• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصـل السابع :توسيعات الشفاعة عند الخليفة عمر وأتباعه

الفصـل السابع

توسيعات الشفاعة عند الخليفة عمر وأتباعه


توسيعات الشفاعة عند الخليفة عمر وأتباعه
في مصادر السنيين اتجاه يقول بتوسيع الشفاعة أكثر من القدر المتفق عليه بين الجميع ، وهو اتجاه خطير ، لأنه يلغي قانون العقوبة الإلهية جزئياً أو كلياً ! وهو أربعة آراء أو مذاهب نذكرها حسب توسيعها لدائرة الشفاعة:
الرأي الأول: أن الشفاعة تشمل كل من شهد الشهادتين حتى الطلقاء والمنافقين !
الرأي الثاني: أن الشفاعة تشمل كل من شهد بتوحيد الله تعالى ، حتى لو كفر برسول الله(ص) !
الرأي الثالث: أن الشفاعة تشمل كل الخلق !
الرأي الرابع: أن العقاب في الآخرة ينتهي كلياً ، وأن جهنم تفنى أوتبقى ، ولكن ينقل أهلها كلهم إلى الجنة !
ونذكر هنا ملاحظات كلية على هذه المذاهب أو الاقوال:
الملاحظة الأولى: أن هذه التوسيعات في الشفاعة أو في دخول الجنة زادت على توسيع اليهود لها ، لأن اليهود حصروا الشفاعة والجنة بقوميتهم اليهودية ، وهذه التوسعات عممتها إلى العقائد المختلفة والقوميات المختلفة ، وإن كانت احتفظت بميزة لكل قبائل قريش .
كما زادت على عقيدة الفداء النصرانية ، لأن بولس اشترط لشمول فداء المسيح وشفاعته الدخول في النصرانية . . بينما أكثر هذه التوسيعات لا تشترط الدخول في الإسلام !
الثانية: أن لكعب الأحبار وتلاميذه دوراً أساسياً في توسيع الشفاعة ، بل كان كعب مرجعاً في الشفاعة بحيث أن الخليفة عمر يستفتيه فيها ويؤيد آراءه ، ويعمل على نشرها ، كما سترى.
الثالثة: أن هذه التوسيعات لا تشمل أحداً ممن اعترض على الخلفاء أو خالفهم في الرأي ، أو امتنع عن بيعتهم ، كما لا تشمل بني هاشم وبني عبد المطلب أسرة النبي وآباءه(ص) وخاصة أبا طالب والد علي(ع)  ! وسترى هذه الغرائب وغيرها في نصوص الشفاعة في مصادر إخواننا السنيين !
الرابعة: أن هذه الأفكار صارت أصلاً ومنبعاً لمذاهب فاسدة ، جرَّت على الأمة مصائب ثقافية وسياسية ، مثل مذهب المرجئة والقدرية وغيرهما .

الرأي الأول: أن الشفاعة تشمل كل من شهد الشهادتين
حتى الطلقاء والمنافقين !

روى البخاري في صحيحه:1/41:
قال حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله(ص)ومعاذ رديفه على الرحل قال: يا معاذ بن جبل ، قال لبيك يا رسول الله وسعديك. قال يا معاذ ، قال لبيك يا رسول الله وسعديك ثلاثاً ! قال ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه ، إلا حرمه الله على النار. قال: يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا ؟ قال: إذاً يتكلوا ، وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً ! انتهى .
وروى البخاري في تاريخه:8/41:
عن عوف بن مالك قال: كنا مع النبي(ص)في بعض مغازيه فقال: إن ربي خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة والشفاعة ، فاخترت الشفاعة. ورواه الديلمي في فردوس الأخبار:2/304 ح 2774 .
وروى البخاري في تاريخه:1/184:
عن عوف بن مالك سمع النبي(ص)يقول: الشفاعة لمن مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً .
وروى مسلم في:1/122:
أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود ، فقال:... فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول ، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول: من تنظرون؟ فيقولون ننظر ربنا ! فيقول أنا ربكم ، فيقولون حتى ننظر إليك ، فيتجلى لهم يضحك ! قال فينطلق بهم ويتبعونه ! ويعطى كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نوراً ثم يتبعونه ، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك ، تأخذ من شاء الله ، ثم يطفأ نور المنافقين ثم ينجو المؤمنون ، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون ، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء ، ثم كذلك.
ثم تحل الشفاعة ويشفعون حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، فيجعلون بفناء الجنة ، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشئ في السيل ويذهب حراقه. ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها !!
وروى أبو داود في:1/632:
عن عامر بن سعد عن أبيه قال: خرجنا مع رسول الله(ص)من مكة نريد المدينة ، فلما كنا قريباً من عزوراء نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة ثم خر ساجداً فمكث طويلاً ، ثم قام فرفع يديه فدعا الله ساعة ثم خر ساجداً فمكث طويلاً ، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجداً ذكره أحمد ثلاثاً ، قال: إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي ، فخررت ساجداً لربي شكراً ثم رفعت رأسي فسألت ربي لامتي فأعطاني ثلث أمتي ، فخررت ساجداً لربي شكراً ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر ، فخررت ساجداً لربي. ورواه البيهقي في سننه:2/370 .
وروى أحمد في مسنده:5/149:
عن أبي ذر قال صلى رسول الله(ص)ليلةً ، فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم، فلما أصبح قلت: يا رسول الله ما زلت تقرأ هذه الآية حتى أصبحت تركع بها وتسجد بها ؟ قال: إني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة إن شاء الله لمن لا يشرك بالله عز وجل شيئاً. ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه:7/432 ح 104 عن أبي جعفر الباقر(ع) . وفي الدر المنثور:3/204 عن أحمد .
وروى أحمد في:5/325:
عن عبادة بن الصامت قال: فقد النبي(ص)ليلة أصحابه ، وكانوا إذا نزلوا أنزلوه أوسطهم، ففزعوا وظنوا أن الله تبارك وتعالى اختار له أصحاباً غيرهم! فإذا هم بخيال النبي(ص)فكبروا حين رأوه وقالوا: يا رسول أشفقنا أن يكون الله تبارك وتعالى اختار لك أصحاباً غيرنا ! فقال رسول الله (ص): لا بل أنتم أصحابي في الدنيا والآخرة ، إن الله تعالى أيقظني فقال يا محمد إني لم أبعث نبياً ولا رسولاً إلا وقد سألني مسألة أعطيتها إياه فاسأل يا محمد تعط، فقلت: مسألتي الشفاعة لأمتي يوم القيامة ، فقال أبو بكر: يا رسول الله وما الشفاعة ؟ قال أقول: يا رب شفاعتي التي اختبأت عندك ، فيقول الرب تبارك وتعالى: نعم ، فيخرج ربي تبارك وتعالى بقية أمتي من النار ، فينبذهم في الجنة .
وقال في مجمع الزوائد:10/369:
عن عوف بن مالك الأشجعي قال: سافرنا مع رسول الله(ص)سفراً حتى إذا كان الليل أرقت عيناي فلم يأتني النوم ، فقمت فإذا ليس في العسكر دابة إلا واضعة خدها إلى الأرض ، وأرى وقع كل شئ في نفسي ، فقلت لاتين رسول الله(ص)فلاكلا به الليلة حتى أصبح ، فخرجت أتخلل الرحال حتى دفعت إلى رحل رسول الله(ص)فإذا هو ليس في رحله ، فخرجت أتخلل الرحال حتى خرجت من العسكر فإذا أنا بسواد ، فتيممت ذلك السواد فإذا هو أبو عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل فقالا لي: ما الذي أخرجك ؟ فقلت: الذي أخرجكما ، فإذا نحن بغيطة منا غير بعيد فمشينا إلى الغيطة فإذا نحن نسمع فيها كدوي النحل وتخفيق الرياح ، فقال رسول الله (ص): هاهنا أبو عبيدة بن الجراح ؟ قلنا نعم ، قال ومعاذ بن جبل ؟ قلنا نعم ، قال وعوف بن مالك ؟ قلنا نعم ، فخرج إلينا رسول الله(ص)لا نسأله عن شئ ولا يسألنا عن شئ حتى رجع إلى رحله فقال: ألا أخبركم بما خيرني ربي آنفاً ؟ قلنا بلى يا رسول الله ، قال: خيرني بين أن يدخل ثلثي أمتي الجنة بغير حساب ولا عذاب ، وبين الشفاعة. قلنا: يا رسول الله ما الذي اخترت ؟ قال: اخترت الشفاعة. قلنا جميعاً: يا رسول الله إجعلنا من أهل شفاعتك قال: إن شفاعتي لكل مسلم .
وفي رواية عن عوف أيضاً قال: نزلنا مع رسول الله(ص)منزلاً فاستيقظت من الليل فإذا أنا لا أرى في العسكر شيئاً أطول من مؤخرة رحل ! قد لصق كل إنسان وبعيره بالأرض، فقمت أتخلل حتى جفلت إلى مضجع رسول الله (ص)فإذا هو ليس فيه ! فوضعت يدي على الفراش فإذا هو بارد ، فقمت أتخلل الناس وأقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فذكر نحوه إلا أنه قال: خيرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة. وفي رواية جعل مكان أبي عبيدة أبا موسى. قلت: روى الترمذي وابن ماجة طرفاً منه ، رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها ثقات .
وعن أبي كعب صاحب الحرير قال سألت النضر بن أنس فقلت: حدثني بحديث ينفعني الله عز وجل به ، فقال نعم أحدثك بحديث كتب إلينا به من المدينة فقال أنس: إحفظوا هذا فإنه من كنز الحديث ، قال: غزا رسول الله (ص)فسار ذلك اليوم إلى الليل ، فلما كان الليل نزل وعسكر الناس حوله ونام هو وأبو طلحة زوج أم سليم وفلان وفلان أربعة ، فتوسد النبي(ص)يد راحلته ثم نام ونام الأربعة إلى جنبه ، فلما ذهب عتمة من الليل رفعوا رؤوسهم فلم يجدوا النبي(ص)عند راحلته ، فذهبوا يلتمسون رسول الله (ص)فلقوه مقبلاً فقالوا: جعلنا الله فداك أين كنت فإنا قد فزعنا لك إذ لم نرك ؟ قال النبي (ص): كنت نائماً حيث رأيتم فسمعت في نومي دوياً كدوي الرحا أو هزيز الرحى ففزعت في منامي فوثبت فمضيت ! فاستقبلني جبريل(ع) فقال: يا محمد إن الله بعثني إليك الساعة لاخيرك إما أن يدخل نصف أمتك الجنة وإما الشفاعة يوم القيامة ، فاخترت الشفاعة لامتي. فقال النفر الأربعة: يا رسول الله إجعلنا ممن تشفع لهم ، فقال: وجبت لكم. ثم أقبل النبي(ص)والنفر الأربعة حتى استقبله عشرة فقالوا: أين نبينا نبي الرحمة ؟ قال نحدثهم بالذي حدث القوم فقالوا: جعلنا الله فداءك إجعلنا ممن تشفع لهم يوم القيامة ، فقال: وجبت لكم. فجاؤا جميعاً إلى عظم الناس فنادوا في الناس: هذا نبينا نبي الرحمة ، فحدثهم بالذي حدث القوم ، فنادوا بأجمعهم جعلنا الله فداءك جعلنا الله ممن تشفع لهم ، فنادى ثلاثاً: إني أشهد الله وأشهد من سمع أن شفاعتي لمن يموت لا يشرك بالله عز وجل شيئاً. رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن قرة بن حبيب ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. انتهى. ورواه في المعجم الكبير أيضاً:18/107 .
وفي مجمع الزوائد:10/377:
وعن أبي أمامة عن النبي(ص)قال: نعم الرجل أنا لشرار أمتي ، فقال له رجل من جلساه: كيف أنت يا رسول الله لخيارهم ؟ قال: أما شرار أمتي فيدخلهم الله الجنة بشفاعتي ، وأما خيارهم فيدخلهم الله الجنة بأعمالهم. ورواه الديلمي في فردوس الأخبار:5/9 ح 7004 .
وقال في الدر المنثور:2/115:
وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال خرج رسول الله(ص)في جنازة رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب: لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل فاجر ، فالتفت رسول الله(ص)إلى الناس وقال: هل آراه أحد منكم على الإسلام ؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله ، فصلى عليه رسول الله(ص)وحثى عليه التراب وقال: أصحابك يظنون أنك من أهل النار ، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة ! وقال: يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة !!

وفي أسد الغابة:1/156:
عن أنيس الأنصاري أن النبي(ص)قال: إني لاشفع يوم القيامة لأكثر مما على ظهر الأرض من حجر ومدر .
وفي تفسير الرازي:10 جزء 19/192:
فثبت أن ( إن المتقين في جنات وعيون ) يتناول جميع القائلين بلا إله إلا الله محمد رسول الله قولاً واعتقاداً ، سواء كانوا من أهل الطاعة أو من أهل المعصية ! انتهى .
وهذا غريب من الرازي الذي هو حريص على العقلانية ، ولكن كثرة أحاديث أصحابه غلبته وجعلته من المرجئة الذين ينتقدهم ! فقد حكم بأن المسلم يدخل الجنة بالعقيدة فقط بدون عمل ، بل حتى لو كانت حياته سلسلة من المعاصي والطغيان والاجرام !
ولم يزد عليه في ذلك إلا الديلمي حيث روى أن شفاعة النبي(ص) إنما جعلت من أجل جبابرة هذه الأمة وفراعنتها ! قال في فردوس الأخبار: 2/498 ح 3397: أنس بن مالك: شفاعتي للجبابرة من أمتي !!

وقد نقل السيوطي مجموعة كبيرة من الروايات مفادها أن الله تعالى يحاسب المسلمين على أعمالهم ويدخل قسماً منهم إلى الجنة وقسماً آخر إلى النار، ولكن الكفار يعيرون المسلمين في جهنم بأنهم لم ينفعهم إسلامهم ، فيأنف الله تعالى ويغضب وتأخذه الغيرة للمسلمين لتوحيدهم ، فينقلهم جميعاً حتى جبابرتهم ومجرميهم وشياطينهم إلى الجنة ، فعندئذ يتمنى الكفار لو كانوا مسلمين ، واستدل هو وغيره بذلك على أن جميع المسلمين يدخلون الجنة !
وقد ورد شبيه هذا المعنى في أحاديثنا من طريق أهل البيت ( (عليهم السلام)) ولكنه بالنسبة إلى بعض أصناف الموحدين وليس لكل المسلمين كما تذكر هذه الروايات !
قال السيوطي في الدر المنثور:4/92 ـ 94 في تفسير قوله تعالى: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ:
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس وأنس (رض) أنهما تذاكرا هذه الآية: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، فقالا: هذا حيث يجمع الله بين أهل الخطايا من المسلمين والمشركين في النار فيقول المشركون ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيخرجهم بفضل رحمته .
وأخرج سعيد بن منصور وهناد والبيهقي عن مجاهد (رض) في قوله: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ، قال: إذا خرج من النار من قال لا إله إلا الله .
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند صحيح عن جابر بن عبد الله (رض)قال قال رسول الله (ص): إن ناساً من أمتي يعذبون بذنوبهم فيكونون في النار ما شاء الله أن يكونوا ، ثم يعيرهم أهل الشرك فيقولون: ما نرى ما كنتم فيه من تصديقكم نفعكم ، فلا يبقى موحد إلا أخرجه الله تعالى من النار. ثم قرأ رسول الله (ص): رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ .
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي موسى الأشعري (رض) قال قال رسول الله (ص): إذا اجتمع أهل النار في النار ومعهم من شاء الله من أهل القبلة ، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا بلى ، قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام وقد صرتم معنا في النار ! قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها، فسمع الله ماقالوا فأمر بكل من كان في النار من أهل القبلة فأخرجوا ، فلما رأى ذلك من بقي من الكفار قالوا: يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا ، ثم قرأ رسول الله (ص): أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: الرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَ قُرْآنٍ مُبِينٍ رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ .
وأخرج إسحق بن راهويه وابن حبان والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أنه سئل هل عندك من رسول الله(ص)في هذه الآية شي: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ؟ قال نعم سمعته يقول: يخرج الله أناساً من المؤمنين من النار بعد ما يأخذ نقمته منهم ، لما أدخلهم الله النار مع المشركين قال لهم المشركون: ألستم كنتم تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار ! فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله ، فإذا رأى المشركون ذلك قالوا: يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم ، فذلك قول الله: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، قال فيسمون في الجنة الجهنميين من أجل سواد في وجوههم ، فيقولون: يا ربنا أذهب عنا هذا الاسم ، فيأمرهم فيغتسلون في نهر الجنة فيذهب ذلك الاسم عنهم .
وأخرج هناد بن السري والطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أنس (رض) قال قال رسول الله(ص): إن ناساً من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم فيقول لهم أهل اللات والعزى: ما أغنى عنكم قول لا إله إلا الله وأنتم معنا في النار! فيغضب الله لهم فيخرجهم فيلقيهم في نهر الحياة فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من خسوفه، فيدخلون الجنة ويسمون فيها الجهنميين.
وأخرج الحاكم في الكنى عن حماد (رض) قال سألت إبراهيم عن هذه الآية: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، قال: حدثت أن أهل الشرك قالوا لمن دخل النار من أهل الإسلام: ما أغنى عنكم ما كنتم تعبدون ، فيغضب الله لهم فيقول للملائكة والنبيين: إشفعوا لهم فيشفعون لهم فيخرجون ، حتى أن إبليس ليتطاول رجاء أن يدخل معهم ، فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين .
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود (رض) في قوله: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، قال: هذا في الجهنميين ، إذا رأوهم يخرجون من النار. انتهى.
وفي نفس الوقت روى السيوطي روايات تدل على أن تمني الكفار هذا ليس بعد دخول النار بل في يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار . . قال: وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس (رض) في قوله: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا قال: ذلك يوم القيامة يتمنى الذين كفروا لو كانوا مسلمين قال: موحدين.
وأخرج سعيد بن منصور وهناد بن السرى في الزهد ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس (رض) قال: ما زال الله يشفع ويدخل الجنة ويشفع ويرحم ، حتى يقول من كان مسلماً فليدخل الجنة فذلك قوله: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ. انتهى .
والإشكالات على هذا الرأي كثيرة يكفي منها ما تقدم من أدلة الرأي الأول ويكفي منها أن القول بإسقاط اشتراط العمل هو مذهب المرجئة الذين أسقطوا قوانين العقوبة الإلهية ، كما فعل اليهود من قبلهم !
وينبغي التذكير هنا بأن القرآن الكريم والأحاديث الثابتة المتفق عليها هي الميزان في قبول الأحاديث الأخرى أو ردها . . وبهذا الميزان نجد أنفسنا ملزمين برد الأحاديث التي تكتفي بشرط إعلان الشهادتين فقط لدخول الجنة ، وتسقط كل الشروط العملية ! لأنها تناقض عشرات الآيات والأحاديث القطعية المتفق عليها عند الجميع !
على أنه يمكن لمن ثبتت عنده هذه الأحاديث أن يؤولها بأنها تقصد التأكيد على أهمية الشهادتين ، ولا تقصد إسقاط بقية الشروط التي نصت عليها الآيات والأحاديث الأخرى ، لأنها شرط ضمني فيها ، فتكون النتيجة إخضاع هذه الأحاديث لمفاد أحاديث القول الأول ، وهو المطلوب .

