• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

وصية النبي (ص) بهم (ع)

 

وصية النبي (ص) بهم (ع)
قال (ص): ألا إن عيبتي التي اوي إليها أهل بيتي وإن كرشي الأنصار فاعفوا عن مسيئهم(1) واقبلوا من محسنهم، حديث حسن.
وفي رواية: ألا أن عيبتي وكرشي أهل بيتي والأنصار فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم(2) أي انهم جماعتي واصحابي الذي أثق بهم وأطلعهم على اسراري واعتمد عليهم، وكرشي باطني وعيبتي ظاهري وجمالي، وهذا غاية في التعطّف عليهم والوصية بهم، ومعنى وتجاوزوا عن مسيئهم: أقيلوهم عثراتهم، فهو كحديث أقيلوا ذوي الهيآت.
وجاء: أن ابن عباس فسرها بما فسر به ابن جبير ورفع ذلك إلى النبي (ص) فقال: قالوا يا رسول الله ـ عند نزول الآية ـ من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال: علي وفاطمة وابناهما.
وفي طريق ضعيف أيضاً، لكن لها شاهد مختصر صحيح أن سبب نزول الآية افتخار الأنصار بآثارهم الحميدة في الإسلام على قريش فأتاهم (ص) في مجالسهم فقال: ألم تكونوا أذلّة فأعزّكم الله بي؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ألا تقولون: ألم يخرجك قومك فآويناك؟ أو لم يكذبوك فصدقناك؟ أو لم يخذلوك فنصرناك؟ فما زال يقول لهم حتى جثوا على الركب وقالوا: أموالنا وما في ايدينا لله ولرسوله، فنزلت الآية.
وفي طريق ضعيف أيضاً: أن سبب نزولها انه (ص) لما قدم المدينة كانت تنوبه نوائب وليس في يده شيء فجمع له الأنصار مالاً، فقالوا: يا رسول الله إنك ابن اختنا، وقد هدانا الله بك وتنوبك نوائب وحقوق وليس معك سعة فجمعنا لك من أموالنا ما تستعين به عليها، فنزلت.
وكونه ابن اختهم جاء في الرواية الصحيحة، لأن أم عبد المطلب من بني النجار منهم.
وفي حديث سنده حسن: ألا إن لكل نبي تركة ووضيعة، وأن تركتي ووضيعتي الأنصار فاحفظوني فيهم.
ويؤيّد ما مر من تفسير ابن جبير أن الآية في الآل، ما جاء عن عليّ كرم الله وجهه، قال: نزلت فينا في الرحم آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كل مؤمن، ثم قرأ الآية.
وجاء ذلك عن زين العابدين أيضاً، فانه لما قتل ابوه الحسين كرم الله وجهه جيء به اسيراً فاقيم على درج دمشق، فقال رجل من أهل الشام: الحمد لله الذي قتلكم واستاصلكم وقطع قرن الفتنة، فقال له زين العابدين: أقرأت القرآن؟ قال: نعم، فبيّن له: أن الآية فيهم وانهم القربى فيها، فقال: وإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم. أخرجه الطبراني.
وأخرج الدولابي: أن الحسن كرم الله وجهه قال في خطبته: إنّا من أهل البيت الذين افترض الله مودّتهم على كل مسلم، فقال لنبيّنا (ص): (قل لا أسألكم عليه اجراً إلا المودّة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً)(3) واقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.
وأورد المحب الطبري: انه (ص) قال: إن الله جعل أجري عليكم المودّة في أهل بيتي، واني سائلكم غداً عنهم.
وقد جاءت الوصية الصريحة بهم في عدة أحاديث، منها حديث: إني تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي: الثقلين احداهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرّقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلّفوني فيهما(4) وأخرجه آخرون.
وفي صحيح مسلم وغيره في خطبته قرب رابغ مرجعه من حجة الوداع قبل وفاته بنحو شهر: إني تارك فيكم اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، ثم قال: وأهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي ثلاثاً، فقيل لزيد بن ارقم راويه: من أهل بيته أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حُرم الصدقة بعده، قيل: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس رضي الله عنهم، قيل: كل هؤلاء حرم عليهم الصدقة؟ قال: نعم(5).
