طباعة

في عصمة أمير المؤمنين(عليه السلام)

هذا الحديث من الصحاح التي يجب أن يتعمق الفقهاء في دلالتها وأبعادها قال رسول الله(صلى الله عليه واله):(من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصا الله ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصا علياً فقد عصاني)! (1)
ومن ميزات هذا الحديث أن الذهبي الذي هو إمام النقد والتجريح عندهم والذي عمل كل ما استطاع لإسقاط عمدة أحاديث فضائل أمير المؤمنين(عليه السلام)، قد صحح هذا الحديث ووصف أبا ذر الذي ينتهي اليه بأنه: رأس في العلم والزهد والإخلاص والجهاد وصدق اللهجة لعل هذا الكلام يصل الى بعض أصحاب الفكر السنيين ، فعندما نقول يجب أن يتعمق الفقهاء في هذا الحديث ، لا نقصد التعمق بالفقه الابتدائي بل بالفقه النهائي فينبغي أن يعرف هؤلاء حتى لا يقعوا في الغرور بعملهم ألحديثي ، أنهم بلغوا الغاية في رواية الحديث والأسانيد ، والشاهد على ذلك ما فعله محققوهم في قلب المتون من قبيل قلب الحديث المرفوع عن أنيسة في أذان بلال وابن أم مكتوم ، قلب روايتها وفقهها ! وكذلك قلبهم طبقة الإسناد  كالذي ارتكبه الرواة الحمقى من قلب مئات الأسانيد على المتون والمتون على الأسانيد ، في البخاري وغيره نعم إنهم قاموا بأعمالهم هذه بكل دقة ! وارتكبوا بكامل ذكائهم أنواعاً من القلب والرفع والتدليس ، وبقية أنواع تحريف السنة الثمانية والعشرين مما لايخفى على الخاصة !لكن الذي تركوه وأعرضوا عنه هو فقه الحديث! وعليهم أن يعترفوا بذلك ومن الواضح أن نسبة فقه الحديث الى عملهم الواسع في روايته نسبة اللب الى القشر ، فأين هم عن فقه السنة ؟! ماذا فعلوا في فقه هذا الحديث الذي هو باعتراف كبير نقادهم الذهبي صحيح لا ريب فيه ، وأن رسول الله(صلى الله عليه واله)قال: من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصا علياً فقد عصاني! وما هي النتيجة التي أخذوها منه ؟!
هذا الحديث الذي صح عن الصحابي الجليل أبي ذر رضوان الله عليه  الذي يقول عنه الذهبي في تذكرة الحفاظ إن النبي وصفه بأنه ليس تحت ظل السماء أصدق لهجة منه فكيف تجاوزوا قوله وأعرضوا عن حديث نبيهم (صلى الله عليه واله)ولم يتفكروا فيه ؟!لا يمكننا في هذه العجالة أن نستوفي فقه هذا الحديث الشريف ، لكنا نعمل بقاعدة الميسور ، ففي هذا القول النبوي الكريم أصل وفرع ، وشجرة وثمرة ، وعلة ومعلول أما البحث في المعلول والنتيجة الظاهرة المترتبة عليه، فأولها عصمة علي بن أبي طالب(عليه السلام) فكيف غفلوا عن هذه الحقيقة وحصروا العصمة برسول الله(صلى الله عليه واله)مع أن قوله هذا نصٌّ في عصمة علي(عليه السلام)؟!
وبرهانه أن قوله: ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله  ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصا علياً فقد عصاني) يدل على أن إرادة عليٍّ لا يمكن أن تتخلف عن إرادة الله تعالى  ولا أن تتخلف كراهته عن كراهة الله تعالى ، ولو أمكن أن تتخلف لكان قوله: من أطاعه فقد أطاع الله ، غلطاً ، ولكان قوله: من عصاه فقد عصى الله ، باطلاً ، معاذ الله ! ومادام شق هذه القضية حقاً  فإنكار عصمة علي باطل ! ولنرجع الى العلة وجذر هذا الحديث ، لنرى أن قائله هو أول عالم الوجود (صلى الله عليه واله)، وكلامه ليس فقط للرواية والتسجيل في الكتب كما يتخيلون ، فالعلم مخزونٌ عند أهله فاقتبسوه في مظانه لقد بدأ النبي(صلى الله عليه واله)عن طريق عقلي ، وأنهى القضية الى إرشاد عقلي ، وهذا شأن مقامه العلمي(صلى الله عليه واله)!
