• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في جهود أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وجهود الخاصّة من الصحابة والتابعين الذين كانوا معه

 

المقام الأوّل

في جهود أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)

وجهود الخاصّة من الصحابةوالتابعين الذين كانوا معه

أشرنا آنفاً إلى أنّ قيام السلطة بعد انحرافها عن خطّ أهل البيت بالفتوح الكبرى ، وما استتبعها من الغنائم العظيمة كان هو السبب في نشر الإسلام بواقعه المنحرف .

كما إنّ له أعظم الأثر في احترام الإسلام المذكور ، واحترام رموزه في نفوس عامّة المسلمين ، خصوصاً بعد ما سبق من التحجير على السُنّة النبويّة ، ومنع الحديث عن النبي (صلّى الله عليه وآله) إلاّ بما

يتناسب مع نهج السلطة وتوجّهاته ، ولو بوضع الأحاديث ، والكذب على النبي (صلّى الله عليه وآله) لصالحها .

إلاّ إنّ الانحراف لمّا ابتنى على عدم نظام للسلطة ؛ فقد صارت السلطة معرضة لأن تكون مطمعاً لكلّ أحد من قريش قبيلة النبي (صلّى الله عليه وآله) ـ التي ابتنى الانحراف الفاتح على اختصاص حقّ

الخلافة بها من دون فرق بين قبائلها ـ مهما كان حال الشخص ومقامه في الإسلام .

وقد روي عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) أنّه قال لمّا بويع أبو بكر : كرديد نكرديد . أما والله ، لقد فعلتم فعلة أطمعتم فيها الطلقاء ولعناء رسول الله(1) .

 

تخوّف عمر بن الخطاب من أطماع قريش

كما إنّ شدّة عمر بن الخطاب وضيق بعض الصحابة من ذلك ـ على ما سبق في حديث طلحة وغيره(2) ـ جعلته يخشى من محاولة قريش التخلّص منه ، أو الخروج عليه حتى إنّه لمّا طُعن لم يبرئ الصحابة

من التآمر عليه ، بل سألهم فقال : عن ملأ منكم ومشورة كان هذا الذي أصابني ؟

فتبرؤوا من ذلك وحلفوا(3) .

وقد أدرك أنّ عامّة المسلمين المنتشرين في أقطار الأرض ما داموا في سكرة الفتوح والغنائم والانتصارات فهم في غفلة عن كلّ تغيير ، بل هم يستنكرون ذلك لما للسلطة ورموزها من الاحترام في نفوسهم.

 

تحجير عمر على كبار الصحابة

ومن أجل إبقائهم على غفلتهم رأى أنّ اللازم الحجر على كبار الصحابة وذوي الشأن منهم وحبسهم في المدينة المنوّرة ، وجعلهم تحت سيطرته بحيث لا يخرج منهم خارج عنها

إلاّ تحت رقابة مشدّدة ؛ من أجل الالتزام بتعاليمه والسير على خطّه ، ولا أقل من عدم الخروج عنه وزرع بذور الخلاف والانشقاق ؛ لأنّ صحبتهم للنبي (صلّى الله عليه وآله) ، وقدمهم في الإسلام ،

واشتراكهم في حروبه الأولى تجعل لهم حرمة في نفوس عامّة المسلمين قد يستغلّونها من أجل كشف

الحقيقة ، وإيضاح واقع الإسلام الحقّ ، أو من أجل تثبيت مراكز قوّة ونفوذ لهم في مقابل السلطة ؛ لتحقيق أطماعهم الشخصية ، أو نحو ذلك ممّا قد يؤدّي إلى تعدّد الاتجاهات داخل الكيان الإسلامي ،

وظهور الخلافات أو حصول الشقاق .

وهذا بخلاف حديثي الإسلام والمنافقين على ما تقدّم توضيحه عند التعرّض للخطوات التي قامت بها السلطة من أجل تثبيت شرعيتها .

وقد تقدّم منه أنّه لمّا سُئل عن توليته المؤلّفة قلوبهم والطلقاء وأبناءهم ، وترك أمير المؤمنين (عليه السّلام) والعباس والزبير وطلحة ، قال : أمّا علي فأنبه من ذلك ، وأمّا هؤلاء النفر من قريش فإنّي أخاف أن

ينتشروا في البلاد ، فيكثروا فيها الفساد(4) .

وعن قيس بن حازم قال : جاء الزبير إلى عمر بن الخطاب يستأذنه في الغزو ، فقال عمر : اجلس في بيتك ، فقد غزوت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .

قال : فردّد ذلك عليه ، فقال له عمر في الثالثة أو التي تليها : اقعد في بيتك . فوالله ، إنّي لأجد بطرف المدينة منك ومن أصحابك أن تخرجوا فتفسدوا على أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله)(5) .

وفي رواية أخرى : فانطلق الزبير وهو يتذمّر .

فقال عمر : مَنْ يعذرني من أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله) ، لولا أنّي أمسك بفمٍ هذا الشغب لأهلك أُمّة محمد (صلّى الله عليه وآله)(6) .

وفي رواية ابن عساكر : مَنْ يعذرني من أصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله) لولا أنّي أمسك بفمي هذا الشِعب لأهدموا أُمّة محمد (صلّى الله عليه وآله)(7) .

قال اليعقوبي : واستأذن قوم من قريش عمر في الخروج للجهاد ، فقال :

قد تقدّم لكم مع رسول الله .

قال : إنّي آخذ بحلاقيم قريش على أفواه هذه الحرّة ، لا تخرجوا فتسللوا بالناس يميناً وشمالاً .

قال عبد الرحمن بن عوف : فقلت : نعم يا أمير المؤمنين ، ولِمَ تَمنعنا من الجهاد ؟

فقال : لأن أسكت عنك فلا أجيبك خير لك من أن أُجيبك .

ثمّ اندفع يحدّث عن أبي بكر حتى قال : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرّها ، فمَنْ عاد لمثلها فاقتلوه(8) .

وعن الشعبي أنّه قال : لم يمت عمر (رضي الله عنه) حتى ملّته قريش ، وقد كان حصرهم بالمدينة فامتنع عليهم ، وقال : إنّ أخوف ما أخاف على هذه الأُمّة انتشاركم في البلاد .

فإن كان الرجل يستأذنه في الغزو ـ وهو ممّن حبس في المدينة من المهاجرين ولم يكن فعل ذلك بغيرهم من أهل مكة ـ فيقول : قد كان لك في غزوك مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ما يبلغك ، وخير

لك من الغزو اليوم أن لا ترى الدنيا ولا تراك ، فلمّا ولي عثمان خلّى عنهم فاضطربوا في البلاد ، وانقطع إليهم الناس(9) .

قال محمد بن طلحة : فكان ذلك أوّل وهن دخل على الإسلام ، وأوّل فتنة كانت في العامّة ليس إلاّ ذلك(10) .

 

توقّف أهل البيت (عليهم السّلام) عن تنبيه عامّة المسلمين لحقّهم في الخلافة

ونتيجة لجميع ما سبق لا بدّ أن يتوقّف أهل البيت (صلوات الله عليهم)

والخاصّة من شيعتهم عن تنبيه عامّة الناس لحقّهم (عليهم السّلام) في الخلافة ، ولحصول التشويه والتحريف في كثير من الحقائق الدينية ؛ لعدم حصول الأرضية المناسبة لذلك ، ويقتصر نشاطهم على

الخاصّة من أجل إعدادهم للعمل في الوقت المناسب .

ولاسيما أنّ أخلاقياتهم ومثلهم واهتمامهم بفرض احترامهم على المسلمين قد تمنعهم من أن يُعرف عنهم أنّهم السبب في شقّ كلمة المسلمين ، وزرع بذور الخلاف والشقاق بينهم ، وكانوا يرون أنّ

الأنسب لهم أن تظهر أسباب الخلاف والشقاق والفتنة من غيرهم ، وهو ما يتوقّع حصوله في القريب العاجل بسبب تداعيات الانحراف الذي حصل في السلطة .

 

إحساس عمر بأنّ الاستقرار على وشك النهاية

وكان عمر بن الخطاب قد أدرك ذلك ، وعرف أنّ زمان الاستقرار على وشك النهاية .

قال ابن أبي الحديد : وروى أبو جعفر الطبري في تاريخه ، قال : كان عمر قد حجّر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان إلاّ بإذن وأجل ، فشَكَوه ، فبلغه ، فقام فخطب فقال : ألا إنّي قد

سننت الإسلام سنّ البعير ، يبدأ فيكون جذع ، ثمّ ثني ، ثمّ يكون رباعي ، ثمّ سديس ، ثمّ بازل . ألا فهل ينتظر بالبازل إلاّ النقصان .

ألا وإنّ الإسلام قد صار بازلاً ، وإنّ قريشاً يريدون أن يتّخذوا مال الله معونات على ما في أنفسهم . ألا إنّ في قريش مَنْ يضمر الفرقة ، ويروم خلع الربقة . أما وابن الخطاب حيّ فلا ، إنّي قائم دون شعب

الحرّة ، آخذ بحلاقيم قريش وحُجَزها أن يتهافتوا في النار(11) .

ولعلّ ذلك هو المنشأ لما سبق من شكّه

في الصحابة ، واحتماله تآمرهم عليه لمّا طُعن .

 

تنبؤ الصديقة الزهراء (عليها السّلام) باضطراب أوضاع المسلمين

وهو ما توقّعته الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليه) للأُمّة في مبدأ انحراف مسار السلطة وخروجها عن موضعها الذي جعلها الله (عزّ وجلّ) فيه ، حيث قالت (عليها السّلام) في ختام خطبتها الصغيرة :

(( أما لعمري ، لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملأ القعب دماً عبيطاً ، وزعافاً مبيداً . هنالك ( يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ ) ، ويعرف البطالون غبّ ما أسس الأوّلون ، ثمّ طيبوا عن دنياكم أنفساً ، واطمئنوا للفتنة

جأشاً ، وابشروا بسيف صارم ، وسطوة معتدٍ غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً ... ))(12) .

 

مجمل الأوضاع في أوائل عهد عثمان

وأخيراً انتهى عهد عمر وجاء عهد عثمان ، وعامّة المسلمين بعد في غفلتهم ، قد غلبت عليهم سكرة الفتوح والغنائم ، وتوسّع رقعة الإسلام ، ودخول الناس فيه أفواجاً ، وما استتبع ذلك من تمجيد الحكّام

الذين حصلت الفتوح على عهدهم ، وظهرت الأحاديث المكذوبة على النبي (صلّى الله عليه وآله) والألقاب المنتحلة التي ترفع من شأنهم ، على ما سبق .

 

غفلة العامّة عن ابتناء بيعة عثمان على الانحراف

وقد أذهلهم ذلك كلّه عن تمادي السلطة في الانحراف عن الخطّ السليم

في الإسلام ؛ نتيجة المخالفات الكثيرة ، ومنها ما تمّت على أساسه بيعة عثمان ، وهو أخذ سيرة أبي بكر وعمر شرطاً في البيعة يُضاف إلى موافقة كتاب الله (عزّ وجلّ) وسُنّة نبيه (صلّى الله عليه وآله) ،

وجعلها في مرتبة واحدة ؛ من أجل إقصاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي يعلم الخاصّة الذين بيدهم الحلّ والعقد ومَنْ سار في خطّهم أنّه كما قال له عمر : أما والله ، لئن وليتهم لتحملنّهم على الحقّ

الواضح والمحجّة البيضاء(13) ، وكما قال عنه لابن عباس : ولئن وليهم ليأخذنّهم بمرّ الحقّ لا يجدون عنده رخصة ...(14) .

وفي حديث عبد الرحمن بن عبد القاري في حوار بين عمر وبين رجل من الأنصار : ثمّ قال عمر للأنصاري : مَنْ ترى الناس يقولون يكون الخليفة بعدي ؟

قال : فعدّد رجالاً من المهاجرين ، ولم يسمِّ عليّاً .

فقال عمر : فما لهم من أبي الحسن؟ فوالله إنّه لأحراهم إن كان عليهم أن يقيمهم على طريقة من الحقّ(15) .

وفي حديث عمر بن ميمون الأودي قال : كنت عند عمر بن الخطاب حين وليَ الستة الأمر ، فلمّا جازوا أتبعهم بصره ، ثمّ قال : لئن ولّوها الأجيلح ليركبن بهم الطريق ، يريد عليّاً(16) .

وفي حديث أبي مجلز في مثل ذلك : قال عمر : مَنْ تستخلفون بعدي ؟... .

فقال رجل من القوم : نستخلف عليّاً .

فقال : إنّكم لعمري لا تستخلفونه . والذي نفسي بيده لو استخلفتموه لأقامكم على الحقّ وإن كرهتم ...(17) .

كما يعلمون أنّه (عليه السّلام) لو وليَ الخلافة لوسعه أن يظهر الحقيقة ، ثمّ لم تخرج الخلافة عن أهل البيت (صلوات الله عليهم) .

وإذا كان مقام أمير المؤمنين (عليه السّلام) مجهولاً عند عامّة المسلمين نتيجة ما سبق ، فالمفترض أن لا يخفى عليهم مقام الكتاب المجيد والسُنّة الشريفة ، وانحصار المرجعية في العلم والعمل بهما ،

لولا الذهول والاندفاع في تمجيد الحكّام والتبعية لهم في الدين ، الأمر الذي سبق الكلام فيه في المبحث الأوّل .

واكتفى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بالامتناع عن قبول الشرط المذكور ـ وإن أدّى ذلك إلى إقصائه عن الخلافة ـ التزاماً منه بمبادئه ، وإقامة للحجّة على عدم شرعية هذا الشرط .

ولم يكن في وسعه (عليه السّلام) حينئذ أن يشنّع على ذلك الشرط ، ويحمل العامّة على الإنكار والتغيير ؛ لعدم وجود الأرضية الصالحة لذلك ، بعدما سبق من اندفاع الناس مع أولياء الأمور ، مع إنّه ربما

كان لا يرى الصلاح في أن يبدأ هو بشقّ كلمة المسلمين ، وزرع بذور الخلاف بينهم على ما أشرنا إليه آنفاً .

 

مدى اندفاع العامّة مع السلطة في تلك الفترة

ويمكن أن نعرف مدى اندفاع الناس مع أولياء الأمور في ذلك الوقت ، وعدم اهتمامهم بمعرفة الحقيقة والدفاع عنها ، ممّا تقدّم في قصّة صبيغ بن عسل(18) من امتناع الناس عن مجالسته لمنع عمر عن

ذلك من دون أن يذكروا جرمه .

وما رواه جندب بن عبد الله الأزدي عند تعرّضه للمشادّة بين المقداد وعبد الرحمن بن عوف من أجل إقصاء أمير المؤمنين (عليه السّلام) في تلك الشورى ، وما تقدّم من قول المقداد : أما والله ، لو أنّ لي

على قريش أعواناً لقاتلتهم قتالي إيّاهم ببدر وأُحد(19) .

قال جندب : فأتبعته ، وقلت له : يا عبد الله ، أنا من أعوانك .

فقال : رحمك الله ، إنّ هذا الأمر لا يغني فيه الرجلان ولا الثلاثة .

قال : فدخلت من فوري ذلك على علي (عليه السّلام) فقلت : يا أبا الحسن ، والله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك .

فقال : (( صبر جميل ، والله المستعان )) .

فقلت : والله إنّك لصبور .

قال : (( فإن لم أصبر فماذا أصنع ؟ )) .

فقلت : تقوم في الناس فتدعوهم إلى نفسك ، وتخبرهم أنّك أولى بالنبي (صلّى الله عليه وآله) ، وتسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين عليك ، فإن أجابك عشرة من مئة شددت بهم على الباقين ، فإن

دانوا لك فذاك ، وإلاّ قاتلتهم وكنت أولى بالعذر قُتلت أو بقيت ، وكنت أعلى عند الله حجّة .

فقال : (( أترجو يا جندب أن يبايعني من كلّ عشرة واحداً ؟ )) .

قلت : أرجو ذلك .

قال : (( لكنّي لا أرجو ذلك . لا والله ، ولا من المئة واحداً ... )) .

هذا في المدينة المنوّرة التي هي موطن المهاجرين والأنصار ، والتي يعرف الكثير من أهلها أو جميعهم مقام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وحقّه ، وما حصل من الظلم عليه خاصة وعلى أهل البيت عموماً

نتيجة الانحراف .

أمّا في غيرها من أمصار المسلمين فمن الطبيعي أن يكون الحال أشدّ ، والناس أبعد عن معرفة الحقيقة والاهتمام بأمره .

قال جندب بعد أن ذكر حديث أمير المؤمنين (عليه السّلام) السابق حول موقف الناس معه : فقلت : جُعلت فداك يابن عمّ رسول الله ! لقد صدعت قلبي بهذا القول ، أفلا أرجع إلى المصر فأوذن الناس

بمقالتك ، وأدعو الناس إليك ؟

فقال : (( يا جندب ، ليس هذا زمان ذاك )) .

قال : فانصرفت إلى العراق ، فكنت أذكر فضل علي على الناس فلا أعدم رجلاً يقول لي ما أكره ، وأحسن ما أسمعه قول مَنْ يقول : دع عنك هذا ، وخذ فيما ينفعك ، فأقول : إنّ هذا ممّا ينفعني ، فيقوم

عنّي ويدعني(20) .

وعن أبي الطفيل قال : خرجت أنا وعمرو بن صليع المحاربي حتى دخلنا على حذيفة ... فقال : حدّثنا يا حذيفة .