وفي رواية صحيحة: كأنّي قد دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم الثقلين، احدهما اكبر من الآخر: كتاب الله عزّ وجلّ وعترتي: ـ أي بالمثناة ـ فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
وفي رواية: وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض سألت ربّي ذلك لهما فلا تتقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.
ولهذا الحديث طرق كثيرة عن بضع وعشرين صحابيا(6) لا حاجة لنا ببسطها.
وفي رواية: آخر ما تكلّم به النبي (ص): أخلفوني في أهلي وسماهما ثقلين إعظاماً لقدرهما، إذ يقال لكل خطير شريف: ثقلاً، أو لأن العمل بما أوجب الله من حقوقهما ثقيل جداً، ومنه قوله تعالى: (إنّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً)(7) أي له وزن وقدر، لأنه لا يؤدي إلا بتكليف ما يثقل وسمي الإنس والجن ثقلين لاختصاصهما بكونهما قُطّان الأرض وبكونهما فضّلا بالتمييز على سائر الحيوان.
وفي هذه الأحاديث سيما قوله (ص): انظروا كيف تخلّفوني فيهما، واوصيكم بعترتي خيراً، وأذكركم الله في أهل بيتي: الحث الأكيد على مودّتهم ومزيد الإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم وتأدية حقوقهم الواجبة والمندوبة، كيف وهم أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنّة النبوية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وأهل بيته وعقيل وبنيه وبني جعفر.
وفي قوله (ص): لا تتقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم دليل على أن من تأهل منهم للمراتب العلية، والوظائف الدينية كان مقدما(8) على غيره ويدل له التصريح بذلك في كل قريش كما مر في الأحاديث الواردة فيهم.
وإذا ثبت هذا الجملة قريش فأهل البيت النبوي الذين هم غرّة فضلهم ومحتد فخرهم والسبب في تمييزهم على غيرهم بذلك أحرى وأحق وأولى(9).
ويؤيد ذلك خبر مسلم: أنه (ص) خرج ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله ثم الحسين فأدخله ثم فاطمة فأدخلها ثم علي فدخله ثم قال: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)(10).
وفي رواية: اللهمّ هؤلاء أهل بيتي.
وفي أخرى: أنّ أم سلمة أرادت أن تدخل معهم فقال (ص) بعد منعه لها: أنت على خير.
وفي أخرى: أنها قالت: يا رسول الله وأنا؟ فقال: أنت من أهل البيت العام بدليل الرواية الأخرى، قالت: وأنا؟ قال: أنت من أهلي.
وكذا قال (ص) لواثلة لما قال: يا رسول الله وانا؟ فقال: أنت من أهلي.
وروي انه (ص) قال لعلي: سلمان من أهل البيت، وهو ناصح فاتّخذه لنفسك، فعدّه منهم باعتبار صدق صحبته وعظيم قربه وولائه.
وروى أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن الذين نزلت بهم الآية: النبي (ص) وعلي وفاطمة وابناهما.
وكذا اشتمل (ص) بملاءة على عمه العباس وبنيه وقال: يا رب هذا عمي وصنو أبي وهؤلاء أهل بيتي(11) فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت آمين آمين آمين.
وحديث مسلم اصح من هذا، وأهل البيت فيه غير أهله في حديث العباس وبنيه المذكور لما مر: أن له إطلاقين: إطلاقاً بالمعنى الأعم، وهو ما يشتمل جميع الآل تارة والزوجات أخرى، ومن صدق في ولائه ومحبته أخرى، وإطلاقاً بالمعنى الأخص، وهم من ذكروا في خبر مسلم.
وقد صرح الحسن بذلك فإنه حين استخلف وثب عليه رجل من بني أسد فطعنه وهو ساجد بخنجر لم يبلغ منه مبلغاً، ولذا عاش بعده عشر سنين فقال: يا أهل العراق اتقوا الله فينا فإنّا اُمراؤكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذين قال الله عزّ وجل فيهم: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)(12) قالوا: ولأنتم؟ قال: نعم.
وأسند المحب الطبري خبراً: استوصوا بأهل بيتي خيراً فإني اخاصمكم عنهم غداً، ومن أكن خصمه أخصمه ومن أخصمه دخل النار.
وصح عن أبي بكر انه قال: أرقبوا محمداً ـ أي احفظوا عهده ووده (ص) ـ في أهل بيته(13).

