• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إيمان أبي طالب (سلام الله عليه)

بسم الله الرحمن الرحيم(1)
الحمد لله ولي الحمد ومستحقه، وصلاته على خيرته من خلقه، محمد وآله، وسلم كثيرا.


وبعد:
أطال الله بقاء الأستاذ الجليل، وأدام له العز والتأييد، والعلو والتمهيد، فإنني مثبت بتوفيق الله عز وجل، وما يهب من التسديد، طرفا من المقال في المعنى الذي كنت أجريت منه جملا بحضرته معاينة، وما في حيزه بيان الطرف والجمل من الدلائل على إيمان أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنه وأرضاه، المقتضبة من مقاله وفعاله، التي لا يمكن دفعها إلا بالعناد، وإن كنت قد أشبعت الكلام في هذا الباب في مواضع من كتبي المصنفات، وأمالي المشهورات(2)،
ليكون ما يحصل به الرسم في هذا المختصر تذكارا، ولما أخبرت عنه بيانا، وفي الغرض الملتمس منه كافيا، وبالله أستعين.
فمن الدليل على إيمان أبي طالب رضي الله عنه ما اشتهر عنه من الولاية لرسول الله صلى الله عليه وآله والمحبة والنصرة، وذلك ظاهر معروف لا يدفعه إلا جاهل، ولا يجحده إلا بهات معاند، وفي معناه يقول رضي الله تعالى عنه في اللامية السائرة المعروفة:
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد    وأحببته حب الحبيب المواصل(3)
وجدت بنفسي دونه وحميته    ودارأت عنه بالذرى والكلاكل(4)
فما زال في الدنيا جمالا لأهلها    وشينا لمن عادى وزين المحافل(5)
حليما رشيدا حازما غير طائش    يوالي إله الخلق ليس بما حل(6)
فمن مثله في الناس أو من مؤمل    إذا قايس الحكام أهل التفاضل
حليم رشيد عادل غير طائش    يوالي إلها ليس عنه بذاهل

فأيده رب العباد بنصره    وأظهر دينا حقه غير باطل(7)
ومن تأمل هذا المدح عرف منه صدق ولاء صاحبه لرسول الله صلى الله عليه وآله، واعترافه بنبوته، وإقراره بحقه فيما أتى به، إذ لا فرق بين أن يقول: محمد نبي صادق، وما دعا إليه حق صحيح واجب، وبين قوله:

