• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ما ناء به من عمل بار وقول مشكور

ـ 2 ـ
ما ناء به من عمل بار وقول مشكور

أما ما ناء به سيد الأباطح أبو طالب سلام الله عليه من عمل بار وسعي مشكور في نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلاءته والذب عنه والدعوة إليه وإلى دينه الحنيف منذ بدء البعثة إلى أن لفظ أبو طالب نفسه الأخير، وقد تخلل ذلك جمل من القول كلها نصوص على إسلامه الصحيح، وإيمانه الخالص، وخضوعه للرسالة الإلهية، فإلى الملتقى. روى القوم:

1ـ قال ابن إسحاق: إن أبا طالب خرج في ركب إلى الشام تاجرا، فلما تهيأ للرحيل وأجمع السير هب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بزمام ناقته وقال: يا عم إلى من تكلني لا أب لي ولا أم لي ؟ فرق له أبو طالب وقال: والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبدا. قال: فخرج به معه، فلما نزل الركب بصرى من أرض الشام وتهيأ راهب يقال له بحيرا في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية، ولم يزل في تلك الصومعة راهب إليه يصير علمهم من كتاب فيهم كما يزعمون يتوارثونه كائنا عن كائن، فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا وكانوا كثيرا ما يمرون عليه قبل ذلك فلا يكلمهم ولا يتعرض لهم، حتى إذا كان ذلك العام نزلوا به قريبا من صومعته فصنع لهم طعاما كثيرا وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا، وغمامة تظله صلى الله عليه وآله وسلم من بين القوم. ثم أقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حتى أظلت الشجرة وتهصرت، يعني تدلت أغصانها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى استظل تحتها، فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وقد أمر بذلك الطعام فصنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش، وأنا أحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم وحركم وعبدكم، فقال له رجل منهم: يا بحيرا إن لذلك اليوم لشأنا ما كنت تصنع هذا فيما مضى وقد كنا نمر بك كثيرا، فما شأنك اليوم ؟ فقال له بحيرا: صدقت قد كان ما تقولون، ولكنكم ضيوف فأحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاما تأكلون منه كلكم، فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بين القوم لحداثة سنه في رحال القوم تحت الشجرة.
فلما نظر بحيرا في القوم لم ير الصفة التي يعرفها وهي موجودة عنده، فقال: يا معشر قريش لا يتخلف أحد منكم عن طعامي هذا، فقالوا: يا بحيرا ما تخلف عنك أحد ينبغي أن يأتيك إلا غلام هو أحدث القوم سنا تخلف في رحالهم، قال: فلا تفعلوا ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم، فقال رجل من قريش: والات والعز أن لهذا اليوم نبأ. أيليق أن يتخلف ابن عبد الله عن الطعام من بيننا؟ ثم قام إليه فاحتضنه ثم أقبل به حتى أجلسه مع القوم. فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظاً شديداً وينظر الى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده في صفته حتى إذا فرغ القوم من الطعام وتفرقوا قام بحيرا فقال له: يا غلام أسألك باللات والعزى إلا أخبرتني عما اسألك عنه. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تسلني باللات والعزى شيئاً قط، فقال بحيرا: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه. فقال: سلني عما بدا لك. فجعل يسأله عن أشياء من نومه وهيئته وأموره ورسول الله يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته، ثم نظر الى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده. الحديث.
فقال ابو طالب في ذلك:
إن ابن آمنة النبي محمداً * عندي يفوق منازل الأولاد
لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلصن (2) بالأزواد
فارفض من عيني دمع ذارف * مثل الجمان مفرق الافراد
راعيت فيه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الأجداد
وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجوه مصالت أنجاد (3)
ساروا لأبعد طية معلومة * فلقد تباعد طية (4) المرتاد
حتى إذا ما القوم بصرى عاينوا * لا قوا على شرك من المرصاد (5)
حبراً فأخبرهم حديثاً صادقاً * عنه ورد معاشر الحساد
قوم يهود قد رأوا لما رأى * ظل الغمام وعن ذي الأكباد (6)
ثاروا لقتل محمد فنهاهم * عنه وجاهد أحسن التجهاد
فثنى زبيراً من بحيرا فانثنى * في القوم بعد تجاولٍ وبعاد (7)
ونهى دريساً فانتهى عن قوله * حبر يوافق أمره برشاد

وقال أيضاً:
ألم ترني من بعد هم هممته * بفرقة حر الولدين حرام (8)
بأحمد لما أن شددت مطيتي * برحلي وقد ودعته بسلام
بكى حزناً والعيس قد فصلت بنا * وأخذت بالكفين فضل زمام
ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة * تجود من العينين ذات سجام
فقلت: ترحل راشداً في عمومة * مواسير في البأساء غير لئام (9)
فجاء مع العير التي راح ركبها * شآمي الهوى والاصل غير شآم
فلما هبطنا أرض بصرى تشرفوا * لنا فوق دور ينظرون جسام
فجاء بحيرا عند ذلك حاشداً * لنا بشراب طيب وطعام
فقال اجمعوا أصحابكم لطعامنا * فقلنا جمعنا القوم غير غلام
يتيم فقال ادعوه إن طعامنا * كثير عليه اليوم غير حرام
فلو لا الذي خبرتم عن محمد * لكنتم لدينا ا ليوم غير كرام
فلما رآه مقبلاً نحو داره * يوقيه حر الشمس ظل غمام
حنا رأسه شبه السجود وضمه * إلى نحره والصدر أي ضمام
وأقبل ركب يطلبون الذي رأى * بحيرا من الاعلام وسط خيام
فثار اليهم خشيةً لعرامهم (10) * وكانوا ذوي بغي لنا وعرام
دريس وتمام وقد كان فيهم (11) * زبير وكل القوم غير نيام
فجاؤوا وقد هموا بقتل محمد * فردهم عنه بحسن خصام
بتأويله التوراة حتى تيقنوا * وقال لهم رمتم أشد مرام
أتبغون قتلاً للنبي محمد * خصصتم على شؤم بطول أثام
وإن الذي نختاره منه مانع * سيكفيه منكم كيد كل طغام
فذلك من أعلامه وبيانه * وليس نهار واضح كظلام


ديوان أبي طالب (12) (ص 33 ـ 35)، تاريخ ابن عساكر (13) (1 / 269 ـ 272)، الروض الأنف (14) (ا / 120).
وذكر السيوطي الحديث من طريق البيهقي في الخصائص الكبرى (15) (1 / 84) فقال في (ص 85): وقال أبو طالب في ذلك أبياتاً منها:
فما رجعوا حتى رأوا من محمد * أحاديث تجلو غم كل فواد
وحتى رأوا أحبار كل مدينة * سجوداً له من عصبةٍ وفراد
زبيراً وتماماً وقد كان شاهداً * دريساً وهموا كلهم بفساد
فقال لهم قولاً بحيرا وأيقنوا * له بعد تكذيب وطول بعاد
كما قال للرهط الذين تهودوا * وجاهدهم في الله كل جهاد
فقال ولم يترك له النصح رده * فإن له إرصاد كل مصاد
فإني أخاف الحاسدين وإنه * لفي الكتب مكتوب بكل مداد

 

2-استسقاء أبي طالب بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم
أخرج ابن عساكر في تاريخه في تاريخه (16) عن جلهمة بن عرفطة قال: قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش: يا أبا طالب أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلم واستسق. فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنه سحابه قتماء وحوله أغيلمة، فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بإصبعه الغلام، وما في السماء قزعة (17)،
فأقبل السحاب من هاهنا وهاهنا، واغدق وأغدودق، وانفجر له الوادي، وأخصب البادي والنادي، وفي ذلك قول أبو طالب:
وأبيض يستسقى الغمم بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
يلوذ به الهلاك من آل هاشمٍ * فهم عنده في نعمة وفواضل
وميزان عدل لا يخيس شعيرةً * ووزان صدق وزنه غير هائل

