• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

منهج البحث ,المقدّمة


فاجعة الطف
أبعادها ـ ثمراتها ـ توقيتها

بحث تحليلي في أبعاد وثمرات نهضة الإمام الحسين (عليه السلام)
تأليف :
السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (مدّ ظلّه)
مؤسسة الحكمة للثقافة الإسلامية
حقوق الطبع محفوظة
الطبعة الأولى
1429 هـ ـ 2008 م

منهج البحث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسّلام على سيّدنا محمد وآله الطيّبين الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين .
وبعد ، فقد كثر الحديث عن نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) التي انتهت بفاجعة الطفّ عرضاً وتقييماً ، وتفجّعاً وافتخاراً ، وغير ذلك من شؤون هذه الملحمة الدينية الكبرى .
ولعلّه لم تحظَ واقعة في الإسلام ، بل في العالم بمثل ما حظيت به هذه الواقعة من الاهتمام والتقييم في أحاديث وكتابات بلغ كثير منها كتباً كاملة ، بل مجلّدات .
وذلك قد يوحي بأنّ الحديث عنها بعد ذلك لا يزيد شيء ، بل هو تكرار لأفكار سابقة ، واجترار لمفاهيم مطروحة .
ولكنّ الذي يبدو لنا أنّ الأمر ليس كذلك ، وأنّ بعض جوانب هذه النهضة المباركة لم يأخذ حظّه المناسب من البحث والتقييم .
بل حيث كانت هذه النهضة المقدّسة ـ حسب عقيدتنا كمسلمين شيعة إمامية اثني عشرية نستمد تعاليمنا من أئمّة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ـ بأمر من الله تعالى وعهد معهود منه سبحانه ، فقد تكون لها من الأهداف والثمرات في علم الله (عزّ وجلّ) ما لم يدركه الناس بعد .
وربما يظهر بمرور الزمن ، وفي الوقت المناسب من فوائدها وثمراتها ما هو مغفول عنه الآن . يقول الله سبحانه وتعالى : ( وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء )(1) .
وها نحن نضع بين يدي القارئ الكريم كتاب (فاجعة الطفّ) الذي بحثنا فيه جوانب مهمّة من نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) لم تُطرق من قبل ، أو لم تأخذ حظّها المناسب من البحث والتقييم .
وقد اخترنا للكتاب هذا العنوان ؛ من أجل أنّ أهمية هذه النهضة المباركة ، وموقعها المتميز من بين الأحداث في خلوده ، وترتّب الثمرات الجليلة عليه ، وما أحدثته من هزّة في المجتمع الإسلامي ، وتحوّل في نظرته للسلطة ، كلّ ذلك إنّما كان بلحاظ وجهها الدامي ، وجانبها المفجع ، وظُلامتها الصارخة ؛ ولذا أكّد أئمّة أهل البيت (صلوات الله عليهم) على هذا الجانب بوجه ملفت للنظر .
نعم ، العنوان المذكور قد يوحي في بدو النظر بأنّ الكتاب يتضمّن أحداث الفاجعة ، وسرد مفرداته على غرار المقاتل الكثيرة التي أُلفت في هذا المجال ، مع أنّ الكتاب أبعد ما يكون عن ذلك .
ومن هنا ألحقنا بالعنوان المذكور المفردات التالية :
أبعاده . ثمراته . توقيته .
لنشير بذلك إلى الجوانب المهمّة التي عني بها الكتاب . وقد خصّصنا كلاً منها بمقصد يستوفي الكلام فيه .
وبعدُ انتهى الكتاب بهذا الحجم غير المتوقّع ، وبالمادة الغزيرة التي تضمّنها ، فالظاهر أنّ الإشارة لمضمونه بهذا الاختزال لا تكفي في إعطاء صورة إجمالية للقارئ عن محتواه ؛ لذا كان من المناسب عرض محتوى المقاصد الثلاثة بإيجاز .
فالمقصد الأوّل : الذي هو في أبعاد الفاجعة يتضمّن بيان المفردات المأساوية والمثيرة التي تجمّعت في الفاجعة ، وجعلتها في قمّة المآسي الدينية والإنسانية ، وبالحجم المناسب لخلوده ، ولما ترتب عليها من آثار جليلة .
وتأكيد ذلك بما ظهر من ردود الفعل السريعة لها مع التعرّض لهوله :
أولاً : في المجتمع الإسلامي ، حيث أجّجت عواطفهم بنحو أظهرت غضبه على السلطة وبغضه له .
وثانياً : في السلطة التي قارفت الجريمة نفسها ، حيث شعرت بالخيبة والخسران ، واضطرت للتراجع عن عنفوانها فيما يخصّ الحدث ، والتنصّل من الجريمة في محاولة يائسة .
والمقصد الثاني : الذي هو في ثمرات الفاجعة ومكاسبه ، فقد ذكرنا فيه أنّ المكاسب المذكورة على قسمين :
الأوّل : المكاسب الدينية ، ولها الموقع الأهم في الحدث ، والأوفى بحثاً وتقييماً في هذا الكتاب ، وهي ذات جانبين :
1 ـ مكاسب الإسلام بكيانه العام .
وحيث كانت نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) في ضمن سلسلة جهود أهل البيت (عليهم السّلام) في رعاية الإسلام ، والحفاظ على الدين ، وإيضاح معالمه ، فقد ألزمنا ذلك التعرّض :
أوّلاً : لخطر التحريف الذي تعرّض له دين الإسلام ؛ نتيجة انحراف السلطة ، وخروجها عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) .
وقد أفضنا في خطوات السلطة المتلاحقة ، ومشروعها في التعتيم على الحقائق والتحكّم في الدين ، وفي حجم الخطر لو تُرك الأمر لها ، ولم يُكبح جماحها .
وثانياً : لجهود أهل البيت (صلوات الله عليهم) في كبح جماح الانحراف والتحريف.
ولبيان المراحل التي قطعها أهل البيت (عليهم السّلام) في سبيل ذلك استعرضنا جهود أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسّلام) والخاصّة من أصحابه (رضوان الله عليهم) في كشف الحقائق ، والتركيز عليه ، والإنكار على الانحراف في السلطة ، وعلى تحكّمها في الدين وتحريفه ، وما جرى مجرى ذلك .
ثمّ تأكيده هو (عليه السّلام) حينما استولى على السلطة ، وتأكيدهم معه على حقّه وحق أهل البيت (عليهم السّلام) ، واهتمامهم بإحياء دعوة التشيّع التي غرسها النبي (صلّى الله عليه وآله) .
وكانت نتيجة ذلك أن تبنّى هذه الدعوة الحقّة جماعة من ذوي المقام الرفيع في الدين ، والأثر المحمود في الإسلام ، ومن ذوي التصميم والإصرار ، واقتنعوا بها كعقيدة محدّدة المعالم ، مدعومة بالأدلّة ، مناسبة للفطرة ، وبالدعوة لها ، ومحاولة التبليغ بها وتعميمها في المجتمع الإسلامي ، وبالإنكار على انحراف السلطة وتحريفها للدين ، وتعرية الظالمين .
ثمّ استعرضنا جهود السلطة بعد أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الوقوف بوجه هذه الدعوة ، والقضاء على حملته ، والمضي في الانحراف والتحريف ، وإسكات أصوات الإنكار عليه وعلى السلطة بالترغيب والترهيب ، وإماتة الوازع الديني والضمير الإنساني في الأُمّة .
كلّ ذلك من أجل انفراد السلطة في الساحة ، وتنفيذ مشروعها في استغلال قدرات الإسلام المادية والمعنوية ، والتحكّم بالدين لصالحها وخدمة أهدافها .
ونبّهنا إلى تفاقم الأمر ببيعة معاوية بولاية العهد من بعده ليزيد ، وتحويل الدولة الإسلامية إلى دولة قيصرية أُموية سفيانية ذات أهداف جاهلية ، وإلى أنّ جهود أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) السابقة أصبحت بسبب ذلك
في خطر حقيقي .
وهنا جاء دور الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ليقف في وجه السلطة ، وليعلن الإنكار عليه ، وعدم شرعيته ، ويفجّر الموقف بفاجعة الطفّ الدامية التي هزّت ضمير المسلمين ، وبغّضت السلطة للناس وأسقطت شرعيتها عندهم .
وكان المكسب المهمّ للدين في ذلك فصله عن السلطة غير المعصومة ، وتحرّره من أن تتحكّم فيه ، ورجوع المسلمين لواقعهم في الاعتراف بانحصار المرجع في الدين بالكتاب المجيد والسُنّة الشريفة ، واتّفاقهم على جملة من معالم الدين التي تحفظ وحدتهم وتذكّرهم بمشتركاتهم .  
2 ـ مكاسب التشيع بخصوصيته .
تارة : من حيثية الاستدلال والبرهان ، وقوّة الحجّة بسبب الفاجعة .
وأُخرى : في الجانب العاطفي ، حيث فاز التشيّع بشرف التضحية في أعظم ملحمة دينية تُأجج العواطف وتُثير المشاعر .
وثالثة : في الإعلام ، وبيان حقيقة التشيّع والدعوة له ، ونشر ثقافته الأصيلة المناسبة للفطرة في مختلف جهات المعرفة .
الثاني : في العبر التي تستخلّص من الفاجعة من أجل أن ينتفع بها ذوو الرشد .
وقد اقتصرنا منها على أمرين :
أوّلهما : سلامة آلية التحرّك والعمل ، والحفاظ فيها على المبادئ الدينية والإنسانية السامية .
ثانيهما : ظهور واقع الناس ، ومدى استجابتهم لدعوى الحق ، والثبات عليه ، والوقوف عند تعاليمه ، ممّا يكشف عن تعذّر الإصلاح التام ، وإقامة حكم
إسلامي بنحو كامل ، وإنّه يتعيّن الاكتفاء بالإصلاح النسبي حسب المقدور من دون أن ينافي ذلك شمولية الإسلام في نفسه ، وكمال تشريعه الرفيع .
أمّا المقصد الثالث : فقد تحدّثنا فيه عن توقيت النهضة المباركة التي انتهت بالفاجعة ، والظروف المناسبة التي هيّأت للإمام الحسين (صلوات الله عليه) القيام بها دون بقيّة الأئمّة ممّن سبقه ولحقه ، مع أنّ وظيفتهم (صلوات الله عليهم) بأجمعهم هي رعاية الدين والجهاد في سبيل صلاحه وحمايته .
وقد أوضحنا في المقصد المذكور عدم سنوح الفرصة المناسبة لتفجير الموقف إلاّ في عهد الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ، وفي ذلك المنعطف التاريخي من مسيرة الإسلام خاصة دون ما قبله وما بعده .
وقد استعرضنا من أجل ذلك :
أوّلاً : موقف أمير المؤمنين (عليه أفضل الصّلاة والسّلام) ، وظرفه الحرج الذي ألزمه بالمسالمة والسكوت .
وثانياً : موقف الإمام الحسن (صلوات الله عليه) الذي اضطر فيه لمهادنة معاوية ، وثمرات ذلك لصالح الإسلام عموماً ودعوة التشيع خاصّة .
وثالثاً : موقف الأئمّة من ذريّة الحسين (صلوات الله عليهم) . حيث كفتهم فاجعة الطفّ مؤنة السعي لإسقاط شرعيّة السلطة ، وتحرير الدين منه ، واستغنوا بالفاجعة المذكورة عن مواجهة السلطة والاحتكاك به .
وكيف أنّهم (عليهم السّلام) استثمروا جهود الأئمّة الأوّلين (صلوات الله عليهم) ـ وفي قمّتها تلك الفاجعة ـ لصالح الدين ، وتفرّغوا لبناء الكيان الشيعي بمميّزاته الحالية ـ في العقيدة والبنية والممارسات ـ بالنحو الذي ضمن له الاستمرار والبقاء ، والتوسّع والانتشار ، وفرض احترامه على الآخرين .
كما قدّمنا هذا الكتاب بمقدّمة أوضحنا فيها أنّ التخطيط لفاجعة الطفّ كان إلهي ، وقد علم به الإمام الحسين (صلوات الله عليه) مسبقاً ، وأقدم على التضحية في سبيل الله تعالى عالماً بالنتائج ، وأنّه بذلك تتجلّى رفعة مقامه ، وعظمة موقفه ، وفناؤه في ذات الله (عزّ وجلّ) .
أمّا الخاتمة التي ختمنا بها هذا الكتاب فهي تتضمّن :
أوّلاً : بيان أنّ لجهود أهل البيت (صلوات الله عليهم) ـ وفي قمّتها فاجعة الطفّ ـ في كبح جماح الانحراف ، وإيضاح معالم الدين الفضل على جميع الأديان السماوية في التنبيه على رفعتها وسلامتها ممّا نسبته لها يد التحريف ، بل لها الفضل في استقامة مسار الفكر الإنساني ، وإيضاح المعالم العامّة لمنهج التفكير السليم .
وثانياً : بيان كثير ممّا يتعلّق بإحياء فاجعة الطفّ ومناسبات أهل البيت (صلوات الله عليهم) في أفراحهم وأحزانهم ، وجميع المناسبات الدينية الشريفة .
ونأمل أن تتمّ للقارئ بهذا العرض الموجز صورة إجمالية عمّا تضمّنه هذا الكتاب .
ونسأل الله (عزّ وجلّ) أن يجعله مورد نفع لطالبي الحقيقة والباحثين عنه ، ومنه سبحانه نستمدّ التوفيق والتسديد ، إنّه ولي الأمور ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