فأيده رب العباد بنصره    وأظهر دينا حقه غير باطل
وفي هذا البيت إقرار أيضا بالتوحيد صريح(8)، واعتراف لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة صحيح(9)، وفي الذي قبله مثل ذلك، حيث يقول
وهو يصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
حليما رشيدا حازما غير طائش    يوالي إله الخلق ليس بما حل
عني: ليس بكاذب متقول للمحال.
وما بعد هذا القول المعلوم من أبي طالب رضي الله تعالى عنه المتيقن من قبله طريق إلى التأويل في كفره، إلا وهو طريق إلى التأويل على حمزة وجعفر وغيرهما من وجوه المسلمين، حتى لا يصح إيمان أحدهم وإن أظهر الاقرار بالشهادتين، وبذل جهده في نصرة الرسول صلى الله عليه وآله.
وهو في أمر أبي بكر وعمر وعثمان أقرب(10)، لأنه إن لم يثبت لأبي طالب، وهو مقر به في نثره ونظمه الذي يسير به عنه الركبان، ويطبق على رواياته نقلة الأخبار، ورواة السير والآثار، مع ظهور نصرته للنبي صلى الله عليه وآله، وبذل نفسه وولده وأهله وماله دونه، ورفع الصوت بتصديقه، والحث على اتباعه، كان أولى أن لا يثبت للذين ذكرناهم إيمان، وليس ظهور إقرارهم وشهرته يقارب ظهور إقرار أبي طالب رضي الله تعالى عنه، ويداني في الوضوح اعترافه بصدقه ونبوته، ولهم مع ذلك من التأخر عن نصره، ومن خذلانه، والفرار عنه ما لا يخفى على ذي حجا(11)، ممن سمع الأخبار وتصفح الآثار وهذا لازم لا فصل منه.ثم إن أبا طالب رضي الله تعالى عنه يصرح في هذه، لقعيدة بتصديق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأخص ألفاظ التصديق، ينادي بالقسم(12) في نصرته
صلى الله عليه وآله وسلم وبذل المهجة والاهل دونه، حيث يقول: ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعبأ بقول الا باطل (13) وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للارامل يطوف به (14) الهلاك من آل هاشم فهم عنده في عصمة وفواضل إلى حيث قال: كذبتم وبيت الله نسلم أحمدا ولما نطاعن دونه ونقاتل (15)
(13) في الديوان وبعض المصادر: لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الا باطل (14) في الديوان وبعض المصادر: يلوذ به. (15) روي هذا البيت في المصادر باختلاف في بعض ألفاظه، منها: كذبتم وبيت الله نبزي محمدا ولما نطاعن دونه و نناضل وفي النهاية: 125، واللسان 14: 73: يبزى، أي يقهر ويستذل ويغلب، وأراد: لا يبزى، فحذف (لا) من جواب القسم، والمراد أنه لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع.
ونسلمه حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل (16 و 17) وفي هذه الابيات أيضا بيان لمن تأملها في صحة ما ذكرناه من إخلاص أبي طالب رضي الله عنه، والولاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبذل غاية النصرة له، والشهادة بنبوته وتصديقه حسب ما ذكرناه. وقد جاءت الاخبار متواترة لا يختلف فيها من أهل النقل اثنان، أن قريشا أمرت بعض السفهاء أن يلقي على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلى (18) الناقة إذا ركع في صلاته، ففعلوا ذلك، وبلغ الحديث أبا طالب، فخرج مسخطا (19) ومعه عبيد له، فأمرهم أن يلقوا السلى عن ظهره صلى الله عليه وآله وسلم ويغسلوه، ثم أمرهم أن يأخذوه فيمروه على سبال (20) القوم، وهم إذ ذاك وجوه قريش، وحلف بالله أن لا يبرح حتى يفعلوا بهم ذاك، فما امتنع أحد منهم عن طاعته، وأذل جماعتهم بذلك وأخزاهم (21).
وفي هذا الحديث دليل على رئاسة أبي طالب على الجماعة، وعظم محله فيهم، وأنه ممن تجب طاعته عندهم، ويجوز أمره فيهم وعليهم، ودلالة على شدة (22) غضبه لله عزوجل ولرسوله صلى الله عليه وآله، وحميته له ولدينه، وترك المداهنة والتقية في حقه، والتصميم لنصرته، والبلوغ في ذلك إلى حيث لم يستطعه أحد قبله، ولا ناله أحد بعده. وقد أجمع أهل السير أيضا ونقلة الاخبار أن أبا طالب رضي الله عنه لما فقد النبي صلى الله عليه وآله ليلة الاسراء، جمع ولده ومواليه، وسلم إلى كل رجل منهم مدية، وأمرهم أن يباكروا الكعبة، فيجلس كل رجل منهم إلى جانب رجل من قريش ممن كان يجلس بفناء الكعبة، وهم يومئذ سادات أهل البطحاء، فإن أصبح ولم يعرف للنبي صلى الله عليه وآله خبرأ أو سمع فيه سوءا، أومأ إليهم بقتل القوم، ففعلوا ذلك. وأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المسجد مع طلوع الشمس، فلما رآه أبو طالب قام إليه مستبشرا فقبل بين عينيه، وحمد الله عزوجل على سلامته، ثم قال: والله، يا ابن أخي، لو تأخرت عني لما تركت من هؤلاء عينا تطرف. وأومأ إلى الجماعة الجلوس بفناء الكعبة من سادات قريش ذلك. ثم قال لولده ومواليه: أخرجوا أيديكم من تحت ثيابكم. فلما رأت قريش ذلك انزعجت له، ورجعت على أبي طالب بالعتب
والا سعطاف فلم يحفل بهم (23). ولم تزل قريش بعد ذلك خائفة من أبي طالب، مشفقة على أنفسها من أذى يلحق النبي صلى الله عليه وآله، وهذا هو النصر الحقيقي نابع عن صدق في الولاية، وبه ثبتت النبوة، وتمكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أداء الرسالة، ولولاه ما قامت الدعوة، ومن لم يعرف باعتباره إيمان صاحبه وعظم عناه في الدين، خرج من حد المكلفين. على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل عزيزا ما كان أبو طالب حيا، ولم يزل به ممنوعا من الاذى، معصوما حتى توفاه الله تعالى، فنبت (24) به مكة، ولم تستقر له فيها دعوة، وأجمع القوم على الفتك به، حتى جاءه الوحي من ربه، فقال له جبرئيل عليه السلام: إن الله عزوجل يقرئك السلام، ويقول لك: اخرج عن مكة فقد مات ناصرك (25). فخرج عليه السلام: هاربا مستخفيا بخروجه، وبيت أمير المؤمنين بدلا منه على فراشه، فبات موقيا له بنفسه، وسالكا بذلك منهاج أبيه رضي الله عنه في ولايته ونصرته، وبذك النفس دونه. فكم بين من أسلم نفسه لنبيه، وشراها الله تعالى في طاعة نبيه صلى الله عليه وآله، وبين من حصل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمن وحرز، وهو لا
