• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أبو طالب في الذكر الحكيم


أبو طالب في الذكر الحكيم

لقد أغرق القوم نزعا في الوقيعة والتحامل علي بطل الاسلام والمسلم الاول بعد ولده البار، وناصر دين الله الوحيد، فلم يقنعهم ما اختلقوه من الاقاصيص حتى عمدوا الى كتاب الله فحرفوا الكلم عن مواضعه، فافتعلوا في آيات ثلاث أقاويل نأت عن الصدق، وبعدت عن الحقيقة بعد المشرقين، وهي عمدة ما استند اليه القوم في عدم تسليم ايمان أبي طالب، فاليك البيان:
الاية الاولي
قوله تعالى: (وهم ينهون عنه وينأون عنه وان يهلكون الا أنفسهم وما يشعرون) (1).
أخرج الطبري وغيره من طريق سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس أنه قال: انها نزلت في أبي طالب، ينهى عن أذى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يؤذي، وينأى أن يدخل في الاسلام (2).
وقال القرطبي: هو عام في جميع الكفار، أي ينهون عن اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم وينأون عنه، عن ابن عباس والحسن. وقيل: هو خاص بأبي طالب ينهى الكفار عن أذاية محمد صلى الله عليه وآله وسلم ويتباعد عن الايمان به، عن ابن عباس أيضا. روى أهل السير قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج الى الكعبة يوما وأراد أن يصلي، فلما دخل في الصلاة قال أبو جهل ـ لعنه الله: من يقوم الى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري فأخذ فرثا ودما فلطخ به وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فانفتل النبي صلى الله عليه وآله وسلم من صلاته، ثم أتى أبا طالب عمه فقال: يا عم ألا ترى الى ما فعل بي؟» فقال أبو طالب: من فعل هذا بك؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «عبد الله بن الزبعري»، فقام أبو طالب ووضع سيفه على عاتقه ومشى معه حتى أتى القوم، فلما رأوا أبا طالب قد أقبل جعل القوم ينهضون، فقال أبو طالب: والله لئن قام رجل لجللته بسيفي. فقعدوا حتى دنا اليهم، فقال: يا بني من الفاعل بك هذا ؟ فقال: عبد الله بن الزبعري». فأخذ أبو طالب فرثا ودما فلطخ به وجوههم ولحاهم وثيابهم وأساء لهم القول، فنزلت هذه الاية: (وهم ينهون عنه وينأون عنه) فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا عم نزلت فيك آية. قال: وما هي؟ قال تمنع قريشا أن تؤذيني، وتأبي أن تؤمن بي. فقال أبو طالب:
والله لن يصلوا اليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا
الي آخر الابيات التي أسلفناها (7 / 334، 352) فقالوا: يا رسول الله هل تنفع نصرة أبي طالب (3) ؟ قال: نعم دفع عنه بذاك الغل، ولم يقرن مع الشياطين، ولم يدخل في جب الحيات والعقارب، انما عذابه في نعلين من نار [في رجليه] (4)) يغلي منهما دماغه في رأسه، وذلك أهون أهل النار عذابا(5).
قال الاميني: نزول هذه الاية في أبي طالب باطل لا يصح من شتى النواحي:
1 ـ ارسال حديثه بمن بين حبيب بن أبي ثابت وابن عباس، وكم وكم غير ثقة في أناس رووا عن ابن عباس، ولعل هذا المجهول أحدهم.
2 ـ ان حبيب بن أبي ثابت انفرد به ولم يروه أحد غيره ولا يمكن المتابعة على ما يرويه، ولو فرضناه ثقة في نفسه بعد قول ابن حبان (6) انه كان مدلسا. وقول العقيلي(7) غمزه ابن عون وله عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها. وقول القطان: له غير حديث عن عطاء لا يتابع عليه وليست بمحفوظة. وقول الاجري عن أبي داود: ليس لحبيب عن عاصم بن ضمرة شيء يصح، وقول ابن خزيمة: كان مدلسا (8).
ونحن لا نناقش في السند بمكان سفيان الثوري، ولا نؤاخذه بقول من قال: انه يدلس ويكتب عن الكذابين (9).
3 ـ ان الثابت عن ابن عباس بعدة طرق مسندة يضاد هذه المزعمة، ففيما رواه الطبري وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي بن أبي طلحة وطريق العوفي عنه أنها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن محمد أن يؤمنوا به، وينأون عنه يتباعدون عنه (10).
وقد تأكد ذلك ما أخرجه الطبري وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وعبد بن حميد من طريق وكيع عن سالم عن ابن الحنفية، ومن طريق الحسين بن الفرج عن أبي معاذ، ومن طريق بشر عن قتادة.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة والسدي والضحاك، ومن طريق أبي نجيح عن مجاهد، ومن طريق يونس عن ابن زيد قالوا: ينهون عن القرآن وعن النبي، وينأون عنه يتباعدون عنه (11).
وليس في هذه الروايات أي ذكر لابي طالب، وانما المراد فيها الكفار الذين كانوا ينهون عن اتباع رسول الله أو القرآن، وينأون عنه بالتباعد والمناكرة، وأنت جد عليم بأن ذلك كله خلاف ما ثبت من سيرة شيخ الابطح الذي آواه ونصره وذب عنه ودعا اليه الى آخر نفس لفظه.
4ـ ان المستفاد من سياق الاية الكريمة أنه تعالى يريد ذم أناس أحياء ينهون عن اتباع نبيه ويتباعدون عنه، وان ذلك سيرتهم السيئة التي كاشفوا بها رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم وهم متلبسون بها عند نزول الاية، كما هو صريح ما أسلفناه من رواية القرطبي وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أبا طالب بنزول الاية.
لكن نظرا الى ما يأتي عن الصحيحين فيما زعموه من أن قوله تعالى في سورة القصص: (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) نزلت في أبي طالب بعد وفاته. لا يتم نزول آية ينهون عنه وينأون النازلة في أناس أحياء في أبي طالب، فان سورة الانعام التي فيها الاية المبحوث عنها نزلت جملة واحدة (12) بعد سورة القصص بخمس سور كما في الاتقان (13) (1، 17) فكيف يمكن تطبيقها على أبي طالب وهو رهن أطباق الثرى، وقد توفي قبل نزول الاية ببرهة طويلة؟
5 ـ ان سياق الايات الكريمة هكذا: (ومنهم من يستمع اليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى اذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا ان هذا الا أساطير الاولين ں وهم ينهون عنه وينأون عنه وان يهلكون الا أنفسهم وما يشعرون) (14).