شرح البخاري للقسطلاني (2 / 227)، المواهب اللدنية (1 / 48)، الخصائص الكبرى (86 / 124)، شرح بهجة المحافل (1 / 119)، السيرة الحلبية (1 / 125)، السيرة النبوية لزيني دحلان هامش الحلبية (1 / 87)، طلبة الطالب (ص 42) (18).
ذكر الشهرستاني في الملل والنحل (19) بهامش الفصل (3 / 225) سيدنا عبد المطلب وقال: ومما يدل علي معرفته بحال الرسالة وشرف النبوة أن أهل مكة لما أصابهم ذلك الجدب العظيم، وأمسك السحاب عنهم سنتين، أمر أبا طالب ابنه أن يحضر المصطفى عليه الصلاة والسلام وهو رضيع في قماط، فوضعه على يديه واستقبل الكعبة رماه إلى السماء وقال: يا رب بحق هذا الغلام. ورماه ثانياً وثالثاً وكان يقول: بحق هذا الغلام اسقنا غيثاً مغيثاً دائماً هاطلاً. أن يلبث ساعة طبق السحاب وجه السماء وأمطر حتى خافوا على المسجد، وأنشد أبو طالب ذلك الشعرالامي الذي منه:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل
ثم ذكر أبياتاً من القصيدة، ولا يخفى على الباحث أن القصيدة نظمها أبو طالب عليه السلام أيام كونه في الشعب كما مر.
فاستسقاء عبد المطلب وابنه سيد الأبطح بالنبي الأعظم يوم كان صلى الله عليه وآله وسلم رضيعاً يافعاً يعرب عن توحيدهما الخالص، وإيمانهما بالله، وعرفانهما بالرسالة الخاتمة، وقداسة صاحبها من أول يومه، ولو لم‌‌‌‌‍‌ يكن لهما إلا هذان الموقفان لكفياهما، كما يكفيان الباحث عن دليل آخر على اعتناقهما الإيمان.

3ـ أبو طالب في مولد أمير المؤمنين عليه السلام:
عن جابر بن عبد الله قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ميلاد علي بن أبي طالب فقال: «لقد سألتني عن خير مولود ولد في شبه المسيح عليه السلام، إن الله تبارك وتعالى خلق علياً من نوري وخلقني من نوره وكلانا من نور واحد، ثم إن الله عز وجل نقلنا من صلب آدم عليه السلام في أصلاب طاهرة إلى أرحام زكية، فما نقلت من صلب إلا ونقل علي معي، فلم نزل كذلك حتى استودعني خير رحم وهي آمنة. واستودع علياً خير رحم وهي فاطمة بنت أسد». وكان في زماننا رجل زاهد عابد يقال له المبرم بن دعيب بن الشقبان قد عبد الله تعالى مائتين وسبعين سنة لم يسأل الله حاجة، فبعث الله إليه أبا طالب، فلما بصره المبرم قام إليه وقبل رأسه وأجلسه بين يديه ثم قال: من أنت؟ فقال: رجل من تهامة. فقال: من أي تهامة؟ فقال: من بني هاشم. فوثب العابد فقبل رأسه ثم قال: يا هذا إن العلي الأعلى ألهمني إلهاماً. قال أبو طالب: وما هو؟ قال: ولد يولد من ظهرك وهو ولي الله جل وعلى. فلما كان الليلة التي ولد فيها علي أشرقت الأرض، فخرج أبو طالب وهو يقول: أيها الناس ولد في الكعبة ولي الله، فلما أصبح دخل الكعبة وهو يقول:
يا رب هذا الغسق الدجي * والقمر المنبلج المضي
بين لنا من أمرك الخفي * ماذا ترى في إسم ذا الصبي

قال: فسمع صوت هاتف يقول:
يا أهل بيت المصطفى النبي * خصصتم بالوالد الزكي
إن اسمه من شامخ العلي * علي اشتق من العلي

أخرجه الحافظ الكنجي الشافعي في كفاية الطالب (20) (ص 260) وقال: تفرد به مسلم بن خالد الزنجي وهو شيخ الشافعي، وتفرد به عن الزنجي عبد العزيز بن عبد الصمد وهو معروف عندنا.

4ـ بدء أمر النبي وأبو طالب
أخرج فقيه الحنابلة إبراهيم بن علي بن محمد الدينوري في كتابه نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول (21) بإسناده عن طاووس عن ابن عباس في حديث طويل: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للعباس رضى الله عنه إن الله قد أمرني بإظهار أمري وقد أنبأني واستنبأني فما عندك؟ فقال له العباس رضي الله عنه: يا بن أخي تعلم أن قريشاً أشد الناس حسداً لولد أبيك، وإن كانت هذه الخصلة كانت الطامة الطماء والداهية العظيمة ورمينا عن قوس واحد وانتسفونا نسفاً، صلتا (22) ولكن قرب إلى عمك أبي طالب فإنه كان أكبر أعمامك إن لا ينصرك لا يخذلك ولا يسلمك، فأتياه، فلما رآهما أبو طالب قال: إن لكما لظنة وخبراً، ما جاء بكما في هذا الوقت؟ فعرفه العباس ما قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما أجابه به العباس، فنظر إليه أبو طالب وقال له: أخرج يا بن أخي فإنك الرفيع كعباً، والمنيع حزباً، والأعلى أباً، والله لا يسلقك لسان إلا سلقته ألسن حداد، واجتذبته سيوف حداد، والله لتذلن لك العرب ذل البهم لحاضنها، ولقد كان أبي يقرأ الكتاب جميعاً، ولقد قال: إن من صلبي لنبياً، لوددت أني أدركت ذلك الزمان فآمنت به، فمن أدركه من ولدي فليؤمن به.
قال الأميني: أترى أن أبا طالب يروي ذلك عن أبيه مطمئناً به؟ وينشط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا التنشيط لأول يومه، ويأمره بإشهار أمره والإشادة بذكر الله، وهو مخبت بأنه هو ذلك النبي الموعود بلسان أبيه والكتب السالفة، ويتكهن بخضوع العرب له، أتراه سلام الله عليه يأتي بهذه كلها ثم لا يؤمن به؟ إن هذا إلا اختلاف.

5-أبو طالب وفقده النبي صلى الله عليه وآله وسلم
ذكر ابن سعد الواقدي في الطبقات الكبرى (23) (1 / 186) طبع مصر و (ص 135) طبع ليدن حديث ممشى قريش إلى أبي طالب في أمره صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن قال: فاشمأزوا ونفروا منها ـ يعني من مقالة محمد ـ وغضبوا وقاموا وهم يقولون: اصبروا على آلهتكم، إن هذا لشيء يراد، ويقال المتكلم بهذا عقبة بن أبي معيط. وقالوا: لا نعود إليه أبداً، وما خير من أن نغتال محمداً. فلما كان مساء تلك الليلة فقد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجاء أبو طالب وعمومته إلى منزله فلم يجدوه، فجمع فتياناً من بني هاشم وبني المطلب ثم قال: ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة، ثم ليتبعني إذا دخلت المسجد، فلينظر كل فتى منكم فليجلس إلى عظيم من عظمائهم فيهم ابن الحنظلية ـ يعني أبا جهل ـ فإنه لم يغب عن شر إن كان محمد قد قتل، فقال الفتيان: نفعل، فجاء زيد بن حارثة فوجد أبا طالب على تلك الحال؛ فقال: يا زيد أحسست ابن أخي؟ قال: نعم كنت معه آنفاً. فقال أبو طالب: لا أدخل بيتي أبداً حتى أراه؛ فخرج زيد سريعاً حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في بيت عند الصفا ومعه اصحابه يتحدثون فأخبر الخبر فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى بي طالب، فقال: يا بن أخي أين كنت؟ أكنت في خير؟ قال: نعم. قال: ادخل بيتك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فلما أصبح أبو طالب غدا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأخذ بيده فوقف به على أندية قريش ومعه الفتيان الهاشميون والمطلبيون فقال: يا معشر قريش هل تدرون ما هممت به؟ قالوا: لا. فأخبرهم الخبر، وقال للفتيان: اكشفوا عما في أيديكم فكشفوا، فإذا كل رجل منهم معه حديدة صارمة فقال: والله لو قتلتموه ما بقيت منكم أحداً. حتى نتفانى نحو وأنتم، فانكسر القوم وكان أشدهم انكساراً أبو جهل.