الحث على حبهم (ع) والقيام بواجب حقهم
صح أنه (ص) قال: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة وأحبوني لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي.
وأخرج البيهقي وغيره: لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من عترته، وتكون ذاتي أحب إليه من ذاته.
وصح: أن العباس قال: يا رسول الله، ان قريشاً إذا لقي بعضهم بعضاً لقوهم ببشر حسن، وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها، فغضب (ص) غضباً شديداً وقال: والذي نفسي بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله.
وفي رواية لابن ماجة عن ابن عباس: كنا نلقى قريشاً وهم يتحدثون فيقطعون حديثهم، فذكرنا ذلك لرسول الله (ص) فقال: ما بال أقوام يتحدّثون فإذا رأوا الرجال من أهل بيتي قطعوا حديثهم؟ والله لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم مني.
وفي أُخرى عند أحمد وغيره: حتى يحبهم لله ولقرابتي.
وفي أخرى للطبراني: جاء العباس رضي الله عنه إلى النبي (ص) فقال: إنك تركت فينا ضغائن منذ صنعت الذي صنعت ـ أي بقريش والعرب ـ فقال (ص): لا يبلغ الخير ـ أو قال الإيمان ـ عبد حتى يحبكم لله ولقرابتي أترجو سهلب ـ أي حي من مراد ـ شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب.
وفي أخرى للطبراني أيضاً: يا بني هاشم إني قد سألت الله عز وجل لكم أن يجعلكم نجباء رحماء، وسألته أن يهدي ضالكم ويؤمن خائفكم ويشبع جائعكم، وإن العباس رضي الله عنه أتى النبي (ص) فقال: يا رسول الله إني انتهيت إلى قوم يتحدثون فلما رأوني سكتوا، وما ذاك إلا أنهم يبغضونا، فقال (ص): أو قد فعلوها، والذي نفسي بيده لا يؤمن أحد حتى يحبكم لحبي أيرجون أن يدخلوا الجنة بشفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب.
وفي حديث: إنه (ص) خرج مغضباً فرقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: رجال يؤذوني في أهل بيتي، والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحبني ولا يحبني حتى يحب ذوي.
وفي رواية للبيهقي وغيره: إن نسوة عيَّرن بنت أبي لهب بأبيها، فغضب (ص) واشتد غضبه فصعد المنبر ثم قال: أيها الناس ما لي أوذى في أهلي؟ فوالله إن شفاعتي لتنال قرابتي.
وفي رواية: ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي؟ ألا ومن آذى نسبي ورحمي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.
وفي أخرى: ما بال رجال يؤذونني في قرابتي؟ ألا من آذى قرابتي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله تبارك وتعالى.
وروى الطبراني: إن أم هاني أخت علي رضي الله عنه بدا قرطاها فقال لها عمر: إن محمد لا يغني عنك من الله شيئاً، فجاءت إليه فأخبرته، فقال (ص): تزعمون أن شفاعتي لا تنال أهل بيتي وإن شفاعتي تنال صُداء وحكما ـ أي وهما قبيلتان من عرب اليمن ـ؟.
وروى البزاز: أن صفية عمة رسول الله (ص) توفي لها ابن فصاحت، فصبرها النبي (ص) فخرجت ساكتة، فقال لها عمر: صراخك، إن قرابتك من محمد (ص) لا تغني عنك من الله شيئاً فبكت، فسمعها النبي (ص) وكان يكرمها ويحبها، فسألها فأخبرته بما قال عمر، فأمر بلالاً فنادى بالصلاة فصعد المنبر ثم قال: ما بال أقوام يزعمون قرابتي لا تنفع؟ كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي، فإنها موصولة في الدنيا والآخرة(14). (الحديث بطوله).
وصح أنه (ص) قال على المنبر: ما بال رجال يقولون: إن رحم رسول الله (ص) لا تنفع قومه يوم القيامة؟ والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، وأني أيها الناس فرطكم على الحوض.
وورد إنما سميت ابنتي فاطمة لأن الله فطمها ومحبيها عن النار.
وأخرج أبو الفرج الأصبهاني: إن عبد الله بن الحسن بن علي رضي الله عنه دخل يوماً على عمر بن عبد العزيز وهو حَدَث السن، وله وَفرة فرفع عمر مجلسه وأقبل عليه وقضى حوائجه، ثم أخذ بعكنة من عكنه فغمزها حتى أوجعه، وقال: اذكرها عندك للشفاعة، فلما خرج ليم على ما فعل به فقال: حدثني الثقة حتى كأني أسمعه من رسول الله (ص): إنما فاطمة بضعة مني يسرني ما يسرها وأنا أعلم أن فاطمة لو كانت حية لسرَّها ما فعلت بابنها، قالوا: فما غمزك بطنه وقولك ما قلت؟، فقال: إنه ليس أحد من بني هاشم إلا وله شفاعة، ورجوت أن أكون في شفاعة هذا.
وروى الطبراني: أنه (ص) قال: ألزموا مودَّتنا أهل البيت فإنه من لقي الله وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا والذي نفسي بيده لا ينفع أحداً عمله إلا بمعرفة حقنا.
وأخرج الطبراني: أنه (ص) قال لعلي كرم الله وجهه: أنت وشيعتك تردون علي الحوض رواءً مرويين مبيضة وجوهكم وأن عدوّكم يردون عليّ ظماء مقمحين.
وفي رواية: إن الله قد غفر لشيعتك ولمحبي شيعتك.
وروى الترمذي: إنه (ص) قال: اللهم اغفر للعباس ولولده مغفرة ظاهرة وباطنة مغفرة لا تغادر ذنباً، اللهم اخلفه في ولده، وكذا دعا (ص) بالمغفرة للأنصار ولأبنائهم وأبناء أبنائهم ولمن أحبهم.
وروى المحب الطبري حديثاً: لا يحبنا أهل البيت إلا مؤمن تقي، ولا يبغضنا إلا منافق شقي.
وأخرج الديلمي: من أحب الله أحب القرآن، ومن أحب القرآن أحبني، ومن أحبني أحب أصحابي(15) وقرابتي.
وحديث: أحبوا أهلي(16) وأحبوا علياً فإن من أبغض أحداً من أهلي فقد حُرِّم شفاعتي.
وحديث: حب آل محمد يوماً خير من عبادة سنة.
وحديث: حبي وحب آل بيتي نافع في سبع مواطن أهوالها عظيمة.
وحديث: معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط، والولاية لآل محمد أمان من العذاب.
وحديث: أنا شجرة، وفاطمة حملها، وعلي لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، والمحبون أهل بيتي ورقها في الجنة حقاً حقاً.
وحديث: إن أهل شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب والذنوب، وجوههم كالقمر ليلة البدر.
وحديث: من مات على حب آل محمد مات شهيداً مغفوراً له تائباً مؤمناً مستكمل الإيمان يبشره ملك الموت بالجنة، ومنكر ونكير يزفانه إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها، وفتح له بابان إلى الجنة ومات على السنة والجماعة.
ومن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه: آيس من رحمة الله، أخرجه مبسوطاً الثعلبي في تفسيره.
وحديث: من أحبنا بقلبه وأعاننا بيده ولسانه كنت أنا وهو في عليين، ومن أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه وكف يده فهو في الدرجة التي تليها، ومن أحبنا بقلبه وكف عنا لسانه ويده فهو في الدرجة التي تليها.
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ حديثاً: إن لله عز وجل ثلاث حرمات، فمن حفظهن حفظ الله دينه ودنياه، ومن لم يحفظهن لم يحفظ الله دينه ولا دنياه، قلت: وماهذا؟ قال: حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي.
وأخرج أبو الشيخ أيضاً والديلمي: من لم يعرف حق عترتي والأنصار والعرب(17) فهو لإحدى ثلاث: إما منافق، وإما لزنية، وإما حملت به أمه في غير طهر.

