاءِ
ومن بـيـتِ النبــوة بيـت طــه * نشــأتِ علـى ابتهـالات الدعــاء
حبــاكِ الله نعــمتَــهُ وسامـــاً * بـه قـدْ صـرتِ مـن أهـل الكساءِ
فنـلت الحـبّ والتقـديـس منّـــا * لأنّ الله خــصّــك بالــنـــداءِ
وعطفُ أبيـك مــا جـاراه عطـفٌ * عليـك مــع المحـبّـة والرجــاءِ
أاُمُّ أبـيــك مـن سمّــاك هـــذا * سـوى مَـن كـان يحنـث في حِراءِ
أطعـتِ أبـاً ومبعـوثــاً رســولاً * لينـعـمَ بالسـعـــادة والهــنـاءِ
وينـشـر دعـوةَ الإســلام حتّــى * تعمَّ العالمــيـن علــى الســواءِ
وزوّجـك النبــيّ إلــى علـــيًّ * ربيب المصطـفــى بطـلِ الفــداءِ
فكـنـتِ المـرأةَ المثـلـى لــزوجٍ * كريـمِ الخلـق مشـهــودِ الــولاءِ
وكـنـتِ الاُمّ للحـسنـيــن اُمــّاً * سقـتْ أبنـاءهـا وحـــي السمـاءِ
وربّـتهـم علـى نـــورٍ وتقــوى * وإيمــانٍ وخلــقٍ مسـتـضــاءِ
أبنـت الأكـرميـنَ وأهــل بـيـتٍ * لهمْ فـي الدّهـر مأثـرة العـطــاءِ
ولادتــكِ الضيــاء أليـس يعـنـي * ضـيـاءً للاُمـــومــةِ والوفــاءِ
أبـا الزهــراء يـا روحـاً مفــدّى * بــفاطمــةٍ هنيـئــاً للنـســاءِ
وتــرفع زينـبُ الحــوراء صوتــاً يهــزّ قواعـدَ البـغــي المُـرائـي

________________________________________
( 30 )

وهـا هــي كـلّ امــرأةٍ تراهــا * تساهـمُ فـي الصمــود وفـي البقاءِ
لتُعـطـيَ مـن حضارتهــا مثــالاً * يقـوم علــى الطهـارة والصفــاءِ
وترجـع صـورةَ الإســلام عنهــا * بصـدقِ أمانـةٍ وعُـرى انتـمـــاءِ
وتجعــل يـــومَ فاطمــةٍ منـاراً * لدنيــا العالميـــن بـلا ادّعــاءِ
وعــذراً أهـل بيـت الحـقّ عـذراً * إذا القلـب اشتـكــى بعض العـناءِ
ويــا زهــراء اُمّتــنا هنيـئــاً * لمن انجبـتِ مــن أهـل الفـــداءِ
لقــد دار الزمــان وعـادَ يحــدو * بـثـورات النـبـوّة والسـمـــاءِ

 

شمس المحبوب

الاستاذ ثامر الوندي


 أنا من ثلة عشاق خضر فقراء
 ينتظرون وينتظرون وينتظرون
 اقدام الليل على أجنحتي
 ما أثقل هذا الليل الجاثم فوق طراوتها
 كفّرت دمي ورجمت فمي
 ونظرتُ بعين الكاره لهشيم الاصنام المتروكة في كعبة قلبي فازداد قلبي فرقاً ساعتها
 ما أطول هذا الليل على ثانيةٍ من وقتك يا عمري المحروق
 على سجادة عشقٍ لم تبلغ بعد صلاة الصبح
 أاُؤذّن وحدي في جرة هجري المشروخة من فمها
 واُصلّي وحدي واُنادي يا شمس المحبوب اقتربي
 عندي لكِ مثل ولاء العتق وطاعات الأذناب
 اقتربي من أجنحتي اقتربي من قافيتي اقتربي من خاتمتي
 شمس المحبوب تلوح امام العشّاق الخضر الفقراء
________________________________________
( 31 )

 تلوح رغيف شعير يُطعم مسكيناً ويتيماً وأسيرا
 شمس المحبوب تحدّق في الكون كثيرا
 وترج سنابلنا المنقوعة بالليل الراقد فوق رماد الأشياء
 يا قافيتي اشتدي وتلاشي
 لا وقت لقافية تتوكّأ أو تتلكّأ
 اني استقبل شمس المحبوب على أرضي
 لترفرف سنبلة العشاق المطرودين معي
 اني احمي قافيتي ليلوح دخان الوصل
 شمس المحبوب تلوح وليل الهجر يعدّ تذاكره المخبوءة ليغادر أرصفتي
 ما أثقل هذا الليل الليل
 كورتُ قناديل الحب المطفأ في الزاوية المنحرفة
 لأصب دمي فوق النيران المرتجفة
 يا لين كرياتي ما أثقل هذا الليل الليل الليل وشمس المحبوب تلوح تلوح
 ترج نوافذي التسع
 تفتحها تكشفني بعرائي للألق الشاهق
 شمس المحبوب تلوح تلوح تلوح وتصعق هذا الليل الجاثم فوق طراوة اجنحتي
 اسحب أعضائي عضواً عضواً منه
 فأرى اجنحتي تتفتت في المابين
 أنوح أنوح تختلط الدمعةُ برماد قناديلي
 فأصب دمي فوق لهيب الوجد
 الأرض الحرة ابريق وضوئي
 أضربها بيدي فيرتجف الليل الجاثم
 امسح جبهتي المسودة من هول المطّلع الشاخص
________________________________________
( 32 )

 اتذكر كيف استلقى طوفان بنيٌّ
 فوق سرير الأرض فمرت شمس المحبوب
 مرّت شمس المحبوب على غرقي
 نادتني يا وندي اركب معنا
 فركبتُ
 وللآن بقلبي نبض يشهق
 يا زهراء ويا زهراء ويا زهراء

ثمالة الأمل

الاستاذ جاسم محمّد الصحيّح

وهـج القبـاب أم المصيــر المُـتـعـبُ * ذاك الـذي لـكِ شـدّنـي يـا يـثــربُ
فأتـيـت أرفــل فـي الشـقـاء يزفّـني * مـا بـين أشـبـاح المتـاهـة موكــب
تـتسكـع الآهــات بيـن جـوانـحــي * والأبـجــدية فـي دمائــي تـنـحـب
وأجـنّــة الأحــلام حيـن تهـزّهـــا * نجواك يرعـش روحهــا المتـكـهـرِب
أتــرى النخـيـل اليـثـربـية لم تـزل * تـلك التـي تلـد الشـمــوخ وتُـنجـب
أم شكَّهــا سهــم الزمــان فأينـعــت * جرحـاً بـه المستـضعـفـون تخضَّـبوا
وأتــوكِ مـن حيـث الرجـولة لم يـزل * تـأريخهـا بـدم الكـرامــة يشخـــب
يتـلمـسـون ثمـالــة الأمــل الــذي * كانت على يـده الجراحـــة تُخـصِـب
يا طيـبـة النـصر المنــوَّر ما لـــوى * أبطالــه عبــر المجاهـــل غيهـب
فـإذا السمـاء تصـبُّ فـي خلجـاتـهــم * حُــلـُم النبــوة جامحـــاً يتـلَهَّـب
حتـى إذا صقلــوا تُـرابـك وازدهــت * ممّـا تناثــر مـن سنـــاه الأحقــب
وقفـوا علـى حــدّ الرمـاح منـائــراً * تمتـدّ فـي اُفـق الحيـــاة فـيُعـشـب
يــا طيـبـة النصـر الـذي في شوطـه * أفـنـى فُـتـوته النـضــال الأشيــب
وتنـفَّـسـت عبـق الفتــوح رسالـــة * فيهــا تصاهـرت السمــاء ويعــربُ
وافـتْـكِ يرتجـل الصـلابــة ساعــد * منهــا ويبتـكـر العـزيـمــة منكـبُ

________________________________________
( 33 )

ومُـذ اقـتحمـت بهــا الحياةَ على خطى * طــه يـشـدُّكِ للفـــلاح ويجـــذب
شحـذ الفـداء يراعَـهُ بــكِ وانـبــرى * يسقـيه مـن حبــر الخلــود ويكـتـبُ
حتـى إذا يــوم الاخـــاء تـفصَّـمـت * حلقـاتــه وسطـــت عليـه العقـرب
نسيَـتْ جوامـحـك العتــاق نفيـرهــا * وانهار في دمـكِ الصهـيــل الأشهــب
وبقـيـت للأجيــال نبــعَ صبابـــة * ما عـاد كوثــره يفـــور ويغضــب
ورَنت تطـالـعُـك الدهــور فراعهـــا * فتــح بماضيــك المجـيــد مُعـلَّـب
هـرّبتـهِ طيـفــاً بـذاكــرة المُـنـى * يزهو وهيـهــات الفـتــوح تُـهَـرَّب
نســل الغبــار علـيـه ألــفَ قبـيلة * راحــت تـنازعـــه البريـق وتسلب
ويــداك لا شمـس تغـالــب فيـهـمـا * عصــف الشتــاء الجاهـلـي فتـغلب
مُـدِّيهـمـا نحــو الــوراء وسـلسـلي * يـومَ الاخـاء ولملـمـي مــا يسـكـب
وتـحـضّـني أرواحنــــا بصفـائــه * يهتــزّ نبــض حياتــنا المُـتَخَـشِّـب
فسـنصهـر الاُفــق البعيــد علـى لظى * عزماتـنـا حتـى يـــذوب الكـوكـب
وسنـكـنس التاريــخ ممّــا اسنـــدت * فيــه الذئـاب ومــا رواه الثعـلـــب
ونُـقـشِّـر الحــق المُـغَـلَّـف بالدجـى * حتـى يشـعّ لُبـابـــه المُـتَـلَهِّـــب
ونعــود نفـتــرع النجــوم وحسبنــا * فيـمـا نـؤمـل ان متـنــك مركــب


غصص كاللّيل

الشيخ جعفر الهلالي

وبفـاطـمـــةٍ مـا خـــصّ سِــــوا * ك لــدى التــزويـــج ( محـمّـــدُه )
كـــم رَدَّ صحــابـتــه عنـهـــــا * فــي قـــــول راح يُــــــــرَدِّدُه
فغـــدَوْتَ لــه صـهـــراً وأخــــاً * وبـــذاك الصـهــــر تـخـلِّــــدُه
فلك ( السبــطــان ) وفــرعـهـمـــا * بـهـمـــا للـنـســـــل تـعـــدِّدُه
( حجــــجٌ ) أبنــــاؤك رتّـبـهـــا * للـنــــصِّ هنــــالك مـسـنَــــدُه

