• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

اربعين الحسيني

(الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام علی محمد و آله الطيبين الطاهرين)

كل منا يعرف ان السنة تتكون من ايام لها اسمائها و اوصافها و اوقاتها لا تختلف عن بعضها البعض في تلك الميزات ولكن تبرز منها ايام و قد تميزت عن الباقي لوقوع حدث فيها سواء كان هذا الحدث ذا ميزة حسنة فانه يضفي عليها ما يحمله فتكون لها وقع في نفوس الناس بالانجذاب اليها و تقديسها كما هو المتعارف بين الامم فاذا مثلا مات رئيس دولة في يوم من الايام فانه يقدس ذلك اليوم و تجری فيه الطقوس والمراسيم و غيرها، او تكون تلك الميزة سيئة فيكون قد اضفي عليها تلك الميزة السيئة و يكون لها وقع ايضا في نفوس الناس بالابتعاد عنها و ابراز التنفر و هذا ما تسمعه من تسمية بعض الايام بانه يوم نحس فاذا حدث موت عزيز في يوم من الايام فان اصحاب ذلك الميت يطلقون علی ذلك اليوم بالنحس.
فيوم الاربعين واحد من تلك الايام الذي قد تميز علی مر السنين و الايام بانه يوم يقيم الناس المآتم و المراسيم فيه بذكری من مات من احبتهم و اعزتهم و اجراء العزاء و اعطاء الطعام و اظهار الحزن المعبر عن الشوق و شد الفراق و الحنين لذلك الميت و خصوصا اذا كان الميت له شخصيته و مكانته في المجتمع حيث كانت له اخلاق حميدة و صفات جيدة و مكانته العلمية المتميزة فيكون الحزن و العزاء مقارنا و ملائما لمكانة و هيبة تلك الشخصية.
فكيف يكون يوم الاربعين اذا كان اربعينا لشخصية عظيمة قد شق اسمها من اسم الله تبارك و تعالی و قال في حقها رسول الله (صلي الله عليه و آله) «حسين مني و انا من حسين احب الله من احب حسينا» و قال الامام الصادق (ع) في حقه «كلنا سفن النجاة ولكن سفينة جدي الحسين اوسع و اسرع» و هكذا بقية الائمة (عليهم السلام) قالو في حقه.
فمثل هكذا اربعين بعد ان نال شرف حمل اسم الحسين (ع) حيث تحول من يوم يذكر الناس فيه امواتهم الي يوم له اثره و رونقه الخاص فصار منبعا للثواب الجزيل و الخير الكثير و التقرب الی الله تعالي فيه بالزيارة و الاعمال المستحبة، و ان الائمة (عليهم السلام) قد جعلوا هذا اليوم من علامات الايمان حيث قال ابو محمد الحسن العسكري (ع) «علامات المؤمن خمس: صلاة احدی و خمسين و زيارة الاربعين و الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم و التختم باليمين و تعفير الجبين» ومن ناحية جعله عبرة للمؤمنين حيث ورد عن ابي ذر الغفاري و ابن عباس عن النبي (صلي الله عليه و آله) «ان الارض لتبكي علی المؤمن اربعين صباحا» و عن زرارة عن أبي عبدالله (ع) انه قال «ان السماء بكت علی الحسين (ع) اربعين صباحا بالدم و الارض بكت عليه اربعين صباحا بالسواد و الشمس بكت عليه اربعين صباحا بالكسوف و الحمرة و الملائكة بكت عليه اربعين صباحا و ما اختضبت امراة منا و لا ادهنت و لا اكتحلت و لا رجلت حتي اتانا رأس عبيدالله بن زياد و مازلنا في عبرة من بعده.
فيوم الاربعين هو يوم رجوع حرم الحسين (ع) من الشام الی مدينة رسول (ص) و هو اليوم الذي و رد فيه الصحابي الجليل جابر بن عبدالله الانصاري و كان اول من زار الحسين (ع) من الناس فكانت زيارة الحسين يوم الاربعين عادة الشيعة قد اورثوها ابا عن جد فيذهبون الی قبر الحسين (ع) مشيا تارة و اخری راكبا ليتزودوا منه المعنوية و غفران الذنوب و كشف الهموم و استجابة الدعاء و ذلك لان الحسين (ع) قد اعطي ثلاث لم يعط احد غيره منها.