وهو كما ترى صريح بأن المراد بالايات كفار جاؤوا النبي فجادلوه وقذفوا كتابه المبين بأنه من أساطير الاولين، وهؤلاء الذين نهوا عنه صلى الله عليه وآله وسلم وعن كتابه الكريم، ونأوا وباعدوا عنه، فأين هذه كلها عن أبي طالب، الذي لم يفعل كل ذلك طيلة حياته، وكان اذا جاءه فلكلاءته والذب عنه بمثل قوله:
والله لن يصلوا اليك بجمعهم * حتي أوسد في التراب دفينا
وان لهج بذكره نوه برسالته عنه بمثل قوله:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * رسولا كموسى خط في أول الكتب
وان قال عن كتابه هتف بقوله:
أو يؤمنوا بكتاب منزل عجب * على نبي كموسى أو كذي النون
وقد عرف ذلك المفسرون فلم يقيموا للقول بنزولها في أبي طالب وزنا، فمنهم من عزاه الى القيل، وجعل آخرون خلافه أظهر، ورأى غير واحد خلافه أشبه، واليك جملة من نصوصهم:
قال الطبري في تفسيره (15) (7 / 109) المراد المشركون المكذبون بآيات الله ينهون الناس عن اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم والقبول منه وينأون عنه ويتباعدون عنه. ثم رواه من الطرق التي أسلفناها عن ابن الحنفية وابن عباس والسدي وقتادة وأبي معاذ، ثم ذكر قولا آخر بأن المراد ينهون عن القرآن أن يسمع له ويعمل بما فيه، وعد ممن قال به قتادة ومجاهد وابن زيد، ومرجع هذا الى القول الاول، ثم ذكر القول بنزولها في أبي طالب وروى حديث حبيب ابن أبي ثابت عمن سمع ابن عباس وأردفه بقوله في (ص 110):
وأولى هذه الاقوال بتأويل الاية قول من قال: تأويل وهم ينهون عنه عن اتباع محمد صلى الله عليه وآله وسلم من سواهم من الناس وينأون عن اتباعه، وذلك أن الايات قبلها جرت بذكر جماعة المشركين العادين به والخبر عن تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاعراض عما جاءهم به من تنزيل الله ووحيه، فالواجب أن يكون قوله: (وهم ينهون عنه) خبرا عنهم، اذ لم يأتنا ما يدل على انصراف الخبر عنهم الى غيرهم، بل ما قبل هذه الاية وما بعدها يدل على صحة ما قلنا من أن ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون أن يكون خبرا عن خاص منهم، واذ كان ذلك كذلك فتأويل الاية: وان ير هؤلاء المشركون يا محمد كل آية لا يؤمنوا [بها] (16)) حتى اذا جاؤوك يجادلونك يقولون ان هذا الذي جئتنا به الا أحاديث الاولين وأخبارهم، وهم ينهون عن استماع التنزيل وينأون عنك، فيبعدون منك ومن اتباعك، وان يهلكون الا أنفسهم. انتهى.
وذكر الرازي في تفسيره (17) (4 / 28) قولين: نزولها في المشركين الذين كانوا ينهون الناس عن اتباع النبي والاقرار برسالته. ونزولها في أبي طالب خاصة، فقال: والقول الاول أشبه لوجهين:
الاول: أن جميع الايات المتقدمة على هذه الاية تقتضي ذم طريقتهم فكذلك قوله: (وهم ينهون عنه) ينبغي أن يكون محمولا على أمر مذموم، فلو حملناه على ان أبا طالب كان ينهى عن ايذائه لما حصل هذا النظم.
والثاني: إنه تعالى بعد ذلك: (وإن يهلكون إلا أنفسهم) يعني به ما تقدم ذكره، ولا يليق ذلك بأن يكون المراد من قوله وهم ينهون عنه النبي عن أذيته، لان ذلك حسن لا يوجب الهلاك.
فإن قيل: إن قوله: (وان يهلكون الا أنفسهم) يرجع الى قوله: (وينئون عنه) لا إلى قوله: (وينهون عنه). لأن المراد بذلك أنهم يبعدون عنه بمفارقة دينه وترك الموافقة له ذلك ذم فلا يصح ما رجحتم به هذا القول قلنا: إن ظاهر قوله: (وإن يهلكون إلا أنفسهم) يرجع الي كل ما تقدم ذكره لانه بمنزلة أن يقال: ان فلانا يبعد عن الشيء الفلاني وينفر عنه ولا يضر بذلك الا نفسه، فلا يكون هذا الضرر متعلقا بأحد الامرين دون الاخر. انتهى.
وذكر ابن كثير في تفسيره (2/127» القول الاول نقلا عن ابن الحنفية وقتادة ومجاهد والضحاك وغير واحد، فقال: وهذا القول أظهر والله أعلم، وهو اختيار ابن جرير.
وذكر النسفي في تفسيره(18)) بهامش تفسير الخازن (2 / 10) القول الاول ثم قال: وقيل: عني به أبو طالب: والاول أشبه.
وذكر الزمخشري في الكشاف (19) (1/448) والشوكاني في تفسيره (20) (2/103) وغيرهما القول الاول وعزوا القول الثاني الى القيل، وجاء الالوسي(21)) وفصل في القول الاول ثم ذكر الثاني وأردفه بقوله: ورده الامام. ثم ذكر محصل قول الرازي.
وليت القرطبي لما جاءنا يخبط في عشواء وبين شفتيه رواية التقطها كحاطب ليل دلنا على مصدر هذا الذي نسجه، ممن أخذه؟ والى من ينتهي اسناده؟ ومن ذا الذي صافقه على روايتها من الحفاظ؟ وأي مؤلف دونه قبله، ومن الذي يقول: ان ما ذكره من الشعر قاله أبو طالب يوم ابن الزبعري؟ ومن الذي يروي نزول الاية يوم ذلك؟ وأي ربط وتناسب بين الاية واخطارها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أبي طالب وبين شعره ذاك؟ وهل روي قوله في هذا النسيج: يا عم نزلت فيك آية. غيره من أئمة الحديث ممن هو قبله أو بعده؟ وهل وجد القرطبي للجزء الاخير من روايته مصدرا غير تفسيره؟ وهل أطل علي جب الحيات والعقارب فوجده خاليا من أبي طالب؟ وهل شد الاغلال وفكها هو ليعرف أن شيخ الابطح لا يغل بها؟ أم أن مدركه في ذلك الحديث النبوي؟ حبذا لو صدقت الاحلام، وعلى كل فهو محجوج بكل ما ذكرناه من الوجوه.