مشروعية الصلاة عليهم تبعاً للصلاة على مشرفهم (ص)
صح: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، الحديث.
وفي بقية الروايات: كيف نصلي عليك يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد(18) الحديث.
ويستفاد من الرواية الأولى أن أهل البيت من جملة الآل أو هم الآل، لكن صح ما يصرح بأنهم بنو هاشم والمطلب، وهم أعم من أهل البيت، ومر: أن أهل البيت قد يراد بهم الآل وأعم منهم.
ومنه حديث أبي داود: من سره أن يكتال بالمكيال الأ وفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه(19) أمَّهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد.
وجاء عن واثلة قال: قال رسول الله (ص) ـ لما جمع فاطمة وعلياً والحسن والحسين تحت ثوبه ــ: اللهم قد جعلت صلاتك ومغفرتك ورحمتك ورضوانك على إبراهيم وآل إبراهيم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليَّ وعليهم.
قال واثلة: وكنت واقفاً على الباب فقلت: وعليّ بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فقال: اللهم وعلى واثلة.
وأخرج الدارقطني والبيهقي: من صلى صلاة ولم يصلِّ فيها عليِّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه(20).
وكأن هذا الحديث مستند قول الشافعي: أن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة كالصلاة عليه r ، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه قولوا: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، والأمر للوجوب حقيقة على الأصح.
وبقي لهذه الأحاديث تتمات وطرق بيّنتها في كتابي «الدر المنضود».