الا و هي استجابة الدعاء تحت قبته و الشفاء في تربته و الائمة (ع) من ذريته فهذه اصبحت سنة‌عند شيعة اهل البيت (عليهم السلام) و اراد الطغاة ان يمحوا هذه السنة بشتی السبل بواسطة القتل و قطع الايدي و الارجل و اخذ الاموال و الذهب ثمنا لزيارة الحسين (ع) و كذلك عمدوا الي تشويش الافكار و خلق البدع و تحريف الاحاديث التی جاءت في فضل هذه الزيارة فمثلا قالوا ان المقصود من زيارة الاربعين هو زيارة اربعين مؤمن غافلين ان هذا هو خلاف الذوق السليم مع خلوه من القرينة الدالة عليه و لو كان الغرض هو الارشاد لزيارة اربعين مؤمنا لقال الامام (ع) (زيارة الاربعين) فمجيء الامام بالالف و اللام العهدية دلالة علی ان زيارة الاربعين من سنخ الامثلة التي هي علامات الايمان و المولاة للائمة الاثني عشر (عليهم السلام) و هكذا دأب الطغاة والظلمة الی تحريف عقائد الناس باهل البيت (عليهم السلام) و اطفاء نورهم ولكن يأبی الله الا ان يتم نوره و لو كره الكافرون) هذا من جهة، و جهة اخری بما ان الائمة هم نفس واحدة طاهرة و هي نفس رسول الله (ص)كما في الآية الشريفة (و انفسنا و انفسكم) حيث دلت الروايات من العامة و الخاصة ان هذه الايه نزلت في علي بن ابي طالب (ع) و الحديث الشريف (اولنا محمد و آخرنا محمد و اوسطنا محمد كلنا محمد) فالاية و الرواية تدل علی ان الائمة هم نفس واحدة طاهرة ومن هذا تكون زيارة الاربعين زيارة لجميع الائمة (عليهم السلام) في شهادتهم لانهم جميعا قد قدموا انفسهم لدين الله سبحانه و تعالی و ضحوا لاجل احياء معالمه و شعائره كما اشارة ابو محمد الحسن المجتبی (ع) «ان هذه الامر يملكه منّا اثنا عشر اماما ما منهم الا مقتول او مسموم» فالواجب اقامة‌المآتم في يوم الاربعين من شهادة كل واحد منهم (عليهم السلام) فحديث الامام العسكري (ع) لم تكن فيه قرينة لفظية تشير الی ان هذه الجملة (زيارة الاربعين) منصرفة فقط الی زيارة الامام الحسين (ع) الا ان القرينة الحالية الزمت العلماء الاعلام بصرف هذه الزيارة الي الامام الحسين (ع) و ذلك لان قضية الامام الحسين (ع) قد ميزت بين دعوة الحق و الباطل و لذا قيل ان الاسلام بدؤه محمدي و بقاؤه حسيني و لذلك لحديث رسول الله (ص) «حسين مني و انا من حسين» ‌يشير لتلك الحقيقة.
اذن يوم الاربعين انما كانت له تلك الذكری و العظمة علی مر التاريخ من تلك الشهادة للامام الحسين (ع) خصوصا و الائمة (عليهم السلام) عموما و إنّما كان مصداقه الامثل هو شهادة الامام الحسين (ع) يوم عاشوراء و شهادة اهل بيته و اصحابه و سبي نساءه لكي تكون راية الحق عالية و راية الباطل في اسفل السافلين و لكي تكون احكام الله سبحانه و تعالی هي الحاكم علی تصرفات المجتمع البشري باجمعه.
والحمدلله رب العالمين
علي الخفاجي
صفر 1427 هجري قمري
------------------------------------------------------------------------------------
يوم أربعين الإمام الحسين عليه السلام
نتطرق لذكرى يوم أربعين الإمام الحسين عليه السلام من خلال موقفين اتخذهما ركب الحرم النبوي المتمثل في حرم الإمام الحسين وأهل بيته عليهم السلام :
الأول - عندما عاد الركب الحسيني من الشام وهم كانوا متعبين من شدة الأسى والشقاء وضخامة الرزء وسعة وعثاء الطريق والهموم  تعصف بهم سلام الله عليهم وجدّ السير بهم الى كربلاء ، وصلوا مصارع أهل البيت سلام الله عليهم ، وهناك وجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري وجمعاً من قبيلة بني أسد، فأقام حرم الحسين عليه السلام مأتم العزاء الجمعي العلني للإمام الحسين عليه السلام ، وبقوا أياماً على تلك الحال، ومن هنا كان الإمام السجاد سلام الله عليه أول من وضع الحجر الأساسي لزيارة الإمام الحسين عليه السلام وإقامة العزاء عليه، وأما نص الزيارة فكان هكذا: السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلت بفناء الحسين عليه السلام وأناخت برحله. فبقي الإمام السجاد عليه السلام وعمته العقيلة زينب عليها السلام ورحلهم لمدة ثلاث أيام أقاموا فيها التعازي وعرّفوا الناس بمدى الرزايا والمظلومية التي حلّت بهم ، وكذلك بأحقيتهم بالاتباع ، حيث علّم الإمام السجاد عليه السلام كيفية زيارة أبيه الإمام أبي عبدالله الحسين عليه السلام من لبس السواد عليه والمشي حافياً اليه والبكاء عنده ووضع النواة الأولى لشعائر مذهب أهل البيت عليهم السلام .
الثاني - موقف ما بعد الأربعين
عندما انتهت الأربعين سارت القافلة تجر همومها وأحزانها الى مدينة رسول الله (ص) فلم يدخلوا مباشرةً الى المدينة إنما خيّموا خارج المدينة ونصبوا الخيام لأجل تفهيم الناس بما حصل لهم في كربلاء على يد الطاغية يزيد فعجّت الناس من كل مكان بالبكاء والعويل وبالثبور للظالم يزيد عندما سمعت بمقتل ذرية رسول الله ، ولبس الناس السواد مواساة لأهل البيت وذهبوا لتسلية فؤاد الإمام السجاد سلام الله عليه بالصراخ والعويل وهنا مما وعّى بعض الذين يميلون الى حكومة بني اُمية للاعلام الذي يسمعون عنهم ولكن رؤية الأفعال أصدق دليل على  كذب ادعائهم ، فلم يُرَ باكياً أكثر من ذلك اليوم ولا يوم أمرّ على المسلمين منه بعد وفاة رسول الله (ص) فبدأت مرحلة جديدة وهي كشف الأقنعة عن زيف النظام التي مازالت لسنين طويلة قابعة خلفها فعندما حصلت فضيحة يزيد لعنه الله أمام المسلمين بدأ يخرج من لباسه الذي اختفى به لسنوات وهجم على المدينة  واستباحها في وقعة «الحَرَّة» ، ورمي الكعبة بالمنجنيق ، وهجم على العراق وقتل وسلب، فكان لموقف الركب الحسيني بعد الأربعين دور كبير وهام لأفهام الناس بأنهم قد أضلّوا الطريق حيث تولوا يزيد لعنه الله.