فقال : عمّا أحدّثكم ؟

فقال : لو أنّي أحدّثكم بكلّ ما أعلم قتلتموني ، أو قال : لم تصدّقوني .

قالوا : وحقّ ذلك ؟

قال : نعم .

قالوا : فلا حاجة لنا في حقّ تحدّثناه فنقتلك عليه ، ولكن حدّثنا بما ينفعنا ولا يضرّك .

فقال : أرأيتم لو حدّثتكم أن أُمّكم تغزوكم إذاً صدّقتموني ؟

قالوا : وحقّ ذلك ؟!(21) .

وقريب منه حديث خيثمة بن عبد الرحمن عن حذيفة(22) .

وهي تدل على أنّ عامّة المسلمين قد تمسّكوا بثقافة خاصّة لا يقبلون بغيرها حتى إنّ حذيفة ـ مع ما له من مقام رفيع ـ لو حدّثهم بخلافها لكذّبوه ، بل قد يقتلونه .

 

اختلاف عثمان عن عمر في الحزم والسلوك

ولكنّ تداعيات الانحراف في أمر السلطة بدأت تظهر للناس ؛ لأنّ عثمان يختلف عن عمر بأمرين :

الأوّل : ضعف الإدارة وفقد الحزم ، وسوء التعامل مع الأحداث .

الثاني : إنّه توسّع في إنفاق المال ، وظهرت عليه وعلى زمرته مظاهر التسامح والترف ، وقرّب بني أُميّة ومكّنهم في البلاد ، وولاّهم الأمصار مع ما عرف عنهم من العداء للنبي (صلّى الله عليه وآله)

وللإسلام ، والكيد لهما في بدء الدعوة ، ثمّ النفاق بعد أن اضطروا للدخول في الإسلام ، ولم يمنعه ذلك من تقريبهم وتحكيمهم فاتّخذوا مال الله دولاً وعباده خولاً ، وانتهكوا حرماتهم وحرمات دينهم بتخالع

واستهتار بنحو لم يعهده عامّة المسلمين من قبل .

 

ظهور الإنكار على عثمان من عامّة المسلمين

وقد أضرّ ذلك بمصالح الخاصّة والعامّة ؛ فأثار حفيظتهم كما أثار حفيظة أهل الدين ، وكلّ مَنْ يهمّه الصالح العام .

وبذلك بدأ الإنكار على عثمان والتشنيع عليه ، وإثارة مشاعر الناس ضدّه ، وتهييج الرأي العام عليه ، وظهرت بوادر التغيير .

 

تحقّق الجو المناسب لإظهار مقام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وبيان ظلامته

وحينئذ تحقّقت الأرضية الصالحة لتعريف العامّة بمقام الإمام أمير

المؤمنين (صلوات الله عليه) ونشر فضائله ، وهو الذي كان في الشورى الطرف الوحيد المقابل لعثمان ، والذي أقصته المصالح الضيّقة ، وقدّمت عليه عثمان ؛ تجاهلاً لمصلحة الإسلام العلي ، وتجاوزاً عليه .

وهو (عليه السّلام) يحظى بأعظم رصيد من الفضائل والمناقب ، وبالمؤهّلات المميّزة في قيادة الأُمّة ، والسير بها على الطريق الواضح والصراط المستقيم .

ولاسيما أنّ خاصّة شيعته المتفانين في الدعوة له قد كانت لهم المكانة السامية من بين الصحابة والتابعين بحيث يسمع منهم جمهور المسلمين ، ويتفاعل بتوجيهاتهم وإرشاداتهم في خضمّ الهيجان

والصراع .

 

جهود الخاصة في التعريف بمقامه (عليه السّلام) وكشف الحقيقة

وهنا جاء دورهم ليقوموا بمهمّتهم الكبرى التي أعدّوا لها ، وذلك ببيان الحقيقة والدعوة له من أجل أن يكون التغيير المتوقّع لصالحه ، لا للأسوأ ، أو من أجل إقامة الحجّة على الناس لو لم يتقبّلوه ، ويؤدّوا

وظيفتهم إزاءه .

ولا يتيسّر لنا فعلاً الاطّلاع الكافي على مفردات ما حصل ، إلاّ إنّ خير شاهد على ما ذكرنا هو هتاف الجماهير باسم أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في أواخر أيّام عثمان عند ظهور النقمة عليه مع إنّه

(عليه السّلام) كان أخفّ النفر على عثمان .

نعم ، من المظنون قويّاً أنّ الأمر مع عامّة الناس لم يكن يتجاوز بيان الفضائل التي تقتضي تقديمه على غيره من الموجودين ، بل ربما على جميع المسلمين حتى على الشيخين ، لكن من دون تركيز على

لنصّ القاضي باختصاص الحقّ به وبذرّيته ، وعدم شرعية خلافة مَنْ سبق كما هو مذهب أهل البيت (صلوات الله عليهم) ؛ لعدم تهيؤ عامّة المسلمين نفسيّاً لذلك ، وعدم تقبّلهم له .

ولاسيما أنّ سيرة عثمان ، وتدهور الأوضاع في عهده ، وظهور الخلاف والشقاق في الكيان الإسلامي بعد استقراره ، قد أكّدت في نفوسهم ما سبق من احترام الشيخين أو تقديسهم ؛ نتيجة انتشار

الإسلام في عهدهم ، وما استتبعه من الغنائم التي لم تكن العرب تحلم بها ، وألقاب التمجيد والأحاديث التي وضعت في تلك الفترة كما سبق .

مضافاً إلى أنّ في المعارضة لعثمان عناصر مهمّة هي على خلاف خطّ أهل البيت ، والاعتراف بالنصّ يفوّت عليها أطماعها ، كما أنّها تهتم بالتركيز على سيرة الشيخين وتمجيدهم ؛ من أجل التنفير من

عثمان والتهريج عليه .

وإذا كان النصّ قد ذكر وركّز عليه فمن الغريب أن يكون ذلك مقتصراً على القليل من ذوي التعقّل والدين ، ممّن يهمّه معرفة الحقيقة والوصول إليها .

وعلى كلّ حال فقد أدّت الخاصة من شيعة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ـ فيما يظهر ـ دورها الذي أعدّت له ، وحقّقت خدمة كبرى للحقيقة المضطهدة  التي عُتّم عليها في الفترة السابقة .

وبالمناسبة يقول ابن قتيبة عند عرض أحداث واقعة الجمل : فلمّا قدم علي طيء أقبل شيخ من طيء قد هرم من الكبر ، فرفع له من حاجبيه فنظر إلى علي ، فقال له : أنت ابن أبي طالب ؟

قال : (( نعم )) .

قال : مرحباً وأهلاً ... لو أتيتنا غير مبايعين لك لنصرناك ؛ لقرابتك من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأيّامك الصالحة ، ولئن كان ما يُقال فيك من الخير حقّاً إنّ في أمرك وأمر قريش لعجب ؛ إذ أخرجوك

وقدّموا غيرك ...(23) .

وبذلك ظهرت ثمرة الصبر والموادعة من أجل الحفاظ على هذه الثلّة الصالحة ، وعدم التفريط بها في مبدأ الانحراف في السلطة عند ارتحال النبي (صلّى الله عليه وآله) للرفيق الأعلى .

 

توجّهات المعارضة لعثمان

هذا ويبدو أنّ المعارضين لعثمان على قسمين :

الأوّل : النفعيون والانتهازيون الذين يريدون القضاء على عثمان ؛ لتضرّر مصالحهم ، أو بأمل الحصول على مكاسب مادية ، أو تبوّء مراكز قيادية من دون رؤية واضحة للنتائج المترتّبة على ذلك ، أو لعدم الاهتمام

بها من أجل أهدافهم .

وقد كشفتهم الأحداث بعد مقتل عثمان ، والتداعيات التي ترتّبت عليه ، ممّا يسهّل التعرّف عليه بالرجوع لتاريخ تلك الفترة .

الثاني : الناقمون من سوء الأوضاع الذين يريدون تحسّنها ، وتحقيق السلطة للعدالة والتزامها بها من دون أن يكون لهم مشروع خاصّ لحلّ المشكلة ، وهم الأكثرية .

 

مقتل عثمان بعد فشل مساعي أمير المؤمنين (عليه السّلام) لحلّ الأزمة

أمّا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) فقد بذل جهده من أجل إصلاح الأمور ، وحلّ المشكلة بين عثمان والناس ؛ تجنّباً للفتنة حيث يعلم (عليه السّلام) بما يترتّب عليها من تداعيات وسلبيات على الإسلام

والمسلمين .

ويشير إلى ذلك كلامه (عليه السّلام) مع عثمان حينما دخل عليه بعد أن شكاه الناس له ، حيث قال في جملته : (( وإنّي أنشدك الله أن لا تكون إمام هذه الأُمّة المقتول ؛ فإنّه كان يُقال : يُقتل في هذه

الأُمّة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ، ويلبس أمورها عليها ، ويبثّ الفتن عليها ، فلا يبصرون الحقّ من الباطل ، يموجون فيها موجاً ، ويمرجون فيها مرجاً ))(24) .

وقد كاد أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسّلام) يستوعب الخلاف ، ويحلّ الأزمة بسلام ، لولا سوء إدارة عثمان ، وفساد بطانته ، وضعف شخصيته ، وتأرجح موقفه .

وانتهى الأمر بحصار عثمان ثمّ قتله ، بل المنع من دفنه لولا استنجاد ذويه بأمير المؤمنين (عليه السّلام) (25) .

مطالبة الجماهير ببيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام)

واندفعت بعد ذلك الجماهير من خاصة المسلمين وعامّتهم تريد بيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؛ لأنّه الشخصية الأولى ـ ولو في عصره ـ بنظرهم ، ولما يتميّز به من مؤهّلات ـ وعمدتها عندهم العلم ،

والاستقامة ، والسابقة ، والأثر الحميد في الإسلام ، والقرابة من النبي (صلّى الله عليه وآله) بأمل تحقّق الإصلاح على يديه ، وسير عجلة الإسلام في الطريق الصحيح وفي مأمن من الاستئثار والفساد .

وربما كان هدف كثير ممّن يعرف حق أهل البيت (صلوات الله عليهم) تعديل مسار السلطة في الإسلام بذلك ، ورجوع الحقّ إلى أهله في مأمن من الزيغ والانحراف .

 

إباء أمير المؤمنين (عليه السّلام) البيعة تنبئه بالمستقبل القاتم

وكيف كان فقد امتنع (صلوات الله عليه) من القبول بالبيعة ؛ لعلمه بأنّه

لا يتم لهم ما أرادوا ؛ لأنّ الناس ـ ولاسيما الخاصة ـ لا تطيق عدله ، والتزامه بنصوص الدين بعد أن تعودّت على التسامح ، وفتحت عيونها على الدنيا ، وراقهم زبرجها .

وكان فيما قال إيضاحاً للحال ، وكبحاً لجماح التفاؤل والآمال : (( دعوني والتمسوا غيري ؛ فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم به القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ))(26) .

وقد أشار (عليه أفضل الصلاة والسّلام) إلى ما توقّعته الصديقة فاطمة الزهراء (صلوات الله عليه) في كلامها السابق ، وهما يأخذان من أصل واحد .

ولمّا أصرّوا عليه قال (عليه السّلام) إقامة للحجّة : (( قد أجبتكم ، واعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، وإن تركتموني فإنّما أنا كأحدكم ، إلاّ أنّي أسمعكم وأطوعكم لِمَنْ ولّيتموه ))(27) .

 

بيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) وما استتبعها من تداعيات

وأخيراً تمّت البيعة ، وتوالت الفتن والأحداث على النحو المعلوم تاريخياً ، وكان آخرها مقتل أمير المؤمنين ، وصلح الإمام الحسن (صلوات الله عليهما) ، واستيلاء معاوية على السلطة ، والقضاء على مشروع

الإصلاح ، حيث لم يُكتب له الاستمرار ست سنين ، رغم الجهود الجبّارة والتضحيات الكبرى من أجل المحافظة عليه وتنفيذه .

 

قد يبدو فشل أمير المؤمنين (عليه السّلام) في تسلّمه للسلطة

وبذلك يبدو لأوّل وهلة فشل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في تسلّمه السلطة ، وأنّه لم يحقّق نجاحاً ، بل زادت الأمور سوءاً ؛ لأنّه (عليه السّلام) اضطر لمباشرة حروب ثلاثة ذهب ضحيّتها كثير من

المسلمين ، وزادت بسببها مشاكلهم وخلافاتهم ، ثمّ تسنّم السلطة معاوية ومَنْ بعده من الأمويين وغيرهم ، وكانت عهودهم أسوأ بكثير بحسب المنظور العام من عهد عثمان ومَنْ قبله .

 

علمه (عليه السّلام) بفشل مشروع الإصلاح الجذري

لكنّ أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) كان يعلم من أوّل الأمر بفشل مشروع الإصلاح الذي طلبوا منه البيعة من أجله ، كما يشير إلى ذلك ما تقدّم من قوله (عليه السّلام) : (( فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه

وله ألوان ، لا تقوم به القلوب ، ولا تثبت عليه العقول )) ، وما يأتي من خطبته حين بويع .

وقد عهد له النبي (صلّى الله عليه وآله) ـ بل للأُمّة عامّة ـ بخروج الناكثين والقاسطين والمارقين عليه(28) ، وبكثير من تفاصيل ذلك ، ومنها إرغامه على

التحكيم(29) ، وما استتبعه من فتنة الخوارج(30) ، ثمّ قتله (عليه السّلام) بعد أن يتجرّع الغيظ(31) ، وبقيام دولة بني أُميّة الشجرة الملعونة في القرآن(32) .

وهو القائل : (( أتاني عبد الله بن سلام ، وقد وضعت رجلي في الغرز ، وأنا أريد العراق ، فقال : لا تأتي [كذا في المصدر] العراق ؛ فإنّك إن أتيته أصابك به ذباب السيف )) .

قال أبو الأسود الدؤلي : قال علي : (( وأيم الله ، لقد قالها لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قبلك ))(33) .

والقائل في حرب صفين ، وهو في أوج قوّته العسكرية : (( ما اختلفت أُمّة قطّ بعد نبيّها إلاّ ظهر أهل باطلها على أهل حقّها ))(34) ، والقائل في الكوفة : (( إنّي أُقاتل على حقّ ؛ ليقوم ، ولن يقوم ، والأمر

لهم ))(35) .

كما قال (عليه السّلام) أيضاً : (( أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم ، مندحق البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد فاقتلوه ، ولن تقتلوه ، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي ... ))(36) ،

إلى غير ذلك ممّا يجده الناظر في تاريخ تلك الحقبة وما يتعلّق بها ، ولاسيما ما ورد في أخبار أهل البيت (صلوات الله عليهم) .

 

أهداف أمير المؤمنين (عليه السّلام) من تسلّمه للسلطة

ومن هنا لا بدّ أن يكون هدفه (صلوات الله عليه) من تسنّم السلطة ليس هو ما اندفعت الجماهير له وتخيّلته ممكن من إصلاح الأوضاع العامّة ، أو تعديل مسار السلطة في الإسلام ، وإنّما الدافع المهم له

عهد النبي (صلّى الله عليه وآله) له بالقيام بالأمر

إذا وجد أنصاراً حيث يأتي منه (عليه السّلام) التصريح حين بويع بأنّه قد نُبئ بهذا المقام وهذا اليوم .

وهو (عليه السّلام) القائل في الخطبة الشقشقية : (( أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب

مظلوم ، لألقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أوّلها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عَنز ))(37) ... إلى غير ذلك ممّا يشهد بأنّه (عليه السّلام) ينفذ عهداً عُهِد له وأمراً فرض

عليه ، وربما يأتي بعض كلامه (عليه السّلام) في ذلك .

وعلم الله تعالى ما هي المصالح والأهداف التي ألزمته (عليه السّلام) بذلك ، لكنّ الذي يظهر لنا أمران مهمّان جدّاً في صالح الإسلام بعد تحقّق الانحراف في مسيرته ، وفرضه عليه كواقع لا يمكن التخلّص

منه .

 

سعيه (عليه السّلام) لإيضاح الحقائق الدينية

الأمر الأوّل : ما أشرنا إليه آنفاً من أنّ جمهور المسلمين كانوا في غفلة عن انحراف مسار السلطة في الإسلام ، وتحكّمها في الدين بحيث كان معرضاً للضياع والتشويه ، فإبقاؤهم على غفلتهم يضيّع عليهم

معالم الحقّ ، ويعرّض الدين للتحريف التدريجي بتعاقب السلطات غير المشروعة حتى يُمسخ كما مُسخت بقيّة الأديان ؛ نتيجة تحكّم غير المعصوم فيه .

فكان الهدف من تسنمه (صلوات الله عليه) للسلطة أن يُفسح المجال له ولمَنْ يعرف حقّه من الصحابة لكشف حقيقة الحال ، وتنبيه الأُمّة من غفلتها ،

وتعريفها بدعوة الحقّ ، وإيضاح معالمه ؛ ليحملها ـ بل قد يدعو لها ـ مَنْ يوفّقه الله تعالى لذلك .

وذلك من أجل أن تظهر هذه الدعوة الشريفة في المجتمع الإسلامي والإنساني على الصعيد العام بحيث يسمع صوته ؛ لتقوم الحجّة على الناس حتى لو عاد مسار السلطة للانحراف كما هو المتوقّع له

(عليه السّلام) والذي حصل فعلاً .