دعائه (ص) بالبركة في هذا النسل المكرم
روى النسائي في عمل اليوم والليلة، أن نفراً من الأنصار قالوا لعلي: لو كانت عندك فاطمة؟ فدخل على النبي (ص) يعني ليخطبها، فسلم عليه فقال: ما حاجتك يا ابن أبي طالب؟ قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله (ص)، قال: مرحباً وأهلاً، لم يزده عليها، فخرج إلى الرهط من الأنصار وهم ينتظرونه، فقالوا: ما وراءك؟، قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحباً وأهلاً، قالوا: يكفيك من رسول الله (ص) أحدهما قد أعطاك الأهل وأعطاك الرحب، فلما كان بعد ذلك بعدما زوجه قال: يا علي لابد للعرس من وليمة.
قال سعد: عندي كبش، وجمع له رهطاً من الأنصار، أصوعاً من ذرة(21)، قال: فلما كان ليلة البناء، قال: لا تحدث شيئاً حتى تلقاني، فدعا (ص) بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على عليّ وفاطمة وقال: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما.
ورواه آخرون مع حذف بعضه.

بشارتهم (ع) بالجنة
مر في الباب الثاني عدة أحاديث في أن لهم منه (ص) شفاعة مخصوصة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذرّيتها على النار.
أخرجه تمام في فوائده والبزاز والطبراني بلفظ: فحرمها الله وذريتها على النار.
وجاء عن علي قال: شكوت إلى رسول الله (ص) حسداً في الناس فقال: أما ترضى أن تكون رابع أربعة: أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا(22) عن أيماننا وشمائلنا وذريتنا خلف أزواجنا.
وفي رواية: إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وذرارينا خلف ظهورنا وأزواجنا خلف ذرارينا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا.
وروى ابن السدي والديلمي في مسنده: نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة: أنا وحمزة وعلي وجعفر ابنا أبي طالب والحسن والحسين والمهدي.
وصح أنه (ص) قال: وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد ولي بالبلاغ أن لا يعذبهم.
وجاء بسند رواته ثقات: أنه (ص) قال لفاطمة: إن الله غير معذبك ولا ولدك.
وروى المحب الطبري والديلمي وولده بلا إسناد حديث: سألت ربي أن لا يدخل النار أحداً من أهل بيتي فأعطاني ذلك.
وروى المحب عن علي قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: اللهم إنهم عترة رسولك فهب مسيئهم لمحسنهم وهبهم لي ففعل، قلت: ما فعل؟ قال: فعله ربكم بكم ويفعله بمن بعدكم.
وفي حديث: يا علي إن الله قد غفر لك ولذريتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك ولمحبي شيعتك فأبشر فإنك الأنزع البطين.
وروى أحمد: أنه (ص) قال: يا معشر بني هاشم والذي بعثني بالحق نبياً لو أخذت بحلقة الجنة ما بدأت إلا بكم.
وفي حديث: أول من يرد علي حوضي أهل بيتي ومن أحبني من أمتي.
وصح: أول الناس يرد علي الحوض فقراء المهاجرين الشعث.
وأخرج الطبراني والدارقطني وغيرهما: أول من أشفع له من أمتي أهل بيتي الأقرب فالأقرب، ثم الأنصار ثم من آمن بي واتبعني ثم اليمن ثم سائر العرب ثم الأعاجم.
وفي رواية للبزاز والطبراني وابن شاهين وغيرهم: أول من أشفع له من أمتي أهل المدينة ثم أهل مكة ثم أهل الطائف.

الأمان ببقائهم (ع)
أخرج جماعة خبر: النجوم أمان السماء وأهل بيتي أمان لأُمتي.
وفي رواية لأحمد وغيره: النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض، فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض.
وصح: النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأُمتي من الاختلاف(23) ـ أي المؤدي لاستئصال الأُمة ـ فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس.
وجاء من طرق كثيرة يقوي بعضها بعضاً: مثل أهل بيتي ـ وفي رواية: إنما مثل أهل بيتي، وفي أخرى: أن مثل أهل بيتي، وفي رواية: ألا إن مثل أهل بيتي فيكم ـ مثل سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق(24).
وفي رواية: من ركبها سلم ومن تركها غرق، وإن مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له.
وجاء عن الحسين: من أطاع الله من ولدي واتبع كتاب الله وجبت طاعته، وعن ولده زين العابدين: إنما شيعتنا من أطاع الله وعمل مثل أعمالنا.
وعن المحب الطبري لأبي معيد في شرف النبوة بلا إسناد حديث: أنا وأهل بيتي شجرة في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تمسك بها إتخذ إلى ربه سبيلا.
وأورد أيضاً بلا إسناد حديث: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين(25) تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، الحديث.
وأشهر منهم الحديث المشهور: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه ... إلى آخره.

خصوصياتهم الدالة على عظيم كراماتهم (ع)
وجاء من طرق بعضها رجاله موثقون أنه (ص) قال: كل سبب ونسب منقطع، وفي رواية: ينقطع يوم القيامة إلا ـ وفي رواية ما خلا ـ سببي ونسبي يوم القيامة، وكل ولد أُم ـ وفي رواية وكل ولد أب ـ فإن عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم وعصبتهم.
وفي رواية: لكل بني أم عصبة ينتمون إليه إلا ولد فاطمة، فأنا وليهم وعصبتهم.
وفي رواية: فأنا أبوهم وأنا عصبتهم.
وجاء من طرق يقوي بعضها بعضاً: إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي في صلبه وأن الله تعالى جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب.
وفي هذه الأحاديث دليل ظاهر لما قاله جمع من محققي أئمتنا أن من خصائصه (ص) أن أولاد بناته ينسبون إليه في الكفاءة وغيرها أي حتى لا يكافىء بنت شريف ابن هاشمي غير شريف وأولاد بنات غيره إنما لينسبون لآبائهم لا إلى آباء أُمهاتهم.
وفي البخاري: إنه (ص) قال على المنبر وهو ينظر للناس مرة وللحسن مرة: إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمن(26).
قال البيهقي: وقد سماه النبي (ص) ابنه حين ولد وسمى اخوته بذلك.
وعن الحسن بسند حسن: كنت مع النبي (ص) فمر على جرين من تمر الصدقة فأخذت منه تمرة فألقيتها في فيّ، فأخذها بلعابها ثم قال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة.
وأخرج أبو داوود والنسائي وابن ماجة وآخرون خبر: المهدي (27) من عترتي من ولد فاطمة.
وفي أخرى لأحمد وغيره: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة(28).
وفي أخرى للطبراني: المهدي منا يختم الدين بنا كما فتح.
وروى أبو داود في سننه عن علي كرم الله وجهه أنه نظر إلى ابنه الحسين فقال: إن ابني هذا سيد كما سماه النبي (ص)، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق، يملأ الأرض عدلاً.
وفي رواية: إن عيسى (ع) يصلي خلفه.
وأخرج الطبراني والخطيب حديث: يقوم الرجل لأخيه عن مقعده إلا بني هاشم فإنهم لا يقومون لأحد.
وجاء عن ابن عباس أنه قال: نحن أهل البيت شجرة النبوة ومختلف الملائكة وأهل بيت الرسالة، وأهل بيت الرحمة ومعدن العلم.
أيضاً قال: نحن النجباء وأفراطنا أفراط الأنبياء وحزبنا حزب الله عز وجل، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبين عدونا فليس منّا.