لفظ آخر
وأخرج الفقيه الحنبلي إبراهيم بن علي بن محمد الدينوري في كتابه نهاية الطلب (24) بإسناده عن عبد الله بن المغيرة بن معقب، قال: فقد أبو طالب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فظن أن بعض قريش اغتاله فقتله، فبعث إلى بني هاشم فقال: يا بني هاشم أظن أن بعض قريش اغتال محمداً فقتله، فليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة وليجلس إلى جنب عظيم من عظماء قريش، فإذا قلت: أبغي محمداً. قتل كل منكم الرجل الذي إلى جانبه. وبلغ رسول الله جمع أبي طالب وهو في بيت عند الصفا، فأتى أبا طالب وهو في المسجد، فلما رآه أبو طالب أخذ بيده ثم قال: يا معشر قريش، فقدت محمداً فظننت أن بعظكم أغتاله فأمرت كل فتى شهد من بني هاشم أن يخذ حديدةً ويجلس كل واحد منهم إلى عظيم منكم، فإذا قلت: أبغي محمداً قتل كل واحد منهم الرجل الذي إلى جنبه، فاكشفوا عما في أيديكما يا بني هاشم فكشف بنو هاشم عما في أيديهم فنظرت قريش إلى ذلك فعندها هابت قريش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم أنشأ أبو طالب:
ألا أبلغ قريشاً حيث حلت * وكل سرائر منها غرور
فإني والضوابح عاديات (25) * وما تتلو السفاسرة(26)الشهور
لآل محمد راعٍ حفيظ * وود الصدر مني والضمير
فلست بقاطع رحمي وولدي * ولو جرت مظالمها الجزور
أيأمر جمعهم أبناء فهر * بقتل محمد والأمر زور
فلا وأبيك لا ظفرت قريش * ولا أمت رشاداً إذ تشير
بني أخي ونوط القلب مني * وأبيض ماؤه غدق كثير
ويشرب بعده الولدان رياً * وأحمد قد تضمنه القبور
أيا بن الأنف أنف بني قصي (27) * كأن جبينك القمر المنير

لفت نظر: قال شيخنا العلامة المجلسي في البحار (28) (9 / 31): روى جامع الديوان ـ يعني ديوان أبي طالب ـ نحو هذا الخبر مرسلاً ثم ذكر الأشعار هكذا…
فذكر الأشعار وفيها زيادة عشرين بيتاً على ما ذكر، وهي لا توجد في الديوان المطبوع لسيدنا أبي طالب.

لفظ ثالث:
وقال السيد فخار بن معد في كتابه الحجة (29) (ص 61): وأخبرني الشيخ الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن الجوزي المحدث البغدادي ـ وكان ممن يرى كفر أبي طالب ويعتقده ـ بواسط العراق سنة إحدى وتسعين وخمسمائة بإسناد له إلى الواقدي،
قال: كان أبو طالب بن عبد المطلب لا يغيب صباح النبي ولا مساءه، ويحرسه من أعدائه ويخاف أن يغتالوه فلما كان ذات يوم فقده فلم يره وجاء المساء فلم يره وأصبح الصباح فطلبه في مظانه فلم يجده فلزم أحشاءه وقال: واولداه، وجمع عبيده ومن يلزمه في نفسه فقال لهم: إن محمداً قد فقدته في أمسنا ويومنا هذا ولا أظن إلا أن قريشاً قد اغتالته وكادته وقد بقي هذا الوجه ما جئته، وبعيد أن يكون فيه واختار من عبيده عشرين رجلاً، فقال: امضوا وأعدوا سكاكين وليمض كل رجل منكم وليجلس إلى جنب سيد من سادات قريش، فان أتيت ومحمد معي فلا تحدثن أمراً وكونوا على رسلكم حتى أقف عليكم، وإن جئت وما محمد معي فليضرب كل منكم الرجل الذي إلى جانبه من سادات قريش. فمضوا وشحذوا سكاكينهم حتى رضوها، ومضى أبو طالب في الوجه الذي أراده ومعه رهطه من قومه فوجده في أسفل مكة قائماً يصلى إلى جنب صخرة فوقع عليه وقبله وأخذ بيده وقال: يا بن أخ قد كدت أن تأتي على قومك، سر معي، فأخذ بيده وجاء إلى المسجد وقريش في ناديهم جلوس عند الكعبة، فلما رأوه قد جاء ويده في يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: هذا أبو طالب قد جاءكم بمحمد إن له لشأناً، فلما وقف عليهم والغضب في وجهه قال لعبيده: أبرزوا ما في أيديكم فأبرز كل واحد منهم ما في يده. فلما رأوا السكاكين قالوا: ما هذا يا أبا طالب؟ قال: ما ترون؛ إني طلبت محمداً فلم أره منذ يومين فخفت أن تكونوا كدتموه ببعض شأنكم، فأمرت هؤلاء أن يجلسوا حيث ترون وقلت لهم: إن جئت وليس محمد معي فليضرب كل منكم صاحبه الذي إلى جنبه ولا يستأذني فيه، ولو كان هاشمياً، فقالوا: وهل كنت فاعلاً؟ فقال: أي ورب هذه وأومى إلى الكعبة، فقال له المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف وكان من أحلافه: لقد كدت تأتي على قومك؟ قال هو ذلك. ومضى به وهو يقول:
إذهب بني فما عليك غضاضة * إذهب وقر بذاك منك عيونا
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا
ودعوتني وعملت أنك ناصحي * ولقد صدقت وكنت قبل أمينا
وذكرت ديناً لا محالة أنه * من خير أديان البرية دينا (30)

فرجعت قريش على أبي طالب بالعتب والاستعطاف وهو لا يحفل بهم ولا يلتفت إليهم.
قال الأميني: هذا شيخ الأبطح يروقه أن يضحي كل قومه دون نبي الإسلام وقد تأهب لأن يطأ القوميات كلها والأواصر المتشجة بينه وبين قريش بأخمص الدين، فحياها الله من عاطفة إلهية، وآصرة دينية هي فوق أواصر الرحم.

6ـ أبو طالب في بدء الدعوة:
لما نزلت: (وأنذر عشيرتك الأقربين) (31). خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصعد على الصفا فهتف: يا صباحاه. فاجتمعوا إليه، فقال: "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقي؟" قالوا: نعم ما جربنا عليك كذباً. قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". فقال أبو لهب: تباً لك، أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم أحضر قومه في داره، فبادره وقال: هؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصبأة (32) واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة، وأن أحق من أخذك فحبسك بنو أبيك، وإن أقمت ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن ينب لك بطون قريش، وتمدهم العرب، فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئتهم به. فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يتكلم.
ثن دعاهم ثانية وقال: «الحمد لله أحمده وأستعينه وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إلا الله وحده لا شريك له. ثم قال: إن الرائد لا يكذب أهله، والله الذي لا إله إل هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، وإنما الجنة أبداً والنار أبداً».
فقال أبو طالب: ما أحب إلينا معاونتك، وأقبلنا لنصيحتك، وأشد تصديقنا لحديثك، وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب، فامض لما أمرت به، فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك، غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب(33).
قال الأميني: لم يكن دين عبد المطلب سلام الله عليه إلا دين التوحيد والإيمان بالله ورسله وكتبه غير مشوب بشيء من الوثنية، وهو الذي كان يقول في وصياه: إنه لن يخرج من الدنيا ظلوم حتى ينتقم منه وتصيبه عقوبة. إلى أن هلك ظلوم لم تصبه عقوبة. فقيل له في ذلك، ففكر في ذلك، فقال: والله إن وراء هذه الدار داراً يجزى فيها المحسن بإحسانه، ويعاقب المسيء باساته، وهو الذي قال لأبرهة: إن لهذ البيت رباً يدب عنه ويحفظه، وقال وقد صعد ابا قبيس:
لاهم إن المرء يمـ * ـنع حله فامنع حلالك
لا يغلبن صليبهم * ومحالهم عدوا محالك
فأنصر على آل الصليـ * ـب وعابديه اليوم آلك
إن كنت تاركهم وكعـ * ـبتنا فمر ما بدا لك (34)


ويعرب عن تقدمه في الإيمان الخالص والتوحيد الصحيح انتماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليه ومباهاته به يوم حنين بقوله:
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب (35)
وقد أجاد الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي في قوله:
تنقل أحمد نوراً عظيماً تلالا * في جباه الساجدينا
تقلب فيهم قرناً فقرناً * إلى أن جاء خير المرسلينا