المقدّمة
يشيع بين أهل الحديث من الفريقين والمؤرّخين عامّة عرض حادثة الطفّ الفجيعة والحديث عنه .
ولهم في ذلك اتّجاهان :

نظرية أنّ التخطيط لواقعة الطفّ بَشريّ
أوّلهما : أنّ التخطيط لها كان بشري ، وأنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) قد خطّط للنهضة وفق قناعاته وحساباته الماديّة ؛ من أجل الاستيلاء على السلطة ، وكان لمزاجيّته في التعامل مع الأحداث ، وموقفه الحدّي الانفعالي من خصومه عامّة ، ومن يزيد خاصّة ، أعظم الأثر في ذلك .
بل قد يظهر من بعضهم أنّ ذلك قد أفقده النظرة الموضوعيّة في تقييم الظروف المحيطة به ، والموازنة بين القوى التي له والتي عليه ، وأنّه قد اغترّ بمواعيد مَنْ كتب له من أهل الكوفة ، أو انخدع بنصيحة ابن الزبير له بالخروج(2) ؛ ليخلو له الحجاز .
وعلى كلّ حال فهو (عليه السّلام) عند أهل هذا الاتجاه قد حاول بخروجه تنفيذ مخطّطه في الاستيلاء على السلطة ، إلاّ أنّه لم يتسنَّ له ما أراد ؛ لخطئه في تقييم
الأوضاع التي عاشها ، ولحزم خصومه وصرامتهم ، وخيانة مَنْ دعاه وتعهّد بنصره من أهل الكوفة ، حتى انتهى الأمر إلى قتله وقتل مَنْ معه ، والإجهاز على مشروعه ، كما توقّع ذلك كثير من أهل الرأي والمعرفة ، وقد نصحه كثير منهم ـ من أجل ذلك ـ بعدم الخروج .
وهذا هو الذي يظهر من كثير ممّن تعرّض لنهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) من الجمهور .

نظرية أنّ التخطيط للواقعة إلهي
ثانيهما : أنّ التخطيط لها إلهي ، وأنّ الله سبحانه وتعالى قد عهد للإمام الحسين (صلوات الله عليه) ، وأمره ـ عن طريق النبي (صلّى الله عليه وآله) بتنفيذ مشروع ينتهي باستشهاده واستشهاد مَنْ معه ، وجميع ما حدث من مآسٍ وفجائع .
وكان له (عليه السّلام) بما يمتلك من مؤهّلات ذاتية وشخصية الدور المتميّز في تنفيذ المشروع المذكور وفاعليته ، وتحقيق أهدافه السامية .
كلّ ذلك لمصالح عظمى تناسب حجم التضحية وأهميتها قد علم الله (عزّ وجلّ) بها . وربما ظهر لنا بعضها .
وقد نجح (صلوات الله عليه) في مشروعه ، وحقّق ما أراد ، وتكلّل سعيه بالنجاح والفلاح ، وكان عاقبته الفتح المبين .
وأنّ مَنْ أشار عليه بعدم الخروج قد خفي عليهم وجه الحكمة ، كما خفي على المسلمين وجه الحكمة في صلح الحديبية ؛ فاستنكروه على النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وكما خفي على كثير من أصحاب الإمام الحسن (صلوات الله عليه) وغيرهم وجه الحكمة في صلحه لمعاوية ؛ فأنكروا عليه ... إلى غير ذلك من الأمور الغيبية التي قد يخفى وجهها . والناس أعداء ما جهلوا ، بل قد يكونون معذورين لجهلهم .
ونحن الشيعة حيث إنّنا نؤمن بعصمة الإمام الحسين وسائر الأئمّة (صلوات الله عليهم) لا بدّ من أن نتبنّى التفسير الثاني للنهضة المباركة ، ولجميع ما صدر من الأئمّة (صلوات الله عليهم) في التعامل مع الأحداث .

تأكيد النصوص على أنّ التخطيط لفاجعة الطفّ إلهي
ومع ذلك فنصوصنا مستفيضة عن النبي والأئمّة (صلوات الله عليهم أجمعين) بما يؤكّد التفسير المذكور .
نكتفي منها بصحيح ضريس الكناسي عن الإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السّلام) قال : قال له حمران : جُعلت فداك ! أرأيت ما كان من أمر علي والحسن والحسين (عليهم السّلام) ، وخروجهم وقيامهم بدين الله (عزّ وجلّ) ، وما أُصيبوا من قتل الطواغيت إيّاهم والظفر بهم حتى قُتلوا وغُلبوا؟
فقال أبو جعفر (عليه السّلام) : (( يا حمران ، إنّ الله تبارك وتعالى [قد] كان قدّر ذلك عليهم وقضاه ، وأمضاه وحتمه ، ثمّ أجراه ؛ فبتقدّم علم ذلك إليهم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قام علي والحسن والحسين (عليهم السّلام) ، وبعلم صمت مَنْ صمت منّا ))(3) .
وحديث العمري عن الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السّلام) قال : (( إنّ الله (عزّ وجلّ) أنزل على نبيّه (صلّى الله عليه وآله) كتاباً قبل وفاته ، فقال : يا محمّد هذه وصيتك إلى النُجَبَة من أهلك ... فدفعه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأمره أن يفكّ خاتماً منه ويعمل بما فيه ، ففكّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) خاتم وعمل بما فيه ، ثمّ دفعه إلى ابنه الحسن (عليه السّلام) ففكّ خاتماً منه وعمل بما فيه ، ثمّ دفعه إلى الحسين (عليه السّلام) ففكّ خاتماً فوجد فيه : أن اخرج بقومٍ إلى الشهادة ، فلا شهادة لهم إلاّ معك ، واشترِ نفسك لله (عزّ وجلّ) ؛ ففعل ، ثمّ دفعه إلى عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) ... ))(4) .

الشواهد المؤكّدة لكون التخطيط للفاجعة إلهي
بل نحن نرى أنّ التفسير الأوّل ظلمٌ لسيّد الشهداء (صلوات الله عليه) ، واستهوان بنهضته المقدّسة ؛ وهو يبتني على تجاهل كثير من الحقائق الثابتة تاريخياً ، كما يظهر ممّا يأتي إن شاء الله .

إخبار النبي (صلّى الله عليه وآله) وأهل البيت بالفاجعة قبل وقوعها
وليس ذلك من أجل اعتقادنا بعصمة الإمام الحسين (عليه السّلام) ، ولا من أجل الأحاديث التي أشرنا إليها ، بل لأنّه قد استفاض الحديث ، بل تواتر عن النبي (صلّى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وأهل البيت (عليهم السّلام) بمقتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ، كما استفاض الحديث عن الإمام الحسين (عليه السّلام) نفسه بذلك .
ويتّضح ذلك بالرجوع لمصادر الحديث والتاريخ الكثيرة ، ويأتي منّا ذكر كثير من ذلك .

توقّع الناس للفاجعة قبل وقوعها
بل يبدو أنّ ذلك قد شاع وعُرف بين الناس قبل حصوله ؛ فقد روي أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خطب في المسلمين ، وأخبرهم بقتل الحسين (عليه السّلام) فضجّ الناس بالبكاء ، فقال (صلّى الله عليه وآله) : (( أتبكون ولا تنصرونه ؟! ... ))(5) .
وروى الطبراني بسنده عن عائشة حديثاً طويلاً يتضمّن إخبار النبي (صلّى الله عليه وآله) لها بقتل الإمام الحسين (عليه السّلام) بالطفّ ، وفيه : ثمّ خرج إلى أصحابه ـ فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمّار وأبو ذرّ (رضي الله عنهم) ـ وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟!
فقال : (( أخبرني جبرئيل أنّ ابني الحسين يُقتل بعدي بأرض الطفّ ، وجاءني
بهذه التربة ، وأخبرني أنّ فيها مضجعه ))(6) .
وعن ابن عباس أنه ذكر خطبة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في ذلك وقال: "ثم نزل عن المنبر، ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا وتيقن بأن الحسين مقتول" (7) .
كما أسند غير واحد عن ابن عباس أنّه قال : ما كنّا نشكّ وأهل البيت متوافرون أنّ الحسين بن علي يُقتل بالطفّ(8) .
وقال الشيخ المفيد : وروى عبد الله بن شريك قال : كنت أسمع أصحاب علي (عليه السّلام) إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد يقولون : هذا قاتل الحسين بن علي (عليه السّلام) ، وذلك قبل قتله بزمان(9) .
وروي أنّ عمر بن سعد قال للإمام الحسين (صلوات الله عليه) : إنّ قوماً من السفهاء يزعمون أنّي أقتلك !
فقال له الإمام الحسين (عليه السّلام): (( ليسوا بسفهاء ، ولكنّهم حلماء )) ، ثمّ قال : (( والله ، إنّه ليقرّ بعيني أنّك لا تأكل برّ العراق بعدي إلاّ قليلاً ))(10) .
وقال ابن الأثير : قال عبد الله بن شريك : أدركت أصحاب الأردية المعلّمة ، وأصحاب البرانس السود من أصحاب السواري إذا مرّ بهم عمر بن سعد قالوا : هذا قاتل الحسين ، وذلك قبل أن يقتله(11) .
وروي أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال لعمر بن سعد : (( كيف أنت إذا قمت مقاماً تخيّر فيه بين الجنّة والنار ، فتختار النار ؟! ))(12) .
وقال العريان بن الهيثم : كان أبي يتبدّى ، فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين . فكنّا لا نبدو إلاّ وجدنا رجلاً من بني أسد هناك ، فقال له : إنّي أراك ملازماً هذا المكان ؟!
قال : بلغني أنّ حسيناً يُقتل هاهنا ؛ فأنا أخرج لعلّي أصادفه فأُقتل معه .
فلمّا قُتل الحسين قال أبي : انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمَنْ قُتل ؟ وأتينا المعركة فطوّفنا فإذا الأسدي مقتول(13) .
كما استفاض الحديث عن النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) وخواصّ أصحابهم ـ تبعاً لهم ـ عن انتقام الله (عزّ وجلّ) من قتلته من بعده .
فعن ابن عباس أنّه قال : أوحى الله إلى نبيّكم (صلّى الله عليه وآله) أنّي قتلت بيحيى سبعين ألفاً ، وإنّي قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً(14) .
ويأتي من الإمام الحسين (صلوات الله عليه)
التأكيد على ذلك .
وقال ميثم التمّار (رضوان الله عليه) ـ وهو من خواصّ أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) وحملة سرّه ـ للمختار بن أبي عبيدة الثقفي وهما في حبس ابن زياد قبل قتل الإمام الحسين (عليه السّلام) : إنّك تفلت ، وتخرج ثائراً بدم الحسين (عليه السّلام) ، فتقتل هذا الجبّار الذي نحن في سجنه ، وتطأ بقدمك هذا على جبهته وخديه(15).
بل يبدو أنّ المختار قد أخذ منه ، أو من غيره من أصحاب أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أموراً وتفاصيل أكثر من ذلك ؛ فقد قال ابن العرق مولى ثقيف : أقبلت من الحجاز حتى إذا كنت بالبسيطة من وراء واقصة استقبلت المختار بن أبي عبيدة خارجاً يريد الحجاز حين خلى سبيله ابن زياد ، فلمّا استقبلته رحبّت به وعطفت إليه ، فلمّا رأيت شَترَ عينه استرجعت له ، وقلت له ـ بعدما توجّعت له ـ : ما بال عينك صرف الله عنك السوء ؟
قال : خَبَط عيني ابن الزانية بالقضيب خبطة صارت إلى ما ترى .
فقلت له : ما له شلّت أنامله ؟
فقال المختار : قتلني الله إن لم أقطع أنامله وأباجله(16) وأعضاءه إرباً إرباً .
قال : فعجّبت لمقالته ، فقلت له : ما علمك بذلك رحمك الله ؟!
فقال لي : ما
أقول لك فاحفظه عنّي حتى ترى مصداقه ... يابن العرق ، إنّ الفتنة قد أرعدت وأبرقت ، وكأنّي قد انبعثت ، فوطئت في خطامه ، فإذا رأيتَ ذلك وسمعتَ به بمكان قد ظهرت فيه ، فقيل : إنّ المختار في عصائبه من المسلمين يطلب بدم المظلوم الشهيد ، المقتول بالطفّ سيّد المسلمين وابن سيّدها الحسين بن علي ، فوربّك لأقتلنَّ بقتله عدّة القتلى التي قُتلت على دم يحيى بن زكريا (عليه السّلام) .
قال : فقلت له : سبحان الله ! وهذه أعجوبة مع الأحدوثة الأولى .
فقال : هو ما أقول لك ، فاحفظه عنّي حتى ترى مصداقه .
ثمّ حرّك راحلته فمضى ... .
قال ابن العرق : فوالله ، ما متّ حتى رأيت كلّ ما قاله(17) ... إلى غير ذلك ممّا ورد عنه(18) .
ولم يقتصر النبي (صلّى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السّلام) على الإخبار بأصل الحدث ، بل زادوا على ذلك بأمرين :

بعض التفاصيل المناسبة لانتهاء النهضة بالفاجعة
الأوّل : بعض التفاصيل المناسبة لحصوله في هذه النهضة الشريفة ، كتحديد
مكان قتله (عليه السّلام)(19) ، وزمانه(20) ، وأنّ قاتله يزيد(21) ، مع ذكر بعض مَنْ يشارك في ذلك(22) ،
وما يؤول إليه أمرهم ـ كما تقدّم بعضه ـ وغير ذلك ممّا قد يتّضح في تتمّة حديثنا هذا .