الاية الثانية والثالثة
1 ـ قوله تعالي: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) (22).
2 ـ قوله تعالي: (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) (23).
أخرج البخاري في الصحيح في كتاب التفسير في القصص (24) (7/ 184) قال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبدالله بن أبي أمية بن المغيرة فقال: أي عم قل: لا اله الا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله. فقال أبو جهل وعبدالله بن أبي أمية: أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعرضها عليه ويعيدانه بتلك المقالة، حتى قال أبو طالب آخر ما تكلم (25) على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا اله الا الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والله لاستغفرن لـك ما لم أنه عنك. فأنزل الل ه: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين). وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء).
وفي مرسلة الطبري (26): فنزلت: (ما كان للنبي) الاية. ونزلت: (انك لا تهدي من أحببت).
وأخرجه مسلم في صحيحه (27)) من طريق سعيد بن المسيب، وتبع الشيخين جل المفسرين لحسن ننهم بهما وبالصحيحين.
مواقع النظر في هذه الرواية:
1 ـ ان سعيدا الذي انفرد بنقل هذه الرواية كان ممن ينصب العداء لامير المؤمنين علي عليه السلام فلا يحتج بما يقوله أو يتقوله فيه وفي أبيه وفي آله وذويه، فان الوقيعة فيهم أشهى مأكلة له، قال ابن أبي الحديد في الشرح (28) (1 / 370): وكان سعيد بن المسيب منحرفا عنه عليه السلام، وجبهه عمر بن علي عليه السلام في وجهه بكلام شديد، روى عبد الرحمن بن الاسود عن أبي داود الهمداني قال: شهدت سعيد بن المسيب وأقبل عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له سعيد: يابن أخي ما أراك تكثر غشيان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما يفعل أخوتك وبنو أعمامك؟ فقال عمر: يابن المسيب أكلما دخلت المسجد أجيء، فأشهدك؟ فقال سعيد: ما أحب أن تغضب سمعت أباك يقول: ان لي من الله مقاما لهو خير لبني عبد المطلب مما على الارض من شيء. فقال عمر: وأنا سمعت أبي يقول: ما كلمة حكمة في قلب منافق فيخرج من الدنيا الا يتكلم بها. فقال سعيد: يابن أخي جعلتني منافقا؟ قال: هو ما أقول لك. ثم انصرف.
وأخرج الواقدي من أن سعيد بن المسيب مر بجنازة السجاد علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يصل عليها، فقيل له: ألا تصلي على هذا الرجل الصالح من أهل البيت الصالحين؟ فقال: صلاة ركعتين أحب الي من الصلاة على الرجل الصالح !
ويعرفك سعيد بن المسيب ومبلغه من الحيطة في دين الله ما ذكره ابن حزم في المحلي (4 / 214) عن قتادة قال: قلت لسعيد: أنصلي خلف الحجاج؟ قال: انا لنصلي خلف من هو شر منه.
2 ـ أن ظاهر رواية البخاري كغيرها تعاقب نزول الايتين عند وفاة أبي طالب عليه السلام، كما أن صريح ما ورد في كل واحدة من الايتين نزولها عند ذاك، ولا يصح ذلك لان الاية الثانية منهما مكية والاولى مدنية نزلت بعد الفتح بالاتفاق وهي في سورة براءة المدنية التي هي آخر ما نزل من القرآن (29) فبين نزول الايتين ما يقرب من عشر سنين أو يربو عليها.
3 ـ ان آية الاستغفار نزلت بالمدينة بعد موت أبي طالب بعدة سنين تربو على ثمانية أعوام، فهل كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم خلال هذه المدة يستغفر لابي طالب عليه السلام أخذا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: والله لاستغفرن لك ما لم أنه عنك؟ وكيف كان يستغفر له؟ وكان هو صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون ممنوعين عن موادة المشركين والمنافقين وموالاتهم والاستغفار لهم ـ الذي هو من أظهر مصاديق الموادة والتحابب منذ دهر طويل بقوله تعالى: (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو اخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه) الاية.
هذه آية (22) من سورة المجادلة المدنية النازلة قبل سورة براءة التي فيها آية الاستغفار بسبع سور كما في الاتقان (30) (1 / 17) أخرج: (31) ابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم، وأبو نعيم، والبيهقي، وابن كثير كما في تفسيره (4/ 329)، وتفسير الشوكاني (5/ 189)، وتفسير الالوسي (28/ 37) أن هذه الاية نزلت يوم بدر وكانت في السنة الثانية من الهجرة الشريفة، أو نزلت على ما في بعض التفاسير في أحد وكانت في السنة الثالثة باتفاق الجمهور كما قاله الحلبي في السيرة(32) فعلى هذه كلها نزلت هذه الاية قبل آية الاستغفار بعدة سنين.
وبقوله تعالى: (يا أيها آلذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطانا مبين).
هذه الاية (114) من سورة النساء وهي مكية على قول النحاس وعلقمة وغيرهما ممن قالوا: ان قوله تعالى: (يا أيها الناس) حيث وقع انما هو مكي (33) وان أخذنا بما صححه القرطبي في تفسيره (5/1) وذهب اليه الاخرون من أنها مدنية أخذا بما في صحيح البخاري(34) من حديث عائشة: ما نزلت سورة النساء الا وأنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانها نزلت في أوليات الهجرة الشريفة بالمدينة، وعلى أي من التقديرين نزلت قبل سورة آية الاستغفار ـ البراءة باحدى وعشرين سورة كما في الاتقان (35) (1 / 17).
وبقوله سبحانه: (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة).
هذه الاية (139) من سورة النساء وقد عرفت أنها نزلت قبل براءة.
وبقوله تعالي: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء الا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه والى الله المصير).