وهذا هو الذي أراده أبو طالب ـ سلام الله عليه ـ بقوله: نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب. وهو صريح بقية كلامه، وقد أراد بهذا السياق التعمية عل الحضور لئلا يناصبوه العداء بمفارقتهم، وهذا السياق من الكلام من سنن العرب في محوراتهم، قد يريدون به التعمية، وقد يراد به التأكيد للمعنى المقصود كقول الشاعر:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب
ولو لم يكن لسيدنا أبي طلب إلا موقفه هذا لكفى بمفرده في إيمانه الثابت، وإسلامه القويم، وثباته في المبدأ.
قال ابن الثير (37): فقال أبو لهب: هذه والله السوء (38)، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم، فقال أبو طالب: والله لنمنعنه ما بقينا. وفي السيرة الحلبية (39) (1 / 304): إن الدعوة كانت في دار أبي طالب.
قال عقيل بن أبي طالب: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك يؤذينا في نادينا وفي كعبتنا وفي ديارنا ويسمعنا ما نكره، فإن رأيت أن تكفه عنا فافعل. فقال لي: يا عقيل التمس لي أبن عمك. فأخرجته من كبس (40) من كباس أبي طالب. فجاء يمشي معي يطلب الفيء يطأ فيه لا يقدر عليه، حتى انتهى الى أبي طالب فقال: يا بن أخي والله لقد كنت لي مطيعاً جاء قومك يزعمون أنك تأتيهم في كعبتهم وفي ناديهم فتؤذيهم وتسمعهم ما يكرهون، فإن رأيت أن تكف عنهم. فحلق بصره إلى السماء وقال: والله ما أنا بقادر أن أرد ما بعثني به ربي، ولو أن يشعل أحدهم من هذه الشمس نارً. فقال أبو طالب: والله ما كذب قط، فارجعوا راشدين.
قال الأميني: هكذا أخرجه البخاري في تاريخه (41) بإسناد رجاله كلهم ثقات، وبهذا اللفظ ذكره المحب الطبري في ذخائر العقبى (ص 223). غير أن ابن كثير لما رأى لكلمة: راشدين. قيمة في إيمان بي طالب حذفها في تاريخه (42) (3 / 42). حيا الله الأمانة!
وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (43) (1 / 171) حديث الدعوة عن علي وفيه: «ثم قال لهم صلى الله عليه وآله وسلم: من يؤازرني على ما أنا عليه ويجيبني على أن يكون أخي وله الجنة؟ فقلت: أنا يا رسول الله، وإني لأحدثهم سناً، وأحمشهم ساقاً. وسكت القوم، ثم قالوا: يا أبا طالب الا ترى ابنك؟ قال: دعوه فلن يألو (44) ابن عمه خيرا».
وروى أبو عمرو الزاهد الطبري عن تغلب عن ابن الأعرابي انه قال في لغة ـ العور ـ إنه الردي من كل شيء قال: ومن العور ما في رواية ابن عباس. ثم ذكرحديث علي عليه السلام بطوله إلى أن قال: قال «فلما أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يتكلم اعترضه أبو لهب، فتكلم بكلمات وقال: قوموا. فقاموا وانصرفوا. قال: فلما كان من الغد أمرني فصنعت مثل ذلك الطعام والشراب ودعوتهم فأقبلوا ودخلوا فأكلوا وشربوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليتكلم فاعترضه أبو لهب فقال له ابو طالب: اسكت يا أعور ما أنت وهذا؟ ثم قال: لا يقومن أحد. قال: فجلسوا ثم قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: قم يا سيدي فتكلم بما تحب وبلغ رسالة ربك فإنك الصادق المصدق».
وإلى هذا الحديث وكلمة أبي طالب ـ اسكت يا أعور ما أنت وهذا؟ ـ وقع الإيعاز في النهاية لابن الأثير(45) (3 / 156), والفائق للزمخشري (46) (2 / 98) نقلاً عن ابن الأعرابي، وفي لسان العرب (47) (6 / 294)، تاج العروس (3 / 428).
قال الأميني: اي كافر طاهر هذا سلام الله عليه وهو يدافع عن الإسلام المقدس بكل حوله وطوله، ويسلق رجال قومه بلسان حديد، ويحض النبي الأعظم على الدعوة وتبليغ رسالته عن ربه، ويراه الصادق المصدق؟.

7 ـ قول أبي طالب لعلي: إلزم ابن عمك:
قال ابن إسحاق: ذكر بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفياً من أبيه أبي طالب ومن جميع أعمامه وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها، فاذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا، ثم إن با طالب عثر عليهما يوماً وهما يصليان، فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا بن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال: «اي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم».
وذكروا أنه قال لعلي: اي بني ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ فقال: «يا أبت آمنت بالله وبرسول الله وصدقته بما جاء به، وصليت معه لله واتبعته» فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير، فالزمه. وفي لفظ عن علي: إنه لما أسلم قال له أبو طالب: إلزم ابن عمك. سيرة ابن هشام (1 / 265)، تاريخ الطبري (2 / 214)، تفسير الثعلبي، عيون الأثر (1 / 94) الإصابة (4 / 116)، أسنى المطالب (ص 10) (48).
وفي شرح ابن أبي الحديد (49) (3 / 314): روي عن علي قال: قال أبي: يا بني إلزم ابن عمك فإنك تسلم به من كل بأس عاجل وآجل. ثم قال لي:
إن الوثيقة في لزوم محمدٍ * فاشدد بصحبته على أيديكا
فقال: ومن شعره المناسب لهذا قوله:
إن علياً وجعفراً ثقتي * عند ملم الزمان والنوب
لا تخذلا وانصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي
والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب

وهذه الأبيات الثلاثة توجد في ديوان أبي طالب (50) أيضاً (ص 36) وذكرها العسكري كتاب الأوائل (51) قال: إن أبا طالب مر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه جعفر فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وعلي معه، فقال لجعفر: يا بني صل جناح ابن عمك. فقام إلى جنب علي، فأحس النبي فتقدمهما، وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا، فانصرف أبو طالب مسروراً وأنشأ يقول:
إن علياً وجعفراً ثقتي * عن ملم الزمان والنوب
وذكر أبياتاً يذكرها ابن أبي الحديد ومنها:
نحن وهذا النبي ننصره * نضرب عنه الأعداء كالشهب

وأخرج أبو بكر الشيرازي في تفسيره: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزل عليه الوحي أتى المسجد الحرام وقام يصلي فيه، فاجتاز به علي عليه السلام وكان ابن تسع سنين فناداه: يا علي إلي أقبل. فأقبل إليه ملبياً فقال له النبي: «إني رسول الله إليك خاصة وإلى الخلق عامة فقف عن يميني وصل معي». فقال: «يا رسول الله حتى أمضي وأستأذن أبا طالب والدي»؛ فقل له: «اذهب فإنه سيأذن لك»، فانطلق إليه يستأذنه في اتباعه، فقال: يا ولدي تعلم ان محمداً أمين الله منذ كان، إمض إليه وأتبعه ترشد وتفلح. فأتى علي عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائم يصلي في المسجد، فقام عن يمينه يصلي معه، فاجتاز أبو طالب بهما وهما يصليان فقال: يا محمد ما تصنع؟ قال: «أعبد إله السموات والأرض ومعي أخي علي يعبد ما أعبد وأنا ادعوك إلى عبادة الواحد القهار» فضحك أبو طالب حتى بدت نواجده وأنشأ يقول:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أغيب في التراب دفينا
إلى آخر الأبيات التي أسلفناها (ص 334).

8ـ قول أبي طالب: صل جناح ابن عمك:
أخرج ابن الأثير: أن أبا طالب رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلياً يصليان وعلي على يمينه، فقال لجعفر رضي الله تعالى عنه: صل جناح ابن عمك، وصل عن يساره، وكان إسلام جعفر بعد إسلام أخيه علي بقليل. وقال أبو طالب:
فصبراً أبا يعلى على دين أحمد * وكن مظهراً للدين وفقت صابرا
وحط من أتى بالحق من عند ربه * بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا
فقد سرني إذ قلت إنك مؤمن * فكن لرسول الله في الله ناصرا
وباد قريشاً بالذي قد أتيته * جهاراً وقل ما كان أحمد ساحرا

أسد الغابة (52) (1 / 287)، شرح ابن أبي الحديد (53) (3 / 315)، الإصابة (4 / 116)، السيرة الحلبية (54) (1 / 286)، أسنى المطالب (55) (ص 6) وقال: قال البرزنجي: تواترت الأخبار أن أبا طالب كان يحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويحوطه وينصره ويعينه على تبليغ دينه ويصدقه فيما يقوله؛ ويأمر أولاده كجعفر وعلى باتباعه ونصرته.
وقال في (ص10): قال البرزنجي: هذه الأخبار كلها صريحة في أن قلبه طافح وممتلئ بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.

