• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

فيما كسبه التشيّع لأهل البيت (عليهم السّلام) بخصوصيته


المطلب الثاني
فيما كسبه التشيّع
لأهل البيت (عليهم السّلام) بخصوصيته

ظهر ممّا سبق في المطلب الأوّل بعض مكاسب دعوة التشيّع لأهل البيت (صلوات الله عليهم) نتيجة فاجعة الطفّ .
كما يأتي في المقام الثاني من الفصل الثاني ـ عند الكلام في العِبَر التي تستخلص من فاجعة الطفّ ـ أنّها سهلت على الأئمّة من ذرية الحسين (صلوات الله عليهم) إقناع الشيعة بالصبر ومهادنة السلطة من أجل التفرّغ لبناء الكيان الشيعي الثقافي والعملي ، وهو مكسب مهم جدّاً .
والمهم هنا التعرّض لمكاسب أُخرى لها أهمية كبرى في قيام كيان التشيّع وقوّته وبقائه ، فنقول بعد الاستعانة بالله تعالى :
من الظاهر أنّ دعوة التشيّع تعتمد من يومها الأوّل :
أوّلاً : على الاستدلال والمنطق السليم والحجّة الواضحة كما ذكرناه آنفاً ، ويظهر للناظر في محاورات الشيعة وحجاجهم مع الآخرين ممّا تناقلته الناس وسُطّر في الزبر .
وثانياً : على العاطفة ؛ لِما لأهل البيت (صلوات الله عليهم) من مكانة سامية في نفوس عامّة المسلمين ، وكثير من غيرهم ، ولِما وقع عليهم (عليهم السّلام) من الظلم والأذى ، وتجرّعوه من الغصص والمصائب حيث يوجب ذلك بمجموعه انشداد الناس لهم عاطفياً .
وثالثاً : على الإعلام والإعلان عن دعوة التشيّع ونشر ثقافته ، وإظهار حججه ، وإسماع صوته لأتباع الدعوة من أجل تثقيفهم وتعريفهم بدينهم ، وللآخرين من أجل إقناعهم ، وإقامة الحجّة عليهم .
وقد جاءت فاجعة الطفّ الدامية ـ بأبعادها المتقدّمة ، وتداعياتها المتلاحقة ـ ؛ لتدعم هذه الدعوة الشريفة في الجوانب الثلاثة .
وبيان ذلك يكون في مقامات ثلاثة :

المقام الأوّل
في مكسب التشيّع من حيثية الاستدلال
سبق في المطلب الأوّل أنّ فاجعة الطفّ قد هزّت ضمير المسلمين ، ونبّهتهم من غفلتهم ، وانتهت بهم إلى الالتزام بانحصار المرجعية في الدين بالكتاب المجيد والسُنّة الشريفة .
ومن الظاهر أنّ ذلك كما يكون مكسباً للإسلام بكيانه العام ، كذلك هو مكسب جوهري للتشيّع بالمعنى الأخص ، وهو الذي يبتني على أنّ الخلافة والإمامة بالنصّ ، وأنّ الأئمّة اثنا عشر .

اعتماد التشيّع بالدرجة الأولى على الكتاب والسُنّة
وذلك لاعتماد التشيّع المذكور بالدرجة الأولى على الكتاب المجيد والسُنّة الشريفة ، وخصوصاً السُنّة التي حاولت السلطة في الصدر الأوّل تغييبه ، والتحجير عليه ، والمنع من روايتها إلاّ في حدود مصلحته كما سبق .
ومن الطريف جدّاً أنّ العناية الإلهية حفظت لهذا التشيّع ما يكفي في الاستدلال عليه والردّ على خصومه من الكتاب المجيد وأحاديث الجمهور ورواياتهم ، ومن التاريخ الذي ثبتوه بأنفسهم بحيث لو تجرّد الباحث عن التراكمات والموروثات التي ما أنزل الله بها من سلطان ، ونظر في تلك الأحاديث ووقائع التاريخ بموضوعية تامّة لاتضحت له معالم الحقّ ، وبخع لدعوة التشيّع ، ولزم خطّ أهل البيت (صلوات الله عليهم) .
وقد تقدّم في أوائل المقام الثاني عن الإمام الصادق (صلوات الله عليه) أنّ طالب الحقّ أسرع إلى هذا الأمر من الطير إلى وكره(1) .
وقد حاول أهل العلم من خصوم التشيّع تجاهل تلك الآيات والأحاديث ، وعدم التركيز عليه ، أو الجواب عنها بوجوه ظاهرة التكلّف والتعسّف بنحو لا يخفى على طالب الحقّ وعلى المنصف .

انحصار المرجعية في الدين بالكتاب والسُنّة انتصار للتشيّع
وعلى كلّ حال فقد اتّضحت معالم الدين ، وكانت الغلبة منطقياً للتشيّع بعد أن تمّ تسالم المسلمين بعد فاجعة الطفّ ، وما تبعها من تداعيات ـ كما سبق ـ على انحصار المرجع في الدين بالكتاب المجيد والسُنّة الشريفة ، وأنّه لا يحق لأي شخص أن يخرج عنهما ، أو يتحكّم في الدين من دون أن يرجع لهما ، وأنّ الخروج عنهما جريمة تطعن في شخص الخارج مهما كان شأنه .