بدأ أولاً بكلمة: من أطاعني، وشرع من إطاعة الله تعالى لا من علي(عليه السلام)وفي ذلك نكتة عميقة ليس هذا مجالها وإن أحداً لاستثنى من الدخول في دائرة قوله (مَن) ، فكل الناس عليهم أن يطيعوا الله تعالى ، ويدخلوا في دائرة (مَن) هذه، وذلك بالدليل العقلي أو ألنقلي، الاستقلالي أو الإرشادي وكل من دخل في هذه الدائرة التي هي طاعة الله تعالى ، يجب عليه أن يدخل بنفس الدليل في طاعة الرسول(صلى الله عليه واله)لأنه لاينطق عن الهوى ! ثم قال(صلى الله عليه واله)بعد ذلك: ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصا علياً فقد عصاني فدل على أن كل من دخل في تلك الدائرة فعليه أن يدخل في هذه الدائرة ، فلا يمكن التخلف بين دائرة (مَن) ودائرة (مَن) هناك! فكيف لم يفكروا في ذلك ؟! إن مسؤولية العالم غير مسؤولية الجاهل !
والمهم هنا أن يفهم الفقيه السني أننا عندما نقول: علي وجه الله تعالى، فإنا لانغالي بل نقولها بالدليل والبرهان ، ونعتمد فيها على رواية السنيين التي لا تقبل الإنكار عند علماء الجرح والتعديل وعلماء اللغة والبيان ! وتوضيح المطلب: أن الأمر أو النهي له مبدأ ومنتهى ، فمنتهاه الإطاعة أو المعصية ، ومبدؤه الإرادة ، وحدُّه الوسط الكراهة فالأمر والنهي معلولان للإرادة لا محالة، فيستحيل إطاعة الله تعالى ومعصيته بدون وجود إرادة وأمر أو نهي ربانيين صادرين عنها ، وقد أراد النبي(صلى الله عليه واله) بقوله: ومن أطاع علياً فقد أطاعني أن يُفهم المسلمين أن إرادة علي إرادة الله تعالى وكراهته كراهة الله تعالى ! إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (سورة ق: 37 ) تأمل في تسلسل قوله(صلى الله عليه واله): من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصا علياً فقد عصاني، فإنها لمن يفهمها قضية خطيرة تقشعر منها الجلود ، ويضطرب لها الإنسان فيخرس عن الكلام! قضية خطيرة وحق كبير ، لا يمكننا أن نتنازل عنه ! من أطاعني فقد أطاع الله فقد استعمل النبي(صلى الله عليه واله)في حكمه الذي أصدره لفظ (مَن) للتعميم ، وحرف (الفاء) للتفريع ، وحرف (قد) للتحقيق ! ونتيجة ذلك ومعناه: أنه إذا تغير وجه علي غضباً ، فبدليل ارتباط البدن بالروح وفناء إرادة علي(عليه السلام)في إرادة الله تعالى ، وفناء غضبه في غضب الله تعالى ، فإن هذا ليس تغير وجه علي(عليه السلام)، بل هو مرآة لغضب الله تعالى! وإذا تبسمت شفتا علي فهذا ليس تبسم علي(عليه السلام)بل هو مرآة لرضا الله تعالى!
ذلك أن هذه الإرادة فانيةٌ في تلك فهي انعكاسٌ لها وكراهته فانية في تلك فهي انعكاسٌ لها،وذلك بقانون انعكاس الروح على البدن !فعلي(عليه السلام)لا محالة وجه الله تعالى ومظهر أمره ونهيه وإرادته ! لا يصح أن تقدموا الروايات الشريفة الواردة في تفاسيرنا في مثل هذا الموضوع ، بشكل بسيط بدون تحليل ، أمام المخالفين السذج الذين لأعلم لهم ، بل ينبغي أن تبينوا جذرها العقلي والنقلي من المصادر فعندما تقولون لهم إن علياً(عليه السلام)يد الله وعين الله ، يتصور هؤلاء العوام أنها غلو !!