________________________________________
( 34 )

وخـتـــام الصـفـــوة ( مُـنتَـظَـر ) * مــن وُلـــــدك وهــو يُـجــــدِّدُه
فلـســـوف يـعُـــــمُ الأرض بــه * عــدلٌ للـجــــــور سيـطــــرُدُه
وصبـــرتَ علـى عـظـــم البلــوى * ولقـلـبـــــك بــــان تجـــلُّــدُه
تـتجـرّعهــا غُـصَـصـاً غُـصَـصــاً * كالليــــل تـراكــــم مُــلْبِــــدُه
مـــاذا سـاُعـــدِّدُ مــن نـبـــــأٍ * قـد كُـنــتَ تــــراه وتـشـهــــدُه
( يــوم ) ( المختــار ) و ( حـادثُــه ) * أم ( حـقّـــك ) خـصـمــك يجحـــدُه
أم ( إرثُ ) حليـلـتــك ( الـزهــــرا * ء ) وذا الـقُــــرآن يُــؤَكِّـــــــدُه
دفـــع الأقـــوام بـــه ( نصّـــاً ) * مـذ أضحــتْ عنـهــــا تُـبـعِـــدُه
أم ( ردُّكَ ) حـيـــن شـهــدتَ لهـــا * بحـديـــث النِّـحـلــــة تــــوردُهُ
أم تـلك ( النـــار ) وقــد لهـبــــت * بــالبـــاب لبـيـتــــكَ تـعـبُــدُه
أم كســـر الضلـــع لفـاطـمـــــةٍ * أم ذاك ( المحـســــن ) تـفـقـــــدهُ
لتبـايـــع ( أوّلـهـــم ) فأبـيــــتَ * وحقَّــــك رحـــت تـؤكِّـــــــدُهُ
ووراءك بـنــــت نبــيــهـــــم * تعــــدو والصــــوتُ تُــــــرَدِّدُه
وتصيـــح ألا خـلُّـــوا الكــــــرّا * رَ وذاك الصــــــوت تُـصـعِّــــدُه
أو لا فـســأدعـــــــو الله عـلــى * قــومٍ تعـصـيــــه وتـجـحــــدُه
وأتـــتْ للمـسـجـــد مُـعـوِلَــــةً * ولـــــذاك الجـمــــع تُـهَــــدِّدُه
فـهـنـــالك كفّــــوا غـيَّـهــــم * مُـــذ لاح السـخـــط ومــوعــــده
ورجـعـــتَ وعــادت مثـقـلــــةً * والهـــم يـــزيـــد تـــوقُّــــدُه
وغدت تـشـكـــو المختـــار لِمــــا * قــد نــالـتــــــه وتُـــعَـــدِّدُه
وبكـــت ألمـــاً لمُـصـيـبـتـهـــا * والحــــزن تـفـجَّــــر مـُكْـمَـــدُه
ليـــلاً ونهـــاراً مــا فـتـئــــتْ * بـبكــاهـــا وهــي تُـشــــــدِّدُه
فـــأراد القـــوم لهـــا منـعــــاً * عمّـــا تـأتـيــــه وتـقـصــــدُه
قـالـــوا آذتـنــــا فـاطـمـــــة * بـبـكــــاءٍ منـهــــا توجـــــدُه
فلـتـبـــك نهــــاراً والـدهـــــا * أو لا فـبـلـيـــــلٍ مــوَعـــــدُه

________________________________________
( 35 )

فأبـت وغــــدت لـ ( بقـيـع الغـــر * قــد ) ثـم نهــــاراً تـشـهـــــدُه
وهنـــاك بظــــلِّ ( أراكـتـهـــا ) * تـخـــذت مــــأوىً تـتـعـهَّـــدُه
وتـعـــود الليــــل تـــؤُمُّ الـــدّا * رَ لــــذاك الـنَّـــــدب تُـجَـــدِّدُه
فسعـــوا في قـطـــع أراكـتـهـــا * شُــلّـــتْ لمعــاديـهــــا يَــــدُه
فبنــى الكـــرار لهـا ( بـيـتــــاً ) * للـحُـــزن اُقـيــــم مُـشَـيَّــــدُه
وكـــذاك تـواصـــل منهــا الحــز * نُ وزاد القـلـــــبُ تـوقُّـــــــدُه
وتضاعـف منـهـــا السـقـــم وقــد * أودى بالجـســــــم تـشــــــدُّدُه
فـقـضــت والقـلـــب بــه شجــنٌ * تُـبـديــه وطــــوراً تَـكْـمِـــــدُه
وبـلـيـــل قــد دُفِـنَــتْ ســــرّاً * وبـــذا للسُـخــــط تـــــؤكِّــدُه
محـن مـا غـيــــرك يجـرعـهـــا * فـي هـــذا العالــــم نعــهَـــــدُه

 

أسرار الحزن

السيد حسين الشامي

قلبـي يــذوب أسـىً علـى الزهـــراءِ * ومدامعــي تجــري دمــاً بسـخـــاءِ
حـزنــاً علـى الطهــر البـتـولةِ أنّهـا * رحـلــت بقلــب غــصّ بالبـلـــواء
رحلــت بحـسرتـهــا وظــل وراءها * ســرُّ الجــوى والجـمــر في الأحشـاء
ومـضــت إلـى الرحمـن تشكـو اُمّــة * نقـضـتْ عهــود الشـرعــة الغـــراء
تـدعــو أباهــا وهـي تعـلــم أنّــه * أدرى بـمــا فعـلــت يــدُ الطلـقــاء
أبـتـي أتُـسلـبُ نحلـتـي منــي وفـي * بيـتــي تـشــبُّ مواقــد البغـضــاء
ابـتـي ألا تـدري بمــا فعــل العِـدى * فيـنـا وقــد جــاروا علـى أبنـائـــي
من بعد أن حملــوا الإمــام مبايـعـــاً * وهـو الـوصــي وأول الخلـفــــــاء
ونـســوا وصـايــاك التـي وصّيتـهم * فيـهــا بخــمٍ في غـديـــر الـمــاء
أولـم تـقــل هــذا علــي فيـكـــمُ * خلـفــي ومَـن عـاداه مـن أعـدائـــي
أبتي أضاعـوا العهـد ثــم تكـشّـفــت * أحقـادهــم بالـشــر والـضـــــراء

________________________________________
( 36 )

صعـدوا علـى بـاب النبــي كأنّـهــم * يحـيــون ثــاراتٍ لــدى الآبـــــاء
قـد قـيــل فيــه فاطــم قالــوا وإن * فـاليـوم نحـرقُـهــا علـى الزهـــراء
أبـتــاه غاضـبـة أظــل عليـهـــمُ * ويظــلّ حتى الحـشـر صـوتُ بُـكـائـي


سرٌّ يضيء

الاستاذ حسين الصالح


 سيدي ومليكي
 ان تلك السفينة
 مضلّلةٌ في المساء البعيد
 ومطفئة في المدينة مصابيحها ، بانتظار القلوعْ.
 هائم يا مليكي المفدّى
 والصحاري التي اكلتني تجوعْ.
 ليت سيدة العالمين تفكّر بي في ظلامي
 ( وفاطمة في المساءات تنزل نحو الغدير الذي ينزف الماء .. أراها وألقي
 عليها السلام ، فتهبط خلف أديم الظلام ملائكة الله تحمل سبع نجوم تضيء
 كما شجر التين ليت سري يضيء ).
 ـ ( ادركيني )
 وعلى فرس ابيض ستجيىء
 لتنثر قمحاً وحبات نورُ
 وتزرع قامتها في تراب العصور
 وتبيح المساجد للعابرين.
 ويكثر غيم التساؤل يا فاطمة
 يا نهوض حضاراتنا النائمة
________________________________________
( 37 )

 ويا وردة في مهب الحقول
 سينتفض الماء في حجرهِ
 ويحتدم الغيث في سفره
 بعد عامٍ وعام وعامْ فعدْ وأعدْ ألف مرّه.

 

قبس يفيض

الاستاذ سعيد العسيلي

بحـران مــوج تـقـاهـمـا زخَّــارُ * والمكــرمات بهـا الحيــاة تُـنـــارُ
زهـــراء عالـيـة الجبـيـن شريفـةٌ * مــا شـابـهـــا ذنـــب ولا أوزار
معصـومــة كالــورد فـي أكمالــه * والعـطـــر منهــا نبـعــه فــوَّار
ولهــا مـن الهــادي ابتســامة ثغره * وبوجهـهــا مـن وجـهــه أنـــوار
قبس يفيـض على الـورى مـن روحـه * فيهــا ودفـــق حنيـنــه مـــدرار
وأشـعّــة مـن هـديـه : وولاؤهــا * فـرض وطاعتـهــا هــدىً ومنــار
فُرضــت بأمـر الله بلَّــغ نـصَّــه * وحــيٌ ومــا للمنـكـريــن خيــار
ولـه بـهــا صفــو الحديـث كواحةٍ * برحابـهــا تـتـفـتَّــح الأزهـــار
والله يغضب إن بــدت غضـبـى وإن * رضيت سيرضـى للـرِّضــا الغـفَّــار
هـي بضـعـة منــه ويـؤذيــه إذا * ما أوذيــت وتـصيـبــــه الأكــدار
فيـهــا الأمـان من الضلال : ونسلهـا * دون الأنــــام أئـمّـــة أبــــرار

 

رضاه رضاها

الاستاذ سعيد معتوب الشبيب

يـا سمـاءُ افرحـي ويـا أرضُ جــودي * نـجــمُ سعــد أنـار كــل الوجــودِ
كـتــب الفـجــر في شفـاه الليالــي * وُلـدَت فاطـــم ابـنــةُ المحـمــود

________________________________________
( 38 )

قـد تبـاركــتَ يـا إلـــه فـبــارك * مـولـــد الكـوثــر البتــول الولـود
باركــــوا للنـبــي أفـضــل يـوم * ولـــزوج الرســـول تــلك الـودود
ثـم للـمرتـضـى الوصــي عـلــي * بـركــات مـن ربّـنــا المعـبـــود
فاطــــم الاُمّ تـــلك اُمّ أبيـهــــا * بضعـة منــه أورثــت كــل جــود
لعـلـــيٍ ربُّ العـبــاد اجتبـاهـــا * فـحــوت فـخــر كـل مجـدٍ تليــد
هـــي اُم لشـبَّـــرٍ وشبــيــــرٍ * سادت الخلــق فـي جنــان الخـلــود
ولهــــا زينــبٌ امــا قـد تجلّــى * دورها الفــذّ فـي الفــدا والصـمــود
فاطــم أنـتِ مَن أنــا أيـن شعــري * كيف يرقى لوصــف ســرّ الـوجــود
فاطــم أنــت مـَــن أكــون تراني * كـيــف أصبـحــت في قوافي قصيدي
لـســتُ أدري وقــد أحــار جوابــاً * غيـر أنّــي عرفـت ســرّ وجــودي
قل لتاريخــنا الــذي قـد تـســـاوى * سيّـد القـــوم رتـبـــةً بالمـســود
مَـن تـكــون التـي فـداهــا أبوهـا * وهـو طـــه رســول ربّ حمـيــد
مَن تكون الـتــي رضــاه رضاهـــا * وأذاهــا يـؤذي الإلـــه ... افـيـدي
لــي عتـاب علـى الذيـن تناســــوا * فضلـهــا والعتـاب جـــدّ شـديــد
أيـن أقـلامكــم وأيـن القـوافــــي * ألــف آهٍ أقولـهــا فـي نشـيـــدي


علّمينـا

الاستاذ شفيق العبادي

علّمينـا فقـد سئمنـا الهـوانــا * كيـف يرقـى إلـى عـلاك مـدانـا
كيــف نسمـو إليـك يحـدو بنا الشـوق ، ويعلــو ذرى النجـوم علانـا
كيـف نحيـا وفوقـنـا يهتـف العزّ وتمـشـي نحــو السمـاء خطـانـا
ونــواري بعـزمنـا وإبـانــا * حاضـراً عاثـر الخطـى خـزيـانـا
عقمـت فيـه للفضيلــة رحــمٌ * وانطـوى أمسـه العزيـز مَهانـــا