الطرق الملتوية التي سلكها خصوم التشيّع لتضييع هذا الانتصار
ولذا اضطر خصوم التشيّع على طول الخطّ وحتى يومنا الحاضر لمقاومته ، والمنع من امتداده في عمق المجتمع المسلم بطرق :
أوّلها : القمع والتنكيل بالشيعة بمختلف الوجوه وبدون حدود ؛ لئلا يتسنّى لهم إسماع دعوتهم ، والاستدلال عليها .
ثانيها : تشويه صورتهم ، وافتراء كثير من الأمور المستنكرة عليهم ، بل كثيراً ما انتهى بهم الأمر إلى تكفير الشيعة وإخراجهم من الإسلام .
كلّ ذلك من أجل تنفير عامّة الجمهور منهم ، وإبعادهم عنهم ؛ لئلا يتيسّر لهم السماع منهم ، والتعرّف على ثقافتهم وعقيدتهم الحقيقية ، وعلى أدلّتهم المنطقية عليه .
ثالثها : إبعاد عامّة الجمهور عن كثير من تراث الجمهور أنفسهم ، وإغفالهم عمّا يخدم خطّ التشيّع منه ، والتركيز على غيره وإشغالهم به ، وإن كان دون ما سبق دلالة أو سنداً .
رابعها : محاولة إبعاد عامّة الجمهور أيضاً عن البحث في الأمور العقائدية ، وحملهم على التمسّك بما عندهم على أنّها مسلمات لا تقبل البحث والنظر .
خامسها : إغفال التراث والفكر الشيعي في مقام البحث والنظر ، وإبعادهما عن متناول الجمهور ، بل حتى عن الباحثين منهم .
وقد بلغنا أنّ بعض المكتبات المهمّة في عصرنا تمتنع من عرض الكتب الشيعية وإن كانت قد تعرض كتباً تتضمّن أفكاراً تتناقض مع الدين والأخلاق .
وقد جروا في ذلك على سيرة أسلافهم .
قال ابن خلدون : وشذّ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها ، وفقه انفردوا به ، وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح ، وعلى قولهم بعصمة الأئمّة ، ورفع الخلاف عن أقوالهم ، وهي كلّها أصول واهية ، وشذّ بمثل ذلك الخوارج .
ولم يحتفل الجمهور بمذاهبهم ، بل أوسعوها جانب الإنكار والقدح فلا نعرف شيئاً من مذاهبهم ، ولا نروي كتبهم ، ولا أثر لشيء منها إلاّ في مواطنهم ؛ فكتب الشيعة في بلادهم ، وحيث كانت دولتهم قائمة ...(2) .
بل موقفهم من الخوارج دون موقفهم من الشيعة ؛ إذ كثيراً ما يتعاطفون
معهم ، ويتواصلون مع رجالهم وتراثهم كما يظهر بالرجوع للمصادر المعنية بذلك .
ويلحق بذلك تجاهل أئمّة الشيعة (صلوات الله عليهم) وجميع رموز التشيّع وأعلامه ، أو التخفيف من شأنهم مع ما لهم من الأثر الحميد في الإسلام ، والموقع المتميز في المسلمين ، وتسالمهم على رفعة مقامهم .
سادسها : التحذير من الاحتكاك بالشيعة والتحدّث معهم في الأمور العقائدية ، وفتح باب الجدل والاحتجاج معهم ... إلى غير ذلك ممّا يدلّ على شعور الجمهور بأصالة الفكر الشيعي وقوّة حجّته .
ولذا كان التشيّع في غنى عن نظير ذلك مع بقيّة فرق المسلمين ، بل يؤكّد الشيعة على لزوم البحث والنظر في الدين بموضوعية كاملة ، كما ينتشر تراث الجمهور بينهم على ما تعرّضنا له في جواب السؤال الأوّل من الجزء الأوّل من كتابنا (في رحاب العقيدة) .

رفض الإمام الحسين (عليه السّلام) نظام الجمهور في الخلافة
وفي ختام الحديث عمّا كسبه التشيّع من فاجعة الطفّ من حيثية الاستدلال والبرهان يحسن التنبيه لأمر له أهميته في ذلك .
وهو إنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بما له من مقام رفيع عند جمهور المسلمين قد خرج على نظام الخلافة عند الجمهور .
وإذا كان الجمهور قد تجاهلوا تلكؤ أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسّلام) عن بيعة أبي بكر ، بل إنكاره عليه ، وحاولوا تكلّف توجيه موقفه (عليه السّلام) بما ينسجم مع شرعيتها وشرعية النظام المذكور.
وتجاهلوا أيضاً موقف الصديقة فاطمة الزهراء سيّدة النساء (صلوات الله عليه) حيث ماتت مهاجرة لأبي بكر ، غير معترفة بخلافته مع ما هو المعلوم من وجوب معرفة الإمام والبيعة له ، وأنّ مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانه ولم يبايعه ويقرّ له بالطاعة مات ميتة جاهلية .
فمن الظاهر أنّه لا يسعهم تجاهل موقف الإمام الحسين (صلوات الله عليه) من بيعة يزيد ورفضه لها وخروجه عليه ، وإصراره على موقفه حتى انتهى الأمر بفاجعة الطفّ بأبعادها وتداعياتها السابقة .
وحينئذٍ يدور الأمر عقلياً بين الالتزام بعدم شرعية بيعة يزيد ؛ لعدم شرعية النظام الذي ابتنت عليه ، وهو السبق للبيعة ولو بالقوّة كما عليه الجمهور ، ويرفضه الشيعة جملة وتفصيلاً ، أو الالتزام بعدم شرعية خروج الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وكونه باغياً ، يجوز ، بل يجب قتاله كما جرى عليه يزيد ومَنْ هو على خطّه من المغرقين في النصب .
وليس بعد هذين الوجهين إلاّ الحيرة والتذبذب ، أو الهرب من الحساب كما قد يبدو من عامّة الجمهور ، وكفى بهذا مكسباً للتشيّع ببركة فاجعة الطفّ ، ويأتي في المقام الثاني ما يتعلّق بذلك وينفع فيه .

المقام الثاني
في الجانب العاطفي

وقد خدمت واقعة الطفّ دعوة التشيّع في هذا الجانب من جهتين :

نهضة الإمام الحسين (عليه السّلام) شيعية الاتجاه
الجهة الأولى : إنّ الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وإن رفع شعار الإصلاح في أُمّة الإسلام ، إلاّ إنّه رفعه بلواء التشيّع ، فهو :
أوّلاً : يقول في وصيته لأخيه محمد بن الحنفية حينما أراد الخروج من المدينة : (( ... وإنّي لم أخرج أشرّاً ولا بطراً ، ولا مفسداً ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي (صلّى الله عليه وآله) . أريد أن آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب ... ))(3) .
وهو (عليه السّلام) بذلك يشير إلى أنّ السيرة الرشيدة التي ينبغي اتّباعها والتمسّك بها هي سيرة النبي وأمير المؤمنين (صلوات الله عليهما وآلهما) ، دون سيرة غيرهما ممَنْ استولى على السلطة .
وثانياً : يقول في كتابه إلى رؤساء الأخماس بالبصرة : (( أمّا بعد ، فإنّ الله اصطفى محمداً (صلّى الله عليه وآله) على خلقه ، وأكرمه بنبوّته ، واختاره لرسالته ، ثمّ قبضه الله
الصفحة (401)
إليه وقد نصح لعباده ، وبلغ ما أرسل به (صلّى الله عليه وآله) ، وكنّا أهله وأولياءه وأوصياءه وورثته وأحقّ الناس بمقامه في الناس ، فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا وكرهنا الفرقة وأحببنا العافية ، ونحن نعلم أنّا أحقّ بذلك الحقّ المستحق علينا ممّنْ تولاه ... ))(4) .
وقد أكّدت ذلك العقيلة زينب الكبرى (عليها السّلام) في خطبتها الجليلة في مجلس يزيد التي هي في الحقيقة من جملة أحداث نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وواجهاتها المضيئة .
حيث قالت (عليها السّلام) منكرة على يزيد : فشمخت بأنفك ، ونظرت في عطفك جذلان مسروراً ؛ حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والأمور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا ، فمهلاً مهلاً ...(5) .
فإنّ كلامها هذا صريح في أنّ الخلافة حقّ لأهل البيت (عليهم السّلام) ، وأنّ السلطان الإسلامي لهم .
وثالثاً : قد استجاب لشيعته في الكوفة ، ومن المعلوم من مذهبهم أنّ الخلافة حقّ لأهل البيت (صلوات الله عليهم) ... إلى غير ذلك ممّا يجده الناظر في تاريخ نهضته الشريفة من الشواهد الدالة على أنّها تبتني على استحقاق أهل البيت (عليهم السّلام) لهذا المنصب الرفيع .
وهو (عليه أفضل الصلاة والسّلام) بذلك وإن كان قد يخسر تأييد مَنْ يوالي الأوّلين ، ويخفّف أو يفقد تعاطفهم معه ، إلاّ إنّه (صلوات الله عليه) كان
يرى أنّ التأكيد على مبادئ أهل البيت ومذهبهم في السلطة ، وتبنّيها في نهضته أهم من تكثير المؤيّدين له والمتعاطفين معه .
ولاسيما أنّ هدفه (عليه السّلام) ليس هو الانتصار العسكري كما سبق ، بل الإنكار على الظالمين ، وسلب الشرعية عنهم ، والتضحية من أجل مصلحة الدين ، والتذكير بمبادئه ؛ حيث يقتضي ذلك منه (عليه السّلام) إيضاح تلك المبادئ والتركيز عليها وعلى حَفَظتها ورُعاتها ؛ خدمة لها .