يملك نفسه جزعا، ولا قلبه هلعا، قد أظهر الحزن، وأبدى الخور (26)، شاكا في خبر الله تعالى، مرتابا بقول رسول الله صلى الله عليه والله وسلم، غير واثق بنصر الله عزوجل، آيسا من روح الله، ضانا (27) بنفسه عن الشهادة مع نبي الله صلى الله عليه وآله، أم كم بين ما ذكرناه من نصر أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله وقيامه بأمره حتى بلغ دين الله ومسارعته إلى اتباعه ومعاضدته ومؤازرته وبين تأخر غيره عنه واخلائه مع اعدائه عليه ونحره في السفر إلى............. يطعم منه الراحلين معه لسفك دمه حتى إذا ظفره الله تعالى به مقهورا وجئ به إليه اسيرا دعاه إلى الايمان فلجلج وامره بفداء نفسه فامتنع، فلما اشرف على دمه اقر وانقاد للفداء ضرورة واسلم. إن هذا لعجب في القياس وغفلة خصوم الحق عن فصل ما بين هذه الامور حتى عموا فيها عن الصواب، وركبوا العصبية والعناد، لاعجب والله نسأل التوفيق. ومما يؤيد ما ذكرناه من إيمان أبي طالب رضي الله تعالى عنه ويزيده بيانا، أنه لما قبض رحمه الله، آتى أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فآذنه بموته فتوجع لذلك النبي صلى الله عليه وآله وقال: " امض يا علي، فتول غسله وتكفينه وتحنيطه، فإذا رفعته على سريره فأعلمني ". ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، فلما رفعه على
السرير اعترضه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فرق له، وقال: " وصلتك رحم، وجزيت خيرا، فلقد ربيت وكفلت صغيرا، وآزرت ونصرت كبيرا ". ثم أقبل على الناس، فقال: " أما والله، لاشفعن لعمي شفاعة يعجب منها أهل الثقلين " (28). وفي هذا الحديث دليلان على إيمان أبي طالب رضي الله عنه: أحدهما: أمر رسول الله عليا صلوات الله عليهما وآلهما بغسله وتكفينه دون الحاضرين من أولاده، إذ كان من حضره منهم سوى أمير المؤمنين إذ ذاك على الجاهلية، لان جعفرا رحمه الله كان يومئذ ببلاد الحبشة، وكان عقيل وطالب حاضرين، وهما يومئذ على خلاف الاسلام، لا يسلم واحد منهما بعد، وأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام مؤمن بالله تعالى ورسوله، فخص المؤمن منهم بولاية أمره، وجعله أحق به منهما، لايمانه ووفاقه إياه في دينه. ولو كان أبو طالب رضي الله عنه مات على ما يزعم النواصب كافرا، كان عقيل وطالب أحق بتولية أمره من علي عليه الصلاة والسلام ولما جاز للمسلم من ولده القيام بأمره، لانقطاع العصمة بينهما. وفي حكم رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه الصلاة والسلام به دونهما وأمره إياه بإجراء أحكام المسلمين عليه من الغسل والتطهير والتحنيط والتكفين والمواراة، شاهد صدق في إيمانه على ما بيناه. والدليل الآخر: دعاء النبي صلى الله عليه وآله [ له ] (29) بالخيرات، ووعده
امته فيه بالشفاعة إلى الله، واتباعه بالثناء والحمد والدعاء، وهذه هي الصلاة التي كانت مكتوبة إذ ذاك على أموات أهل الاسلام، ولو كان أبو طالب مات كافرا لما وسع رسول الله صلى الله عليه وآله الثناء عليه بعد الموت، والدعاء له بشئ من الخير، بل كان يجب عليه اجتنابه، واتباعه بالذم واللوم على قبح ما أسلفه من الخلاف له في دينه، كما فرض الله عزوجل ذلك عليه للكافرين، حيث يقول: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره) (30). وفي قوله: (وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرا منه) (31). وإذا كان الامر على ما وصفناه، ثبت أن أبا طالب رضي الله عنه مات مؤمنا، بدلالة فعله ومقاله، وفعل نبي الله صلى الله عليه وآله به ومقاله، حسبما شرحناه. ويؤكد ذلك ما أجمع عليه أهل النقل من العامة والخاصة، ورواه أصحاب الحديث عن رجالهم الثقات من أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل فقيل له: ما تقول في عمك أبي طالب، يا رسول الله، وترجو له ؟ قال: " أرجو له كل خير من ربي " (32). فلولا أنه رحمة الله عليه مات على الايمان لما جاز من رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم رجاء الخيرات له من الله عزوجل، مع ما قطع له تعالى به في القرآن وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من خلود الكفار في النار، وحرمان الله لهم سائر الخيرات وتأبيدهم في العذاب على وجه الاستحقاق والهوان.
فصل فأما قوله لم رضي الله عنه المنبه على إسلامه وحسن نصرته، وإيمانه الذي ذكرناه عنه، فهو ظاهر مشهور في نظمه المنقول عنه على التواتر والاجماع، وساورد منه جزءا يدل على ما سواه، إن شاء اله تعالى. فمن ذلك قوله في قصيدته الميمية التي أولها: ألا من لهم آخر الليل مقتم طواني واخرى النجم لما تقحم ؟ (33) إلى قوله: أترجون أن نسخو بقتل محمد ولم تختضب سمر العوالي (34) من الدم
كذبتم وبيت الله حتى تفرقوا (35) جماجم تلقى بالحطيم وزمزم وتقطع أرحام وتنسى حليلة خليلا ويغشى محرم بعد محرم وينهض قوم في الحديد إليكم يذودون عن أحسابهم كل مجرم على ما أتى من بغيكم وضلالكم وعصيانكم في كل أمر ومظلم (36) بظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى وأمر أتى من عند ذي العرش مبرم (37) فلا تحسبونا مسلميه ومثله إذا كان في قوم فليس بمسلم (38) أفلا ترى الخصوم إلى هذا الجد من أبي طالب رضي الله عنه في نصرة نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم، والتصريج بنبوته، والاقرار بما جاء من عند الله عز وجل، والشهادة بحقه، فيتدبرون ذلك أم على قلوب أقفالها؟ !في " أ ": تعرفوا، وفي شرح النهج: تفلقوا. (36) في الديوان: على ما مضى من بغيكم وعقو قكم * وغشيانكم في أمرنا كل مأثم (37) في الديوان وشرح النهج: قيم. (38) ديوان أبي طالب: 29 - 31. شرح نهج البلاغة 14: 71.
ومنه قوله رضي الله تعالى عنه: تطاول ليلي بهم نصب ودمع كسح السقاء السرب (39) للعب قصي بأحلامها وهل يرجع الحلم بعد اللعب (40) إلى قوله رضي الله عنه: وقالوا لاحمد أنت امرؤ خلوف الحديث ضعيف النسب ألا إن أحمد قد جاءهم بحق، ولم يأتهم بالكذب (41) وفي هذا البيت صرح بالايمان برسول الله صلى الله عليه وآله. ومنه قوله رضي الله تعالى عنه:
أخلتم بأنا مسلمون محمدا ولما نقاذف دونه بالمراجم (41) أمينا حبيبا في البلاد مسوما بخاتم رب قاهر للخواتم (42) يرى الناس برهانا عليه وهيبة وما جاهل في فضله مثل عالم (43) نبيا أتاه الوحي من عند ربه فمن قال لا يقرع بها سن نادم (44) تطيف به جر ثومة (45) هاشمية تذبب عنه كل باغ وظالم (46) ومنه قوله رضي الله تعالى عنه:
ألا أبلغا عني على ذات بينها. لؤيا وخصا من لؤي بني كعب ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا نبيا كموسى خط في أول الكتب وأن عليه في العباد محبة ولا شك فيمن خصه الله بالحب (47) وفي هذا الشعر والذي قبله محض الاقرار برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبالنبوة، وصريحه بلا ارتياب. ومن ذلك قوله رضي الله عنه: ألا من لهم آخر الليل منصب وشعب العصا من قومك المشعب إلى قوله: وقد كان في أمر الصحيفة عبرة متى ما تخبر غائب القوم يعجب (48) محا الله منها كفرهم وعيوبهم وما نقموا من باطل الحق مقرب (49)
فكذب (50) ما قالوا من الامر باطلا ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا على سخط من قومنا غير معتب فلا تحسبونا مسلمين محمدا لذي غربة منا ولا متغرب ستمنعه منا يد هاشمية مركبها في الناس غير (51) مركب (52) وقال أيضا رضي الله عنه يحض حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه على اتباع رسول الله صلى الله عليه وآله، والصبر على طاعته، والثبات على دينه: فصبرا أبا يعلى على دين أحمد وكن مظهرا للدين وفقت صابرا نبي أتى بالدين من عند ربه بصدق وحق لا تكن حمز كافرا فقد سرني إذ قلت: لبيك، مؤمنا فكن لرسول الله في الدين ناصرا
وناد قريشا بالذي قد اتيته جهارا، وقل: ما كان أحمد ساحرا (53) وليس وراء هذه الشهادة والاقرار بالنبوة والحث على اعتقادها بيان في إيمانه ولا بعده شبهة وليس غير ذلك إلا العناد ورفع الاضطرار، نعوذ بالله من الخذلان. ومن ذلك قوله رضي الله تعالى عنه: إذا قيل من خير هذا الورى قبيلا، وأكرمهم اسره ؟ أناف بعبد مناف أبي أبو نضلة هاشم الغره (54) وقد حل مجد بني هاشم مكان النعائم والزهره (55) وخير بني هاشم أحمد رسول المليك على فتره (56) وهذا مطابق لقوله تعالى: (قد جاءكم رسولنا يبين لكم على
فترة من الرسل) (57). فإن لم يكن في ذلك شهادة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة، فليس في ظاهر الآية شهادة، وهذا ما لا يرتكبه عاقل، له معرفة بأدنى معرفة أهل اللسان. ومنه قوله في ذكر الايات للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ودلائله، وقول بحيراء الراهب فيه، وذلك أن أبا طالب رضي الله عنه لما أراد الخروج إلى الشام ترك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إشفاقا عليه، ولم يعمل على استصحابه، فلما ركب أبو طالب رضي الله تعالى عنه بلغه ذلك، فتعلق رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم بالناقة وبكى، وناشده الله في إخراجه معه، فرق له أبو طالب وأجابه إلى استصحابه. فلما خرج معه أظلته الغمامة، ولقيه بحيراء الراهب فأخبره بنبوته، وذكر لهم (58) البشارة في الكتب الاولى، فقال أبو طالب رضي الله تعالى عنه: [ إن الامين محمدا في قومه عندي يفوق منازل الاولاد (59) لما تعلق بالزمام ضممته (60) والعيس قد قلصن بالازواد (61) حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرف (62) من المرصاد حبرا فأخبرهم حديثا صادقا عنه ورد معاشر الحساد (63) ومنه قوله رضي الله عنه وقد حضرته الوفاة في وصيته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اوصي بنصر النبي الخير مشهده عليا ابني وشيخ القوم عباسا وحمزة الاسد الحامي حقيقته وجعفرا ليذودوا دونه الباسا (64) ومن ذلك قوله رحمه الله تعالى: أبيت بحمد الله ترك محمد بمكة اسلمه لشر القبائل وقال لي الاعداء: قاتل عصابة أطاعوه، وابغهم جميع الغوائل
إلى قوله: أقيم على نصر النبي محمد أقاتل عنه بالقنا والذوابل (65) ومنه أيضا قوله يحض النجاشي على نصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تعلم مليك الحبش أن محمدا نبي كموسى والمسيح بن مريم أتى بهدى مثل الذي أتيا به فكل بأمر الله يهدي ويعصم (66) وإنكم تتلونه في كتابكم بصدق حديث لا حديث المبرجم (67) وإنك ما تأتيك منا عصابة بفضلك إلا عاودوا بالتكرم
فلا تجعلوا لله ندا وأسلموا فإن طريق الحق ليس بمظلم (68) وفي هذا الشعر من التوحيد والاسلام مالا يمكن دفعه مسلما. ومن ذلك قوله رضي الله تعالى عنه لجعفر ابنه وقد أمر بالصلاة مع النبي صلى الله عليه وآله: صل، يا بني، جناح ابن عملك. فعل، فلما رأى إجابته له أنشأ يقو ل: إن عليا وجعفرا ثقتي عند ملم الخطوب والكرب والله لا أخذل النبي ولا يخذله من بني ذو حسب لا تخذلا وانصرا ابن عمكما أخي لامي من دونهم وأبي (69) فهذا القول في خاتمة أمره وفاقا لما سلف منه في مضي (70) زمانه وحياته، وهو محض التصديق حقيقة الايمان، وصريح الاسلام، وإيمانه بالله تعالى. وله من بعد هذا أبيات في المعنى المتقدم يطول بها التقصاص، منها قوله في قصيدة ميمية له وقد عدد آيات النبي صلى الله عليه وآله وسلم: فذلك من أعلامه وبيانه * وليس نهار واضح كظلام (71). وقوله في قصيدته الدالية: فما يرجوا حتى رووا من محمد أحاديث تجلو غم كل فؤاد (72) فأما دليل توحيده لله عزوجل فمن كلامه المشهور ومقاله المعروف أكثر من أن يحصى، وقد تقدم منه مما كتبناه، ما سنلحقه بأمثاله له في معناه، على سبيل الاختصار إن شاء الله. فمن ذلك قوله في قصيدة طويلة: مليك الناس ليس له شريك * هو الوهاب والمبدي المعيد ومن فوق السماء له ملاك (73) * ومن تحت السماء له عبيد (74) فأقر لله تعالى بالتوحيد، وخلع الانداد من دونه، وأنه يعيد بعد الابداء (75)، وينشئ خلقه نشأة اخرى، وبهذا المعنى فارق المسلمون أهل الجاهلية وباينهم فيما كانوا عليه من خلاف التوحيد والملة.
وله أيضا في قصيدة بائية: فو الله لولا الله لا شئ غيره لا صبحتم لا تملكون لنا شربا وأشباه ذلك ونظائره مما هو موجود في نظمه ونثره، وفي وصاياه وسجعه في خطبه وكلامه المدون له في البلاغة والحكمة، وإيراد جميعه يطو ل، وفيما أثبتناه منه كفاية، ومن دلائل إيمانه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفاية وبلاغ. والحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمد وآله الطاهرين. * * * تمت الرسالة، من تأليفات الشيخ المقدم والامام المكرم الفقيه المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضوان الله تعالى عليه، وكان ذلك بعد العصر من يوم الجمعة، أول أول الربيعين، سنة ست وثمانين وتسعمائة، بالمسجد الجامع الكبير بأصفهان، بتوفيق الله تعالى.