توقّع الإمام الحسين (عليه السّلام) أنّ عاقبة نهضته القتل
بل صرّح الإمام الحسين (عليه السّلام) نفسه ولوّح بأنّه يُقتل في هذه النهضة المقدّسة ، كما يأتي في خطبته (عليه السّلام) في مكّة حينما أراد الخروج إلى العراق .
وعن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السّلام) قال : (( خرجنا مع الحسين (عليه السّلام) فما نزل منزلاً ولا ارتحل منه إلاّ ذكر يحيى بن زكريا وقتله . وقال يوماً : ومن هوان الدنيا على الله أنّ رأس يحيى بن زكريا (عليه السّلام) أُهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل ))(23) .
ونحوه حديث الإمام الحسين (عليه السّلام) مع عبد الله بن عمر(24) .
ففي حديث له مع بعض مَنْ لقيه في الطريق قال فيه : (( هذه كتب أهل الكوفة إليّ ، ولا أراهم إلاّ قاتلي ... ))(25) .
وفي حديث له مع أبي هرّة الأزدي : (( يا أبا هرّة ، لتقتلني الفئة الباغية ، وليلبسنّهم الله تعالى ذلاً شاملاً ، وسيفاً قاطعاً ... ))(26) .
وقد سبق منه (عليه السّلام) تأكيده لعمر بن سعد صدق ما يتحدّث به الناس من أنّه سيقتله ، وأنّه من بعده (عليه السّلام) لا يأكل من برّ العراق إلاّ قليلاً ، وكرّر (عليه السّلام) التنبؤ له بقلّة بقائه بعده قبل المعركة بأيام(27) .
وقال له يوم عاشوراء قُبيل المعركة : (( أما والله يا عمر ، ليكوننّ لما ترى يوم يسوؤك ))(28) .
وقال له أيضاً : (( يا عمر ، أنت تقتلني وتزعم أن يولّيك الدعي ابن الدعي بلاد الرّي وجرجان ! والله لا تتهنأ بذلك أبداً ؛ عهد معهود . فاصنع ما أنت صانع ؛ فإنّك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة ، وكأنّي برأسك على قصبة قد نُصب بالكوفة يتراماه الصبيان ويتّخذونه غرضاً بينهم ))(29) .
كما خطب (صلوات الله عليه) عسكر ابن سعد لمّا رأى منهم التصميم على قتاله ، فقال في آخر خطبته : (( ثمّ أيم الله لا تلبثون بعدها إلاّ كريثما يُركب الفرس ، ثمّ تدور بكم دور الرحى ، وتقلق بكم قلق المحور ، عهد عهده إليّ أبي عن جدّي ، فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ... ))(30) .
وقال (عليه السّلام) في دعائه عليهم : (( اللّهمّ احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسني يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف يسقيهم كأساً مصبّرة ...(31) ، ولا يدع فيهم أحداً إلاّ قتله ، قتلة بقتلة ، وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم ))(32) ، إلى غير ذلك .

الحثّ على نصر الإمام الحسين (عليه السّلام) والتأنيب على خذلانه
الثاني : الحثّ على نصر الإمام الحسين (عليه السّلام) ، والتأنيب على خذلانه ، مثل ما تقدّم في خطبة النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وما عن أنس بن الحرث قال : سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)يقول : (( إنّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يُقتل بأرض يُقال لها كربلاء ، فمَنْ شهد ذلك منكم فلينصره ))(33) .
وعن زهير بن القين قال : غزونا بلنجر ففتح علينا ، وأصبنا غنائم ففرحنَ ، وكان معنا سلمان الفارسي فقال لنا : إذا أدركتم سيّد شباب أهل محمد [الجنّة] فكونوا أشدّ فرحاً بقتالكم معه بما أصبتم اليوم من الغنائم(34) .
وفي حديث معاذ بن جبل عن النبي (صلّى الله عليه وآله) بعد أن أخبر بقتل الحسين (عليه السّلام) قال : (( والذي نفسي بيده ، لا يُقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلاّ خالف الله بين صدورهم وقلوبهم ، وسلّط عليهم شرارهم ، وألبسهم شيعاً ... ))(35) .
وقال أمير المؤمنين (عليه السّلام) للبراء بن عازب : (( يا براء ، أيقتل الحسين وأنت حي فلا تنصره ؟! )) .
فقال البراء : لا كان ذلك يا أمير المؤمنين .
فلمّا قُتل الحسين (عليه السّلام) كان البراء يذكر ذلك ، ويقول : أعظم بها حسرة ؛ إذ لم أشهده ، وأُقتل دونه(36) .  

الإمام الحسين (عليه السّلام) مأمور بنهضته عالم بمصيره
وذلك بمجموعه يكشف عن أنّه (صلوات الله عليه) قد أقدم على تلك النهضة عالماً بمصيره ، وأنّه (عليه السّلام) كان مأموراً بنهضته من قِبَل الله تعالى ، وإلاّ فلو لم يكن ذلك مرضيّاً لله تعالى لكان على النبي وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) تحذيره من مغبّة نهضته ومنعه منه ، لا حثّ الناس على نصره وتأنيبهم على خذلانه ، ولو كانا قد حذّراه ومنعاه لكان حريّاً بالاستجابة لهم ؛ فإنّه (صلوات الله عليه) أتقى لله تعالى من أن يتعمّد خلافهم .
بل ورد عنهما (صلوات الله عليهما وآلهما) أنّهما حثّاه ورغّباه ، فعن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال للإمام الحسين (عليه السّلام) : (( إنّ لك في الجنّة درجة لا تنالها إلاّ بالشهادة ))(37) .
كما ورد أنّه (صلّى الله عليه وآله) أخبره بذلك في الرؤيا لمّا قرب الموعد(38) .
وعن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه لمّا حاذى نينوى في طريقه إلى صفين نادى : (( صبراً أبا عبد الله ، صبراً أبا عبد الله )) ، ثمّ ذكر مقتله بشطّ الفرات(39) ... إلى غير ذلك ممّا رواه الفريقان خصوصاً شيعة أهل البيت (عليهم السّلام) .
كما أنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) صرّح برضى الله تعالى بنهضته ، وأنّ الله تعالى قد اختارها له في خطبته العظيمة في مكّة المكرّمة حين عزم على الخروج منها متوجّهاً إلى العراق ، حيث قال فيها في جملة ما قال : (( خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة . وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف . وخِيرَ لي مصرع أنا لاقيه . كأنّي بأوصالي هذه تقطّعها عسلان الفلاة بين النواويس وكربلاء ... لا محيص عن يوم خطّ بالقلم. رضى الله رضانا أهل البيت . نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين ... مَنْ كان فينا باذلاً مهجته ، وموطّناً على لقاء الله نفسه ، فليرحل معنا ؛ فإنّي راحل مصبحاً إن شاء الله تعالى ))(40) .
كما يأتي عنه (عليه السّلام) أنّه رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأمره بأمر هو ماضٍ فيه ، كان له أو عليه ، بل أنّه (صلّى الله عليه وآله) أخبره في الرؤيا بأنّه سوف يُقتل .
ويؤيّد ذلك أمران :

الشواهد على أنّه (عليه السّلام) لم يتحرّ مظان السلامة
الأوّل : إنّه يوجد في بعض زوايا التاريخ ما يشهد بأنّه (صلوات الله عليه) لم يكن في مقام تحرّي مظان السلامة ، بل كان مصرّاً على السير في طريقه إلى  
مصرعه الذي يعرفه ، وحيث انتهى وقُتل .
فهو (عليه السّلام) وإن كان يؤكّد على الحذر من أن يُقتل في مكّة المكرّمة ؛ لئلاّ يكون هو الذي تُنتهك به حرمتها ، إلاّ أنّه لم يعرج على ما أشار به غير واحد ـ كما يأتي ـ من الذهاب إلى اليمن ، ولم يناقش وجهة نظرهم ، بل توجّه للعراق .
وفي أوّل الطريق لقيه الفرزدق فسأله (عليه السّلام) عن خبر الناس فقال : الخبير سألت ، قلوب الناس معك ، وسيوفهم مع بني أُميّة ، والقضاء ينزل من السماء ، والله يفعل ما يشاء .
فقال (صلوات الله عليه) : (( صدقت . لله الأمر يفعل ما يشاء ، وكلّ يوم ربّنا في شأن . إنْ نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على نعمائه ، وهو المستعان على أداء الشكر ، وإنْ حال القضاء دون الرجاء فلم يعتدِ مَنْ كان الحقّ نيّته ، والتقوى سريرته ))(41) .
ولم يحمله ذلك على أن يُعيد النظر في أمره ، ويراجع حساباته ، ويتلبّث حتى تنجلي الأمور ، ويتّضح موقف الناس ، وموقف شيعته ـ الذين كاتبوه ـ بعد ولاية ابن زياد على الكوفة ، واستلامه السلطة فيه .
وحتى بعد أن بلغه ـ قبل التقائه بالحرّ وأصحابه ـ خذلان الناس له ، ومقتل مسلم بن عقيل (عليه السّلام) وهاني بن عروة وعبد الله بن يقطر (رضي الله عنهم) ، وإحكام ابن زياد سيطرته على الكوفة لم يثنه ذلك عن المضي في طريقه .
كما ورد أنّه لمّا بلغه مقتل مسلم بن عقيل (عليه السّلام) وهاني بن عروة استرجع وترحّم عليهما مراراً وبكى(42) ، وبكى معه الهاشميون ، وكثر صراخ النساء حتى ارتجّ الموضع لقتل مسلم ، وسالت الدموع كلّ مسيل(43) .
وقال (صلوات الله عليه) : (( رحم الله مسلم ، فلقد صار إلى روح الله وريحانه ، وتحيّته وغفرانه ورضوانه ، أما إنّه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا ))(44) .
بل لمّا وصلته (عليه السّلام) رسالة ابن الأشعث يخبره عن لسان مسلم بن عقيل بما آل إليه أمره ، ويطلب منه الرجوع ، لم يزد على أن قال : (( كلّ ما حمّ نازل ، وعند الله نحتسب أنفسنا وفساد أُمّتنا ))(45) ، واستمر في سيره .

إخبار الإمام الحسين (عليه السّلام) لمَنْ معه بخذلان الناس له
غاية الأمر أنّه (عليه السّلام) أعلم بذلك في الطريق مَنْ كان معه من الناس قبل أن يلتقي بالحرّ وأصحابه .
قال بكر بن مصعب المزني : كان الحسين لا يمرّ بأهل ماء إلاّ اتّبعوه حتى انتهى إلى زبالة سقط إليه مقتل أخيه من الرضاعة مقتل عبد الله بن بقطر ... فأخرج للناس كتاباً فقرأ عليهم : (( بسم الله الرحمن الرحيم . أمّا بعد ؛ فإنّه قد أتانا خبر فظيع . قتل مسلم بن عقيل ، وهانئ بن عروة ، وعبد الله بن بقطر ، وقد خذلتنا شيعتنا ، فمَنْ أحب منكم الانصراف فلينصرف ليس عليه منّا ذمام )) .
قال : فتفرّق الناس عنه تفرّقاً ، فأخذوا يميناً وشمالاً حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من المدينة . وإنّما فعل ذلك ؛ لأنّه ظنّ إنّما اتّبعه الأعراب لأنّهم ظنّوا أنّه يأتي بلداً قد استقامت له طاعة أهله ، فكره أن يسيروا معه إلاّ وهم يعلمون على مَ يقدمون ، وقد عَلِم أنّهم إذا بيّن لهم لم يصحبه إلاّ مَنْ يريد مواساته والموت معه(46).