الرأي الثاني: أن الشفاعة تشمل كل من شهد بتوحيد الله تعالى
حتى لو كفر بنبوة النبي(ص) !

والمستفيد الأول من هذه التوسعة هم المنافقون من قريش والأنصار ، الذين كانت تظهر منهم ظواهر النفاق وعدم الإيمان بالنبي في حياته(ص) ، وقد جعل الله تعالى لهم علامات يعرفهم المسلمون بها ، ومن أوضحها بغض علي بن أبي طالب(ع) باعتباره يمثل تحدي الإسلام للكفر والنفاق ، وباعتباره أول عترة النبي ووصيه(ص) . فكان حب علي وبغضه في حياة رسول الله وبنصه(ص) ميزاناً للايمان والنفاق! وقد روى الجميع أحاديثه وصححوها ، منها ما رواه أحمد في مسنده:1/95 وص 128 وص 292 عن زر بن حبيش عن علي (رض) قال عهد إليَّ النبي(ص)أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. ورواه الترمذي في سننه:5/306 .
وقال الترمذي في سننه:5/298:
عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم على بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روى هذا عن الاعمش عن أبي صالح ، عن أبي سعيد .
وروى الحاكم في المستدرك:3/128:
عن ابن عباس (رض) قال نظر النبي(ص) إلى علي فقال: يا علي أنت سيد في الدنيا سيد في الآخرة ، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله ، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ، والويل لمن أبغضك بعدي !! صحيح على شرط الشيخين ، وأبو الأزهر بإجماعهم ثقة ، وإذا تفرد الثقة بحديث فهو على أصلهم صحيح .
وروى الحاكم في:3/135 سمعت عمار بن ياسر (رض) يقول سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي: يا علي طوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذب فيك. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وروى الحاكم في:3/142 أن النبي(ص) أخبر علياً بأن الأمة ستغدر به من بعده ، قال: عن حيان الأسدي سمعت علياً يقول قال لي رسول الله(ص) : إن الأمة ستغدر بك بعدي ، وأنت تعيش على ملتي وتقتل على سنتي ، من أحبك أحبني ومن أبغضك أبغضني ، وإن هذه ستخضب من هذا ، يعني لحيته من رأسه. صحيح. انتهى .
أما بعد وفاة النبي(ص) فصار بغض علي(ع) جهاراً نهاراً ، ولم يعد علامةً على النفاق بل صار علامةً على ( الإيمان ) والتقوى والإخلاص للإسلام وتأييد السلطة الجديدة التي يعارضها علي وشيعته ! وجهر المنافقون بنفاقهم مطمئنين ! فقد روى البخاري:8/100 عن حذيفة بن اليمان قوله ( إن المنافقين اليوم شرٌّ منهم على عهد النبي(ص)! كانوا يومئذ يسرون ، واليوم يجهرون ) !
هذه الحقيقة الثابتة تنفعنا في فهم أحاديث هذا الرأي التي تريد شمول المنافقين بالشفاعة والجنة! وهي كثيرة نورد عدداً منها ثم نذكر الملاحظات عليها:

روى مسلم في صحيحه:1/44:
عن أبي هريرة قال: كنا قعوداً حول رسول الله(ص)معنا أبو بكر وعمر في نفر ، فقام رسول الله(ص)من بين أظهرنا ، فأبطأ علينا وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا ، فقمنا فكنت أول من فزع ، فخرجت أبتغي رسول الله(ص)حتى أتيت حائطاً للأنصار لبني النجار ، فدرت به هل أجد له باباً فلم أجد ، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة ـ والربيع الجدول ـ فاحتفرت فدخلت على رسول الله(ص)، فقال: أبو هريرة ؟ فقلت نعم يا رسول الله ، قال: ما شأنك ؟ قلت كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت علينا فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا فكنت أول من فزع ، فأتيت هذا الحائط فاحتفرت كما يحتفر الثعلب ، وهؤلاء الناس ورائي !
فقال: يا أبا هريرة وأعطاني نعليه قال: إذهب بنعليَّ هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة ! فكان أول من لقيت عمر فقال: ماهاتان النعلان يا أبا هريرة ؟ فقلت هاتان نعلا رسول الله(ص)بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشرته بالجنة ، فضرب عمر بيده بين ثدييَّ فخررت لاستي ! فقال: إرجع يا أبا هريرة ، فرجعت إلى رسول الله(ص)فأجهشت بكاءً ، وركبني عمر فإذا هو على أثري ، فقال رسول الله (ص): مالك يا أبا هريرة ؟ ! قلت: لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به فضرب بين ثديي ضربةً خررت لاستي قال إرجع !
قال رسول الله (ص): يا عمر ما حملك على ما فعلت ؟ قال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن إله إلا الله مستيقناً بها قلبه بشره بالجنة ؟ قال: نعم. قال فلا تفعل ! فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون ! قال رسول الله (ص): فخلهم !!
وروى البخاري في:1/41:
عن أنس: قال ذكر لي أن النبي(ص)قال لمعاذ: من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة. قال ألا أبشر الناس ؟ قال: لا ، أخاف أن يتكلوا .
وروى البخاري في:1/109:
قال أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري أن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله(ص)ممن شهد بدراً من الأنصار ، أنه أتى رسول الله (ص)فقال: يا رسول الله قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى.
قال فقال له رسول الله (ص): سأفعل إن شاء الله ، قال عتبان: فغدا رسول الله(ص)وأبو بكر حين ارتفع النهار ، فاستأذن رسول الله(ص)فأذنت له فلم يجلس حين دخل البيت ، ثم قال: أين تحب أن أصلي من بيتك ؟ قال: فأشرت له إلى ناحية من البيت فقام رسول الله(ص)فكبر فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم ، قال وحبسناه على خزيرة صنعناها له قال فثاب في البيت رجال من أهل الدار ذووا عدد ، فاجتمعوا فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخيشن أو ابن الدخشن ؟ فقال بعضهم: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله ، فقال رسول الله (ص): لا تقل ذلك ، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله ؟ قال: الله ورسوله أعلم ، قال: فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين ! قال رسول الله (ص): فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله !! ورواه في كنز العمال:1/302 .
وروى البخاري:2/55 وج 6/202:
فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله.
وروى شبيهه في:1/33 ، ورواه أحمد في مسنده:4/44 .
وروى البخاري في:7/172:
عن أحد بني سالم قال غدا علي رسول الله(ص)فقال: لن يوافي عبد يوم القيامة يقول لا إله إلا الله يبتغي به وجه الله إلا حرم الله عليه النار.
وروى البخاري في:2/69:
عن أبي ذر (رض) قال قال رسول الله (ص): أتاني آت من ربي فأخبرني أو قال بشرني أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ! قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال وإن زنى وإن سرق . . . عن عبدالله (رض) قال قال رسول الله (ص): من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار. وقلت أنا: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة !!
وروى البخاري في:7/43:
أن أبا ذر حدثه قال: أتيت النبي(ص)وعليه ثوب أبيض وهو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فقال: ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ! قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال وإن زنى وإن سرق. قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال وإن زنى وإن سرق ! قلت وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال وإن زنى وإن سرق ، على رغم أنف أبي ذر !! وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال: وإن رغم أنف أبي ذر !! قال أبو عبد الله: هذا عند الموت أو قبله. انتهى.
وأبو عبدالله هو البخاري نفسه، وهو يريد بقوله هذا تخفيف إطلاق الحديث ووضع شرط للتوحيد المذكور فيه ، بأنه المسلم المجرم يدخل الجنة بشرط أن يقول ( لا إله إلا الله ) قبل موته أو عند موته. ولكن الحديث مطلق وليس فيه هذا الشرط !
وروى النسائي في:8/112:
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (ص): ما مجادلة أحدكم في الحق يكون له في الدنيا بأشد من مجادلة المؤمنين لربهم في إخوانهم الذين أدخلوا النار ، قال يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فأدخلتهم النار! قال فيقول: إذهبوا فأخرجوا من عرفتم منهم ، قال فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم، فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى كعبيه ، فيخرجونهم فيقولون: ربنا قد أخرجنا من أمرتنا ، قال: ويقول أخرجوا من كان في قلبه وزن نصف دينار ، حتى يقول من كان في قلبه وزن ذرة ! قال أبو سعيد: فمن لم يصدق فليقرأ هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ إلى عَظِيمًا .
وروى أحمد في مسنده:4/43:
ذكروا المنافقين وما يلقون من أذاهم وشرهم حتى صيروا أمرهم إلى رجل منهم يقال له مالك بن الدخشم ، وقالوا: من حاله ، ومن حاله ، ورسول الله (ص)ساكت ، فلما أكثروا قال رسول الله (ص): أليس يشهد أن لا إله إلا الله ؟ ! فلما كان في الثالثة قالوا: إنه ليقوله. قال: والذي بعثني بالحق لئن قالها صادقاً من قلبه لا تأكله النار أبداً ! قالوا فما فرحوا بشئ قط كفرحهم بما قال !! انتهى .
وابن الدخشن هذا ، أو الدخشم ، أو الدخيشن ، هو الذي ذكره البخاري وهو رئيس المنافقين الرسمي بعد ابن سلول ! ويمكنك أن تفكر فيما يزعمه هذا الحديث من أن أكبر فرحة للمسلمين كانت في ذلك اليوم ، أي يوم ساوى النبي(ص) بين المسلمين والمنافقين الذين قال الله تعالى فيهم ما قال !!
ولعمري إنها فرحة السلطة وأتباعها الذين أرادوا حل مشكلة المنافقين لتأييدهم لهم ، فألصقوا ذلك بالنبي(ص) !!
وروى أحمد في مسنده:4/411:
عن أبي بكر بن أبي موسى ( الأشعري ) عن أبيه أن رسول الله(ص)قال: أبشروا وبشّروا الناس من قال لا إله إلا الله صادقاً بها دخل الجنة ، فخرجوا يبشرون الناس ، فلقيهم عمر (رض) فبشروه فردهم ، فقال رسول الله (ص): من ردكم ؟ قالوا عمر ، قال: لم رددتهم يا عمر ؟ قال إذاً يتكل الناس يا رسول الله ! انتهى. وقال عنه في مجمع الزوائد:1/16 رجاله ثقات .
وروى أحمد:1/464:
عن عبد الله قال قال رسول الله(ص)كلمة وأنا أقول أخرى ! من مات وهو يجعل لله ندا أدخله الله النار. قال وقال عبد الله: وأنا أقول: من مات وهو لا يجعل لله ندا أدخله الله الجنة !!. انتهى .
ولكن أحمد روى في:2/170 أن عبد الله بن عمرو بن العاص نسب الكلمتين إلى النبي(ص) ! قال: سمعت رسول الله(ص)يقول: من لقي الله وهو لايشرك به شيئاً دخل الجنة ولم تضره معه خطيئة ، كما لو لقيه وهو مشرك به دخل النار ولم ينفعه معه حسنة .انتهى.
ولكن أحمد روى هذا الحديث أيضاً عن عبد الله بن مسعود وليس عبد الله بن عمرو ! قال في:1/374: قال ابن مسعود: خصلتان يعني إحداهما سمعتها من رسول الله(ص)، والأخرى من نفسي: من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار. وأنا أقول من مات . . . الخ .
وروى الهيثمي في مجمع الزوائد:1/23:
عن عقبة بن عامر (رض) قال جئت في اثني عشر راكباً حتى حللنا برسول الله(ص)فقال أصحابي: من يرعى إبلنا وننطلق فنقتبس من رسول الله(ص)، فإذا راح اقتبسناه ما سمعنا من رسول الله(ص)؟ فقلت: أنا ، ثم قلت في نفسي: لعلي مغبون ، يسمع أصحابي ما لا أسمع من نبي الله(ص)، فحضرت يوماً فسمعت رجلاً قال قال رسول الله (ص): من توضأ وضوء كاملاً ثم قام إلى صلاة كان من خطيئته كيوم ولدته أمه ، فتعجبت من ذلك ، فقال عمر بن الخطاب: فكيف لو سمعت الكلام الآخر كنت أشد عجباً ! فقلت: أردد عليَّ جعلني الله فداءك ، فقال عمر بن الخطاب: إن نبي الله(ص)قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء ، ولها ثمانية أبواب ! فخرج علينا رسول الله(ص)فجلست مستقبله فصرف وجهه عني ، فقمت فاستقبلته ففعل ذلك ثلاث مرات فلما كانت الرابعة ، قلت يا نبي الله بأبي أنت وأمي لم تصرف وجهك عني ؟ ! فأقبل علي فقال: أواحد أحب اليك أم اثنا عشر ؟ مرتين أو ثلاثاً ! فلما رأيت ذلك رجعت إلى أصحابي!
وفي مجمع الزوائد:1/32:
عن عمر بن الخطاب (رض) أنه سمع النبي(ص)يقول: من مات يؤمن بالله واليوم الآخر ، قيل له أدخل من أي أبواب الجنة الثمانية شئت. رواه أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب وقد وثق. وأورده أيضاً في/49 .
وفي مجمع الزوائد:1/22:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رض) قال: جئت ورسول الله(ص)قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب (رض) وأدركت آخر الحديث ورسول الله(ص)يقول: من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار ! فقلت بيدي هكذا يحرك بيده إن هذا حديث جيد ، فقال عمر بن الخطاب: لما فاتك من صدر الحديث أجود وأجود ! قلت يا ابن الخطاب فهات ، فقال عمر بن الخطاب: حدثنا رسول الله(ص)أنه من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة !!
وفي مجمع الزوائد:1/16:
عن أبي الدرداء (رض) قال قال رسول الله (ص): من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة. قال قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ قال: وإن زنى وإن سرق ! قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال: وإن زنى وإن سرق ! قلت: وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال: وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء ! قال فخرجت لانادي بها في الناس فلقيني عمر فقال إرجع فإن الناس إن علموا بهذه اتكلوا عليها ! قال: فرجعت فأخبرته(ص)فقال: صدق عمر.
رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط وإسناد أحمد أصح، وفيه ابن لهيعة وقد احتج به غير واحد. ورواه في الدر المنثور:2/170 .
وروى أحمد:5/170:
حدثتني جسرة بنت دجاجة أنها انطلقت معتمرة فانتهت إلى الربذة فسمعت أباذر يقول: قام النبي(ص)ليلة من الليالي في صلاة العشاء فصلى بالقوم ثم تخلف أصحاب له يصلون ، فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله ، فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلى ، فجئت فقمت خلفه فأومأ إليَّ بيمينه فقمت عن يمينه ، ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه ، فأومأ إليه بشماله فقام عن شماله فقمنا ثلاثتنا ، يصلي كل رجل منا بنفسه ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو ، فقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة ، فبعد أن أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة ؟ فقال ابن مسعود بيده لا أسأله عن شئ حتى يحدث إلي ، فقلت: بأبي أنت وأمي قمت بآية من القرآن ومعك القرآن ؟ ! لو فعل هذا بعضنا وجدنا عليه ، قال: دعوت لأمتي، قال: فماذا أجبت أو ماذا عليك ؟ قال: أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعةً تركوا الصلاة ! قال: أفلا أبشر الناس ؟ قال بلى ، فانطلقت معنقاً قريباً من قذفة بحجر ، فقال عمر: يا رسول الله إنك إن تبعث إلى الناس بهذا نكلوا عن العبادة ، فنادى أن ارجع ، فرجع .
وروى أحمد في مسنده:2/307 وفي/518:
عن أبي هريرة أنه سمعه يقول: سألت رسول الله (ص): ماذا رد إليك ربك في الشفاعة ؟ فقال: والذي نفس محمد بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي لما رأيت من حرصك على العلم ! والذي نفس محمد بيده ما يهمني من انقصافهم على أبواب الجنة أهم عندي من تمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه. ورواه الديلمي في فردوس الأخبار:2/197 ح 3395 .
وقال السيوطي في الدر المنثور:5/324:
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال: لما نزلت: فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أرسل رسول الله(ص)منادياً فنادى: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ، فاستقبل عمر الرسول فرده ، فقال: يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون ، فقال رسول الله (ص): لو يعلم الناس قدر رحمة الله لا تكلوا ولو يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم!
الدر المنثور:4/93:
وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في السنة عن علي بن أبي طالب (رض) قال قال رسول الله (ص): إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين ، من دخل منهم جهنم لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ، ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل، ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران ، حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد ، وصورهم على النار من أجل السجود ، فمنهم من تأخذه النار إلى قدميه ، ومنهم من تأخذه النار إلى عقبيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى فخذيه ، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته ، ومنهم من تأخذه النار إلى عنقه ، على قدر ذنوبهم وأعمالهم. ومنهم من يمكث فيها شهراً ثم يخرج منها ، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج منها ، وأطولهم فيها مكثاً بقدر الدنيا منذ يوم خلقت إلى أن تفنى .
فإذا أراد الله ان يخرجهم منها قالت اليهود والنصارى ومن في النار من أهل الأديان والأوثان لمن في النار من أهل التوحيد: آمنتم بالله وكتبه ورسله فنحن وأنتم اليوم في النار سواء ، فغضب الله غضبا لم يغضبه لشئ فيما مضى ، فيخرجهم إلى عين بين الجنة والصراط فينبتون فيها نبات الطراثيث في حميل السيل ، ثم يدخلون الجنة مكتوب في جباههم هؤلاء الجهنميون عتقاء الرحمن ، فيمكثون في الجنة ما شاء الله أن يمكثوا ، ثم يسألون الله تعالى أن يمحو ذلك الاسم عنهم ، فيبعث الله ملكاً فيمحوه ثم يبعث الله ملائكة معهم مسامير من نار فيطبقونها على من بقى فيها يسمرونها بتلك المسامير فينساهم الله على عرشه، ويشتغل عنهم أهل الجنة بنعيمهم ولذاتهم وذلك قوله: رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ .
وقال ابن باز في فتاويه:1/179:
روى البخاري عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك قال: من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه. انتهى .