هذه الاية (28) من آل عمران، نزل صدرها الى بضع وثمانين آية في أوائل الهجرة الشريفة يوم وفد نجران كما في سيرة ابن هشام (36) (2 / 207)، وأخذا بما رواه القرطبي وغيره (37) نزلت هذه الاية في عبادة بن الصامت يوم الاحزاب كانت في الخمس من الهجرة، وعلى أي من التقديرين وغيرهما نزلت آل عمران قبل براءة ـ سورة آية الاستغفار ـ بأربع وعشرين سورة كما في الاتقان (38) (1 / 17).
وبقوله تعالى: (سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم)
وهي الاية السادسة من المنافقين نزلت عام غزوة بني المصطلق سنة ست، وهو المشهور عند أصحاب المغازي والسير كما قاله ابن كثير (39) ونزلت قبل براءة بثماني سور كما في الاتقان (1 / 17).
وبقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم واخوانكم أولياء ان استحبوا الكفر على الايمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) وبقوله تعالى: (اسستغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم).
وهذه وما قبلها الايتان (23 و 80) من سورة التوبة نزلتا قبل آية الاستغفار.
أترى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع هذه الايات النازلة قبل آية الاستغفار كان يستغفر لعمه طيلة سنين وقد مات كافرا ـ العياذ بالله ـ وهو ينظر اليه من كثب؟ لاها الله، حاشا نبي العظمة.
ولعل لهذه كلها استبعد الحسين بن الفضل نزولها في أبي طالب وقال: هذا بعيد لان السورة من آخر ما نزل من القرآن، ومات أبو طالب في عنفوان الاسلام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم بمكة، وذكره القرطبي وأقره في تفسيره (40) (8 / 273).
4 ـ إن هناك روايات تضاد هذه الرواية في مورد نزول آية الاستغفار من سورة براءة، منها:
صحيحة أخرجها (41) الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، والترمذي، والنسائي، وأبو يعلي، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الايمان، والضياء في المختارة عن علي قال: «سمعت رجلا يستغفر لابويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لابويك وهما مشركان؟ فقال: أولم يستغفر ابراهيم؟ فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فنزلت: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ان ابراهيم لاواه حليم) (42)».
يظهر من هذه الرواية أن عدم جواز الاستغفار للمشركين كان أمرا معهودا قبل نزول الاية ولذلك ردع عنه مولانا أمير المؤمنين الرجل، وقوله عليه السلام هذا لا يلائم استغفار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمه على تقدير عدم اسلامه، وترى الرجل ما استند في تبرير عمله الى استغفار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمه علما بأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستغفر لمشرك قط.
قال السيد زيني دحلان في أسنى المطالب (43) (ص 18) هذه الرواية صحيحة وقد وجدنا لها شاهدا برواية صحيحة من حديث ابن عباس رضى الله عنه قال: كانوا يستغفرون لابائهم حتى نزلت هذه الاية، فلما نزلت أمسكوا عن الاستغفار لامواتهم ولم ينهوا أن يستغفروا للاحياء حتى يموتوا ثم أنزل الله تعالى: (وما كان استغفار ابراهيم) الاية يعني استغفر له ما دام حيا فلما مات أمسك عن الاستغفار له، قال: وهذا شاهد صحيح فحيث كانت هذه الرواية أصح كان العمل بها أرجح، فالارجح أنها نزلت في استغفار أناس لابائهم المشركين لا في أبي طالب. انتهى.
ومنها: ما أخرجه (44) ـ في سبب نزول آية الاستغفار ـ مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، والنسائي، وابن ماجة عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي. فزوروا القبور فانها تذكرة الاخرة (45).
وأخرج: الطبري، والحاكم (46) وابن أبي حاتم، والبيهقي (47) عن ابن مسعود وبريدة، والطبراني (48) وابن مردويه، والطبري من طريق عكرمة عن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما أقبل من غزوة تبوك اعتمر فجاء قبر أمه فاستأذن ربه أن يستغفر لها، ودعا الله تعالى أن يأذن له في شفاعتها يوم القيامة فأبى أن يأذن فنزلت الاية (49).
وأخرج الطبري في تفسيره (50) (11 / 31) عن عطية: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها حتى نزلت: (ما كان للنبي) الى قوله: (تبرأ منه).
وروى الزمخشري في الكشاف (51) (2 / 49) حديث نزول الاية في أبي طالب، ثم ذكر هذا الحديث في سبب نزولها وأردفها بقوله: وهذا أصح لان موت أبي طالب كان قبل الهجرة وهذا آخر ما نزل بالمدينة.
وقال القسطلاني في ارشاد الساري (52) (7 / 270)، قد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الاية. رواه الحاكم (53) وابن أبي حاتم عن ابن مسعود، والطبراني (54) عن ابن عباس، وفي ذلك دلالة على تأخر نزول الاية عن وفاة أبي طالب والاصل عدم تكرار النزول.
قال الاميني: هلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلم الى يوم تبوك بعد تلكم الايات النازلة التي أسلفناها في (ص (10 ـ 12)، أنه غير مسوغ له وللمؤمنين الاستغفار للمشركين والشفاعة لهم، فجاء يستأذن ربه أن يستغفر لامه ويشفع لها؟ أو كان يحسب أن لامه حسابا آخر دون سائر البشر؟ أو أن الرواية مختلقة تمس كرامة النبي الاقدس، وتدنس ذيل قداسة أمه الطاهرة عن الشرك.
ومنها: ما أخرجه الطبري في تفسيره (55) (11 / 31) عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا نبي الله ان من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الرحم، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلي] (56) والله لاستغفرن لابي كما استغفر ابراهيم لابيه، فأنزل الله: (ما كان للنبي)، ثم عذر الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام فقال: (وما كان استغفار ابراهيم لابيه) الى قوله: (تبرأ منه).
وأخرج الطبري من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال: ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يستغفر لابيه فنهاه الله عن ذلك بقوله: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الاية. قال: فان ابراهيم قد استغفر لابيه، فنزلت: (وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة) الاية: الدر المنثور (57) (3 / 283).
وفي هاتين الروايتين نص على أن نزول الاية الكريمة في أبيه وآباء رجال من أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم لا في عمه ولا في أمه.
ومنها: ما جاء به الطبري في تفسيره (58) (11 / 33)، قال: قال آخرون: الاستغفار في هذا الموضع بمعنى الصلاة. ثم أخرج من طريق المثنى عن عطاء بن أبي رباح قال: ما كنت أدع الصلاة على أحد من أهل هذه القبلة ولو كانت حبشية حبلى من الزنا، لاني لم أسمع الله يحجب الصلاة الا عن المشركين يقول الل: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الاية.