فهرس المصادر والمراجع
1 - القرآن الكريم:

2- الاختصاص: لابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه‍) تحقيق الشيخ علي أكبر الغفاري - منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية - قم المقدسة.
3- الارشاد في معرفة حجج الله على العباد: لابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي، المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه‍) - منشورات مكتبة بصيرتي - قم المقدسة.

4 - الاصابة في تمييز الصحابة: لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي ابن حجر العسقلاني الشافعي (773 - 852 ه‍) مطبعة السعادة مصر - 1323 ه‍.

5- الامالي: لابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي، المعروف با لشيخ المفيد (ت 413 ه‍) - منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية - قم المقدسة - 1403 ه‍.

6 - الاوائل: لابي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري (المتوفي بعد سنة 395 ه‍) - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الاولى سنه 1407 ه‍ / 1987 م.

7 - أوائل المقالات في المذاهب والمختارات: لابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري. المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه‍) - تحقيق الشيخ فضل الله الشهير بشيخ الاسلام الزنجاني - مكتبة الداوري - قم المقدسة - الطبعة الثانية - 1371 ه‍.

8 - البداية والنهاية: لابي الفداء الحافظ ابن كثير الدمشتي (ت 774 د) - حققه مجموعة من الاساتذة - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الرابعة - سنة 1408 ه‍ / 1988 م. 9

- تاريخ الاسلام و وفيات المشاهير والاعلام / قسم المغازي: للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه‍) - تحقيق الدكتور عمر عبد السلام تدمري - دار الكتاب العربي - بيروت - الطبعة الاولى - سنة 1407 ه‍ / 1987 م.

10 - تصحيح الاعتقاد بصواب الانتقاد: لابي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبري. المعروف بالشيخ المفيد (ت 413 ه‍) - منشورات الرضي - قم المقدسة.

11- تفسير القرطبي، الجامع لاحكام القرآن: لابي عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي (ت 671 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - بيروت.

12 - تهذيب تاريغ دمشق الكبير: لابي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، المعروف بإبن عساكر (ت 571 ه‍) - هذبه ورتبه الشيخ عبد القادر بدران (ت 1346 ه‍) - دار إحياء التراث العربي - بيروت - الطبعة الثالثة - سنة 1407 ه‍ / 1987 م.

13 - الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب، إيمان أبي طالب: لشمس الدين ابي علي فخار بن معد المرسوي (ت 630 ه‍) - تحقيق السيد محمد بحر العلوم - انتشارات سيد الشهداء - قم المقدسة - الطبعة الاولى - سنة 1410 ه‍.

14 - خزانة الادب ولب لباب لسان العرب: للشيخ عبد القادر بن عمر البغدادي (1030 - 1093 ه‍) - دار صادر - بيروت.
15 - الخصائص الكبرى: لجلال الدين عبد الرحمن أبي بكر السيوطي (ت 911 ه‍) - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الاولى - سنة 1405 ه‍ / 1985 م.

16- دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة: لابي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (384 - 458 ه‍) تحقيق الدكتور عبد المعطي قلعجي - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الاولى - سنة 1405 ه‍ / 1985 م.

17 - ديوان شيخ الا باطح أبي طالب: جمع أبي هفان عبد الله بن أحمد المهزمي العبدي - مكتبة نينوى الحديثة - طهران.

18 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة: للشيخ محمد محسن بن محمد رضا الرازي، المعروف بآقا بزرگ الطهراني (1293 - 1389 ه‍) دار الاضواء - بيورت - الطبعة الثانية - سنة 1403 ه‍ / 1983 م.

19- روضة الواعظين: للشيخ محمد بن الفتال النيسابوري (ت 508) - منشورات الرضي - قم المقدسة.

20 - السنن الكبرى: لابي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (384 - 458 ه‍) - دار المعرفة - بيروت.

21- سيرة ابن اسحاق، كتاب السير والمغازي: لمحمد بن إسحاق المطلبي الشهير بإبن السحاق (ت 151 ه‍) - تحقيق الدكتور سهيل زكار - دار الفكر - بيروت - الطبعة الاولى - سنة 1398 ه‍ / 1978 م. 22 - سيرة ابن هشام: لابي محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري (ت 213 أو 218 ه‍) - جماعة من المحققين - مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده - ممر - سنة 1355 ه‍ / 1936 م.