تهيؤ الإمام الحسين (عليه السّلام) للقاء الحرّ وأصحابه
وفي حديث عبد الله بن سليم والمذري بن المشمعل الأسديين أنّ الإمام الحسين (عليه السّلام) نزل شراف ، فلمّا كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ، ثمّ سار حتى انتصف النهار ، ثمّ التقى بالحرّ ومَنْ معه ـ وهم ألف فارس ـ في حرّ الظهيرة ، فقال (صلوات الله عليه) لفتيانه : (( اسقوا القوم ، وارووهم من الماء ، ورشّفوا الخيل ترشيفاً )) .
قالا : فقام فتيانه فرشّفوا الخيل ترشيفاً ، فقام فتية وسقوا القوم من الماء حتى أرووهم ، وأقبلوا يملؤون القصاع والأتوار والطساس من الماء ثمّ
يدنونها من الفرس ، فإذا عبّ فيه ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عزلت عنه وسقوا آخر حتى سقوا الخيل كلّها(47) .
ويظهر من ذلك أنّه (عليه السّلام) قد تهيّأ للقاء الحرّ وجيشه من السحر حينما أمر باستقاء الماء فأكثروا منه ، وإلاّ فركب الإمام الحسين (صلوات الله عليه) يقارب المئتين أو يزيد عليها قليلاً ، وليس من الطبيعي أن يستقي من الماء ما يفيض عن حاجته بمقدار ما يكفي لإرواء ذلك الجيش البالغ ألف نفر وإرواء خيلهم لو لم يكن (عليه السّلام) قد تهيّأ لذلك ، وتعمّد الزيادة من الماء سحراً قبل ارتحاله من شراف .
وإذا كان (عليه السّلام) عالماً بلقاء ذلك الجيش فمن الطبيعي أن يكون عالماً بنتائج ذلك اللقاء وما يترتّب عليه ، وموطّناً نفسه عليه ، من أجل تحقيق هدفه ، وإلاّ كان بوسعه الرجوع قبل لقائه .
وبذلك يظهر أنّ محاولته (صلوات الله عليه) بعد لقاء ذلك الجيش الرجوع(48) ليس لاحتمال فسح المجال له ، وقبولهم بذلك في محاولة للتراجع عن مقصده بعد أن ظهر له خطأ تقديره وحساباته ، بل هو أشبه بطلب صوري إقامة للحجّة ، ومقدّمة لاتفاقه مع الحرّ على أن يسير في طريق لا يوصله للكوفة ولا يردّه للمدينة ، بل ينتهي به إلى حيث انتهى ، وقد تحقّق له (عليه السّلام) ما أقدم عليه .

اتفاقه (عليه السّلام) مع الحرّ في الطريق
ولمّا التقى (صلوات الله عليه) بالحرّ بن يزيد الرياحي ـ الذي بعثه ابن
زياد في ألف رجل ليأتوه بالحسين إلى الكوفة ـ كان (عليه السّلام) في أبعد موضع عن نفوذ ابن زياد ، وأصعب مكان لتجمّع الجيش ضدّه ، حيث لا ماء ولا زرع ، ولا قِرى ولا مأوى .
لكنّه (عليه السّلام) بعد أن منعه الحرّ من الرجوع اتّفق مع الحرّ ـ كما سبق ـ على أن يسلك طريقاً لا يوصله للكوفة ولا يرجع به للمدينة ، واستمر في السير في منطقة نفوذ ابن زياد ، وتوغّل فيه .
مع أنّه (صلوات الله عليه) إن كان آيساً من نصرة أهل الكوفة له كان الأصلح له عسكرياً أن يقف حيث انتهى ، أو يقتصر في السير على أوّل موضع يجد فيه الماء .
وإن كان يأمل نصرتهم ، ويحاول الحصول عليه ، كان الأصلح له أن يسير مع الحرّ إلى مشارف الكوفة ، ثمّ يمتنع من الاستسلام لابن زياد ويستنصر الناس ، حيث يسهل على مَنْ يريد نصره من الكوفيين أن يصل إليه ويلتحق به .
بينما يتعذّر ذلك على الكثير منهم إذا بعد عن الكوفة ؛ لأنّ عبيد الله بن زياد يستطيع حينئذ محاصرة الكوفة وضبط أطرافها ، بحيث يتعذّر على مَنْ يعرف بالتشيّع الوصول للإمام الحسين (عليه السّلام) .
وفعلاً قام ابن زياد بذلك . قال ابن سعد : وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسلّلون إلى حسين من الكوفة ، فبلغ ذلك عبيد الله فخرج فعسكر بالنخيلة ، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث ، وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة ، وضبط الجسر فلم يترك أحداً يجوزه(49) .

امتناعه (عليه السّلام) من الذهاب لجبل طيء
كما إنّه (صلوات الله عليه) في الطريق بعد لقائه مع الحرّ التقى بالطرماح بن عدي الطائي ، فذكر له الطرماح أنّه رأى الناس قد جُمعوا من أجل أن يُسرَّحوا لقتاله . وقال له : فإن أردت أن تنزل بلداً يمنعك الله به حتى ترى من رأيك ، ويستبين لك ما أنت صانع ، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى (أج) ، امتنعنا والله به من ملوك غسّان وحمير ، ومن النعمان بن المنذر ، ومن الأسود والأحمر . والله ، إن دخل علينا ذلّ قطّ . فأسير معك حتى أُنزلك القرية ، ثمّ نبعث إلى الرجال ممّن بأجأ وسلمى من طيء . فوالله ، لا يأتي عليك عشرة أيام حتى يأتيك طيء رجالاً وركبان . ثمّ أقم فينا ما بدا لك . فإن هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم . والله ، لا يوصَل إليك أبداً ومنهم عين تطرف .
فجزاه الإمام الحسين (عليه السّلام) وقومه خيراً ، وقال : (( إنّه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف ، ولا ندري علامَ تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة ))(50) .
وأخيراً كانت نتيجة اتّفاقه (عليه السّلام) مع الحرّ أن وصل إلى مكان بعيد عن الكوفة قريب من نهر الفرات ، حيث الماء والزرع والقرى ، وحيث يسهل تجمّع الجيوش لقتاله ، ويصعب أو يتعذّر على مَنْ يريد نصره الوصول إليه .
ثمّ لمّا وصل كتاب ابن زياد للحرّ يأمره أن يجعجع بالحسين (عليه السّلام) وأصحابه ،
وينزلهم على غير ماء ولا في قرية ، قالوا له : دعنا ننزل نينوى أو الغاضريات أو شفية ، فمنعهم ؛ معتذراً بأنّ رسول ابن زياد عين عليه .
فقال زهير بن القين (رضي الله عنه) للإمام الحسين (صلوات الله عليه) : يابن رسول الله ، إنّ قتال هؤلاء أهون من قتال مَنْ يأتينا من بعدهم . فلعمري ، ليأتينا من بعد مَنْ ترى ما لا قِبَل لنا به .
فقال (عليه السّلام) : (( ما كنت لأبدأهم بالقتال ))(51) .
مع إنّه (صلوات الله عليه) لو أصرّ على النزول في إحدى القرى الحصينة ، فإن تركوه فذاك ، وإن قاتلوه كانوا هم البادئين بالقتال لا هو (عليه السّلام) ، لكنّه استجاب لهم ولم يُمانع .

تصريحه (عليه السّلام) حين وصوله كربلاء بما عُهد إليه
حتى إذا نزل في الموضع الذي قُتل فيه قال : (( ههنا مناخ ركابنا ، ومحطّ رحالنا ، ومسفك دمائنا ))(52) .
وزاد ابن طاووس : (( بهذا حدّثني جدّي رسول الله صلّى الله عليه وآله ))(53) .
وقال سبط ابن الجوزي : فلمّا قيل للحسين : هذه أرض كربلاء ، شمّها ،
وقال : (( هذه والله هي الأرض التي أخبر بها جبرئيل رسول الله ، وأنّني أُقتل فيها ))(54) .
وقال الدينوري : قال الحسين : (( وما اسم هذا المكان ؟ )) .
قالوا له : كربلاء .
قال : (( ذات كرب وبلاء . ولقد مرّ أبي بهذا المكان عند مسيره إلى صفين وأنا معه ، فوقف فسأل عنه ، فأُخبرنا باسمه . فقال : ههنا محطّ ركابهم ، وههنا مهراق دمائهم . فسُئل عن ذلك ، فقال : ثقل لآل بيت محمد ينزلون ههنا ))(55) .
وروى جابر بسند معتبر عن الإمام الباقر (عليه السّلام) قال : (( قال الحسين (عليه السّلام) لأصحابه قبل أن يُقتل : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال لي : يا بُني ، إنّك ستُساق إلى العراق ، وهي أرض قد التقى بها النبيّون وأوصياء النبيّين ، وهي أرض تُدعى عمّور ، وإنّك تستشهد به ، ويستشهد جماعة من أصحابك ... ))(56) ... إلى غير ذلك .

تنبيهه (عليه السّلام) لظلامته وتمسّكه بموقفه
وبعد أن انتهى (صلوات الله عليه) إلى حيث يريد حاول أن يلفت النظر لظلامته ؛ ليستثير العواطف ، وأن يؤكّد على تمسّكه بموقفه وشرف هدفه ، إقامة للحجّة .
فقد جمع (عليه السّلام) ولده وإخوته وأهل بيته ، ونظر إليهم وبكى ، وقال : (( اللّهمّ إنّا عترة نبيّك محمد صلواتك عليه قد أُخرجنا وأُزعجنا وطُردنا عن حرم جدنا ، وتعدّت بنو أُميّة علينا . اللّهمّ فخذ لنا بحقنا ، وانصرنا على القوم الظالمين ))(57) .  
ثمّ أقبل على أصحابه فقال : (( الناس عبيد الدنيا ، والدين لعق على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم ، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديانون ))(58) .
ثمّ حمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على النبي وآله وقال : (( إنّه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون ، وإنّ الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت ، وأدبر معروفها ، واستمرت حذاء ، ولم تبقَ منها إلاّ صبابة كصبابة الإناء ، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل . ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمل به ، وإلى الباطل لا يُتناهى عنه ؟ ليرغب المؤمن في لقاء ربّه محقّاً ؛ فإنّي لا أرى الموت إلاّ سعادة ، والحياة مع الظالمين إلاّ برماً ))(59) .
فإنّ ملاحظة هذه الأمور بموضوعية وإنصاف تشهد بتصميمه (صلوات الله عليه) على أن يصل إلى موضع مصرعه الذي وعِد به ، وعدم تشبّثه بأسباب السلامة ، فضلاً عن أن يسعى للانتصار العسكري ، وإنّه (عليه السّلام) مصمّم على الإصحار بعدم شرعية السلطة ومباينته لها ، وبعسفها وظلمها ، واستعداده للتضحية في سبيل ذلك من أجل شرف الهدف .

الظروف التي أحاطت بالنهضة لا تناسب انتصاره عسكري
الثاني : إنّ الظروف التي أحاطت بنهضته المباركة ، وخروجه من مكة إلى
العراق ، كانت لا تُناسب انتصاره عسكري ، ولا أقل من أنّها كانت تقتضي مزيداً من الاحتياط والتأنّي ، ولو من أجل العائلة المخدّرة ، كما يشهد بذلك إجماع آراء مَنْ نصحه ؛ فإنّهم ذكروا لتوجيه آرائهم أموراً لا تخفى على كثير من الناس ، فضلاً عنه (صلوات الله عليه) .
فإقدامه على تلك النهضة ، وما استتبعته من تضحيات جسام ومآسٍ قاسية ، لا بدّ أن يكون لهدف آخر غير الانتصار العسكري .
ويبدو مدى وضوح الخطر عليه في خروجه للعراق ، وقوّة تصميمه (عليه السّلام) عليه مع ذلك ، من محاورة ابن عباس معه وهو الذي سبق منه أنّه قال :  ما كنّا نشكّ وأهل البيت متوافرون أنّ الحسين بن علي يُقتل بالطفّ(60) .
حيث قال ابن عباس للإمام الحسين (عليه السّلام) : إنّك قد أرجفت الناس أنّك سائر إلى العراق ، فبيّن لي ما أنت صانع .
فقال (صلوات الله عليه) : (( قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين إن شاء الله تعالى )) .
فحذّره ابن عباس ، وأبدى وجه تخوّفه عليه من مسيره في حديث طويل ، فقال الإمام الحسين (عليه السّلام) له : (( وإنّي أستخير الله ، وأنظر ما يكون )) .
فلمّا كان من العشي أو من الغد أتاه ابن عباس فقال : يابن عم ، إنّي أتصبّر ولا أصبر ، إنّي أتخوّف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال ؛ إنّ أهل العراق قوم غدر فلا تقربنّهم . أقم بهذا البلد ؛ فإنّك سيّد أهل الحجاز ، فإن كان أهل العراق يريدونك ـ كما زعموا ـ فاكتب إليهم فلينفوا عدوّهم ، ثمّ أقدم عليهم ، فإن أبيت إلاّ أن تخرج فسر إلى اليمن ؛ فإنّ بها حصوناً وشعاباً ، وهي أرض عريضة طويلة ، ولأبيك بها شيعة ، وأنت عن الناس في عزلة ، فتكتب إلى الناس ،
وترسل وتبّث دعاتك ، فإنّي أرجو أن يأتيك عند ذلك الذي تحبّ في عافية .
فقال له الإمام الحسين (صلوات الله عليه) : (( يابن عم ، إنّي لأعلم أنّك ناصح مشفق ، ولكنّي قد أزمعت وأجمعت على المسير )) .
فقال له ابن عباس : فإن كنت سائراً فلا تسر بنسائك وصبيتك ؛ فوالله إنّي لخائف أن تُقتل كما قُتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه .
ثمّ قال : لقد أقررت عين ابن الزبير بتخليتك إيّاه والحجاز والخروج منه ، وهو يوم [اليوم . ظ] لا ينظر إليه أحد معك . والله الذي لا إله إلاّ هو ، لو أعلم أنّك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع عليّ وعليك الناس أطعتني لفعلت ذلك(61) .
وإنّما كان (صلوات الله عليه) يبرّر خروجه بدعوة أهل الكوفة له ، وكثرة كتبهم إليه ـ بنحو قد يوحي بأنّ هدفه الانتصار العسكري ـ ؛ لأنّ عامّة الناس ، وكثير من خاصّتهم لا يستوعبون أنّ هدفه (عليه السّلام) من الخروج هو الإصحار والإعلان عن عدم شرعية السلطة في موقف يحرجها ويستثيرها ، وإن ترتب على ذلك التضحية بنفسه الشريفة وبمَنْ معه ، وانتهاك حرمتهم وحرمة عائلته الكريمة ؛ ليتجلّى مدى ظُلامة دين الإسلام العظيم بظُلامة رعاته ورموزه المقدّسة ، وباستيلاء أولئك المجرمين على السلطة فيه ، وحكمهم باسمه .