وقد يشير إلى ذلك ما ورد عنه (صلوات الله عليه) في بيان ما دعاه لقبول الخلافة من قوله : (( والله ، ما تقدّمت عليها إلاّ خوفاً من أن ينزو على الأمر تيس من بني أُميّة فيلعب بكتاب الله عزّ وجلّ ))(38) .

 

إصحاره (عليه السّلام) بالحقيقة وبحقّه في الخلافة وبظلامته

وعلى كلّ حال فقد تحقّق له ذلك ؛ حيث وجد الأرضية الصالحة ، خصوصاً في الكوفة ، فأصحر (عليه السّلام) هو ومَنْ يعرف حقّه من الصحابة بالحقيقة ، وبمقامه ومقام أهل البيت (صلوات الله عليهم) ،

والتأكيد على استحقاقهم الخلافة ، واختصاص الإمامة الحقّة بهم ، وأنّهم (عليهم السّلام) المرجع للأُمّة في دينها يعصمونها من الزيغ والضلال مع الاستدلال على ذلك بالكتاب المجيد ، والنصوص النبويّة ا

لشريفة التي هي أكثر من أن تُحصى .

ثمّ أصحر بالشكوى من الانحراف الذي حصل ، وسلْب الشرعية عنه ، وشجْب مَنْ قام به وغير ذلك ممّا سجّله التاريخ واستوعبته كتب الكلام ، واشتمل على كثير منه كتاب نهج البلاغة .

 

إيضاحه للمراد من الجماعة التي يجب لزومها

كما إنّه (عليه أفضل الصلاة والسّلام) أوضح أنّ المراد بالجماعة التي لا يجوز الخروج عنها هي جماعة الحقّ التي تُعتصم بأئمّة الحقّ (صلوات الله عليهم) ، وهو (عليه السّلام) أوّلهم .

ففي حديث عبد الله بن الحسن قال : كان علي يخطب ، فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني مَنْ أهل الجماعة ؟ ومَنْ أهل الفرقة ؟ ومَنْ أهل السُنّة ؟ ومَنْ أهل البدعة ؟

فقال : (( ويحك ! أمّا إذ سألتني فافهم عنّي ، ولا عليك أن تسأل عنها أحداً بعدي ؛ فأمّا أهل الجماعة : فأنا ومَنْ اتّبعني وإن قلّوا ؛ وذلك الحقّ عن أمر الله وأمر رسوله ، فأمّا أهل الفرقة : فالمخالفون لي

ومَنْ اتّبعهم وإن كثروا ... ))(39) .

وهو كالصريح من قول النبي (صلّى الله عليه وآله) عندما خطب في مسجد الخيف : (( ثلاث لا يغلُ عليهنّ قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمّة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم ؛ فإنّ

دعوتهم محيطة من ورائهم ... ))(40) .

إذ بعد أن كانت الإمامة الحقّة في أهل البيت (صلوات الله عليهم) ـ على ما ثبت في محلّه ـ ؛ فجماعة أئمّة المسلمين هم جماعة أئمّة أهل البيت دون غيرهم من الفرق .

ويناسبه ما عن الثعلبي بسنده عن عبد الله البجلي قال : قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( مَنْ مات على حبّ آل محمد مات شهيداً ... ، ألا ومَنْ مات على حبّ آل محمد مات على السُنّة

والجماعة ... ))(41) .

كما إنّه الأنسب بما عن النبي (صلّى الله عليه وآله) حينما سأله رجل عن جماعة أُمّته ، فأجابه بقوله : (( جماعة أُمّتي أهل الحقّ وإن قلّوا ))(42) .

وما عن عمرو بن ميمون قال : صحبت معاذاً باليمن ... ، ثمّ صحبت بعده أفقه الناس عبد الله بن مسعود ، فسمعته يقول : عليكم بالجماعة ؛ فإنّ يد الله على الجماعة ، ويرغّب في الجماعة ، ثمّ سمعته

يوماً من الأيام وهو يقول : سيلي عليكم ولاة يؤخّرون الصلاة عن مواقيتها ، فصلّوا الصلاة لميقاتها ؛ فهو الفريضة ، وصلّوا معهم ؛ فإنّها لكم نافلة .

قال : قلت : يا أصحاب محمد ، ما أدري ما تحدّثوا .

قال : وما ذاك ؟

قلت : تأمرني بالجماعة وتحضّني عليها ، ثمّ تقول لي : صلِّ الصلاة وحدك ... ؟

قال : يا عمرو بن ميمون ، قد كنت أظنّك أفقه أهل هذه القرية ، تدري ما الجماعة ؟

قال : قلت : لا .

قال : إنّ جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة ؛ الجماعة ما وافق الحقّ وإن كنت وحدك .

وفي طريق للحديث آخر : الجماعة ما وافق طاعة وإن كنت وحدك(43) .

وبالجملة : قد أوضح أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في أيام حكمه القليلة كثيراً من الحقائق الدينية التي كان عامّة المسلمين في غفلة عنها .

 

مميّزاته الشخصية ساعدت على تأثيره وسماع دعوته

وقد ساعد على تأثيره (عليه السّلام) في رفع غفلتهم مميّزاته الشخصية ؛ من السبق للإيمان ، والقرابة القريبة من النبي (صلّى الله عليه وآله) ، وعظيم الأثر في رفع منار الإسلام بجهاده الفريد في

سبيل الله تعالى ، والعدل بين الرعية ، والفناء في ذات الله تعالى ، والشجاعة الخارقة ، والتحبّب للعامّة أخلاقاً وسلوكاً ، وما ظهر منه (صلوات الله عليه) من فنون العلم والمعرفة ، والكرامات الباهرة ،

والأخبار الغيبية الصادقة ... إلى غير ذلك ممّا يشهد بتميّزه عن عامّة الناس بنحو يناسب اختياره (عليه السّلام) واختيار أهل بيته لخلافة النبوّة من قبل الله (عزّ وجلّ) .

كما إنّ ذلك من شأنه أن يوجب إعجاب كثير من الناس به وانشدادهم له عاطفيّاً ، وتعلّقهم به ، وموالاتهم له ، وحبهّم إيّاه حبّاً قد يبلغ العشق .

وبعبارة أُخرى : إنّ شجرة التشيّع التي غرسها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأقام الحجّة عليها ، وثبت عليها الخاصة من أصحابه (رضي الله عنهم) ، قد استطاع أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في

فترة حكمه القصيرة المليئة بالمتاعب والمشاكل أن يسقيها وينميها ، ويعمق جذورها ، وينشر فروعها ، بعد أن ذبلت وكادت تموت ؛ نتيجة جهود الأوّلين ، وسياستهم التي سبق التعرّض لها .

وإنّ النظر في كتاب نهج البلاغة ـ الواسع الانتشار ـ بتروٍّ واستيعاب ومقارنة ، وبموضوعية بعيدة عن التكلّف والتعسّف ، يكفي في استيضاح ذلك ؛ فهو يصلح لأن يكون أطروحة مستوفية لأبعاد العقيدة

الشيعيّة التي توارثتها الأجيال حتى عصرنا الحاضر ، أمّا التراث والجهود الواردة عنه (عليه السّلام) في غير نهج البلاغة فالأمر فيها أظهر .

إيمان ثلّة من الخاصّة بدعوته (عليه السّلام) وتضحيتهم في سبيلها

ووجد (صلوات الله عليه) من ذوي المقام الرفيع في العقل والدين وقوّة الشخصية ، والذين فرضوا احترامهم على المسلمين ـ بورعهم وأثرهم الحميد في الإسلام ـ من تقبّلها بتفّهم وتبصّر وإخلاص وإصرار ،

وتبّنى حمل رايتها والدعوة لها متحدّياً قوى الشرّ والطغيان .

وتحمّل في سبيل ذلك ضروب المصائب والمحن ، ومختلف أنواع التنكيل من السجن والتشريد ، والقتل والتمثيل ، والصلب وتشويه السمعة والتشنيع غير المسؤول ، وانتهاك الحرمات العظام بوحشيّة مسرفة.

ثمّ تعاهد شجرتها من بعده بقيّة الأئمّة من ولده (صلوات الله عليهم) . ودعمها الإمداد والتسديد الإلهي على طول الخطّ .

وبذلك بقيت هذه الدعوة الشريفة وانتشرت بين المسلمين ، بل في جميع أنحاء العالم ، وتوارثتها الأجيال جيلاً بعد جيل ، مرفوعة الراية ، مسموعة الصوت على طول المدّة ، وشدّة المحنة ، وتتابع الفتن .

بل لم يشهد التاريخ ـ فيما نعلم ـ دعوة حافظت على أصالتها ونقائها ، واستمرت في مسيرتها وتوسّعها وانتشارها ـ رغم المعوّقات الكثيرة ـ كهذه الدعوة الشريفة .

 

العقبة الكؤود في طريق الدعوة احترام الأوّلين

نعم ، كانت العقبة الكؤود التي تقف في طريقه (عليه السّلام) وطريق دعوته هذه هي إعجاب كثير من المسلمين بسيرة الشيخين أبي بكر وعمر ، وحبّهم لهما حبّاً قد يبلغ حدّ التقديس ؛ نتيجة العوامل

التي سبق التعرّض لها ، بحيث اضطر (صلوات الله عليه) إلى ترك بعض ما سنّاه في الدين على حاله مداراة لهم .

حتى إنّه ربما اتّخذ البعض ذلك شاهداً على إقراره لها وشرعيتها عنده (عليه السّلام) ، وهو يجهل أو يتجاهل الظروف الحرجة التي كان (صلوات الله عليه) يمرّ بها ويعيشها ، والتصريحات الكثيرة منه ومن

الأئمّة من ولده (صلوات الله عليهم) بعدم شرعيتها ، والحديث في ذلك طويل لا يسعنا استيعابه .

 

خطبة له (عليه السّلام) يستعرض فيها كثيراً من البدع

إلاّ إنّه يحسن بنا أن نذكر خطبة له (صلوات الله عليه) رواها الكليني بطريق معتبر قال (عليه السّلام) فيها :

(( وإنّما بدء وقوع الفتن من أهواء تُتبع وأحكام تُبتدع يُخالَف فيها حكم الله ، يتولّى فيها رجال رجالاً ، ألا إنّ الحقّ لو خلُص لم يكن اختلاف ، ولو أنّ الباطل خلُص لم يخفَ على ذي حِجا ، لكنّه يؤخذ من هذا

ضغث ومن هذا ضغث فيُمزجان فيُجللان معاً ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى .

إنّي سمعت رسول الله يقول (صلّى الله عليه وآله) : كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ، ويتّخذونها سُنّة ، فإذا غُيّر منها شيء قيل : قد غُيّرت السُنّة ، وقد

أتى الناس منكراً ، ثمّ تشتدّ البلية ، وتُسبى الذريّة ، وتدقهم الفتنة كما تدق النار الحطب ، وكما تدق الرحا بثفالها ، ويتفقّهون لغير الله ، ويتعلّمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة )) .

ثمّ أقبل بوجهه ، وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته ، فقال :

(( قد عمل الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) متعمّدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيّرين لسُنّته ، ولو حملت الناس على تركه ، وحوّلتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد

رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، لتفرّق عنّي جندي حتى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي ، وفرض إمامتي من كتاب الله (عزّ وجلّ) وسُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .

أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم (عليه السّلام) فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) (44) ، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة (عليها السّلام) ، ورددت صاع رسول

الله (صلّى الله عليه وآله) كما كان(45) ، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأقوام

لم تمضِ لهم ولم تنفذ(46) ،

ورددت دار جعفر إلى ورثته وهدمتها من المسجد(47) ، ورددت قضايا من

الجور قُضي بها(48) ، ونزعت نساء تحت رجال بغير حق فرددتهن إلى أزواجهنّ ، واستقبلت بهنّ الحكم في الفروج والأرحام(49) ، وسبيت ذراري بني تغلب(50) ،

ورددت ما قسم من أرض خيبر(51) ، ومحوت دواوين العطايا ، وأعطيت كما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعطي بالسويّة ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء(52) ،

وألقيت المساحة(53) ، وسويت بين المناكح(54) ، وأنفذت خمس الرسول كما

أنزل الله (عزّ وجلّ) فرضه(55) ، ورددت مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى ما كان

عليه(56) ، وسددت ما فُتح فيه من الأبواب وفتحت ما سُدّ منه(57) ، وحرّمت

المسح على الخفين(58) ،وحددت على النبيذ(59) ،

وأمرت بإحلال المتعتين(60)، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات(61)،

وألزمت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم(62) ، وأخرجت مَنْ أُدخل مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مسجده ممّن كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخرجه ، وأدخلت مَنّ أُخرج بعد رسول

الله (صلّى الله عليه وآله) ممّن كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أدخله(63) ، وحملت الناس

على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة(64) ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها(65) ، ورددت الوضوء ، والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها

ومواضعه ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم(66) ، ورددت سبايا فارس وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنّة نبيه (صلى الله عليه وآله)(67) ، إذاً لتفرقوا عنّي .

والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلاّ في فريضة ، وأعلمتهم أنّ اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي : يا أهل الإسلام ، غُيّرَت سنّة عمر(68) ، ينهانا

عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً ، ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري ...(69) .

وقد بقي ولاء الأوّلين حاجزاً للكثيرين عن تقبّل ما أوضحه (صلوات الله عليه) من حقّ أهل البيت (عليهم السّلام)(70) ، بل سبباً للتشنيع والتشهير بشيعتهم ،

ومبرّراً لانتهاك حرماتهم في دمائهم وأموالهم وكرامتهم . إلاّ أنّ إيمان الشيعة بقضيتهم كان أقوى من أن يقف ذلك في طريقه .

وبالجملة : كانت نتيجة جهود أمير المؤمنين (عليه السّلام) ، وخاصة أصحابه ظهور دعوة التشيّع لأهل البيت (صلوات الله عليهم) المبتنية على أنّ الإمامة والخلافة حقّ يختصّ بهم . تبعاً للنصّ عليهم من الله

(عزّ وجلّ) ورسوله الأمين (صلّى الله عليه وآله) . وهي تعتمد على الاستدلال والبرهان .

وذلك في مقابل ما كان عليه الجمهور من عدم اختصاص الإمامة والخلافة بأهل البيت (صلوات الله عليهم) . وهو مدعوم باحترام الأوّلين احتراماً قد يبلغ حدّ التقديس ، بحيث يكون ديناً يتديّن به ؛ نتيجة

العوامل التي سبق ويأتي التعرّض لها .

إيضاحه (عليه السّلام) لأحكام حرب أهل القبلة

الأمر الثاني : أنّ مقتل عثمان كان مفتاحاً للصراع الدموي على السلطة في الإسلام ، ولظهور الانقسام في الأُمّة وظهور الفرق فيها .

وقد تنبّأ أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بذلك في أحداث الشورى ، نتيجة لما عنده من مكنون العلم . فقد روي عنه (عليه السّلام) أنّه قال لجماعة الشورى بعد أن ذكر حقّ أهل البيت (صلوات الله عليهم)

: (( اسمعوا كلامي ، وعوا منطقي . عسى أن تروا هذا الأمر بعد هذا الجمع تنتضي فيه السيوف ، وتخان فيه العهود حتى لا يكون لكم جماعة ، وحتى يكون بعضكم أئمّة لأهل الضلالة ، وشيعة لأهل

الجهالة ))(71) .

وقد سبق أنّه (عليه السّلام) قال لعثمان : (( وإنّي أنشدك الله أن لا تكون إمام هذه الأُمّة المقتول ؛ فإنّه كان يُقال : يُقتل في هذه الأُمّة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ... ))(72) .

ومن الظاهر أنّ المسلمين لا عهد لهم بهذه الحروب ولا يعرفون أحكامها ، وإنّما يعهدون حرب الكفّار من المشركين وأهل الكتاب ، فتتحكّم فيها اجتهادات السلطة ونزواتها من دون تحديد للحقّ والباطل ،

والعدل والجور .

وفي الحقيقة : قد سبقت الحرب للمسلمين من أجل السلطة قبل ذلك عند ارتحال النبي (صلّى الله عليه وآله) للرفيق الأعلى ؛ فإنّ بعض الحروب التي أطلق عليها حروب الردّة لم تكن في الحقيقة حروب

ردّة ، بل كانت من أجل تثبيت سلطة أبي بكر على

ما ذكرناه في جواب السؤال الرابع من الجزء الثاني من كتابنا (في رحاب العقيدة) .

إلاّ إنّ السلطة قد حاولت تشويه موقف المعارضة بإطلاق حروب الردّة عليها ، كما إنّها تخبّطت في التعامل مع المعارضة عن عمد أو جهل ، كما أشرنا لشيء من ذلك في المبحث الأوّل عند عرض نماذج من

الانحراف في العهد الأموي(73) ، ومن ثمّ لم يعرف المسلمون شيئاً عن التعامل الإسلامي الحقّ في حرب أهل القبلة .

 

سيرته (عليه السّلام) في حروبه صارت سنّة للمسلمين

فكانت بيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) وتولّيه السلطة ، ومباشرته لتلك الحروب التي ترتّبت على بيعته سبباً في وضوح أحكامه ، وصارت سيرته (عليه السّلام) فيها علماً للمسلمين حتى قال أبو حنيفة :

ما قاتل أحد علياً إلاّ وعلي أولى بالحقّ منه ، ولولا ما سار علي فيهم ما علم أحد كيف السيرة في المسلمين (74) .

وقال : وسُئل عن يوم الجمل . فقال : سار علي فيه بالعدل ، وهو علّم المسلمين السنّة في قتال أهل البغي(75) .