ملاحظات على روايات هذا الرأي
أولاً: نلاحظ في أحاديث هذا الرأي بل هذا المذهب ، اضطرابها وتعارضها إلى حد التناقض ! ولعل أصلها رواية مسلم التي ضرب فيها عمر أبا هريرة حتى خر لاسته ! والمقصود منها ومن أمثالها إثبات أن النبي(ص) قد ( اعترف وشهد ) بأن توحيد الله تعالى فقط كاف لدخول الجنة ، وأنه لا يحتاج الأمر إلى الإيمان بنبوته ولا شفاعته(ص) !
ويلاحظ أنها تؤكد على أن الذي قال ذلك هو النبي نفسه(ص) وليس عمر! بل إن عمر كان مخالفاً لذلك ، وقد ردَّ أبا هريرة من الطريق وضربه ، واعترض على النبي مرات ومرات ، وقد أطاعه النبي(ص) في بعض المرات، ثم أصرَّ النبي على هذا القول فهو الذي يتحمل مسؤوليته ، وليس عمر ، ولا أبو موسى ، ولا أبو هريرة ، ولا كعب الأحبار !!
ثانياً: أن هذا المذهب يلغي حاجة المسلمين إلى الشفاعة أصلاً ! ! فأحاديثه تبشر بالجنة كل من قال ( لا إله إلا الله ) وتشمل رواياته اليهود والنصارى وغيرهم ، فلا يبقى معنى للشفاعة !!
ثالثاً: أنه يلغي الحاجة إلى أصل الإسلام ونبوة نبينا(ص) ! لأن رواياته تقول إن الله تعالى يقبل إيمان الموحد ويدخله الجنة لتوحيده ، حتى لو كفر بنبوة محمد(ص) ! فلا يبقى مبرر لجهاد النبي(ص) وحروبه وشدته على الكافرين بنبوته ! ولا يبقى معنىً لقوله تعالى ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الآخرة مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وكيف يجرأ مسلم على قبول رأي من رواة أو خليفة ، يستلزم إبطال دينه من أصله ؟!!
رابعاً: تزعم روايات هذا المذهب عدم عصمة النبي(ص) وأنه أخطأ في تبليغ الرسالة وصحح له عمر وأقنعه بخطئه ! على أنه توجد رواية أخرى في تهذيب الكمال:4 ص31 وفي مجمع الزوائد:1 ص16 تقول إن النبي لم يقتنع وأصرَّ على رأيه ، وقال لعمر: دعهم يتكلوا ! وتوجد رواية أخرى في مجمع الزوائد وفي مسند أحمد:4/402 تقول إن النبي سكت ! . . الخ .
ومن جهة أخرى تدل هذه الروايات على عدم إيمان عمر بعصمة النبي (ص) وتعطي لعمر دور الناظر على أعمال النبي(ص) والولاية عليه لتصحيح أخطائه ! بينما يؤكد الله تعالى عصمة رسوله(ص) في كل كلمة يتفوه بها ، فيقول ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلا وَحْىٌ يُوحَى ) !
خامساً: تقدمت رواية أن عمر هو الذي بشر الناس ، ولعله اقترح على النبي أن يبشر الناس بذلك فنهاه النبي(ص) !! وقد روى الهيثمي رواية فيها تصريح بأن الذي أراد تبشير الناس هو عمر وإن كانت متناقضة ، قال ( وعن جابر (رض) قال: قال رسول الله (ص): ناد يا عمر في الناس إنه من مات يعبد الله مخلصاً من قلبه أدخله الله الجنة وحرم على النار ! قال فقال عمر: يا رسول الله أفلا أبشر الناس ؟ قال: لا ، لا ، يتكلوا. انتهى.
فأول الرواية يقول: إن النبي أمر عمر بالنداء ، وآخرها يقول إن عمر اقترح النداء فلم يقبل به النبي(ص) ونهاه عنه !
وهذا يؤيد أن يكون أصل القضية كلها محاولة من عمر لتبشير الناس بعدم اشتراط العمل للجنة ، فنهاه النبي(ص) .
سادساً: إن روايات ( ضياع النبي! ) في غزوة من غزواته أو في المدينة ، قد حملت من التناقض واللامعقول ما يوجب على الباحث بل على القارئ الشك فيها من أصلها !
فحديث مسلم يقول: إنهم ( أضاعوا ) النبي(ص) في المدينة حتى وجده أبوهريرة في بستان في المدينة لبني النجار ! وروايتا الطبراني المتقدمتان عن عوف بن مالك والنضر بن أنس تقولان إنهم أضاعوا النبي في إحدى الغزوات ! أو خرج مبهوتاً في وسط الليل ! وبعض رواياتها تقول إن النبي (ص) لم يضع بل كان في بيته أو في مسجده وأمر أبا موسى ونفراً من قومه أن يبشروا الناس فلما خرجوا من عنده لقيهم عمر . . . الخ . وقد رواها أحمد:4 ص402 وص411 و قال عنها مجمع الزوائد ج1ص 16 (رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات ) .
ثم إن رواية مسلم تقول: إن بطل القصة المأمور بالنداء هو أبو هريرة وأن عمر ضربه ! بينما تقول روايات أخرى إن المأمور بالنداء أبو موسى الأشعري ونفر من الأشعريين وأن عمر رده ولم يضربه ! وأخرى تقول: إن المأمور هو أبو الدرداء ، وأخرى تقول: إنه أبوذر ، وأخرى تقول: إنه عمر .. إلخ . ورواية أبي سعيد تذكر مأموراً بدون تسمية !
أما روايات الطبراني فتذكر بطلين آخرين للحادثة هما عوف والنضر ، وفي رواية أخرى في مجمع الزوائد ج1 ص23 إنه عقبة بن عامر !
وتوجد رواية في مجمع الزوائد تقول إن البطل الوحيد هو عمر ، ولا يوجد غيره قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج1 ص16 وعن عمر (رض) أن رسول الله(ص)أمره أن يؤذن في الناس أنه: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصاً دخل الجنة ، فقال عمر: يا رسول الله إذا يتكلوا فقال: دعهم. رواه أبو يعلى والبزار إلا أن عمر قال يا رسول الله إذا يتكلوا! قال دعهم يتكلوا. انتهى .
أما رواية البخاري فتذكر أن بطل الرواية معاذ فقط ، وأنه اقترح تبشير الناس بذلك فنهاه النبي(ص) ، ورواية أحمد تذكر أن بطلها عبادة بن الصامت.. وقد تقدمت الروايتان في الرأي الثاني لأنهما اشترطتا الشهادة بالنبوة !!
ولو أردنا مواصلة بحث ملف ضياع النبي المزعوم ، والنداء المزعوم ، لوجدنا فيها تناقضات أخرى توجب سقوط أصل القصة عن الصلاحية لإثبات حكم شرعي عادي، فكيف تصلح لاثبات عقيدة خطيرة ، أخطر من مذهب المرجئة ؟ ! لأن المرجئة يشترطون لدخول الجنة الشهادتين ، وهذه القصة تلغي الشهادة الثانية !!
سابعاً: توجد روايات تناقض هذا الرأي عن الخليفة عمر نفسه وتقول إن الذي يسرق عباءة من الغنائم يحرم من دخول الجنة ، حتى لو كان السارق مسلماً واستشهد في سبيل الله تعالى ! وتقول إن النبي(ص) قد أمر عمر أن ينادي بنداء مضاد لما ذكرته قصة ضياع النبي(ص) ونداء النعلين !!
فقد روى أحمد في مسنده:1/30 وص 47 عن عمر بن الخطاب (رض) قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي(ص)فقالوا: فلان شهيد فلان شهيد، حتى مروا على رجل فقالوا فلان شهيد ، فقال رسول الله (ص): كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة ! ثم قال رسول الله (ص): يابن الخطاب إذهب فناد في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون قال: فخرجت فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون. انتهى .
فإذا كانت سرقة عباءة تمنع صاحبها ( الشهيد ) من دخول الجنة ، فكيف تكون شهادة ( لا إله إلا الله ) وحدها بدون عمل كافية لدخول الجنة ؟ !
وإذا كان النبي(ص) قد أمر عمر بهذا النداء ، فكيف أمر عمر نفسه أو غيره بنداء مناقض له ؟ ! وكيف لم يعترض عليه عمر وهو المعروف بكثرة اعتراضاته ؟ !
ثم إن قصة سارق العباءة والنداء بشرط الإيمان والعمل الصالح ، كانتا في خيبر ، وهذه ظاهرة تحديد في الرواية توجب نوعاً من الثقة ، ولكنك لا تجد في قصة ضياع النبي(ص) والنداء المضاد المزعومين شيئاً من التحديد ، لا اسم الغزوة ، ولا اسم البستان ، بل لا تجد إلا مجملاً في مجمل ، وتناقضاً بعد تناقض !
وبما أن أغلب روايات هذه القصة تشترك في ذكر دور عمر ومناقشته للنبي’ونصحه إياه بضرر إعلان ذلك للناس ، يترجح في الذهن احتمال أن يكون أصل القصة أن الخليفة عمر هو الذي بشر الناس كما نصت الروايات المتقدمة ، وقد يكون اقترح على النبي’أن يأمره بذلك فلم يقبل ، وأن النبي(ص) ما ضاع لا في غزوتين ولا في غزوة ،ولا خرج مذعوراً في الليل من كلام جبرئيل ، ولا ضاع في المدينة ، ولا اختبأ في بستان ، ولا أعطى نعليه لابي هريرة علامةً للناس بأنه مبعوث من النبي’، ولا ضرب عمر أبا هريرة حتى خر لاسته ! فعندما تتناقض الروايات ولا يمكن الجمع بينها، أو تكون مخالفة للقرآن وللسنة القطعية المتفق عليها.. فلا مجال أمام الباحث إلا ترجيح هذا الإحتمال الأخير.
ثامناً ثبت عند الجميع أن النبي(ص) قد أرسل علياً(ع) الى مكة بأمر من الله تعالى لإبلاغ سورة براءة ، وأمره أن ينادي في الناس بعدة أمور ، منها ( لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة )! وقد روى ذلك أحمد: 1/47 وص 79 والنسائي: 5/234 والدارمي:2/230 وغيرهم ، وفي أحمد: 5/438: نفس مسلمة ).
وروايات هذا النداء ثابتة عند الطرفين ، وليست مهزوزة مثل نداء النعلين المزعوم !
ثم إن هذا النداء كان بعد فتح مكة ، فلا بد للقائل بصحة روايات نداء النعلين أن يقول إنه ناسخ لهذا النداء ، وأن يثبت صحة قصته وأنها كانت بعد نداء مكة . . ولكن دون إثبات ذلك خرط القتاد !
أما الأحاديث الأخرى التي استدلوا بها على هذا المذهب ، فليست أحسن حالاً من حديث ( ضياع النبي(ص) واختفائه واختبائه ونداء النعلين ) في تضاربها وتعارضها مع غيرها..ويكفي لردها الروايات التي تقدمت في الرأي الأول .
وأخيراً ، فقد آن لاخواننا فقهاء السنة أن ينظروا بجدية إلى تناقضات روايات الصحاح ومخالفاتها الصريحة للقرآن وضرورات الإسلام ، ويعيدوا النظر في مفهومهم للصحيح والحجة الشرعية !
ذلك أن صريح العقل هو الأصل الذي وصلنا به إلى الإيمان بالله تعالى ورسوله’ثم وصلنا به إلى قطعيات الشرع الشريف. وحبُّنا للصحاح وأصحابها وأسانيدها لا يجوز أن يوصلنا إلى التنازل عن قطعيات الشرع والعقل، لأن إبطال الأصل يستلزم إبطال الفرع الذي نحبه ، وبالنتيجة خسارة كل شئ !!