فوز التشيّع بشرف التضحية في أعظم ملحمة دينية
وبذلك كسب التشيّع شرف التضحية في أعظم ملحمة دينية وحركة إصلاحية في الإسلام ، بل في جميع الأديان السماوية كما يظهر من النصوص ، ويشهد به التأمّل والاعتبار ؛ حيث كان لها أعظم الأثر في بقاء معالم الإسلام ووضوح حجّته ، وهو خاتم الأديان وأشرفها .
وقد تضمّخ بتلك الدماء الزكية ، وصار رمزاً للشهادة والفناء في سبيل الله (عزّ وجلّ) ، وفي سبيل دينه القويم وتعاليمه السامية ، وعنواناً للإنكار على الظالمين ، والصرخة في وجوههم بنحو يوجب المزيد من الشدّ العاطفي نحوه ، والتجاوب معه ؛ ولذلك أعظم الأثر في قوّة التشيّع .
بل هي نقطة تحوّل فيه ؛ حيث صار له بسببها من المخزون العاطفي ما يمدّه بالقوّة على مرّ الزمن ، وشدّة المحن .
فهو يزيد الشيعة إيماناً بقضيتهم ، وإصراراً على مواقفهم وثباتاً عليه ، ويهوّن عليهم الاضطهاد والفجائع التي تنزل بهم مهما عظمت ؛ إذ لا فاجعة أشدّ من فاجعة الطفّ بأبعادها التي سبق التعرّض لها ، كما قال الشاعر :

أنست رزيتُكم رزايانا التي       سلفت ، وهوّنتِ الرزايا الآتيه
وفجـايعُ الأيامِ تبقى مدة       وتزولُ ، وهي إلى القيامةِ باقيه


بل جعل الشيعة (رفع الله تعالى شأنهم) يشعرون بالفخر والاعتزاز بما يقع عليهم بسبب تشيّعهم من المصائب والمتاعب ، ويرونها أوسمة شرف لهم على مرّ العصور وتعاقب الدهور ، فتشدّ عزائمهم ، وترفع من معنوياتهم ، وتمدّهم بالحيوية والطاقة .
كما تزيدهم ارتباطاً بالله (عزّ وجلّ) وبرسوله الكريم وأهل بيته الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) ، وتذكّرهم بدينهم القويم وتعاليمه السامية ، وتحملهم على الرجوع إليها والتمسّك بها .

نقمة الظالمين على الشيعة في إحياء فاجعة الطفّ
ولذا انصبّت نقمة الظالمين ـ على مرّ التاريخ وحتى عصرنا الحاضر ـ على الشيعة وممارساتهم ، ولاسيما إحياء فاجعة الطفّ ؛ سواء بإقامة مجالس العزاء ، أم برثاء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ، أم بزيارة قبره وتشييده ... إلى غير ذلك من وجوه الإحياء .
حيث يجدون في ذلك إنكاراً من الشيعة عليهم ، وصرخة في وجوههم ، وتعرية لهم ، وتحريضاً عليهم بنحو قد يفقدهم رشدهم في معالجة المواقف ، والتعامل معها ؛ فيكون ردّ الفعل منهم عليها عنيفاً بنحو يؤكّد ظلامة الشيعة والتشيّع ، ويعود في صالحهما على الأمد البعيد .

فاجعة الطفّ زعزعت شرعية نظام الخلافة عند الجمهور
الجهة الثانية : إنّ فاجعة الطفّ بأبعادها السابقة كما هزّت ضمير المسلمين
زعزعت شرعية نظام الخلافة عند الجمهور ، بما في ذلك خلافة الأوّلين ؛ حيث لا يتعقّل المنصف شرعية نظام ينتهي بالإسلام والمسلمين في هذه المدّة القصيرة إلى هذه المأساة الفظيعة والجريمة النكراء ، وتداعياتها السريعة .
ولاسيما أنّ هذه الفاجعة ـ مع فضاعتها في نفسها ـ قد نبّهت إلى ظلامة أهل البيت (صلوات الله عليهم) على طول الخطّ ، وإلى جميع سلبيات النظام المذكور ، ومآسيه المتتابعة في تاريخ الإسلام والمسلمين ، وإلى حجم الخسارة التي تعرّض لها الإسلام نتيجة انحراف السلطة فيه عن أهل البيت الذين أذهب الله تعالى عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً .

فاجعة الطفّ هي العقبة الكؤود أمام نظام الخلافة
وقد أكّد على ذلك أئمّة أهل البيت (صلوات الله عليهم) في أحاديثهم الكثيرة ، وفي الزيارات الواردة عنهم للإمام الحسين (صلوات الله عليه) .
وإذا كان احترام الجمهور للصدر الأوّل ، بل تقديسهم له ؛ نتيجة العوامل المتقدّمة ـ ومنها جهود معاوية الحثيثة ـ قد كان هو العقبة الكؤود أمام دعوى النصّ التي يتبّناها الشيعة كما سبق ، فإنّ فاجعة الطفّ صارت هي العقبة الكؤود أمام شرعية نظام الخلافة عند الجمهور ، واحترام الصدر الأوّل ممّنْ جرى على ذلك النظام وتقديسهم .
بل قد آذنت بنسف ذلك كلّه بعد أن كان من الناحية الواقعية هشّاً غير محكم الأساس ، ولا قوي البرهان .

موقف بعض علماء الجمهور من إحياء الفاجعة
وقد أدرك ذلك كثير من علماء الجمهور حتى قبل ظهور دعوة التكفيريين ،
الذين جعلوا من الدين حرمة إحياء الذكريات المجيدة في الإسلام ، والقيام بمظاهر التمجيد والتقديس لرموزه العظام .
فإنّ الجمهور ـ مع استهجانهم لفاجعة الطفّ عند الحديث عنها ، وتعظيمهم لمقام الإمام الحسين (عليه السّلام) لا يحاولون إحياء ذكرى فاجعة الطفّ بما يتناسب مع مبانيهم ، بل لا يطيق كثير منهم النيل من الظالمين والتذكير بجرائمهم .
وقد حاول كثير منهم المنع من إحياء تلك الذكرى الأليمة ، والتذكير بظلامة أهل البيت (صلوات الله عليهم) وما جرى عليهم ، والضغط في الاتجاه المذكور بمختلف الوسائل والحجج .
بل منعوا من لعن القائمين بتلك الجريمة النكراء والنيل منهم ، وإن كان في جرائمهم ما لا يخصّ الشيعة ، كواقعة الحرّة الفظيعة ، وهتك حرمة الحرم ، وضرب مكة المكرّمة والكعبة المعظّمة بالمنجنيق وغير ذلك .
وقد حاولوا تجاهل ذلك كلّه أو التخفيف منه ؛ من أجل حمل المسلمين على نسيان فاجعة الطفّ ، وعدم التركيز عليها والاهتمام بها ؛ لما للتذكير بها من الآثار السلبية على مبانيهم في نظام الحكم التي تسالموا عليه من دون أن يستندوا إلى ركن وثيق يقف أمام الهزّة العاطفية التي تحدثها هذه الذكرى الأليمة ، والحساب المنطقي الذي تنبّه له .