وقال تلميذه محمد بن الحسن : لو لم يقاتل معاوية علياً ظالماً له ، متعدّياً باغياً كنّا لا نهتدي لقتال أهل البغي(76) .

وقال الشافعي : لولا علي لما عُرف شيء من أحكام أهل البغي(77) .

ولمّا أنكر يحيى بن معين على الشافعي استدلاله بسيرة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في قتال البغاة ، وقال : أيجعل طلحة والزبير بغاة ؟! ردّ عليه أحمد بن حنبل وقال : ويحك ! وأي شيء يسعه أن ي

ضع في هذا المقام ؟!

وقال ابن تيمية : يعني : إنْ لم يقتد بسيرة علي في ذلك لم يكن معه سنّة من الخلفاء الراشدين في قتال البغاة(78) .

وقد أوضح أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بسيرته وأقواله في تلك الحروب أمرين :

 

إسلام الباغي يعصمه من الرق ويعصم ماله

 

أوّلهما : إنّ الباغي وإنْ هدر دمه دفعاً لشرّه ، إلاّ إنّ إسلامه يعصمه من الرق ، ويعصم ماله الذي لم يقاتل به(79) ، أو جميع ماله حتى ما قاتل به(80) ، وليس هو كالكافر في ذلك .

وقد سبب ذلك له (عليه السّلام) إحراجاً في واقعة الجمل ؛ لأنّ المسلمين لم يعهدوا التفريق بين الأمرين في حروبهم ، إلاّ أنّه استطاع أن يقنعهم حينما قال : (( فأقرعوا على عائشة ؛ لأدفعها إلى مَنْ

تصيبه القرعة )) . فعرفوا خطأهم ، وقالوا : نستغفر

الله يا أمير المؤمنين(81) .

وهذا من مظاهر أمانته (صلوات الله عليه) واهتمامه بتطبيق أحكام الله (عزّ وجلّ) . فهو لم يندفع في الانتقام من محاربيه شفاءً لغيظه وتحكيماً لعاطفته ، بل وقف عند الحكم الشرعي ، لا من أجل مجاراة

الناس ، فإنّهم يجهلون الحكم المذكور ، بل قياماً بوظيفته الشرعية ، وأداءً لأمانته وما عهد إليه من تعريف الأُمّة بدينها ، وإنّ سبّب ذلك إحراجاً له مع عسكره .

كما إنّه صار سبباً لزهد الناس في الجهاد معه في تلك الحروب التي بها تقرير مصير حكمه وتثبيت سلطته ؛ لأنّ من أهمّ دواعي الجهاد عند عامة الناس هو الفوز بالغنائم والاستكثار منها .

والسلطة من بعده (عليه السّلام) وإن خرجت عن ذلك بسبب انحرافها ، كما هو المعلوم بأدنى مراجعة للتاريخ ، وأشرنا إلى بعض ذلك في المبحث الأوّل عند عرض نماذج من الانحراف في العهد الأموي ،

إلاّ أنّ سيرته (عليه السّلام) صارت سبباً لظهور جورها في سيرته ، وهو مكسب عظيم للإسلام ؛ حيث ظهرت براءته من تلك السيرة الجائرة .

 

سقوط حرمة الباغي وانقطاع العصمة معه

ثانيهما : التأكيد على بغي الخارج على الإمام الحقّ ، وسقوط حرمته ، وخروجه عن ضوابط الإيمان والإسلام الحقّ مهما كان شأنه الديني والاجتماعي ،

كما يشير إلى ذلك ما يأتي عن النبي (صلّى الله عليه وآله) في الفتنة .

وقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : (( أنا فقأت عين الفتنة . لم يكن ليجترئ عليها غيري . ولو لم أكُ فيكم ما قوتل أصحاب الجمل وأهل النهروان ... ))(82) .

وفي كتاب له (عليه السّلام) إلى معاوية : (( وإنّ طلحة والزبير بايعاني ، ثمّ نقضا بيعتي ، وكان نقضهما كردّتهما ، فجاهدتهما على ذلك حتى جاء الحقّ وظهر أمر الله وهم كارهون ... ))(83) .

ولمّا أرادوا كتابة عهد التحكيم بعد حرب صفين قيل له (عليه السّلام) : أتقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون ؟

فقال (صلوات الله عليه) : (( ما أقرّ لمعاوية ولا لأصحابه أنّهم مؤمنون ولا مسلمون ، ولكن يكتب معاوية ما شاء لنفسه وأصحابه ، ويسمّي نفسه وأصحابه ما شاء ))(84) .

بل ليس سقوط حرمة الباغي بهدر دمه فقط ، كالزاني المحصن ، بل ورد عنه (عليه السّلام) ما يناسب انقطاع العصمة بين الباغي وأهل الحقّ ، فلا تجري عليه أحكام المسلمين بعد القتل مراسيم التجهيز

لشرعية (85)، كما تجري على المسلمين.

وعلى هذا يبتني حديث الإمام الحسين (صلوات الله عليه) مع معاوية. قال اليعقوبي بعد أن ذكر مقتل حجر بن عدي الكندي وجماعته (رضوان الله عليهم): "وقال معاوية للحسين بن علي (عليهم السلام):

يا أبا عبد الله علمت أنا قتلنا شيعة أبيك ، فحنطناهم وكفناهم وصلينا عليهم ودفناهم. فقال الحسين : حججتك ورب الكعبة. لكنا والله إن قتلنا شيعتك ما كفناهم ، ولا حنطناهم ، ولا صلينا عليهم ولا

دفناهم" (86) .

وقيل : "ولما بلغ الحسن البصري قتل حجر وأصحابه قال : أصلوا عليهم ، وكفنوهم ، ودفنوهم ، واستقبلوا بهم القبلة؟ قالوا : نعم. قال : حجوهم ورب الكعبة" (87) .

حيث يظهر من ذلك أن إجراء السلطان أحكام الإسلام على من يقتله يكون حجة للمقتول على السلطان ، لأنه لا يجتمع مع شرعية قتله له ، وأن القتل والقتال من الإمام متى كان بحق ولم يكن تعدياً أوجب

انقطاع العصمة.

وقد صرّح بذلك زهير بن القين (رضوان الله عليه) في خطبته على عسكر الأمويين قبيل معركة الطف ، حيث قال : "يا أهل الكوفة نذار لكم من عذاب الله نذار. إن حقاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم.

ونحن حتى الآن أخوة ، وعلى دين واحد ، وملة واحدة ، ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، وأنتم للنصيحة منا أهل. فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنا أمة وأنتم أمة..." (88) .

وبذلك يظهر موقف أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) من جميع من قاتله في حروبه ، ونظرته إليهم ، وتقييمه لهم.

 

الخلاصة في هدفه (عليه السّلام) من تولي السلطة

والمتحصل من جميع ما سبق : أن أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) لم يقبل بالبيعة من أجل أن يَرجِع الحقّ إلى أهله ، وتبقى السلطة في الإسلام في مسارها الذي أراده الله تعالى له. لأنه

(عليه السّلام) كان على يقين من عدم تيسر ذلك ، وأنه لابد من عود السلطة إلى الانحراف في مساره.

وإنما كانت الثمرة المهمة لتوليه (عليه السّلام) الخلافة تنبيه الأمة لانحراف مسار السلطة في الإسلام ، وظهور كثير من الأحكام الشرعية والحقائق التي يتوقف عليها بقاء دعوة الإسلام الحقّ ، وسماع

صوته ، إقامة للحجة ، حتى مع عود السلطة للانحراف الذي فرض على الإسلام بعد ارتحال النبي (صلّى الله عليه وآله) للرفيق الأعلى.

 

قيامه (عليه السّلام) بالأمر بعد عثمان بعهد من الله تعالى

ومن الطبيعي أن ذلك كله كان بعهد إليه من النبي (صلّى الله عليه وآله) عن الله عز وجل (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (89) .

قال (عليه السّلام) في خطبته لما بويع : "ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيكم (صلّى الله عليه وآله) . والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ، ولتغربلن غربلة ، ولتساطن سوط القدر ، حتى يعود

أسفلكم أعلاكم ، وأعلاكم أسفلكم. وليسبقن سابقون كانوا قصرو ، وليقصرن سباقون كانوا سبقو. والله ما كتمت وشمة ، ولا كذبت كذبة. ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم... حق وباطل. ولكل أهل. فلئن

أمر الباطل لقديماً فعل. ولئن قلّ الحقّ فلربما ولعل. ولقلما أدبر شيء فأقبل" (90) .

وذيل هذا الكلام مشعر بيأسه (عليه السّلام) من تعديل مسار السلطة في الإسلام ، وبقاء الخلافة في موضعها الذي وضعها الله عز وجل فيه بعد أن خرجت عنه وأدبرت.

 

كلام للنبي (صلّى الله عليه وآله) في الفتنة

وقال ابن أبي الحديد في التعقيب على كلام لأمير المؤمنين في الفتنة مذكور في نهج البلاغة : "وهذا الخبر مروي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد رواه كثير من المحدثين عن علي (عليه السّلام)

أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال له : إن الله قد كتب عليك جهاد المفتونين كما كتب عليّ جهاد المشركين. قال : فقلت : يا رسول الله ، ما هذه الفتنة التي كتب عليّ فيها الجهاد؟ قال : قوم

يشهدون أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وهم مخالفون للسنة. فقلت : يا رسول الله فعلام أقاتلهم وهم يشهدون كما أشهد؟ قال : على الإحداث في الدين ومخالفة الأمر... فقلت : يا رسول الله لو

بينت لي قليل.

فقال : إن أمتي ستفتن من بعدي ، فتتأول القرآن وتعمل بالرأي ، وتستحل الخمر بالنبيذ ، والسحت بالهدية ، والربا بالبيع ، وتحرف الكتاب عن مواضعه ،

وتغلب كلمة الضلال. فكن جليس بيتك حتى تقلَّده. فإذا قلِّدتها جاشت عليك الصدور ، وقلبت لك الأمور. تقاتل حينئذ على تأويل القرآن ، كما قاتلت على تنزيله. فليست حالهم الثانية بدون حالهم الأولى.

فقلت : يا رسول الله فبأي المنازل أنزل هؤلاء المفتونين من بعدك ، أبمنزلة فتنة أم بمنزلة رِدّة؟ فقال : بمنزلة فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل..." (91) ... إلى غير ذلك مما ورد عنهم (صلوات الله

عليهم) .