وهذا التفسير ان صح فهو مخالف لجميع ما تقدم من الروايات الدالة على أن المراد من الاية هو طلب المغفرة كما هو الناهر المتفاهم من اللفظ.
ونفس هذا الاضطراب والمناقضة بين هذه المنقولات وبين ما جاء به البخاري مما يفت في عضد الجميع، وينهك من اعتباره، فلا يحتج بمثله ولا سيما في مثل المقام من تكفير مسلم بار، وتبعيد المتفاني دون الدين عنه.
5 ـ ان المستفاد من رواية البخاري نزول آية الاستغفار عند موت أبي طالب كما هو ناهر ما أخرجه اسحاق بن بشر وابن عساكر عن الحسن، قال: لما مات أبو طالب قال النبي: صلى الله عليه وآله وسلم ان ابراهيم استغفر لابيه وهو مشرك وأنا أستغفر لعمي حتى أبلغ، فأنزل الله (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين). الاية. يعني به أبا طالب، فاشتد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وما كان استغفار ابراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه) الدر المنثور (59) (3 / 283) وان ناقضها ما أخرجه ابن سعد وابن عساكر عن علي قال: أخبرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بموت أبي طالب فبكي فقال: اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه. ففعلت وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل جبريل عليه السلام بهذه الاية: (ما كان للنبي والذين آمنوا) الآية (60).
ولعله ناهر ما أخرجه ابن سعد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق سفيان بن عيينة عن عمر قال: لما مات أبو طالب قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمك الله وغفر لك، لا أزال أستغفر لك حتى ينهاني الله، فأخذ المسلمون يستغفرون لموتاهم الذين ماتوا وهم مشركون فأنزل الله (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) الدر المنثور (3 / 283).
لكن الامة أصفقت على أن نزول سورة البراءة التي تضمنت الاية الكريمة آخر ما نزل من القرآن كما مر في (ص 10) وكان ذلك بعد الفتح، وهي هي التي بعث بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر ليتلوها علي أهل مكة ثم استرجعه بوحي من الله سبحانه وقيض لها مولانا أمير المؤمنين فقال: «لا يبلغها عني الا أنا أو رجل مني» (61) وقد جاء في صحيحة مرت من عدة طرق في (ص ل13) من أن آية الاستغفار نزلت بعد ما أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من غزوة تبوك وكانت في سنة تسع فأين من هذه كلها نزولها عند وفاة أبي طالب أو بعدها بأيام؟ وأني يصح ما جاء به البخاري ومن يشاكله في رواية البواطيل.
6 ـ ان سياق الاية الكريمة ـ آية الاستغفار سياق نفي لا نهي فلا نص فيها على أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استغفر فنهى عنه، وانما يلتئم مع استغفاره لعلمه بايمان عمه، وبما أن في الحضور من كان لا يعرف ذلك من ظاهر حال أبي طالب الذي كان يماشي به قريشا، فقالوا في ذلك أو اتخذوه مدركا لجواز الاستغفار للمشركين، كما ربما احتجوا بفعل ابراهيم عليه السلام فأنزل الله سبحانه الاية وما بعدها من قوله تعالى: (وما كان استغفار ابراهيم) الاية. تنزيها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعذيرا لابراهيم عليه السلام، وايعازا الى أن من استغفر له النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مشركا كما حسبوه، وأن مرتبة النبوة تأبى عن الاستغفار للمشركين، فنفس صدوره منه صلى الله عليه وآله وسلم برهنة كافية على أن أبا طالب لم يكن مشركا، وقد عرفت ذلك أفذاذ من الامة فلم يحتجوا بعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لاستغفارهم لابائهم المشركين، وانما اقتصروا في الاحتجاج بعمل ابراهيم عليه السلام كما مر في صحيحة عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال: «سمعت رجلا يستغفر لابويه وهما مشركان فقلت: تستغفر لابويك وهما مشركان؟ قال: أو لم يستغفر ابراهيم؟». الحديث. راجع صفحة (12) من هذا الجزء.
ولو كان يعرف هذا الرجل أبا طالب مشركا لكان الاستدلال لتبرير عمله باستغفار نبي الاسلام له ـ ولم يكن يخفي على أي أحد أولى من استغفار ابراهيم لابيه لكنه اقتصر على ما استدل به.
7 ـ انا علي تقدير التسليم لرواية البخاري وغض الطرف عما سبق عن العباس من أن أبا طالب لهج بالشهادتين، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الحمد لله الذي هداك يا عم وما مر عن مولانا أمير المؤمنين من أنه ما مات حتى أعطى رسول الله من نفسه الرضا، وما مر من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كل الخير أرجو من ربي لابي طالب». وما مر من وصية أبي طالب عند الوفاة لقريش وبني عبد المطلب باطاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم واتباعه والتسليم لامره وأن فيه الرشد والفلاح، وأنه صلى الله عليه وآله وسلم الامين في قريش والصديق في العرب. الى تلكم النصوص الجمة في نثره وننمه، فبعد غض الطرف عن هذه كلها لا نسلم أن أبا طالب عليه السلام أبى عن الايمان في ساعته الاخيرة لقوله: على ملة عبد المطلب. ونحن لا نرتاب في أن عبد المطلب سلام الله عليه كان على المبدأ الحق، وعلى دين الله الذي ارتضاه للناس رب العالمين يومئذ، وكان معترفا بالمبدأ والمعاد، عارفا بأمر الرسالة، اللائح على أساريره نورها، الساكن في صلبه صاحبها، وللشهرستاني حول سيدنا عبدالمطلب كلمة ذكرنا جملة منها في الجزء السابع (ص 346 و 353) فراجع الملل والنحل (62) والكتب التي ألفها السيوطي (63) في آباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتي تعرف جلية الحال، فقول أبي طالب عليه السلام: على ملة عبد المطلب. صريح في أنه معتنق تلكم المبادي كلها، أضف الى ذلك نصوصه المتواصلة طيلة حياته على صحة الدعوة المحمدية.