أحاديث أن الله تعالى يشفع عند نفسه !
بمقتضى أحاديثهم في استحقاق الموحد لدخول الجنة ، فلا يحتاج الأمر إلى شفاعة ، بل تصير الشفاعة من نصيب المشركين !
ولكن أصحاب هذا الرأي احتاطوا في أمر أصحابهم فشملوهم بالشفاعة ! واختلفت رواياتهم في من يشفع فيهم ! فقال بعضها إن النبي(ص) هو الذي يشفع في الموحدين، وقال بعضها إن إسحاق هو شفيع الموحدين ، وقد صحح الحاكم روايته على شرط الشيخين ، كما سيأتي في مسألة الذبيح ! وقال بعضها إن النبي(ص) يطلب من الله تعالى أن يعطيه الشفاعة فيهم فلا يعطيه إياها بل يستأثر بها لنفسه، فكأنه تعالى يريد أن يجازيهم هو شخصياً ، لانهم شهدوا بتوحيده !!
قال في كنز العمال:1/56:
ما زلت أشفع إلى ربي فيشفعني حتى أقول: شفعني فيمن قال لا إله إلا الله ، فيقول: ليست هذه لك يا محمد ! إنما هي لي ! أنا وعزتي وحلمي ورحمتي لا أدع في النار أحداً قال لا إله إلا الله-ع عن أنس. انتهى. وأورده الرازي في تفسيره: 11 جزء 22/10. وفي كنز العمال:1/64 فيقال: ليست هذه لك ولا لاحد ، هذا إليَّ ، فلا يبقى أحد قال لا إله إلا الله إلا أخرج منها ـ الديلمي عن أنس .
طبقات الحنابلة لأبي يعلى:1/312:
قال أحمد بن حنبل: إذا لم يبق لاحد شفاعة قال الله تعالى: أنا أرحم الراحمين ، فيدخل كفه في جهنم فيخرج منها ما لا يحصيه غيره .
وروى البيهقي في سننه:10/42:
عن معبد بن هلال العنزي قال: أتيت أنس بن مالك (رض) في رهط من أهل البصرة وسماهم لنا ، نسأله عن حديث الشفاعة ، فذكر الحديث بطوله في سؤاله وجوابه وخروجهم من عنده ودخولهم عن الحسن بن أبي الحسن البصري ، قال الحسن حدثني كما حدثكم ، قال ثم قال يعني النبي (ص): فأجئ في الرابعة فأحمد بتلك المحامد ثم أخر له ساجداً فيقال لي يا محمد إرفع رأسك قل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع ، فأقول يا رب إئذن لي فيمن قال لا إله إلا الله فيقول ليس ذلك إليك ولكني وعزتي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله. رواه البخاري في الصحيح عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد زاد فيه ( وجلالي ) ورواه مسلم عن سعيد بن منصور وغيره .
ولكن الديلمي روى في فردوس الأخبار:3/276 ح 4695:
أن الله تعالى يتنازل ويعطي الشفاعة فيهم لرسوله(ص) ! قال عمرو بن العاص: قلت يا ربي شفعني فيمن قال لا إله إلا الله ، قال: لك ذلك ! انتهى .
وقال الثعالبي في الجواهر الحسان:1/351 في تفسير الآية 40 من سورة النساء:
فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط !
وقال في:2/360:
وأحاديث الشفاعة قد استفاضت وبلغت حد التواتر من أعظمها شفاعة أرحم الراحمين ففي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال: فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون... الخ .
ورواه البغوي في مصابيح السنة:3/542 .
وقد أوردنا روايات هذه (الشفاعة ) من مصادر السنيين في المجلد الثاني في ادعائهم رؤية الله تعالى بالعين في الآخرة ! ومعناها أن الله تعالى يتوسط عند نفسه ، وهو معنى عامي للشفاعة ! والظاهر أن أصلها الحديث المروي في مصادرنا عن الإمام محمد الباقر(ع) الذي رواه في بحار الأنوار:8/361 عن حمران قال سمعت أبا جعفر(ع) يقول: إن الكفار والمشركين يرون أهل التوحيد في النار فيقولون مانرى توحيدكم أغنى عنكم شيئاً ، وما أنتم ونحن إلا سواء ! قال: فيأنف لهم الرب عز وجل فيقول للملائكة: إشفعوا فيشفعون لمن شاء الله ، ويقول للمؤمنين مثل ذلك ، حتى إذا لم يبق أحدٌ تبلغه الشفاعة ، قال تبارك وتعالى : أنا أرحم الراحمين ، أخرجوا برحمتي ، فيخرجون كما يخرج الفراش ، قال: ثم قال أبو جعفر(ع) : ثم مدت العُمُد وأعمدت عليهم ، وكان والله الخلود. انتهى .
ورواه في تفسير نور الثقلين:5/523 عن مجمع البيان عن العياشئ .
والمقصود بأهل التوحيد الذين تشملهم الشفاعة في هذه الرواية ، المسلمون الذين ارتضى الله دينهم وأماتهم على التوحيد.. فقد ورد عن أهل البيت ( (عليهم السلام)) أن بعض أصحاب المعاصي والانحرافات الكبيرة ، يسلب منهم التوحيد قبل موتهم ، والعياذ بالله ! !

الرأي الثالث: أن الشفاعة تشمل جميع الخلق !
مجموعة الرسائل لابن تيمية:1/10:
أجمع المسلمون على أن النبي(ص) يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك ، وبعد أن يأذن الله في الشفاعة. ثم أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفقت عليه الصحابة . . . أنه يشفع لأهل الكبائر ويشفع أيضاً لعموم الخلق . . . أما الوعيدية من الخوارج والمعتزلة فزعموا أن شفاعته إنما هي للؤمنين خاصة . . . ومنهم من أنكر الشفاعة مطلقاً . . . ومذهب أهل السنة والجماعة أنه يشفع في أهل الكبائر ولا يخلد أحد في النار .
ولكن ابن باز لم يأخذ بفتوى إمامه ابن تيمية فقال في فتاويه:4/368:
إن المشرك إذا مات على شركه فهو مخلد في النار أبد الآباد بإجماع أهل العلم، وذلك مثل الذي يعبد الأصنام أو الأحجار أو الأشجار أو الكواكب... أو يعبد الأموات ومن يسمونهم بالأولياء ، أو يستغيث بهم ويطلب منهم المدد أو العون عند قبورهم ، مثل قول بعضهم: يا سيدي فلان المدد المدد، يا سيدي البدوي المدد المدد ... أو يا سيدي رسول الله المدد المدد الغوث الغوث ، أو يا سيدي الحسين أو يا فاطمة أو يا ست زينب ، أو غير ذلك ممن يدعوه المشركون . . . وهذا كله من الشرك الأكبر ، فإذا مات عليه صاحبه صار من أهل النار. انتهى .
فإن عجبت فاعجب لإبن تيمية إمام الوهابيين حيث يحكم بدخول إبليس وقابيل وفرعون ونمرود الجنة لأنهم من عموم الخلق! ولإمامهم المعاصر ابن باز حيث يحكم بأن ملايين المسلمين الذين يدعون الله تعالى ويطلبون من أوليائه مدداً مما أعطاهم الله تعالى كلهم ( مشركون ) مخلدون في النار أبد الآباد !!
مجمع الزوائد:10/379:
وعن أنيس الأنصاري قال: سمعت رسول الله(ص)يقول: إني لاشفع يوم القيامة في كل شئ مما على وجه الأرض من حجر ومدر. رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه أحمد بن عمرو صاحب علي بن المديني ويعرف بالقلوري ولم أعرفه ، وبقية رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم. انتهى. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب:1/114 والديلمي في فردوس الأخبار:1/93 ح 174 عن بريدة الاسلمي وفيه ( لاكثر مما على وجه الأرض من حجر ومدر ) .
الدر المنثور:6/285:
وأخرج ابن مردويه عن عبدالرحمن بن ميمون أن كعباً دخل يوماً على عمر بن الخطاب فقال له عمر: حدثني إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة ؟ ! فقال كعب: قد أخبرك الله في القرآن أن الله يقول ( ما سلككم في سقر إلى قوله اليقين ) قال كعب: فيشفع يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط ويطعم مسكيناً قط ومن لم يؤمن ببعث قط ، فإذا بلغت هؤلاء لم يبق أحد فيه خير ! ) انتهى .
وإذا أراد كعب بقوله ( حتى يبلغ ، فإذا بلغت هؤلاء ) أن النبي يشفع حتى يبلغ هؤلاء فيشفع لهم أيضاً ، فلم يبق أحد في النار ! وإن أراد أنه يبلغهم ويقف عندهم ، فمعناه أن كعباً لا يشترط لشمول الشفاعة إلا الإيمان بيوم الدين ، وعملاً واحداً من الأعمال المذكورة !

كنز العمال:14/511 عن ابن عساكر:
عن أنس أن رسول الله(ص)قال: والذي نفسي بيده ! إني لسيد الناس يوم القيامة ولا فخر ، وإن بيدي لواء الحمد وإن تحته آدم ومن دونه ولا فخر ، ينادي الله يومئذ آدم فيقول: يا آدم ، فيقول لبيك رب وسعديك ، فيقول: أخرج من ذريتك بعث النار ، فيقول: يا رب وما بعث النار ؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، فيخرج ما لا يعلم عدده إلا الله ، فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أكرمك الله وخلقك بيده ، ونفخ فيك وروحه وأسكنك جنته، وأمر الملائكة فسجدوا لك ، فاشفع لذريتك أن لا تحرق اليوم بالنار ، فيقول آدم: ليس ذلك إليِّ اليوم ، ولكن سأرشدكم ، عليكم بنوح فيأتون نوحاً فيقولون: يا نوح إشفع لذرية آدم فيقول: ليس ذلك إليَّ اليوم ولكن عليكم بعبد اصطفاه الله بكلامه ورسالته وصنع على عينه وألقى عليه محبة منه موسى وأنا معكم ، فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت عبد اصطفاك الله برسالته وبكلامه وصنعت على عينه وألقى عليك محبة منه إشفع لذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار ، فيقول: ليس ذلك إليَّ اليوم عليكم بروح الله وكلمته عيسى فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت روح الله وكلمته إشفع لذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار ، فيقول: ليس ذلك إليَّ اليوم ولكن سأرشدكم عليكم بعبد جعله الله رحمة للعالمين أحمد وأنا معكم ، فيأتون أحمد فيقولون: يا أحمد جعلك الله رحمة للعالمين إشفع لذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار ، فأقول: نعم أنا صاحبها فآتي حتى آخذ بحلقة باب الجنة فيقال: من هذا أحمد ؟ فيفتح لي فإذا نظرت إلى الجبار لا إله إلا هو خررت ساجداً ، ثم يفتح لي من التحميد والثناء على الرب شيئاً لا يفتح لاحد من الخلق ثم يقال: إرفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع ، فأقول: يا رب ذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار فيقول الرب جل جلاله: إذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قدر قيراط من إيمان فأخرجوه !
ثم يعودون إليَّ فيقولون: ذرية آدم لا يحرقون اليوم بالنار فآتي حتى آخذ بحلقة الجنة فيقال: من هذا ؟ فأقول أحمد ، فيفتح لي فإذا نظرت الجبار لا إله إلا هو خررت ساجداً مثل سجودي أول مرة ومثله معه فيفتح لي من الثناء على الرب والتحميد مثل ما فتح لي أول مرة ، فيقال: إرفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع ، فأقول: يا رب ذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار ! فيقول الرب: إذهبوا من وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه !
ثم آتي حتى أصنع مثل ما صنعت أول مرة فإذا نظرت إلى الجبار عز جلاله خررت ساجداً فأسجد كسجودي أول مرة ومثله معه فيفتح لي من الثناء والتحميد مثل ذلك ثم يقال: إرفع رأسك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول: يا رب ذرية آدم لا تحرق اليوم بالنار ! فيقول الرب: إذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه فيخرجون ما لا يعلم عدده إلا الله ويبقى أكثر. ثم يؤذن لادم في الشفاعة فيشفع لعشرة آلاف ألف ثم يؤذن للملائكة والنبيين فيشفعون ثم يؤذن للمؤمنين فيشفعون وإن المؤمن يشفع يومئذ لاكثر من ربيعة ومضر. انتهى .
ومن الواضح أن هذه الرواية تطرح ذرية آدم كلهم موضوعاً للشفاعة ، ولكنها (تحتاط ) من التصريح بشمول الشفاعة لهم ، على عكس الروايات والآراء المتقدمة التي صرحت بشمول الشفاعة لجميع الخلق !
وإذا كان هذا الرأي يحتاج إلى رد ، فإن ما تقدم في أدلة الرأي الموافق لمذهبنا ، وما تقدم في نقد الآراء التوسيعية السابقة كاف لرده .

الرأي الرابع أن العقاب في الآخرة ينتهي كلياً
وأن جهنم تفنى وينقل أهلها إلى الجنة !
وهذه المسألة من مسائل المعاد لا الشفاعة ، ولكن بحثناها هنا لذكر الشفاعة في كثير من رواياتها .
وأول من قال من المسلمين بفناء النار هو الخليفة عمر بن الخطاب ، وقد تأثر به عدد من المذاهب الكلامية. ولكن أكثر المتعصبين لعمر لم يأخذوا بقوله هذا ، ماعدا ابن تيمية وبعض تلاميذه ، كما سترى !
قال السيوطي في الدر المنثور:3/350:
وأخرج ابن المنذر عن الحسن عن عمر (رض) قال: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه. انتهى. ورواه الشوكاني في فتح القدير:2/658 وغيره ، وعالج: منطقة رملية في بين صحراء نجد والبحرين .

آراء المسلمين في آيات الخلود وأحاديثه
من عادة الكلاميين والمفسرين عندما يجدون قولاً لصحابي يحبونه مخالفاً لآيات محكمة وأحاديث صريحة ، كمسألتنا هذه أنهم يحشدون للقارئ أقوالاً وآراء عديدة متضاربة متناقضة ، ويؤيدونها بروايات كثيرة متضاربة أيضاً ، وكأن واحدهم متحيرٌ يكتب للناس تحيره ويستغيث بهم ! أو كأن هدفه بدل التفسير والتوضيح ترويض ذهن القارئ وتدويخه لكي يقبل التناقض الذي يريد إقناعه به !
وموضوعنا هذاواحدٌ من هذه الموضوعات التي اتبع فيها المفسرون السنيون هذه السياسة .
وتفادياً لذلك نقدم رأي أهل البيت ( (عليهم السلام)) وعلماء مذهبهم في المسألة وما وافقهم وما خالفهم من الآراء الأخرى ، ليعرف الباحث من أين جاء الخلل إلى الرواة السنيين ومصادرهم في تفسير آيات الله تعالى ، وتفسير أقوال النبي(ص) ، فإن الميزان الشرعي لكل الاراء والأحاديث عند الجميع هو القرآن والمتفق عليه من السنة..ويضاف اليه عندنا ماثبت عن المفسرين الشرعيين للقرآن بعد النبي’الذين هم عترته بصريح قوله(ص) ( إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) وحديث الثقلين صحيح عند الجميع .