________________________________________
1 ـ الإيضاح / 457 ـ 458 .
2 ـ تقدّم في / 175 وما بعده .
3 ـ المصنّف ـ لعبد الرزاق 10 / 357 كتاب أهل الكتابين ، باب هل يدخل المشرك الحرم ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 8 / 581 ـ 582 كتاب المغازي ، ما جاء في خلافة عمر بن الخطاب ، الاستيعاب 3 / 1153 ـ 1154 في ترجمة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، الطبقات الكبرى 3 / 348 ذكر استخلاف عمر (رحمه الله) ، تاريخ دمشق 44 / 420 في ترجمة عمر بن الخطاب ، تاريخ المدينة 3 / 904 دعاء عمر عند طعنه ، شرح نهج البلاغة 12 / 187 ، وغيرها من المصادر .
4 ـ شرح نهج البلاغة 9 / 29 ـ 30 .
5 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 120 كتاب معرفة الصحابة ، ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ممّا لم يخرجاه ، واللفظ له ، عون المعبود 11 / 246 ـ 247 ، كنز العمّال 11 / 267 ح 31476 .
6 ـ تاريخ بغداد 7 / 464 في ترجمة الحسن بن يزيد بن ماجة بن محمد القزويني .
7 ـ تاريخ دمشق 18 / 403 في ترجمة الزبير بن العوام .
8 ـ تاريخ اليعقوبي 2 / 157 ـ 158 في أيام عمر بن الخطاب .
9 ـ تاريخ الطبري 3 / 426 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر بعض سير عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 3 / 180 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر بعض سيرة عثمان ، تاريخ دمشق 39 / 302 ـ 303 في ترجمة عثمان بن عفان ، كنز العمّال 14 / 76 ح 37978 ، شرح نهج البلاغة 11 / 12 ـ 13 ، وغيرها من المصادر .
10 ـ تاريخ الطبري 3 / 426 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر بعض سير عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، كنز العمّال 14 / 76 ح 37978 ، تاريخ دمشق 39 / 302 في ترجمة عثمان بن عفان ، وغيرها من المصادر .
11 ـ شرح نهج البلاغة 11 / 12 ، وقريب منه في تاريخ الطبري 3 / 426 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر بعض سير عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ، وتاريخ دمشق 39 / 302 في ترجمة عثمان بن عفان ، وكنز العمّال 14 / 75 ح 37977 ، وغيرها من المصادر إلاّ أنّه قد حُذفت منها : إنّ في قريش مَنْ يضمر الفرقة ، ويروم خلع الربقة .
12 ـ راجع ملحق رقم 2 .
13 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 186 ، واللفظ له ، ويوجد هذا المعنى بألفاظ مختلفة في شرح نهج البلاغة 6 / 327 ، و12 / 52 ، 259 ـ 260 ، والمستدرك على الصحيحين 3 / 95 كتاب معرفة الصحابة ، ومن مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، والاستيعاب 3 / 1130 في ترجمة علي بن أبي طالب ، والمصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 446 ـ 447 كتاب المغازي ، بيعة أبي بكر (رضي الله عنه) في سقيفة بني ساعدة ، والطبقات الكبرى 3 / 342 في ترجمة عمر ، ذكر استخلاف عمر (رحمه الله) ، والأدب المفرد / 128 البغي ، وكنز العمّال 5 / 734 ح 14254 ، وص 736 ح 14258 ، وص 736 ـ 737 ح 13260 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
14 ـ تاريخ اليعقوبي 2 / 159 أيام عمر بن الخطاب .
15 ـ المصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 446 كتاب المغازي ، بيعة أبي بكر (رضي الله تعالى عنه) في سقيفة بني ساعدة ، واللفظ له ، الأدب المفرد ـ للبخاري / 128 البغي ، كنز العمّال 5 / 736 ـ 737 ح 14260 ، وغيرها من المصادر ، وقريب منه في أنساب الأشراف 3 / 14 ـ 15 بيعة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) .
16 ـ المصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 446 ـ 447 كتاب المغازي ، بيعة أبي بكر (رضي الله تعالى عنه) في سقيفة بني ساعدة ، واللفظ له ، أنساب الأشراف 2 / 353 وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، تاريخ دمشق 42 / 427 ـ 428 في ترجمة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، الكامل في التاريخ 3 / 399 أحداث سنة أربعين من الهجرة ، ذكر بعض سيرته (أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ) ، شرح نهج البلاغة 12 / 108 ، وغيرها من المصادر .
17 ـ كنز العمّال 5 / 735 ـ 736 ح 14258 .
18 ـ تقدّم في / 173 ـ 174 .
19 ـ تقدّم في / 190 .
20 ـ شرح نهج البلاغة 9 / 58 .
21ـ المصنّف ـ لعبد الرزاق 11 / 52 ـ 53 باب القبائل .
22 ـ المستدرك على الصحيحين 4 / 471 كتاب الفتن والملاحم ، وقال بعد إيراد الحديث : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .
23 ـ الإمامة والسياسة 1 / 52 استنفار عدي بن حاتم قومه لنصرة علي (رضي الله عنه) .
24 ـ نهج البلاغة 2 / 69 ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 3 / 376 أحداث سنة أربع وثلاثين من الهجرة ، ذكر الخبر عن صفة اجتماعهم لذلك وخبر الجرعة ، الكامل في التاريخ 3 / 151 أحداث سنة أربع وثلاثين من الهجرة ، ذكر ابتداء قتل عثمان ، البداية والنهاية 7 / 188 ـ 189 أحداث سنة أربع وثلاثين من الهجرة ، إمتاع الأسماع 13 / 208 ، وغيرها من المصادر .
25 ـ شرح نهج البلاغة 2 / 158 ، و10 / 6 ، تاريخ الطبري 3 / 438 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر الخبر عن الموضع الذي دفن فيه عثمان (رضي الله عنه) ، الكامل في التاريخ 3 / 180 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر الموضع الذي دُفن فيه ومَنْ صلّى عليه ، وغيرها من المصادر .
26 ـ نهج البلاغة 1 / 181 ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 3 / 456 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، الكامل في التاريخ 3 / 193 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، الفتوح ـ لابن أعثم 2 / 431 ذكر بيعة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، وغيرها من المصادر .
27 ـ الكامل في التاريخ 3 / 193 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، ذكر بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، واللفظ له ، تاريخ الطبري 3 / 456 أحداث سنة خمس وثلاثين من الهجرة ، خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، نهج البلاغة 1 / 182 ، وغيرها من المصادر .
28 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 139 ،140 كتاب معرفة الصحابة ، فضائل علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، إخبار رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقتل علي ، مجمع الزوائد 5 / 186 كتاب الخلافة ، باب الخلفاء الأربعة ، و6 / 235 كتاب قتال أهل البغي ، باب ما جاء في ذي الثدية وأهل النهروان ، و7 / 238 كتاب الفتن ، باب فيما كان بينهم في صفين ، السُنّة ـ لعمرو بن أبي عاصم / 425 ، مسند أبي يعلى 1 / 397 مسند علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ، و3 / 194 ـ 195 مسند عمار بن ياسر ، المعجم الكبير 4 / 172 فيما رواه محنف بن سليم عن أبي أيوب ، و10 / 91 ـ 92 باب من روى عن ابن مسعود ، المعجم الأوسط 8 / 213 ، و9 / 165 ، الاستيعاب 3 / 1117 في ترجمة علي بن أبي طالب ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
29 ـ السنن الكبرى ـ للنسائي 5 / 167 كتاب الخصائص ، ذكر خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، ذكر ما خصّ به علي من قتال المارقين ، ذكر الأخبار المؤيدة لما تقدّم وصفه ، فتح الباري 7 / 386 ، شرح نهج البلاغة 2 / 232 ، تاريخ الإسلام 2 / 391 قصّة غزوة الحديبية ، السيرة الحلبية 2 / 707 غزوة الحديبية ، مجمع البيان ـ للطبرسي 9 / 199 ، وغيرها من المصادر .
30 ـ مجمع الزوائد 6 / 241 كتاب قتال أهل البغي ، باب منه في الخوارج ، فتح الباري 12 / 264 ـ 265 ، مسند أبي يعلى 1 / 370 ـ 371 مسند علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، المصنّف ـ لعبد الرزاق 3 / 358 كتاب فضائل القرآن ، باب سجود الرجل شكر ، السُنّة ـ لعمرو بن أبي عاصم / 585 ، السنن الكبرى 5 / 163 كتاب الخصائص ، ثواب من قاتلهم (الخوارج) ، المعجم الأوسط 4 / 224 ، تاريخ بغداد 12 / 448 في ترجمة قيس بن أبي حازم ، و13 / 97 في ترجمة مسلم بن أبي مسلم ، وص 223 في ترجمة ميسرة أبي صالح ، كنز العمّال 11 /  289 ـ 290 ح 31548 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
31 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 139 كتاب معرفة الصحابة ، ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ممّا لم يخرجاه ، ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) ، تاريخ دمشق 42 / 422 ، 536 في ترجمة علي بن أبي طالب ، الكامل في التاريخ 3 / 388 أحداث سنة أربعن من الهجرة ، ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، ذكر أخبار أصبهان 2 / 147 في ترجمة عطاء بن السائب ، كنز العمّال 11 / 618 ح 32999 ، الفصول المهمّة 1 / 609 الفصل الأوّل في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) ، فصل في مقتله ومدّة عمره وخلافته (عليه السّلام) ، وغيرها من المصادر .
32 ـ سنن الترمذي 5 / 115 كتاب تفسير القرآن عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، باب سورة القدر ، المستدرك على الصحيحين 3 / 170 ـ 171 كتاب معرفة الصحابة ، ومن فضائل الحسن بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) وذكر مولده ومقتله ، سير أعلام النبلاء 3 / 272 في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب ، المعجم الكبير 3 / 89 ـ 90 فيما رواه يوسف بن مازن الراسبي عن الحسن بن علي (رضي الله عنه) ، مسند الشاميين 2 / 152 ، فضائل الأوقات ـ للبيهقي / 211 باب فضل ليلة القدر ، تاريخ دمشق 13 / 278 ـ 279 في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب ، أُسد الغابة 2 / 14 في ترجمة الحسن بن علي بن أبي طالب ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
33 ـ المستدرك على الصحيحين 3 / 140 كتاب معرفة الصحابة ، ومن مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ممّا لم يخرجاه ، ذكر إسلام أمير المؤمنين علي (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، صحيح ابن حبان 15 / 127 باب إخباره (صلّى الله عليه وآله) عمّا يكون في أُمّته من الفتن والحوادث ، ذكر الإخبار عن خروج علي بن أبي طالب (رضوان الله عليه) إلى العراق ، مسند الحميدي 1 / 30 ، الآحاد والمثاني 1 / 144 ، موارد الظمآن 7 / 148 ، تاريخ دمشق 42 / 545 في ترجمة علي بن أبي طالب ، أُسد الغابة 4 / 34 في ترجمة علي بن أبي طالب ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
34 ـ وقعة صفين / 224 ، شرح نهج البلاغة 5 / 181 ، الأمالي ـ للمفيد / 235 ، الأمالي ـ للطوسي / 11 .
35ـ الفتن ـ لابن حماد / 70 ما يذكر في ملك بني أُميّة وتسمية أسمائهم بعد عمر (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، إمتاع الأسماع 12 / 211 إخباره (صلّى الله عليه وآله) بملك معاوية ، الملاحم والفتن ـ لابن طاووس / 339 ب 37 .
36 ـ نهج البلاغة 1 / 105 ـ 106 .
37 ـ نهج البلاغة 1 / 36 ـ 37 ، واللفظ له ، علل الشرائع 1 / 151 ، الإفصاح ـ للمفيد / 46 ، ينابيع المودّة 1 / 438 ، وغيرها من المصادر .
38 ـ أنساب الأشراف 2 / 353 في ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، ونحوه في بحار الأنوار 34 / 358 .
39 ـ كنز العمّال 16 / 183 ـ 184 ح 44216 ، واللفظ له ، الاحتجاج 1 / 246 .
40 ـ الكافي 1 / 403 ، واللفظ له . الأمالي ـ للصدوق / 432 ، المستدرك على الصحيحين 1 / 87 كتاب العلم ، صحيح ابن حبان 1 / 270 باب الزجر عن كتبة المرء السنن مخافة أن يتكل عليها دون الحفظ لها ، ذكر رحمة الله (جلّ وعلا) مَنْ بلّغ أُمّة المصطفى (صلّى الله عليه وآله) حديثاً صحيحاً عنه ، مسند أحمد 3 / 225 مسند أنس بن مالك ، و4 / 82 حديث جبير بن مطعم (رضي الله عنه) ، مجمع الزوائد 1 / 137 ـ 139 كتاب العلم ، باب في سماع الحديث وتبليغه ، المعجم الكبير 2 / 127 باب محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، و5 / 154 فيما رواه وهب أبو محمد عن زيد بن ثابت ، مسند الحميدي 1 / 48 ، مسند أبي يعلى 13 / 408 ، وغيرها من المصادر الكثيرة جدّاً .
41 ـ العمدة ـ لابن البطريق / 54 ، تخريج الأحاديث والآثار ـ للزيلعي 3 / 238 ، تفسير الكشّاف 3 / 467 في تفسير قوله تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ) ، تفسير الرازي 27 / 166 في تفسير الآية المتقدّمة ، تفسير القرطبي 16 / 23 في تفسير الآية المتقدّمة ، ينابيع المودّة 1 / 91 ، و2 / 333 ، و3 / 140 ، الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف / 159 ـ 160 ، سعد السعود / 141 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
42 ـ المحاسن ـ للبرقي 1 / 220 ، معاني الأخبار / 154 ، تحف العقول عن آل الرسول / 34 مواعظ النبي (صلّى الله عليه وآله) وحكمه .
43 ـ تاريخ دمشق 46 / 409 في ترجمة عمرو بن ميمون ، واللفظ له ، تهذيب الكمال 22 / 264 ـ 265 في ترجمة عمرو بن ميمون ، النصائح الكافية / 219 .
44 ـ فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السّلام) أنّه قال : (( كان المقام لازقاً بالبيت فحوّله عمر )) . راجع تهذيب الأحكام 5 / 454 .
روى الفاكهي عن عائشة أنّ المقام كان في زمن النبي (صلّى الله عليه وآله) سقع البيت . أخبار مكة 1 / 455 ذكر موضع المقام من أوّل مرّة . وروى أيضاً عن عبد الله بن سلام : أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) قدم مكة من المدينة فكان يصلّي إلى المقام وهو ملصق بالكعبة حتى توفّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . أخبار مكة 1 / 443 ذكر المقام وفضله ، شفاء الغرام 1 / 393 ذكر موضع المقام في الجاهلية والإسلام .
وقد نص غير واحد على أنّ عمر هو الذي أخّر المقام بعد أن كان ملصقاً بالبيت . الطبقات الكبرى 3 / 284 ذكر استخلاف عمر (رحمه الله) ، الثقات ـ لابن حبان 2 / 218 ، الكامل في التاريخ 2 / 562 أحداث سنة ثمان عشرة من الهجرة ، فتح الباري 8 / 129 ، تفسير ابن كثير 1 / 176 ، عمدة القاري 4 / 241 ، التمهيد ـ لابن عبد البر 13 / 100 ، وغيرها من المصادر .
وقد روي عن عائشة أنّها قالت : إنّ المقام كان في زمن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفي زمن أبي ملتصقاً بالبيت ثمّ أخّره عمر . فتح الباري 8 / 129 ، وتفسير ابن كثير 1 / 176 ، وكنز العمّال 14 / 117 ح 38102 ، الدرّ المنثور 1 / 120 ، وعلل الحديث ـ لابن أبي حاتم 1 / 298 علل أخبار رويت في مناسك الحجّ وأدائه وثوابه ونحو ذلك ، وقال سفيان بن عيينة : كان المقام في سقع البيت على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله) فحوّله عمر إلى مكانه بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) . تفسير ابن أبي حاتم 1 / 226 ، واللفظ له ، تفسير ابن كثير 1 / 176 .
وروي عن ابن جريج أنّه قال : سمعت عطاء وغيره من أصحابنا يزعمون أنّ عمر أوّل مَنْ رفع المقام فوضعه موضعه الآن ، وإنّما كان في قبل الكعبة . المصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 48 كتاب المناسك ، باب المقام ، أخبار مكة ـ للفاكهي 1 / 454 ذكر موضع المقام من أوّل مرّة .. ، شفاء الغرام 1 / 393 ذكر موضع المقام في الجاهلية والإسلام .. .
وروي عن سعيد بن جبير أنّه قال : كان المقام في وجه الكعبة ، وإنّما قام إبراهيم حين ارتفع البنيان فأراد أن يشرف على البناء . قال : فلمّا كثر الناس خشي عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أن يطأوه بأقدامهم فأخرجه إلى موضعه هذا الذي هو به اليوم حذاء موضعه الذي كان به قدّام الكعبة . أخبار مكة 1 / 454 ذكر موضع المقام من أوّل مرّة .. ، شفاء الغرام 1 / 393 ذكر موضع المقام في الجاهلية والإسلام .
وقد فصّل الكلام في ذلك محمد طاهر الكردي ذاكراً جميع الروايات والأقوال في ذلك ، وقد انتهى إلى أنّ الأصح كون عمر هو الذي أخّر المقام إلى موضعه اليوم . راجع التاريخ القويم 4 / 24 موضع المقام .
45 ـ قال الفضل بن شاذان : ورويتم أنّ عمر بن الخطاب زاد في مدّ النبي (صلّى الله عليه وآله) ثمّ زعمتم ذلك فضيلة لعمر . الإيضاح / 198 .
وقد ورد في أحاديث الجمهور أنّ لعمر صاعاً يختلف مقداره عن مقدار صاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقد ورد أنّ مقدار صاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خمسة أرطال وثلث ، بينما كان صاع عمر ثمانية أرطال ؛ ولهذا وقع الخلاف بين فقهاء الجمهور في تحديد الصاع .
روى البيهقي عن الحسين بن الوليد قال : قدم علينا أبو يوسف من الحجّ فأتيناه ، فقال : إنّي أريد أن افتح عليكم باباً من العلم همّني ، تفحصت عنه فقدمت المدينة فسألت عن الصاع ، فقالوا : صاعنا هذا صاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . قلت لهم : ما حجّتكم في ذلك ؟
فقالوا : نأتيك بالحجّة غداً . فلمّا أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخاً من أبناء المهاجرين والأنصار مع كلّ رجل منهم الصاع تحت ردائه ، كلّ رجل منهم يخبر عن أبيه أو أهل بيته أنّ هذا صاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فنظرت فإذا هي سواء . قال : فعايرته ، فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان معه يسير . فرأيت أمراً قويّاً ، فقد تركت قول أبي حنيفة في الصاع ، وأخذت بقول أهل المدينة ... .
قال الحسين : فحججت من عامي ذلك ، فلقيت مالك بن انس فسألته عن الصاع . فقال : صاعنا هذا صاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
فقلت : كم رطلاً هو ؟
قال : إنّ المكيال لا يُرطل . هو هذا .
قال الحسين : فلقيت عبد الله بن زيد بن أسلم ، فقال : حدّثني أبي عن جدّي أنّ هذا صاع عمر (رضي الله عنه) . السنن الكبرى ـ للبيهقي 4 / 171 كتاب الزكاة ، جماع أبواب زكاة الفطرة ، باب ما دلّ على أنّ صاع النبي (صلّى الله عليه وآله) كان عياره خمسة أرطال وثلث .
وقال السمرقندي : ثمّ مقدار الصاع ثمانية أرطال عندنا . وقال أبو يوسف والشافعي : خمسة أرطال وثلث رطل ؛ لأنّ صاع أهل المدينة كذلك ، وتوارثوه خلفاً عن سلف . لكنّا نقول : ما ذكرنا صاع عمر ، ومالك من فقهاء المدينة ، قال : إنّ صاع المدينة أخرجه عبد الملك بن مروان ، فأمّا قبله كان ثمانية أرطال فكان العمل بصاع عمر أولى . تحفة الفقهاء 1 / 338 ـ 339 ، ومثله ما قاله أبو بكر الكاشاني . بدائع الصنائع 2 / 73 .
وقد روى البخاري عن السائب أنّه قال : كان الصاع على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مدّاً وثلثاً بمدكم اليوم ، وقد زيد فيه . صحيح البخاري 8 / 153 كتاب الاعتصام بالكتاب والسُنّة . وقد رواه بهذا اللفظ النسائي . السنن الكبرى 2 / 29 كتاب الزكاة ، باب كم الصاع .
وقد كان للحجّاج صاع يسمّى بالصاع الحجّاجي ، وقد روي عن إبراهيم النخعي أنّه قال : وضع الحجّاج قفيزه على صاع عمر . شرح معاني الآثار 2 / 52 كتاب الزكاة ، باب وزن الصاع ، نصب الراية 2 / 520 أحاديث وآثار في مقدار الصاع .
وهذا الصاع يختلف عن مقدار الصاع عند أهل المدينة الذي تقدّم مقداره ، قال ابن أبي ليلى : عيّرنا صاع المدينة فوجدناه يزيد مكيالاً على الحجّاجي . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 94 كتاب الزكاة ، قوله تعالى : ( وَيَمْنَعُونَ الماعُونَ ) .
وقد روي عن موسى بن طلحة أنّه قال : الحجّاجي صاع عمر بن الخطاب . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 94 كتاب الزكاة ، قوله تعالى : ( وَيَمْنَعُونَ الماعُونَ ) ، مسند ابن الجعد / 370 ، شرح معاني الآثار 2 / 51 ـ 52 .
وكان الحجّاج يمنّ بهذا الصاع على أهل العراق ويقول : ألم أخرج لكم صاع عمر ؟ المبسوط ـ للسرخسي 3 / 90 .
وقال البيهقي : والصاع أربعة أمداد بمدّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ـ بأبي هو وأُمّي . قال في القديم : والصاع خمسة أرطال وثلث وزيادة شيء أو نقصانه . وقال قائل : الصاع ثمانية أرطال . فكانت حجّته أن قال : قال إبراهيم : وجدنا صاع عمر حجّاجي . قال : وقد عُيّر المكيال على عهد عمر فأراد ردّه فكأنّه نسيه ..،  وصاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بيوت أزواجه والمهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين قد رأينا عند أهل الثقة يتوارثونه لا يختلف فيه ويحمل على أطراف الأصابع ، فهو كما وصفنا ، فكيف جاز لأحد ـ وقلّ بيت إلاّ وهو فيه ـ أن يدخل علينا في علمه التوهم ؟! ولأنّ جاز هذا أن يدخل ليجوزنّ أن يقول ليس ذو الحليفة حيث زعمتم ، ولا الجحفة ولا قرن ، وإن عُلم المكيال بالمدينة لأعم من بعض عُلم هذا ؛ فرجع بعضهم وقال : ما ينبغي أن يدخل على أهل المدينة في علم هذا . معرفة السنن والآثار 3 /  269  ـ 270 .
وقال ابن حزم بعد ذكر الخلاف في الصاع : إنّنا لم ننازعهم في صاع عمر (رضي الله عنه) ولا في قفيزه ، إنّما نازعناهم في صاع النبي (صلّى الله عليه وآله) ، ولسنا ندفع أن يكون لعمر صاع وقفيز ومدّ رتّبه لأهل العراق لنفقاتهم وأرزاقهم ، كما بمصر الويبة والأردب ، وبالشأم المدى ، وكما كان لمروان بالمدينة مدّ اخترعه ، ولهشام بن إسماعيل مدّ اخترعه ، ولا حجّة في شيء من ذلك ... ، ولو كان صاع عمر بن الخطاب هو صاع النبي (صلّى الله عليه وآله) لما نُسب إلى عمر أصلاً دون أن يُنسب إلى أبي بكر ، ولا إلى أبى بكر أيضاًً دون أن يُضاف إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؛ فصح بلا شك أنّ مدّ هشام إنّما رتّبه هشام ، وأنّ صاع عمر إنّما رتّبه عمر ، وهذا إن صح أنّه كان هنالك صاع يُقال له : (صاع عمر) فإنّ صاع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ومدّه منسوبان إليه لا إلى غيره ، باقيان بحسبهم .
وأمّا حقيقة الصاع الحجّاجي الذي عوّلوا عليه فإّننا روينا من طريق إسماعيل بن إسحاق ، عن مسدد ، عن المعتمر بن سليمان ، عن الحجّاج بن أرطاة قال : حدّثني مَنْ سمع الحجّاج بن يوسف يقول : صاعي هذا صاع عمر أعطتنيه عجوز بالمدينة .. وهذا أصل صاع الحجّاج ، فلا كثر ولا طيب ، ولا بورك في الحجّاج ولا في صاعه . المحلّى 5 / 243 .
وحديث الجمهور عن الصاع كثير أثبتنا منه ما يناسب كلام أمير المؤمنين (عليه السّلام) .
46 ـ روى ابن خزيمة عن الحارث بن بلال عن أبيه : أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخذ من معادن القبيلة الصدقة ، وأنّه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع ، فلمّا كان عمر قال لبلال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يقطعك لتحجزه عن الناس ، لم يقطعك إلاّ لتعمل .
قال : فقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق . صحيح ابن خزيمة 4 / 44 كتاب الزكاة ، باب ذكر أخذ الصدقة من المعادن ، ومثله في السنن الكبرى ـ للبيهقي 4 / 152 كتاب الزكاة ، باب زكاة المعدن ومَنْ قال المعدن ليس بركاز ، و6 / 149 كتاب إحياء الموات ، باب من أقطع قطيعة أو تحجر أرضاً ثمّ لم يعمّرها أو لم يعمّر بعضها ، والمستدرك على الصحيحين 1 / 404 كتاب الزكاة .
وروي عن عبد الله بن أبي بكر قال : جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فاستقطعه أرض. فقطعها له طويلة عريضة ، فلمّا ولي عمر قال له : يا بلال ، انّك استقطعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أرضاً طويلة عريضة قطعها لك ، وإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يكن ليمنع شيئاً يسأله ، وإنّك لا تطيق ما في يديك .
فقال : أجل .
قال : فانظر ما قويت عليه منها فأمسكه ، وما لم تطق فادفعه إلينا نقسمه بين المسلمين .
فقال : لا أفعل والله ، شيء أقطعنيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
فقال عمر : والله لتفعلن .
فأخذ منه ما عجز عن عمرته فقسمه بين المسلمين . السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 149 كتاب إحياء الموات ، باب مَنْ أقطع قطيعة أو تحجّر أرضاً ثمّ لم يعمّرها أو لم يعمّر بعضها ، واللفظ له ، تاريخ دمشق 10 / 426 ـ 427 في ترجمة بلال بن الحارث ، تاريخ المدينة 1 / 150 ـ 151 .
وروى ابن طاوس عن أبيه ، عن رجل من أهل المدينة قال : قطع النبي (صلّى الله عليه وآله) العقيق رجلاً واحداً ، فلمّا كان عمر (رضي الله عنه) كثر عليه ، فأعطاه بعضه وقطع سائره الناس . السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 149 كتاب إحياء الموات ، باب مَنْ أقطع قطيعة أو تحجّر أرضاً ثمّ لم يعمّرها أو لم يعمّر بعضها .
47 ـ روي في غير واحد من المصادر أنّ عمر بن الخطاب وسّع المسجد الحرام ومسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أبى جماعة ممّن كانت دورهم في ضمن التوسعة ، فهدمت وأُدخلت فيه على غير رضى منهم . وروي أنّ عثمان فعل ذلك أيضاً .
فقد روى الفاكهي أنّ المسجد كان مُحاطاً بالدور على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر وعمر فضاق على الناس ؛ فوسّعه عمر واشترى دوراً  فهدمها  ، وأعطى مَنْ أبى أن يبيع ثمن داره . فتح الباري 7 / 112 .
وعن ابن جريج قال : كان المسجد الحرام ليس عليه جدران محيطة ، إنّما كانت الدور محدقة به من كلّ جانب غير أنّ بين الدور أبواباً يدخل منها الناس من كلّ نواحيه ، فضاق على الناس ؛ فاشترى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) دوراً فهدمها ، وهدم على قرب من المسجد . وأبى بعضهم أن يأخذ الثمن وتمنّع من البيع فوضعت أثمانها في خزانة الكعبة حتى أخذوها بعد ، ثمّ أحاط عليه جداراً قصيراً .
ثمّ كثر الناس في زمان عثمان بن عفان (رضي الله عنه) فوسّع المسجد ، فاشترى من قوم ، وأبى آخرون أن يبيعوا ، فهدم عليهم فصيحوا به ، فدعاهم فقال : إنّما جرّأكم عليّ حلمي عنكم ، فقد فعل بكم عمر هذا فلم يصح به أحد ، فأحدثت على مثاله فصحتم بي . ثمّ أمر بهم إلى الحبس حتى كلّمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد . تاريخ مكة المشرّفة والمسجد الحرام / 151 الباب الأوّل ، تاريخ مكة المشرّفة ، ذكر عمل عمر بن الخطاب وعثمان (رضي الله عنهم) ، ومثله في فتوح البلدان 1 / 53 مكة .
وقد شملت التوسعة دار جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) التي خطّها النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو بأرض الحبشة . راجع وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 2 / 76 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الثاني عشر في زيادة عمر (رضي الله عنه) في المسجد .
وفي رواية أنّ عمر اشترى نصفها بمئة ألف فزادها في المسجد ، وفي رواية أُخرى أنّ عثمان هو الذي اشتراها . راجع خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى 2 / 86 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الرابع عشر في زيادة عثمان (رضي الله عنه) .
48 ـ راجع كتاب الغدير في الكتاب والسُنّة والأدب 6 / 157 ، 164 ، 168 ، 172 ، 176 ، 181 ، 191 ، 192 ، 196 ، وغيره .
49 ـ ربما يشير (عليه السّلام) إلى السبي غير الشرعي الذي حدث في عهد الخلفاء أو ما شرعه عمر من إمضاء الطلاق الثلاث في مجلس واحد ، وردّ سبي العرب وغير ذلك ممّا يذكره الفقهاء .
50 ـ بنو تغلب من نصارى العرب ، قدم وفدهم على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ستة عشر رجلاً مسلمين ونصارى عليهم صلب الذهب ، فصالحهم رسول الله على أن يقرّهم على دينهم على أن لا يصبغوا أولادهم على النصرانية ، وأجاز المسلمين منهم بجوائزهم . الطبقات الكبرى 1 / 316 وفد تغلب ، البداية والنهاية 5 / 108 وفد بني تغلب ، السيرة النبوية 4 / 178 وفد تغلب .
ولم يفوا بهذا الشرط ، قال داود بن كردوس : ليس لبني تغلب ذمّة قد صبغوا دينهم . المحلّى 6 / 112 المسألة 701 ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 9 / 216 كتاب الجزية ، باب نصارى العرب تضعف عليهم الصدقة .
وقد أبوا أن يدفعوا الجزية في زمن عمر ، وقالوا : نحن عرب ولا نؤدّي ما تؤدّي العجم ، ولكن خذ منّا كما يأخذ بعضكم من بعض ، يعنون الصدقة . فقال عمر : لا . هذا فرض على المسلمين . فقالوا : فزد ما شئت بهذا الاسم ، لا باسم الجزية . ففعل . فتراضى هو وهم على أنّ ضعّف عليهم الصدقة . السنن الكبرى ـ للبيهقي 9 / 216 كتاب الجزية ، باب نصارى العرب تضعّف عليهم الصدقة ، وكتاب الأُم 4 / 300 .
وروى زياد بن حدير الأسدي قال : قال علي (رضي الله عنه) : (( لئن بقيت لنصارى بني تغلب لأقتلنّ المقاتلة ، ولأسبينّ الذريّة ؛ فإنّي كتبت الكتاب بين النبي (صلّى الله عليه وآله) وبينهم على أن لا ينصّروا أبناءهم . راجع السنن الكبرى ـ للبيهقي 9 / 217 كتاب الجزية ، باب نصارى العرب تُضعّف عليهم الصدقة ، وسنن أبي داود 2 / 42 كتاب الخراج والإمارة ، باب في أخذ الجزية ، وتهذيب الكمال 9 / 450 في ترجمة زياد بن حدير الأسدي ، وكنز العمّال 4 / 614 ح 11773 ، وغيرها من المصادر .
وعن علي بن أبي طالب أنّه قال : لئن تفرّغت لبني تغلب لأقتلنّ مقاتلتهم ولأسبينّ ذراريهم ؛ فقد نقضوا ، وبرئت منهم الذمّة حين نصّروا أولادهم . راجع المحلّى 6 / 112 المسألة :701 ، واللفظ له ، المغني ـ لابن قدامة 10 / 591 ، كنز العمّال 4 / 510 ح 11507 ، فتوح البلدان ـ للبلاذري 1 / 218 أمر نصارى بني تغلب بن وائل ، الأموال ـ للقاسم بن سلام / 539 باب العشر على بني تغلب وتضعيف الصدقة عليهم .
51 ـ قال ابن جريج : أخبرني عامر بن عبد الله بن نسطاس عن خيبر ، قال : فتحها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وكانت جمعاً له حرثها ونخلها . قال : فلم يكن للنبي (صلّى الله عليه وآله) وأصحابه رقيق ، فصالح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يهوداً على أنّكم تكفونا العمل ولكم شطر التمر على أنّي أقرّكم ما بدا لله ورسوله ، فذلك حين بعث النبي (صلّى الله عليه وآله) ابن رواحة يخرص بينهم ، فلمّا خيّرهم أخذت اليهود التمر ، فلم تزل خيبر بأيدي اليهود على صلح النبي (صلّى الله عليه وآله) حتى كان عمر فأخرجهم .
فقالت اليهود : أليس قد صالحنا النبي (صلّى الله عليه وآله) على كذا وكذا ؟!
فقال : بل على أنّه يقرّكم فيها ما بدا لله ورسوله ، فهذا حين بدا لي أن أخرجكم ، فأخرجهم ، ثمّ قسّمها بين المسلمين الذين افتتحوها مع النبي (صلّى الله عليه وآله) ، ولم يعطِ منها أحداً لم يحضر افتتاحها .
قال ابن جريج : وأخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير عن مقاضاة النبي (صلّى الله عليه وآله) يهود أهل خيبر على أنّ لنا نصف التمر ولكم نصفه وتكفونا العمل . راجع المصنّف ـ لعبد الرزاق 8 / 102 ـ 103 كتاب البيوع ، باب ضمن البذر إذا جاءت المشاركة ، ومثله في مجمع الزوائد 4 / 123 كتاب البيوع ، باب المزارعة .
52 ـ كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقسم بين المسلمين بالسواء ، كما روي ذلك في قسمة الأنفال ببدر . السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 348 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب التسوية بين الناس بالقسمة .