23- السيرة النبوية: للحافظ محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي (ت 748 ه‍) - تحقيق حسام الدين القدسي - دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الاولى - سنة 1401 ه‍ / 1981 م.
24- شرح نهج البلاغة: لعز الدين أبي حامد بن هبة الله بن محمد ابن أبي الحديد المدائني المعتزلي (586 - 656 ه‍) - تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم - دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه - ممر - الطبعة الأولى - سنة 1378 ه‍ / 1959 م.

25 - الصحاح: لابي نصر اسماعيل بن حماد الجوهري (332 - 393 ه‍) - تحقيق أحمد عبد الغفور العطار - دار العلم للملايين - بيروت - الطبعة الرابعة - سنة 1407 ه‍ / 1987 م.

26 - الصحيح: لابي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري (194 - 256 ه‍) - عالم الكتب - بيروت - الطبعة الخامسة - سنة 1406 ه‍ / 1986 م.

27 - الطبقات الكبرى: لابي عبد الله محمد بن سعد بن منيع البصري الزهري (168 - 230 ه‍) - دار صادر - بيروت - 1405 ه‍ / 1985 م. 28

28- الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف: للسيد رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر ابن طاووس الحسني الحسيني (589 - 664 ه‍) مطبعة الخيام - قم المقدسة - 1401 ه‍.

29 - عمدة عيون صحاح الاخبار في مناقب إمام الابرار: للحافظ يحيى بن الحسن الاسدي الحلي، المعروف بإبن البطريق (533 - 600 ه‍) - مؤسسة النشر الاسلامي لجماعة المدرسين - قم المقدسة - سنة 1407 ه‍.

30- الغدير في الكتاب والسنة والادب: للشيخ عبد الحسين أحمد الامبني النجني (1320 - 1390 ه‍) - دار الكتب الاسلامية - طهران - 1372 ه‍.

31 - الفصول المختارة من العيون والمحاسن: للسيد الشريف أبي القاسم علي بن الحسين المرتضى (355 - 436 ه‍) - دار الأضواء - بيروت - الطبعة الرابعة - سنة 1405 ه‍ / 1985 م.

32 - الكافي: لابي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي (328 أو 329 ه‍) - تحقيق علي أكبر الغفاري - المكتبة الاسلامية - طهران - سنة 1388 ه‍.

33 - كنز الفوائد: للشيخ محمد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي (ت 449 ه‍) - تحقيق الشيخ عبد الله نعمة - دار الاضواء - بيروت - سنة 1405 ه‍ 19852 م.

34- لسان العرب: لابي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الافريقي المصري (630 - 711 ه‍) - نشر أدب الحوزة - قم المقدسة - 1405 ه‍.

35- متشابه القرآن ومختلفه: للشيخ أبي جعفر محمد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (ت 588 ه‍) - انتشارات بيدار - إيران.

36-مجمع البحربن ومطلع النيرين: للشيخ فخر الدين بن محمد علي الطريحي (979 - 1087 ه‍) - المكتبة المرتضوية - طهران - الطبعة الثانية - سنة 1365 ه‍. ش.
37 - المخصص: لابي الحسن علي بن اسماعيل النحوي اللغوي الاندلسي، المعروف بإبن سيده. (ت 458 ه‍) - دار الآفاق الجديدة - بيروت.
38- المستدرك على الصحيحين: لابي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (321 - 405 ه‍) - طبع حيدر آباد - الهند. 39
39- معجم الادباء: لابي عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (ت 626 ه‍) - مكتبة عيسى البابي الحلبي وشركاه - مصر.
40 - النهاية في غريب الحديث: لمجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد الجزري، المعروف بإبن الاثير (544 - 606 ه‍) - تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي - المكتبة الاسلامية بيروت.

استدراك

حصلنا بعد الفراغ من طبع كتاب (إيمان أبي طالب) على نسختين مخطوطتين، فيهما مزيد من الاختلافات والتقديم والتأخير والزيادات، آثرنا الاشارة إلى أهم زيادات هاتين النسختين لاتمام الفائدة وهي كما يلي:

1- ص 36 بعد البيت الثاني: فارفض من عيني دمع ذارف * مثل الجمان مفرد الافراد راعيت فيه قرابة موصولة * وحفطت فيه فريضة الاجداد وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجود مصالت أنجاد ساروا لابعد طيبة معلومة * فلقد تباعد طيبة المرتاد 2 - ص 37 بعد البيت الثاني: قوما يهودا قد رأوا ما قد رأى * ظل الغمام وعن ذي الاكباد ثاروا لقتل محمد فنها هم * عنه وأجهد أحسن الاجهاد ومنه أيضا قوله: منغنا الرسول رسول المليك * ببيض تلا لا كلمع البروق بضرب يذيب دون النهاب * حذرا النوادر والخنفقيق أذب وأحمي رسول المليك * حماية حام عليه شفيق
أفبعد هذا شك في إيمان قائل هذا الشعر، أم يقدم على إكفار مع ظهور هذا المقال عنه إلا غبي ناقص أو كافر معاند بلا ارتياب ! وله أيضا: زعمت قريش أن أحمد ساحر * كذبوا ورب الراقصات إلى الحرم ما زلت أعرفه بصدق حديثه * وهو الامير على الحرائر والحرم بهتوه لا سعدوا بقطر بعدها * ومضت مقالتهم تسير إلى الامم وله أيضا: يقولون لي دع نصر من جاء بالهدى * وغالب لنا غلاب كل مغالب وسلم إلينا أحمدا واكفلن لنا * بنيا ولا تحفل بقول المعاتب فقلت لهم الله ربي وناصري * على كل باغ من لؤي بن غالب 3 - ص 37 بعد البيت الرابع: كونوا فدى لكم أمي وما ولدت * في نصر أحمد دون الناس أتراسا أفبعد هذا شك في إيمان قائل هذا الشعر، أم يقدم على إكفار مع ظهور هذا المقال عنه إلا غبي ناقص أو كافر معاند بلا ارتياب ! وله أيضا: زعمت قريش أن أحمد ساحر * كذبوا ورب الراقصات إلى الحرم ما زلت أعرفه بصدق حديثه * وهو الامير على الحرائر والحرم بهتوه لا سعدوا بقطر بعدها * ومضت مقالتهم تسير إلى الامم وله أيضا: يقولون لي دع نصر من جاء بالهدى * وغالب لنا غلاب كل مغالب وسلم إلينا أحمدا واكفلن لنا * بنيا ولا تحفل بقول المعاتب فقلت لهم الله ربي وناصري * على كل باغ من لؤي بن غالب 3 - ص 37 بعد البيت الرابع: كونوا فدى لكم أمي وما ولدت * في نصر أحمد دون الناس أتراسا 4 - ص 25 بعد السطر الثالث حتى نطق القرآن بشكه، ونزل ما قاله بخلاف ملائكته، وصرح بصرف السكينة عنه لفساد نيته، أفيتاس بين هذا (3) وبين من وصفنا حاله في طاعة ربه. والصبر على الاذى في جنبه، لا يخاف في الله لومة لائم، لشدة نفسه، وتأكد معارفه، وما اختص به من البسطة في العلم والجسم، لمكانه من الله تعالى، وما أهله له من خلافته ؟ ! إن هذا لعجب في القياس، وغفلة خصوم الحق عن فصلها بين هذه الامور حتى عموا فيها عن الصواب، وركبوا العصبية والعناد، لاعجب، والله نسأله التوفيق.
____________    