أجمع المسلمون على خلود الكفار في جهنم
الإعتقادات للصدوق/53:
باب الإعتقاد في الجنة والنار: قال الشيخ أبو جعفر&: اعتقادنا في الجنة: أنها دار البقاء ودار السلامة ، لا موتٌ فيها ولا هرم ولا سقم ولا مرض ولا آفة ولا زوال ولا زمانة ولا هم ولا غم ولا حاجة ولا فقر. وأنها دار الغنى ودار السعادة ، ودار المقامة ودار الكرامة ، لا يمس أهلها نصب ولا يمسهم فيها لغوب ، لهم فيها ما تشتهي الانفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون. وأنها دارٌ أهلها جيران الله تعالى وأولياؤه وأحباؤه وأهل كرامته .
وهم أنواع على مراتب: منهم المتنعمون بتقديس الله وتسبيحه وتكبيره في جملة ملائكته ، ومنهم المتنعمون بأنواع المآكل والمشارب والفواكه والأرائك وحور العين واستخدام الولدان المخلدين والجلوس على النمارق والزرابي ولباس السندس ، كلٌّ منهم إنما يتلذذ بما يشتهي ويريد ، على حسب ما تعلقت همته ، ويعطى ما عبد الله من أجله .
وقال الصادق(ع) : إن الناس يعبدون الله على ثلاثة أصناف: فصنف منهم يعبدون شوقاً إلى جنته ورجاء ثوابه ، فتلك عبادة الخدام ، وصنف منهم يعبدونه خوفاً من ناره ، فتلك عبادة العبيد ، وصنف منهم يعبدونه حباً له ، فتلك عبادة الكرام ، وهم الامناء ، وذلك قوله عز وجل: وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ .
واعتقادنا في النار: أنها دار الهوان ودار الإنتقام من أهل الكفر والعصيان ، ولا يخلد فيها إلا أهل الكفر والشرك .
الإعتقادات/81:
واعتقادنا في قتلة الأنبياء ( (عليهم السلام)) وقتلة الأئمة المعصومين ( (عليهم السلام)) أنهم كفار مشركون مخلدون في أسفل درك من النار. ومن اعتقد بهم غير ما ذكرناه ، فليس عندنا من دين الله في شئ .
تفسير الإمام العسكري (ع) /578:
قال الله تعالى: وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ، كان عذابهم سرمداً دائماً ، وكانت ذنوبهم كفراً ، لا تلحقهم شفاعة نبي ولا وصي ، ولا خيِّر من خيار شيعتهم .
التبيان في تفسير القرآن:2/524:
الخلود في اللغة هو طول المكث ، ولذلك يقال: خلده في السجن وخلد الكتاب في الديوان . وقيل للأثافي: خوالد مادامت في موضعها ، فإذا زالت لا تسمى خوالد .
والفرق بين الخلود والدوام: أن الخلود يقتضي ( في ) كقولك خلد في الحبس ولا يقتضي ذلك الدوام ، ولذلك جاز وصفه تعالى بالدوام دون الخلود .
إلا أن خلود الكفار المراد به التأبيد بلا خلاف بين الأمة ... ومعنى خلودهم فيها استحقاقهم لها دائماً مع ما توجبه من أليم العقاب ، فأما من ليس بكافر من فساق أهل الصلاة فلا يتوجه إليه الوعيد بالخلود ، لأنه لا يستحق إلا عقاباً منقطعاً به ، مع ثبوت استحقاقه للثواب الدائم ، لأنه لو كان كذلك لأدى إلى اجتماع استحقاق الثواب الدائم والعقاب الدائم لشخص واحد. والإجماع بخلافه .
الطهارة للشيخ الأنصاري/388:
ومن ذلك يعلم الجواب عما دل من الأخبار على عدم قبول توبته ، مثل قوله (ع) : من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل على محمد’فلا توبة له وقد وجبت عليه وبانت منه امرأته ، ويقسم ما ترك على ولده. هذا مع أن عدم قبول التوبة لا ينافي الإسلام ، ودعوى المنافاة من جهة أن عدم القبول مستلزم للخلود في النار وهو ينافي الإسلام ، مدفوع بأنه لا إجماع على خلود الكافر في النار مطلقاً حتى مثل هذا بعد التوبة .
هذا مضافاً إلى معارضتها مع عمومات قبول التوبة ، حيث أن ظاهرها القبول فيما يتعلق بأمر الآخرة من العقاب ، فتدل بظاهرها على أن المرتد تقبل توبته ولا يخلد في النار بعد التوبة ، بل يدخل الجنة فيكون مسلماً ، للإجماع على خلود الكافر في النار .
فكما يمكن تقييد هذه بغير المرتد الفطري كذلك يمكن تقييد مثل الرواية والأخبار المستفيضة بعدم قبول التوبة في دفع ما يحكم عليه بحدث الكفر من مفارقة المال والزوجةوالحياة. وبعد التعارض يجب الرجوع إلى الأصل.
هذا مضافاً إلى قول الباقر(ع) المروي في باب إعادة الحج: من كان مؤمناً فحج وعمل في إيمانه خيراً ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب وآمن ؟ قال: يحسب له كل عمل صالح عمله في إيمانه ولا يبطل منه شئ .
هذا كله مع أن لنا أن نكتفي بالأصل ، ونستدل على طهارته بما دل على طهارة المسلمين .

الروايات التي توافق هذا الرأي عند إخواننا السنيين
صحيح البخاري:7/203:
عن أنس (رض) قال قال رسول الله (ص): يجمع الله الناس يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا على ربنا حتى يريحنا من مكاننا ؟ فيأتون آدم فيقولون أنت الذي خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا عند ربنا ، فيقول: لست هناكم ويذكر خطيئته ويقول: إئتوا نوحاً أول رسول بعثه الله فيأتونه فيقول: لست هناكم ، ويذكر خطيئته ، إئتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً، فيأتونه فيقول:لست هناكم ، ويذكر خطيئته ، ائتوا موسى الذي كلمه الله فيأتونه فيقول: لست هناكم ، فيذكر خطيئته ، إئتوا عيسى فيأتونه فيقول: لست هناكم ، إئتوا محمداً فقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فيأتوني فأستأذن على ربي فإذا رأيته وقعت ساجداً فيدعني ما شاء الله ثم يقال: إرفع رأسك ، سل تعطه ، قل يسمع ، واشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمني ثم أشفع فيحد لي حداً ، ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ، ثم أعود فأقع ساجداً مثله في الثالثة أو الرابعة حتى ما بقي في النار إلا من حبسه القرآن. وكان قتادة يقول عند هذا: أي وجب عليه الخلود. انتهى .
وقد روت مصادر السنيين عبارة ( إلا من حبسه القرآن ) وفسرتها رواياتهم ومفسروهم بالتأبيد . .
وممن رواها البخاري في:8/183 كما تقدم
ورواها أيضاً في:5/147 وفيه ( إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود. ثم قال البخاري: إلا من حبسه القرآن يعنى قول الله تعالى: خَالِدِينَ فِيهَا ) .
وقال في:7/203 ( إلا من حبسه القرآن ، وكان قتادة يقول عند هذا: أي وجب عليه الخلود ) .ورواها في:8 من/173 ( إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود ) .
وفي:8/184: إلا من حبسه القرآن ، أي وجب عليه الخلود. انتهى .
ورواها مسلم في:1/124 وص 125 وأحمد:3/116 وص 244 مثل رواية البخاري الاخيرة .ورواها ابن ماجة:2/1443 ، وكنز العمال:14 /397 عن أحمد والبيهقي والترمذي وغيرهم .
سنن الترمذي:4/95:
باب ما جاء في خلود أهل الجنة وأهل النار: عن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال: يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا يتبع كل إنسان ما كانوا يعبدون . . .
فإذا أدخل الله تعالى أهل الجنة الجنة وأهل النار النار أتى بالموت ملبباً فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار ، ثم يقال: يا أهل الجنة فيطلعون خائفين ثم يقال: يا أهل النار فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة ، فيقال لأهل الجنة ولاهل النار: هل تعرفون هذا ؟ فيقولون هؤلاء وهؤلاء: قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا ، فيضجع فيذبح ذبحاً على السور ، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود لا موت ، ويا أهل النار خلود لا موت. هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد في:2/368 .
مستدرك الحاكم:4/496:
فإذا أراد الله عز وجل أن لا يخرج منها أحد غير وجوههم وألوانهم ، قال فيجي الرجل فينظر ولا يعرف أحداً فيناديه الرجل فيقول: يا فلان أنا فلان ، فيقول: ما أعرفك ، فعند ذلك يقول: ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، فيقول عند ذلك: إخسؤوا فيها ولا تكلمون ، فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .

الدر المنثور:1/166:
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: وما هم بخارجين من النار قال: أولئك أهلها الذين هم أهلها .
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأوزاعي قال سمعت ثابت بن معبد قال: ما زال أهل النار يأملون الخروج منها حتى نزلت: وما هم بخارجين من النار .

الدر المنثور:2/163:
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: وإن تك حسنة ، وزن ذرة زادت على سيآته يضاعفها ، فأما المشرك فيخفف به عنه العذاب ولا يخرج من النار أبداً .

الدر المنثور:6/257:
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن مسعود أنه ذكر عنده الدجال فقال: يفترق ثلاث فرق فرقة تتبعه ، وفرقة تلحق بأرض آبائها منابت الشيح، وفرقة تأخذ شط الفرات فيقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام . . . وما يترك فيها أحداً فيه خير ، فإذا أراد الله أن لا يخرج منها أحداً غير وجوههم وألوانهم ، فيجي الرجل من المؤمنين فيشفع فيقال له من عرف أحداً فيخرجه فيجي الرجل فينظر فلا يعرف أحداً فيقول الرجل للرجل يا فلان أنا فلان فيقول ما أعرفك فيقولون ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ، فيقول إخسؤوا فيها ولا تكلمون ، فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر .

مجمع الزوائد:10/395:
باب الخلود لأهل النار في النار وأهل الإيمان في الجنة. عن أنس قال قال رسول الله (ص): يؤتي بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا ، قال فيقال: هل تعرفون هذا ؟ فيقولون نعم ربنا هذا الموت ، فيذبح كما يذبح الكبش ، فيأمن هؤلاء وينقطع رجاء هؤلاء. رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط بنحوه والبزار ورجالهم رجال الصحيح غير نافع بن خالد الطاحي وهو ثقة .
وعن معاذ بن جبل أن رسول الله(ص)بعثه إلى اليمن فلما قدم عليه قال: يا أيها الناس إني رسول رسول الله(ص)إليكم يخبركم أن المرد إلى الله، وإلى جنة أو نار ، خلود بلا موت ، وإقامة بلا ظعن .

الدر المنثور:3/350:
وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله: إلا ما شاء ربك ، قال فقد شاء ربك أن يخلد هؤلاء في النار ، وأن يخلد هؤلاء في الجنة .
وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا . . . الآية ، قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة الله فنسخها فأنزل الله بالمدينة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ ظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا . . إلى آخر الآية ، فذهب الرجاء لأهل النار أن يخرجوا منها وأوجب لهم خلود الابد. وقوله وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا.. الآية قال: فجاء بعد ذلك من مشيئة الله ما نسخها فأنزل بالمدينة: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ..إلى قوله ظلاً ظليلاً ، فأوجب لهم خلود الأبد .

الأحكام في الحلال والحرام:1/35:
وأن من دخل الجنة أو النار من الأبرار والفجار فإنه غير خارج من أيهما ، صار إليها وحل بفعله فيها أبد الأبد ، لا ما يقول الجاهلون من خروج المعذبين من العذاب المهين إلى دار المتقين ومحل المؤمنين ، وفي ذلك ما يقول رب العالمين: خالدين فيها أبداً ، ويقول عز وجل: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ . ففي كل ذلك يخبر أن كل من دخل النار فهو مقيم فيها ، غير خارج منها من بعد مصيره إليها ، فنعوذ بالله من الجهل والعمى .

سبب خلود أهل النار فيها
الكافي:2/85:
علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن أحمد بن يونس ، عن أبي هاشم قال: قال أبو عبد الله(ع) : إنما خلد أهل النار في النار ، لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبداً ، وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لأن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا الله أبداً ، فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا قوله تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ، قال على نيته. ورواه الصدوق في الهداية/12 وفي علل الشرائع:2/523 والعياشئ في تفسيره:2/316 والبرقي في المحاسن:2/36 .

آيات الخلود في الجنة والنار
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . البقرة : 39 .
بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . وَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . البقرة : 81-82 .
خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ . البقرة-162 .
وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . البقرة : 217 .

وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إلى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ البقرة : 257 .

الَّذِينَ يَاكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطَهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إلى اللَّهِ وَ مَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . البقرة : 275 .

أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. آل عمران : 87 ـ 89 .

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . آل عمران-116 .

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَ لَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ . النساء : 14 .
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا . النساء : 93 .

قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ . الأنعام : 128 .

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . الأعراف : 36 .

أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَ فِى النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ . التوبة : 17 .
أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْىُ الْعَظِيمُ . التوبة : 63 .

وَعَدَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِىَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ . التوبة : 68 .

وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . يونس : 27 .

ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ . وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِى وَ رَبِّى إِنَّهُ لَحَقٌّ وَ مَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ . يونس : 52 ـ 53 .

فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِى النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ . خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَ الْأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِى الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَ الْأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ . هود : 106 ـ 108

أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلالُ فِى أَعْنَاقِهِمْ وَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . الرعد : 5 .
فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ . النحل-29 .

مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا. خَالِدِينَ فِيهِ وَ سَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلا . طه : 100 ـ 101 .

إِنَّكُمْ وَ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ ، لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَ كُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ . الأنبياء : 98 ـ 99 .

وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِى جَهَنَّمَ خَالِدُونَ. تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيهَا كَالِحُونَ . أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِى تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ . المؤمنون : 103 ـ 105 .

وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . السجدة : 14 .

خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا . الأحزاب : 65 .

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ . الزمر : 72 .

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ . غافر : 76

ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ . فصلت : 28

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِى عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ . لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَ هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ . وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ . الزخرف : 74 ـ 77

وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِى النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ . محمد : 15
لَنْ تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَ لا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
. المجادلة : 17

فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِى النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَ ذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ . الحشر : 17

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ . التغابن ـ 10

وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا . الجن : 23

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ . البينة : 6
إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الأخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ . وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ . يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ . فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِى النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ . وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِى الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ . هود : 103 ـ 108

وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا للهِ وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ للهِ جَمِيعًا وَ أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ . إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَ رَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ . وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ .البقرة : 165-167 .

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِى الْأَرْضِ جَمِيعًا وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَ مَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَ لَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ . المائدة : 36 ـ 37


عدم خلود الموحدين في النار في مصادرنا
تقدم رأي أهل البيت   (عليهم السلام)في شمول الشفاعة للمسلمين بشروط، وأوردنا فيه حديث ابن أبي عمير عن الإمام الكاظم(ع) من توحيد الصدوق/407 وفيه ( لا يخلد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود والضلال والشرك... ) انتهى. ورواه المجلسي في بحار الأنوار:8/351 ووصف الشيخ الأنصاري في مكاسبه/335 روايته بأنها حسنة .

بحار الأنوار:8/361:
عيون أخبار الرضا: فيما كتب الرضا(ع) للمأمون من محض الإسلام: إن الله لا يدخل النار مؤمناً وقد وعده الجنة ، ولا يخرج من النار كافراً وقد أوعده النار والخلود فيها ، ومذنبو أهل التوحيد يدخلون النار ويخرجون منها ، والشفاعة جائزة لهم .

بحار الأنوار:8/366:
قال العلامة&في شرحه على التجريد: أجمع المسلمون كافة على أن عذاب الكافر مؤبد لا ينقطع ، واختلفوا في أصحاب الكبائر من المسلمين ، فالوعيدية على أنه كذلك ، وذهبت الإمامية وطائفة كثيرة من المعتزلة والأشاعرة إلى أن عذابه منقطع ، والحق أن عقابهم منقطع لوجهين:
الأول: أنه يستحق الثواب بإيمانه لقوله تعالى: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، والإيمان أعظم أفعال الخير ، فإذا استحق العقاب بالمعصية فإما يقدم الثواب على العقاب وهو باطل بالإجماع ، لأن الثواب المستحق بالإيمان دائم على ما تقدم ، أو بالعكس وهو المراد ، والجمع محال .
الثاني: يلزم أن يكون من عبَد الله تعالى مدة عمره بأنواع القربات إليه ، ثم عصى في آخر عمره معصية واحدة مع بقاء إيمانه ، مخلداً في النار ، كمن أشرك بالله مدة عمره ! وذلك محال لقبحه عند العقلاء .
الكافي للحلبي/481:
إن قيل: فإذا كان الوعيد ثابتاً بكل معصية ومن جملته صريح الخلود والتأبيد ، كيف يتم لكم ما تذهبون اليه من انقطاع عقاب بعض العصاة ؟.
قيل: ثبوت الوعيد على كل معصية لا ينافي قولنا في عصاة أهل القبلة ، لأنا نقول بموجبه ، وإنما نمنع من دوامه لغير الكفار ، وثبوته منقطعاً يجوز سقوطه بأحد ما ذكرناه ، ولا يمنع منه إجماع ولا ظاهر قرآن ، من حيث كان الإجماع حاصلاً باستحقاق العقاب دون دوامه . . . وإنما يعلم به دوام عقاب الكفر .

الكافي للحلبي/492:
وأهل النار من الأولين والآخرين ضربان: كفار مخلدون وإن زاد عقاب بعض على بعض بحسب كفره، وفساق مقطوع على خروجهم من النار بعفو مبتدأ ، أو عند شفاعة ، أو انتهاء عقابهم إلى غاية مستحقه ، وحالهم في مراتب التعذيب بحسب عصيانهم. ولا يجوز أن يبلغ عقابهم في العظم عقاب الكفار ، لإقتران ما استحقوا به العقاب من المعصية بالمعرفة بالمعصي تعالى والخوف منه والرجاء لفضله ، وتسويف التوبة ، وانتفاء ذلك أجمع عن عصيان الكفار. ولا سبيل إلى العلم بمقدار إقامتهم فيها .