كلام الغزالي
بل انتهى الأمر ببعضهم إلى تحريم التعرّض لهذه الفاجعة وما يتعلّق بها . فعن الغزالي : يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين (رضي الله عنه) وحكاية ما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم ؛ فإنّه يهيج بغض الصحابة ، والطعن فيهم ، وهم أعلام الدين ، وما وقع بينهم من المنازعات فيُحمل على محامل صحيحة .
فلعلّ ذلك لخطأ في الاجتهاد ، لا لطلب الرئاسة أو الدنيا كما لا يخفى(6) .

كلام التفتازاني
وقال سعد الدين التفتازاني : ما وقع بين الصحابة من المحاربات والمشاجرات ـ على الوجه المسطور في كتب التواريخ وعلى السُنّة الثقات ـ يدلّ بظاهره على أنّ بعضهم قد حاد عن طريق الحقّ ، وبلغ حدّ الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد ، وطلب الملك والرياسة ، والميل إلى اللذات والشهوات ؛ إذ ليس كلّ صحابي معصوم ، ولا كلّ مَنْ لقي النبي (صلّى الله عليه وآله) بالخير موسوم .
إلاّ إنّ العلماء لحسن ظنّهم بأصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ذكروا لها محامل وتأويلات بها تليق ، وذهبوا إلى أنّهم محفوظون عمّا يوجب التضليل والتفسيق ؛ صوناً لعقائد المسلمين عن الزيغ والضلالة في حق كبار الصحابة ، سيّما المهاجرين والأنصار المبشرين بالثواب في دار القرار .
وأمّا ما جرى بعدهم من الظلم على أهل بيت النبي (صلّى الله عليه وآله) فمن الظهور بحيث لا مجال للإخفاء ، ومن الشناعة بحيث لا اشتباه على الآراء ؛ إذ تكاد تشهد به الجماد والعجماء ، ويبكي له مَنْ في الأرض والسماء ، وتنهدّ منه الجبال ، وتنشقّ الصخور ، ويبقى سوء عمله على كرّ الشهور ومرّ الدهور ، فلعنة الله على مَنْ باشر ، أو رضي أو سعى ، ولعذاب الآخرة أشدّ وأبقى .
فإنّ قيل : فمن علماء المذهب مَنْ لم يجوّز اللعن على يزيد مع علمهم بأنّه يستحقّ ما يربو على ذلك ويزيد .
قلنا : تحامياً عن أن يرتقي إلى الأعلى فالأعلى كما هو شعار الروافض على ما يُروى في أدعيتهم ، ويجري في أنديتهم .
فرأى المعتنون بأمر الدين إلجام العوام بالكلية ؛ طريقاً إلى الاقتصاد في الاعتقاد وبحيث لا تزلّ الأقدام على السواء ، ولا تضلّ الأفهام بالأهواء ، وإلاّ فمَنْ يخفى عليه الجواز والاستحقاق ؟! وكيف لا يقع عليه الاتفاق ؟!(7) .

كلام الربيع بن نافع الحلبي حول معاوية
وهما بذلك يجريان على سنن أبي توبة الربيع بن نافع الحلبي حيث يقول : معاوية سترٌ لأصحاب محمد (صلّى الله عليه وآله) ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه(8) .
وقد أقرّه على ذلك غير واحد ، لكنّهم غفلوا أو تغافلوا عن أنّ مبانيهم ومباني أهل مذهبهم في احترام هؤلاء وتقديسهم ، وشرعية خلافتهم لو كانت محكمة الأساس قوّية البرهان ، ولم تكن هشّة تنهار بالبحث والتحقيق لما خافوا عليها من طريقة الشيعة وشعارهم ، ولما اضطروا من أجل الحفاظ عليها إلى إلجام العوام بالكلية ، وإلى تحريم لعن الظالمين وكشف فضائحهم مع وضوح استحقاقهم لهما ، ولما يزيد عليهما ( قُلْ فَللّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ )(9) .

موقف الغلاة لم يمنع الشيعة من ذكر كرامات أهل البيت (عليهم السّلام)
ولذا نرى الشيعة قد امتحنوا بالغلاة الذين يرتفعون بأئمّة أهل البيت
(صلوات الله عليهم) عن مراتبهم التي رتّبهم الله تعالى فيها إلى كونهم أنبياء أو آلهة .
وقد استغل ذلك أعداء الشيعة فجعلوا الغلو والغلاة وسيلة للتشنيع على الشيعة والتشيّع والتشهير بهم من دون إنصاف ولا رحمة .
لكنّ الشيعة ـ مع شدّة موقفهم من الغلاة ، ومباينتهم لهم ، وتصريحهم بكفرهم ـ لم يمنعهم ذلك من التركيز على رفعة مقام أهل البيت (صلوات الله عليهم) وبيان كراماتهم ومعاجزهم ، ولم يحذروا أن يجرّهم ذلك للغلو ، أو يكون سبباً للتشنيع عليهم .
وذلك لأنّهم على ثقة تامّة من قوّة عقيدتهم بحدودها المباينة للغلو ، وقوّة أدلتها بحيث لا يخشون من أن ينجرّوا من ذلك للغلو ، أو يلتبس الأمر على جمهورهم بنحو يفقدهم السيطرة عليه .
ولو فرض أن حصل لبعض الناس نحو من الإيهام والالتباس سهل على علماء الشيعة السيطرة على ذلك ، وكشف الالتباس ، ودفع الشبهة .
كما لا يهمهم تشنيع أعدائهم عليهم بذلك بعد ثقتهم بسلامة عقيدتهم وقوّة أدلتها ، وشعورهم بأنّ التهريج والتشنيع أضعف من أن يوهن ذلك ، بل هو نتيجة شعور الطرف المقابل بضعفه في مقام الاستدلال والحساب المنطقي .

محاولة كثير من الجمهور الدفاع للظالمين
بل إنّ كثيراً من الجمهور ـ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ـ قد جرّتهم عقدة الحذر من قوّة التشيّع ـ نتيجة الظلامات التي وقعت عليه ، خصوصاً فاجعة الطفّ ـ إلى الدفاع عن جماعة من الظالمين لأهل البيت (عليهم السّلام) ولشيعتهم ، قد أمعنوا في الجريمة ، وضجّت الدنيا بفضائحهم بحيث سقطوا عن الاعتبار ، وصاروا في مزابل التاريخ ، كيزيد بن معاوية وأمثاله حتى قد يبلغ الأمر ببعضهم إلى تبنّي هؤلاء واحترامهم وتبجيلهم .