ولكنّ عمر فاضل في العطاء بين المسلمين . فقد روى علي بن زيد عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب أنّ عمر بن الخطاب كتب المهاجرين على خمسة آلاف ، والأنصار على أربعة آلاف ، ومَنْ لم يشهد بدراً من أولاد المهاجرين على أربعة آلاف . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 618 كتاب الجهاد ، ما قالوا في الفروض وتدوين الدواوين ، والسنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 350 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب التفضيل على السابقة والنسب .
وقد فرّق في العطاء بين زوجات رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . فقد روى أبو الحويرث أنّ عمر فرض لعائشة وحفصة عشرة آلاف ، ولأُمّ سلمة وأُمّ حبيبة وميمونة وسودة ثمانية آلاف ثمانية آلاف ، وفرض لجويرية وصفية ستة آلاف ستة آلاف ، وفرض لصفية بنت عبد المطلب نصف ما فرض لهنّ .
فأرسلت أُمّ سلمة وصواحبها إلى عثمان بن عفان فقلنَ له : كلّم عمر فينا ؛ فإنّه قد فضّل علينا عائشة وحفصة ،
فجاء عثمان إلى عمر فقال : إنّ أُمّهاتك يقلنَ لك : سوِّ بيننا ، لا تفضّل بعضنا على بعض .
فقال : إن عشت إلى العام القابل زدتهنّ لقابل ألفين ألفين .
فلمّا كان العام القابل جعل عائشة وحفصة في اثني عشر ألفا اًثني عشر ألف ، وجعل أُمّ سلمة وأُمّ حبيبة في عشرة آلاف عشرة آلاف ، وجعل صفية وجويرية في ثمانية آلاف ثمانية آلاف . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 617 كتاب الجهاد ، ما قالوا في الفروض وتدوين الدواوين .
وقال ابن قدامة : إنّ أبا بكر سوّى بين الناس في العطاء وأعطى العبيد ، وخالفه عمر ففاضل بين الناس . المغني ـ لابن قدامة 11 / 405 .
وقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه أمر عمّار بن ياسر وعبيد الله بن أبي رافع وأبا الهيثم بن تيهان أن يقسّموا فيئاً بين المسلمين ، وقال لهم : اعدلوا فيه ، ولا تفضّلوا أحداً على أحد . فحسبوا ، فوجدوا الذي يصيب كلّ رجل من المسلمين ثلاثة دنانير ، فأعطوا الناس ؛ فأقبل إليهم طلحة والزبير ومع كلّ واحد منهما ابنه ، فدفعوا إلى كلّ واحد منهم ثلاثة دنانير .
فقال طلحة والزبير : ليس هكذا كان يعطينا عمر ، فهذا منكم أو عن أمر صاحبكم ؟
قالوا : بل هكذا أمرنا أمير المؤمنين (عليه السّلام) .
فمضيا إليه فوجداه في بعض أمواله قائماً في الشمس على أجير له يعمل بين يديه ، فقالا : ترى أن ترتفع معنا إلى الظل ؟
قال : (( نعم )) .
فقالا له : إنّا أتينا إلى عمّالك على قسمة هذا الفيء فأعطوا كلّ واحد منّا مثل ما أعطوا سائر الناس .
قال : (( وما تريدان ؟ )) .
قالا : ليس كذلك كان يعطينا عمر .
قال : (( فما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعطيكما ؟ )) ، فسكتا .
فقال : (( أليس كان (صلّى الله عليه وآله) يقسم بالسوية بين المسلمين من غير زيادة ؟ )) .
قالا : نعم .
قال : (( أفسُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أولى بالاتباع عندكما أم سُنّة عمر ؟ )) .
قالا : سُنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . دعائم الإسلام 1 / 384 .
53 ـ والظاهر أنّ مراده (عليه السّلام) الإشارة إلى جعل الخراج على الأرض نفسها ؛ حيث ورد أنّه جعل الخراج على الأرضين التي تعلُ من ذوات الحبّ والثمار ، والتي تصلح للغلّة من العام والعامر ، وعطّل منها المساكن والدور التي هي منازلهم . تاريخ دمشق 2 / 212 في ترجمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) باب ذكر بعض ما ورد من الملاحم والفتن .
فقد ورد التعبير بذلك في قول أبو عبيد ، وفي تأويل قول عمر أيضاً حين وضع الخراج ووظّفه على أهله من العلم أنّه جعله عاملاً عامّاً على كلّ مَنْ لزمته المساحة ، وصارت الأرض في يده من رجل ، أو امرأة ، أو صبي ، أو مكاتب ، أو عبد ، فصاروا متساويين فيها لم يستثنِِ أحداً دون أحد . تاريخ دمشق 2 / 212 في ترجمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) باب ذكر بعض ما ورد من الملاحم والفتن .
وعن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي قال : وضع عمر بن الخطاب على أهل السواد على كلّ جريب يبلغه الماء عامراً وغامراً درهماً وقفيزاً من طعام ، وعلى البساتين على كلّ جريب عشرة دراهم وعشرة أقفزة من طعام ، وعلى الكروم على كلّ جريب أرض عشرة دراهم وعشرة أقفزة من طعام ، وعلى الرطاب على كلّ جريب أرض خمسة دراهم وخمسة أقفزة طعام ، ولم يضع على النخل شيئاًً وجعله تبعاً للأرض ، وعلى رؤوس الرجال على الغني ثمانية وأربعين درهماً ، وعلى الوسط أربعة وعشرين درهماً ، وعلى الفقير اثني عشرة درهماً . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 106 كتاب الزكاة ، ما يؤخذ من الكروم والرطاب والنخل وما يوضع على الأرض .
54 ـ الظاهر أنّه تعريض بما ورد عن عمر من أنّه منع من تزويج ذوات الأحساب إلاّ من ذوي الحسب . راجع المصنّف ـ لعبد الرزاق 6 / 152 ، 154 كتاب النكاح ، باب الأكفاء ، والمصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 466 كتاب النكاح ، ما قالوا في الأكفاء في النكاح ، والجرح والتعديل 2 / 124 في ذكر إبراهيم بن محمد بن طلحة ، والمغني ـ لابن قدامه 7 / 375 ، ونهى عن يتزوج العربي الأمة ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 466 كتاب النكاح ، ما قالوا في الأكفاء في النكاح .
55 ـ روى جبير بن مطعم أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أعطى سهم ذوي القربى إلى بني هاشم وبني المطلب . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 699 كتاب الجهاد ، سهم ذوي القربى لمَنْ هو ؟ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 365 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب إعطاء الفيء على الديوان ومَنْ يقع به البداية ، فتح الباري 6 / 174 .
وقد اختلف الحال بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقد روى جبير بن مطعم : أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يقسم لعبد شمس ولا لبنى نوفل من الخمس شيئاً كما كان يقسم لبني هاشم وبني المطلّب ، وأنّ أبا بكر كان يقسم الخمس نحو قسم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) غير أنّه لم يكن يعطي قربى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كما كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يعطيهم ، وكان عمر (رضي الله عنه) يعطيهم وعثمان من بعده منه . مسند أحمد 4 / 83 حديث جبير بن مطعم (رضي الله تعالى عنه) ، واللفظ له ، سنن أبي داود 2 / 26 كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي القربى ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 342 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب سهم ذوي القربى من الخمس ، مجمع الزوائد 5 / 341 كتاب الجهاد ، باب قسم الغنيمة ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
وعن سعيد المقبري قال : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربى ، فكتب إليه ابن عباس : إنّا كنّا نزعم أنّا نحن هم فأبى ذلك علينا قومنا . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 700 كتاب الجهاد ، سهم ذوي القربى لمَنْ هو ؟ واللفظ له ، مسند أحمد 1 / 248 مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب (رضي الله تعالى عنه) ، صحيح مسلم 5 / 198 كتاب الجهاد والسير ، باب النساء الغازيات يرضخ لهنّ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 345 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب ما جاء في مصرف أربعة أخماس الفيء ، وغيرها من المصادر الكثيرة جدّاً .
وعن عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث ، عن الحسن في هذه الآية ( وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) قال : لم يُعطَ أهل البيت بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الخمس ولا عمر ولا غيرهم ، فكانوا يرون أنّ ذلك إلى الإمام يضعه في سبيل الله وفي الفقراء حيث أراده الله . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 700 كتاب الجهاد ، سهم ذوي القربى لمَنْ هو ؟
وروى يزيد بن هرمز أنّ نجدة الحروري حين حجّ في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ، ويقول : لمَنْ تراه ؟
قال ابن عباس : لقربي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قسمه لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقّنا فرددناه عليه وأبينا أن نقبله . سنن أبي داود 2 / 26 كتاب الخراج والإمارة والفيء ، باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذوي القربى ، واللفظ له ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 345 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب ما جاء في مصرف أربعة أخماس الفيء ، مسند أبي يعلى 5 / 123 .
وقال ابن عباس : إنّ عمر بن الخطاب دعانا إلى أن تنكح منه أيمناً ، ونخدم منه عائلنا ، ونقضي منه عن غارمنا ، فأبينا ذلك إلاّ أن يسلّمه لنا جميعاً ، فأبى أن يفعل ؛ فتركناه عليه. المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 699 كتاب الجهاد ، سهم ذوي القربى لمَنْ هو ؟ واللفظ له ، مسند أبي يعلى 4 / 424 ، شرح معاني الآثار 3 / 303 ، وغيرها من المصادر .
وعن قيس بن مسلم ، عن الحسن بن محمد بن الحنفية قال : اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال قائلون : سهم ذوي القربى لقرابة النبي (صلّى الله عليه وآله) . وقال قائلون : لقرابة الخليفة . وقال قائلون : سهم النبي (صلّى الله عليه وآله) للخليفة من بعده . فاجتمع رأيهم على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدّة في سبيل الله فكانا على ذلك في خلافة أبى بكر وعمر (رضي الله عنهما) . السنن الكبرى ـ للبيهقي 6 / 342 ـ 343 كتاب قسم الفيء والغنيمة ، باب سهم ذوي القربى من الخمس ، واللفظ له ، المستدرك على الصحيحين 2 / 128 كتاب قسم الفيء ، المصنّف ـ لعبد الرزاق 5 / 238 كتاب الجهاد ، باب ذكر الخمس وسهم ذي القربى ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
56 ـ فقد روي أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بنى مسجده مربّعاً طوله وعرضه مئة ذراع ، أو أقل من ذلك . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 1 / 262 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الثاني في ذرعه وحدوده التي يتميز بها عن سائر المسجد اليوم .
فزاد فيه عمر بن الخطاب فصار طوله أربعين ومئة ذراع وعرضه عشرين ومئة ذراع . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 2 / 75 ـ 76 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الثاني عشر في زيادة عمر (رضي الله عنه) في المسجد .
ثمّ زاد عثمان فيه أيضاً فجعل طوله ستين ومئة ذراع وعرضه خمسين ومئة ذراع . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 2 / 85 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الرابع عشر في زيادة عثمان (رضي الله عنه) .
57 ـ كان لمسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على عهده ثلاثة أبواب ، وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي 1 / 259 الفصل الأوّل في أخذه (صلّى الله عليه وآله) لموضع مسجده الشريف وكيفية بنائه ، و2 / 212 الفصل الثاني والثلاثون في أبواب المسجد وما سدّ منها وما بقي وما يحاذيها من الدور قديماً وحديثاً ، أبواب المسجد .
فقد أحدث عمر بن الخطاب فيه باباً رابعاً فيه سُمّي بباب النساء . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 2 / 78 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الثاني عشر في زيادة عمر (رضي الله عنه) في المسجد .
كما روي أنّه فتح باباً عند دار مروان بن الحكم ، وبابين في مؤخّر المسجد . وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى 2 / 77 الباب الرابع في ما يتعلّق بأمور مسجدها الأعظم النبوي ، الفصل الثاني عشر في زيادة عمر (رضي الله عنه) في المسجد ، وص 212 الفصل الثاني والثلاثون في أبواب المسجد وما سدّ منها وما بقي وما يحاذيها من الدور قديماً وحديثاً ، أبواب المسجد .
58 ـ روي جواز المسح على الخفين عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود وابن عمر وأبو أبوب ، بل نُسب إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولكن الثابت عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) أنّه لا يجوز ذلك .
فقد روي عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السّلام) أنّه قال : (( جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي (عليه السّلام) وفيهم علي (عليه السّلام) ، وقال : ما تقولون في المسح على الخفين ؟ فقام المغيرة بن شعبة فقال : رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يمسح على الخفين . فقال علي (عليه السّلام) : قبل المائدة أو بعدها ؟ فقال : لا أدري . فقال علي (عليه السّلام) : سبق الكتاب الخفين ، إنّما أنزلت المائدة قبل أن يُقبض بشهرين أو ثلاثة )) . تهذيب الأحكام 1 / 361 .
وعن ابن عباس قال : إنّا عند عمر (رضي الله عنه) حين سأله سعد وابن عمر عن المسح على الخفين ، فقضى عمر لسعد . فقال ابن عباس : فقلت : يا سعد قد علمنا أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) مسح على خفيّه ، ولكنّ أقبل المائدة أم بعدها ؟ قال : لا يخبرك أحد أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) مسح عليهما بعد ما أُنزلت المائدة . فسكت عمر (رضي الله عنه) . مسند أحمد 1 / 366 مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، واللفظ له ، السسن الكبرى ـ للبيهقي 1 / 273 كتاب الطهارة ، باب الرخصة في المسح على الخفين .
ولكنّ عمر مع ذلك تمسّك به وكتب به ، فقد روي أنّ يزيد بن وهب قال : كتب إلينا عمر بن الخطاب في المسح على الخفّين ثلاثة أيام ولياليهنّ للمسافر ، ويوماً وليلة للمقيم . شرح معاني الآثار 1 / 84 كتاب الطهارة ، باب المسح على الخفّين كم وقته للمقيم والمسافر ، واللفظ له . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 1 / 206 كتاب الطهارات ، في المسح على الخفين ، كنز العمّال 9 / 600 ح 27585 .
روى رقية بن مقصلة قال : دخلت على أبي جعفر (عليه السّلام) فسألته عن أشياء ... فقلت له : ما تقول في المسح على الخفّين ؟ فقال : (( كان عمر يراه ثلاثاً للمسافر ويوماً وليلة للمقيم ، وكان أبي لا يراه لا في سفر ولا حضر )) .
فلمّا خرجت من عنده فقمت على عتبة الباب ، فقال لي : (( أقبل )) . فأقبلت عليه ، فقال : (( إنّ القوم كانوا يقولون برأيهم ، فيخطئون ويصيبون ، وكان أبي لا يقول برأيه )) . وسائل الشيعة 1 / 323 .
وعن زاذان قال : قال علي بن أبي طالب لأبي مسعود : (( أنت فقيه ! أنت المحدّث أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مسح على الخفّين ؟ )) .
قال : أوَ ليس كذلك ؟
قال : (( أقبل المائدة أو بعدها ؟ )) .
قال : لا أدري .
قال : (( لا دريت ! إنّه مَنْ كذب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار )) . كنز العمّال 9 / 607 ح 27614 ، واللفظ له ، ضعفاء العقيلي 2 / 86 في ترجمة زكريا بن يحيى الكسائي ، ميزان الاعتدال 2 / 76 في ترجمة زكريا بن يحيى الكسائي الكوفي ، لسان الميزان 2 / 484 في ترجمة زكريا بن يحيى الكسائي .
59 ـ وقد أحلّ عمر بن الخطاب النبيذ ، فقد ورد عن عمرو بن ميمون قال : قال عمر (رضي الله عنه) : إنا لنشرب من النبيذ نبيذاً يقطع لحوم الإبل في بطوننا من أن تؤذينا . السنن الكبرى ـ للبيهقي 8 / 299 كتاب الأشربة ، باب ما جاء في وصف نبيذهم الذي كانوا يشربونه .
بل ورد عن نافع بن عبد الحارث أنّه قال : قال عمر : اشربوا هذا النبيذ في هذه الأسقية ؛ فإنّه يقيم الصلب ، ويهضم ما في البطن ، وإنّه لن يغلبكم ما وجدتم الماء . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 5 / 526 كتاب الأشربة ، مَنْ كان يقول : إذا اشتدّ عليك فاكسره بالماء ، واللفظ له. كنز العمال 5 / 522 ح 13795 .
وعن ابن عون قال : أتى عمر قوماً من ثقيف قد حضر طعامهم . فقال : كلوا الثريد قبل اللحم ؛ فإنّه يسد مكان الخلل ، وإذا اشتد نبيذكم فاكسروه بالماء ، ولا تسقوه الأعراب . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 5 / 526 كتاب الأشربة ، مَنْ كان يقول : إذا اشتد عليك فاكسره بالماء . ومراده من ذلك منع إسكاره بخلطه بالماء .
ومن الطريف ما رواه الشعبي عن سعيد وعلقمة : أنّ أعرابياً شرب من شراب عمر ، فجلده عمر الحد . فقال الأعرابي : إنّما شربت من شرابك ! فدعا عمر شرابه فكسره بالماء ، ثمّ شرب منه وقال : مَنّ رابه من شرابه شيء فليكسره بالماء . أحكام القرآن ـ للجصاص 2 / 581 .
وجاء رجل قد ظمئ إلى خازن عمر ، فاستسقاه فلم يسقه ، فأتي بسطيحة لعمر فشرب منه فسكر . فأُتي به عمر فاعتذر إليه ، وقال : إنّما شربت من سطيحتك . فقال عمر : إنّما أضربك على السكر . فضربه عمر . شرح معاني الآثار 4 / 218 ، واللفظ له ، المحلّى 7 / 486 ، فتح الباري 10 / 34 .
وعن سعيد بن ذي لعوة قال : أتي عمر برجل سكران فجلده ، فقال : إنّما شربت من شرابك . فقال : وإن كان . شرح معاني الآثار 4 / 218 .
وقد ورد تحريمه في روايات الجمهور عن رسول الله . فقد روى ابن عمر قال : نهى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عن الحنتمة . قيل : وما الحنتمة ؟ قال : الجرّة . يعني النبيذ . مسند احمد 2 / 27 مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب .
وقال عبد الله بن إدريس الكوفي : قلت لأهل الكوفة : يا أهل الكوفة ، إنّما حديثكم الذي تحدّثونه في الرخصة في النبيذ عن العميان والعوران والعمشان . أين أنتم عن أبناء المهاجرين والأنصار ؟! السنن الكبرى ـ للبيهقي 8 / 306 كتاب الأشربة ، باب ما جاء في الكسر بالماء .
60 ـ وقد تواتر منع عمر عن المتعتين وتحريمهم ، ولا بأس بذكر بعض النصوص في ذلك :
فقد خطب عمر فقال : إنّ رسول الله هذا الرسول . وإنّ هذا القرآن هذا القرآن ، وإنّهما كانتا متعتان على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنا أنهى عنهما ، وأعاقب عليهما : إحداهما متعة النساء ، ولا أقدر على رجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ غيّبته بالحجارة ، والأخرى متعة الحج ، افصلوا حجّكم من عمرتكم ؛ فإنّه أتمّ لحجّكم ، وأتمّ لعمرتكم . السنن الكبرى ـ للبيهقي 7 / 206 كتاب النكاح ، باب نكاح المتعة ، واللفظ له ، مسند أحمد 1 / 52 مسند عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، معرفة السنن والآثار 5 / 345 ، شرح معاني الآثار 2 / 146 كتاب مناسك الحج ، باب الإحرام النبوي بالحج أو العمرة ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
وقال جابر بن عبد الله : تمتّعنا مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فلمّا قام عمر قال : إنّ الله كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء ، وإنّ القرآن قد نزل منازله فأتمّوا الحجّ والعمرة لله كما أمركم الله ، وابتوا نكاح هذه النساء . فلن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته بالحجارة . صحيح مسلم 4 / 38 كتاب الحجّ ، باب في المتعة بالحجّ والعمرة ، واللفظ له . أحكام القرآن ـ للجصاص 2 / 193 ، تاريخ المدينة 2 / 720 ، وغيرها من المصادر .
وسأل رجل شامي عبد الله بن عمر عن متعة الحجّ ، فقال : هي حلال . فقال له الشامي : إنّ أباك قد نهى عنها . فقال : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمر أبي يُتبع أم أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . فقال : لقد صنعها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . سنن الترمذي 2 / 159 أبواب الحج ، باب ما جاء في التمتع ، واللفظ له .
وقال بعد ذكر الحديث : هذا حديث حسن صحيح . مسند أبي يعلى 9 / 342 ، تفسير القرطبي 2 / 388 ، وغيرها من المصادر .
61 ـ فقد روي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّ التكبير على الجنازة خمس .
قال عبد الأعلى : صلّيت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبّر خمساً ، فقام إليه أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال : نسيت ؟ قال : لا . ولكن صلّيت خلف أبي القاسم خليلي (صلّى الله عليه وآله) ، فكبّر خمساً ، فلا أتركها أبداً . مسند أحمد 4 / 370 حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، شرح معاني الآثار 1 / 494 كتاب الصلاة ، باب التكبير على الجنائز كم هو ، المعجم الأوسط 2 / 228 ، وغيرها من المصادر .
وعن عبد العزيز بن حكيم قال : صلّيت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبّر خمساً ، ثمّ التفت فقال : هكذا كبّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، أو نبيكم (صلّى الله عليه وآله) . مسند أحمد 4 / 371 حديث زيد بن أرقم (رضي الله عنه) .
وحدّث أيوب بن سعيد بن حمزة قال : صلّيت خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبّر خمساً ثمّ قال : صلّيت خلف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على جنازة فكبّر خمساً فلن ندعها لأحد . سنن الدارقطني 2 / 60 كتاب الجنائز ، باب التسليم في الجنازة واحد والتكبير أربعاً وخمساً وقراءة الفاتحة .
وقال يحيى بن عبد الله التيمي : صلّيت خلف عيسى مولى لحذيفة في المدائن على جنازة فكبّر خمساً ، ثمّ التفت إلينا فقال : ما وهمت ولا نسيت ، ولكن كبّرت كما كبّر مولاي وولي نعمتي حذيفة بن اليمان ، صلّى على جنازة وكبّر خمساً ، ثمّ التفت إلينا فقال : ما نسيت ولا وهمت ، ولكن كبّرت كما كبّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، صلّى على جنازة فكبّر خمساً . مسند أحمد 5 / 406 حديث حذيفة بن اليمان ، واللفظ له . مجمع الزوائد 3 / 34 كتاب الجنائز ، باب التكبير على الجنازة . سنن الدارقطني 2 / 60 كتاب الجنائز ، باب التسليم في الجنازة واحد والتكبير أربعاً وخمساً وقراءة الفاتحة . تاريخ بغداد 11 / 143 في ترجمة عيسى البزاز المدائني . وغيرها من المصادر .
فلمّا ولي عمر جعل التكبيرات أربعاً . السنن الكبرى ـ للبيهقي 4 / 37 كتاب الجنائز ، باب ما يستدلّ به على أنّ أكثر الصحابة اجتمعوا على أربع ، ورأي بعضهم الزيادة منسوخة. المصنّف ـ لعبد الرزاق 3 / 479 ـ 480 كتاب الجنائز باب التكبير على الجنازة ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 186 كتاب الجنائز ، مَنْ كان يكبّر على الجنازة خمساً . فتح الباري 3 / 162 ، عون المعبود 8 / 343 ، وغيرها من المصادر .
62 ـ روى الجمهور أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان يجهر في الصلاة بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) . راجع السنن الكبرى ـ للبيهقي 2 / 46 ـ 49 كتاب الصلاة ، باب افتتاح القراءة في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم والجهر بها إذا جهر بالفاتحة ، وسنن الدارقطني 1 / 303 ـ 305 ، 308 كتاب الصلاة ، باب وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة والجهر بها واختلاف الروايات ، ونصب الراية / 442 ، 444 ، والدراية ـ لابن حجر 1 / 131 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
وعن ابن عباس أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) لم يزل يجهر في السورتين ببسم الله الرحمن الرحيم حتى قبض . راجع سنن الدارقطني 1 / 303 كتاب الصلاة ، باب وجوب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة والجهر بها واختلاف الروايات ، وعمدة القارئ 5 / 288 ، ونصب الراية / 469 ، 486 ، والدراية ـ لابن حجر 1 / 134 ، 136 ، وغيرها من المصادر .
وقال أبو هريرة : كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم فترك الناس ذلك . السنن الكبرى ـ للبيهقي 2 / 47 كتاب الصلاة ، باب افتتاح القراءة في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم والجهر بها إذا جهر بالفاتحة .
وقد روى الجمهور أنّ أبا بكر وعمر وعثمان لم يجهروا به .
فقد روى حميد : إنّ أبا بكر كان يفتتح القراءة بالحمد لله ربّ العالمين . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 1 / 448 كتاب الصلاة ، مَنْ كان لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .
وقد روي عن الأسود أنّه قال : صلّيت خلف عمر سبعين صلاة فلم يجهر فيها ببسم الله الرحمن الرحيم . راجع المصنّف ـ لابن أبي شيبة 1 / 449 كتاب الصلاة ، مَنْ كان لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ونيل الأوطار ـ للشوكاني 2 / 217 .
وقد روى أنس أنّ أبا بكر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله ربّ العالمين . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 1 / 447 كتاب الصلاة ، مَنْ كان لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم .
63 ـ قال الفيض : ( وأخرجت مَنْ أُدخل ) لعلّ المراد به أبو بكر وعمر ؛ حيث دفنا في مسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله) . ( أخرجه ) ، والمراد بإخراج الرسول إيّاهما سدّ بابهما عن المسجد . ( وأدخلت مَنْ أُخرج ) لعلّ المراد به نفسه (عليه السّلام) ، وبإخراجه سدّ بابه وبإدخاله فتحه . الوافي 14 / 16 أبواب الخطب والرسائل .
64 ـ فقد روي عن ابن عباس أنّه قال : كان الطلاق على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة . فقال عمر بن الخطاب : إنّ الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة ، فلو أمضيناه عليهم ، فأمضاه عليهم . صحيح مسلم 4 / 183 ـ 184 كتاب الطلاق ، باب طلاق الثلاث ، المستدرك على الصحيحين 2 / 196 كتاب الطلاق ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 7 / 336 كتاب القسم والنشوز ، باب مَنْ جعل الثلاث واحدة وما ورد في خلاف ذلك ، المصنّف ـ لعبد الرزاق 6 / 392 كتاب الطلاق ، باب المطلق ثلاثاً . وغيرها من المصادر الكثيرة جدّاً .
وقال أبو الصهباء لابن عباس : أتعلم إنّما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله) وأبي بكر وثلاثاً من إمارة عمر ؟ فقال ابن عباس : نعم . صحيح مسلم 4 / 184 كتاب الطلاق ، باب طلاق الثلاث ، السنن الكبرى ـ للبيهقي 7 / 336 كتاب القسم والنشوز ، باب مَنْ جعل الثلاث واحدة وما ورد في خلاف ذلك ، المصنّف ـ لعبد الرزاق 6 / 392 كتاب الطلاق ، باب المطلق ثلاثاً . وغيرها من المصادر الكثيرة جدّاً .
65 ـ فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يجعل الزكاة على الخيل ، بل نهى عن ذلك . راجع المصنّف ـ لعبد الرزاق 4 / 33 ـ 34 كتاب الزكاة ، باب الخيل ، التمهيد ـ لابن عبد البر 4 / 215 .
مع أنّ عمر فرض الزكاة عليه ، قال حي بن يعلى أنّه سمع يعلى قال : ابتاع عبد الرحمن بن أمية ـ أخو يعلى ـ من رجل فرساً أنثى بمئة قلوص ، فبدا له فندم البائع ، فأتى عمر (رضي الله عنه) ، فقال : إنّ يعلى وأخاه غصباني فرسي ، فكتب عمر إلى يعلى بن أمية : أنّ الحقّ بي . فأتاه فأخبره . فقال : إنّ الخيل لتبلغ هذا عندكم ؟! قال : ما علمت فرساً قبل هذه بلغ هذا . قال عمر : فنأخذ من كلّ أربعين شاة شاة ولا نأخذ من الخيل شيء ؟ خذ من كلّ فرس دينار . قال : فضرب على الخيل ديناراً ديناراً . راجع السنن الكبرى ـ للبيهقي 4 / 119 ـ 120 كتاب الزكاة ، باب مَنْ رأى في الخيل صدقة ، واللفظ له ، والمصنّف ـ لعبد الرزاق 4 / 36 كتاب الزكاة ، باب الخيل ، والاستذكار ـ لابن عبد البر 3 / 238 ، والتمهيد ـ لابن عبد البر 4 / 216 ، ونصب الراية 2 / 422 ـ 423 ، والمبسوط ـ للسرخسي 2 / 188 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
كما فرض الزكاة على القطنية وهي العدس والحمص وأشباههم . راجع المصنّف ـ لعبد الرزاق 4 / 120 كتاب الزكاة ، باب الخضر ، 6 / 99 كتاب الجهاد ، صدقة أهل الكتاب ، والسنن الكبرى ـ للبيهقي 9 / 210 كتاب الجزية ، باب ما يؤخذ من الذمّي إذا اتجر في غير بلده والحربي إذا دخل بلاد الإسلام بأمان ، والمصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 88 كتاب الزكاة ، في نصارى بني تغلب ما يؤخذ منهم ، ومعرفة السنن والآثار 7 / 133 ، والاستذكار ـ لابن عبد البر 3 / 231 ، 251 ، والتمهيد ـ لابن عبد البر 2 / 126 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
وعلى عسل النحل . راجع المصنّف ـ لعبد الرزاق 4 / 62 كتاب الزكاة ، باب صدقة العسل ، والمصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 33 كتاب الزكاة ، في العسل هل فيه زكاة أم لا ؟
وعلى الزيتون . راجع المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 33 كتاب الزكاة ، في الزيتون فيه الزكاة أم لا ؟
وعلى حلي النساء . راجع المصنّف ـ لابن أبي شيبة 3 / 44 كتاب الزكاة ، في الحلي ، وتلخيص الحبير 6 / 19 ، كنز العمال 6 / 542 ح 16875 .
66 ـ روي أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله) صالح أهل نجران على أن لا يجليهم من أرضهم ، وأخذ منهم الجزية من المال الواسع . سبل السلام 4 / 63 ، وكتب لهم بذلك كتاب . المصنّف ـ لابن أبي شيبة 8 / 564 كتاب المغازي ، ما ذكروا في أهل نجران .
ولمّا ولي عمر أجلاهم من أرضهم . السنن الكبرى 9 / 209 كتاب الجزية ، باب ما جاء في تفسير أرض الحجاز وجزيرة العرب ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 8 / 564 كتاب المغازي ، ما ذكروا في أهل نجران ، سبل السلام 4 / 63 ، فتح الباري 5 / 9 .
وقد استنجد أهل نجران بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فجاؤوا إليه ومعهم قطعة أيدم فيه كتاب عليه خاتم النبي (صلّى الله عليه وآله) فقالوا له : ننشدك الله كتابك بيدك ، وشفاعتك بلسانك ، إلاّ ما رددتنا إلى نجران ، فلم يفعل (عليه السّلام) شيء . تفسير مقاتل بن سليمان 1 / 212 ، ونحوه في المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 483 كتاب الفضائل ، ما ذكر في فضل عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ، تاريخ دمشق 44 / 364 في ترجمة عمر بن الخطاب ، المغني ـ لابن قدامة 11 / 405 ، وقد كانت حادثة المباهلة المعروفة معهم .
67 ـ لعلّه إشارة إلى منع عمر من سبي مشركي العرب .
قال اليعقوبي : وكان أوّل ما عمل به عمر أن ردّ سبايا أهل الردّة إلى عشائرهم ، وقال : إنّي كرهت أن يصير السبي سنة على العرب . تاريخ اليعقوبي 2 / 139 أيام عمر بن الخطاب .
وقال ابن الأثير : لمّا ولي عمر بن الخطاب قال : إنّه لقبيح بالعرب أن يملك بعضهم بعضاً وقد وسع الله (عزّ وجلّ) وفتح الأعاجم ، واستشار في فداء سبايا العرب في الجاهلية والإسلام ... . الكامل في التاريخ 2 / 382 أحداث سنة إحدى عشر من الهجرة ، ذكر ردّة حضرموت وكندة ، ومثله في تاريخ الطبري 2 / 549 أحداث سنة إحدى عشر من الهجرة ، ذكر خبر حضرموت في ردّتهم ، وإمتاع الأسماع 14 / 250 ، وغيرهما من المصادر .
وقال الشعبي : لمّا قام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال : ليس على عربي ملك ... . السنن الكبرى ـ للبيهقي 9 / 74 كتاب السير ، باب مَنْ يجري عليه الرق ، واللفظ له ، المصنّف ـ لعبد الرزاق 7 / 278 باب الأمة تغر الحرة بنفسها ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 7 / 580 كتاب الجهاد ، ما قالوا في سبي الجاهلية والقرابة ، كنز العمال 6 / 545 ح 16884 ، وغيرها من المصادر .