إن هؤلاء الذين لم يشموا رائحة العلم والحكمة ولم يفهموا الكتاب والسنة، كيف يفهمون أن يصل إنسانٌ الى أن يكون وجه إرادة الله تعالى ونهيه ، ومظهر سر اسمه الأعظم وغيبه ؟!
إن هذا الظهور لأسم الله تعالى على روح علي(عليه السلام)هو الذي يعطيه مقام قدرة يد الله تعالى ، مقام: وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى ! هذا المقام العظيم الذي يجعله يقول: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدا نية ، ولكن بقوة ربانية ، ونفس بنور بارئها مُضيَّة إن هذا البشر ، هذا الإنسان ، هذا الموجود ، فوق مستوى العقل البشري فها أنتم ترون أنَّا لم نستطع أن نستوفي حديثاً نبوياً واحداً في حقه ، ولا نستوعب ما قاله النبي(صلى الله عليه واله)، في مقامه(عليه السلام) فأيُّ ظلم في العالم كهذا الظلم الذي وقع عليه؟! وكيف يمكن لعاقل أن يغض النظر عن ظلامته ويتحمل أن يؤخر إنسان مثل علي(عليه السلام)، ويقدم عليه أشخاص تعرفون مستواهم ! لله أي إنسان أخروا ، وأي أشخاص قدموهم عليه ؟!
إذا كنت فقيهاً سنياً ، فهل فكرت في هذه القصة التي يرويها ابن حجر في شرحه للبخاري ، قال في فتح الباري:9/323: ( قوله: وقال علي: ألم تعلم أن القلم رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ وصله البغوي في الجعديات عن علي بن الجعد ، عن شعبة، عن الأعمش عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس ، أن عمر أتي بمجنونة قد زنت وهي حبلى ، فأراد أن يرجمها ! فقال له علي: أما بلغك أن القلم قد وضع عن ثلاثة فذكره ، وتابعه بن نمير، ووكيع وغير واحد  عن الأعمش، ورواه جرير بن حازم عن الأعمش فصرح فيه بالرفع أخرجه أبو داود وابن حبان من طريقه ، وأخرجه النسائي من وجهين آخرين عن أبي ظبيان مرفوعاً وموقوفاً، لكن لم يذكر فيهما ابن عباس جعله عن أبي ظبيان عن علي، ورجح الموقوف على المرفوع وأخذ بمقتضى هذا الحديث الجمهور ) ! فالشخص الذي لا يعرف حكم العاقل من حكم المجنون ، ولو لم ينبهه أمير المؤمنين(عليه السلام)في ذلك اليوم  لقتل تلك المرأة بدون حق، وقتل جنينها أيضاً ، ولنسبت هذه الجريمة الى الإسلام !! إنه لا مجال لإنكار هذه الرواية ، إلا بإنكار الفقه السني الذي تسالم عليها ! تُرى ، كيف يقدَّم مثل هذا الشخص على علي(عليه السلام)الذي يقول فيه النبي(صلى الله عليه واله): من أطاع علياً فقد أطاعني ، ومن أطاعني فقد أطاع الله؟! كيف يجوز أن يقدَّم أحدٌ على إنسان طاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله، ورأيه حكم الله، وعلمه من علم الله تعالى؟!! على شخصٍ قال فيه النبي(صلى الله عليه واله): أقضاكم علي علي مع القرآن والقرآن مع علي الخ فهل هذه النصوص النبوية الجازمة من مصادرنا حتى ينكروها؟!وهل حديث: أنا مدينة الحكمة وعلي بابها من مصادرنا أو مصادرهم ؟ إن علياً(عليه السلام)قمة العلم في هذه الأمة ، ومعدنه ، والذي عنده علم الكتاب ، والشاهد على الأمة بعد رسول الله(صلى الله عليه واله): قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ( سورة الرعد: 43) ، الكتاب الذي وصفه الله تعالى فقال: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَئٍْ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (سورة النحل:89) فهل يجوز أن يؤخر إنسان بهذا المستوى العظيم ، ويقدم عليه من لايعرف حكم الحبلى المجنونة ؟
أم هل يجوز أن يقدم عليه أبو بكر بن أبي قحافة الذي لم يكن يعرف حكم إرث الجدة ، فاعترف أنه لايعرف هل ترث أم لا ، ولايعرف سهمها ؟!