ثم توالت الثورات على يزيد لعنه الله منها: ثورة المختار، ثم بعدها ثورة الزبيرين حتى هدم سلطانه وتقل كل من شارك في قتل ذرية رسول الله  ، وأصبح لأربعين الإمام الحسين ميّزة خاصة حيث حاول سلاطين الجور منع الناس من الذهاب في يوم الأربعين الى زيارة الإمام الحسين عليه السلام لما يشكل من ظاهرة تعبّر عن مقاومة الظلم والجور، وتتابع المؤمنين ومحبوا الحسين وأهل بيته عليهم السلام الى زيارة الحسين (ع) في أوقات كثيرة وخصوصاً في يوم الأربعين التي أصبحت علامة من علائم معرفة المؤمن كما في الحديث الشريف عن الإمام الهادي (ع) : «علامة المؤمن خمسة ... وزيارة الأربعين» فكان الزوّار آنذاك بالآلاف وأصبحوا اليوم يقدّرون بالملايين يذهبون لزيارة الإمام الحسين عليه السلام للتعبير عن مدى الظلم الذي وقع على أهل  البيت عليهم السلام ، ولأجل ماذا خرج الإمام الحسين عليه السلام ، فأصبحت زيارة الأربعين نبراساً خفّاقاً ليس في العالم الإسلامي فحسب، وإنما في جميع العالم من خلال نقلها بالفضائيات وعن طريق الأنترنيت ...
بشير المالكي
صفر 1427 هجري قمري
الاربعين الخالده وليد علی العيداني
الاربعين الخادة
في هذه الايام نعيش ذكری الاربعين للامام الحسين(ع) ونحن أمام هذه الذكری الخالدة نری مع الحسين (ع) الكثير من الدروس والعبر؛ لأنّه الانسان الذي اطلق اسلامه ليتحرك في الحياة ليقوِّم أيَّ انحراف في الفكر وفي السلوك ليسلط عليه ضوءاً من روحه وعقله ليقودنا إلی الاستقامة، وكان (ع) قد انفتح بمحبتة علی الناس كلهم؛ لان الانسان الذي يحب الله لابد أن يحب عبادالله، فالمؤمن لا يبغض الناس، بل يبغض الفسق والفجور والتكبّر لأنّه انحراف عن الطريق الذي أمرنا الله به فالمشركون وأهل الكفر والفسقة والمستكبرون إنّما يبغضهم لفسقهم واستكبارهم ومن خلال هذه المناسبة نسلط الضوء علی ثورته(ع) من ناحيتين، الاُولی: أنّه يختلف عن خط الثائرين الاخرين فهؤلاء غالباً ما يركزون علی الخطوط العامه للاوضاع السلبية لدی الاخرين الذين تتوجه الثوره ضدهم، ونری ان البعض يحبون الامام الحسين(ع) حباً عاطفياً ولا يعيشون عمق الالتزام الاسلامي بالمعنی الحركي الذي يحكم الانسان في كل قضاياه، ومن خلال كلماته (ع) نستوحي منها العقل والطاقة وليس العاطفة.
من قوله (ع) : «لا يكمل العقل إلا باتّباع الحق»، فالعقل لا يكمل إلا باتباع الحق؛ لأنّه ليس مجرد طاقة تفكر بها وإنّما هو طاقة تفكر وتحاور حتی تصل إلی الحقيقة، ومن قوله(ع) «العلم لقاح المعرفة» ذلك أن المعرفة هي الحالة الانسانية التي تعطيك الانفتاح علی الحياة وعلی الحقائق، والعلم بمفرداته يلقح المعرفة لينتج ما تقدم به الانسان ويرتفع به.