________________________________________
( 39 )

كيـف شاخت بنـا الأماني وكانت * صرخـات الأمجـاد رجـع صـدانـا
كيف أودى بنـا الشتـات وعدنـا * يعثـر الـدرب والطريـق ســرانـا
كيــف يدنـو إلى رحابـك فكـرٌ * شلّـهُ الوهـم فانطـوى واستكانـــا
ويغنـي ـ كمـا اردت ـ يـراعٌ * نسـل الخـوف من لهـاه اللســانـا
علمينــا فقـد تهــاوى علانـا * وكبــا المجـد صاديــا ظمــآنـا
يا ابنة المصطفى وغرس المعالـى * وصـدى الحـق فـي ضميـر سمـانا
وصِـدى الحـق لــم يـزل يمـلأ الآفـاق شـدواً ويـرهــف الآذانــا
ونسيـج العفـاف تغــزل منـه * مريـم الطهــر للتـقــى أرادنــا
لك فـي خاطـر المحبـيـن يـوم * مَـلِك القلـب منهـم والجنــانـــا
كــم وقـفنــا عليـه نستـلهـم الذكرى ونُحيـي شـروقـه مهرجـانـا
« ونساقيـه من كؤوس القوافـي » * خمــرة الحـب والوفـاء دنـانــا
ونفــدّيـه بالنفـــوس إذا مـا * أمــل البغــي أن يهـض ولانــا
طالعـتـنـي ذكــراه تفتــرش الاُفـق علـى مفرق الــرؤى عنوانــا
ومشـت بـي إلى الوراء عصوراً * شمـت فيهـا وجـه النبــي عيانـا
حيث أحنـى عليك مذ لحت نـوراً * منه يضفـي علـى المـدى إيـوانـا
ورأى فيــك للــرسـالــة ينـبـوعـاً سيثري معينــه الأزمـانــا
وتباهـي بـك الوجــود ولـم لا * حيـث لـولاك مـا استقـام وكانــا
وتلــقّـاكِ طرفــه راعـف الجفــن وقد كـان خاشعــاً وسْـنـانــا
فنـثــرتِ الرجــاء فـي نفسـه الحيرى وأثلـجـــتِ قلبــه الحرّانـا
وفـرشـتِ الغــد المـهـوّم في الاُفـق على ضفــة الـرؤى ريحانــا
يا ابنة المصطفى وحسـب منانــا * أن يـرى عنـدك الـولاء مكــانـا
أتمــلاّك همـسـة مـن جنــون العـشـق تحدو بخافـقـي ألحـانــا
أسرت باحـة الفـؤاد فأرخـــى * فـي يديهـا كمـا تحـبّ العنــانـا
أرهقــت كبـريـاؤهـا عنـت الدهــر وأوهى صمـودها الأزمـانــا


________________________________________
( 40 )

كلّمـا شفّـهـا الغــرام تغـنّـتْ * فأهـاجـت بشــدوها الأكـوانـــا
وإذا مسّـهـا الشعــور تـراءتْ * فكــرة تمــلأ الوجــود بيـانــا
أتعبـت مبدعـاً وأقصـت يراعـاً * وأهاضـت فكــراً وشلّـت لسـانـا
يـا ابنـة المصطفـى ستبقين درباً * يهـب السائريــن فيـه الأمـانــا
وستبـقى ذكـراك في مسمع الدهر * نـشيــداً حلــو البيـان مصانــا
كلمـا راعهـا المخـاض بصبـحٍ * رقـص الدهـر حـولـه نشـوانــا
وإذا أبطــأ الزمــان أطـلّـت * من كُوى الخلد تستـحـثّ الزمـانــا
واحتضان الرسالـة البِكـر طفـلاً * ذبــت فيهـا مــــودةً وحنـانـا
فزكـت بـذرةً وطابـت جـذوراً * واشرأبت عبــر المـدى أغصـانـا
ورمــال البطـحــاء تحـضـن للتـاريخ فصــلاً مضمـخـاً أشجـانــا
كم شربنـا بـه الضنـى وحملنـا * غصـص الدهـر في الحشا بركانــا
واحتمـلنـا بــه الهجـيـر وأرضُ الحقــد تغـلـي رمالهــا نيـرانـــا
وعبـرنــا بــه الريــاح فمــا هيــض جنــاح ولا خفـضنـا بنـانا
والهـديـر الــذي مــلأ الأرض دويــاً قـــد استـحــال دخـانـــا
علمـينـا فقـد سئمنـا الهوانــا * كيـف يدنــو إلى عـلاك مدانـــا


النداء المهيب

الشيخ عبدالمجيد فرج الله


 وغامت عيونك بالاحتضار
 وهذي المدينة
 مذبوحة الشهقات
 مبدّدة الحسرات
 على نغم الوجع المستريح على رئتيك
________________________________________
( 41 )

 كأنّ الزمان المعفّر بالانطفاء
 المكبّل بالاحتباء
 إلى بركة الوحل
 يفترش الانكسار !
 وحين يمرُّ على أنهر الرمش
 ـ حيث تغطُّ سفائن أحداقنا باختناق الغرق ـ
 نداؤك... يحضن آهته الهامسه
 معلّقةً بنتوآت باب يشمّ فحيح اللظى
 فينغرس الصدأُ المرُّ
 يحمل كلّ نكوص الخطى اليابسه
 وكلَّ تداعي الوجوه الخريفية العابسه
 ويسكن بين الضلوع
 جداراً
 تحطّمه مهجةٌ تستحمُّ بوهج الألق
 فيطغى الجوى الأبديُّ
 لكلّ البراءاتِ.. كل المسافاتِ
 وهي تتوقُ لنبضٍ نقيِّ الرفيف
 يتوّج بالنور وجهَ النهارْ
 وكانَ...
 وكان المدى هائماً
 والسماءُ الوليدةُ تائهةً
 ما لها من قرارْ
 وخلف خطاها الشرايين
 ممتدّة إلى لألأ النور من جبهة العرشِ
________________________________________
( 42 )

 وهو يبوحُ بسرًّ
 يوزّعه الله حول مدى الكونِ
 لا يحتويه ـ سواكِ ـ مدارْ
 نداؤك
 هذا الضعيف المحاصَرُ بالاختطافْ
 يجيء إليَّ... إليَّ
 فيخترق الغبَشَ اللهبيّ على معبر الحدق الغارقهْ
 يُطاردُ كلَّ ذهوليَ
 كلّ احتراقيَ
 كلّ احتمالات صحوي المُعافْ
 فأصرُخُ في السرِّ
 حين توكّرُ آهتُك المستباةُ على شجني
 ووجهي المرمَّلُ بالإندثارْ
 يفزّ على نبرةٍ باسقة
 تطوّقها الريحُ مجنونةً باللهيبْ
 وبالصخب الجاهليّ المتاجر بالنبضِ
 في لُمّةٍ من فضاءٍ غريبْ
 فاُهرعُ ـ كالطفل يفقِدُ كلّ مرافي الأمان
 اُطوِّفُ في جنبات الصباح الكسير
 فتُمطرني الشمسُ أدمعَها الباهته
 ويُعولُ خلفي الربيع المصفّدُ
 والوردُ يهربُ..
 والحدقات البريئةُ توغِلُ في البحر
 يلتئمُ الاُفقُ بالرمد الأسود المُستعارْ
________________________________________
( 43 )

 فاُغلق بابي
 وركلُ اللُّهاث على ظهري المتبدّدِ في الوحل
 يتبعُني
 يستطيل يداً
 تنتقي أوجهاً من عذابي
 تبوّأت عند انهمار المواجع
 هالة روحِك... وهي تشُدُّ الرحالْ
 وبين يديها
 تدُقُّ عنانَ السماء أصابع عُشبٍ يبيسْ
 وحين توحّمت الأرضُ
 كانت عصافيرُك الحائمات على شهقة البحرِ
 تملأُ بالشدوِ والشجوِ سمعَ الترابْ
 وتبحثُ بين أزيز الرمالْ
 عن الوردِ...
 أين أضاع خطاه ؟
 وأسلم للصمت دفءَ شذاه ؟
 وراح إلى ضفةٍ لن تُنالْ !
 يصير دوائرَ محمومةَ الاستعارْ
 فتجفل منها الذئابْ
 وترتدُّ أصداؤها كطنين الذبابْ
 ولكن
 تظلُّ العصافيرُ مشدوهةً بالأغاريد والابتهالْ
 ولمّا استطال سكونُكِ ذاك المهيبْ
 ولم تقتحمْهُ دموعُ ( الحسين )
________________________________________
( 44 )

 وآهةُ ( زينبَ )
 أو حشرجاتُ نشيجِ ( الحسن )
 تلوّتْ عصافيرك البيضُ والخضرُ
 تنسُلُ ـ باكيةً ـ ريشَها بالرمادْ
 ومن يومها
 حين مالت يدُ الشمس وهي تُسلّم عند الغروبْ
 على كلّ وجه أضاع الدروبْ
 رأى الاُفقُ
 كيف يشِبُّ الجنون بأعين كلّ الخطاطيفِ
 والدمعُ يهطِلُ متّشحاً بالسوادْ !
 أنا ـ الآنَ ـ اُهرَعُ خلف الخطاطيفِ
 أنضحُ أدمعها بالعويلْ
 أشمُّ احتراقَ دمِ ( الحسنين ) و( زينبَ )
 وهو يُعاني مخاضَ الدموعْ
 فتنزِلُ ناسيةً لونها الأحمر المتلثّم بالنارِ...
 تبعد عني الخطاطيفُ
 نحو مدىً يتلاشى...
 تظلُّ تحومُ... تحومْ
 تتابعُ تهويمَها في عيونِ النجومْ


الطهر الاسمى

الشيخ عبد الكريم آل زرع

لكِ يـا بضعـة النبــي الوفــاءُ * مـن محـبٍ لا يعتــريه جفــاءُ
مزجــت ذاتــه بحـبـك حتـى * كـان منهـا كمـا يكــون البنـاء

________________________________________
( 45 )

فاستـوى فـي جنانـه منـه نهـرٌ * صــبَّ فيـه من الجـلال بهــاء
وجـرى فهـو في الحـنايـا عروج * لسمـــاء ومــا عليهــا سمـاء
وهـو فـي كونـه مدامـة حسـن * رشفــت مـن نميـرها الأعضـاء
فــإذا مقـلة تـنـم عـن الحـب وقلــب يسـتـاف منــه الصفــاء
ومحـيّـى يفـيض منـه جمـال العشـق عذبــاً مستعـذبــاً والسنـاء
يا أبنة المصطفى وحسـبـكِ فخـراً * انّـكِ الطهـر فاطــم الزهــراء
لكِ وجــه لـو أبصرتـه ذكــاءٌ * أدركت مـا هــو الضيــاء ذكاء
حزتِ أسمـى الصفات يا ابنة طـه * بعضهـا بعـد لـم تحـزها النسـاء
كَــلَّ فــي مدحــك اليـراع ومَـن رام محــالاً أودى بـه الإعيـاء
وكليـــل الجنــاح يستصعــب السفــح وتعلــوه قمـة شمّــاء
ما عسـى أن أقـول فيمَـن أبوهـا * خيـر مَن شرفـت بــه العـليـاء
سيـد الكـون باسمــه قــد تبـاهى الرسـل والأنبيــاء والأوليــاء
مـا عساني أقـول فـي بعلك الطهـر علــيّ وفـي يـديـه القضــاء
هـو للمصـطفـى وصـي وعنـه * صغــر الأوصـيـاء والأنبـيـاء
هـو قلـب الوجـود وهـو إمامـي * وأميـري إن عــدت الاُمـــراء
وبنـوك الأُلـى أضــاءوا زمانـاً * أليـلاً فـي ضمـيـره إغـفـــاء
وأحالـوا جـدب العواطـف خصباً * فانتـشـى العـدل واستـقام الإخـاء
ومـن النــبع يســتقي ومن النور علـى كـل ظـلمة يســتضــاء
فهـم النــور والحيـاة وشــيءٌ * ليـس يــدرى لكنّــه معطــاء
يا ابنـة المصطـفى ألفنـا الرزايـا * غيــر أنّـا مـن حبـكـم سعـداء
وصبـرنا وكـل صبــر جهــادٌ * وهتـفــنا أن منـكــم لا بـراء
دونـه سادتــي تسـال الدمــاء * دونـه الـروح إن روحـي فــداء
إنَ هـذا مـن الجهـــاد يسيــر * زرعتـه فـي قلبـنـا كـــربلاء
كيف أسعى ولستُ أمــلك شعـري * لـو غشـانـي مـدح لكـم وثنـاء

________________________________________
( 46 )

وإذا الذكـر خصكـــم بمديــحٍ * مـا عسـى أن تنمـنـم الشعــراء
يا ابنة المصطـفى عليـك سلامـي * مــا تغـنّـت بعشــهـا ورقـاء