لقد حاول الذهبي أن يغطي على جهل أبي بكر في تذكرة الحفاظ وسير الأعلام ، ويقلب جهله بإرث الجدة الى افتخار ، وأنه كان يسأل عما لايعرفه ! لكنه بذلك كشف مستواه ؟!! (2)
إن الجاهل بأحكام الإسلام الذي يفتي في أمور الدين استناداً الى أمثال المغيرة بن شعبة ، والمغيرة معروف أنه رأس المكر والكذب ، والفاسق الذي عزله عمر بن الخطاب! كيف يكون خليفة النبي(صلى الله عليه واله)ويجلس مجلسه ، ويقدم على علي بن أبي طالب(عليه السلام)، الذي من أطاعه فقد أطاع الله ، والذي هو مع القرآن ومع الحق ، الى آخر الصفات التي قالها فيه النبي(صلى الله عليه واله)؟!! فهل هذا من العقل ، أو من الكتاب أو السنة ؟! أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ( سورة يونس: 35 )
ألا يفكر هؤلاء أنهم مسؤولون يوم القيامة:وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ ! ألم تفكروا أن النبي(صلى الله عليه واله)عندما قال: من أطاعه أطاعني، هل كان أبو بكر وعمر داخلين في دائرة الإطاعة هذه ، أم خارجين عنها ؟! إن من يخرج عن دائرة هذه الطاعة فقد خرج عن دائرة طاعة الله تعالى ! ومن دخل في دائرة طاعة الله ، فلا بد أن يدخل في دائرة طاعة علي ، لأن أمره أمر الله ونهيه نهي الله تعالى! وعليه فإن طاعة علي(عليه السلام)بنص صحاحهم فريضة ! وأصل خلافة أبي بكر وعمر بنص صحاحهم باطلة !! ( أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ؟!
إنها حقائق لا يمكننا الإغماض عنها والسكوت عليها فقد تقع ظلامة من نوعها على مثلي أو مثلك ، بأن يعزل الإنسان عن الحكم ويقصى عن منصب القيادة ويجلس بدله شخص جاهل! فتكون ظلامةً خفيفة أو قابلة للإصلاح ، لكنها في مثل خلافة النبي(صلى الله عليه واله)على مثل علي ثم مصيبة مؤلمة ، وقد وصفها هو(عليه السلام)بأنها أحدُّ من حزِّ الشفار ، وبأن ألمها يذيب البدن ، لأنه يعرف ماذا خسرت الأمة والبشرية بها ! فهو يعرف بما آتاه الله علم وبعد نظر حقيقة ما حدث بعد النبي(صلى الله عليه واله)، وأنهم أضاعوا الثمرة المطلوب نضجها على يده من بعثة جميع الأنبياء(عليه السلام)، ثمرة قوله تعالى: لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ( سورة آل عمران:164 ) أجل ، لم يكن كسر ضلع الصديقة الزهراء(عليه السلام)مصيبةً قاتلة لعلي(عليه السلام)، ولا كان غصب فدك مصيبةً غير محتملة ، لكن الذي كان يحزُّ في قلبه ويؤرقه أنه يرى أن المجلس الذي كان يجلس فيه رسول الله(صلى الله عليه واله)، والمنبر الذي كان يجلس عليه من قال الله له: وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (سورة النساء: 113) يراه يجلس فيه من يقول عن نفسه: كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال !!المصيبة التي كانت تحز في قلبه أنه رأى الزهراء(عليه السلام)عندما ذهبت من الدنيا وغسل جنازتها، رآها قد ذاب جسمها من الأذى (حتى صارت كالخيال) ! لقد بقي منها شبه البدن ، وذاب بدنها من اضطهادهم وأذاهم !!