الناحية الثانية: ما هي علاقتنا بالاربعين؟ وهل ثورة الامام الحسين (ع)‌تمثل حالة الاسلامية... ؟ هناك كثير من الناس يتصور أن ثورة الإمام الحسين(ع) وذكری عاشورا والاربعين هي حالة دينية تقليدية ويتذكرون جانب المأساة بعيداً عن جانب الحركة ومن هنا بفكر بعض الناس بأنّ قصة الإمام الحسين(ع) هي قصة الدمعة التي نستنزفها من عيوننا لتعبر عن حزننا وألمنا، ويفكر بعض الناس أنّه من خلال هذه الدمعة يحصل علی غفران الله من كل ذنب ارتكبه، ويتصورون أن القضية قضية دينية بحته ولا دخل لها بالنشاط الاجتماعي ـ السياسي، والقضايا الدينية يجب أن لا ترتبط بالقضايا السياسية، ومن بعض هؤلاء سياسيّون يلتزمون الخط الاستعماري وينفتحون علی أعداء الدين والاُمّة الإسلامية من النُظُم والفئات والمنظمات البعيدة كل البعد عن الإسلام كالصهاينة والماسونيين الذين زرعتهم الصهيونية‌ العالمية في بلداننا الإسلامية، فكلّ هؤلاء لا يمتّون بالدين أي صلةً لا من بعيدٍ ولا من قريب حتی من كان يداً لهؤلاء من بعض المسلمين:
وإنّ من المؤسف أن نری بعضاً من المحسوبين علی الدين والمذهب الحقّ ممّن يقيمون العزاء علی سيد الشهداء بطريقة مأساوية، ويشترطون علی الخطيب أن لا يبتعد عن المصيبة، لان الثورة الحسينية مناسبة دينية فعلينا أن لا نسيء بالسياسة علی الثورة الحسينية، هذا حسب رأيهم، ونسوا أن حركة الامام الحسين(ع) هي التي تعطي الشرعية للحركة الاسلامية كما جاء في الحديث الشريف: «من أصبح وأمسی ولم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم»، معنی هذا الحديث أن حركة الامام الحسين(ع) هي حركة سياسية اسلامية، وأن الامام الحسين(ع) ليس شخصاً عادياً في التاريخ، وانّما هو قائد سياسي ينطلق من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الشيطان وأتباعه هي السفلی، كما صرح هو(ع) في أوائل انطلاقته بالنهضة المباركة: «إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً، إنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدي رسول الله (ص)، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهی عن المنكر وأسير بسيرة جدي رسول الله(ص) وأبي أميرالمؤمنين(ع)».
فثورته(ع) وما تابعها كانت تهدف لتحرير الإنسان من أسر العبودية للإنسان إلی حرية العبادة لله تعالی. كما صرح بذلك (ع) مخاطباً جيش يزيد في عرصة كربلاء: «إن لم تكونوا عُرُباً فكونوا أحراراً في دنياكم».
ولم يكن الإمام الحسين(ع) ذلك القائد الذي يهادن ويُساوم علی دينه واُمته، بل أطلق صرضة الإباء مخاطباً قائد جيش يزيد الظالم الفاجر «لقد ركز بين اثنتين إمّا السلة أو الذلّة، وهيهات مِنّا الذلّة، ويأبی الله لنا ذلك ... وحُجُور طابت وطّهُرَت...».
الشيخ وليد علي
صفر 1427 هجري قمري
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الحمد لله رب العالمين، والصلاة واتم التسليم علی المبعوث رحمة للعالمين ابي القاسم المصطفی محمد وآله الهداة الميامين.
ركب الفاتحين
العشرون من صفر محطة من محطات ركب الفتح الحسيني (ع) الذي انطلق من المدينة مرورا بمكة وكربلاء ثم الكوفة والشام ومنها راجعا الی المدينة، محطات لفتح الشهادة وللشهيد الفاتح ومن اشترك معه في ركبه الخالد الذي انطلق تحت شعار الفتح الذي رفعه الحسين (ع) «ومن لم يلحق بنا لم يبلغ الفتح» انه فتح القلوب قبل فتح الجيوش وفتع الدماء الخالدة قبل فتح السيوف.
كيف لا وهي الدماء التي اقشعرت لها اظلة العرش وسكنت في الخلد كما ورد عن خلود هذه الدماء في زيارات الائمة (ع) للشهيد الفاتح (ع) عندما نقرأ الركب الحسيني في كل محطة نتوقف فيها نجده يؤسس للخلود في تلك المحطة فمن الاباء والكبرياء والتضحية والدماء في كربلاء الی عزه الاسر وذل الآسر بين كربلاء والكوفة والشام، فبعد ان اسدل الستار عن طف الخلود انطلقت شخصيات الركب لتكمل مسيرة الفتح، هذه الشخصيات هي ابطال الاعلام الحسيني (ع) شهود الواقعة الذين مزجوا الحزن بالكرامة والاذی بالصبر وحولوا المظلومية ودموع اليتامی الی آلية، في نصر الحق، وقد تقاسموا الادوار في نشر انوار الواقعة الحسينية واهدافها الحقة التي بذل سيد الشهداء (ع) من اجلها دمه واولاده واخوته واصحابه حتی رضيعه الذي ظل صورة رائعة شاهدة تحفظ القيم رسمت بدم الطفولة ودموع الاب الفاقد عندما امتزجا ليطلقا صرخة الرفض المدوية من خلال هذه اللوحة التي بقيت منقوشة في ضمير الانسانية تهز اعماقها يطوف عليها صوت الحق من فم الامام الحسين (ع) عبر الزمان وفي كل مكان «هيهات منّا الذلة»
لذلك كله ظلت كلمات الفيض الحسيني (ع) تسهم في صياغة ابطال ما بعد الواقعة فان فصل الخطاب قد بدأ ليكون خطاب الفصل في زلزلة عروش الظالمين في مقاطع ذلك الزمان لينقل معه الی كلّ مكان وزمان فيه ظلم وجور...
نعم انها قنوات الاعلام الحسيني (ع) المنتصر تبدأ مهمتا في بيان ما جری في الواقعة لتحرك وجدان الغافلين وتنبههم من غفلتهم وتنقذهم من الشلل النفسي الذي ابتلوا به لعلهم يتخلصوا من الذل الذي لحقهم، وعجبا نری... حيث أن الاعلام الحسيني رغم انه كان ظاهرا محاصرا واسيرا بيد الاعداء المنتصرين ظاهرا. الا انه تحدث بلغة الانتصار وكأن رأس الحسين (ع) المرفوع علی الرمح هوالذي يقول لهم انا بهذا الرمح انتصر لا كما توهم حاملوا الرؤوس فأن رفعهم للرؤوس يعني انهم بقوا في هزيمتهم ورأس الحسين (ع) ارتفع وهزمهم حتی عندما فصلوه عن جسده شاؤوا ذلك ام أبوا...!