ظهور الإحراج عليه (عليه السّلام) مع ناصحيه
ولذا كان (عليه السّلام) يبدو عليه الإحراج مع كثير من ناصحيه من أهل الرأي والمعرفة الذين يعتمدون المنطق في موازنة القوى .
وأقوى ما كان يعتذر به ممّا يصلح لأن يقنع الناس أنّه (عليه السّلام) خرج من مكة خشية أن تُهتك به حرمتها وحرمة الحرم(62) .
وفي حديث له (عليه السّلام) مع جماعة فيهم عبد الله بن الزبير : (( والله ، لئن أُقتل خارجاً منها بشبر أحبّ إليّ من أن أُقتل فيها ، ولئن أُقتل خارجاً منها بشبرين أحبّ إليّ من أن أُقتل خارجاً منها بشبر . وأيم الله ، لو كنت في حجر هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتى يقضوا بي حاجتهم . والله ، ليعتدنَ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت ))(63) .
وفيما عدا ذلك كان (صلوات الله عليه) تارة : يكتفي ببيان تصميمه على الخروج ويتجاهل حسابات الناصحين ، أو يعدهم النظر في الأمر ، أو أنّه سوف يستخير الله تعالى في ذلك ، أو يشكر لهم نصحهم ؛ تطييباً لخواطرهم ، من دون أن يتعرّض لمناقشة حساباتهم ، ثمّ لا يتراجع عن تصميمه ، نظير ما تقدّم منه مع ابن عباس وغير ذلك ممّا كان منه (عليه السّلام) معه ومع غيره(64) .
وأُخرى : يعترف بصواب رأيهم ، إلاّ إنّه لا بدّ من تجاوزه ، فقد قال لأحد بني عكرمة : (( يا عبد الله ، إنّه ليس يخفى عليّ ، الرأي ما رأيت ، ولكنّ الله لا يُغلب على أمره ))(65) .

اعتذاره (عليه السّلام) برؤياه للنبي (صلّى الله عليه وآله) وأنّه ماضٍ لما أمره
وثالثة : يقطع الطريق عليهم ، معتذراً بأنّه (عليه السّلام) رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المنام فأمره بأمر هو ماضٍ له .
قال ابن الأثير : فنهاه جماعة ، منهم : أخوه محمد بن الحنفية وابن عمر وابن عباس وغيرهم ، فقال : (( رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المنام وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر ))(66) .
ولمّا سُئل عن الرؤيا قال : (( ما حدّثت بها أحد ، وما أنا محدّث بها أحداً حتى ألقى ربّي )) ، كما روي ذلك في حديثه مع عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد بن العاص حينما أدركاه في الطريق بعد خروجه من مكّة المكرّمة(67) .

إخباره (عليه السّلام) لأخيه بما أمره به النبي (صلّى الله عليه وآله) في الرؤيا
نعم ، روى ابن طاووس أنّه (عليه السّلام) حدّث أخاه محمد بن الحنفية عند السحر ، وهو يريد الخروج إلى العراق بأمر النبي (صلّى الله عليه وآله) له .
قال (قدّس سرّه) : ورويت من أصل لأحمد بن الحسين بن عمر بن يزيد الثقة ـ وعلى الأصل أنّه كان لمحمد بن داود القمّي ـ بالإسناد عن أبي عبد الله (عليه السّلام) قال : (( سار محمد بن الحنفية إلى الحسين في الليلة التي أراد الخروج في صبيحتها عن مكّة ، فقال له : يا أخي ، إنّ أهل الكوفة مَنْ قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك ، وقد خفت أن يكون حالك كحال مَنْ مضى ، فإن رأيت أن تُقيم ؛ فإنّك أعزّ من في الحرم وأمنعه .
فقال : يا أخي ، قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم ، فأكون الذي يُستباح به حرمة هذا البيت .
فقال له ابن الحنفية : فإن خفت ذلك فصر إلى اليمن ، أو بعض نواحي البر ؛ فإنّك أمنع الناس به ، ولا يقدر عليك أحد . فقال : أنظر فيما قلت .
فلمّا كان السحر ارتحل الحسينُ (عليه السّلام) فبلغ ذلك ابن الحنفية ، فأتاه فأخذ زمام ناقته التي ركبها ، فقال له : يا أخي ، ألم تعدني النظر فيما سألتك ؟ قال : بلى . قال : فما حداك على الخروج عاجلاً ؟
فقال : أتاني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعدما فارقتك ، فقال : يا حسين ، أخرج ؛ فإنّ الله قد شاء أن يراك قتيلاً .
فقال ابن الحنفية : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فما معنى حملك هؤلاء النسوة معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال ؟
فقال له : قد قال لي : إنّ الله قد شاء أن يراهنَّ سبايا . وسلّم عليه ومضى ))(68) .

بعض شواهد إصراره (عليه السّلام) على الخروج للعراق مع علمه بمصيره
وعن ابن عباس قال : لقيت الحسين وهو يخرج إلى العراق ، فقلت له : يابن رسول الله لا تخرج .
فقال لي : (( يابن عباس ، أما علمت أنّ منيتي من هناك ، وأنّ مصارع أصحابي هناك ؟ )) .
فقلت له : فأنّى لك ذلك ؟
قال : (( بسرٍّ سُرَّ لي ، وعلمٍ أُعطيته ))(69) .
وقال ابن عساكر : وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تُعظّم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة ، وتخبره أنّه إنّما يُساق إلى مصرعه ، وتقول : أشهد لحدّثتني عائشة أنّها سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( يُقتل حسين بأرض بابل )) .
فلمّا قرأ كتابها قال : (( فلا بدّ لي إذاً من مصرعي )) . ومضى(70) .
وقريب من ذلك جوابه لأُمّ سلمة (رضي الله عنهم) لمّا أخبرته بحديث النبي (صلّى الله عليه وآله) عن قتله (عليه السّلام)(71) .
ومرجع ذلك إلى قطع الطريق عليهم ، وإلزامهما بما يعلمان به من الوعد الإلهي ، مع التصميم على المضي فيه .

رواية الفريقين للمضامين السابقة شاهد بصحته
ولو اختصّ الشيعة برواية ذلك لأمكن للمدّعي أن يتجاهل كثرة النصوص المذكورة ومؤيّداته ، ويتّهمهم باختلاق تلك النصوص من أجل
الدفاع عن شرعية هذه النهضة ، وتأكيد شرف أهدافه .
لكنّ الجمهور قد شاركوهم في رواية كثير من ذلك ، مع إنّه لا يتناسب مع نظرتهم للحدث ، وعرضهم له بما يوحي بأنّ التخطيط للنهضة بشري ؛ فإنّ رواية الجمهور لتلك النصوص مع مخالفتها لوجهة نظرهم في عرض الواقعة يشهد بشيوعه ، بحيث فرضت نفسها عليهم ، ولم يستطيعوا تجاهله .

رواية الفريقين إخبار الأنبياء السابقين بالفاجعة
بل ، قد روى الشيعة(72) وكثير من الجمهور(73) ما يوحي بأنّ هذا الحدث
العظيم قد تحدّث عنه الأنبياء السابقون (على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسّلام) في غابر العصور ، وعُرف قبل بعثة النبي (صلّى الله عليه وآله) بزمان طويل .
وهو المناسب لما ورد من أنّ أُمّ المؤمنين أُمّ سلمة (رضي الله عنها)(74) وغير واحد في أماكن مختلفة(75) سمعوا بعد قتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه) هاتفاً يهتف ويقول :
أيّها القاتلون جهلاً حسين     أبشروا بالعذابِ والتنكيلِ
كلّ أهلِ السماءِ يدعو عليكم     من نبي وملَكٍ وقبيلِ
قد لُعنتم على لسانِ ابن داود     وموسى وصاحبِ الإنجيلِ

حيث يكشف ذلك عن أهميته عند الله تعالى في الدعوة إليه حتى أطلع عليه أنبياءه ، كما أطلعهم على رسالة النبي (صلّى الله عليه وآله) الخاتمة للرسالات ، والتي تتضمّن دين الإسلام الخاتم للأديان والذي يكون هذا الحدث من الأحداث المهمّة المتعلّقة به .
وذلك يرجع إلى أنّ سيّد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) قد أُعِد لمهمّة إلهية تتناسب مع هذا الإعلام الإلهي المكثّف ، ومع حجم التضحية التي يقدم عليها .
وهو المناسب لأهمية دين الإسلام العظيم في الدعوة إلى الله تعالى ؛ لكونه خاتم الأديان وأكمله ، وبه بقاء الدعوة لله (عزّ وجلّ) ، وخلودها في الأرض ، حيث تكتسب الأحداث المؤثّرة فيه أهمية تتناسب مع أهميته .
ولاسيما إنّ هذا الحدث لم يكن نصراً لدين الإسلام فحسب ، بل هو انتصار للأديان السماوية بأجمعها على ما يأتي التنبيه له في الفصل الأوّل من الخاتمة إن شاء الله تعالى .
كتابه (عليه السّلام) إلى بني هاشم بالفتح الذي يحقّقه
ولعلّه إلى هذا يشير كتابه (صلوات الله عليه) الذي كتبه من مكّة المكرّمة ـ وهو يعدّ العدّة لنهضته ـ إلى بني هاشم في المدينة المنوّرة : (( بسم الله الرحمن الرحيم . من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومَنْ قِبَله من بني هاشم . أمّا بعد ،
فإنّ مَنْ لحق بي استشهد ، ومَنْ لم يلحق بي لم يدرك الفتح . والسّلام ))(76) .
حيث لا يبعد أن يكون مراده (عليه السّلام) في كتابه هذا أنّ في نهضته التي تنتهي به وبمَنْ معه للقتل والشهادة فتحاً للدين ، وللدعوة إلى الله تعالى يتناسب مع حجم التضحية التي تحصل فيها .

إخبار الإمام السجّاد (عليه السّلام) بأنّ أباه (عليه السّلام) هو الغالب
وهو المناسب لما عن الإمام زين العابدين (صلوات الله عليه) في جوابه لإبراهيم بن طلحة حينما سأله بعد رجوعه بالعائلة الثاكلة للمدينة كأنّه شامت : يا علي بن الحسين مَنْ غلب ؟
حيث قال له (عليه السّلام) : (( إذا أردت أن تعلم مَنْ غلب ودخل وقت الصلاة فأذن ثمّ أقم ))(77) .
فإنّه كالصريح في أنّ تلك الفاجعة الفظيعة هي السبب في الحفاظ على الصلاة التي هي عمود الدين ، وأظهر شعائره ، كما يكشف عن شدّة الخطر الذي يتعرّض له الدين لو لم يقف في وجهه الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بنهضته المباركة التي خُتمت بهذه الفاجعة .

خلود الفاجعة يناسب أهميتها
وذلك يتناسب مع خلود هذه الملحمة الشريفة والفاجعة العظمى ، وما قدّره الله (عزّ وجلّ) لها من أسباب الظهور والانتشار ، رغم المعوّقات الكثيرة ، والجهود المكثّفة من قبل الظالمين ، والجاهلين أو المتجاهلين لثمراتها وبركاتها ،
من أجل خنقها والقضاء عليها ، أو تحجيمها والتخفيف من غلوائها ، ومن تفاعل الناس بها وانشدادهم نحوها .
فإنّ ذلك بمجموعه يؤيّد عظمة هذه الملحمة الإلهية ، وأهمية الثمرات المترتبة عليها لصالح الدعوة إلى الله تعالى ، وحفظ دينه العظيم الذي هو خاتم الأديان ، والذي لا بدّ أن يكون واجداً لمقوّمات البقاء والخلود ، والظهور والانتشار ، لتسمع دعوته ، وتتم حجّته على الناس ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ )(78) .
كما إنّه نتيجة لما سبق يحسن التنبيه لأمرين :

لا موجب لإطالة الكلام في تفاصيل النهضة الشريفة
أحدهما : إنّه لا ينبغي إطالة الكلام في تقييم بعض خصوصيات النهضة الشريفة ، مثل توقيتها ، حيث خرج (صلوات الله عليه) من مكّة المكرّمة قبل الحجّ ، ومثل حمل العائلة الكريمة ، واختيار العراق دون غيره من المناطق التي يشيع فيها الولاء لأهل البيت (صلوات الله عليهم) ، وغير ذلك .
إذ بعد أن ظهر أنّ النهضة كانت بعهد من الله سبحانه وتعالى ، فلا بدّ أن تكون تفاصيلها وخصوصياتها ذات الأثر فيها بعهد منه (عزّ وجلّ) ، لمصالح هو أعلم بها ، وربما بيّنها النبي (صلّى الله عليه وآله) ووصلت للإمام الحسين (عليه السّلام) من طريقه ، ولاسيما بعد البناء على عصمة الإمام (صلوات الله عليه) .
وقد كتب غير واحد في توجيه كثير من خصوصياتها ما لا يسعنا إطالة الكلام فيه بعد ما ذكرنا ، على أنّه قد يظهر من حديثنا هذا ـ تبعاً ـ بعض الفوائد المترتّبة على بعض تلك الأمور .