الصوت المضيء

الشيخ علي الفرج


 حُلُمي ذهولْ
 لغَتي اصفرارٌ باردٌ وفمي ذبولْ
 عيناي نَوْرَسَتان شاردتانِ ..
 خلف الاُفق لا أدري أيرجعها الربيعُ
 أم الخريفُ
 إذا تسابقت الفصولْ
 تتكسر الكلمات وسط دمي ويسرقها الافولْ
 لا بدّ للوتر المحطّم أن يقولْ
 الكون صمتٌ
 كله صمتٌ
 فلا شفةٌ..
 ولا رئةٌ..
سـوى صـوتٍ مضيءٍ مـن بعيدٍ * ذاك صــوت رحــى البــتولْ
 حُلُمي عذابْ
 عبّأتُ أوردتي التهابْ
 وحصدت خلفي ألف بابْ
 وحملتُ أرصفتي لأبحث عنكِ في وسط الضبابْ
 سافرتُ حتى ماتت الخطوات في قدميّ.. ماتت الماء من عطشٍ.. وجودي
________________________________________
( 47 )

 صخرةٌ.. نافورةٌ لليأسِ.. مهلاً.. لحظةٌ مغسولةٌ جاءت لتقتلع اليبابْ
 وهنا تساقط صوتُكِ الفضّيُّ
 من أعلى..
 تفتحت الصحارى أعيناً مجنونة نحو السماء. أجلْ..
 إذا بك تفرشين على السما
 سجادة لك من سحابْ
غسلـتُ أقدامـي التعبـى بذاكـرتـي * ورحـتُ اُطفـىءُ في مسراكِ أعصابي
أأنـتِ نافــورةٌ صلّـى لهـا عطشي * أم وردةٌ عَبَـدَتْـها كــلّ أطيـابـي
أم أنـتِ قطـرةُ ضوءٍ حولهـا ضربتْ * كـل النجـوم لهـا أعـراق أنسـاب
طفوتُ فوق غراماتـي وسـرتُ بهــا * زهراءُ واسمكِ محفـورٌ علـى بابـي
زهـــراءُ واسمـك أشيـاء مدلَّلــةٌ * تلهــو بها صلواتـي وسـط محرابي
زهــراءُ واسمـك في اسمائنا حـرمٌ * وفـوق كعبـتـهِ علَّـقـتُ أهدابــي


مولد الزهراء

الاستاذ علي حمدان الرياحي

ماذا اُحـدّث عنـكِ يـا ابنـة أحمـدِ * ومثيـل فضـلك فـي الورى لـم يُشهَدِ
ما دمـت سيـدة النسـاء وخيـرهـا * وأجـلّ مَـن ولـدت ومـن لـم تولـد
اُمّ الأئـمـة والمـصابـيـح التــي * شـعّ الـزمـان بنـورهـا المتـوقّـد
مـاذا اُحـدّث عـن أبيـك وقـد أتى * لمّـا ولـدت بلهـفــة المتـوجّـــد
وحبــا لوجهـك لاثمـاً متـشوقــاً * حبّــاً ترعـرع من قديـم سرمــدي
وتماثــل النـوران نـوراً واحــداً * مـن كوكــب متـفـرّد متـجــرّد
فكـأن صـورة أحمـد فـي فاطــمٍ * وكـأن صـورة فاطــم فـي أحمــد
ماذا اُحـدّث عنـك بعـد طفـولــةٍ * وضيــاء وجـه مـا تـلألأ يــزدد
وتطـاول الأعنـاق لابـنـة احمــد * مـن كــلّ ذي جـاه وكـل مســوَّد

________________________________________
( 48 )

فيشـيـح خيـر المرسليـن بوجهـه * ويخيـب مـن يأتـي إليــه ويغتـدي
وثنـاك عن كـل الصحابـة والورى * وأبــاك إلاّ للكـمــيِّ الأصـيــدِ
القاســم الهامـات قصمــة عـادلٍ * بالقـسـط غيــر مقـلّل ومـزيّــد
اُم الأئمــة خيــر أعـلام الـورى * عفـواً إذا شـطّ اليـراع علـى يـدي
فتـقبلـي منــي هديــة شاعــرٍ * لمحـمّــدٍ ولآل بيــت محـمّـــدِ

 

مبعث النور

الاستاذ علي حمدان الرياحي

أيّ يـــوم يَجـلّ فيــه العـــزاءُ * ومصـابٌ يطـيـب فيـه البكــــاءُ
مثـــل يــوم مـرزّءٍ مستـحـــمٍ * غربـت فـي سمائــه الزهــــراءُ
لا السمـــاوات بعـدهـا مشرقــات * حيـن تخبـو ولا الضيــاء الضيــاءُ
يشحــذ البــدرُ مـن مطالـعـهـا النـور وتمــتـاح مـن سناهــا ذكــاءُ
أتــرى شـفهــا بعــادُ أبـيهـــا * فاستحـم الجــوى وحــنّ اللـقــاءُ
بضـعـة المصـطفـى واُمّ أبيـهـــا * وشـــذاه والنـفـــح والـــلألاءُ
اُمّ أسبـاطــه وخيــر البـرايـــا * والتــــراث الأجـــــلّ والآلاءُ
قصَّــر الخافـقـان عنهـا عطـــاءً * ووَنــى عـن لحاقهــا الأنبـيــاءُ
قبَّــل المصطـفـى يديهـا وما كــان * لغيـر الزهـــراء هــذا العطــاءُ
مبعـث النـــور والأئمــة منهـــا * شُهـبٌ مـا مضـى الزمـان وضــاءُ

 

غصون الحنايا

الاستاذ فرات الاسدي

قمـرٌ يـــافُ البهــاء حــــزينُ * مــلأَ الليــلَ وجهـــه المفـتــونُ
وتـدانـــى فشــفَّـه خـجـل الأرض ، وقــد نـــمَّ طــرفُها المــوهـونُ
ليتَهــا بالهــوى تبـــوحُ إليـــه * فيُـنـاجـى طيــفٌ وتُـروى شجـونُ

________________________________________
( 49 )

كــم أسـرَّت جــوىً يُلـحُّ عليهــا * وأذاع الأســرار حـــبٌّ مكيــــنُ
ضــمّـنَـتْه الشكـاةُ للألــقِ المــخــضلِّ فـــيه أديــمُهـا ، والســنينُ
ولقــاءٍ سمعــت إليــه وطافــتْ * كـلَّ شــوطٍ حتـى أضـاء اليقـيــنُ
طورُهــا مهــدُ فاطــمٍ أيـن منـه * فـي التجلّــي حِــراءُ أو سينـيـنُ !
* * *
يا ابنـة النــور ، والعـوالـم جاءت * كيـف شـاءت : تكـونُ أو لا تكـــونُ
وبأفــلاكــها مـداراتُ هــذا الكــون صــلّتْ ، وســبّح التكـــويــنُ
أُنـظرينـا فــنحنُ رهــطُ مــواليكِ ، ومـا ضــيَّعَ اليســـار يــميــنُ
لكِ ودٌ مخـضــوضـر بـدمانـــا * أنـتِ فيــه ، والتيــنُ والزيتـــونُ
جـذره القلـبُ والحنايــا غصــونُ * ولــه مـن تُـرابِ خطـوِكِ طيـــنُ
رفَّ لــم يختـلـفْ لديـه وتيــنُ * أو أطاحــت بنبـضــهِ سكّـيـــنُ
بــل مضـى ، يمنـحُ المفاداةَ عمراً * علويّــاً ، شهـيــدهُ والسجـيـــنُ !
* * *
قــمرٌ شـــاحبُ.. ودربٌ حـــزينُ * والمــدى فــى حــداده مــركونُ
.. المــدى شــائه المسـافة يــهوي * دونــه اللـيل والسُــرى والعيـونُ
عــثر النـجم فيـه وارتــدَّ ركــبٌ * أســلمَتْه إلـى خــطاه الظنــونُ
فــإذا التــيهُ رايـــةٌ والخـــطايا * جـنـدها ، والحـداةُ صـوتٌ هـجينُ
وإذا غــــايةُ المســيرة أن يشـــتدَّ رهــجُ ، وأن تُســاق مُـــتونُ !

* * *
لُـعِنَ الغــدرُ أيُّ نـصــرٍ ذليــل * راح يــجنيــه حـــدُّهُ المسـنـونُ
أيُّ ذكـــرى مــنسيّـةٍ لبــريـقٍ * كـان في الفـتـح يلتـظـي ويـبيـنُ
حسبُـه اليـــوم غمــدُهُ وغبــارٌ * صَـدِيءٌ بــاردٌ عليــه يَـريــنُ !
خُــيلاء الســيوف تــملأُ عــطفَيـه ادّعــاءً.. ويشــمـخ العــرنيــنُ
ثــمَّ لا شـيءَ غيــر عـزمٍ دعـيًّ * هـو فـي زحمــة العـزائـــم دُون

________________________________________
( 50 )

اِيــهِ يـا اُمّــة السقيـفـة هــلاّ * رفَّ جفــنٌ.. هـلاّ تنــدّى جبـيـنٌ
مـا نفـضـت الأكـفَّ من ترب طـه * بعــد حتـى استفـاق حقـدٌ دفيـــنُ
وصــدورٌ مـوغــورةٌ وغضــونُ * فـي وجــوهٍ يـؤودهُـنَّ مجـــونُ
مــا توضّـأنَ بالغـديــر ولكــن * غارَ تحـت الجلـود جـدبٌ ضنـيــنُ
هـل تراهـا تطيـقُ طهــرَ علــيٍّ * وهـو يشـذى بمائِــهِ النسـريـــنُ
أم تــراهــا تــجلُّ فــاطمة الزهـراء ، والحــقُّ حــلفُهــا والديــنُ
وهُداهــا القــرآن والدمـع إلــفُ * وصــلاةٌ محــزونــةٌ.. وحنيــنُ
* * *
ألــفُ عــذراً يـا بـنتَ أحمد لـو يُـعصر صـدرٌ ، ولـو يُـطـاحُ جــنينُ
إنَّـها الـردّةُ اللـــعينــةُ والأطــماعُ ، والثــأرُ ، والعــمى ، والجــنونُ
حــملتْهـا بخــزيهــا صفّــيـن * ولـدى الطــفّ عــارُها مــرهونُ
وأطـاحـت بـالأزهـر الفــاطميّ المــجد ، وانــصاع تــحتَهـا يســتكينُ
وإلــى الآن لــم تــزلْ ورؤاهــا * ينسَـل الوهــمُ بيـنهـا والهــونُ !
والغــريُّ الـذي بهــا راح يصلـى * والبقـيــعُ الـذي بهــا مطعــونُ
وغــداً يثـقــلُ الحسـابُ عليهــا * كم يُؤدّى غـرمٌ ، وتُوفـى ديـــونُ ؟
فــوراء الغـيـــوبِ لله أمــــرٌ * ولخيـل المهــديّ شــوطٌ يحيــنُ !