فكلمات الحسين (ع) ما زالت تدوّي في اعماق ركبه الخالد تقول له «انّي لا أری الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما» ويدعوهم الی اكمال المسيرة ونشر قيم الثورة وفضح زيف القتلة
ولنبدأ مع ركب الفاتحين في محطة الكوفة تلك المدينة التي امر واليها ـ‌ ابن زياد ـ باعلان حالة الطواريء فيها، ونشر قوات امنه وأمر الناس بالخروج ليشاهدوا ركب آل الرسول (ص) في هذا المنظر!
فخرج اهل الكوفة واميرهم يحتفل بجيشه العائد المنتصر في الظاهر ـ ولم يخف خوفه من رأس الحسين (ع) فأمر ان يضعوه في اوساط المحامل تحسبا من ردة فعل قد تبدر من الناس عندما يشاهدون رأس الشهيد الفاتح (ع).
وفي ظل هذه الاجواء يمر موكب النور وفيه رابع الهداة من آل محمد (ص) سجاد اهل البيت (عليهم السلام) الذي انهكته العلة ليفسح المجال في الكوفة للعنصر النسوي المؤثر في النفوس في مثل المواقف ليبدأ مشوار الفتح فينطلق صوت السيدة فاطمة الصغري بنت الامام الحسين(ع) ليدوي في جموع الحاضرين «اما بعد يااهل الكوفة يااهل المكر والغدر والخيلاء... فانا اهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا فجعل بلاءنا حسنا... فكذبتمونا وكفرتمونا ورأيتم قتالنا حلالا افتراء علی الله ومكرا مكرتم والله خير الماكرين،‌ تبا لكم... الا لعنة الله علی الظالمين» انظر الی تقريع القوي الذي يعيش النصر والعزة في اعماقه ويكسر طوق اسره فيحول المشهد الی بكاء وندم وحزن فتحركت مشاعر الناس التي قامت حتي قالوا: حسبك يا ابنة الطيبين... لتنطلق شرارة الثورة في نفوس الكوفيين بانتظار الوقت المناسب لتخرج الی الواقع لتكفّر عن ذنبها في خذلان ابن النبّي الاعظم (ص).
ثم تتوالی اصوات كريمات آل البيت (عليهم السلام) فينطلق صوت امّ كلثوم بنت امير المؤمنين علي (ع) ممزوجا ببكاء المظلومية وحزن الفاقدة ولكنه الصوت المعبر عن المبدأ والمدافع عن القيم «يا اهل الكوفة سؤاة لكم خذلتم حسينا وقتلتموه فتبا لكم وسحقا قتلتم خير الرجالات بعد النبي (ص) الا ان حزب الله هم الفائزون وحزب الشيطان هم الخاسرون ليعود الكوفيون الی البكاء والنوح والندم وتلوم النساء الرجال علی فعلتهم الدنيئة وتخاذلهم الرهيب عن ريحانة رسول الله (ص) عجبا لصوت الحق المبدأ ما انفك يكسر قيود ازلام الظلمه ويحطم جبروتهم ليدخل الی كل قلب فيوقظ الضمائر التي تخلت عن نصرة الحق وهوفتح القلوب بأحرف المبدأ ليبقي كل قلب يحترق اما الماً واما ندما ليعيش الحسين (ع) ويحمله في سنوات عمره شعارا وقيمة وهوية تحقق له وجوده وكماله.
فعجبا لسير ركب الفاتحين، وتستمر فصول الفتح يقودها رأس سيد الشهداء وشفتاه تتلوان ايات القرآن الكريم ليزداد افراد الركب اصرارا وثباتا وترتعد فرائص جيوش الاعداء بأمراءهم واسلحتهم.
ويأتي السيل الهادر ليقض مضاجع ابن زياد في قصره، انه صوت لسان الحسين (ع) وشريكته في خلوده وثورته... الحوراء زينب بطله كربلاء الفتح والشهادة ، ليؤكد صوتها الفتح ويفتح لها افاقا جديدة تناقلها قلوب العالمين قبل السنتهم، انقضت علی الامير المهزوم امامها رغم حرسه الشديد وجدران قصره العاليه عندما قالت له بردا علی قوله «الحمدلله الذي فضحكم وقتلكم واكذب احدوثتكم... انما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهوغيرنا ياعدوالله».
اراد المهزوم ان يمعن في اذاها قائلا: كيف رايتِ صنع الله باهل بيتك ـ ولكنه يصعق بجواب لم يكن قد تهيأ لسماعه ليزلزل الارض من تحت قدميه ... «ما رأيت الا جميلا» صبر ويقين بالنصر، وثبات علی القيم، وجمع بين دمعة المظلوم، وصرخة رفض الظلم وقرابين الفداء حول الامير وجيشه الي اقزام امام شجاعه بنت علی المرأة الوحيدة بين السلاح والحراس.