عظمة الإمام الحسين (عليه السّلام) وروح التضحية التي يحمله
ثانيهما : إنّه ممّا تقدّم تتجلّى عظمة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وروح التضحية في سبيل الله تعالى التي يتحلّى بها ، وقوّة العزيمة والتصميم اللذين يحملهما بين جنبيه .
فإنّ الغالب أنّ الذين يضحّون إمّا أن يتشبثوا بأمل السلامة ونجاح المشروع الذي يخطّطون له ، فيشرعون في تنفيذه ويدخلون في المعركة حتى إذا أخطأوا وفشل مشروعهم عسكرياً منعهم دينهم ، أو أبت لهم كرامتهم وحميّتهم التراجع والاستسلام من أجل السلامة ؛ فيثبتون حتى النهاية .
وإمّا أن يُفاجَأوا بالمعركة من دون تخطيط سابق لها ، وتنسد أمامهم طرق النجاح ؛ فيمنعهم دينهم أو حميتهم أيضاً من الاستسلام طلباً للسلامة ويثبتوا حتى النهاية .
أمّا أن يدخل الإنسان في مشروع طويل الأمد يعلم مسبقاً بأنّه ينتهي بمثل هذه التضحيات الجسام والفجائع الفادحة ، ويخطّط لتنفيذه بصلابة وعزم ، فهو أمر يحتاج إلى قابلية استثنائية .
والناظر في تفاصيل واقعة الطفّ ـ بموضوعية وإنصاف ـ يرى أنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) منذ امتنع من بيعة يزيد في أواخر شهر رجب ، وتحرّك ركبه من المدينة المنوّرة إلى مكّة المكرّمة ، صمّم على المضي في مشروعه وتحقيق هدفه عالماً أنّ ذلك ينتهي بقتله وقتل أهل بيته نجوم الأرض من آل عبد المطلب ـ كما تقول العقيلة زينب (عليها السّلام) في خطبتها الجليلة(79) ـ مع الصفوة من أصحابه ، مع ما يترتّب على ذلك من نهب رحله ، وانتهاك حرمته ، وسبي عياله ،
والتشهير به وبهم ، وتركهم غنيمة بأيدي تلك الوحوش الكاسرة ، والنفوس المغرقة في الجريمة والرذيلة .
ولم يمنعه شيء من ذلك عن التصميم والتخطيط والإصرار والاستمرار حتى النهاية التي حصلت بعد ما يقرب من ستة أشهر .

تحلّي الإمام الحسين (عليه السّلام) بالعاطفة
ولاسيما أنّه (صلوات الله عليه) لم تجفّ عاطفته في هذه المدّة الطويلة ، ولم يتجرّد عنها ويدعها جانباً ، كما قد يحصل لكثير من ذوي التصميم والإصرار على الدخول في الصراعات المضنية ومقارعة الأهوال ، بل كان (عليه السّلام) ـ كسائر أهل بيته ـ متكامل الإنسانية .
فهو أشدّ الناس عاطفة ، وأرقّهم قلباً ، يتفاعل مع الآلام والمصائب التي ترد عليه ، وتستثيره المناسبات الشجيّة حسرة وعبرة ، كما يظهر بمراجعة تفاصيل الواقعة تاريخياً ، وتقدم منّا التعرّض لبعض مفردات ذلك ، وربما يأتي شيء منه في أثناء حديثنا هذا .
وذلك يزيد في معاناته (عليه السّلام) في هذه المدّة الطويلة ، خصوصاً في تخطّي مفاصلها المثيرة للعاطفة ، والباعثة على الحسرة ، كما انتبهت لذلك أُخته العقيلة زينب الكبرى (عليها السّلام) حينما أنشد (صلوات الله عليه) ليلة العاشر من المحرّم :
يا دهرُ أفٍّ لكَ من خليل      كم لكَ بالإشراقِ والأصيلِ
من صاحبٍ أو طالبٍ قتيل     والدهرُ لا يقنعُ بالبديلِ
وإنّما الأمرُ إلى الجليل     وكلّ حيّ سالكٌ سبيلي

حيث لم تملك نفسها أن وثبت تجرّ ثوبها وإنّها لحاسرة حتى انتهت إليه ، فقالت : وا ثكلاه ! ليت الموت أعدمني الحياة . اليوم ماتت أُمّي فاطمة وعلي أبي وحسن أخي . يا خليفة الماضين وثمال الباقين .
فنظر (عليه السّلام) إليها ، وقال : (( يا أُخيه ،
لا يذهبنَّ حلمك الشيطان )) .
قالت : بأبي أنت وأُمّي يا أبا عبد الله ! استقتلت نفسي فداك !
فردّ (عليه السّلام) غصّته وترقرقت عيناه ، وقال : (( لو تُرك القطا ليلاً لنام )) .
فقالت (عليها السّلام): يا ويلتي ! أفتُغصب نفسك اغتصاباً ؟! فذلك أقرح لقلبي ، وأشدّ على نفسي(80) .
ولكن عاطفته (صلوات الله عليه) مهما بلغت لم تمنعه من المضي في طريقه ، ومن تصميمه على الوصول للنهاية المفجعة ؛ كلّ ذلك لفنائه (عليه السّلام) في ذات الله تعالى ، ولأنّ هدفه الأسمى رضاه (جلّ شأنه) ، كما أفصح عن ذلك في أحاديثه المتفرّقة ، خصوصاً خطبته الجليلة حينما أراد الخروج من مكّة ، التي سبق التعرّض لها آنفاً(81) .
ومن أقواله المرويّة عنه (عليه السّلام) : (( هوّن عليّ ما نزل بي أنّه بعين الله ))(82) ، و : (( عند الله أحتسب نفسي وحُماة أصحابي ))(83) ... إلى غير ذلك .