(1) زاد ناسخ " أ ": رب وفق بحق وليك الرضا عليه السلام والتحية والتسليم.
(2) أنظر الاختصاص: 147 و 148 و 241، الارشاد: 100، الأمالي: 303 و 304، أوائل المقالات: 12، تصحيح الاعتقاد: 67، الفصول المختارة: 32 وما بعدها، وص 228 وما بعدها.
(3) في الديوان وبعض المصادر: وأخوته دأب المحب المواصل.
(4) في الديوان وبعض المصادر: ودافعت عنه بالطلي والكلاكل.
الذرى: جمع ذروة، وهي أعلى الشئ وأشرفه " أنظر لسان العرب - ذرا - 14: 284 ".
الطلى: جمع الطلاة، وهي العنق. " لسان العرب - طلى - 15: 13 ".
الكلاكل: جمع كلكل، وهو الصدر من كل شئ " لسان العرب - كلل - 11: 596 ".
(5) في الديوان وبعض المصادر: وزينا على رغم العدو المخابل.
(6) الماحل: المحتال، الماكر " الصحاح - محل - 5: 1817 " ويأتي شرحها عن الشيخ المفيد قريبا، وفي الديوان وبعض المصادر:
(7) هذه القصيدة مشهورة معروفة، رواها أهل الأدب والتاريخ والسير، وشرحها جماعة من العلماء كابن جني والبغدادي، وقال فيها ابن كثير: " هذه قصيدة عظيمة بليغة جدا، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعها " وهي مائة وأحد عشر بيتا.
أنظر ديوان أبي طالب: 3 - 12، سيرة ابن هشام 1: 291 - 299، الحجة على الذاهب: 339 - 343، العمدة: 412 " شرح نهج البلاغة 14: 79، الطرائف: 301، البداية والنهاية: 3: 51 - 55، السيرة النبوية للذهبي: 95، خزانة الأدب 1:
252 - 261.
(8) (صريح) من ط، وفي " أ " بدلها كلمة غير واضحة.
(9) (صحيح) من ط.
(10) وفي بعض النسخ: وهو في أمر أشهر وطريق أقرب.
(11) الحجا: العقل " الصحاح - حجا - 6: 2309 ".
(12) وفي بعض النسخ: ويباهي.
(13) في الديوان وبعض المصادر: لقد علموا أن ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الا باطل
(14) في الديوان وبعض المصادر: يلوذ به.
(15) روي هذا البيت في المصادر باختلاف في بعض ألفاظه، منها: كذبتم وبيت الله نبزي محمدا ولما نطاعن دونه و نناضل وفي النهاية: 125، واللسان 14: 73: يبزى، أي يقهر ويستذل ويغلب، وأراد: لا يبزى، فحذف (لا) من جواب القسم، والمراد أنه لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع.
(16) الحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة " المحاح - حلل - 4: 1673 ".
(17) إضافة إلى المصادر المتقدمة، راجع: صحيح البخاري 2: 75 السنن الكبرى 3: 352، دلائل النبوة
للبيهقي: 6: 141، الخصائص الكبرى 1: 146 وص 208.