إكرام الصحابة ومن بعدهم، لأهل البيت (ع)
صح عن أبي كبر أنه قال لعلي كرم الله وجهه: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله (ص) أحب إلي أن أصل من قرابتي.
وحلف عمر للعباس أن إسلامه أحب إليه من إسلام أبيه لو أسلم، لأن إسلام العباس أحب إلى رسول الله (ص).
وأتى عبد الله بن حسن بن حسين عمر بن عبد العزيز في حاجة فقال له: إذا كانت لك حاجة فأرسل أو اكتب بها إلي فإني أستحي من الله أن يراك على بابي.
وقال أبو بكر بن عياش: لو أتاني أبو بكر وعمر وعلي في حاجة لبدأت بحاجة علي قبلهما لقرابته من رسول الله (ص) ولأن أخر من السماء إلى الأرض أحب إلي من أن أُقدمهما عليه.
ودخلت فاطمة بنت علي على عمر بن عبد العزيز، وهو أمير المدينة، فبالغ في إكرامها وقال: والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إلي منكم ولأنتم أحب إلي من أهلي.
وعوتب أحمد في تقريبه لشيعي فقال: سبحان الله رجل أحب قوماً من أهل بيت النبي (ص) وهو ثقة، وكان إذا جاء شريف بل قرشي قدمه وخرج وراءه.
وقال رجل للباقر وهو بفناء الكعبة: هل رأيت الله حيث عبدته؟ فقال: ما كنت أعبد شيئاً لم أره، قال: وكيف رأيته؟ قال: لم تره الأبصار بمشاهدة العيان لكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.
وزاد على ذلك ما أبهر السامعين، فقال الرجل: (الله أعلم حيث يجعل رسالته)(29).
وقارف الزهري ذنباً فهام على وجهه فقال له زين العابدين: قنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شيء أعظم عليك من ذنبك، فقال الزهري: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) فرجع إلى أهله وماله.
وكان هشام بن إسماعيل يؤذي زين العابدين وأهل بيته وينال من علي، فعزله الوليد وأوقفه للناس وكان أخوف ما عليه أهل البيت، فمر عليهم فلم يتعرض له أحد منهم فنادى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته).

مكافأته (ص) لمن أحسن إليهم (ع)
أخرج الطبراني حديث: من صنع إلى أحد من ولد عبد المطلب يداً فلم يكافئه بها في الدنيا فعلي مكافأته غداً إذا لقيني.
وجاء بسند ضعيف: أربعة أنا لهم مشفع يوم القيامة: المكرم لذريتي، والقاضي لهم حوائجهم، والساعي لهم في أمورهم عندما اضطروا إليه، والمحب لهم بقلبه ولسانه.
وفي رواية من اصطنع صنيعة إلى أحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازيه عليها إذا لقيني يوم القيامة، وحرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي.

إشارته (ص) بما حصل لهم (ع) من الشدة بعده
قال (ص): إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإن أشد قومنا بغضاً بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم، وصححه الحاكم.
وأخرج ابن ماجة: أنه (ص) رأى فتية من بني هاشم فاغرورقت عيناه فسئل فقال: إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاءاً وتشريداً وتطريداً، الحديث.
وأخرج ابن عساكر: إن أول الناس هلاكاً قريش وأول قريش هلاكاً أهل بيتي.
وفي رواية: فما بقاء الناس بعدهم؟ قال بقاء الحمار إذا كسر صلبه(30).