الموقف المشرّف لِمَنْ في ركبه من عائلته وصحبه
والملفت للنظر ـ مع كلّ ذلك ـ أنّه (صلوات الله عليه) استطاع أنّ يختار لنهضته الشريفة من أهل بيته وأنصاره مَنْ لا يتراجع عنها بعد أن اقتنع بها ، وكان بوسعهم التراجع في أيّ وقت أرادوا .
لكنّهم آمنوا بقيادته ، واستسلموا لمّا يقرّره حتى النفس الأخير ، مع قوّة في البصيرة ، ومزيد من السرور والشعور بالفوز والسعادة ، وقد آمنوا بمشروعه كما آمن هو (عليه السّلام) .
بل قد ثبتوا معه (عليه السّلام) ولم يتركوه حتى بعد أن أذن لهم بالانصراف وجعلهم في حلّ من بيعته ، وكان كلامهم في التعقيب على ذلك يؤكّد على الإصرار على مواساته بأنفسهم والقتال دونه والتضحية في سبيله ، وعلى الشعور بالفوز والسعادة بذلك . ولا يسعنا استقصاؤه لكثرته .
كما إنّه يأتي في حديثنا هذا منهم بعض النكات الملفتة للنظر ، والتي تحمل على المزيد من الإعجاب والاحترام لهم رفع الله تعالى شأنهم .
نعم ، ورد أنّ الضحّاك بن عبد الله المشرفي قال للإمام الحسين (صلوات الله عليه) : إنّي أُقاتل عنك ما رأيت مقاتل ، فإذا لم أرَ مقاتلاً فأنا في حلّ من الانصراف ، وإنّه انصرف حين لم يجد مقاتلاً(84) .
وهذا في الحقيقة ليس تراجعاً عن موقف مسبقاً ، بل هو قصور في الموقف من أوّل الأمر ، مع تنفيذه كاملاً .
وحتى عائلته الكريمة التي رأت من بعده الأهوال لم ينقل عن أيّ منها مَنْ
يدل على استنكاره لموقفه (عليه السلام) أو الشكوى منه في استمراره إلى النهاية المفجعة ، بل يظهر من مواقف كثير منها الإيمان بمشروعه (عليه السّلام) ، وقوّة البصيرة بأنّ عاقبته النجاح والفلاح .
ويكفينا من ذلك قول العقيلة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (عليهم السّلام) في خطبتها في مجلس يزيد : فلئن اتّخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً ، حين لا تجد إلاّ ما قدّمت يداك ، وإنّ الله ليس بظلام للعبيد . فإلى الله المشتكى وعليه المعوّل . فكد كيدك ، واسعَ سعيك ، وناصب جهدك . فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا ترحض عنك عارها ، ولا تغيب منك شنارها . فهل رأيك إلاّ فند ، وأيّامك إلاّ عدد ، وشملك إلاّ بدد ، يوم ينادي المنادي : ( أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) . فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والرحمة ، ولآخرنا بالشهادة والمغفرة ...(85) .
وهذا أمر نادر لا يسهل حصوله لولا العناية الإلهية والتسديد الربّاني .
________________________________________
(1) سورة البقرة / 255 .
2 ـ تاريخ دمشق 14 / 239 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، تهذيب الكمال 6 / 440 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 86 ح 299 .
3 ـ الكافي 1 / 262 .
4 ـ الكافي 1 / 280 .
5 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 164 الفصل الثامن ، واللفظ له ، الفتوح ـ لابن أعثم 4 / 328 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده ، بحار الأنوار 44 / 248 .
6 ـ المعجم الكبير 3 / 107 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ح2814 ، مجمع الزوائد 9 / 188 كتاب المناقب: باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، كنز العمال 12 / 123 ح34299 ، فيض القدير 1 / 266 . وغيرها من المصادر .
7 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 164 ـ 165 الفصل الثامن ، واللفظ له ، الفتوح ـ لابن أعثم 4 / 328 ـ 330 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده .
8 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 179 كتاب معرفة الصحابة ، أوّل فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد (رضي الله عنهم) ، السلسلة الصحيحة 3 / 245 ح 1171 ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 160 الفصل الثامن ، إمتاع الأسماع ـ للمقريزي 12 / 328 ، و14 / 145 ، وغيرها من المصادر .
9 ـ الإرشاد 2 / 131 ـ 132 ، بحار الأنوار 44 / 263 ، ومثله في كشف الغمّة 2 / 218 ولكن فيه (أصحاب محمد) بدل (أصحاب علي) .
10 ـ تاريخ دمشق 45 / 48 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، واللفظ له ، تهذيب الكمال 21 / 359 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص ، تهذيب التهذيب 7 / 369 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، تاريخ الإسلام ـ للذهبي 5 / 195 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، وغيرها من المصادر .
11 ـ الكامل في التاريخ 4 / 242 ذكر مقتل عمر بن سعد وغيره ممّن شهد قتل الحسين من أحداث سنة 66 هـ ، واللفظ له ، ومثله في تاريخ دمشق 45 / 49 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، وتهذيب الكمال 21 / 359 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص .
12 ـ تاريخ دمشق 45 / 49 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، تهذيب الكمال 21 / 359 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، تاريخ الإسلام ـ للذهبي 5 / 195 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقّاص ، الكامل في التاريخ 4 / 242 ذكر مقتل عمر بن سعد وغيره ممّنْ شهد قتل الحسين من أحداث سنة 66 هـ ، كنز العمال 13 / 674 ح 37723 .
13 ـ تاريخ دمشق 14 / 216 ـ 217 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، واللفظ له . ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 50 ح 281 ، بغية الطلب في تاريخ حلب 6 / 2619.
14 ـ المستدرك على الصحيحين 2 / 290 كتاب التفسير ، تفسير سورة آل عمران ، واللفظ له ، وص 592 كتاب تواريخ المتقدّمين من الأنبياء والمرسلين ، ذكر يحيى بن زكريا نبي الله (عليهما السّلام) ، وج 3 / 178 كتاب معرفة الصحابة (رضي الله عنهم) ، فضائل الحسين بن علي (رضي الله عنهم) ، وقال الحاكم بعد ذكر الحديث : هذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه ، سير أعلام النبلاء 4 / 342 في ترجمة سعيد بن جبير ، قال الذهبي بعد ذكر الحديث : هذا حديث نظيف الإسناد منكر اللفظ ، تاريخ دمشق 14 / 225 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، وج 64 / 216 في ترجمة يحيى بن سليمان بن نشوي ، تهذيب الكمال 6 / 431 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي ، تاريخ بغداد 1 / 152 في ذكر سيدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين (عليهما السّلام) ، فيض القدير 1 / 265 ، تفسير القرطبي 10 / 219 ، الدرّ المنثور 4 / 264 ، كنز العمال 12 / 127 ح 34320 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
15ـ شرح نهج البلاغة 2 / 293 ، واللفظ له ، الإرشاد 1 / 324 ، بحار الأنوار 45 / 353 ، وقريب منه في الإصابة 6 / 250 في ترجمة ميثم التمار الأسدي .
16 ـ الأباجل جمع الأبجل : وهو عرق غليظ في الرجل أو في اليد .
17ـ تاريخ الطبري 4 / 442 ـ 443 أحداث سنة خمس وستين من الهجرة ، مقدم المختار بن أبي عبيدة الكوفة ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 169 ـ 170 أحداث سنة أربع وستين من الهجرة ، ذكر قدوم المختار الكوفة ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 167 ـ 168 ذكر هرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير ، وذكره مختصراًً باختلاف يسير في بحار الأنوار 45 / 353 ـ 354 ، ونظير ذلك ما نقله الخوارزمي عن محمد بن إسحق صاحب السيرة من حديث المختار مع صقعب بن زهير في واقصة ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 178 ـ 180 الفصل الخامس عشر في بيان انتقام المختار من قاتلي الحسين (عليه السّلام) .
18 ـ تاريخ الطبري 4 / 444 ـ 451 أحداث سنة خمس وستين من الهجرة ، ذكر قدوم المختار الكوفة . وص 471 ما كان من أمر التوّابين وشخوصهم للطلب بدم الحسين بن علي إلى عبيد الله بن زياد ، تاريخ اليعقوبي 2 / 258 أيام مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير ، الكامل في التاريخ 4 / 170 ـ 171 ، و173 ذكر قدوم المختار الكوفة ، وص 186 ذكر مسير التوّابين وقتلهم .
19 ـ وقد روي ذلك مسنداً عن النبي (صلّى الله عليه وآله) في كلّ من مسند أحمد 1 / 85 في مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، ومجمع الزوائد 9 / 187 ـ 191 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (رضي الله عنهم) ، والمصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 276 كتاب الأمراء ، ما ذكر من حديث الأمراء والدخول عليهم ، وج 8 / 632 كتاب الفتن ، من كره الخروج في الفتنة وتعوّذ عنه ، ومسند أبي يعلى 1 / 298 مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، والمعجم الكبير 3 / 106 ـ 111 مسند الحسين بن علي: ذكر مولده وصفته ، وتاريخ دمشق 14 / 188 ـ 199 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، وتاريخ الإسلام 5 / 102 ـ 103 في ترجمة الحسين بن علي (رضي الله عنه) ، وسير أعلام النبلاء 3 / 289 في ترجمة الحسين الشهيد ، والبداية والنهاية 8 / 217 في أحداث سنة إحدى وستين ، فصل بلا عنوان بعد ذكر صفة مقتله ، والوافي بالوفيّات 12 / 263 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) ، وإمتاع الأسماع 8 / 129 ، وغيرها من المصادر الكثيرة جداً .
20 ـ مثل ما روي مسنداً عن أُمّ سلمة قالت : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( يُقتل حسين على رأس ستين من مهاجري )) . المعجم الكبير 3 / 105 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ، واللفظ له ، تاريخ بغداد 1 / 152 في ذكر مَنْ ورد بغداد من جلّة أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، الحسين بن علي ، تاريخ دمشق 14 / 198 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، مجمع الزوائد 9 / 190 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، الفردوس بمأثور الخطاب 5 / 539 ، وغيرها من المصادر .
وكذا ما روي مسنداً عنها قالت : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( يُقتل الحسين (عليه السّلام) حين يعلوه القتير )) . المعجم الكبير 3 / 105 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ، واللفظ له ، مجمع الزوائد 9 / 190 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، كنز العمّال 12 / 129 ح 34326 ، الفردوس بمأثور الخطاب 5 / 539 .
21 ـ الفتوح ـ لابن أعثم 4 / 328 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 163 ، المعجم الكبير 3 / 120 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ، وج 20 / 38 في ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص عن معاذ ، مجمع الزوائد 9 / 190 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، كنز العمّال 11 / 166 ح 31061 ، وج 12 / 128 ح 34324 ، بحار الأنوار 45 / 314 ، وغيرها من المصادر .
22 ـ بصائر الدرجات / 318 ، إعلام الورى بأعلام الهدى 1 / 345 الركن الثاني ، في ذكر الإمام علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، الباب الثالث ، الآيات والدلالات المؤيّدة لإمامته ، الإصابة 2 / 209 في ترجمة خالد بن عرفطة ، شرح نهج البلاغة 2 / 287 ، وغيرها من المصادر .
ومن أمثلة ذلك ما رواه ابن أبي الحديد أنّه قال : روى ابن هلال الثقفي في كتاب الغارات ، عن زكريا بن يحيى العطار ، عن فضيل ، عن محمد بن علي قال : لمّا قال علي (عليه السّلام) : (( سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألونني عن فئة تضلّ مئة وتهدي مئة إلاّ أنبأتكم بناعقتها وسائقتها )) .
قام إليه رجل فقال : أخبرني بما في رأسي ولحيتي من طاقة شعر .
فقال له علي (عليه السّلام) : (( والله ، لقد حدّثني خليلي أنّ على كلّ طاقة شعر من رأسك ملكاً يلعنك ، وإنّ على كلّ طاقة شعر من لحيتك شيطاناً يغويك ، وإنّ في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله )) .
وكان ابنه قاتل الحسين (عليه السّلام) يومئذٍٍ طفلاً يحبو ، وهو سنان بن أنس النخعي . شرح نهج البلاغة 2 / 286 .
وروى أيضاً : أنّ تميم بن أسامة بن زهير بن دريد التميمي اعترضه وهو يخطب على المنبر ويقول : (( سلوني قبل أن تفقدوني ، فوالله لا تسألوني عن فئة تضلّ مئة ، أو تهدي مئة إلاّ نبأتكم بناعقها وسائقها . ولو شئت لأخبرت كلّ واحد منكم بمخرجه ومدخله وجميع شأنه )) .
فقال : فكم في رأسي طاقة شعر ؟
فقال له : (( أما والله ، إنّي لأعلم ذلك ، ولكن أين برهانه لو أخبرتك به ، ولقد أخبرتك [كذا في المصدر] بقيامك ومقالك . وقيل لي : إنّ على كلّ شعرة من شعر رأسك ملكاً يلعنك وشيطاناً يستفزّك ، وآية ذلك أنّ في بيتك سخلاً يقتل ابن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويحضّ على قتله )) .
فكان الأمر بموجب ما أخبر به (عليه السّلام) ، كان ابنه حصين ـ بالصاد المهملة ـ يومئذٍ طفلاً صغيراً يرضع اللبن ، ثمّ عاش إلى أن صار على شرطة عبيد الله بن زياد ، وأخرجه عبيد الله إلى عمر بن سعد يأمره بمناجزة الحسين (عليه السّلام) ويتوعّده على لسانه إنْ أرجأ ذلك ، فقُتل (عليه السّلام) صبيحة اليوم الذي ورد فيه الحصين بالرسالة في ليلته . ج10 / 14 ـ 15 .
23 ـ الإرشاد 2 / 132 ، إعلام الورى بأعلام الهدى 1 / 429 ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهر آشوب 3 / 237 ، بحار الأنوار 14 / 175 ، وج 45 / 90 ، 298 .
24 ـ الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 28 وصية الحسين (رضي الله عنه) لأخيه محمد (رضي الله عنه) ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 192 الفصل العاشر .
25 ـ تاريخ دمشق 14 / 216 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، واللفظ له ، سير أعلام النبلاء 3 / 306 في ترجمة الحسين الشهيد ، تاريخ الإسلام 5 / 12 الطبقة السابعة ، حوادث سنة واحد وستين ، مقتل الحسين ، البداية والنهاية 8 / 183 أحداث سنة ستين من الهجرة ، صفة مخرج الحسين إلى العراق ، ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 64 ح 290 ، نظم درر السمطين / 214 ، وغيرها من المصادر .
26 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 226 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، واللفظ له ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 79 ذكر مسير الحسين (رضي الله عنه) إلى العراق ، اللهوف في قتلى الطفوف / 43 ـ 44 خروج الحسين من مكة إلى العراق ، وغيرها من المصادر .  
27ـ تاريخ دمشق 45 / 48 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص ، تهذيب الكمال 21 / 359 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص ، تهذيب التهذيب 7 / 396 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص ، تاريخ الإسلام 5 / 195 في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 103 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي (رضي الله عنه) ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 245 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، وغيرها من المصادر .
28 ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 72 ح 292 ، واللفظ له ، سير أعلام النبلاء 3 / 302 في ترجمة الحسين الشهيد .
29 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 8 ، واللفظ له ، بحار الأنوار 45 / 10 .
30 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 59 ، واللفظ له ، تاريخ دمشق 14 / 219 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 7 ، كفاية الطالب / 429 .
31 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 8 ، واللفظ له ، اللهوف في قتلى الطفوف / 60 .
32 ـ بحار الأنوار 45 / 10 ، واللفظ له . العوالم / 253 .
33 ـ تاريخ دمشق 14 / 224 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، واللفظ له ، الإصابة 1 / 271 في ترجمة أنس بن الحارث بن نبيه ، أسد الغابة 1 / 123 في ترجمة أنس بن الحارث ، البداية والنهاية 8 / 217 في أحداث سنة إحدى وستين، فصل بلا عنوان بعد ذكر صفة مقتله ، إمتاع الأسماع 12 / 240 ، و14 / 148 إنذاره (صلّى الله عليه وآله) بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) ، ذخائر العقبى / 146 ، ينابيع المودّة 3 / 8،52 ، كنز العمال 12 / 126 ح 34314 ، بحار الأنوار 18 / 141 ، و44 / 247 ، وغيرها من المصادر .
34 ـ الكامل في التاريخ 4 / 42 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين إلى الكوفة ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 4 / 299 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، معجم ما استعجم 1 / 276 في مادة (بلنجر) ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 225 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق .
35 ـ المعجم الكبير 3 / 120 مسند الحسين بن علي: ذكر مولده وصفته ، و20 / 39 في ما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص عن معاذ، واللفظ له ، مجمع الزوائد 9 / 190 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، كنز العمال 11 / 166 ح 31061 ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 161 الفصل الثامن في إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن الحسين وأحواله ، وغيرها من المصادر .
36 ـ شرح نهج البلاغة 10 / 15 ، واللفظ له ، الإرشاد 1 / 331 ، إعلام الورى بأعلام الهدى 1 / 345 ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب 2 / 106 ، بحار الأنوار 44 / 262 ، وغيرها من المصادر .
37 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 170 الفصل الثامن في إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن الحسين وأحواله .
38 ـ راجع الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 20 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى الوليد بن عتبة ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 187 الفصل التاسع في بيان ما جرى بينه وبين الوليد بن عتبة ومروان بن الحكم بالمدينة في حياة معاوية وبعد وفاته ، ينابيع المودّة 3 / 54 ، الأمالي ـ للصدوق / 217 ، بحار الأنوار 44 / 313 ، 328 ، و58 / 182 .