عدم خلود الموحدين في النار في مصادر السنيين
صحيح البخاري:1/195:
عن أبي هريرة: أن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال: هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا لا ، يا رسول الله. قال: فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا لا ، قال: فإنكم ترونه كذلك. يحشر الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتبع ، فمنهم من يتبع الشمس ، ومنهم من يتبع القمر ، ومنهم من يتبع الطواغيت. وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله عز وجل فيقول أنا ربكم ! فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا جاء ربنا عرفناه فيأتيهم الله فيقول أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا! فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم، فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته ، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل ، وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم ، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان ، هل رأيتم شوك السعدان ؟ قالوا نعم ، قال: فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، تخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم من يوبق بعمله ومنهم من يخردل ثم ينجو ، حتى إذا أراد الله رحمة من أراد من أهل النار ، أمر الله الملائكة أن يخرجوا من كان يعبد الله فيخرجونهم ويعرفونهم بآثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل أثر السجود ، فيخرجون من النار ، فكل ابن آدم تأكله النار إلا أثر السجود ، فيخرجون من النار قد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل . . . ورواه البخاري أيضاً في:7/205 .

صحيح البخاري:1/16:
عن أنس عن النبى(ص)قال: يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال لا إله الا الله وفي قلبه وزن برة من خير ، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير ، قال أبو عبد الله قال أبان ، حدثنا قتادة ، حدثنا أنس عن النبي (ص): من إيمان ، مكان خير .

صحيح البخاري:7/202:
عن جابر (رض) أن النبي(ص)قال: يخرج من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير ! قلت: ما الثعارير ؟ قال الضغابيس ! وكان قد سقط فمه فقلت لعمرو بن دينار: أبا محمد سمعت جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبي(ص)يقول: يخرج بالشفاعة من النار ؟ قال: نعم .
حدثنا هدبة بن خالد ، حدثنا همام ، عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك عن النبي (ص) قال: يخرج قوم من النار بعدما مسهم منها سفع فيدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة الجهنميين . . .
عن أبي سعيد الخدري (رض) أن النبي(ص)قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول الله: من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه ، فيخرجون قد امتحشوا وعادوا حمماً ، فيلقون في نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ، أو قال حمية السيل ، وقال النبي (ص): ألم تروا أنها تنبت صفراء ملتوية .

وفي/203:
عمران بن حصين (رض) عن النبي(ص)قال: يخرج قوم من النار بشفاعة محمد(ص)فيدخلون الجنة ، يسمون الجهنميين .

سنن النسائي:2/229:
عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد قال: كنت جالساً إلى أبي هريرة وأبي سعيد فحدث أحدهما حديث الشفاعة والآخر منصت، قال: فتأتي الملائكة فتشفع وتشفع الرسل ، وذكر الصراط ، قال قال رسول الله (ص): فأكون أول من يجيز ، فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين خلقه ، وأخرج من النار من يريد أن يخرج أمر الله الملائكة والرسل أن تشفع ، فيعرفون بعلاماتهم أن النار تأكل كل شئ من ابن آدم إلا موضع السجود ، فيصب عليهم من ماء الجنة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل .

الدر المنثور:3/349:
أما قوله فمنهم شقي وسعيد ، فهم قوم من أهل الكبائر من أهل هذه القبلة يعذبهم الله بالنار ما شاء بذنوبهم ، ثم يأذن في الشفاعة لهم ، فيشفع لهم المؤمنون فيخرجهم من النار فيدخلهم الجنة ، فسماهم أشقياء حين عذبهم في النار. فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك ، حين أذن في الشفاعة لهم وأخرجهم من النار وأدخلهم الجنة ، وهم هم. وأما الذين سعدوا يعني بعد الشقاء الذي كانوا فيه ، ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك ، يعني الذين كانوا في النار .

الدر المنثور:2/280:
قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ) الايتين: أخرج مسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله(ص)قال: يخرج من النار قوم فيدخلون الجنة ، قال يزيد بن الفقير: فقلت لجابر بن عبد الله: يقول الله يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ؟ قال: أتل أول الآية: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِى الأَرْضِ جَمِيعًا وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ألا إنهم الذين كفروا .
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن طلق بن حبيب قال: كنت من أشد الناس تكذيباً للشفاعة ، حتى لقيت جابر بن عبدالله فقرأت عليه كل آية أقدر عليها يذكر الله فيها خلود أهل النار ، قال: يا طلق أتراك أقرأ لكتاب الله وأعلم لسنة رسول الله(ص)مني ؟ ! إن الذين قرأت هم أهلها هم المشركون ، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوباً ثم خرجوا منها ، ثم أهوى بيده إلى أذنيه فقال: صمَّتا إن لم أكن سمعت رسول الله(ص)يقول: يخرجون من النار بعد ما دخلوا ، ونحن نقرأ كما قرأت .
وأخرج ابن جرير عن عكرمة أن نافع بن الازرق قال لابن عباس: وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ؟ فقال ابن عباس: ويحك إقرأ ما فوقها ، هذه للكفار .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال: إن الله إذا فرغ من القضاء بين خلقه أخرج كتاباً من تحت عرشه فيه: رحمتي سبقت غضبي وأنا أرحم الراحمين قال فيخرج من النار مثل أهل الجنة ، أو قال مثلي أهل الجنة ، مكتوب هاهنا منهم ، وأشار إلى نحره عتقاء الله تعالى.
فقال رجل لعكرمة: يا أبا عبدالله فإن الله يقول: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا ؟ قال: ويلك أولئك هم أهلها الذين هم أهلها .
الدر المنثور:2/111:
ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال: قدم علينا جابر بن عبد الله في عمرة فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت: وما هم بخارجين من النار ؟ قال: أخبرني رسول الله(ص)أنهم الكفار ، قلت لجابر فقوله: إنك من تدخل النار فقد أخزيته ؟ قال وما أخزاه حين أحرقه بالنار ؟ ! وإن دون ذلك خزياً .

الدر المنثور:4/93:
وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في السنة عن علي بن أبي طالب (رض) قال قال رسول الله (ص): إن أصحاب الكبائر من موحدي الأمم كلها الذين ماتوا على كبائرهم غير نادمين ولا تائبين ، من دخل منهم جهنم لا تزرق أعينهم ولا تسود وجوههم ، ولا يقرنون بالشياطين ولا يغلون بالسلاسل ، ولا يجرعون الحميم ولا يلبسون القطران ، حرم الله أجسادهم على الخلود من أجل التوحيد . . . الخ. وقد تقدم ذلك في روايات الرأي الثاني القائل بأن التوحيد وحده كاف لدخول الجنة ، وأن الموحدين كلهم يخرجون من جهنم ويدخلون الجنة ، ويسمون الجهنميين ، ويلاحظ كثرة روايات الجهنميين في مصادر السنيين.
الإمام الصادق للشيخ محمد أبي زهرة/227:
اتفقت الإمامية على أن من عذب بذنبه من أهل الإقرار والمعرفة لم يخلد في العذاب . . . وإن هذا الرأي . . . يتفق مع رأي الجمهور . . . وقد نسبه إليه ( الإمام جعفر الصادق(ع)  ) أبو جعفر القمي...

شرح مسلم للنووي:1/69:
لا يخلد في النار أحد مات على التوحيد ، وهذه قاعدة متفق عليها عند أهل السنة .

روايات في الصحاح تقول بخلود الموحدين في النار
ولكن توجد في مصادر السنيين أحاديث تعارض الإجماع المذكور والأحاديث المتقدمة ، وتنص على خلود بعض الأصناف من أهل القبلة في جهنم !
كالذي رواه النسائي في:4/66:
عن أبي هريرة ، عن النبي(ص)قال: من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً . ومن قتل نفسه بحديدة . . . كانت حديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ورواه أحمد في:2/254 وبعضه أبو داود في:2/222 .

وكالذي رواه الدارمي في:2/266:
عن أبي أمامة أن رسول الله(ص)قال: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار ، وحرم عليه الجنة. فقال له رجل: وإن كان شيئاً يسيراً يا رسول الله ! قال: وإن قضيبا من أراك !!

والذي رواه ابن ماجة في:2/876 ح 2623:
عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول الله (ص): من أصيب بدم أو خبل ( والخبل الجرح ) فهو بالخيار بين إحدى ثلاث ، فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه: أن يقتل ، أو يعفو ، أو يأخذ الدية. فمن فعل شيئاً من ذلك فعاد ، فإن له نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. انتهى .

والذي رواه الطبراني في المعجم الكبير:12/8:
عن ابن عباس: ومن يقتل مؤمناً متعمداً قال: ليس لقاتل توبة ما نسختها آية !

وقال النيسابوري في الوسيط:2/96: وقوله: فجزاؤه جهنم خالداً فيها..إلى آخر الآية ، وعيدٌ شديدٌ لمن قتل مؤمناً متعمداً حرم الله قتله وحظر سفك دمه ، وقد وردت في قتل المؤمن أخبار شداد ، فإن ابن عباس سأله رجل فقال: رجل قتل مؤمناً متعمداً ؟ فقال ابن عباس: جزاؤه جهنم خالداً فيها ، قال: فإن تاب وآمن وعمل صالحاً ؟ فقال ابن عباس: وأَنَّى له التوبة ، وقد سمعت نبيكم يقول: ويحٌ له قاتل المؤمن...
عن القاسم بن أبي بزة أنه سأل سعيداً: هل لمن قتل مؤمناً توبة ؟ فقال لا... وعن حميد عن أنس عن النبي قال: إن الله أبى أن يجعل لقاتل المؤمن توبة... وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله: والذي نفسي بيده لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا . . .
ومذهب أهل السنة: أن قاتل المؤمن عمداً له توبة ، عن عطاء عن ابن عباس أن رجلاً سأله: ألقاتل المؤمن توبة ؟ فقلت لك توبة ، لكي لا يلقي بيده إلى التهلكة. انتهى .
ولكن هذه الرواية التي استندوا عليها عن ابن عباس تؤكد عدم قبول توبته ، ولا تدل عليها ! فلا بد لهم من طرح روايات خلود قاتل المسلم في النار وأمثالها ، والقول بأن رواياته تشديدٌ من الرواة لتخويف القاتل في مجتمع كان يستسهل القتل !
وقد حاول النووي تأويلها فقال في شرح مسلم:9 جزء 17/83:
وأما قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا ، فالصواب في معناها أن جزاؤه جهنم ، وقد يجازى به وقد يجازى بغيره ، وقد لا يجازى بل يعفى عنه، فإن قتل عمداً مستحلاً له بغير حق ولا تأويل فهو كافر مرتد ، يخلد به في جهنم بالإجماع . . . ثم أخبر أنه لا يخلد من مات موحداً فيها ، فلا يخلد هذا ولكن قد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلاً . . . انتهى .
وقد تضمنت محاولة النووي عدة وجوه ضعيفة ، أقواها: القول بأن القاتل عمداً يخرج بقتله عن التوحيد فيجري عليه حكم المشرك في الآخرة .
ونحن نعتقد بصحة الأحاديث التي تقول إن بعض الأعمال توجب سلب التوحيد من صاحبها قبل الموت ، فلا يموت على التوحيد كما سيأتي ، ولكن ذلك يحتاج في موردنا إلى دليل .

ما دل من مصادرنا على أن الدار الآخرة لا موت فيها
بحار الأنوار:8/349:
الكافي: علي ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبدالله(ع) قال: قال النبي’وساق الحديث في مراتب خلق الأشياء يغلب كل واحد منها الآخر حيث بغى وفخر ، إلى أن قال: ثم إن الإنسان طغى وقال: من أشد مني قوة ؟ فخلق الله له الموت وقهره وذل الإنسان ، ثم إن الموت فخر في نفسه ، فقال الله عز وجل لا تفخر فإني ذابحك بين الفريقين أهل الجنة وأهل النار، ثم لا أحييك أبداً فترجى أو تخاف.. الحديث .
تذنيب: إعلم أن خلود أهل الجنة في الجنة مما أجمع عليه المسلمون ، وكذا خلود الكفار في النار ودوام تعذيبهم ، قال شارح المقاصد: أجمع المسلمون على خلود أهل الجنة في الجنة وخلود الكفار في النار .
فإن قيل: القوى الجسمانية متناهية ، فلا يعقل خلود الحياة ، وأيضاً الرطوبة التي هي مادة الحياة تفنى بالحرارة سيما حرارة نار جهنم ، فيفضي إلى الفناء ضرورة ، وأيضاً دوام الإحراق مع بقاء الحياة خروج عن قضية العقل !
قلنا: هذه قواعد فلسفة غير مسلمة عند المليين ، ولا صحيحة عند القائلين بإسناد الحوادث إلى القادر المختار، على تقدير تناهي القوى وزوال الحياة، لجواز أن يخلق الله البدل فيدوم الثواب والعقاب، قال الله تعالى: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ .

تفسير القمي:2/50:
وقال علي بن إبراهيم في قوله: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ . ، فإنه حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد الله(ع) قال سئل عن قوله: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ؟ قال: ينادي مناد من عند الله ، وذلك بعد ما صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار: يا أهل الجنة ويا أهل النار هل تعرفون الموت في صورة من الصور ؟ فيقولون لا ، فيؤتى بالموت في صورة كبش أملح ، فيوقف بين الجنة والنار ، ثم ينادون جميعاً: أشرفوا وانظروا إلى الموت فيشرفون ، ثم يأمر الله به فيذبح ، ثم يقال: يا أهل الجنة خلود فلا موت أبداً ، ويا أهل النار خلود فلا موت أبداً. وهو قوله: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ. أي قضي على أهل الجنة بالخلود ، وعلى أهل النار بالخلود فيها .

ما دل من مصادر السنيين على أن الدار الآخرة لا موت فيها

صحيح البخاري:7/200:
عن ابن عمر قال قال رسول الله (ص): إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار ، جي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ، ثم يذبح ، ثم ينادي مناد: يا أهل الجنة لا موت ، يا أهل النار لا موت ، فيزداد أهل الجنة فرحاً إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزناً إلى حزنهم. ورواه أحمد في: 2/118 وص 120 وص 121 .
وفي مسند أحمد:2/130:
عن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله(ص)قال: يدخل أهل الجنة الجنة ، قال أبي وحدثناه سعد قال: يدخل الله أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول: يا أهل الجنة لا موت ، ويا أهل النار ، لا موت ، كل خالد فيما هو فيه. ورواه الترمذي في:4/95 .

وفي الدر المنثور:4/272:
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود (رض) في قوله: وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ، قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يأتي الموت في صورة كبش أملح حتى يوقف بين الجنة والنار ، ثم ينادي منادي أهل الجنة: هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا ، ولا يبقى أحد في عليين ولا في أسفل درجة من الجنة إلا نظر إليه ، ثم ينادي يا أهل النار هذا الموت الذي كان يميت الذي في الدنيا ، فلا يبقى أحد في ضحضاح من النار ولا في أسفل درك من جهنم إلا نظر إليه ، ثم يذبح بين الجنة والنار ، ثم ينادي يا أهل الجنة هو الخلود أبد الآبدين ، ويا أهل النار هو الخلود أبد الآبدين ، فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحد ميتاً من فرحة ماتوا ، ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحد ميتاً من شهقة ماتوا ، فذلك قوله: وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر ، يقول إذا ذبح الموت .

وقال الرازي في تفسيره:13 جزء 26/139:
إن أهل الجنة لا يعلمون في أول دخولهم في الجنة أنهم لا يموتون ، فإذا جي بالموت على صورة كبش أملح وذبح ، فعند ذلك يعلمون أنهم لا يموتون .

وقال في الأحاديث القدسية:1/160:
شرح حديث ذبح الموت وأنه يؤتى بالموت يوم القيامة فيوقف على الصراط . . الخ. وإنه لا مانع عقلاً من أن يخلق الله تعالى الموت على صوررة حيوان ويوقف ويذبح . . . ونحن نؤمن بما ثبت عن رسول الله ، ولا نبحث عن كيفية تحقيقه .انتهى .