68 ـ فقد استفاضت النصوص بأنّ عمر شرع الجماعة في نافلة شهر رمضان وهي المعروفة بالتراويح . راجع صحيح البخاري 2 / 252 كتاب الصوم ، كتاب صلاة التراويح ، باب فضل مَنْ قام رمضان ، والسنن الكبرى ـ للبيهقي 2 / 493 كتاب الصلاة ، باب قيام شهر رمضان ، والمصنّف ـ لعبد الرزاق 4 / 259 كتاب الصيام ، باب قيام رمضان ، وصحيح ابن خزيمة 2 / 155 كتاب الصلاة ، باب في بيان وتره (صلّى الله عليه وآله) في الليلة التي بات ابن عباس عنده ، ومعرفة السنن والآثار 2 / 304 ، ونصب الراية 2 / 174 ، وغيرها من المصادر الكثيرة .
69 ـ الكافي 8 / 58 ـ 63 .
70 ـ وربما صار ذلك عقدة بينه (عليه السّلام) وبين بعض مَنْ كان في طاعته ؛ بحيث كانوا في أزمة نفسية انفجرت في التحكيم ، لتتشبث به كمبرر لتكفيره (صلوات الله عليه) والخروج عليه ، وظهور فرقة الخوارج ، كما يناسب ذلك .
أوّلاً : ضعف شبهتهم وظهور وهنها لولا العقد التي تتحقق بها الأرضية الصالحة للتشبث بالشبه الضعيفة .
وثانياً : تقديسهم الشديد لأبي بكر وعمر ، وعدم محاولتهم النظر في سلبياتهم ، ولاسيما مع ما ورد من عناية عمر ببعضهم ، كعبد الرحمن بن ملجم ، حيث كتب لعامله على مصر عمرو بن العاص أن قرّب دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه فوسّع له . راجع لسان الميزان 3 / 440 في ترجمة عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، والأنساب ـ للسمعاني 1 / 451 في التدؤلي ، وتاريخ الإسلام 3 / 653 في أحداث سنة أربعين من الهجرة ، والوافي بالوفيات 18 / 172 في ترجمة عبد الرحمن بن ملجم ، وغيرها من المصادر .
وثالثاً : تميزهم بقراءة القرآن المجيد وتشبّثهم بظواهر بعض آياته الكريمة ، من دون تعريج على السنّة النبوية الشريفة التي كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يركّز عليها في إثبات حقّه وحق أهل البيت (عليهم السّلام) ، وفي توجيه كثير من مواقفه ، حيث قد يوحي ذلك بعدم ألفتهم التعريج على السنّة في الخروج عن ظواهر القرآن البدوية والجمع بينه ؛ تأثراً بمواقف الأوّلين من السنّة وتركيزهم على القرآن وحده .
نعم ، لا يزيد ذلك على الاحتمال أو الظنّ ، ويحتاج لمزيد من الفحص والتأمّل قد يتيسر للباحثين من أجل التعرّف على التراكمات التي انفجرت لتتجسّد في هذه الدعوة .
71 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 195 ، واللفظ له ، نهج البلاغة 2 / 23 ، تاريخ الطبري 3 / 300 أحداث سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ، قصّة الشورى ، الكامل في التاريخ 3 / 74 أحداث سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ، ذكر قصّة الشورى .
72 ـ تقدّم في /  263 .
73 ـ تقدّم في / 230 وما بعده .
74 ـ بغية الطلب في تاريخ حلب 1 / 291 باب في ذكر صفين ... ، الفصل الثاني في بيان أنّ علياً (عليه السّلام) على الحقّ في قتاله معاوية (رحمه الله) ، واللفظ له ، مناقب أبي حنيفة ـ للخوارزمي 2 / 83 الباب الرابع والعشرون في ذكر ألفاظ جرت على لسانه فصارت أمثالاً بين الناس ، مناقب أبي حنيفة ـ للكردري 2 / 71 .
75 ـ مناقب أبي حنيفة ـ للخوارزمي 2 / 84 الباب الرابع والعشرون في ذكر ألفاظ جرت على لسانه فصارت أمثالاً بين الناس ، مناقب أبي حنيفة ـ للكردري 2 / 72 .
76 ـ الجواهر المضية في طبقات الحنفية 2 / 26 في ترجمة محمد بن أحمد بن موسى بن داود الرازي البرزالي
77 ـ شرح نهج البلاغة 9 / 331 .
78 ـ مجموع الفتاوى 4 / 438 مفصل اعتقاد السلف ، فصل في أعداء الخلفاء الراشدين والأئمّة الراشدين .
79 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 250 ، جامع بيان العلم وفضله ـ لابن عبد البر 2 / 105 ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 8 / 710 كتاب الجمل ، مسير عائشة وعلي وطلحة والزبير ، الدراية ـ لابن حجر 2 / 139 باب البغاة ، المحلّى 11 / 103 حكم قتل أهل البغي ، كنز العمال 11 / 336 ح 31676 ـ 31677 . وغيرها من المصادر .
80 ـ جواهر الكلام 21 / 339 ـ 341 .
81 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 251 ، واللفظ له ، جامع بيان العلم وفضله ـ لابن عبد البر 2 / 105 ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة 8 / 710 كتاب الجمل ، مسير عائشة وعلي وطلحة والزبير ، الدراية ـ لابن حجر 2 / 139 باب البغاة ، المحلّى 11 / 103 حكم قتل أهل البغي ، كنز العمال 11 / 336 ح 31676 ـ 31677 ، نصب الراية 4 / 363 باب البغاة ، وصيّة سيّدنا علي (كرّم الله وجهه) يوم الجمل والحديث في ذلك .