ويستمر الركب الحسيني في مسيرة الخلود من الكوفة التي هز اعماقها الی الشام عاصمة الامويين وتنطلق القافلة الظافرة ومعها رؤوس الفاتحين ورموز التضحية وشهداء الكرامة وحماة ‌الدين ليدخلوا علی الفاسق يزيد في قصره وهويعيش نشوة الانتصار الظاهري ولا يعلم ان الانتصار الحقيقي بصورته الواضحه سوف يكون امامه بعد لحظات وها هي علامات النصر الحقيقي تنطلق من كلمات سيدة الطف الحوراء زينب (س) مقرعة للحاكم الظالم «امن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك واماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا هتكت ستورهن؟ وابديت وجوههن!؟ تحدوبهن الاعداء من بلد الی بلد...»
ليرتبك وهوفي كرسي حكمه امام صبر الايمان وقوة العقيدة فما كان منه وكما يفعل الظلمة والطواغيت ان يطلق العنان للسانه البذي ويشتم ويسب في محاولة منه للتغطية علی ارباكه الشديد فيكون الموقف الصعب له عندما ارتقي سيد الساجدين المنبر وخطب الناس عرفهم بنفسه وبانتمائه الی النبي الاكرم (ص) وعرف باهداف كربلاء وامتداد الحسين (ع) وارتباطه بالرسل والانبياء، فحرك القلوب والعقول واحرج السلطة حتی انهم اذنوا للتغطية والتشويش علی خطابه الا ان نور كلماته وكلمات نوره ظلت تعيش في مخابئ النفوس وان منعها الجلادون من الظهور لترسم للاحرار طريقا للحرية وللثائرين نموذجا للصمود والعطاء. وتوالت النقمه عند الامه في الكوفة والمدينة والشام وكل ذلك لم يكن لولا الفاتحين من آل الحسين حيث وقفوا بكل ما لديهم من قوة بوجه التضليل الاعلامي وبوجه القمع السلطوي وحركوا مشاعر الناس واخرجوهم من الشلل الذي اصابهم واسهموا في تحرير ارادتهم فتوالت الثورات من التوابين الی ثورة المختار الی ثورة القراء حتی هوی صرح يزيد بدماء الحسين الشهيد الفاتح وبصوت ركب الفاتحين.
مسلم الدراجي
9/ صفر/ 1427 هـ
------------------------------------------------------------
التقرب الی الله بالتفاعل مع مظلومية الامام الحسين
لقد شخص ابوالشهداء الامام الحسين(ع) الحكم الاموي الفاسد الذي كان هدفهم التمسك بزمام السلطة فقد اعادوا أمجادهم الجاهلية في الحكم والمال واصبحت المآسي والويلات تصب حممها علی رؤوس المسلمين وبدأت النزعة الالحادية عند أبي سفيان [دخل ابوسفيان علی عثمان عند ما صارت له الخلافة فقال: [قد صارت اليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل اوتادها بني امية فأنما هوالملك ولا أدري ما جنة ولا نار فصاح عثمان قم فعل الله بك وفعل[1]
وروی ابوالفرج الاصفهاني في الاغاني لما ولي عثمان الخلافة دخل عليه ابوسفيان فقال يا معشر بني امية ان الخلافة صارت في تيم وعدي حتي طمعت فيها وقد صارت اليكم فتلقفوها بينك تلقف الكرة فوالله ما من جنة ولا نار[2].
واليك صورة اخری من الصورة الالحادية عند مروان بن الحكم وهورأس الجناح الاخر من بني امية [الاعياص] يقول ابن ابي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة «كان مجاهرا بالالحاد وابوه الحكم ابن العاص وهم الطريدان اللعينان كان ابوه عدورسول الله(ص) يحكيه في مشيه ويغمز عليه ويدلع له لسانه واما مروان ابنه فأخبث عقيدة واعظم الحادا وكفرا.. كتب اليه عبيد الله بن زياد يبشره بقتل الامام الحسين فقرا كتابه علی المنبر وأوماً الی القبر قائلا يوم بيوم بدر فأنكر عليه قوله قوم من الانصار»[3]
اما النزعة الالحادية عند معاوية ويزيد.
ومعاوية «لع» ابن ابي سفيان لا يختلف عن ابيه ابوسفيان وعن مروان يقول ابن ابي الحديد المعتزلي معاويه مطعون في دينه منسوب الی الالحاد [واذن المؤذن يوما فشهد بالرسالة فقال معاوية لله ابوك يا ابن عبدالله لقد كنت عالي الهمة ما رضيت لنفسك الا ان تقرن اسمك مع اسم رب العالمين»[4].
اما صورة يزيد كان يتمثّل بأبيات ابن الزبعري قائلا
لعبت هاشم بالملك فلا ... خبر جاء ولا وحي نزل
فاالنزعة الالحادية والكفر والمجون كان من ابرز صفات بني امية قاطبة وقد دخل الخمر والاستهتار في قصور بني امية ‌وكان علی مرأی ومسمع من المسلمين وبصورة علنية ومكشوفة وادخلوا الفساد الي قصر الامارة بأبشع صوره يقول الجاحظ [كان يزيد لا يمسي الا سكرانا ولا يصبح الا مخمورا]
وقال له معاوية قبل استلام الخلافة بان يشرب في الليل ويعمل الموبقات ولا يجهر بالمنكرات نهارا»
[يقول ابن كثير كان يزيد صاحب شراب فاحب معاوية ان يعظه برفق! فقال يا بني ماء قدرك علي ان تصل حاجتك من غير تهتك يذهب بمروءتك وقدرك ويشمت بك عدوك ويسيء بك صديقك ثم قال يا بني اني منشدك ابياتا فتأدب بها واحفظها فأنشده.