9ـ أبو طالب وحنوه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
قال أبو جعفر محمد بن حبيب رحمه الله في أماليه: كان أبو طالب إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحيناً يبكي وبقول: إذا رأيته ذكرت أخي، وكان عبد الله أخاه لابويه، وكان شديد الحب والحنو عليه، وكذلك كان عبد المطلب شديد الحب له، وكان أبو طالب كثيراً ما يخاف على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيات إذا عرف مضجعه، فكان يقيمه ليلاً من منامه ويضجع ابنه علياً مكانه، فقال له علي ليلة: «يا أبت إني مقتول»، فقال له:
أصبرن يا بني فالصبر أحجى * كل حي مصيره لشعوب
قد بذلناك والبلاء شديد * لفداء لحبيب وأبن الحبيب
لفداء الأغر ذي الحسب الثا * قب والباع والكريم النجيب
إن تصبك المنون فالنبل تبرى (56) * فمصيب منها وغير مصيب
كل حي وإن تملى بعمر (57) * آخذ من مذاقها بنصيب

فأجاب علي بقوله:
أتأمرني بالصبر في نصر أحمد * ووالله ما قلت الذي قلت جازعا
ولكنني أحببت أن ترى نصرتي * وتعلم أني لم أزل لك طائعا
سأسعى لوجه الله في نصر أحمد * نبي الهدى المحمود طفلاً ويافعا

وذكره ابن أبي الحديد (58) نقلاً عن الأمالي (3 / 310) وهناك تصحيف في البيت الثاني والثالث من أبيات أبي طالب صححناه من طبقات السيد على خان الناقل عن شرح ابن أبي الحديد المخطوط، وذكر القصة أبو علي الموضح العمري العلوي كما في كتابه الحجة (59) (ص 69).
قل الأميني: إن القرابة والرحم تبعثان إلى المحاماة إلى حد محدود، لكنه إذا بلغت حد التضحية بولد كأمير المؤمنين هو أحب العالمين إلى والده، فهناك يقف التفاني على موقفه، فلا يستسهل الوالد أن يعرض ابنه على القتل كل ليلة فينيمه على فراش المفدى، ويستعوض منه ابن أخية، إلا أن يكون مندفعاً إلى ذلك بدافع ديني وهو معنى اعتناق أبي طالب للدين الحنيف، وهو الذي الذي تعطيه المحاورة الشعرية بين الوالد والولد فترى الولد يصارح بالنبوة، فلا ينكر عليه الوالد بأن هذا التهالك ليس إلا بدافع قومي، غير فاتر عن حض ابنه على ما يبتغيه من النصرة ولا متثبط عن النهوض بها. فسلام الله على والد وما ولد.

10ـ أبو طالب وابن الزبعرى:
قال القرطبي في تفسيره (60) (ص 406): روى أهل السير قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج إلى الكعبة يوماً وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل لعنه الله: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلته؟ فقام ابن الزبعرى فأخذ فرثاً ودماً فلطخ به وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فانفتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من صلاته، ثم أتى أبا طالب عمه فقال: «يا عم ألا ترى إلى ما فعل بي؟» فقال أبو طالب: من فعل هذا بك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «عبد الله بن الزبعرى». فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقة ومشى معه حتى أتى القوم، فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون؛ فقال أبو طالب: والله لئن قام رجل لجللته بسيفي فقعدوا حتى دنا إليهم، فقال: يا بني من الفاعل بك هذا؟ فقال: «عبد الله بن الزبعرى»؛ فأخذ أبو أبو طالب فرثاً ودماً فلطخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم، وأساء لهم القول.
حديث موقف أبي طالب هذا يوجد في غير واحد من كتب القوم وقد لعبت به أيدي الهوى، وسنوقفك إن شاء الله على حق القول فيه تحت عنوان: أبو طالب في الذكر الحكيم(61).

11 ـ سيدنا أبو طالب وقريش:
قال أبن إسحاق: لما بادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قومه بالإسلام، وصدع به كما أمره الله لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه، فيما بلغني، حتى ذكر آلهتهم وعابها. فلما فعل ذلك أعظموه وناكروه، وأجمعوا خلافه وعداوته، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام وهم قليل مستخفون، وحدب (62) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه، ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أمر الله مظهراً لأمره، لا يرده عنه شيء.
وقال: إن قريشاً حين قالوا لأبي طالب هذه المقالة بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يابن اخي إن قومك جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا، فأبق علي وعلى نفسك، ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق، قال: فظن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نه قد بدا لعمه فيه بداء، وأنه خاذله ومسلمه، وأنه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر أو يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته». قال: ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فبكى ثم قام، فلما ولى ناداه أبو طالب، فقال: أقبل يا بن أخي. قال: فاقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إذهب يا بن أخي فقل ماأحببت فوالله لا أسلمك لشيء أبداً.
ثم إن قريشاً حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإسلامه وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة، فقالوا له: يا با ابا طالب هذا عمارة بن الوليد أنهد فتى في قريش وأجمله، فخذه فلك عقله ونصره، واتخذه ولداً فهو لك، وأسلم إلينا ابن أخيك، هذا الذي قد خالفك دينك ودين آبائك وفرق جماعة قومك، وسفه أحلامهم، فنقتله، فإنم هو رجل برجل، قال: والله لبئس ما تسومونني؛ أتعطونني ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه؟ هذا والله ما لا يكون أبدا. قال: فقال المطعم بن عدي بن نوفل: والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على التخلص مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئاً، فقال أبو طالب لمطعم: والله ما أنصفوني، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي فاصنع ما بدا لك أو كما قال.
قال: فحقب الأمر، وحميت الحرب، وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضاً، فقال أبو طالب عند ذلك يعرض بالمطعم بن عدي ويعم من خذله من عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش؛ ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم:
ألا قل لعمرو والوليد ومطعمٍ * ألا ليت حظي من حياطتكم بكر (63)
من الخور حبحاب كثير رغاؤه * يرش على الساقين من بوله قطر (64)
تخلف خلف الورد ليس بلاحق * إذا ما عل الفيفاء قيل له وبر (65)
أرى أخوينا من أبينا وأمنا * إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر
بلى لهما أمر ولكن تجرجما * كما جرجمت من رأس ذي علق صخر (66)
أخص خصوصاً عبد شمس ونوفلاً * هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر
هما أغمزا للقوم في أخويهما * فقد أصبحا منهم أكفهما صفر
هما اشركا في المجد من لا ابالة * من الناس إلا ان يرش له ذكره (67)
وتيم ومخزوم وزهرة منهم * وكانوا لنا مولى إذا بني النصر (68)
فوالله لا تنفك منا عداوة * ولا منهم ما كان من نسلنا شفر (69)
فقد سفهت أحلامهم وعقولهم * وكانوا كجفرٍ بئس ما صنعت جفر

قال ابن هشام: تركنا منها بيتين أقذع فيهما.
قال الأميني: حذف أبن هشام منها ثلاثة أبيات لا تخفى على أي أحد غايته الوحيدة فيه، وإن الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره، ألا وهي:
وما ذاك إلا سؤدد خصنا به * إله العباد واصطفانا له الفخر
رجال تمالوا حاسدين وبغضة * لأهل العلى فبينهم أبداً وتر
وليد أبوه كان عبداً لجدنا * إلى علجةٍ زرقاء جال بها السحر

يريد به الوليد بن المغيرة وكان من المستهزئين بالنبي الأعظم ومن الذين مشوا إلى أبي طالب عليه السلام في أمر النبي صلى لله عليه وآله وسلم وقد نزل قوله تعالى: (ذرني ومن خلقت وحيدا) (70) وكان يسمى: الوحيد في قومه (71).
ثم قام أبو طالب ـ حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون ـ في بني هاشم وبني المطلب فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقيام دونه فاجتمعوا إليه وقاموا معه، وأجابوه ما دعاهم، إليه، إلا ما كان من أبي لهب عدو الله الملعون.
فلما رأى أبو طالب من قومه ما سره في جهدهم معه وحدبهم عليه؛ جعل يمدحهم ويذكر قديمهم؛ ويذكر فضل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم، ومكانه منهم، ليشد لهم
رأيهم، وليحدبوا معه على أمره؛ فقال:
إذا اجتمعت يوماً قريش لمفخر * فعبد منافٍ سرها وصميمها (1)
فإن حصلت أشراف عبد منافها * ففي هاشم أشرافها وقديمها
وإن فخرت يوماً فإن محمداً * هو المصطفى من سرها وكريمها
تداعت قريش غثها وسمينها * علينا فلم تظفر وطاشت حلومها (2)
وكنا قديماً لا نقر ظلامةً * إذا ما ثنوا صعر الخدود نقيمها (3)
ونحمي حماها كل يوم كريهةٍ * ونضرب عن أحجارها من يرومها
بنا انتعش العود الذواء وإنما * بأكنافنا تندى وتنمى أرومها (4)

سيرة ابن هشام (1 / 275 ـ 283)، طبقات ابن سعد (1 / 186)، تاريخ الطبري (2 / 218)، ديوان أبي طالب (ص 24)، الروض الأنف (1 / 171، 172)، شرح ابن أبي الحديد (3 / 306)، تاريخ ابن كثير (2 / 126، 258، و 3 / 42، 48، 49)، عيون الأثر (1 / 99، 100)، تاريخ أي الفداء (1 / 117)، السيرة الحلبية (1 / 306، أسنى المطالب (ص 15) فقال: هذه الابيات من غرر مدائح أبي طالب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الدالة على تصديقه اياه، طلبة الطالب (ص 5 ـ 9) (5).