8 ـ نظرة في الثانية من الايتين، ولعلك عرفت بطلان دلالتها على ما ارتأوه من كفر شيخ الاباطح ـ سلام الله عليه من بعض ما ذكرناه من الوجوه، فهلم معي لننظر فيها خاصة وفيما جاء فيها بمفردها، فنقول:
أولا: ان هذه الاية متوسطة بين آي تصف المؤمنين، وأخرى يذكر سبحانه فيها الذين لم يؤمنوا حذار أن يتخطفوا من مكة المعظمة، فمقتضى سياق الايات أنه سبحانه لم يرد بهذه الاية الا بيان أن الذين اهتدوا من المذكورين قبلها لم تستند هدايتهم الى دعوة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فحسب، وانما الاستناد الحقيقي الي مشيئته وارادته سبحانه على وجه لا ينتهي الى الالجاء بنحو من التوفيق، كما أن استناد الاضلال اليه سبحانه بنحو من الخذلان، وان كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيطا في تبليغ الدعوة (فان تولوا فانما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وان تطيعوه تهتدوا وما على الرسول الا البلاغ المبين) (64)). وفي الذكر الحكيم: (انما امرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها ووله كل شيء وامرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل انما أنا من المنذرين) (65)، كما أن ابليس اللعين يزين للعاصي عمله (أولو كان الشيطان يدعوهم الى عذاب السعير) (66)، (وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل) (67)، (استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله) (68) (ان الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملي لهم) (69) وقد جاء فيما أخرجه العقيلي (70) وابن عدي (71) وابن مردويه والديلمي (72) وابن عساكر وابن النجار عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (بعثت داعيا ومبلغا وليس الى من الهدي شيء، وخلق ابليس مزينا وليس اليه من الضلالة شيء) (73).
فهذه الاية الكريمة كبقية ما جاء في الذكر الحكيم من اسناد كل من الهداية والضلال اليه سبحانه كقوله تعالي:
1 ـ (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء) البقرة: 272.
2 ـ (ان تحرص على هداهم فان الله لا يهدي من يضل) النحل: 37.
3 ـ (أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين) الزخرف:40.
4 ـ (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم) النمل:81.
5 ـ (أتريدون أن تهدوا من أضل الله) النساء: 88.
6 ـ (أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون) يونس: 43.
7 ـ (من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا) الكهف:17.
8 ـ (ان الله يضل من يشاء ويهدي اليه من أناب) الرعد:27.
9 ـ (فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) ابراهيم: 4.
10 ـ (ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء) النحل: 93.

الى آيات كثيرة مما يدل على استناد الهداية والضلال الى الله تعالى على وجه لا ينافي اختيار العبد فيهما، ولذلك أسندا اليه والى مشيئته أيضا في آي أخرى كقوله تعالى:
1 ـ (فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها) يونس:108.
2 ـ (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) الكهف:29.
3 ـ (ان هو الا ذكر للعالمين ں لمن شاء منكم أن يستقيم) التكوير: 27، 28.
4 ـ (من اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فانما يضل عليها) الاسراء: 51.
5 ـ (فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل انما أنا من المنذرين) النمل:92.
6 ـ (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم) البقرة: 16.
7 ـ (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) الاعراف: 30.
8 ـ (ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين) القصص: 85.
9 ـ (ان أحسنتم أحسنتم لانفسكم وان أسأتم فلها) الاسراء: 7.
10 ـ (فان أسلموا فقد اهتدوا وان تولوا فانما عليك البلاغ) آل عمران: 20.
الى آيات أخرى، ولا مناقضة بين هذين الفريقين من الاي الكريمة بما قدمناه وبما ثبت من صحة اسناد الفعل الى الباعث تارة والى المباشر المختار أخرى.
فآيتنا هذه صاحبة البحث والعنوان من الفريق الاول، وقد سيق بيانها بعد آيات المؤمنين لافادة ما أريدت افادته من لداتها، ولبيان أن هؤلاء المذكورين من المهتدين هم على شاكلة غيرهم في اسناد هدايتهم اليه سبحانه، فلا صلة لها بأي انسان خاص أبي طالب أو غيره، وان ماشينا القوم على وجود الصلة بينها وبين أبي طالب عليه السلام فانها بمعونة سابقتها على ايمانه أدل. هكذا ينبغي أن تفسر هذه الاية غير مكترث لما جاء حولها من التافهات مما سبق ويأتي.
وثانيا: ان ما روي فيها بمفردها كلها مراسيل، فان منها: ما رواه عبد بن حميد ومسلم (74) والترمذي (75) وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه عنه قال: لما حضرت وفاة أبي طالب فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا عماه قل: لا اله الا الله، أشهد لك بها عند الله يوم القيامة، فقال: لولا أن تعيرني قريش يقولون: ما حمله عليها الا جزعه من الموت لاقررت بها عينك فأنزل الله عليه: (انك لا تهدي من أحببت) الآية (76).
كيف يرويه أبو هريرة وكان يوم وفاة أبي طالب شحاذا من متكففي دوس باليمن الكفرة، يسأل الناس الحافا، ويكتنفه البؤس من جوانبه، وما ألم بالاسلام الا عام خيبر سنة سبع من الهجرة الشريفة باتفاق من الجمهور؟ فأين كان هو من وفاة أبي طالب، وما دار هنالك من الحديث؟ فان صدق في روايته فهو راو عمن لم ينوه باسمه، وان كان تدليس أبي هريرة قد اطرد في موارد كثيرة، روي أشياء ادعى فيها المشاهدة أو دل عليها السياق لكنه لم يشاهد شيئا منها، ومن أراد الوقوف على هذه وغيرها من أمر أبي هريرة فليراجع كتاب أبو هريرة لسيدنا المصلح الشريف الحجة السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي حياه الله وبياه فقد جمع ذلك فأوعى.
ومنها: ما أخرجه ابن مردويه وغيره من طريق أبي سهل السري بن سهل بالاسناد عن عبد القدوس، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: نزلت: (انك لا تهدي من أحببت) الاية، في أبي طالب ألح عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يسلم فأبى، فأنزل الله (إنك لا تهدي)، الحديث (77).
أبو سهل السري أحد الكذابين وضاع كان يسرق الحديث كما مر في سلسلة الكذابين (5 / 231)، وعبد القدوس أبو سعيد الدمشقي أحد الكذابين كما أسلفناه في الجزء الخامس (ص 238).
وظاهر هذه الرواية كسابقتها هو المشاهدة، والاثبت على ما قاله ابن حجر في الاصابة(2 / 331): أن ابن عباس ولد قبل الهجرة بثلاث. فهو عند وفاة عمه أبي طالب كان يرضع ثدي أمه فلا يسعه الحضور في ذلك المشهد.