التحذير من بغضهم وسبهم (ع)
مر خبر: من أبغض أحداً من أهل بيتي حرم شفاعتي.
وحديث: لا يبغضنا إلا منافق شقي.
وحديث: من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه: آيس من رحمة الله.
وقال الحسن: من عادانا فلرسول الله (ص) عادى.
وصح: أنه (ص) قال: والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار.
وروى أحمد وغيره: من أبغض أهل البيت فهو منافق(31).
وفي رواية: بغض بني هاشم نفاق.
وجاء عن الحسن: إياك وبغضنا، فإن رسول الله (ص) قال: لا يبغضنا ويحسدنا أحد إلا ذيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من النار.
وفي رواية: من أبغضنا أهل البيت حشره الله يهودياً وإن شهد أن لا إله إلا الله.
وصح أنه قال (ص): يا بني عبد المطلب إني سألت الله لكم ثلاثاً: أن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالّكم، وأن يعلم جاهلكم، وسألت الله أن يجعلكم كرماء نجباء رحماء، فلو أن رجلاً صفن ـ أي من الصفن وهو صف القدمين ـ بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقي الله وهو يبغض آل بيت محمد (ص) دخل النار.
وورد: من سبَّ أهل بيتي فإنما يرتد عن الله والإسلام، ومن آذاني في عترتي فعليه لعنة الله، ومن آذاني في عترتي فقد آذى الله، إن الله حرم الجنة على من ظلم أهل بيتي أو قاتلهم أو أعان عليهم أو سبّهم، يا أيها الناس إن قريشاً أهل أمانة فمن بغاهم العواثر كبه الله عز وجل لمنخريه مرتين، من يرد هوان قريش أهانه الله، خمسة أو ستَّة لعنتهم، وكل نبي مجاب: الزائد في كتاب الله، والمكذب بقدر الله، والمستحل محارم الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والتارك للسنة.
هذا آخر ما أردنا ذكره من كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر، من فضائل آل الرسول صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
فالمرجو من فضله سبحانه أن يوفقنا لخدمة أهل البيت وحبهم، وأن يرزقنا شفاعتهم، وأن يتفضل على السيدين الأجلين ـ السيد شرف الدين «قدس سره» والسيد المرتضى ـ اللذين كانا السبب في هذا الاستخلاص، من فضله وواسع بره وعطفه وهو المستعان.
كربلاء المقدسة             
محمد بن المهدي الحسيني الشيرازي

 



1 و 2 ـ فاعفوا، أو وتجاوزوا عن مسيئهم، لا يشمل أهل بيت رسول الله (ص)، لما عرفت من نزول آية التطهير في حقّهم.
3 ـ الشورى: 23.
4 ـ لقد قرن رسول الله (ص) أهل بيته بكتاب الله العزيز، وجعلهم عدلاً له، وفيه إشارة بليغة إلى أن لأهل البيت (ع) عند الله ورسوله مقاماً كبيراً يضاهي مقام القرآن عند الله ورسوله، والى أنه كما يجب اطاعة الكتاب العزيز واتّباع أحكامه كذلك يجب إطاعة أهل البيت واتّباعهم، والى انه كما يحرم التقدّم على الكتاب العزيز وهجره، يحرم التقدّم على أهل البيت وهجرهم، والى انه كما يكون في اتباع القرآن: الهداية والسعادة والنور، كذلك يكون في اتباعهم (ع)، وإلى انه كما يكون في التخلّف عن الكتاب: الضلال والشقاء فكذلك يكون التخلّف عنهم (ع) ويؤكّد كلّ ذلك قوله (ص): (ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض) ولن كما في اللغة لنفي الأبد، أي من المستحيل أن ينفك القرآن عن أهل البيت، أو ينفك أهل البيت عن القرآن، فلم يكن لمسلم التفكيك بينهما باتباع أحدهما دون الآخر، أو الإستغناء بأحدهما عن الآخر.
5 ـ لكن قد عرفت: انّ الكتاب العزيز هو الّذي عرّف أهل بيت رسول الله (ص) في آية التطهير وهم خمسة: النبي (ص) وعلي، وفاطمة، والحسن, والحسين (ع)، ونصّ الرسول (ص) على تسعة من ذريّة الحسين ـ كما مرّ عليك ذكرهم في الفصل الثالث من الأحاديث الواردة في أهل البيت من هذا الكتاب ـ.
6 ـ يعني: انّ هذا الحديث لكثرة طرقه أصبح متواتراً يورث العلم والاطمينان بصحّته، فلا يحقّ لاحد التشكيك فيه، وهو كاف في بيان وجوب التمسك بالكتاب وبأهل البيت معاً وحرمة التخلّف عنهما أو عن احدهما.
7 ـ المزمّل: 5.
8 و 9 ـ هذا تصريح بما يحكم به العقل السليم، وتقتضيه الفطرة الصحيحة، وهو: تقديم الفاضل على المفضول وقد قال تعالى من قبل: (أفمن يهدي إلى الحقّ أحقّ أن يتّبع، أمّن لا يهدي إلاّ أن يُهدى فما لكم كيف تحكمون)؟ يونس: 35.
10 ـ الاحزاب: 33.
11 ـ مضى مكرّراً: أن أهل البيت الذين شملتهم آية التطهير هم: النبي (ص) وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين، والتسعة المعصومون من ذريّة الحسين (ع) ـ كما مرّت أسماؤهم وصفاتهم قبل هذا الفصل ـ.
12 ـ الأحزاب: 33.
13 ـ وهل كان من حفظ عهده وودّه (ص) في أهل بيته أن ارتكبوا في حقهم ما ارتكبوا حتى خاطبتهم بنت نبيّهم فاطمة (ع) بقولها في خطبتها المعروفة: (...فلمّا اختار الله لنبيّه (ص) دار أنبيائه، ظهر فيكم حسكة النفاق، وسمل جلباب الدين، ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الأقلّين، وهدر فنيق المبطلين، فخطر في عرصاتكم، وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه، هاتفاً بكم، فألفاكم لدعوته مستجيبين، وللغرّة فيه ملاحظين، ثم استنهضكم فوجدكم خفافاً، وأحمشكم فألفاكم غضاباً، فوسمتم غير إبلكم، وأوردتم غير شربكم، هذا والعهد قريب، والكلم رحيب، والجرح لما يندمل، والرسول لما يقبر...). نعم، هذا والعهد قريب.. والرسول بعد لم يقبر؟؟
14 ـ فيا ترى ما كان يصنع رسول الله (ص) لو كان يسمع بكاء حبيبته وبضعته من بعده!
15 و16 ـ قد عرفت: أن الكتاب العزيز عندما وصف الأصحاب والأزواج ووصل إلى وعدهم المغفرة والأجر العظيم، جاء بلفظة: (منهم) الفتح: 29، و: (منهن) الأحزاب: 29، مما يشير إلى أن مراد الرسول (ص) من حب الأصحاب والأزواج هو ما عناه القرآن، وليس عامتهم.
17 ـ ليس في الصحيح: والأنصار والعرب، بل العترة فقط، لأن القرآن الكريم بعد الشهادة بالطهارة لعترة النبي وأهل بيته (صلوات الله عليه وعليهم) من بين الناس قال: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات: 13، فجعل الحق والتفاضل بالتقوى.
18 ـ وقد مر في الفصل الأول في الآية الثانية من الآيات الواردة فيهم (ع): أنه (ص) قال: لا تصلوا عليَّ الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: اللهم صلِّ على محمد وتمسكون بل قولوا: اللهم صلِّ على محمد وآل محمد.
19 ـ مرت الإشارة إلى أن المراد الصالحات منهن وذلك لدلالة (منهن) في سورة الأحزاب 29.
20 ـ ومن أجله قال الشافعي كما مر في الفصل الأول:
يا أهل بيت رسول الله حبكـم            فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم القدر أنكـــم            من لم يصل عليكم لا صلاة لـه