إن الواجب المهم أمران: الأول ، أن تبذروا بذور حب علي(عليه السلام)في القلوب والثاني، أن تبذروا بذور البغض لغاصبي حقه بنفس المقياس والمستوى ، ولا تنقصوا منه ذرةً واحدة ، فإن الأمة إذا تراجعت يوماً عن البراءة مقدار ذرة ، فستبتلى في ذلك اليوم جميعها بلعنة لا يُعلم ما سوف تجره عليها ! ذلك أن كل الجهود التي بذلت من صدر الإسلام الى اليوم ، إنما هي:
أولاً إحقاق الحق ، وثانياً إبطال الباطل
1) قال الحاكم في المستدرك:3/121: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الشيباني من أصل كتابه، ثنا على بن سعيد بن بشير الرازي بمصر، ثنا الحسن بن حماد الحضرمي، ثنا يحيى بن يعلى ، ثنا بسام الصيرفي ، عن الحسن بن عمرو الفقيمى ، عن معاوية بن ثعلبة، عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله(صلى الله عليه واله): من أطاعني فقد اطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )
وقال السيد شرف الدين في النص والإجتهاد ص574: ( وقال(صلى الله عليه واله): من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ، ومن عصى علياً فقد عصاني أخرجه الحاكم في ص 121 من الجزء الثالث من المستدرك، والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه ، وصرح كل منهما بصحته على شرط الشيخين !)
وقال الذهبي في تذكرة الحفاظ:1/17: ( أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة على الصحيح أحد السابقين الأولين أسلم في أول المبعث خامس خمسة ، ثم رجع إلى بلاد قومه ، ثم بعد حين هاجر إلى المدينة ، وكان رأساً في العلم والزهد والجهاد ، وصدق اللهجة والإخلاص ، وكان آدمَ ، جسيماً ، كث اللحية )
(2) قال مالك في الموطأ:2/54: (جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال لها أبو بكر: مالك في كتاب الله شئ، وما علمت لك في سنة رسول الله شيئاً، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله (صلى الله عليه واله) أعطاها السدس فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر ) (وروى نحوه الدارمي ، وأبو داود ، وابن ماجة ، وغيرها )
وفي موطأ مالك أيضاً:2/54: ( أتته جدتان أم الأم وأم الأب فأعطى الميراث أم الأم دون أم الأب فقال عبد الرحمن بن سهل أخو بني حارثة: يا خليفة رسول الله ! لقد أعطيت التي لو أنها ماتت لم يرثها ، فجعله أبو بكر بينهما ، يعني السدس ) !
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء:41/210: ( قال ابن الحداد: ودخلت يوماً على أبي العباس ، فأجلسني معه في مكانه وهو يقول لرجل: أليس المتعلم محتاجاً إلى المعلم أبداً؟ فعرفت أنه يريد الطعن على الصديق في سؤاله عن فرض الجدة وقال في هامشه: (إشارة إلى الحديث الذي رواه مالك في الموطأ:2/54 في الفرائض: باب ميراث الجدة ، وأبو داود (2894) والترمذي (2102) فيه أيضاً ، باب ميراث الجدة ، وابن ماجه: (2724) في الفرائض: باب ميراث الجدة ، من حديث قبيصة بن ذؤيب أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر تسأله ميراثها فقال: مالك في كتاب الله من شئ ، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فارجعي حتى أسأل الناس،فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمدبن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذ لها أبو بكر السدس ثم جاءت الجدة الاخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها فقال: مالك في كتاب الله من شئ  وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك ، وما أنا بزائد في الفرائض شيئاً ، ولكن هو ذلك السدس ، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما ، وأيتكما خلت به فهو لها ) !! قال الترمذي: حسن صحيح ، وصححه الحاكم:4/338 ، وابن حبان (1224)