وان صدقت الرواية عنه ـ وأنى تصدق؟ فان ابن عباس أسند ما يقوله الى من لا نعرفه، ولعل رواة السوء حذفوه لضعفه، كما حذف غير واحد من المؤلفين أبا سهل السري وعبد القدوس ونظراءهما من أسانيد هذه الافائك سترا على عللها. والقول الفصل: ان حبر الامة لم يلهج بتلكم الخزاية، وان لهج بشيء من أمر ذلك المشهد عن أحد فأولى له أن يقول ما قاله أبوه من أنه سمع أبا طالب يشهد بالشهادتين عند وفاته (78). أو يفوه بما أسلفناه عن ابن عمه الاقدس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (79)، أو يروي ما جاء عن ابن عمه الطاهر أمير المؤمنين عليه السلام (80) أليس ابن عباس راوي ما ثبت عنه من قول أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما مر في(7 / 355): قم يا سيدي فتكلم بما تحب وبلغ رسالة ربك فانك الصادق المصدق؟
ومنها: ما أخرجه أبو سهل السري الكذاب المذكور من طريق عبد القدوس الكذاب أيضا، عن نافع، عن ابن عمر قال: (انك لا تهدي من أحببت)ا لاية. نزلت في أبي طالب عند موته، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند رأسه وهو يقول: يا عم قل لا اله الا الله أشفع لك بها يوم القيامة، قال أبو طالب: لاتعيرني نساء قريش بعدي أني جزعت عند موتي، فأنزل الله تعالي: (انك لا تهدي من أحببت) الحديث .
لعل ابن عمر لا يدعي في روايته الحضور في ذلك المحضر. وليس له أن يدعي ذلك لانه كان وقتئذ ابن سبع سنين تقريبا، فان مولده كان بعد البعثة بثلاث  ومن طبع الحال أن من هو بهذا السن لا يطلق سراحه الى ذلك المنتدى الرهيب، والمسجى فيه سيد الاباطح ويلي أمره نبي العظمة، ويحضره مشيخة قريش، فلابد من أنه سمع من يقول ذلك ممن حضر واطلع، ولا يخلو أن يكون ذلك اما ولد المتوفي وهو مولانا أمير المؤمنين والثابت عنه ما مر في الجزء السابع، أو عن بقية أولاده من طالب وجعفر وعقيل ولم ينبسوا في هذا الامر ببنت شفة، أو عن أخيه العباس وقد صح عنه ماأسلفناه في الجزء السابع، أو عن ابن أخيه الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم فقد عرفت قوله فيه فيما مر، فممن أخذ ابن عمر؟ ولماذا حذف اسمه؟ ولما شرك أبا جهل مع أبي طالب في احدى روايتيه، ولم يقل به أحد غيره؟ وهل في الرواة من تقول عليه كل ذلك؟ فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.
واعطف على هذه ما عزوه الى مجاهد وقتادة في شأن نزول الاية (81) فان مستند أقوالهما اما هذه الروايات أو أنهما سمعاها من أناس مجهولين، فمراسيل كهذه لا يحتج بها على أمر خطير مثل تكفير أبي طالب بعد ثبوت ايمانه بما صدع به الصادع الكريم وتفانيه دونه والذب عنه بالبرهنة القاطعة.
ومن التفسير بالرأي والدعوى المجردة ما عن قتادة ومن يشاكله مرسلا من تبعيض الاية بين أبي طالب والعباس، فجعل صدرها لابي طالب وذيلها للعباس (82) الذي أسلم بعد نزول الاية بعدة سنين كما هو المتسالم عليه عنه الجمهور.
وأنت تعرف بعد هذه كلها قيمة قول الزجاج: أجمع المسلمون على أنها نزلت في أبي طالب. وما عقبه به القرطبي من قوله: والصواب أن يقال: أجمع جل المفسرين على أنها نزلت في شأن أبي طالب (83). (انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به اثما مبينا) (84).

_______________________________________

(1) الأنعام: 26.
(2) طبقات ابن مسعود 1 / 105 (1 / 123)، تفسير الطبري: 7 / 110 (مج 5 / ج 7 / 173)، تفسير ابن كثير: 2 / 127، الكشاف: 1 / 448 (2 / 14)، تفسير ابن جزي: 2 / 6، تفسير الخازن: 2 / 10. (المؤلف).
(3) في المصدر: هل تنفع أبا طالب نصرته ؟
(4) الزيادة من الصدر.
(5) تفسير القرطبي: 6 / 406 (6 / 261). (المؤلف).
(6) الثقاة: 4 / 137.
(7) الضعفاء الكبير: 1 / 263 رقم 222.
(8) تهذيب التهذيب: 2 / 179 (2 / 156). (المؤلف).
(9) ميزان الاعتدال: 1 / 396 (2 / 169) رقم 3322. (المؤلف).
(10) تفسير الطبري: 7 / 109 (مج 5 / ج 7 / 172)، الدر المنثور: 3 / 8 (3 / 260 ـ 261). (المؤلف).
(11) الطبري: 7 / 109 (مج 5 / ج 7 / 172)، الدر المنثور: 3 / 8، 9 (3 / 260، 261)، تفسير الآلوسي: ج 7 / ص 126. (المؤلف).
(12) أخرجه أبو عبيده وابن المنذور والطبراني (في المعجم الكبير: 12 / 166 ح 12930) وابن مردويه والنحاس من طريق ابن عباس والطبراني وابن مردويه من طريق عبد الله بن عمر، راجع تفسير القرطبي: 6 / 382، 383 (6 / 246)، تفسير ابن كثير: 2 / 122، الدر المنثور: 3 / 2 (3 / 245)، تفسير الشوكاني: 3 / 91، 92 (2 / 96، 97). (المؤلف).
(13) الاتقان في علوم القرآن: 1 / 24، 27.
(14) الانعام: آية 25، آية 26.
(15) جامع البيان: مج 5 / ج 7 / 171 ـ 174.  
(16) من المصدر.
(17) التفسير الكبير: 12 / 189.
(18) تفسير النسفي: 2 / 8.
(19) الكشاف: 2 / 14.
(20) سطح القدير: 2 / 108.
(21) رواح المعاني: 7 / 126 ـ 127.
(22) البراءة: 113.
(23) القصص: 56.
(24) صحيح البخاري: 4 / 1788 ح 4494.