12 ـ سيد الأباطح وصحيفة قريش:
اجتمع قريش وتشاوروا أن يكتبوا كتاباً تعاقدون فيه على بني هاشم وبني المطلب أن لا ينكحوا إليهم ولا يبيعوا منهم شيئاً ولا يتبايعوا، ولا يقبلوا منهم صلحاً أبداًَ، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للقتل، ويخلوا بينهم وبينه، وكتبوه في صحيفة بخط منصور بن عكرمة، أو بخط بغيض بن عامر، أو بخط النضر ابن الحرث، أو بخط هشام بن عمرو، أو بخط طلحة بن أبي طلحة، أو بخط منصور ابن عبد، وعلقوا منها صحيفة في الكعبة هلال المحرم سنة سبع من النبوة، وكان اجتماعهم بخيف بني كنانة وهو المحصب، فانحاز بنو هشام وبنو المطلب إلى أبي طالب ودخلوا معه في الشعب إلا أبا لهب فكان مع قريش، فأقاموا على ذلك سنتين وقيل ثلاث سنين، وإنهم جهدوا في الشعب حتى كانوا يأكلون الخبط (77) وورق الشجر.
قال ابن كثير: كان أبو طاب مدة إقامتهم بالشعب يأمره صلى الله عليه وآله وسلم فيأتي فراشه كل ليلة حتى يراه من أراد به شراً وغائلة، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه أن يضطجع على فراش المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ويأمر هو أن يأتي بغض فرشهم فيرقد عليها.
ثم إن الله تعالى أوحى إلى النبي صلى الله علية وآله وسلم أن الأرضة أكلت جميع ما في الصحيفة من القطيعة والظلم فلم تدع سوى اسم الله فقط، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عمه أبا طالب بذلك، فقال: يا بن أخي أربك أخبرك بهذا؟ قال: «نعم». قال: والثواقب ما كذبتني قط. فانطلق في عصابة من بني هاشم والمطلب حتى أتوا لمسجد، فأنكر قريش ذلك، وظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال أبو طالب:
يا معشر قريش جرت بيننا وبينكم أمور لم تذكر في صحيفتكم، فأتوا بها، لعل أن يكون بينننا وبينكم صلح، وإنما قال ذلك خشية أن ينظروا فيها قبل أن يأتوا بها فأتوا بها وهم لا يشكون أن أبا طالب يدفع إليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فوضعوها بينهم وقبل أن تفتح قالوا لأبي طالب: قد آن لكم أن ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلى أنفسكم، فقال: أتيتكم في أمر هو نصف بيننا وبينكم، إن ابن أخي أخبرني ـ ولم يكذبني ـ أن الله قد بعث على صحيفتكم دابة فلم تترك فيها إلا اسم الله فقط، فإن كان كما يقول فأفيقوا عما أنتم عليه، فوالله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا. ون كان باطلاً دفعناه إليكم فقتلتم أو استحييتم! فقالوا: رضينا. ففتحوها فوجدوها كما قال صلى الله عليه وآله وسلم. فقالوا: هذا سحر ابن أخيك وزادهم ذلك بغياً وعدوانا.
وإن أبا طالب قال لهم بعد أن وجدوا الأمر كما أخبر به صلى الله عليه وآله وسلم: علام نحصر ونحبس وقد بان الأمر وتبين أنكم أولى بالظلم والقطيعة؟ ودخل هو ومن معه بين أستار الكعبة وقال: اللهم انصرنا على من ظلمنا، وقطع أرحامنا، وساتحل ما يحرم عليه منا.
وعند ذلك مشت طائفة من قريش في نقض تلك الصحيفة فقال ابو طالب:

ألا هل أتى بحرينا (78) صنع ربنا * على نأيهم والله بالناس أرود (79)
فيخبرهم أن الصحيفة مزقت * وأن كل ما لم يرضه الله مفسد
تراوحها إفك وسحر مجمع * ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد
تداعى لها من ليس فيا بقرقر * فطائرها في رأسها يتردد (80)

وكانت كفاءً وقعة بأثيمةٍ * ليقطع منها ساعد ومقلد
ويظعن أهل المكتين فيهربوا * فرائصهم من خشية الشر ترعد
ويترك حراك يقلب أمره * أيتهم فيها عند ذاك وينجد (81)
وتصعد بين الاخشبين كتيبة * لها حدج سهم وقوس ومرهد (82)
فمن ينش من حضار مكة عزه * فعرتنا في بطن مكة أتلد (83)
نشأنا بها والناس فيها قلائل * فلم تنفك نزداد خيراً ونحمد
ونطعم حتى يترك الناس فضلهم * إذا جعلت أيدي المفيضين ترعد (84)
جزى الله رهطاً بالحجون تتابعوا (85) * على ملأ يهدي لحزم ويرشد
قعوداً لدى خطم الحجون كأنهم * مقاولة (86) بل هم أعز وأمجد
أعان عليها كل صقر كأنه * إذا ما مشى في رفرف الدرع أحرد (87)
ألا إن خير الناس نفساً ووالداً * إذا عد سادات البرية أحمد
نبي الإله والكريم بأصله * وأخلاقه وهو الرشيد المؤيد
جريء على جلى الخطوب كأنه * شهاب بكفي قابس يتوقد (88)
من الأكرمين من لؤي بن غالب * إذا سيم خسفاً وجهه يتربد (89)
طويل النجاد (90) خارج نصف ساقه * على وجهه يسقى الغمام ويسعد
عظيم الرماد سيد ابن سيدٍ * يحض على مقرى الضيوف ويحشد
ويبني لأبناء العشيرة صالحاً * إذا نحن طفنا في البلاد ويمهد
ألظ (91) بهذا الصلح كل مبراً * عظيم اللواء أمره ثم يحمد
قضوا ما قضوا في ليلهم ثم اصبحوا * على مهل وسائر الناس رقد
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضياً * وسر أبو بكر بها ومحمد (92)
متى شرك الأقوام في جل أمرنا * وكنا قديماً قبلها نتودد
وكنا قديماً لا نقر ظلامةً * وندرك ما شئنا ولا نتشدد
فيال قصي هل لكم في نفوسكم * وهل لكم فيها يجيء به غد
فأني وإياكم كما قل قائل * لديك البيان لو تكلمت أسود (93)

طبقات ابن سعد (1 / 173، 192)، سيرة ابن هشام 51 / 399 ـ 404)، عيون الاخبار لابن قتيبة (2 / 151)، تاريخ اليعقوبي (2 / 22)، الاستيعاب ترجمة سهل بن بيضاء (2 / 570)، صفة الصفوة (1 / 35)، الروض الانف (1 / 331) خزانة الأدب للبغدادي (1 / 252)، تاريخ ابن كثير (3 / 84، 95 / 97)، عيون الأثر (1 / 127)،
الخصائص الكبرى (1 / 151)، ديوان ابي طالب (ص13)، السيرة الحلبية (1 / 357 ـ 367)، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية (1 / 286 ـ 290)، طلبة الطالب (ص 9، 15، 44)، أسنى المطالب (ص 11 ـ 13) (94).
وذكر ابن الأثير قصة الصحيفة في الكامل (95) (2 / 36) فقال: قال أبو طالب في أمر الصحيفة وأكل الأرضة ما فيها من ظلم وقطيعة رحمٍ أبياتاً، منها:
وقد كان في أمر الصحيفة عبرة * متى ما يخبر غائب القوم يعجب
محا الله منها كفرهم وعقوقهم * وما نقموا من ناطق الحق معرب
فأصبح ما قالوا من الأمر باطلاً * ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب

13ـ وصية ابي طالب عند موته:
عن الكلبي قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جمع إليه وجوه قريش فأوصاهم فقال: يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه وقلب العرب، فيكم السيد المطاع، وفيكم المقدام الشجاع، الواسع الباع، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيباً إلا أحرزتموه، ولا شرفاً إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب وعلى حربكم إلب، وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية ـ يعني الكعبة ـ فإن فيها مرضاة للرب، وقواماً للمعاش، وثباتاً للوطأة، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها فإن صلة الرحم منسأة في الأجل، وزيادة في العدد، واتركوا البغي والعقوق ففيها هلكة القرون قبلكم، أجيبوا الداعي، وأعطوا السائل فإن فيهما شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث، وأداء الأمانة، فإن فيهما محبة في الخاص، ومكرمة في العام.
وإني أوصيكم بمحمد خيراً فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاءنا بأمر قبله الجنان، وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأني أنظر الى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته، وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً، ودورها خراباً، وضعفاؤها أرباباً، وإذا أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له فؤادها، وأعطته قيادها، دونكم يا معشر قريش ابن أبيكم، كونوا له ولاةً ولخزبه حماةً، والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ أحد بهديه إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة، وفي اجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدافعت عنه الدواهي.
الروض الأنف (1 / 259)، المواهب (1 / 72)، تاريخ الخميس (1 / 339)، ثمرات الأوراق هامش المستطرف (2 / 9)، بلوغ الإرب (1 / 327)، السيرة الحلبية (1 / 375) السيرة لزيني دحلان هامش الحلبية (1 / 93)، أسنى المطالب (ص 5) (96).
قل الأميني: في هذه الوصية الطافحة بالإيمان والرشاد دلالة واضحة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما أرجأ تصديقه باللسان إلى هذه الآونة التي يئس فيها من الحياة حذرا شنآن قومه المستتبع لانثياله عنه، المؤدي إلى ضعف المنة (97) وتفكك القوى، فلا يتسنى له حينئذ الذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن الإيمان به مستقراً في الجنان من أول يومه، لكنه لما شعر بأزوف الأجل وفوات الغاية المذكورة أبدى ما أجنته أضالعه (98) فأوصى بالنبي صلى الله علية وآله وسلم بوصيته الخالدة.

14ـ وصية أبي طالب لبني أبيه:
أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (99): أن أبا طالب حضرته الوفاة دعا بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد، وما اتبعتم أمره، فاتبعوه وعينوه ترشدوا.
وفي لفظ: يا معشر بني هاشم أطيعوا محمداً وصدقوه تفلحوا وترشدوا.
وتوجد هذه الوصية (100) في تذكرة السبط (ص 5)، الخصائص الكبرى (1 / 87)، السيرة الحلبية (1 / 372، 375)، سيرة زيني دحلان هامش الحلبية (1 / 92، 293)، أسنى المطالب (ص 10). و رأى البرزنجي هذا الحديث دليلاً على إيمان أبي طالب ونعما هو، قال: قلت: جدا أن يعرف أن الرشاد في اتباعه ويأمر غيره بذلك ثم يتركه هو.
قال الأميني: ليس في العقل السليم مساغ للقول بأن هذه المواقف كلها لم تنبعث عن خضوع أبي طالب للدين الحنيف وتصديقه للصادع به صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فماذا الذي كان يجدوه إلى مخاشنة قريش ومقاساة الأذى منهم وتعكير الصفو من حياته لا سيما أيام كان هو والصفوة من فئته في الشعب، فلا حياة هنيئة، ولا عيش رغداً، ولا أمن يطمأن به، ولا خطر مدروءاً، يتحمل الجفاء والقطيعة والقسوة المؤلمة من قومه، فماذا الذي أقدمه على هذه كلها؟ وماذا الذي حصره وحبسه في الشعب عدة سنين تجاه أمر لا يقول بصدقه ولا يخبت إلى حقيقته؟ لاها الله لم يكن كل ذلك إلا عن إيمان ثابت، وتصديق وتسليم وإعان بما جاء به نبي الإسلام، يظهر ذلك للقارئ المستشف لجزئيات كل من هذه القصص، ولم تكن القرابة والقومية بمفردها تدعوه إلى مقاساة تلكم المشاق كما لم تدع أبا لهب أخاه، وهب أن القرابة تدعوه الى الذب عنه صلى الله عليه وآله وسلم لكنها لا تدعوا إلى المصارحة بتصديقه وأن ما جاء به حق، وأنه نبي كموسى خط في أول الكتب، وأن من اقتص اثره فهو المهتدي، وأن الضال من ازور عنه وتخلف، إلى أمثل ذلك من مصارحات قالها بملء فمه، ودعا إليه صلى الله عليه وآله وسلم فيها بأعلى هتافه.

15ـ حديث عن أبي طالب:
ذكر ابن حجر في الإصابة (4 / 116) من طريق إسحاق بن عيسى الهاشمي عن أبي رافع قال: سمعت أبا طالب يقول: سمعت ابن أخي محمد بن عبد الله يقول: إن ربه بعثه بصلة الأرحام وأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه غيره ومحمد الصدوق الأمين.
وذكره السيد زيني دحلان في أسنى المطالب (1) (ص 6) وقال: أخرجه الخطيب، وأخرجه السيد فخار بن معد في كتاب الحجة (2) (ص 26) من طريق الحافظ أبي نعيم الإصبهاني، وبإسناد آخر من طريق أبي الفرج الاصبهاني، وروى الشيخ إبراهيم الحنبلي في نهاية الطلب عن عروة الثقفي قال: سمعت أبا طالب رضي الله عنه يقول: حدثني بن أخي الصادق الأمين وكان والله صدوقاً: إن ربه أرسله بصلة الأرحام، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة وكان يقول: اشكر ترزق، ولا تكفر تعذب.