انصب نهارك في طلب العلا... واصبر علی هجر الحبيب القريب
حتی اذا الليل اتی باالدجا... واكتملت بالغمض عين القريب
فباشر الليل بما تشتهي... فانما الليل نهار الاريب
كم فاسق تحسبه ناسكا... قد باشر الليل بأمر عجيب.
مظی عليه الليل استاره.... فبان في امن وعيش خصيب
ولذة الاحمق مكشوفة... يسعي لها كل عدومريب
وكان يزيد يصلب المرأة عارية في الشوارع وضربه بالقضيب ريحانة رسول الله(ص) اضافة الی الجرائم التي ارتكتب بحق اهل البيت(ع) يوم عاشوراء من قتل وسبي وقطع الرؤس والاعتداء الغاشم علي اهل البيت(ع) في كربلا الدم والشهاده.
ولذلك الامام الحسين شخص يزيد منذ البدء ووضع يده علی الجرح واعطي الصورة الواضحة الجلية للحكم الاموي الغاشم من خلال كلماته النيرة والمشرقة قائلا [انا اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة وبنا فتح الله وبنا ختم الله ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق ومثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح وتصحبون وننظر وتنظرون أيّنا احق بالبيعة وبالخلافة[5].
بعد هذه المقدمة من الصفات المروعة السوداء لتاريخ بني امية (لع) نأتي الی الاثار المترتبة لزوار الامام الحسين(ع) ورعاية الباري تعالی للحسينيين والهدف من زيارة ابوالشهداء الامام الحسين(ع).
لقد مرت ظروف ومأسي مروعة علی زوار القبر الشريف ووصل الحقد الاموي والعباسي للنيل من زوار ابي الاحرار وسيد الشهداء(ع) لانهم يرون في ذلك زوال عروشهم الخاوية التي بنيت واسست علي دماء الابرياء والكتب التاريخية نقلت لنا الصور المروعة عن هذه المأساة من الخاصة والعامة [قال ابن الاثير في كامله ج 7، ص 55 ـ 56 امر المتوكل بهدم قبر الحسين وهدم ما حوله من المنازل والدور وآن يبذر ويسقي موضع قبره ويمنع الناس من اتيانه فنادي بالناس في تلك الناحية من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة حبسناه في المطبق فهرب الناس وتركوا زيارته وخرب وزرع وكان المتوكل شديد البغض لعلي(ع) وهوالذي هدم القبر ثلاث مرات[6]
والعمل الثاني الذي قام به المتوكل كرب قبر الامام الحسين وعفي اثاره ووضع علي سائر الطرق التي يأتي منها الزوار المصالح لا يجدون احد من الزوار اللذين يقصدون القبر الشريف الا قتلوه  أو يأتون به اليه فيقتله[7]... .
ـ [عن عبدالله بن رابيه قال حججت سنة 247 فلما صدرت من الحج صرت الی العراق فزرت امير المؤمنين علي بن ابي طالب(ع) علي حال خيفة من السلطان ثم توجهت لزيارة قبر الامام الحسين فاذا هوقد حرث ارضه ومخر فيها الماء وارسلت الثيران العوامل في الارض فبعيني رايت الثيران تساق في الارض فتنساق لهم «لاترجع عليهم» حتی اذا جاءت مكان القبر الشريف حادت عنه يمينا وشمالا فتضرب بالعصا الضرب الشديد فلا ينفع ذلك فيها وتوجهت الی بغداد وانا اقول:
تا الله ان كانت امية قد اتت
فلقد اتاه بني ابيه مثلها
اسفوا علي ان لا يكونوا شايعوا
قتل ابن بنت بنيها مغلوما
هذا لعمرك قبره مهدوما
في قتله فتتبعوه رميما[8]
لكن بقي قبر الحسين(ع) انشودة الثوار ومأوی افئدة الناس تهوي اليه من كل بقاع العالم واصبح كعبة تطوف بها ملايين الناس [يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولوكره الكافرون][9].
ووضع المتوكل الغرامات الثقيلة علی زوار الامام الحسين(ع) مثل قطع الايدي واخذ الاموال الباهظة من الزوار ووضعت المسالح في الطرقات لابادة الزوار وقام العباسيين «لع» بهدم سقيفة الامام الحسين واقتلعوا السدرة وهذه السدرة اقتلعها هارون الرشيد وكرب قبر الامام الحسين(ع) التي قال عنها رسول الله(ص) لعن الله قاتل السدرة ثلاثا» ومعنی قطع السدرة تغيير مصرع الامام الحسين حتی لا يقف الناس علي قبره الشريف[10]
كل هذه الاساليب الملتوية لم ولن تثني عزم المؤمنين الموالين لخط اهل البيت بل زادتهم صلابة اليوم ومهما قدموا من تضحيات فهي قليلة بحق سيد الشهداء وكما يقول شاعر اهل البيت دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته العصماء.
لم لا ازورك يا حسين لك الفدا... نفسي وما عطفت عليه نزار
ولك المودة في قلوب ذوئي النهي... وعلی عدوك مقتة ودمار
ـ اما الهدف من زيارة الامام الحسين(ع)
ـ التقرب الی الله تعالی باالتفاعل مع مظلومية الحسين(ع)
ان الاعمال الخير الصالحة المرتبط بسيد الشهداء(ع) لا يعوض عنها ايّ عمل من الاعمال كما هوفي الخبر المنصوص والمتواتر عن اهل بيت العصمة والطهارة [روي عن الامام الصادق لو ان احدكم حج دهره ثم لم يزر الحسين بن علي(ع) لكان تاركا حقا من حقوق رسول الله(ص) لان حق الحسين فريظة من الله تعالی واجبة علی كل مسلم]
وقال(ع): «من ترك زيارة الحسين وهويقدر علی ذلك انه عق رسول الله(ص) عقنا واستخف بامر هوله».