وغيرها من المصادر .

82ـ بحار الأنوار 33 / 366 ، واللفظ له ، كتاب السنّة ـ لعبد الله بن أحمد 2 / 627 ، حلية الأولياء 4 / 186 في ترجمة علي بن أبي طالب ، السنن الكبرى ـ للنسائي 5 / 165 كتاب المناقب ، ذكر ما خصّ به

علي من قتال المارقين ، ثواب من قاتلهم ، إلاّ إنّه ذكر أهل النهروان ولم يذكر أهل الجمل ، بينما ذكرهم في كتاب خصائص أمير المؤمنين / 146 ما خصّ به علي من قتال المارقين ، المصنّف ـ لابن أبي

شيبة 8 / 698 كتاب المغازي ، ما ذكر في عثمان ، إلاّ إنّه كنّى عن عائشة وطلحة والزبير بـ : (فلان وفلان وفلان) ، كنز العمال 11 / 298 ح 31565 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 193 خلافة أمير المؤمنين علي بن

أبي طالب ، كتاب سليم بن قيس / 256 . وغيرها من المصادر .

وروي مبتوراً في علل الدارقطني 4 / 23 مسند علي بن أبي طالب ، تاريخ دمشق 42 / 474 في ترجمة علي بن أبي طالب .

82ـ شرح نهج البلاغة 3 / 75 ، واللفظ له ، و14 / 36 . الإمامة والسياسة 1 / 80 كتاب علي إلى معاوية مرّة ثانية ، تاريخ دمشق 59 / 28 في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان ، العقد الفريد 4 / 306

فرش كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأخبارهم ، خلافة علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) ، أخبار علي ومعاوية ، وقعة صفين / 29 ، المناقب ـ للخوارزمي / 202 . وغيرها من المصادر .

84ـ وقعة صفين / 509 ـ 510 ، واللفظ له ، شرح نهج البلاغة 2 / 233 ، ينابيع المودّة 2 / 20 .

(85) تاريخ الطبري 4 / 66 أحداث سنة سبع وثلاثين من الهجرة : ذكر ما كان من خبر الخوارج. الكامل في التاريخ 3 / 348 أحداث سنة سبع وثلاثين من الهجرة : ذكر مقتل ذي الثدية. تاريخ ابن خلدون 2

ق :2 / 181 أمر الخوارج وقتالهم.

(86) تاريخ اليعقوبي 2 / 231 وفاة الحسن بن علي ، واللفظ له. الاحتجاج 2 / 19. وسائل الشيعة 2 / 704 باب :18 من أبواب تغسيل الميت ح :3.

(87) الكامل في التاريخ 3 / 486 أحدث سنة إحدى وخمسين من الهجرة : ذكر مقتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهم ، واللفظ له. تاريخ دمشق 8 / 27 في ترجمة أرقم بن عبد الله

الكندي. تاريخ الطبري 4 / 207 أحدث سنة إحدى وخمسين من الهجرة : تسمية من قتل من أصحاب حجر (رحمه الله) .

(88) تقدمت مصادره في / 139.

(89) سورة الأنفال الآية : 42.

(90) نهج البلاغة 1 / 47ـ48 ، واللفظ له. الكافي 8 / 67ـ68.

(91) شرح نهج البلاغة 9 / 206.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page