عودة إلى رأي عمر بفناء النار
في هذا الجو من آيات الخلود في النار وإجماع المسلمين على خلود الجنة والنار . . نرى الخليفة عمر من دون الصحابة يخالف المتفق عليه بين الجميع ويقول بفناء النار وانتهائها ، ونقل أهلها إلى الجنة !!
وقد أخذ الخليفة ذلك من بعض أحبار اليهود الذين كان يثق بعلمهم ، لأن من مقولاتهم أن الله تعالى وعد يعقوب بأن لا يدخل أبناءه إلى النار إلا تحلة القسم ، وأن النار أساساً عمرها قصير ثم تنتهي وتهلك !!
وقد تقدم عنهم ذلك في تفسير قوله تعالى ( وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ) في فصل الشفاعة عند اليهود !!
ونظراً لغرابة هذا الرأي حاول البعض التشكيك في نسبته إلى الخليفة عمر ، ولكنه ثابت عنه عند المحدثين والمؤرخين والمتكلمين كما تقدم ويأتي ! وأكثر أتباع الخليفة لا يعرفون رأيه هذا ، فبعضهم ينكره . . وبعضهم (يستحي ) به . . ولكن بعضهم تجرأ وكتب رداً عليه !
قال في مقدمة فتح القدير:1/9:
للشوكاني مؤلفات ، منها كتاب نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار ... وكشف الأستار في إبطال القول بفناء النار. انتهى .
وأكثر المتحمسين لتأييد رأي عمر ابن قيم الجوزية في رسالته حادي الأرواح تبعاً لأستاذه ابن تيمية. ومن المتأخرين الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار:8/68
حيث أورد في كتابه رسالة ابن قيم كاملة ، وهي تبلغ نحو خمسين صفحة ، ولم يأت صاحب المنار بجديد سوى المدح والغلو في ابن قيم . . لأنه مفكر إسلامي نابغة استطاع أن يحل المشكلة ويثبت رأي الخليفة بخمس وعشرين دليلاً !
وتدور رسالة ابن قيم على محور واحد هو أن النار تفنى كما يخرب السجن فلا يبقى محل لأهلها إلا أن ينقلوا إلى الجنة ، وهو كلامٌ لم يقله عمر !!
قال ابن قيم وهو يعدد الأقوال في الخلود في جهنم:
السابع: قول من يقول بل يفنيها ربها وخالقها تبارك وتعالى ، فإنه جعل لها أمداً تنتهي إليه ، ثم تفنى ويزول عذابها .
قال شيخ الإسلام ( ابن تيمية ): وقد نقل هذا القول عن عمر وابن مسعود وأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم ، وقد روى عبد بن حميد وهو من أجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور: حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن الحسن ، قال قال عمر: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج ، لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه .
وقال: حدثنا حجاج بن منهال ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن أن عمر بن الخطاب قال: لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج ، لكان لهم يوم يخرجون فيه. ذكر ذلك في تفسير ثابت عند قوله تعالى (لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ) فقد رواه عبد وهو من الأئمة الحفاظ ، وعلماء السنة عن هذين الجليلين سليمان بن حرب وحجاج بن منهال ، وكلاهما عن حماد بن سلمة وحسبك به ، وحماد يرويه عن ثابت وحميد وكلاهما يرويه عن الحسن وحسبك بهذا الإسناد جلالة ، والحسن وإن لم يسمع من عمر فإنما رواه عن بعض التابعين ، ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما جزم به وقال قال عمر بن الخطاب ، ولو قدر أنه لم يحفظ عن عمر فتداولُ هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد ، مع أنهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا ، فلو كان هذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأئمة ، لكانوا أول منكر له.
قال: ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر ونقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها ، فأما قوم أصيبوابذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها ، وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريباً منه ، ولفظ أهل النار لا يختص (يقصد لا يطلق ) بالموحدين بل يختص بمن عداهم ، كما قال النبي (ص) ( أما أهل النار الذين هم أهلها فهم لا يموتون فيها ولا يحيون ) ولا يناقض هذا قوله تعالى ( خَالِدِينَ فِيهَا ) وقوله ( وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ ) بل ما أخبر الله به هو الحق والصدق الذي لا يقع خلافه. لكن إذا انقضى أجلها وفنيت كما تفنى الدنيا ، لم تبق ناراً ولم يبق فيها عذاب ). انتهى .
وقد استدل ابن قيم على رأي الخليفة عمر بخمس وعشرين وجهاً ! لا نطيل الكلام بسردها وردها ، لأنها ماعدا واحد منها وجوه خطابية استحسانية ، وليست علمية ، ويكفي في جوابها جميعاً أنها لا تنهض بمعارضة الآيات والأحاديث المتقدمة الدالة على خلود بعض الفجار في النار ، ولا على معارضة الإجماع الذي تقدم من الفريقين !
أما الوجه الذي يحسن التعرض له فهو قول ابن القيم:
فصل. والذين قطعوا بدوام النار لهم ست طرق:
أحدها: اعتقاد الإجماع ، فكثير من الناس يعتقدون أن هذا مجمع عليه بين الصحابة والتابعين ، لا يختلفون فيه ، وأن الإختلاف فيه حادث ، وهو من أقوال أهل البدع .
الطريق الثاني: أن القرآن دل على ذلك دلالة قطعية ، فإنه سبحانه أخبر أنه عذاب مقيم ، وأنه لا يفتر عنهم ، وأنه لن يزيدهم إلا عذاباً ، وأنهم خالدون فيها أبداً ، وما هم بخارجين من النار ، وما هم منها بمخرجين ، وأن الله حرم الجنة على الكافرين ، وأنهم لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، وأنهم لا يقضى عليهم فيموتوا ، ولا يخفف عنهم من عذابها ، وأن عذابها كان غراماً أي مقيماً لازماً . . قالوا وهذا يفيد القطع بدوامه واستمراره .
الطريق الثالث: أن السنة المستفيضة أخبرت بخروج من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان دون الكفار، وأحاديث الشفاعة من أولها إلى آخرها صريحة في خروج عصاة الموحدين من النار ، وأن هذا حكم مختص بهم فلو خرج الكفار منها لكانوا بمنزلتهم ولم يختص الخروج بأهل الإيمان .
الطريق الرابع: أن الرسول وقفنا على ذلك وعلمناه من دينه بالضرورة من غير حاجة بنا إلى نقل معين ، كما علمنا من دينه دوام الجنة وعدم فنائها .
الطريق الخامس: أن عقائد السلف وأهل السنة مصرحة بأن الجنة والنار مخلوقتان وأنهما لا تفنيان بل هما دائمتان ، وإنما يذكرون فناءهما عن أهل البدع .
الطريق السادس: أن العقل يقضي بخلود الكفار في النار. وهذا مبني على قاعدة وهي أن المعاد وثواب النفوس المطيعة وعقوبة النفوس الفاجرة هل هو مما يعلم بالعقل أو لا يعلم إلا بالسمع فيه طريقتان لنظار المسلمين ، وكثير منهم يذهب إلى أن ذلك يعلم بالعقل مع السمع كما دل عليه القرآن في غير موضع كإنكاره سبحانه على من زعم أنه يسوي بين الأبرار والفجار في المحيا والممات ، وعلى من زعم أنه خلق خلقه عبثا وأنهم إليه لا يرجعون وأنه يتركهم سدى أي لا يثيبهم ولا يعاقبهم ، وذلك يقدح في حكمته وكماله وأنه نسبة إلى ما لا يليق به. وربما قرروه بأن النفوس البشرية باقية واعتقاداتها وصفاتها لازمة لها لا تفارقها وإن ندمت عليها لما رأت العذاب فلم تندم عليها لقبحها أو كراهة ربها لها ، بل لو فارقها العذاب رجعت كما كانت أولاً قال تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) فهؤلاء قد ذاقوا العذاب وباشروه ولم يزل سببه ومقتضيه من نفوسهم بل خبثها قائم بها لم يفارقها بحيث لو ردوا لعادوا كفاراً كما كانوا ، وهذا يدل على أن دوام تعذيبهم يقضي به العقل كما جاء به السمع .انتهى .
ثم قال ابن قيم:
قال أصحاب الفناء على هذه الطرق يبين الصواب في هذه المسألة:
فأما الطريق الأول فالإجماع الذي ادعيتموه غير معلوم وإنما يظن الإجماع في هذه المسألة من لم يعرف النزاع وقد عرف النزاع بها قديماً وحديثاً ، بل لو كلف مدعي الإجماع أن ينقل عن عشرة من الصحابة فما دونهم إلى الواحد أنه قال إن النار لا تفنى أبداً لم يجد إلى ذلك سبيلاً ، ونحن قد نقلنا عنهم التصريح بخلاف ذلك ، فما وجدنا عن واحد منهم خلاف ذلك ، بل التابعون حكوا عنهم هذا وهذا ، قالوا والإجماع المعتد به نوعان متفق عليهما ونوع ثالث مختلف فيه ، ولم يوجد واحد منها في هذه المسألة:
النوع الأول ما يكون معلوماً من ضرورة الدين كوجوب أركان الإسلام وتحريم المحرمات الظاهرة .
الثاني ما ينقل عن أهل الإجتهاد التصريح بحكمه .
الثالث أن يقول بعضهم القول وينشر في الأمة ولا ينكره أحد. فأين معكم واحد من هذه الانواع ، ولو أن قائلاً ادعى الإجماع من هذه الطريق واحتج بأن الصحابة صح عنهم ولم ينكر أحد منهم عليه ، لكان أسعد بالإجماع منكم !
قالوا: وأما الطريق الثاني وهو دلالة القرآن على بقاء النار وعدم فنائها ، فأين في القرآن دليل واحد يدل على ذلك ، نعم الذي دل عليه القرآن أن الكفار خالدون في النار أبداً ، وأنهم غير خارجين منها ، وأنه لا يفتر عنهم من عذابها ، وأنهم لا يموتون فيها ، وأن عذابهم فيها مقيم ، وأنه غرام أي لازم لهم. وهذا كله مما لا نزاع فيه بين الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين ، وليس هذا مورد النزاع ، وإنما النزاع في أمر آخر ( !! ) وهو أنه هل النار أبدية أو مما كتب عليه الفناء ؟ وأما كون الكفار لا يخرجون منها ، ولا يفتر عنهم من عذابها ، ولا يقضى عليهم فيموتوا ، ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ، فلم يختلف في ذلك الصحابة ولا التابعون ولا أهل السنة. وإنما خالف في ذلك من قد حكينا أقوالهم من اليهود ( ! ! ) والاتحادية وبعض أهل البدع، وهذه النصوص وأمثالها تقتضي خلودهم في دار العذاب مادامت باقية ولا يخرجون منها مع بقائها البتة كما يخرج أهل التوحيد منها مع بقائها ، فالفرق كالفرق بين من يخرج من الحبس وهو حبس على حاله ، وبين من يبطل حبسه بخراب الحبس وانتقاضه .
قالوا: وأما الطريق الثالث وهو مجي السنة المستفيضة بخروج أهل الكبائر من النار دون أهل الشرك، فهي حق لا شك فيه ، وهي إنما تدل على ما قلناه من خروج الموحدين منها وهي دار عذاب لم تفن ، ويبقى المشركون فيها ما دامت باقية. والنصوص دلت على هذا وعلى هذا .
قالوا: وأما الطريق الرابع وهو أن رسول الله(ص)وقفنا على ذلك ضرورة، فلا ريب أنه من المعلوم من دينه بالضرورة أن الكفار باقون فيها ما دامت باقية ، هذا معلوم من دينه بالضرورة، وأما كونها أبدية لا انتهاء لها ولا تفنى كالجنة فأين في القرآن والسنة دليل واحد يدل على ذلك !! انتهى .
وقد ذكر في 79: قول أهل السنة (إن الجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبداً فلا ريب أن القول بفنائهما قول أهل البدع من الجهمية ) وأجاب عليه بقوله ( فقولكم إنه من أقوال أهل البدع كلام من لا خبرة له بمقالات بني آدم وآرائهم واختلافهم . . . ) انتهى .
ونلاحظ أن ابن قيم اعترف بأن الذين نفوا خلود النار هم اليهود والإتحادية من الوثنيين والماديين ، ثم قام بتغيير موضوع النزاع في المسألة ، لكي يوفق بين إجماع المسلمين على الخلود في النار وبين قول عمر بفنائها ، وعمدة ماقاله: إنه لا مانع أن نقول خالدين فيها إذا لم تخرب ، كما نقول مؤبدٌ في السجن مادام السجن موجوداً ولم يخرب. يريد بذلك أن أهل النار إنما ينقلون إلى الجنة بسبب خرابها !
ولو سلمنا هذا المنطق في المسألة ، فأين دليله على خراب السجن أو جهنم؟ !
يكفي لرد ذلك أنه لو كان له أصلٌ في الإسلام لكثرت فيه الآيات والأحاديث !
ولو كان له أصلٌ لاحتج به الخليفة ، وذكر ولو كلمةً عن فناء النار ، وما اقتصر على رمل عالج !!
إن فذلكات ابن قيم وأمثاله لا يمكنها أن تقاوم ما تقدم من الآيات والأحاديث والإجماع ، ولا أن تقلب معاني ألفاظ اللغة فتلغي معنى الدوام والتأبيد والخلود وتجعلها كلها لزمن محدود ينتهي .
وقد اغتر بهذه الفذلكة بعضهم وقال: ليس في اللغة العربية كلمة للوقت الممتد بلا انقطاع ! وخير جواب لهؤلاء أن نسألهم: إذا أردتم التعبير بالعربية عن هذا المعنى فبماذا تعبرون ؟ فلابد أنهم سيستعملون ألفاظاً من مادة الدوام والتأبيد والخلود..وهي المواد التي استعملها القرآن والحديث !!

الجهمية أخذت من الخليفة عمر
قال الأشعري في مقالات الإسلاميين/148:
واختلفت المرجئة في تخليد الله الكفار . . . فقالت الفرقة الأولى منهم وهم أصحاب جهم بن صفوان: الجنة والنار تفنيان وتبيدان ويفنى أهلهما ... وأنه لا يجوز أن يخلد الله أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار !!
وفي/279:
والذي تفرد به جهم القول بأن الجنة والنار تبيدان وتفنيان !
تأويلات أهل السنة/75-76:
الرد على الجهمية في قولهم بفناء الجنة وما فيها ، وقوله وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ أي مقيمون أبداً ، فالآية ترد على الجهمية قولهم لأنهم يقولون بفناء الجنة... لكن ذلك وهمٌ عندنا ، لأن الله تعالى هو الأول بذاته . . والباقي بذاته ، والجنة وما فيها باقية بغيرها. إن الله تعالى جعل الجنة داراً مطهرة عن المعايب كلها . . ولو كان آخرها للفناء لكان فيها أعظم المعايب إذ المرء لا يهنأ بعيش إذا نقص عليه بزواله. فلو كان آخره للزوال كانت نعمته منغصه على أهلها . . .

تأويلات أهل السنة/121:
الرد على الجهمية في قولهم بفناء الجنة والنار وانقطاع ما فيهما: وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ، تنقض على الجهمية قولهم . . . فلو كانت الجنة تفنى وينقطع ما فيها لكان فيها خوف وحزنٌ لأن من خاف في الدنيا زوال النعمة عنه وفوتها يحزن عليه . . فأخبر عز وجل أن لا خوف عليهم فيها ، خوف التبعة ولا حزن فوات النعمة ، ولا هم يحزنون ، دل على أنها باقية وأن نعيمها دائم لا يزول ، وكذلك أخبر عز وجل أن الكفار في النار خالدون .

والمرجئة أخذوا من عمر
تاريخ الإسلام للذهبي:13/160:
وكان أبو المطيع فيما نقل الخطيب من رؤوس المرجئة.. وذكروا عنه أنه كان يقول: الجنة والنار خلقتا وستفنيان ، وهذا كلام جهم .

وابن العاص أخذ من عمر
فتح القدير للشوكاني:2/658:
عن ابن عمرو قال: ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد. ثم قال صاحب الكشاف: ما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علياً ما يشغله عن تسيير هذا الحديث ! انتهى.
ويقصد الزمخشري أن عبد الله بن عمرو بن العاص راوي هذا الحديث لا يوثق به ، لأنه كان مبغضاً لعلي(ع) وقد قاتله في صفين بسيفين ، وكان الأولى به أن يكتفي بفعلته تلك ولا ينقل مثل هذه الأحاديث الخارجة عن إجماع المسلمين !
قال في هامش اختيار معرفة الرجال:1/157: وقال في الكشاف: وماظنك بقوم نبذوا كتاب الله لما روى لهم بعض النوابت عبد الله بن عمرو بن العاص: ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد وذلك بعدما يلبثون أحقابا. وبلغني أن من الضلال من اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار ، وهذا ونحوه والعياذ بالله من الخذلان المبين زادنا الله هداية إلى الحق ومعرفة بكتابه وتنبهاً على أن نغفل عنه. ولئن صح هذا عن ابن ابن العاص فمعناه أنهم يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير ، فذلك خلق جهنم وصفق أبوابها ، وأقول: أما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب (رض) ما يشغله عن تسيير هذا الحديث. انتهى قول الكشاف .

ورووا عن ابن مسعود أنه وافق عمر
الدر المنثور:3/350:
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن إبراهيم قال: ما في القرآن آية أرجى لأهل النار من هذه الآية: خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ قال وقال ابن مسعود: ليأتين عليها زمان تخفق أبوابها .
وفي تفسير التبيان:6/68 وروي عن ابن مسعود أنه قال: ليأتين على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد ، وذلك بعد أن يلبثوا فيها أحقاباً .