(25) في المصدر: آخر ما كلمهم.
(26) جامع البيان: مج 7 / ج 11 / 41.
(27) صحيح مسلم: 1 / 82 ح 39 كتاب الإيمان.
(28) شرح نهج البلاغة: 4: 101 الاصل 56.
(29) صحيح البخاري: 7 / 67 في آخر سورة النساء (4 / 1681 ح 4329)، الكشاف: 2 / 49 (2 / 315)، تفسير القرطبي: 8 / 273 (8 / 173)، الإتقان: 1 / 17 (1 / 27)، تفسير الشوكاني: 3 / 316 (2 / 331)، نثلا عن ابن أبي شيبة (في مصنفه: 10 / 540 ح 1262) والبخاري والنسائي (في السنن الكبرى: 6 / 353 ح 11212) وابن الضريس وابن المنذر والنحاس وأبي الشيخ وابن مردويه عن طريق البراء بن عازب. (المؤلف).
(30) الإتقان في علوم القرآن: 1 / 27.
(31) المعجم الكبير: 1 / 154 ح 360، المستدرك على الصحيحن: 3 / 296 ح 5152، حلية الأولياء 1 / 101 رقم 10، السنن الكبرى للبيهقي 9 / 27، فتح الغدير: 5 / 194.
(32) السيرة الحلبية: 2 / 216.
(33) تفسير القرطبي: 5 / 1 (5 / 3).
(34) صحيح البخاري: 7 / 300 (4 / 1910 ح 4747) في كتاب التفسير باب تأليف القرآن، وذكره القرطبي في تفسيره: 5 / 1. (المؤلف).
(35) الإتقان في علوم القرآن: 1 / 27.
(36) السيرة النبوية: 2 / 225.
(37) تفسير القرطبي: 4 / 58 (4 / 38)، تفسير الخازن: 1 / 235 (1 / 227). (المؤلف).
(38) الإتقان في علوم القرآن: 1 / 27.
(39) تفسير القرطبي: 18 / 127 (18 / 83)، تفسير ابن كثير: 4 / 369، (المؤلف).
(40) الجامع لأحكام القرآن: 8 / 173.
(41) مسند أبي داود الطيالسي: ص 20 ح 131، المصنف في الأحاديث والآثار: 10 / 522 ح 10190، مسند أحمد 1: 210 ح 1099، سنن الترمذي: 5 / 262 ح 3101، السنن الكبرى: 1 / 655 ح 2163، مسند أبي يعلى: 1 / 280 ح 335، جامع البيان: مج 7 / ج 11 / 43، المستدرك على الصحيحين: 2 / 365 ح 3289، شعب الإيمان: 7 / 41 ح 9378.
(42) التوبة: 113، 114.
(43) أسنى المطالب: ص 45.
(44) صحيح مسلم: 2 / 365 ح 106 كتاب الجنائز، مسند أحمد: 3 / 186 ح 9395، سنن أبي داود: 3 / 218 ح 3234، السنن الكبرى: 1 / 654 ح 2161، سنن ابن ماجة: 1 / 501 ح 1572.
(45) إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري: 7 / 151 (10 / 314 ح 4675)، (المؤلف).
(46) المستدرك على الصحيحن: 2 / 36 ح 3292.
(47) دلائل النبوة: 1 / 189.
(48) المعجم الكبير: 11 / 296 ح 12049.
(49) تفسير الطبري: 11 / 31 (مج 7 / ج 11 / 42)، إرشاد الساري: 7 / 270 (10 / 314 ح 4675)، الدر المنثور: 3 / 283 (4 / 302). (المؤلف).
(50) جامع البيان: مج 7 / ج 11 / 42.
(51) الكشاف: 2 / 315.
(52) إرشاد الساري: 10 / 560 ـ 561 ح 4772.
(53) المستدرك على الصحيحن: 2 / 366 ح 3292.
(54) المعجم الكبير: 11 / 296 ح 12049.
(55) جامع البيان: مج 7 / ج 11 / 43.
(56) من المصدر.
(57) الدر المنثور: 4 / 302.
(58) جامع البيان: مج 7 / ج 11 / 44.
(59) الدر المنثور: 4 / 301.
(60) طبقات ابن سعد: 1 / 105 (1 / 123)، الدر المنثور: 3 / 282 (4 / 301) نقلا عن ابن سعد وعساكر (مختصر تاريخ مدينة دمشق: 29 / 32). (المؤلف).
(61) راجع الجزء السادس من كتابنا هذا: ص 338 ـ 350. (المؤلف).
(62) الملل والنحل: 2 / 249.
(63) منها: مسالك الحنفا في والدي المصطفى، الدرج المنيفة في الآباء الشريفة، المقامة السندسية في النسبة المصطفوية، التعظيم والمنة في أن أبوي رسول الله في الجنة، نشر العلمين في إحياء الأبوين، السبل الجلية في الآباء العلية. (المؤلف).
(64) النور: 54.
(65) النمل: 91 و 92.
(66) لقمان: 21.
(67) العنكبوت: 38، النمل: 24.
(68) المجادلة: 19.
(69) محمد: 25.
(70) الضعفاء الكبير: 2 / 9 رقم 410.
(71) الكامل في ضعفاء الرجال: 3 / 39 رقم 597.
(72) الفردوس بمأثور الخطاب: 2 / 11 ح 2094.
(73) مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي، الجامع الصغير للسيوطي (1 / 487 ح 3153). (المؤلف).
(74) صحيح مسلم: 1 / 84 ح 42 كتاب الإيمان.
(75) سنن الترمذي: 5 / 318 ح 3188.
(76) الدر المنثور: 5 / 133 (6 / 428). (المؤلف).
(77) الدر المنثور: 5 / 133 (6 / 429).
(78) راجع ما أسلفناه في صحفة: 370 من الجزء السابع. (المؤلف).
(79) راجع ما مر في صفحة 373 من الجزء السابع. (المؤلف).
(80) راجع ما سبق في صفحة 379 من الجزء السابع. (المؤلف)
(81) تاريخ ابن كثير: 3 / 124 (3 / 153).(المؤلف).
(82) تفسير القرطبي: 13 / 299 (13 / 198)، الدر المنثور: 5 / 133 (6 / 429). (المؤلف)
(83) تفسير القرطبي: 13 / 299 (13 / 198). (المؤلف)
(84) النساء: 50.  


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page