 

فاتيما*

الاستاذ فرات الاسدي


 صوتٌ يتصاعد في حنجرة الريح ، واُغنّيهْ
____________
(*) أسم مشهد في البرتغال يأوي اليه الزمنى والمرضى والمعاقون في ليلةٍ خاصةٍ مشهودةٍ كل عام ، محمّلين بالنذور فيبرؤوا في

صباحه.
________________________________________
( 51 )

 والنغم الخافقُ ينثالُ وئيداً
 والشجر الخافقُ ينثالُ وئيداً
 مزهواً بالصحو
 وحبّات المطر المتساقطة ـ اللحظة ـ من وجه الشمسْ
 صوتٌ يتصاعد ، والسربُ الموعودُ بأمنيّهْ
 يتحاورُ في هَمسْ
 يتنقّل في خطواتٍ لاهثة
 فوق مدارج هذا الحُلْمْ..
 مَن حدَّث تلك الأرواح الظامئة الحيرى ؟
 أنَّ نهاراً يُولَدُ ، يمتدُّ
 يرفُّ حماماتٍ من أجنحة اللَّهفهْ
 مَن أودع في دمها السِرّا ؟
 مَن أومأ للنور وسافر خلفهْ ؟
 مَن فجّر في هذي الأرض الخزفية
 ينبوعَ الزهراءْ ؟
 مَن نضّر ذاكرةَ الأسماء ؟!
 صوتٌ يتصاعد في النبع وئيداً..
 يتهيّأ للُّقيا
 ويُعوِّذُ في سرّ قرارته شبَحاً أبيضْ
 عن نهرٍ نبويٍّ يَرفَضّْ
 غدراناً من دمع يتفيّـا
 فيه الواديْ
 ويُسرِّبُ عاشوراء إلى كلّ بلادِ !
________________________________________
( 52 )

 .. سوف يمرُّ على العاهات فيُبرئُها..
 سوف يلملمُ من كلمات الفقراء براءتها ،
 والمجذوبينْ
 يمسحُ عنهم وجعاً وحنينْ
 وسيحمل بين يديه نذورهم القرويّة
 للربّ ، وللوجه القادم من عبق الشرقْ
 .. يحمل ذكرى أبديّهْ
 يا وجهاً يُوقظ في
 الغابات نضارتها ، والبحر عواصفَهُ
 مُرَّ على هذا الزمن المجدورْ
 يا حُلماً بالوَهَج الدافقِ مضفورْ
 يا حلُماً من نورْ
 « فاتيما » تقتربُ الآن..
 وينكسرُ البلّورْ !
 عن تربته بدمٍ منحورْ
 يهَبُ الثورة والخصبَ بذورهما ، .
 يُطلقُ في الأرضِ الفرح المأسور !
 « فاتيما » تقترب الآن..
 وينكسرُ البلّورْ
 تندلق الفرحة في الطرقات وفي الدور:
 فاتيما
 فاتيما
 يا حُلُماً ممطور !
 صوتٌ ينزف:
 كان هنا ظلٌّ يحمل خطوتها..
________________________________________
( 53 )

 يُشبه مشيتَها ،
 كان هنا..
 غادرت الأشياء جبلّتها ،
 جاءت راكضةً
 تهديها الورد الغضّْ
 وتحيّيها
 تمشي خلف خطاها تِيْها
 والأطفال تُناديها:
 فاتيما
 يا مطراً أخضر
 فاتيما
 يا مصراً أخضر
 صوتٌ يشهد:
 هذا العالم مسكون بالخيبهْ..
 بأجنّته النوويّة والغثيانْ
 حدَّ الرهبهْ !
 مسكون بالحقد الكافر والآلاتْ
 تقطع أعناق الكلماتْ
 تنفخُ في قنديل الروح صفيَر الظلمات !
 والإنسانْ
 حَنّط حُبَّهْ
 زجَّجَهُ في دَنَسِ الرَّغبهْ !
 صوتٌ يهتفُ:
 يا فاتيما:
________________________________________
( 54 )

 مُدّي للبحر نوافذهُ
 وَدَعي أحزان الأشرعة الاولى
 تنسربِ الآنَ مُغادرةً
 من رئة الإعصار العاتي
 فالبحر مواتيْ
 يا فاتيما:
 يا لُغة الطوفان الآتي !!

الملكوت الزاهر

الاستاذ محمّد سعيد الجشي

صلّـى الإلـه على البتـول وآلِهـا * من تخـضع الأمـلاك عنـد جلالِهـا
الطهـر فاطمـة سليلـة ( أحمـد ) * من يشـرق الإعجـاز فـي أقوالهــا
ما قـورنت شمـس الضحى بسنائها * إلاّ تسـامـت رفعــــة بكمالهــا
هي شعلـة مـن ( أحمـد ) وضاءة * والشمـس تمنــح ضـوءها لهلالهـا
ما نالهـا غيـر ( الوصـي ) لأنّـه * ورث المكـارم مـن أجـل رجالهــا
فـاق الأنـام مناقبـاً وفضـائـلاً  * رُدت إليـه الشمس بعــد زوالهــا
* * *
ما أعظـم ( الزهـراء ) درّة عصمة * قد عـمّ هذا الكــون فيـض نوالهـا
قـد أزهـر الملـكـوت من أنوارهـا * وسمـا رواق المجـد تحـت ظلالهـا
نبويـة الأعــراق طيـبـة الشذى * عطـر الجنان يضـوع من أذيالهــا
الله شرّفهــا وعظّــم شأنهـــا * وإمامـة الإســلام فـي أنجالهـــا
سادت نسـاء العالميــن بفضلهــا * وبطهــرها وفخارهــا ومقالهـــا

________________________________________
( 55 )

هـي شعلـة للحــق ناطقـة بـه * يزهو الهـدى بيمـينهـا وشمالهـــا
الكوثر العـذب الطهــور بنطقهـا * نبع الهـدى ينسـاب مـن سلسالهــا
شبـه ( الرسـول ) شمائلاً وخلائقـاً * ما ( مريـم ) في الفضل من أمثالهــا
مَن ذا يماثلهـا ( ففاطــم ) علّــة * يهمي سحاب الفضل مـن أفضالهــا
* * *
ما كـان يشبهـهـا بنهــج خصالهـا * إلاّ وريثـة نهـجـهـا وخصالهـــا
هي ( زينـب ) من أشعلـت بخطابهـا * قبسـاً يضـيء على مـدى أجيالهــا
قـد ورثـتهـا كـل فضــل بــاذخ * ولذا سمـت كالشمــس فـي أفعالهـا

في مولد الزهراء

الاستاذ محمود مهدي

تجلّـت شمــس هـدي في ضحاهـا * وأشرقــت المعالــم مـن سنـاهــا
وفـي دلـج السُّـرى الحـادي تغـنى * بمولـدها ، وفيــهـا الكـون باهــى
فــلا تحــف السـؤال خــلاك ذمٌ * عـن الشمـس التـي الحـادي عناهــا
وشعشـع نـورها فـي كـلّ منحــىً * وطـوّق فسحــة الدنيــا صداهـــا
* * *
هـي الريحانـة الـذاكـي شـــذاها * لسـر الطهـر مـولاهـا اصطـفاهــا
هي الكنـز المصـون لكـلّ جيـــلٍ * مــن الإعجــاز باريـنـــا براهـا
هـي المشـكـاة مشكـاة الــدراري * هــي القديسـة السامـي علاهـــا
هي الفحــوى لقامــوس المعــالي * هي الزهــرا البتــول فتــاة طــه
وأيــــم الله لا تعطــى صفــات * كهــذي مـن بنـي الدنيــا سواهــا
يضيق الوصف عـن حصـر المعانـي * التــي فيهــا مكــوّنهـا حباهـــا
فمــن حــقّ المعالـي ان تباهــى * ببنـت كـــان هاديـنـا أباهــــا

________________________________________
( 56 )


وقفتُ وفي حلقي شجىً

السيد مدين الموسوي

وقفـتُ علـى قبـر النبـي وأعيُـنـي * تكـاد بـأن تأتـي عليهــا دموعُـهـا
وارخيـتُ أجفـانـي لتسكُـبَ عبــرةً * تفجَّـر مـن أرض العـراق نقـيعــها
بكيــتُ بهــا حــزنـاً لآل محمّـدٍ * وقـد راعني فـي كلّ أرض مضيـعُهـا
لمـاذا عفـت منهـم قبـور وغيرهــم * تـلألأُ نــوراً بالنـعيــم شموُعهــا
لماذا خَبَـتْ منهــم شمـوس وغُيّـبتْ * بـدورٌ مـع القـرآن كــان طلوعهـا
وقفـتُ وفـي حلقــي شجىً يستفزّني * وقـد هُدَّ مـن تلك العمــاد رفيعـهـا
اُسائلهــا الزهـراء كيـف تهشّـمـتْ * عشية خلـف البـاب عمـداً ضلوعهـا
اُسائـل عـن نــارٍ ببابـك لـم تـزَل * تُحـرّق أكبــاداً تضـرّى صديعـهـا
اُسائل عن أرضٍ وقـد ضـمَّ تُرابُــها * طهـارة اجـداثٍ عبيــراً تضـوعهـا
فمـا راعنــي إلاّ صدىً جاوبَ الصدى * وقـد صُـمَّ مـن تلك القلـوب سميعهـا
هـي الآن قاعـاً صفصـفـاً غيـر أنّها * تُحشّـدُ أمـلاك السمــاء ربـوعهــا
ســلاماً أبـا الزهــراء إنّ عصابـة * توالـت علـى إيـذاك ســاء صنيعـها
وأنّ يـداً اعـفـتْ قبــوراً بطيـبَـةٍ * وباسمــك بعــد الله زال خنـوعهـا
لهـا مـن اكـفّ سالفــات وراثــة * غداة أحاطـت بالحسيــن جمـوعهــا
وأنَّ اَكُـفّــاً اضرمـت بـاب حيـدرٍ * بنــارٍ وللــزهراء راحـت تروعهـا
هي الآن تمري الضرع سُمـَّاً تدوفــه * فتقـطـر مـن حقـد علينــا ضروعها
تبادلنــا كأسـاً بكــأسٍ نقيـعـــةٍ * فنسكــرها حُبّــاً ويطغـى نقيـعهـا
لقـد رويـت منّـا دمــاءً ولـم يـزل * يُطــارد أشــلاء الملاييـن جوعهـا
وقـد قطعـت منّـا رؤوسـاً كريمــةً * وقــد اضرمـت نـاراً ترامـى وسيعها
فمنّــا بكوفــان اُبيـحـت حرائــرٌ * وبغـدادُ ما زالـت تسيـل صدوعـهـا
وفي كربــلا حيث الزمان تفـصّمـتْ * عـراه وقـد جلّـى السمـاء صديـعهـا
وفـي أرض فــخًّ لا تـزال جماجـم * معـلّقــة مالـت عليـهـا جَـذوعهـا

________________________________________
( 57 )

وقد حسبَتْ انّــا إذا السيـف حُكّـمَتْ * قواعــده فينـا تطــول قطوعهـــا
وقـد حسبَـتْ انّــا غـاب بعضـنـا * واخلى لها دربــاً يســود جميعهـــا
وما علِمَـتْ انّــا بقـيّـة صرخــة * تـردّد فـي صُـمِّ الزمــان رجيعـهـا
وانّــا غــراس ثابتـات بأصلهــا * وقـد ناطحـت هــام السمـاء فروعها
عـزاءً أبــا الزهـراء لسـتُ معـزّياً * ســواك بمَـن يـوم الحسـاب شفيعهـا
بامّــة ظلـم اجمـعـتْ فيـك رأيهـا * وعنــك تخلّـى جلفهــا وقطـيعهــا
وطـال بوجـه الله عمْــداً وقوفهــا * وفـي حضـرة الشيطـان دام ركوعهـا
غــداة أزاحـت عـن علاهـا عليّهـا * ورُفِّـع من جهـلٍ عليهــا وضيعهــا
وراحـت تكافيـك الصنيــع فتــارة * بنــار واُخــرى سُـمُّها ونقـيعهــا
وفـي كــربلا لـم تُبـق منـك بقيّـةً * ليفـنـى عليهــا شيخنــا ورضيعهـا
واخــرى وقــد لاحـت لآلك قبَّــةٌ * يُلامِــس أبـراج المســاء سطوعهـا
عفَتهـــا لتعفــي نـورها وسمـوَّها * وقـد خـاب ، إلاّ تطــولَ ، صنيعهـا
عـزاءً أبا الزهــراء في كـل بقعـةٍ * تســاوى عليهــا طفُّهــا وبقـيعـها

 

سيدة النساء

السيد مدين الموسوي

 ارى على بوابة السماءْ
 ملائكاً تهبط للأرض على حياءْ
 تلامس التراب في حفيفها وتفرش الضياء
 أسمع في موكبها همهمة الوحي وصوتاً يشبه البكاءْ
 فتعتريني رعشة الخشوعْ
 ويخفق القلب فما تكاد أن تمسكه الضلوعْ
 أغرق في دوامة الدموعْ
________________________________________
( 58 )