21 ـ مر الحديث ومرت الإشارة إلى أن الأنصار جاءوا بأصوع من البر وليس الذرة، وذلك هدية.
22 ـ مر كثيراً القول: بأن المراد الصالحات منهن، وذلك لمكان (منهن) في سورة الاحزاب الاية 29.
23 ـ وهذا يشير بصراحة إلى ما جاء في أهل البيت (ع) من قوله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) آل عمران: 103، حيث جعل تعالى الاعتصام بهم أماناً من الفرقة والاختلاف بعد أن وصفهم بأنهم حبل الله في الأرض.
24 ـ وهل يا ترى هناك تمثيل أبلغ من هذا؟ فإنه كما يخسر الإنسان نفسه ويغرق في البحر إذا تخلف عن السفينة، فكذلك يخسر دينه ودنياه إذا تخلف عن هدي أهل البيت (ع) والتمسك بولايتهم.
25 ـ وفي هذا إشارة إلى إمامة الأئمة الإثني عشر من أهل البيت (ع) الذين مر ذكرهم بأسمائهم وألقابهم في الفصل السابق من هذا الكتاب.
26 ـ هذا الحديث له توضيح مر التعرض له في الحديث الثاني من الفصل الثاني في فضائل الحسن (ع).
27 و 28 ـ المهدي هو الإمام الثاني عشر، واسمه واسم أبيه كما مر عليك في الفصل السابق من هذا الكتاب: «محمد بن الحسن» (ع) الملقب «بالحجة»، والمهدي أيضاً من ألقابه (ع)، وهو البقية الباقية من أهل البيت (ع) وقد مد الله تعالى في عمره ليكون أماناً لأهل الأرض كما جاء في رواية أحمد أوائل باب (الأمان ببقائهم عليهم السلام)، ثم يصلح الله تعالى أمر ظهوره في ليلة، فيظهر لإنجاز وعد الله تبارك وتعالى حيث قال: (ليظهره على الدين كله) الصف: 9، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بتطبيق الإسلام وأحكام القرآن على كل الأرض بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً.
29 ـ الأنعام: 124.
30 ـ في هذا التمثيل براعة من جهتين:
أ - إن مكسور الصلب يصبح شللاً فلا يمكنه التقدم والرقي.
ب - إن مكسور الصلب من الحيوانات يصبح فريسة لسباع الوحش والطير وهكذا أصبح مثل الأمة لما خذلوا أهل البيت (ع).
31 ـ وقال الله تعالى في كتابه العزيز (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً).

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page