2ـ زيارة الامام الحسين نوع من انواع الولاء لاهل البيت(ع)
ان عدم زيارة الامام الحسين هو نقص في الولاء ونقص في التدين [يقول الامام الصادق من لم يأت قبر الحسين حتي يموت كان منقص الدين ان ادخل الجنة كان دون المؤمنين فيها»
3ـ الذي لم يزور المعصوم ينفي عنه صفة التشيّع والذي يزوره من علامات مودة اهل البيت(ع) «قال الامام الباقر(ع) من كان لنا محبا فليرغب في زيارة الامام الحسين فمن كان للحسين محبا زوارا عرفناه بالحب لنا اهل البيت وكان من اهل الجنة ومن لم يكن للحسين زوارا كان ناقص الايمان»[11]
ـ لذلك اهتم المعرفة بقضية الامام الحسين(ع) وزيارته يقول العلامة الطباطبائي صاحب تفسير الميزان يوكد في اوامره الاخلاقية ووصاياه التربوية لم يصل احد الی المقامات المعنوية ولم تنفتح له ابواب التوجه القلبي الا في الحرم المطهر للامام الحسيين(ع) اوبالتوسل به.
[عن الامامين الباقر والصادق(ع) أنهما كانا يقولان ان الله عوض الحسين(ع) من قتله ان الامامة من ذريته والشفاء في تربته واجابة الدعاء عند قبره ولا تعد ايام زائره جائيا وراجعا من عمره»[12]
4ـ زيارة الحسين(ع) اعلي مراتب التقرب الالهي
ان الصفة الخاصة لزوار الامام الحسيين والتي يحصل عليها هؤلاء الزوار هي منزلة القرب الالهي [من زار الحسين فقد زار الله في عرشه «هي كناية عن نهاية القرب الالهي الي الله تعالي والترقي الي درجات الكامل»
[وفي رواية اخری من اراد ان ينظر الی الله يوم القيامة فليكثر من زيارة الامام الحسين(ع)/ الصدوق، ص 117، الخصائص الحسينية، ص 297 بيروت
5ـ الكرامة من الله تعالی لزوار الحسين(ع)
ومن المظاهر الاخری لزوار الحسين هي الكرامة التي يميزها بها الحق تعالی المتقربين اليه بالحسين يوم القيامة راجع كتاب كامل الزيارات
عن الصادق(ع) [قال ما من احد يوم القيامة الا وهويتمني انه زار الحسين(ع) لما يری لما يصنع بزوار الحسين(ع) من كرامتهم علی الله» ومن مصاديق التكريم الالهي ما يذكره في قوله(ع) «من سره ان يكون علی موائد نور يوم القيامة فليكن من زوار الحسين بن علي عليهما السلام»
واخيراً وليس اخر اختم هذا الكلام بدعاء‌ الامام الصادق(ع) لزوار الامام الحسين وقد رواه الثقة معاوية بن وهب قال استأذنت علی ابي عبدالله الامام الصادق(ع) فقيل لي ادخل فدخلت فوجدته في مصلاته فجلست حتي قضي صلاته فسمعته وهويناجي ربه وهويقول [يا من خصنا باالكرامة وخصنا بالوصية ووعدنا بالشفاعة واعطانا علم ما مضی وما بقی وجعل افئدة من الناس تهوي الينا اغفرلي ولاخواني ولزوار الحسين(ع) الذين انفقوا اموالهم واشخصوا ابدانهم رغبة في برنا ورجاء لما عندك في صلتنا وسرروا ادخلوه علی بنيك صلواتك عليهم واجابة منهم لأمرنا وغيضا ادخلوه علی عدونا ارادو بذلك رضاك فكافهم عنا بالرضوان الی ان يقول(ع) ...
فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس وارحم تلك الخدود التي تقلبت علی حفرة ابي عبدالله وارحم تلك الاعين التي جرت دموعها رحمة لنا وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم الصرخة التي كانت لنا[13].
كريم العبودي
10 صفر 1427
---------------------------------------------------------------------------------------
[1] - الاستعياب بن عبد ربه بها مش الاصابة المجلد 4، ص 87 .
[2] - الاغاني 6/255 نقلا عن احاديث ام المؤمنين، سيد مرتضي العسكري.
[3] - شرح نهج البلاغه ابن ابي الحديد المعتزلي، جلد 4، ص 51، ط مصر.
[4] - شرح نهج، الجزء 10، ص 101.
[5] - من كتاب ادب الحسين وحماسته احمد جارب تلاحظ.
[6] - الكامل في التاريخ ابن الاثر، ج 7، ص 55 ـ 56.
[7] - نفس المهموم، عبّاس القمّي، ص 44.
[8] - بحار الانوار، ج 45، ص 397 ـ 398.
[9] - سورة‌ الصف، 9.
[10] - امالي الطوسي، ص 306.
[11] - وسائل الشيعه، ج 14، ص 430 ـ 432.
[12] - وسائل الشيعه، ج 14، ص 433 ـ 434.
[13] - حياة الامام الحسين باقر شريف العرشي، ص 329.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page