 وأقرأ الأشياءْ
 أقرؤها بلا حروف أو نقاط تكشف الأسماءْ
 أقرأ في القلب وفي العيون في ارتعاشة الدماءْ
 نوراً به تحتفل الأرض ، فتنجابُ له السماءْ
 أقرؤها فاطمة الزهراءْ ، فاطمة الزهراءْ
 أطهرُ مَن يمشي على الأرض ، ومَن يمرُّ في الأجيالْ
 أكرمُ مَن تحمد في خصالها الخصالْ
 أعظم مَن يعظمُ في تعظيمه الكمالْ
 أفضل مَن تحمل في ظهورها الرجالْ
 سيدة النساءْ
 بوابة الجنة يوم يوضع الميزان للجزاءْ
 ربيبةُ العصمة والجمالْ
 حليلة الإمامْ
 شريكة الهمّ الذي ناءت به الجبالْ
 كريمة الكرامْ
 فلتفخر النساءْ.. بأن فيها أصبحت فاطمة الزهراءْ
 ولتفخر الرسلْ.. والبيت والدعاءْ
 لمّا تطوف حوله فاطمة الزهراءْ
 وليفخر المقدسُ والإسراء.. لما ترى أنواره فاطمة الزهراءْ
 وليفخر الكون الذي يضاءْ.. بطلعة الزهراء ،
 فإن فيها رحمة السماءْ
 تاب بها آدمُ من عصيانه
 وكفّرت سوأتها حواءْ
________________________________________
( 59 )


نهج الكوثرية

الشيخ محمّد حسين الانصاري

يا أوّل نـــــور قــد صــــوّرْ * وبــه كـــلّ نبـــيّ بشّـــــرْ
إنّــــا أعطـينــاك الزهــــرا * إنّــا أعطـينــاك الكــوثــــر
أبـنــــاءُ الزهـــراء نجـــومٌ * إذ قيــل لشـانئـــك الابتـــــر
فهـــم أوّل مَـــن قــد صلّــى * أوّل مــن هــلل أو كبّـــــــر
الجنّــة أكبـــر مــن وصـــف * وفواكههـــا حُسنـــاً أكبـــــر
والـزهــرا فـاكـهـــة منـهـــا * ولــذا فيهــا سحـــر يؤثــــر
والشعــر عــلا بمـدائـحـهـــا * لا يُــذكــر شـــيءٌ إن تُــذكَـر
أنـــوار مدائحــهــا تطـغـــى * حتـى فـي الصبـــح إذا أسفــــر
وعبـيـــر مدائحهــــا يذكـــو * حتـى فـي المســـك أو العنبــــر
ورقــيــق مدائحـــها حــــرٌّ * لسواهـــا بالمـــلك فـــلا قــر
وجمـــال مدائحهــــا يبــــدو * كجمــال الـــروض إذا أزهــــر
كــالـــورد الأحمــر إذ يـبــدو * يجلــس فـي محــراب أخضـــر
وإذا مـا شئــتَ لـــها وصفـــاً * فـالنـــور لــها أقــرب مصـدر
ولــذا فـي المحـشــر لا تبـــدو * حتـى بالغــضّ لنــا يــؤمَـــر
فسنـــا بــرق الزهــرا سحــرٌ * يخـطَــفُ ألبـــاب ذوي المحشــر
ويكــاد سنــا بــرق الزهــــرا * يذهــب بالأبـصـــار إذا مــــر
وربـيــع مدائحـــهــا فيــضٌ * مـن جنبــات العـــرش تحـــدّر
وبــه أرض الشعــــر ستــنمـو * وسمـــاوات الشعــر ستـكـبـــر
وتكــاد سمـــاوات الشعــــراء * بمـــدح الزهــــرا تتـفطَّــــر
الزهــــرا مشكـــاة فيـهــــا * مصبــاح يــا حُســن المنـظــر
والمصبــــاح إذا مـــا يـبــدو * فـي نـــور زجاجـتــه مُـغمَــر
دريٌّ كــوكــبهــا يعــلــــو * وبـــه نــــور الله تـكــــوّر

________________________________________
( 60 )

يوقَـد مــن زيتـــونــة خيــرٍ * ولـــه الله لهــــذا استــأثـــر
ويكـــاد الزيــت يضــيءُ ولــو * لــم تمسـســهُ النـــار فيــؤمَر
نــور فـي نـــورِ يتــجـلّــى * سبـحــــان الله إذا صــــــوَّر
قـد قــال لـــها الهــادي قــولاً * حسبــي هــذا وبـــه أفخــــر
البــاري يرضـــى لـرضـاهــا * وبــذا حتــى الشانــىء قــد قـر
ويُكــنّيــهــا اُم أبــيهـــــا * وتُـخَـــصّ بــآيـــاتٍ أكثـــر
ويُـقـبِّــل حبّــاً إكـــرامـــاً * يدَهــا والأمـــر هنـــا أبهـــر
فــالهــادي لا ينطــق هجـــراً * لا يفـعــل إلاّ مــــا يــؤمَــر

 

قطوف طوبى

السيد مسلم فاخر الجابري

النــور فاض بمكـــةٍ فأضـاءَ‌هــا * فلتـنسـج البطحـــاء منـه رداءَ‌هــا
والكعبــة الغــراء يغســل وجههـا * بالعطــر ما ساقــى الهــوى بطحاء‌ها
قمــر السمــاء أطــلّ من عليائـه * وهفــا إليهــا لاثمــاً عليــاءهــا
مـا كـوكــبٌ إلاّ وأوجــع قلبـــه * شــوق يهـدهــد بالجـوى حصباءهـا
وتهافـتـت زهــر النجـوم برملهــا * فاختــار قلـب محمّــد زهــراءهـا
يـا كـعبــة الله اهتـفــي وتعطّـفي * حتى يـزور العطــر منـكِ فنـاءهــا
وتبـرّجـي فرحـاً بزهــرة دوحــةٍ * باهـت بهــا أرض الحجـاز سمــاءها
أقسمـتُ لــو مّـدتْ عليــه غصونها * لكسـت بـوارف ظلهــا صحـراءهــا
ولســان واديهــا يــروّى عذبــه * دنيــا تساقــى الظامئيـن رواءهـــا
والليـــل هــل يـدري سيخلع لونه * للنــور لـو لاقــى هنـاك ذُكاءهــا
هـذي الحجــارة فـي شوامـخ مكـةٍ * خشعت وشاطــرت السمـاء نعماءهــا
ولو أنّها استطـاعت تــذوب محبــةً * لسعـتْ يغيّـر شوقهــا أسماءهــــا

________________________________________
( 61 )

نامـت قريـش عـن تملمــل ليلــةٍ * نصبت على الحــرم المنيـع خباءهــا
وتغافلـت مضـرٌ عـن الاُفــق الـذي * غطّـى بخضـــرة موجـه حمـراءهـا
لتـزِفّ قافــلـة تطامـن خطـوهــا * فســرتْ وردّدتِ الجبـال صـداءهــا
الأعيـن الحيـرى يصــارع يأسهــا * حلــمٌ ألـــمّ ليستـردّ رجــاءهــا
فـي جنــةٍ غنّــاء تمنــح ظلهــا * للظامئين علـى الطريــق ومــاءهــا
لله بضعــةُ أحمــدٍ مـن نــــوره * لمعـت فأهـــدى أفـقــه لألاءهــا
وافتـكَ تختـرق القــرون كنـجمــةٍ * تنـأى فتهــدي للعيــون ضيـاءهــا
مهما ترامى الاُفـق حــول وميضهــا * عبـرتْــه تطـرد بالسنــا ظلماءهــا
مـرت بطوبــى فاستـفـزّ حنينهــا * ظــلّ يرافــق فـي النعيـم بهاءهــا
وتوسّمـت فـي موكـب عبـرت بــه * كفّــاً لطاهــا زهوهــا وعطاءهــا
بالأمـس أخلــد ركبـه فـي ظلهــا * ومضى يخوض من الجنــان قضاءهــا
نالــت يــداه فاثـقلتــه ثمارهــا * ومشت خطــاه فزيّـنـت خضراءهــا
ودنـت خديجــة تستـظـل بكـوثـرٍ * من رحمــةٍ تزجــي إليـه صفاءهــا
فـي ليلــة غــرّاء لـو مـدتْ يـداً * نحــو النجـوم تنـاولــت زرقاءهــا
يسـري ابـن عبـدالله فـي ملكوتهــا * فتـرى بمجــرى روحــه إسراءهــا
مـا غـاب همــسُ محمّـدٍ عن سمعها * يصغــي فتـمنح صوتــه إصغاءهــا
وتــرى الصبـــاح على جبين متوّجٍ * بالنــور ينـضح بالعبيــر مساءهـــا
أدَرَتْ خديــجـة إذ تــودّع ليلـــةً * والوجدُ يخضــب بالســنا احناءهـــا
أنّ الجنــان قـد انحنيــن كرامــةً * لســرِّ فاستـودعنــه أحشــاءهـــا
وبـأنّ كــفّ محمّـد قطفــت لهــا * في الخــلد من زهراتهــا عذراءهــا
وبـأنّ مـا ضمّـت عليـه ضلوعهــا * حــوراء غـادرت الجنــان وراءهــا
مـا زاغ طــرف محمّـد عـن سدرةٍ * في قـاب قوسيــن استـشـفّ سناءهـا
سـرّ النبــوة فاض فـي أغصانهــا * عبقــاً وخالـط نشــره أنــداءهــا
وتنـزّلت لــلأرض منــه كتائــبٌ * عقــدت ملائكــة السمــاء لواءهــا

________________________________________
( 62 )

يا ســرّ فاطــم ما مررت بخاطــرٍ * إلاّ وأهدتــه السمــاء حبـاءهــــا
البســتْ شيعـتهــا رداء كـرامــة * وجلــوتَ سفــر مآثــرٍ انبـاءهــا
تلك التي أعطــت فنـضّـرت الثـرى * وسمـت فجــاز سموّهــا جوزاءهــا
مـا موقـفٌ وقـفتــه بعـد محمّــد * تُصمــي بصائــب رأيهــا خصماءها
إلاّ وكــان الغــرّ مــن أبنـائهــا * وبناتهــا بجهــادهــم خلفـاءهـــا
للعلم ما عقــدت عليـــه ضلوعهــا * والطهر ما مــدت عليــه كساءهـــا
يحيـا بهمـا ميـت الضميـر وإن طغى * جدبٌ أراقــت كـالربيــع دماءهـــا
وهبـت لاُمتهــا قطــاف حياتهـــا * ومضـت تعانــق كربهــا وبلاءهــا
عــرس الشهـادة مـا تحفّـز ثائــرٌ * إلاّ أعــاد عليـــه عاشــوراءهــا
وإذا تعـثّــر موكــب فـي زحفــه * زفـت إلـى ســوح الجهــاد فداءهـا
مــرّ الخلـود بهــا فقارب خطــوه * ومشــى إليهــا يصطفـي شهـداءهـا
يــا صفــوة الله التـي مدّتْ لهـــا * كــفّ العنايــة فاصطفــت آباءهــا
الـروح مـن اُفـق السمــاء منــزّلٌ * يــروي لبنــت محــمّـد أبناءهــا
ترضــى فيرضــى الله في ملكوتــه * ويســوءُ قلــب محمد مـا سـاءهـا
وتقـــوم مـا قــام النبـي بلــيلـه * يخفـي النشـيـج عــن الظـلام نداءها
ترجو و( وعــد ) الله يمــلأ قلبهــا * ويهدُّ خــوف ( وعيــده ) أعضاءهــا
مـا أومـأت نحــو السمـاء تضرعـاً * إلاّ وســابــق دمعـهــا إيمـاءهــا
فــإذا تجلّــى للسمــاء جبـينهــا * بــدراً تساقـطـت النجــوم إزاءهــا
واهتــزّ محــراب تكنّــف ركنــه * ليــل أحــــبَّ الله فيــه لقاءهــا
يـا قصـــةً للمجــد ردّد بعدهـــا * تاريــخ اُمّــة أحمـــد أصـداءهــا
خلـدت علـى مــرّ العصور فما وهـى * صرحٌ على التقــوى أطــال بقاءهــا
كــفٌّ لأحمــد شيّــدت أركـانــه * فرعـت لهــا عيـن الإلــه بناءهــا
وشريعــةٌ للحــبّ كوثــرُ نبعهــا * يجــري ويمنــع ورده غربــاءهــا
عهــدٌ لفاطــم في ضمائــر عصبـةٍ * نسيـت لـه عنــد الوفــاء وفاءهــا