39 ـ مصنّف ابن أبي شيبة 8 / 632 كتاب الفتن ، من كره الخروج في الفتنة وتعوّذ عنه ، المعجم الكبير 3 / 105 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ، الآحاد والمثاني 1 / 308 ، تاريخ دمشق 14 / 187 ـ 188 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، تهذيب الكمال 6 / 407 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، تهذيب التهذيب 2 / 300 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، تاريخ الإسلام 5 / 102 في ترجمة الحسين بن علي (رضي الله عنه) ، إمتاع الأسماع 12 / 236 إنذاره (صلّى الله عليه وآله) بقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) ، ترجمة الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 48 ح 274 ، ذخائر العقبى / 148 ذكر إخبار الملك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقتل الحسين وإيرائه تربة الأرض التي يُقتل به ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
40 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 38 ، واللفظ له ، مثير الأحزان / 20 ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 5 ـ 6 . وقد روى الخطبة بسنده عن الإمام زين العابدين (عليه السّلام) .
41 ـ تاريخ الطبري 4 / 290 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 40 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين (عليه السّلام) إلى الكوفة ، البداية والنهاية 8 / 180 أحداث سنة ستين من الهجرة ، صفة مخرج الحسين إلى العراق ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 80 ذكر مسير الحسين (رضي الله عنه) إلى العراق ، الإرشاد 2 / 67 ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 223 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، وغيرها من المصادر .
42 ـ تاريخ الطبري 4 / 299 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكّة متوجّهاً إلى الكوفة ... .
43 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 45 .
44 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 223 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، واللفظ له ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 80 ذكر مسير الحسين (رضي الله عنه) إلى العراق ، الفصول المهمّة 2 / 773 الفصل الثالث في ذكر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) ، فصل في ذكر شيء من محاسن كلامه وبديع نظامه (عليه السّلام) ، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول / 390 الفصل الثامن في كلامه (عليه السّلام) ، اللهوف في قتلى الطفوف / 45 خروج الحسين من مكة إلى العراق ، وغيرها من المصادر .
45 ـ تاريخ الطبري 4 / 290 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مراسلة الكوفيين الحسين (عليه السّلام) للمسير إلى ما قبلهم وأمر مسلم بن عقيل ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 33 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مراسلة الكوفيين الحسين بن علي ليسير إليهم وقتل مسلم بن عقيل ، البداية والنهاية 8 / 171 أحداث سنة ستين من الهجرة ، قصّة الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمارة ومقتله ، وغيرها من المصادر .
46 ـ تاريخ الطبري 4 / 300 ـ 301 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 43 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين إلى الكوفة ، الإرشاد 2 / 75 ـ 76 .
47 ـ تاريخ الطبري 4 / 302 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، واللفظ له ، الإرشاد 2 / 76 ـ 77 ، وقد رواه مختصراً ابن الأثير في الكامل في التاريخ 4 / 46 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) .
48 ـ تاريخ الطبري 4 / 303 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، الكامل في التاريخ 4 / 47 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) .
49 ـ ترجمة الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 69 ـ 70 ح 290 ، واللفظ له ، سير أعلام النبلاء 3 / 300 في ترجمة الحسين الشهيد ، أنساب الأشراف 3 / 388 خروج الحسين بن علي من مكة إلى الكوفة ، وغيرها من المصادر .
50 ـ تاريخ الطبري 4 / 307 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 50 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) ، البداية والنهاية 8 / 188 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن ، ومثله مختصراً في أنساب الأشراف 3 / 383 خروج الحسين بن علي من مكة إلى الكوفة ، وغيرها من المصادر
51 ـ تاريخ الطبري 4 / 309 في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 52 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 90 ذكر الحرّ بن يزيد الرياحي لمّا بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي (رضي الله عنهم) ، الأخبار الطوال / 252 خروج الحسين إلى الكوفة ، إعلام الورى بأعلام الهدى 1 / 451 ، وغيرها من المصادر .
52 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 237 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، واللفظ له ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 94 ذكر نزول الحسين (رضي الله عنه) بكربلاء ، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول / 400 ، الفصول المهمّة 2 / 816 الفصل الثالث في ذكر الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) ، فصل في ذكر مصرعه ومدّة عمره وإمامته (عليه السّلام) ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب 3 / 247 ، اللهوف في قتلى الطفوف / 49 وصول الحسين إلى كربلاء ، وغيرها من المصادر .
53 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 49 وصول الحسين إلى كربلاء .
54 ـ تذكرة الخواص / 250 الباب التاسع في ذكر الحسين (عليه السّلام) ، ذكر مقتله (عليه السّلام) .
55 ـ الأخبار الطوال / 253 خروج الحسين إلى الكوفة ، واللفظ له ، تاريخ الخميس 2 / 297 ـ 298 الفصل الثاني في ذكر الخلفاء الراشدين وخلفاء بني أُميّة والعباسيين ، ذكر مقتل الحسين بن علي وأين قُتل ومَنْ قتله ، حياة الحيوان 1 / 111 في كلامه عن (الأوز) .
56 ـ الخراج والجرائح 2 / 848 ، واللفظ له ، بحار الأنوار 53 / 61 ـ 62 .
57 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 236 ـ 237 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، واللفظ له ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 93 ذكر كتاب الحسين (رضي الله عنه) إلى أهل الكوفة ، بحار الأنوار 44 / 383 .
58 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 236 ـ 237 الفصل الحادي عشر في خروج الحسين من مكة إلى العراق ، واللفظ له ، تحف العقول / 245 ، بحار الأنوار 44 / 383 .
59 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 48 خروج الحسين من مكة إلى العراق ، واللفظ له ، مجمع الزوائد 9 / 192 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، المعجم الكبير 3 / 114 ـ 115 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ، تاريخ دمشق 14 / 217 ـ 218 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، سير أعلام النبلاء 3 / 310 في ترجمة الحسين الشهيد ، تاريخ الإسلام 5 / 12 مقتل الحسين ، تاريخ الطبري 4 / 304 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، وغيرها من المصادر ، وقد اختلفت المصادر في الوقت الذي خطب (عليه السّلام) به هذه الخطبة .
60 ـ تقدّمت مصادره في / 17 .  
61 ـ تاريخ الطبري 4 / 287 ـ 288 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 38 ـ 39 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين إلى الكوفة ، البداية والنهاية 8 / 173 أحداث سنة ستين من الهجرة ، صفة مخرج الحسين إلى العراق ، الأخبار الطوال / 244 خروج الحسين بن علي بن أبي طالب إلى الكوفة ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 72 ـ 73 ابتداء أخبار الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، وغيرها من المصادر .
62 ـ المعجم الكبير 3 / 119 ـ 120 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ح 2859 ، مجمع الزوائد 9 / 192 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، تاريخ دمشق 14 / 200 ـ 203 ، 211 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، سير أعلام النبلاء 3 / 292 في ترجمة الحسين الشهيد ، تاريخ الإسلام 5 / 106 في ترجمة الحسين بن علي (رضي الله عنه) ، البداية والنهاية 8 / 174 أحداث سنة ستين من الهجرة ، صفة مخرج الحسين إلى العراق ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
63 ـ الكامل في التاريخ 4 / 38 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين إلى الكوفة ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 4 / 289 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره .
64 ـ تاريخ دمشق 14 / 201 ـ 205 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، تاريخ الطبري 4 / 287 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكّة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، البداية والنهاية 8 / 176 أحداث سنة ستين من الهجرة ، صفة مخرج الحسين إلى العراق ، ترجمة الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 57 ـ 59 ح 283 ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 216 ـ 217 الفصل العاشر ، الأخبار الطوال / 243 خروج الحسين بن علي بن أبي طالب إلى الكوفة ، ينابيع المودّة 3 / 60 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
65 ـ تاريخ الطبري 4 / 301 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكّة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 43 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين إلى الكوفة ، الإرشاد 2 / 76 ، وغيرها من المصادر .
66 ـ أُسد الغابة 2 / 21 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، مضافاً إلى المصادر الآتية .
67 ـ الكامل في التاريخ 4 / 41 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين إلى الكوفة ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 4 / 292 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكّة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، تاريخ دمشق 14 / 209 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، وتهذيب الكمال 6 / 418 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، وتاريخ الإسلام 5 / 9 حوادث سنة واحد وستين ، مقتل الحسين ، وغيرها من المصادر .
68 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 39 ـ 40 خروج الحسين من مكة إلى العراق .
69 ـ دلائل الإمامة / 181 ـ 182 في ترجمة الحسين (عليه السّلام) ، ذكر معجزاته (عليه السّلام) ، إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات 4 / 54 الباب الخامس عشر ، معجزات أبي عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) الفصل السابع عشر .
70 ـ تاريخ دمشق 14 / 209 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، واللفظ له ، تهذيب الكمال 6 / 418 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، سير أعلام النبلاء 3 / 296 ـ 297 في ترجمة الحسين الشهيد ، تاريخ الإسلام 5 / 9 حوادث سنة واحد وستين ، مقتل الحسين ، ترجمة الحسين (عليه السّلام) من طبقات ابن سعد / 58 ح 283 ، وغيرها من المصادر .
71 ـ إثبات الوصية / 175 قصة كربلاء ، الهداية الكبرى / 203 ، الثاقب في المناقب / 330 ، مدينة المعاجز 3 / 489 ـ 490 ، وغيرها من المصادر .
72 ـ منها ما روي عن آدم (عليه السّلام) (بحار الأنوار 44 / 242 ـ 243 ، 245) ، وإبراهيم (عليه السّلام) (كامل الزيارات / 142 ـ 143 ، خصال الصدوق / 58 ـ 59 ح79 ، وإسماعيل (عليه السّلام) (بحار الأنوار 44 / 243 ـ 244) ، ونوح (عليه السّلام) (الأمان من أخطار الأسفار / 118 ـ 119 الفصل الرابع) ، وزكريا (عليه السّلام) (كمال الدين وتمام النعمة / 461 الباب الثالث والأربعون ، دلائل الإمامة / 513 ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب 3 / 237 ،ـ وغيرها من المصادر) ، وموسى (عليه السّلام) (بحار الأنوار 44 / 244) ، وسليمان (عليه السّلام) (بحار الأنوار 44 / 244) ، وعيسى (عليه السّلام) (الأمالي ـ للصدوق / 695 ، بحار الأنوار 44 / 244) ، وغيرهم من الأنبياء (كامل الزيارات / 137 ـ 139) .
73 ـ راجع المعجم الكبير 3 / 111 مسند الحسين بن علي ، ذكر مولده وصفته ح 2827 ، وتاريخ دمشق 14 / 199 ـ 200 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، وسير أعلام النبلاء 3 / 291 في ترجمة الحسين الشهيد ، وتاريخ الطبري 4 / 296 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مسير الحسين (عليه السّلام) من مكّة متوجّهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره ، والفتوح ـ لابن أعثم 4 / 330 ـ 331 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل ... ، ومقتل الحسين ـ للخوارزمي 1 / 165 الفصل الثامن ، وحياة الحيوان 1 / 110 عند كلامه عن الأوز ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
ومن أمثلة ذلك ما رواه ابن عساكر بأسانيد متعدّدة إلى يحيى بن يمان قال : أخبرني إمام مسجد بني سليم قال: غزا أشياخ لنا الروم ، فوجدوا في كنيسة من كنائسهم :
كيف ترجو أمة قتلت حسيناً     شفـاعة جدّه يوم الحسـاب
فقالوا : منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة ؟ قالوا : قبل أن يخرج نبيّكم بستمئة ، تاريخ دمشق 14 / 242 ـ 244 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب ، ونقله عنه في البداية والنهاية 8 / 218 في أحداث سنة إحدى وستين ، فصل بلا عنوان بعد ذكر صفة مقتله ، ورواه بسند آخر الطبراني في المعجم الكبير 3 / 124 في مسند الحسين بن علي في ذكر مولده وصفته ح 2874 ، ونقله عنه في مجمع الزوائد 9 / 199 كتاب المناقب ، باب مناقب الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، ورواه أيضاً المزي بسند آخر في تهذيب الكمال 6 / 442 في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب .
وكذا ما رواه ابن عساكر أيضاً بسندين عن الأصمعي قال : مررت بالشام على باب دير ، وإذا على حجر منقور كتابة بالعبرانية ، فقرأته ، فأخرج راهب رأسه من الدير ، وقال لي : يا حنيفي أتحسن تقرأ العبرانية ؟ قلت : نعم . قال لي : اقرأ . فقلت :
أيرجو معشـر قتلوا حسـيناً     شفـاعة جدّه يوم الحسـاب
فقال لي الراهب : يا حنيفي ، هذا مكتوب على هذا الحجر قبل أن بُعث صاحبك يعني النبي (صلّى الله عليه وآله) بثلاثين عاماً ، تاريخ دمشق 37 / 57 ـ 58 في ترجمة عبد الملك بن قريب بن عبد الملك .
وكذا ما رواه السمهودي عن محمد بن سيرين أنّه قال : وجد حجر قبل مبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بثلاثمئة سنة عليه مكتوب بالسريانية ، فنقلوه إلى العربية ، فإذا هو :
أترجوا أمة قتـلت حسـيناً     شفـاعة جدّه يوم القيـامه
جواهر العقدين ق2 ج2 / 387 الذكر الرابع عشر ، وروى مثله في ينابيع المودّة 3 / 46 ، ونظم درر السمطين / 219 ، وغيرها من المصادر .
74 ـ تاريخ دمشق 14 / 240 في ترجمة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب ، البداية والنهاية 8 / 219 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة فصل من دون ترجمة ، نظم درر السمطين / 217 ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 95 الفصل الثاني عشر ، وقد اقتصر على البيت الأوّل والثالث .  
75 ـ تاريخ الطبري 4 / 358 أحداث سنة إحدى وستين ، الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 156 بعد ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثه إليه برأس الحسين بن علي (رضي الله عنهم) ، كتاب الهواتف / 87 باب هواتف الجن ، الكامل في التاريخ 4 / 90 أحداث سنة إحدى وستين ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) ، وقد اختلفت المصادر في بعض ألفاظ الأبيات وقد أثبتناها بلفظ الكامل في التاريخ .
76 ـ كامل الزيارات / 157 ، واللفظ له ، دلائل الإمامة / 188 ، الخرائج والجرائح 2 / 771 ـ 772 ، بصائر الدرجات / 502 ، وغيرها من المصادر .
77 ـ الأمالي ـ للطوسي / 677 .
78 ـ سورة الأنفال / 42 .
79 ـ راجع ملحق رقم(4) .
80 ـ تاريخ الطبري 4 / 319 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 59 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) ، أنساب الأشراف 3 / 393 خروج الحسين بن علي من مكة إلى الكوفة ، مقاتل الطالبيين / 75 مقتل الحسين بن علي (عليهم السّلام) ، نهاية الأرب في فنون الأدب 20 / 272 ـ 274 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مسير الحسين بن علي (رضي الله عنهم) وخبر مَنْ نهاه عن المسير ، إعلام الورى بأعلام الهدى / 457 ، اللهوف في قتلى الطفوف / 50 وصول الحسين إلى كربلاء ، وقريب منه في البداية والنهاية 8 / 192 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمّة الشأن ، وتاريخ اليعقوبي 2 / 244 مقتل الحسين بن علي ، والمنتظم 5 / 338 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) ، وغيرها من المصادر .
81 ـ تقدّمت مصادرها في / 50 .
82 ـ اللهوف في قتلى الطفوف / 69 شهادة أهل بيته (عليهم السّلام) .
83 ـ مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 19 ، بحار الأنوار 45 / 27 ، ووردت هكذا : (( أحتسب نفسي وحماة أصحابي )) في تاريخ الطبري 4 / 336 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، والكامل في التاريخ 4 / 71 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) ، ونهاية الأرب في فنون الأدب 20 / 283 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ما تكلّم به الحسين .
84 ـ الكامل في التاريخ 4 / 73 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 4 / 339 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة .
85 ـ راجع ملحق رقم(4) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page