الدفاع عن الظالمين يصبّ في صالح التشيّع
وهم لا يدركون ـ بسبب هذه العقدة ـ أنّ هذا الدفاع والتبنّي لا ينفعان هؤلاء المجرمين ، ولا يرفعان من شأنهم ، ولا يضرّان الشيعة ، بل يترتب عليهما أمران لهما أهميتهما في صالح الشيعة والتشيّع :
الأوّل : إنّ المدافعين والمتبنين لهؤلاء قد أسقطوا اعتبار أنفسهم ؛ لأنّ هؤلاء الظلمة قد بلغوا من السقوط والجريمة بحيث يبرأ منهم مَنْ يحترم نفسه ، ويشعر بكرامتها عليه .
كما إنّ مَنْ يدافع عنهم أو يتبنّاهم يتلوّث بجرائمهم ، ويهوي للحضيض معهم . فهو كمَنْ يحاول أن ينتشل شخصاً من مستنقع فيهوي في ذلك المستنقع معه .
الثاني : إنّ ذلك يكشف عن نصب هؤلاء النفر ـ من المتبنين والمدافعين ـ لأهل البيت (صلوات الله عليهم) ، وإنّه لا داعي لهم للدفاع والتبنّي لهذه النماذج المتميزة في الجريمة ، والتي صارت في مزابل التاريخ إلاّ بغض أهل البيت (عليهم السّلام) .
وكفى الشيعة فخراً أن يهوي خصومهم للحضيض ، وأن تنكشف حقيقتهم ، وأنّهم في الواقع خصوم لأهل البيت (صلوات الله عليهم) ونواصب لهم ، كما يكفي ذلك محفّزاً للشيعة على التمسّك بحقهم والاعتزاز به ، وفي قوّة بصيرتهم في أمرهم ، وإصرارهم على حقّهم .
فهؤلاء بموقفهم من الشيعة نظير المشركين في موقفهم من النبي (صلّى الله عليه وآله) حيث سلاه الله (عزّ وجلّ) بقوله : ( قَدْ نَعْلَمُ أنّه لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فإنّهم لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ )(10) .

المقام الثالث
في الإعلام والإعلان عن دعوة التشيّع ونشر ثقافته

إنّ فظاعة فاجعة الطفّ حقّقت الأرضية الصالحة لاستثمارها لصالح مذهب التشيّع ، وذلك برثاء سيّد الشهداء (عليه الصلاة والسّلام) والتفجّع له ، وزيارته والتأكيد على ظلامته .
وانطلق الشيعة من ذلك لبيان ظلامة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ، والتأكيد على رفعة مقامهم ، وعظيم شأنهم ، وعلى جور ظالميهم وخبثهم وسوء منقلبهم ، ثمّ الاهتمام بإحياء المناسبات المتعلّقة بأهل البيت جميعاً .

اهتمام الشيعة بإحياء الفاجعة وجميع مناسبات أهل البيت (عليهم السّلام)
وإذا كان أثر فاجعة الطفّ قد خفّ في نفوس عموم المسلمين بمرور الزمن ، أو أدرك المخالفون لخطّ أهل البيت ضرورة تناسيها وتجاهلها ؛ نتيجة لما سبق ، فإنّ الشيعة ـ وبدفع من أئمّتهم (صلوات الله عليهم) ـ قد حاولوا التشبّث بها والتركيز عليها ، واستثمارها بالنحو المتقدّم ، ولم تمضِ مدّة طويلة حتى صار ذلك من سمات الشيعة المميّزة لهم والتي يقوم عليها كيانهم .
ويشدّ من عزائمهم ما ورد عن أئمّتهم (صلوات الله عليهم) من عظيم أجر ذلك وجزيل ثوابه ، وما يلمسونه ـ على طول الخطّ ـ من المدّ الإلهي والكرامات المتعاقبة التي تزيدهم بصيرة في أمرهم ، وتمنحهم قوّة وطاقة على المضي فيه ، وتحمّل المتاعب والمصاعب في سبيله .

منع الظالمين من إحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السّلام)
وقد أثار ذلك حفيظة الظالمين ؛ فجدّوا في منعهم والتنكيل بهم ، وحفيظة كثير من المخالفين فجدّوا في الإنكار والتشنيع عليهم بمختلف الأساليب .
وذلك وإن كان قد يعيقهم عن بعض ما يريدون في الفترات المتعاقبة ، إلاّ إنّه يتجلّى لهم به ظلامة أهل البيت (صلوات الله عليهم) على طول الخطّ ، وظلامة شيعتهم تبعاً لهم .
حتى قال الشاعر تعريضاً بمواقف المتوكّل العباسي حينما هدم قبر الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ، ومنع الناس من زيارته ، واشتدّ في ذلك :
تاللهِ إن كانت أمية قد أتت       قتلَ ابنَ بنتِ نبيّها مظلوما
فلقد أتاهُ بنو أبيهِ بمثله         هذا لعمركَ قبرهُ مهدوما
أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا     في قتلهِ فتتبّعوهُ رميما(11)

وقد جرى الخلف على سنن السلف وإن اختلفت الأساليب والصور ، والمبرّرات والحجج .

أثر المنع المذكور على موقف الشيعة
وبذلك يتأكّد ولاء الشيعة لأهل البيت (صلوات الله عليهم) ، وإصرارهم على إحياء أمرهم ، وصاروا يستسهلون المصاعب ، ويتحمّلون المصائب في سبيل ذلك ؛ تعاطفاً معهم (عليهم السّلام) ، وأداءً لعظيم حقّهم عليهم .
كما يتجلّى لهم أهمية هذه الممارسات والشعائر في تثبيت وجودهم ، وتأكيد هويتهم ، وإغاظة عدوهم ، فيزيدهم ذلك تمسّكاً به ، وإصراراً عليه ؛ كردّ فعل لمواقف أعدائهم معهم ، وظلامتهم لهم .
وبمرور الزمن وتعاقب المحن ، واستمرار الصراع وتفاقمه صارت هذه الشعائر جزءاً من كيان الشيعة وتجذّرت في أعماقهم ، وأخذت شجرتها تنمو وتورق وتخفق بظلالها عليهم .
وكان لها أعظم الأثر لصالح دعوتهم في أمور :

أثر إحياء المناسبات المذكورة في حيوية الشيعة ونشاطهم
الأوّل : حيويتهم ونشاطهم ؛ لأنّ فعالياتهم وممارساتهم في إحيائها نشيطة جدّاً ، وملفتة للنظر كما هو ظاهر للعيان .
مضافاً إلى ما أشرنا إليه آنفاً من أنّها فتحت الباب لإحياء جميع مناسبات أهل البيت (صلوات الله عليهم) ، وهي كثيرة جدّاً على مدار السُنّة وذلك يجعل جمهور الشيعة في عطاء مستمر ، وحركة دائمة ، والحركة دليل الحياة كما قيل .