__________

(1) في النسخة المطبوعة من متشابهات القرآن تصحيف وتحريف في الأبيات. راجع: 2 / 65. (المؤلف).
(2) قلص القوم: اجتمعوا فساروا. قلصت الناقة: استمرت في مضيها. تقلص: انضم وانزوى، تدانى.
(المؤلف)
(3) مصالت: الماضي في الحوائج. الصلت الجبين: الواضح. نجد جمع النجد: الضابط للأمور يذلل المصاعب. الشجاع الماضي فيما يعجز غيره. سريع الإجابة إلى ما دعي إليه. (المؤلف)
(4) في الموضعين في رواية: طبة. بالموحدة مؤنث الطب بفتح الطاء. الناحية. (المؤلف)
(5) في الديوان: على شرف من المرصاد.
(6) وفي رواية:
قوم يهود قد رأوا ما قد رأوا * ظل الغمامة ناغري الأكباد
(المؤلف)
(7) كذا في تهذب تاريخ دمشق: 1 / 272، وفي الديوان: وثنى بحيراء زبيراً فانثنى…
(8) كذا في تهذيب تاريخ دمشق، وفي الديوان والروض الأنف: كرام، بدلاً من حرام.
(9) في الديوان والروض الأنف، مواسين بدلاً من: مواسير.
(10) العرام: الشراسة والأذى. (المؤلف)
(11) دريس، وتمام، وزبير ـ في بعض النسخ: زدير. أحبار من اليهود. (المؤلف)
(12) ديوان أبي طالب: ص 89 ـ 90.
(13) تاريخ مدينة دمشق: 3 / 12 ـ 14.
(14) الروض الأنف: 2 / 227.
(15) الخصائص الكبرى: 1 / 144.
(16) مختصر تاريخ دمشق: 2 / 161 ـ 162.
(17) القزعة: القطعة من السحاب. (المؤلف)  
(18) إرشاد الساري: 3 / 27، المواهب اللدنية: 1 / 184، الخصائص الكبرى: 1 / 146، 208، السيرة الحلبية: 1 / 116، السيرة النبوية: 1 / 43.
(19) الملل والنحل: 2 / 249.
(20) كفاية الطالب: ص 406.
(21) راجع الطرائف لسيدنا ابن طاووس: ص 85 (ص 302 ـ 303 ح 388)، وضياء العالمين لشيخنا أبي الحسن الشريف (المؤلف)
(22) الصلت: الشديد.  
(23) الطبقات الكبرى: 1 / 202 ـ 203.
(24) راجع الطرائف لسيدنا ابن طاووس: ص 85 (ص 303 ح 389). (المؤلف)
(25) في تاج العروس: 3 / 272: فإني والسوابح كل يوم. وفي ص 320: فإني والضوابح كل يوم. (المؤلف)
(26) السفاسرة: أصحاب الأسفار وهي الكتب. الشهور: العلماء جمع الشهر. كذا فسر البيت كما في تاج العروس: 3 / 272ن 320. (المؤلف)
(27) الأنف: السيد. (المؤلف)
(28) بحار الأنوار: 35: 149 ح 85.
(29) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص 254.
(30) راجع ما اسلفناه: ص 334. (المؤلف)
(31) مر حديثها في الجزء الثاني: ص 278. (المؤلف)
(32) الصبأ: الخروج من دين إلى دين آخر. (المؤلف)
(33) الكامل لابن الأثير: 2 / 24 (1 / 486). (المؤلف)
(34) الملل والنحل للشهرستاني هامش الفصل: 3 / 224 (2 / 249)، الدرج المنيفة للسيوطي: ص 15 مسالك الحنفاء: ص 37. (المؤلف)
(35) طبقات ابن سعد طبع مصر رقم التسلسل ص 665 (2 / 151)، تاريخ الطبري: (3 / 76 حوادث سنة 8هـ). (المؤلف)
(36) مسالك الحنفاء للسيوطي: ص 40، الدرج المنيفة ص 14. (المؤلف)
(37) الكامل في التاريخ: 1 / 487.
(38) في المصدر: السوأة.
(39) السيرة الحلبية: 1 / 285.
(40) الكبس: البيت الصغير.
(41) التاريخ الكبير: 7 / 50 رقم 230.
(42) البداية والنهاية: 3 / 55.
(43) الطبقات الكبرى: 1 / 187.
(44) يألو: يقصر. (المؤلف).
(45) النهاية: 3 / 319.
(46) الفائق: 3 / 37.
(47) لسان العرب: 9 / 469.
(48) السيرة النبوية: 1 / 263، تاريخ الأمم والملوك: 2 / 313، عيون الأثر: 1 / 125، أسنى المطالب: ص 17.
(49) شرح نهج البلاغة: 14 / 75 كتاب 9.
(50) ديوان أبي طالب: ص 94 ـ 95.
(51) الأوائل: ص 75.
(52) أسد الغابة: 1 / 341 رقم 759.
(53) شرح نهج البلاغة: 14 / 76 كتاب 9.
(54) السيرة الحلبية: 1 / 269.
(55) أسنى المطالب: ص 10 و 17.
(56) في بعض المصادر: تترى (المؤلف).
(57) في المصادر مخطوطة عتيقة: كل حي وإن تطاول عمرا. (المؤلف)
(58) شرح نهج البلاغة: 14 / 64 كتاب 9.
(59) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص 275.
(60) الجامع لأحكام القرآن: 6 / 216.
(61) الغدير: 8 / 11 ـ 36.
(62) حدب: عطف عليه ومنع له. (المؤلف)
(63) البكر: الفتي من الإبل. (المؤلف)
(64) الخور جمع أخور: الضعيف. حبحاب بالمهملتين: القصير. ويروى بالجيمين المعجمتين: الكثير الكلام. ويروى بالخاء المعجمة ومعناه: الضعيف. (المؤلف)
(65) الفيفاء: الأرض القفر. وبر: دويبة على قدر الهرة. (المؤلف)
(66) تجرجما: سقطا وانحدرا، يقال: تجرجم الشيء إذا سقط. ذو علق: جبل في ديار بني أسد. (المؤلف)
(67) يرس له ذكر ذكراً خفيفاً. رس الحديث: حدث به في خفاء. (المؤلف)
(68) في سيرة ابن هشام: 1 / 287: إذ بغي النصر.
(69) شفر. أحد. يقال: ما بالدار شفر، أي ما بها أحد. (المؤلف)
(70) المدثر: 11.
(71) الروض الأنف: 1 / 173 (3 / 62)، تفسير البيضاوي: 2 / 562 (2 / 542)، الكشاف: 3 / 230 (4 / 647)، تاريخ ابن كثير: 4 / 443 (3 / 78) تفسير الخازن: 4 / 345 (4 / 328). (المؤلف)
(72) سرها وصميمها: خالصها وكريمها. قال: فلان من سر قومه. أي: من خيارهم ولبابهم وأشرافهم. (المؤلف)
(73) طاشت حلومها: ذهبت عقولها. (المؤلف)
(74) ثنوا: عطفوا. صعر جمع أصعر: المائل. يقال: صعر خده. أي أماله الى جهة كما يفعل المتكبر. (المؤلف)
(75) انتعش: ظهرت فيه الخضرة. الذواء: اليابس. الأكناف: النواحي. الأرومة: الأصل. (المؤلف)
(76) السيرة النبوية: 1 / 282 ـ 288، الطبقات الكبرى: 1 / 202، تاريخ الأمم والملوك: 2 / 322 ـ 328، ديوان أبي طالب: ص 72، الروض الأنف: 3 / 48ن 60، شرح نهج البلاغة: 14 / 53 ـ 55 كتاب 9، البداية والنهاية: 2 / 148، 317، ج 3 / 56، 64، 65، عيون الأثر: 1 / 131 ـ 133، السيرة الحلبية: 1 / 287، أسنى المطالب: ص 28.
(77) الخبط: الورق المتساقط من الشجر.  
(78) يريد به من كان هاجر من المسلمين إلى الحبشة في البحر. (المؤلف)
(79) أرود: أرفق. (المؤلف)
(80) القرقر: اللين السهل. وقال السهيلي: من ليس فيها بقرقر: أي ليس بذليل وطائرها: أي حظها من الشؤم والشر، وفي التنزيل (ألزمناه طائره في عنقه)الإسراء: 13. (المؤلف)
(81) الحراث: المكتسب. يتهم: يأتي تهامة. ينجد: يأتي نجداً. (المؤلف)
(82) الأخشبان: جبلان بمكة. المرهد: الرمح للين. (المؤلف)
(83) ينش: أي ينشأ بحذف الهمزة على غير قياس. أتلد: أقدم. (المؤلف)
(84) المفيضين: الضاربون بقداح الميسر. يريد سلام الله عليه: أنهم يطعمون إذا بجل الناس. (المؤلف)
(85) في سيرة ابن هشام: تبايعوا. والمقصود بهم الأشخاص الذين سعوا في نقض الصحيفة التي تعاهدت فيها قريش على مقاطعة بني هاشم.
(86) المقاولة: الملوك. (المؤلف)
(87) رفرف الدرع: ما فضل منها. أحرد: بطيء المشي لثقل الدرع. (المؤلف)
(88) وفي رواية:
حزيم على جل الأمور كأنه * شهاب بكفي قابس يتوقد
(المؤلف)
(89) سيم ـ بالبناء للمجهول ـ: كلف. الخسف: الذل. يتربد: يتغير إلى السواد. (المؤلف)
(90) النجاد: حمائل السيف. (المؤلف)
(91) ألظ: ألح ولزم. (المؤلف)
(92) ذكر الشطر الثاني في الديوان هكذا: وسر إمام العالمين محمد. وسهل بن بيضاء صحابي أسلم بمكة وأخفى إسلامه، وهو الذي مشى الى النفر الذين قاموا في شأن الصحيفة، حتى اجتمع له منهم عدة تبرروا منها وأنكروها.
(93) أسود: جبل، قتل فيه قتيل فلم يعرف قاتله، فقال أولياء المقتول: لديك البيان لو تكلمت أسود. فذهب مثلاً. توجد في ديوان أبي طالب (ص 46 و 96) أبيات من هذه القصيدة غير ما ذكر لم نجدها في غيره. (المؤلف)
(94) الطبقات الكبرى: 1 / 188، 208، السيرة النبوية: 2 / 14 ـ 19، تاريخ اليعقوبي: 2 / 31، الاستيعاب: القسم الثاني / 660 رقم 1080، صفة لصفوة: 1 / 98 رقم 1، الروض الأنف: 3 / 341، خزانة الأدب: 2 / 57، البداية والنهاية: 3 / 106، 121، 122، عيون الأثر: 1 / 165،الخصائص الكبرى: 2491، ديوان أبي طالب: 45 ـ 46، السيرة الحلبية 1 / 337 ـ 345، السيرة النبوية: 1 / 137، أسنى المطالب: ص 19 ـ 22.
(95) الكامل في التاريخ: 1 / 504 ـ 507.
(96) الروض الأنف: 4 / 30، المواهب اللدنية: 1 / 265، تاريخ الخميس: 1 / 300، ثمرات الأوراق: ص 294، السيرة الحلبية: 1 / 352، السيرة النبوية: 1 / 45، أسنى المطالب: ص 11.
(97) المنة: القوة.
(98) أجنه: أخفاء وستره.
(99) الطبقات الكبرى: 1 / 123.
(100) تذكرة الخواص: ص 8، الخصائص الكبرى: 1 / 147، السيرة الحلبية: 1 / 352، السيرة النبوية: 1 / 45 و 140، أسنى المطالب: ص 17.
(101) أسنى المطالب: ص 15.
(102) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص 135.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page