(18) السلى: الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن امه ملفوفا فيه " لسان العرب - سلا - 4: 396 ". (19) خ ل: مغضبا.
(20) السبال: جمع السبلة، وهو الشارب " الصحاح - سبل - 5: 1724 ".
(21) الكافي 1: 373 / 30، تفسير القرطبي 6: 405.
(22) في " أ ": ومنها شدة بدل (ودلالة على شدة).
(23) الطبقات الكبرى 1: 202، الحجة على الذاهب: 286
(24) يقال: نبت بي تلك الارض: أي لم أجد بها قرارا " لسان العرب - نبا - 15: 302 "
(25) الحجة على الذاهب: 290 شرح نهج البلاغة 4: 70.
(26) الخور: الضعف " مجمع البحرين - خور - 3: 293 ".
(27) ضن بالشئ: بخل به " الصحاح - ضنن - 6: 2156 ". (*)
(28) الحجة على الذاهب: 298، شرح نهج البلاغة 14: 77.
(29) زيادة يقتضيها السياق. (*)
(30) سورة التوبة 9: 85.
(31) سورة التوبة 9: 115.
(32) الحجة على الذاهب: 94، شرح نهج البلاغة 14: 68، تاريخ الاسلام للذهبي 1: 138.
(33) في الديوان: معتم بدل مقتم وكلاهما بمعنى واحد. طواني: أقام عندي " لسان العرب - طوى - 15: 20 ". وتقحم النجم: غاب " لسان العرب - قحم - 12: 463 ".
(34) العوالي: جمع عالية. وهي أعلى الرمح ورأسه، وقيل: العالية: القناة المستقيمة " لسان العرب - علا - 15: 87 ".
(35) في " أ ": تعرفوا، وفي شرح النهج: تفلقوا.
(36) في الديوان: على ما مضى من بغيكم وعقو قكم * وغشيانكم في أمرنا كل مأثم
(37) في الديوان وشرح النهج: قيم.
(38) ديوان أبي طالب: 29 - 31. شرح نهج البلاغة 14: 71.
(39) سح: سال " الصحاح - سحح - 1: 373 ". السرب: الذي يسيل منه الماء " الصحاح - سرب - 1: 147 ".
(40) ورد هذا البيت ممحفا في (1) هكذا: بلغت قصي بأكلابها * وهل يرجع الحكم بعد اللعب ؟ !
(41) ديوان أبي طالب: 25. مناقب ابن شهر اشوب 1: 66، الحجة على الذاهب: 245، شرح نهج البلاغة 14: 61.
(41) المراجم: قبيح الكلام، ولعل المراد هنا التقاذف بها يرجم به من السلاح " لسان العرب - رجم - 12: 228 " وفي شرح النهج: ونزاحم. ولم يرد هذا البيت في الديوان.
(42) في " أ ": للجراثم.
(43) في الديوان: وما جاهل أمرا كآخر عالم. وفي شرح النهج: وما جاهل في قومه مثل عالم.
(44) قرع فلان أسنانه ندما أي حك بعضها على بعض حتى يسمع لها صوت غيظا وحنقا وندما " انظر لسان العرب - قرع - 8: 264 و - حرق - 10: 44 ".
(45) جرثومة كل شئ: أصله ومجتمعه " لسان العرب - جرثم - 12: 95 ".
(46) ديوان أبي طالب: 32،
شرح نهج البلاغة 14: 73
(47) مغاقب ابن شهر اشوب 1: 63، سيرة ابن هشام 1: 377، شرح النهج 14: 72، البداية والنهاية 3: 84، خزانة الادب 1: 261.
(48) في الديوان: أتاك بها من غائب متعصب.
(49) في الديوان:.... وعقوقهم * وما نقموا من صادق القول منجب.
(50) في الديوان: وأصبح.
(51) في الديوان والمناقب: خير.
(52) ديوان أبي طالب: 16، مناقب ابن شهراشوب 1: 64.
(53) مناقب ابن شهر اشوب 1: 62، شرح نهج البلاغة 14: 76، الغدير 7: 357.
(54) أناف: ارتفع وأشرف، (لسان العرب - نوف - 9: 342 ". أبو نضلة: كنية هاشم بن عبد مناف " الصحاح - نضل - 5: 1831 "
(55) النعائم: منزل من منازل القمر " لسان العرب - نعم - 12: 586 ". الزهرة: كوكب معروف " لسان
العرب - زهر - 4: 332 ".
(56) شرح نهج البلاغة 14: 78.
(57) سوز المائدة 5: 19.
(58) في " ط ": له.
(59) في السيره وتاريخ ابن عساكر: إن ابن آمنة النبي محمدا * عندي بمثل منازل الاولاد
(60) في السيرة وتاريخ ابن عساكر: رحمته.
(61 )العيس: الابل البيض. يخالط بياضها شئ من الشقرة ويقال: هي كرائم الابل. " الصحاح - عيس - 3: 954 ".
وقلصن: ارتفعن وذهبن، والتشديد للمبالغة " أنظر لسان العرب - قلص - 7: 80 ".
(62) في السيرة وتاريخ ابن عساكر: شرك.
(63) ديوان أبي طالب: 33، سيرة ابن اسحاق: 76، تهذيب تاريخ ابن عساكر 1: 272. الغدير 7: 343.
(64) متشابه القرآن 2: 65، مناقب ابن شهراشوب 1: 39 و 61.
(65) أي الرماح الذوابل، سميت بذلك ليبسها ولصوق ليطها، يعني قشرها " المخصص. السفر السادس: 31 ".
(66) في هذا البيت إقواء ظاهر، إذ أن حركة حرف الروي الكسر وجاءت هنا مضمومة إقواء.
(67) من البرجمة وهي: غلظ الكلام " النهاية - برجم - 1: 113 ولعلها " الترجم " من الرجم. وهو القول بالظن والحدس " لسان العرب - رجم - 12: 227 ".
(68) متشابه القرآن 2: 65، مناقب ابن شهر اشوب 1: 62. مستدرك الحاكم 2: 623.
(69) ديوان أبي طالب: 36، الاوائل لابي هلال العسكري: 75، كنز الفوائد 1: 271، الحجة على الذاهب: 249 و 250، شرح نهج البلاغة 14: 76. روضة الواعظين: 86.
(70) في " ط ": وقتي.
(71) ديوان أبي طالب: 35، سيرة ابن اسحاق: 77، تهذيب تاريخ ابن عساكر 1: 273، الغدير 7: 345.
(72) تتدمت أربعة أبيات من هذه القصيدة الدالية مع تخريجاتها، ويضاف لها: الخصائص الكبرى 1: 144.
(73) في " أ ": له لحق. وفي متشابه القرآن: له نجوم.
(74) متشابه القرآن 2: 66.
(75) في " أ ": الانذار، تصحيف، وما في المتن هو الانسب لقوله " المبدئ المعيد ".



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page