أثر هذا الإحياء في جمع شمل الشيعة وتقوية روابطهم
الثاني : جمع شملهم وتماسكهم ، وتثبيت وحدتهم ، وتقوية روابطهم حيث يذكّرهم ذلك بمشتركاتهم الجامعة بينهم ؛ من موالاة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ، وموالاة أوليائهم ، ومعاداة أعدائهم ، وما يتفرّع على ذلك من أحزان وأفراح يقومون بإحيائها بتعاون ودعم مشترك .
وإنّ الأموال التي تُنفق في سبيل ذلك من الكثرة بحدّ يلفت النظر ؛ سواءً كانت مشاريع ثابتة ـ كالحسينيات والأوقاف ونحوها ـ ، أم نفقات مصروفة
لسدّ الحاجيات المتجدّدة ، كالإطعام والاستضافة وسائر الخدمات ، ومكافآت الخطباء والذاكرين وغيره .
ويقوم بذلك جمهور الشيعة وخاصّتهم حسبما يتيسّر لكلّ أحد ويقتنع به بكامل الاختيار ، بل الرغبة ، وقد يصل الأمر إلى الإصرار ؛ نتيجة الالتزام الشرعي ـ بسبب النذر ـ ، أو وفاءً بالوعد والالتزام النفسي ، أو جرياً على العادة المستحكمة ... إلى غير ذلك .
ومن الطبيعي أن يكون ذلك كلّه سبباً في إثارة العواطف وتبادلها بين أفرادهم وجماعاتهم ، وتخفيف حدّة الخلاف بينهم ؛ بسبب وحدة المصيبة والسعي والهدف ، والشعور بشرف الروابط وسموّها .

أثر الإحياء المذكور في تثبيت هوية الشيعة
الثالث : تثبيت هويتهم في تولّي أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومَنْ والاهم ، والبراءة من أعدائهم وظالميهم وأتباعهم كما تطفح بذلك الزيارات الواردة عن الأئمّة (صلوات الله عليهم) التي يتلونها ، وتعجّ به مجالس العزاء والأفراح التي يقيمونها بمختلف صورها ، وأشعار المدح والرثاء التي يكثرون من إنشائها وإنشادها . وقد أشار إلى ذلك سعد الدين التفتازاني في كلامه المتقدّم في المقام الثاني .

نشر الثقافة العامّة والدينية بسبب الإحياء المذكور
الرابع : تثقيف جمهورهم بالثقافة العامّة ، والثقافة الدينية والمذهبية الخاصّة وتعميقها فيهم ، فإنّ إحياء تلك المناسبات وإن كان الهدف منه بالدرجة الأولى هو عرض الجانب العاطفي الذي يخصّ المناسبة التي يراد إحياؤها وما يناسب
ذلك ، إلاّ إنّه كثيراً ما تكون منبراً للثقافة العامّة ، والثقافة الدينية والمذهبية خاصة .
وبذلك أمكن نشر الثقافة الدينية والشيعية نسبياً بين جمهور الشيعة بعد أن كان التثقيف العام في غالب الدول والمناطق التي يتواجد فيها الشيعة غير شيعي ، بل هو على الطرف النقيض للثقافة الشيعية.
وربما كان جمهور الشيعة وعوامهم أثقف نسبياً من جمهور وعوام غيرهم ببركة تلك المناسبات الشريفة ، ولما سبق من اهتمام علماء الجمهور بإبعاد جمهورهم عن تراثهم ، لما فيه من الثغرات المنبهة لحق التشيّع .

تأثير إحياء تلك المناسبات في إصلاح الشيعة نسبياً
كما قد تكون المناسبات المذكورة سبباً في تأثر جمهور الشيعة نسبياً بأخلاق أهل البيت (صلوات الله عليهم) الرفيعة ؛ في الصدق والأمانة ، وسجاحة الخلق ولين الجانب ، وغير ذلك من الصفات الحميدة .
فإنّ الشيعة ـ كأفراد ـ وإن لم يخلوا عن سلبيات كثيرة في هذا الجانب ، إلاّ إنّه بمقارنتهم مع غيرهم قد يبدو الفرق واضحاً ؛ نتيجة نشر ثقافة أهل البيت (صلوات الله عليهم) عند إحياء المناسبات المذكورة حيث تترك آثارها في أنفسهم وبصماتها في سلوكهم ، ويتفاعلون بها نسبياً .
وقد أشار إلى بعض جوانب ذلك ابن أبي الحديد حيث قال في ترجمته لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) : وأمّا سجاحة الأخلاق ، وبشر الوجه ، وطلاقة المحيّى والتبسّم فهو المضروب به المثل فيه حتى عابه بذلك أعداؤه . قال عمرو بن العاص لأهل الشام : إنّه ذو دعابة شديدة ... .
وعمرو بن العاص إنّما أخذها عن عمر بن الخطاب ؛ لقوله لمّا عزم على استخلافه : لله أبوك ، لولا دعابة فيك . إلاّ إنّ عمر اقتصر عليه ، وعمرو زاد فيها وسمجه .
قال صعصعة بن صوحان وغيره من شيعته وأصحابه : كان فينا كأحدنا ، لين جانب ، وشدّة تواضع ، وسهولة قياد . وكنّا نهابه مهابة الأسير المربوط للسياف الواقف على رأسه ... .
وقد بقي هذا الخلق متوارثاً متناقلاً في محبيه وأوليائه إلى الآن ، كما بقي الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر . ومَنْ له أدنى معرفة بأخلاق الناس وعوائدهم يعرف ذلك(12) .

إيصال مفاهيم التشيّع بإحياء تلك المناسبات
الخامس : رفع رايتهم وإسماع دعوتهم لغيرهم ؛ لأنّ تميّزهم بإحياء تلك المناسبات ، ومواظبتهم على رفع شعائر الحبّ والولاء فيه ، وتأكيدهم على ظلامة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ، واستثارتهم للعواطف بمناسبة ذلك يلفت أنظار الآخرين إليهم ، ويحملهم على الاحتكاك بهم ، والتعرّف على ما عندهم ، ولاسيّما أنّ إحياء هذه المناسبات يكون غالباً بنحو مثير وملفت للنظر .
وكثيراً ما يكون ذلك سبباً لهداية الآخرين وتقبّلهم لدعوتهم ودخولهم في حوزتهم ؛ لتفاعلهم بتلك المناسبات بنحو يكون محفّزاً لسماع أدلّة الشيعة والنظر في حجّتهم ، ثمّ الاستجابة لهم ؛ لما ذكرناه في المقام الأوّل من قوّة أدلّة الشيعة ، وموافقة دعوتهم للمنطق السليم ، ولاسيما أنّها قد تدعم بالمدّ الإلهي ، وظهور الكرامات الباهرة التي تأخذ بالأعناق .
والظاهر أنّ انتشار التشيّع في كثير من بقاع المعمورة ، وظهور دعوته وتوسّعها بمرور الزمن إنّما كانت بسبب إحياء فاجعة الطفّ ، وإصرار الشيعة
على ذلك ، والانفتاح منها على بقيّة مناسبات أهل البيت (صلوات الله عليهم) وعلى ثقافتهم ؛ فإنّهم لا يملكون من القوى المادية ما ينهض بهذا العبء الثقيل ، ويحقّق هذه النتائج الرائعة .