والشعبي أخذ من عمر
تفسير التبيان:6/68:
وقال الشعبي: جهنم أسرع الدارين عمراناً ، وأسرعهما خراباً .
ويلاحظ على رواياتهم عن ابن العاص وابن مسعود والشعبي أن جهنم تبقى ولكن تفرغ وينقل أهلها إلى الجنة ! وهذا هو موضوع كلام عمر ، لا ماادعاه ابن قيم !

والمعتزلة أخذت من عمر
الملل والنحل للشهرستاني ـ هامش الفصل:1/64:
الخامسة: قوله ( أبو الهذيل ) إن حركات أهل الخلدين تنقطع ، وإنهم يصيرون إلى سكون دائم خموداً ، وتجتمع اللذات في ذلك السكون لأهل الجنة ، وتجتمع الآلام في ذلك السكون لأهل النار .

والجاحظ أخذ من عمر
الملل والنحل ـ هامش الفصل:1 جزء 1/95:
أقوال الجاحظ التي انفرد بها عن أصحابه..منها: قوله في أهل النار إنهم لا يخلدون فيها عذاباً ، بل يصيرون إلى طبيعة النار .
وابن عربي والجيلي أخذاً من عمر

قال في تفسير المنار:8/70:
ويدخل فيه أنها تفنى كما تقول الجهمية ، أو تتحول إلى نعيم كما قال الشيخ محيي الدين بن العربي وعبد الكريم الجيلي من الصوفية .

أما عمر فقد أخذ من كعب الأحبار واليهود
سيرة ابن هشام:2/380:
وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ
قال ابن إسحاق: وحدثني مولى لزيد بن ثابت عن عكرمة أو عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: قدم رسول الله(ص)المدينة واليهود تقول: إنما مدة الدنيا سبعة آلاف سنة ، وإنما يعذب الله الناس في النار بكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً في النار من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب !!
فأنزل الله في ذلك من قولهم: وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ ، أي من عمل بمثل أعمالكم وكفر بمثل ما كفرتم به حتى يحيط كفره بماله عند الله من حسنة ، فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . أي خلداً أبداً. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ أي من آمن بما كفرتم به وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها ، يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله أبداً ، ولا انقطاع له .

الدر المنثور:1/84:
قوله تعالى: وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ الآية. أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي عن ابن عباس أن اليهود كانوا يقولون مدة الدنيا سبعة آلاف سنة . . . الخ. ورواه في مجمع الزوائد: 6/314 .

تفسير التبيان:1/323:
وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً ، وإنما لم يبين عددها في التنزيل، لأنه تعالى أخبر عنهم بذلك وهم عارفون بعدد الايام التي يوقتونها في النار ، فلذلك نزل تسمية عدد الايام وسماها معدودة لما وصفنا .
وقال أبو العالية وعكرمة والسدي وقتادة: هي أربعون يوماً. ورواه الضحاك عن ابن عباس. ومنهم قال: إنها عدد الايام التي عبدوا فيها العجل .
وقال ابن عباس: إن اليهود تزعم أنهم وجدوا في التوراة مكتوباً إن ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين سنة ، وهم يقطعون مسيرة كل سنة في يوم واحد ، فإذا انقطع المسير انقطع العذاب ، وهلكت النار !!

قال السيوطي في الدر المنثور:6/285:
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ميمون أن كعباً دخل يوماً على عمر بن الخطاب فقال له عمر: حدثني إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة ؟ فقال كعب قد أخبرك الله في القرآن إن الله يقول: ما سلككم في سقر . . . إلى قوله اليقين قال كعب: فيشفع يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط ، ويطعم مسكيناً قط ، ومن لم يؤمن ببعث قط ، فإذا بلغت هؤلاء لم يبق أحد فيه خير ! انتهى .
وقد ذكرنا أن كلام كعب هذا يحتل وجهين لأن قوله: حتى يبلغ ، وقوله فإذا بلغت ، قد يقصد بهما أن الشفاعة تبلغ هؤلاء المكذبين بيوم الدين الذين لم يفعلوا خيراً قط ! فلا يبقى أحد في النار وتنتهي. وقد يقصد بهما أن الشفاعة تقف عند هؤلاء فيكون كلامه توسيعاً لها لكل المؤمنين بالبعث من غير المسلمين !
ولايبعد أن يكون هدف كعب القول بدخول الجميع الجنة وفناء النار ، لأن ذلك من مقولات اليهود كما رأيت ! ويكون قصده أن سؤال أهل اليمين للمجرمين: ماسلككم في سقر ؟ إنما هو مقدمةٌ لاخراجهم من النار.. وبشفاعة نبينا(ص) !!
وقد يتصور البعض أن من المبالغة أو التهمة للخليفة عمر بأنه أخذ هذه العقيدة من كعب الأحبار ، ولكن الذي يقرأ احترام عمر لاحبار اليهود والنصارى ولكعب الأحبار خاصة حتى قبل إسلام كعب . . لا يستبعد ذلك بل يطمئن اليه ، ويحسن مراجعة ما كتبناه في ذلك موثقاً في كتاب تدوين القرآن ، وأن الخليفة عمر كان يدرس عند اليهود في المدينة في حياة النبي ’وأن النبي نهاه عن عن ذلك ولم يمتثل ! ونذكر هنا بعض النصوص التي تكشف ثقته العالية بكعب ، والمقام العظيم الذي يحتله كعب في ذهنه وعواطفه !
عمر ينظر إلى كعب كأنه نبي ويتلقى منه
يلاحظ الباحث تعاملاً فريداً للخليفة عمر مع كعب الأحبار ، وأنه كان يحترمه أكثر من كل صحابة رسول الله(ص) ويفضله عليهم علمياً وسياسياً ، ويسأله عن عوالم الغيب والشهادة والأنبياء والجنة والنار وتفسير القرآن ، وعن مستقبل الأمة ومستقبله الشخصي ويثق به ثقةً مطلقة ويقبل منه.. شبيهاً بتعامل الصحابي المؤمن مع نبيه الذي ينزل عليه الوحي !
قال السيوطي في الدر المنثور:3/6:
وأخرج ابن جرير عن أبي المخارق زهير بن سالم قال قال عمر لكعب: ما أول شئ ابتدأه الله من خلقه ؟ فقال كعب: كتب الله كتاباً لم يكتبه قلم ولا مداد ،ولكن كتب بإصبعه يتلوها الزبرجد واللؤلؤ والياقوت: أنا الله لا إله إلا أنا سبقت رحمتي غضبي !!
وقال أحمد في مسنده:1/42:
قال عمر يعني لكعب: إني أسألك عن أمر فلا تكتمني ، قال: والله لا أكتمك شيئاً أعلمه قال: ما أخوف شئ تخوفه على أمة محمد ؟ قال أئمة مضلين. قال عمر: صدقت قد أسرَّ ذلك اليَّ وأعلمنيه رسول الله(ص). ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد:5/239 وقال: رجاله ثقات .

وقال السيوطي في الدر المنثور:4/57:
عن الحسن البصري أن عمر قال لكعب: ما عدن ؟ قال: هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حاكم عدل .

وقال في:5/347:
عن قتادة قال: إن عمر بن الخطاب (رض) قال: يا كعب ما عدن ؟ قال: قصور من ذهب في الجنة يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل .

وقال في كنز العمال:12/560:
عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب: حدثني يا كعب عن جنات عدن. قال: نعم يا أمير المؤمنين قصور في الجنة لا يسكنها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل ، فقال عمر: أما النبوة فقد مضت لاهلها ، وأما الصديقون فقد صدقت الله ورسوله ، وأما الحكم العدل فإني أرجو الله أن لا أحكم بشئ إلا لم آل فيه عدلاً ، وأما الشهادة فأ نَّى لعمر بالشهادة ؟ !-ابن المبارك وأبو ذر الهروي في الجامع .

وقال السيوطي في الدر المنثور:4/57:
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن (رض) أن عمر قال لكعب: ما عدن ؟ قال: هو قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حاكم عدل .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (رض) قال: قرأ عمر (رض) على المنبر جنات عدن ، فقال: أيها الناس هل تدرون ما جنات عدن ؟ قصر في الجنة له عشرة آلاف باب ، على كل باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور العين ، لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد!

وقال في الدر المنثور:5/347:
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة (رض) . . . في قوله: وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنِ قال إن عمر بن الخطاب (رض) قال: يا كعب ما عدن ؟ قال: قصور من ذهب في الجنة يسكنها النبيون والصديقون وأئمة العدل .

معجم ما استعجم:2/74:
الحثمة: بفتح أوله وإسكان ثانية: صخرات بأسفل مكة بها ربع عمر بن الخطاب. روى عنه مجاهد أنه قرأ على المنبر: جنات عدن فقال: أيها الناس أتدرون ما جنات عدن ؟ قصر في الجنة له خمسة آلاف باب على كل باب خمسة وعشرون ألفاً من الحور العين لا يدخله إلا نبي ، وهنيئاً لصاحب القبر وأشار إلى النبي(ص)، أو صديق وهنيئاً لأبي بكر وأشار إلى قبره ، أو شهيد وأنى لعمر بالشهادة وإن الذي أخرجني من منزلي بالحثمة قادر أن يسوقها إلي !! انتهى .
وفي هذه الرواية دلالة على أن كعباً استطاع أن يقنع عمر أن مقصوده بالنبي والصديق والشهيد الذين يسكنون عدن: رسول الله’وأبا بكر وعمر، وأن كعباً كان من المخططين لقتله !
وقال في الدر المنثور:5/306:
قوله تعالى: يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِى الأَرْضِ الآية. أخرج الثعلبي من طريق العوام بن حوشب قال حدثني رجل من قومي شهد عمر (رض) أنه سأل طلحة والزبير وكعباً وسلمان: ماالخليفة من الملك ؟ قال طلحة والزبير: ما ندري ، فقال سلمان (رض): الخليفة الذي يعدل في الرعية ، ويقسم بينهم بالسوية ، ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله ويقضي بكتاب الله تعالى. فقال كعب: ما كنت أحسب أحداً يعرف الخليفة من الملك غيري !

وفي كنز العمال:12/567:
عن طبقات ابن سعد: عن سفيان بن أبي العوجاء قال: قال عمر بن الخطاب: والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك ؟ فإن كنت ملكاً فهذا أمر عظيم ، قال قائل يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقاً ، قال ما هو ؟ قال: الخليفة لا يأخذ إلا حقاً ولا يضعه إلا في حق ، فأنت بحمد الله كذلك ، والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا ، فسكت عمر ( ابن سعد ) .
وقال في كنز العمال:12/573:
عن كعب أن عمر بن الخطاب قال: أنشدك بالله يا كعب أتجدني خليفة أم ملكاً ؟ قال بل خليفة ، فاستحلفه فقال كعب: خليفة والله من خير الخلفاء ، وزمانك خير زمان-نعيم بن حماد في الفتن .
الدر المنثور:4/293:
سأل عمر كعباً عن آيات أول سورة الحديد فقال: معناها إن علمه بالأول كعلمه بالاخر ، وعلمه بالظاهر كعلمه بالباطن ! انتهى .
* *
كنز العمال:2/488:
عن عمر قال: ذكر النبي(ص)يوم القيامة فعظم شأنه وشدته ، قال: ويقول الرحمن لداود(ع) : مرَّ بين يدي ، فيقول داود: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي ، فيقول: مرِّ خلفي ، فيقول: يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي فيقول: خذ بقدمي ! فيأخذ بقدمه عز وجل فيمر !! قال فتلك الزلفى التي قال الله تعالى: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ! ورواه السيوطي في الدر المنثور: 5/305 عن ابن مردويه .

الدر المنثور:5/297:
وأخرج الديلمي عن عمر (رض) قال: قال رسول الله (ص): لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود !

الدر المنثور:5/305:
وأخرج عبد بن حميد ، عن السدي بن يحيى ، قال حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب: إن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد فينادي المنادي داود فيسقى على رؤس العالمين ، فهو الذي ذكر الله: وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَ حُسْنَ مَآبٍ ! انتهى .
ومن الواضح أن هذه الروايات عن داود(ع) من مقولات اليهود وكعب الأحبار ولكن الخليفة عمر يقبلها منه ، والرواة ينسبونها إلى نبينا(ص) !!

كنز العمال:14/146:
عن سعيد بن المسيب قال: استأذن رجل عمر بن الخطاب في إتيان بيت المقدس فقال له: إذهب فتجهز فإذا تجهزت فأعلمني فلما تجهز جاءه فقال له عمر: إجعلها عمرة !
مجمع الزوائد:9/65:
عن عمر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب أرسل إلى كعب الأحبار فقال: يا كعب كيف تجد نعتي ؟ قال: أجد نعتك قرن من حديد. قال: وما قرن من حديد ؟ قال: أمير شديد لا تأخذه في الله لومة لائم. قال: ثم مه ؟ قال: ثم يكون من بعدك خليفة تقتله فئة .
تاريخ الطبري:1/459:
عن أشعث عن سالم النصرى قال: بينما عمر بن الخطاب يصلي ويهوديان خلفه، وكان عمر إذا أراد أن يركع خوى ، فقال أحدهما لصاحبه: أهو هو ؟ قال فلما انفتل عمر قال: أرأيت قول أحدكما لصاحبه أهو هو ؟ فقالا: إنا نجد في كتابنا قرناً من حديد يعطى ما أعطي حزقيل الذى أحيا الموتى بإذن الله !!
فقال عمر: مانجد في كتابنا حزقيل ، ولا أحيا الموتى بإذن الله إلا عيسى بن مريم ! فقالا: أما تجد في كتاب الله: ورسلاً لم نقصصهم عليك ؟ فقال عمر: بلى ، قالا: وأما إحياء الموتى فسنحدثك إن بني اسرائيل وقع فيهم الوباء ، فخرج منهم قوم حتى إذا كانوا على رأس ميل أماتهم الله فبنوا عليهم حائطاً حتى إذا بليت عظامهم بعث الله حزقيل فقام عليهم فقال: ما شاء الله ، فبعثهم الله له فأنزل الله في ذلك: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. انتهى .
والأخوى: الذي لا يستطيع أن يركع أو يسجد بشكل طبيعي إلا بفتح قدميه ونحوه . . والرواية تدل على اهتمام اليهود بإيمان عمر بثقافتهم ، ومحاولتهم التزلف إليه بادعاء أن شخصيته مذكورة في كتبهم ، وأنه نبي يحيي الموتى مثل حزقيل !

تاريخ المدينة لابن شبة:3/110:
لما قدم عمر (رض) من مكة في آخر حجة حجها أتاه كعب فقال: يا أمير المؤمنين إعهد فإنك ميت في عامك ! قال عمر (رض)وما يدريك يا كعب؟ قال: وجدته في كتاب الله ! فقال: أنشدك الله يا كعب هل وجدتني باسمي ونسبي عمر بن الخطاب ؟ قال: اللهم لا ، ولكني وجدت صفتك وسيرتك وعملك وزمانك !
ورواه في:3/88 وزاد فيه: فلما أصبح الغد غدا عليه كعب فقال عمر (رض): يا كعب ، فقال كعب: بقيت ليلتان ، فلما أصبح الغد غدا عليه كعب-قال عبدالعزيز: فأخبرني عاصم بن عمر بن عبيد الله بن عمر قال: قال عمر (رض):
يواعدني كعب   ثلاثاً   يعدُّها        ولا شك أن القول ما قاله كعبُ
وما بي لقاء الموت إني لميتٌ        ولكنما  في الذنب يتبعه الذنبُ

فلما طعن عمر (رض) دخل عليه كعب فقال: ألم أنهك ؟ !
قال: بلى ، ولكن كان أمر الله قدراً مقدورا !! انتهى .
ولا يتسع المجال للرد على أفكار كعب التي تضمنتها رواياته ، وقد أوردنا عدداً منها في سبب نشأة التجسيم في المجلد الثاني .
والواقع أن كعب الأحبار من أكبر المصائب في مصادر إخواننا السنيين ، حيث تجده مقيماً فيها ، كامناً في المواقع الحساسة من أصول العقيدة والشريعة ! وهذا أمر يحتاج إلى معالجات جريئة من علمائهم !
ولكن لابد من الإلفات هنا إلى أن النصوص المتقدمة تدل بما لايقبل الريب على أن كعباً كان شريكاً في مؤامرة قتل عمر !
ولكن إخواننا السنيين ما زالوا يبرئون كعباً ويثقون به ، كما برَّأَ المسيحيون اليهود من دم المسيح !
كما نشير إلى أن كعباً أخطأ في تفسير أول سورة الحديد ، لأنه فسر ( هو ) بعلمه !! ولكن الخليفة عمر يقبل منه كل مايقوله ، بل يحدث به المسلمين على المنبر !


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page