________________________________________
( 63 )

حشدت علـى بـاب الوصـي وعبّــأت * أضغانهــا واستـنفــرت غوغـاءهــا
مـا كـان أقســاها تــروّع بضعــةً * من أحمــدٍ فــرض الألــه ولاءهــا
ولقــد جفــت حتــى تلـبّـد أفـقها * بالظلــم واشتـكـت البتـول جفاءهــا
أيكــون حــب محمّــد فـي قلبــه * مـن مـات حيرانــاً يكــنّ عداءهــا
غضبـت وكــان الله شاهــد سرّهــا * مــذ أعلـنـت للعـالمـيـن عناءهــا
ودعــت عليــه بعــد كـل فريضةٍ * ولَيسـمـعـنّ الله فيـــه دعــاءهــا
ولئـن بكـى يـومـاً وطــال شقــاؤه * مـن هجرهــا فلقــد أطــال بكاءهـا


سيد الحزن والكبرياء

الاستاذ مصطفى المهاجر

أريــجُ النبـــوة فيــكِ ابتــدى * وفيــض الهدايــةِ منــكِ اهتــدى
وأنغــامُ عــزكِ فـي الخافـقيــن * لهــا الدهــرُ مـن ولــهٍ انشــدا
ونـورِكِ يـا بضعـة المصطـفـــى * أضــاءَ أضــاءَ فغـطـى المــدى
حنـانـيـكِ اُمّ النـبــي الكــريـم * واُمّ الأئـمــة نـــور الهــــدى
شربنـــا ولاءَكِ منـذ الـرضــاع * فــأورقَ حبــاً غـزيــر النــدى
وحلَّــق فـي حزنــكِ المستـديـم * حنـيــن بأشـواقـــه يُـقـتــدى
فحـزنــكِ يسكــن أضـلاعنـــا * لهـيـبـــاً توقّــد لـن يُـخـمـدا
وصوتُـكِ رغــم رنيــن الأســى * لــهُ فـي نفــوس الهــداة صـدى
فصــارت شعاعـــاً بـما تحتـوي * قلــوبٌ لــدى وجدهــا سُـجّــدا
وصــارت بـذكـــراكِ أيـامنــا * مــعطــــرةً عــزةً ســـؤددا
وصــارت ليـالــي الاسـى ثـرةً * بـذكــراكِ نيـــرةً فــرقــــدا
وصـرنـا إذا ضامنــا حـاقــــد * وطــوّقَـنـا بالهـمـــوم العــدى
طلبنـاكِ نستـكـشـفُ العاديـــات * ذكرنـــاكِ نستـنــجحُ المقـصـدا

________________________________________
( 64 )

فـذابـتْ علـى عتـبــات الهـوى * مغاليـق أحكـامـــه كـالــــردى
وعــادت لأنـفسنــا بسـمــــة * تكــاد مـن الحـــزن أن تُـــوأدا
حنـانيــكِ سيــدة العـالميــــن * حنانـيــك يـا نسـمــة تُـفـتـدى
علــى شاطئـيـك تــرفّ الحيـاةُ * وتــزهــرُ أفيــاؤهـا بـالنـــدا
وتـشمـخُ ذكـراكِ نحــو السمــاء * تعـانـــقُ فـي مجدهــا أحمــدا
وتمــلأ دنيــا الوفـاء العظيـــم * بفـيــضٍ من الطهـر لـن ينـفــدا
وتـوقـدُ فـي الداجيــات الشمـوس * لتـكـشــف مـن ظلـمـةِ مـا بـدا
فـتـــزدان بـالنـــور أيامنــا * وتـفتــح دربــاً لنــا مـوصــدا
وتُـشـعــلُ أحــلامنـا بالرجــاء * لنـوصـل بالأمـس زهــواً غـــدا
أسـيـــدة الحــزن والامنيـــات * شموعــاً علـى الدرب لـن توقـــدا
بغــير ابتهـالك انّ الطـريــــق * إلــى الله مفـروشــةٌ عسـجـــدا
وغيــر نـدائــكِ ان الحيــــاة * بــلا طاعـــة الله لـن تُـحمــدا
وغيــر دعائـــكِ ان أبــناءنـا * لحمــل العقيــدة كـي تُــرشــدا
وغيـر وقـوفِــكِ بيـن الصفــوف * لتصـحيــح ما اعـــوجّ أو قُــدِّدا
حنـانيــك سيـــدةَ العالـميـــن * وعفـــوَكِ مـن بضعــة تُـقتـدى
شربنــا ولاءَكِ منــذ الرضـــاع * فأورقَ حبــــاً غزيــر النـــدى
ونرجــو الشفاعــة فـي حبكـــم * فمــن رحمـــة الله لــن نُطــردا


منابر الوحي

السيد منير الخباز

لمّــا رأتهــا الكعبـــة العـصمـاءُ * تفـيــض مـن جبـيـنهـا الأضــواءُ
تسـاءلــت مَـن هــذه الحـسنــاء * فـقيـل بشـــرى هـذه الـزهـــراء
تـفـاحــة مـن ســـدرة المنتهـى * تـكـوّنــت مـن السنـــا والبهـــا
ذابت بصلب المصطـفــى فـازدهـى * والتـقـــت الأنــــوار والاشــذاءُ

________________________________________
( 65 )

مـن تـربـة الأرض ومـــاء الجنانْ * تــورّدت فـي وجـهـهـا جنـتـــانْ
لـو كــان انـســان لــه معـنيان * فإنّهـــا الإنـسيـــة الحــــوراءُ
منـابــر الوحــي لاجــدادهـــا * خـــلافـــة الأرض لأولادهـــــا
كــل المعـالـي بعــض أمجـادهـا * ومـن علاهــا ترتـقـي العـليــــاءُ
علمنــا تـأريخـنـــا المــؤلــم * ان الفــــداء والهـــدى تــــوأمُ
وانــــه لا سيـــف إلاّ الــــدم * بغـيــره لا تـنجــلـي الظـلـمــاءُ
فبابها المحــروق بــابُ الصـمــودْ * وبـابـهــا فـي الحشـر بـاب الصعودْ
والكوثر الفيــاض يـأبـى الـــورودْ * إلاّ لـمَـن تـقبــلـه الــزهــــراء
تأريـخهــا الثائــر مـا أعظــمـه * ملـحـمــة للـمــرأة المـسـلـمــه
خديـجـة فـي مطلـــع الملحــمـة * وفـي الختــام زينــب الـحـــوراء
ملحـمــة للـشعـــر والمـنبـــرِ * غـنّــى بهــا اللحــن مـدى الأعصرِ
وآيـة التـطـهيـــر والكـوثـــرِ * وآيــة الـقـربــى لهـــا أصــداءُ
فارقــت الدنـيـا بعـمـر الــورود * وعطــرهــا بــاق بـقـاء الخلــودْ
والشمس لا يدنو إليهـــا الخمــــود * ونـــورهــا شعــت بـه الأرجــاءُ

 

في ظلال الزهراء

السيد مهند جمال الدين

أنـت فـي البحـر والقوافــي تغـيـبُ * وسـلا قلبــك الشعــور المجـيـــبُ
ترتجـي الشــاردات وهــي حيـارى * أقـتيــلٌ بـك الحــجا أم سليــــب
هــل جــفتك الحروف أم هــدّك الســعي إليــها أم قـد بـــلاك المشــيب
لا ربيــع يدعــو إليـك الأقـاحــي * أو صفــاء ترعــى دمــاه القلــوب
والشعــاع الـــذي عقــدت عليــه * كــلّ فجـــرٍ مكفّــنٌ محجـــوب
والرجـــاء الــذي عــلاك فضــاه * قـد تعامــى وصبحــه منهــــوب

________________________________________
( 66 )

والأمـانــيُّ كلّهـــا قــد تبــدّتْ * فـي فــؤادٍ توطّنـتــهُ الكــــروب
والمقـاديـــر محنـــة وشقــــاءٌ * والرزايــا ودمعهـــا المسـكـــوب
وحشـــةٌ مـا لهــا ختــام وعمـرٌ * يتلــوّى علـى الســراب كئــيــب
كيف تطـوي النــوى وأنــت شقــيّ * وعليـك الزمــان وقــتٌ مريــــب
وصريــعٌ تغافــل القبـــر عنــه * وغريــب يبكــي عليــه غريـــب
كيــف تســري فيــك الليالـي وجفنٌ * راح فـي هــذه الدمـــوع يـــذوب
كــيف تـجري الحـياة فـي خـافـقٍ لمّــا يــزل فــي دمـائـــه يستريــب
وعجيــب عــدا الربـيـع يغـــذّي * قاحــلاً سـوف تغــتـديـه الطيــوب
أســناءُ عليــك قــد راح يلقــي  * أم تولّـــى هــذي الجــراح طــبيب
أم ســقاك الإلـه فيضـــاً مــن الحـــب وشـــهداً كـأنّــه شــؤبــوب
ما تُــرى أن يكـون سحــراً تغالــى * أم هــوىً ضـجّ بالدمــاء يجـيــب
وســرى فيــك ضــوؤه يتمـطّــى * فكــأنّ الــذي وقـــاك حبـيـــب
حــبُّ آلِ الرســول فيــك هيـــام * أبــداً قـد سمــا عليــه نسـيـــب
فزهــا فـي الغصــون نــوراً بهيـاً * يتــحاشــى أن يحتويــه مغـيــب
مرحبــاً بالهــوى إذا اجتـاح قلبـــاً * حجريـــاً وجمـــــره مشبـــوب
ليـس يهـوى مـن فيـه صـرحٌ عميـد * شــاده الوجـــد والسنــى واللهـيب
ومصيــر الخلـــود ان يتـرقّـــى * لِسَنــا فاطـــمٍ ومــا يسـتطـيــب
هـذه زهــرة بهــا صــدح الكــون * وأغفــت علـى شذاهــــا طيــوب
أشرقــت فانـتمــى السنــاء إليهــا * وتباهــى ونبـعـــه الموهــــوب
فبـدت غــرّة الصبـــاح بـوهــجٍ * يـالهــا مـن براعــةٍ مـا تصيــب
تـتمـلّــى بوجــه أحمـــدٍ لمّــا * بشّـــر الـروح قلبــه والرقيـــب
هُــتـفـت هـذه المـلائك للـفجــر فــقد حــلّهــا الضـــياء العـجـيــب
كشـفــتُ نجـمـةٌ لأخـرى ســروراً * فالديـاجـي مـن غيّهــا ستـثـــوب
ولقــد عانقـت سناهــا الصحــارى * فاهتــدى قلبهـــا وغنّــى الوجيـب

________________________________________
( 67 )

وبــدا نـورُهــا ونــورُ أبـيـهــا * كنهــارٍ شمـوســـه لا تغـيــــب
وبــميلادهــا ســـمت رايـــة الديــن وفــرّت مـن العقـــول العــيــوب
وتسـامــت انـشــودةٌ تـتـغـنّــى * في شفــاه الوجــود وهـي لعـــوب
أنـتِ ترنـيمـة الأنـاشيــد تهـفــو * أنـتِ روح الخلــود أنـت اللهــيــب
جُنّــةٌ أنـت للصـــلاح حمـاهـــا * ساعدٌ يـزدهـي وصــوتٌ مهـيـــب
وفـتـىً صافـحــت سنــاه الثـريّـا * والقصــيّ البعـيـد منــه قـريــب
يـا ابنــة المرسليــن إنّــا سلكنــا * لاحبـــاً صــدره سخــيُّ رحيــب
وانتـهجنــا مـن حبّــه مـا هدانــا * وصـراطــاً عاشــت عليــه الدروب
فعـلــى عُتــمة الطـريـق ضيــاءٌ * وشــذى ناعــم وقلــب طـــروب
مذهب الحــق منهــل قـد سقـانـــا * فيــضَ نـــورٍ وقلبــه ملهـــوب
ما يبــالــي فقــد دهتــه الدواهـي * والكــرى يسـتبـيحـنـا واللغـــوب
وهو يرعى فينـا جفـونــاً تعـامــت * ودمــاءً قــد هـدّهــا التخـريــب
ايّــها العاشـقــون إنّــا لَنصـحـو * والدجــى فـي عيـونــنا والمغيــب
قد ركبنــا الريــاح لكــن وصلنــا * لمتـيـهٍ يضـــجّ فيــه النعـيـــب
نصطـلــي بالعــذاب والدمــع فيـنا * يتـنـاهــى لكــنّــه مكــــذوب
وشعــاراتُ حـولهــا تـتبــاكــى * ورؤانــا عـن ذلهـــا لا تـــؤوب
فالنعيـــم الــذي عبـرنـــا إليــه * بـالأمــانـــي مخـــادع مقلــوب
والضيــاعُ الــذي وصلنـــا إليــه * بعـد جـهــد نعيـشــه تعـذيـــب
فامنحـيـنا يا مَــن لهـا قــد شــدا حـرفـي وغـنّى الفــؤاد وهـو قـطوب
من رؤىً تـزدهـي عليــك صلاحـــاً * وســلامــاً يشـدّنـــا ويطـيــب
واخـذلــي الانكســار فينــا وبثّــي * فـي دمـانــا فيـومنــا سيـثــوب
وانطـوي يـا سيـاط مـا دام نبـتـــي * جذوره فـي الدِّمــا عصـيٌّ غضــوب
ســوف نــصحــو يـومـاً وأضـغاثـنا تُـدمى وثـأرُ العــيون فيــها رهيـب