خلود دعوة التشيّع بإحياء هذه المناسبات
السادس : إنّ دعوة التشيّع (أعزها الله تعالى) وإن تعهد الله (عزّ وجلّ) ببقائها ظاهرة مسموعة الصوت ؛ لتقوم بها الحجّة على الناس ، إلاّ إنّ الظاهر أنّ لفاجعة الطفّ أعظم الأثر في بقائها رغم الضغوط الكثيرة التي تعرّضت لها .
وذلك لأنّ تفاعل الجمهور بالفاجعة واهتمامهم بإحيائها لا يتوقّف على دفع الخاصة لهم ـ كرجال الدين أو غيرهم ـ وتشجيعهم إيّاهم ؛ ليسهل على العدو القضاء عليها بتحجيم دور الخاصة ، بالترغيب والترهيب ، وصنوف التنكيل حتى التصفية الجسدية كما حصل ذلك قديماً وحديثاً .
بل هي قد أخذت موقعها من نفوس الجمهور على اختلاف طبقاتهم ، وتجذّرت في أعماقهم بحيث يهتمون بإحيائها بأنفسهم ، ويندفعون لذلك بطبعهم ، وكأنّها جزء من كيانهم .
ولا تزيدهم الضغوط في اتجاه منعه ، أو التخفيف منه إلاّ إصراراً وتمسّكاً حيث يرون فيها تعدّياً على حقّهم الذي يؤمنون به ، وتحدّياً لهم كأمّة ، وتجاهلاً لشخصيتهم ، وجرحاً لشعورهم وعواطفهم ، ونيلاً من كرامتهم .
ولو اضطرتهم الضغوط للتوقّف عن الإعلان بممارساتهم في إحيائها فلا يؤثّر ذلك على موقعها من نفوسهم ، وتفاعلهم بها ، بل يزيدهم ذلك تعلّقاً بها ، وانشداداً لها ، ونقمة على الظالمين مع الإصرار على إحيائها سرّاً بما يتيسّر ، ويضحّون في سبيل ذلك بالغالي والنفيس . 
وحيث لا يتيسّر القضاء على الجمهور لكثرتهم ، تبقى الجذوة كامنة في نفوسهم ، والعواطف محتدمة حتى إذا سنحت الفرصة تدفّق المخزون العاطفي فكان النشاط مضاعفاً ، والفعاليات مكثفة ؛ تعويضاً عمّا سبق ، وتحدّياً للظالمين ؛ ولذا كان مصير الضغوط عبر التاريخ الفشل الذريع والخيبة الخاسرة .
ولمّا كان إحياء هذه المناسبة الشريفة بمختلف وجوهها رمزاً للتشيّع ، وسبباً في رسوخ قدمه وتماسكه وتثبيت هويته ـ كما سبق ـ كان لاستمرار جمهور الشيعة فيها ، وإصرارهم عليها بالوجه المذكور أعظم الأثر في بقاء التشيّع والحفاظ عليه ، بل قد يكون هو الدرع الواقي له ، والقلعة الحصينة التي تعصمه .

فاجعة الطفّ نقطة تحول مهمة في صالح التشيّع
وقد ظهر من جميع ما سبق أنّ نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) التي ختمت بفاجعة الطفّ صارت نقطة تحوّل مهمة في مذهب التشيّع ؛ حيث صار لها أعظم الأثر في قوّته ، ورسوخ قدمه وبقائه ، ووضوح حجّته وسماع دعوته ، وتوسّعه بمرور الزمن رغم الضغوط الكثيرة ، والصراع العنيف ، ويأتي في الفصل الثالث من المقصد الثالث ما ينفع في المقام إن شاء الله تعالى .
قال عزّ من قائل : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء * تُؤْتِي أُكُلَهَا كلّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَ... )(13) .
وهو المناسب لحجم التضحية التي أقدم عليها الإمام الحسين (صلوات الله عليه) صابراً محتسباً ، راضياً بقضاء الله تعالى وقدره ، مستجيباً لأمره ، واثقاً بتسديده ونصره .
وبذلك يتّضح وجه قوله (صلوات الله عليه) في كتابه المتقدّم : (( أمّا بعد
فإنّ مَنْ لحق بي استشهد ، ومَنْ لم يلحق بي لم يدرك الفتح ))(14) .
فجزاه الله تعالى عن الدين وأهله أفضل جزاء المحسنين ، وصلّى الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطيبين الطاهرين ، وعلى أصحابه الميامين الذين استشهدوا معه ، والذين سمعوا الداعي فأجابوه ، ووثقوا بالقائد فاتّبعوه ، ولم تأخذهم في الله لومة لائم ، ولا عاقهم عن أداء واجبهم عائق مهما بلغ .
و( الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ )(15) ، وله الشكر أبداً دائماً سرمداً ، ونسأله أن يثبّتنا بالقول الثابت في الدنيا وفي الآخرة ، ويزيدنا إيماناً وتسليماً إنّه أرحم الراحمين ، وولي المؤمنين ، وهو حسبنا ونعم الوكيل . نعم المولى ونعم النصير .
________________________________________
1 ـ تقدّم في / 311 .
2 ـ مقدّمة ابن خلدون 1 / 446 الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من فرائض .
3 ـ العوالم / 179 ، واللفظ له ، بحار الأنوار 44 / 329 ـ 330 ، مناقب آل أبي طالب ـ لابن شهرآشوب 3 / 241 فصل في مقتله (عليه السّلام) ، لكن ذكره على أنّه كلام للإمام الحسين (عليه السّلام) خاطب به محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس لمّا أشارا عليه بترك الخروج للعراق .
ومن الطريف أنّ ابن أعثم روى الكتاب هكذا : ...أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدّي محمد ، وسيرة أبي علي بن أبي طالب ، وسيرة الخلفاء الراشدين ... . الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 23 ذكر وصية الحسين (رضي الله عنه) لأخيه محمد بن الحنفية (رضي الله عنه) ، وتبعه في ذلك الخوارزمي في مقتله 1 / 189 .
هذا ولا ينبغي الإشكال في كون هذه الزيادة موضوعة :
أوّلاً : لأنّ إطلاق عنوان (الخلفاء الراشدين) على الأوّلين لم يعرف في عصور الإسلام الأولى ، وإنّما حدث بعد ذلك في عصر العباسيين .
وثانياً : لأنّ ذلك لا يتناسب مع رفض أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) لاشتراط عبد الرحمن بن عوف في بيعة الشورى الالتزام بسيرة أبي بكر وعمر .
وثالثاً : لأنّ ذلك لا يتناسب مع كون أنصار الإمام الحسين (صلوات الله عليه) الذين دعوه واستجاب لهم هم شيعته من أهل الكوفة ، وموقفهم ممّن تقدّم على أمير المؤمنين (عليه السّلام) معلوم ، ولاسيما عثمان حيث إنّ سيرته أثارتهم فيمَنْ ثار عليه .
وهذا حجر بن عدي من أعيان الشيعة في الكوفة ورد في شهادة الشهود في تجريمه : وزعم أنّ هذا الأمر لا يصلح إلاّ في آل أبي طالب . الكامل في التاريخ 3 / 483 ذكر مقتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق وأصحابهما .
ولمّا قدم عبد الله بن مطيع الكوفة والياً من قبل عبد الله بن الزبير خطب الناس ، فقال في جملة ما قال : وأمرني بجباية فيئكم ، وأن لا أحمل فضل فيئكم عنكم إلاّ برضى منكم ، ووصية عمر بن الخطاب التي أوصى بها عند وفاته ، وبسيرة عثمان بن عفان التي سار بها في المسلمين ... .
فقام إليه السائب بن مالك الأشعري ، فقال : أما أمر ابن الزبير إيّاك أن لا تحمل فضل فيئنا عنّا إلاّ برضانا فإنّا نشهدك أنّا لا نرضى ... وأن لا يسار فينا إلاّ بسيرة علي بن أبي طالب ... ، ولا حاجة لنا في سيرة عثمان في فيئنا ، ولا في أنفسنا ؛ فإنّها إنّما كانت أثرة وهوى ، ولا في سيرة عمر بن الخطاب في فيئنا ، وإن كانت أهون السيرتين علينا ضرّاً ... .
فقال يزيد بن أنس : صدق السائب بن مالك وبر . رأينا مثل رأيه وقولنا مثل قوله . تاريخ الطبري 4 / 490 أحداث سنة ست وستين من الهجرة ، واللفظ له ، الكامل في التاريخ 4 / 213 أحداث سنة ست وستين من الهجرة ، ذكر وثوب المختار بالكوفة ، ولكنّه بتر كلام يزيد بن أنس ، البداية والنهاية 8 / 290 ـ 291 أحداث سنة ست وستين من الهجرة ، ولكنّه أجمل الرواية مع بعض التصرّف فيه ، نهاية الأرب في فنون الأدب 21 / 6 ـ 7 ذكر وثوب المختار في الكوفة ، جمهرة خطب العرب 2 / 68 ـ 69 خطبة عبد الله بن مطيع العدوي حين قدم الكوفة .
وقريب منه في الفتوح ـ لابن أعثم 5 / 249 ابتداء خروج المختار بن أبي عبيد وما كان منه ، وأنساب الأشراف 6 / 383 في أمر المختار بن أبي عبيد الثقفي وقصصه ، وغيرهما من المصادر .
ورابعاً : لأنّ المعركة في الطفّ قد تضمّنت ما لا يناسب ذلك ؛ ففي حديث عفيف بن زهير ـ وكان ممّنْ شهد المعركة ـ قال : وخرج يزيد بن معقل ... فقال : يا برير بن خضير كيف ترى صنع الله بك ؟
قال : صنع الله ـ والله ـ بي خيراً ، وصنع الله بك شرّاً .
قال : كذبت ، وقبل اليوم ما كنت كذّاباً . هل تذكر وأنا أماشيك في بني لوذان وأنت تقول : إنّ عثمان بن عفان كان على نفسه مسرفاً ، وإنّ معاوية بن أبي سفيان ضالاً مضلاً ، وإنّ إمام الهدى والحق علي بن أبي طالب ؟
فقال له برير : أشهد أنّ هذا رأيي وقولي .
فقال له يزيد بن معقل : فإنّي أشهد أنّك من الضالين .
فقال له برير بن خضير : هل لك ؟ فلأباهلك ، ولندع الله أن يلعن الكاذب ، وأن يقتل المبطل ، ثمّ اخرج فلأبارزك ؟
قال : فخرج ، فرفعا أيديهما إلى الله يدعوانه أن يلعن الكاذب ، وأن يقتل المحق المبطل ، ثمّ برز كلّ واحد منهما لصاحبه ، فاختلفا ضربتين ، فضرب يزيد بن معقل برير بن خضير ضربة خفيفة لم تضرّه شيئاً ، وضربه برير بن خضير ضربة قدّت المغفر وبلغت الدماغ ؛ فخرّ كأنّما هوى من حالق وإنّ سيف برير بن خضير لثابت في رأسه . فكأنّي أنظر إليه ينضنضه من رأسه ... . تاريخ الطبري 4 / 328 ـ 329 في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة .
وفي حديث هانئ بن عروة أنّ نافع بن هلال كان يقاتل يومئذ وهو يقول : أنّا الجملي ، أنّا على دين علي .
قال : فخرج إليه رجل يُقال له : مزاحم بن حريث ، فقال : أنّا على دين عثمان .
فقال له : أنت على دين شيطان . ثمّ حمل عليه فقتله . تاريخ الطبري 4 / 331 في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ، واللفظ له ، مقتل الحسين ـ للخوارزمي 2 / 5 ، وقد ذكر ابن كثير كلام نافع من غير أن يذكر تتمة الرواية ، راجع البداية والنهاية 8 / 199 في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة .
ومن الظاهر أنّ ذلك بمرأى ومسمع من الإمام الحسين (صلوات الله عليه) ، وما كانا ليخالفانه في الرأي ، فكيف يصدق عليه (عليه السّلام) مع ذلك أن يلتزم بسيرة الخلفاء وفيهم عثمان ؟! ... إلى غير ذلك ممّا يشهد بافتعال هذه الزيادة على سيّد الشهداء (صلوات الله عليه) .
4 ـ تاريخ الطبري 4 / 266 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ذكر الخبر عن مراسلة الكوفيين الحسين (عليه السّلام) للمصير إلى ما قبلهم ، وأمر مسلم بن عقيل (رضي الله عنه) ، واللفظ له ، البداية والنهاية 8 / 170 قصّة الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمارة وكيفية مقتله .
5 ـ راجع ملحق رقم (4) .
6 ـ روح البيان ـ للبروسوي 8 / 24 في تفسير آية :25 سورة ص ، وهي قوله تعالى : ( فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ ) ، الغرر البهية 5 / 71 باب البغاة .
7 ـ شرح المقاصد في علم الكلام 2 / 306 ـ 307 .
8 ـ البداية والنهاية 8 / 148 أحداث سنة ستين من الهجرة ، ترجمة معاوية ، واللفظ له ، تاريخ دمشق 59 / 209 في ترجمة معاوية بن صخر أبي سفيان .
9 ـ سورة الأنعام / 149 .
10 ـ سورة الأنعام / 33 .
11 ـ وفيات الأعيان 3 / 365 في ترجمة البسامي الشاعر ، واللفظ له ، تاريخ الإسلام 17 / 19 أحداث سنة خمس وثلاثين ومئتين من الهجرة ، هدم قبر الحسين ، البداية والنهاية 11 / 143 أحداث سنة أربع وثلاثمئة ، وغيرها من المصادر .
12 ـ شرح نهج البلاغة 1 / 25 ـ 26 .
13 ـ سورة إبراهيم / 24 ـ 25 .
14 ـ تقدّمت مصادره في / 45 ـ 46 .
15ـ سورة الأعراف / 43 .



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page