________________________________________
( 68 )


ألق المعاني

الشيخ نزار سنبل

قـوافــي الشعــر تسبـقـني عجالـى * وتـرقـصُ فـي مخيــلتــــي دلالا
تطيــر إلــى معانـقــة المعـانــي * فـتـبـــرز كالســراج إذا تـــلالا
وشــــلال الشعـــور إذا تهــادى * يضيـىء لفـرحــة الهــادي احتـفالا
فســوسـنـة الجنــان تفـوح عطـراً * وتـنـشر فـي الـدنـى أرجـــا زلالا
تـرانـيــم المـلائــك وهـي جذلـى * وتغـريـد الثـغـــور إذا تعـالـــى
تبــث الـوحـي فـي شفـتـي شعـراً * وألحـانـــاً تـشـفُ لهـا اختيـــالا
فمــا غـنّــت طيــور الأيــك إلاّ * لتسكـب مـن فضـائـلهــا الخصــالا
ومــا عطــرت زهـور الروض حُسنا * تعـبَّـقُ منـه أخيـلـــة ثمـالـــى
وما بـزغــت خيــوط الفـجــر إلاّ * ونــور الطهــر يكســوها الجمــالا
أيـا زهــراء يــا ألــق المعـانــي * ويــا فجــراً تبــلّـج واستـطــالا
ويــا إشراقــة التـأريــخ نالـــت * بهــا الأيـــام أو سمـــة تـــلالا
نشرت الهـديَ فــي الآفــاق نـــوراً * تسـلسـل فـي الزمــان رؤى جــذالا
ويــا نبـعـــاً تحــفّ بــه ورودٌ * ويمــلأ كـــل جادبـــة ظـــلالا
ويـا اُمّــــاً لـوالـدهــا المصـفَّى * وذا ســـرّ عـرفـــت بــه الجلالا
حملت العـبء مـن صغــر وناغــت * علــى كفـيــك أنغــام حُـبـالــى
فتحـت القلــب إذ ضاقــت رحــاب * فــلا سهــلاً يضـــم ولا جبـــالا
فرشت الكــون فـي عينـيـه زهــرا * وكنــت الاُمّ تـمنـحــه الــــدلالا
فــلا عجــب إذا غنّـــت سمــاءٌ * تـرتــل مــن مناقـبهــا مقـــالا
فمــا خلــق الإلــه لهــا مثيـــلاً * ومــا عــرف الـزمــان لهـا مثـالا
وكم انثـى تطــوف إلــى المعالـــي * وتسبــق فـي مساعـيهــا الرجــالا
يقــول الناصبــي نطقــتَ هجــراً * وذاك الــرافـضــي هــذى وغالـى

________________________________________
( 69 )

وجــرّد مـن ضغـائـنـه حســامــا * وســدّد حقــدهُ الغــاوي نبــــالا
تخـبّـط فـي الظــلام عمـىً وتـيـهاً * وصـال بفكــره الخــاوي وجـــالا
وزمـجــر والغــرور لــه ســـلاح * ومــا عــرف القـــراع ولا النـزالا
وذنـبــي أنّـنـي أهــوى علـيّـــاً * وأنــي قـد عشـقـت بـه الكمـــالا
وسيــري فـي هــذى القــرآن ذنبٌ * عظـيــمٌ استحــق بــه القـتـــالا
أإيـمــانــي وتـوحـيـدي وحبّــي * لآل البـيـت يجعـلـكــم خبـالـى ؟!
أليــــس الله كلّلــهـــم بتـــاج * تقـدّس فـي الــورى وعــلا وطــالا
فـذي ( القربى ) وذي ( الإنسان ) تحكـي * وذي ( التطهيــر ) تـتحفُـهــم نـوالا
أحاديــث الرســول غــدت تـوالـى * وأقــوال الصحــاب بــدت سجــالا
أزيلــوا عـن عيـونكــم غشـاهــا * فــلا بــدراً تـــرون ولا هـــلالا
سأبقى مـا حيـيـتُ علـى هـداهـــم * وأنعــمُ فـي جحـيــم الحـب بــالا
فلـــي وعــي يسـانــدُه دليـــلٌ * فـــلا شكــاً أقــولُ ولا احتمـــالا
وان ســـدت دروب فـي وجــــوه * ولكــن الحيــاة لمـــن تـوالـــى
أيــا تفـاحــة الفــردوس مـــدّي * إلينــا المجــد نقـتـطــف الكمــالا
فقـد تهنــا واُفــق البحــر صفــوٌ * ولــم يــدَع الضبــاب لنــا مجـالا
فهبِّــي مـن نسيــم الخلــد روحــاً * لتـبـعــث مـا يعــزّ لنــا منــالا


جناح النسيم القدسي

الاستاذ يقين البصري


 لقاحٌ من الطين مسَّ المدى
 جناحاً من النسمة البارده
 وليلٌ يكرر ذاك الصدى
 ليوقظ تلك الرؤى الخامده
________________________________________
( 70 )

 عيونٌ لها مثل فيء الزمان
 امتدادٌ
 يُصاهر كل العصور يحرّك كل
 الدماء
 وينفض ألفَ جناح يُذيب
 الحديد رمالاً
 من الثلج تُبحر نحو البعيد
 البعيد إلى اللجّة الراكده
 أنهم يزرعون نعم انهم
 يفتحون الحصون
 نعم انهم يطلقون السهام
 رصاصاً ليحيى الرماد
 ولكنهم عبروا ضفتين بعيداً
 عن الشاطئ المستقيم
 أقاموا صراطاً ولكنّهم عبّدوه
 ابتعاداً عن النص
 ابتعاداً عن الطل ابتعاداً عن
 النبض زيغاً إلى آخر الحدِّ
 تحدَّر ذاك الزعيق انسلاخاً
 تقطّع أو صاله السافيات وشتى
 الرياح استباحت مداه
 وتاهت رؤاه وتاه الصدى خائراً
 يفتّش كل زوايا الحنين
 كذا انسلّ من فوهات السقيفة رحلاً وراحلة في السراب
________________________________________
( 71 )

 فكان العذاب
 انّها الرحلة العاده
 تحاكم أوراقها من جديد
 تعلّم أجيالها من جديد
 وتطلٌ تلك الأكفّ الاُسارى
 وتُلغي قيود الحديد
ألــقٌ غاص بـه سر الليــل فــأدرك أنــوار العـــرش وعلّل أســرار الكـــون
فــي واحــدة مــن أروع إصـغــاءات الدمـــع الضــارع لله حنيـنـاً قـدسيــاً
اُمّ أبـيـهــا تكـتــب فـي لــــوح القــدر الكائــن عنــد الله معالــم تقــواه
رغــم لجــاج البعـض أنّ رسـول الله الأعظـم بــلا ذرية ففاض عطاء الله بهذا الكوثـر
جمــح البغــي الساكــن فــي عـــرى الصحــــراء حماقــــات شنـعــاء
فاختزنت يــس عــرىً أقــوى مــن كــل عواصــف هــذا الليـــل الكالــح
فاعشـوشــب وجــه الأرض حنيـنـاً أبديــا إذ يهـجــع أهــل الأرض نيـامـــاً
فــي قبــرٍ أثـقــل مـن نـــوم المـوتــى فأيــن الأعمــار مـن الأســـرار
كان العالم يكسوه الزغب النابت فوق جحيـم الجهـل فانبـجـسـت منــه عيــون المــاء
وفــار التنــور ومـن كــلًّ زوجـيــن اثـنيـن وإن قـلّ بعينيك العدّ فإن الشانىء أبتر
وحي بارك عزّ الله يديه فانجب ألف نبـيـاً فـي الحسنـيــن وزينــب مرقــاة القــدس
الباســط أجنـحــةً تحمــي وتكـابــر تقـاتــل كــلّ ذئاب الأرض ولا تحمل خنجر
يا هذا القادم من أوطان التسبيح تفيض قداسات أطهــر بـل أعبـق مـن إضمامــة عطــر
الورد وأدفأ من حضن الاُم وأصفى من شلالات النور تعال فقد كادت أبــواب الليــل تُـسـد
على هذا البعض سعاراً حتى اشرقت الأرض بنـور الله فقـد وُلــدت فاطمــة الزهـــراء
فـصلّــــى الله عليـهـــا فـي عـيــن العــــرش وبـــــارك أحمــــد

________________________________________
( 72 )


خباء النور

الاستاذ يقين البصري

أكـمــــام وردٍ فــي الثـغــــورِ * أم ومـضـــةُ الألـــق الطهـــورِ
أم رعـشـــة بصـــدى الضمـيــر * تـــدبُّ عــن شــــلال نـــور
أم خفــقــة القـلـــب المـقـــرّح * مـن جــراحـــات الشــعــــور
أم حشـــرجــــات مــن أســـى * مـن فيـــض ووالهــة الـصــدور
أوجـــاع غُـصـــنٍ مــرهـــف * أم وقـــع سيـــف فـي النـحــور
أم غـيـــمـــةٌ وطــفـــاء روّى * مــاؤهـــا عـطـــش البحـــور
أم بســـمــة عــــذراء غـــنّتـهـــا المـــنـى لحـــن الطيــــور
وصـــدىً علـى شـفـــة المـــدى * ينـــداح عــن قمـــم النـســور
وأرومــــة فـــوق الســمــــا * تطـــأ العوالـــم بـالحـضـــورِ
مــا زال يخــتــزل الــسُــــرى * ليطـــوفَ فـي فــلك الحبــــور
لأرى الجـــــــلال مـهـــــللاً * فــي مـوكــب لجــبٍ وقــــور
يــجثــــو عـلـــى أعــتــاب مــجـد مـحمّــدٍ عــنــد النـشــور
أبشــاشـــة الحـــزن الطـــروب * بـصـولـــة الأســـد الهـصــور
أرفـيــف أعـــلام الـهــدايـــة * فــي الصـــدور وفـي الظـهـــور
أم ســـــورة الــطــــوفـــان * يُـغـــرق كـــل رابيــة وســور
ولـربّـمـــا نـكـــص الخيـــال * وشـــطّ فـي تـيـــه الـوعـــور
جُـــنَّ احـتـبــاس الحــرف فــي * قلـمـــي وأعيـانـــي قـصـوري
كــــيف التــماس الـوصــف فــي فـلك يـــدور عــلــى الـدهـــور
بـنــــت الـنـبــي المصطـفــى * وجنــــان كــــل دمٍ غيــــور
أنضــــارة الأمـــل العـظـيـــم * وهـــل لمـثــلك مــن نـظيـــر
أطـــلــق نــــداك لمــصفــر الكــــف المُـكـــــلل بــالنــذور

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page