• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لفصل السادس ثورة السيد محمد علي المالكي على الفكر الوهابي !

الفصل السادس
ثورة السيد محمد علي المالكي على الفكر الوهابي !


الرأي الآخر ممنوع عندهم !
لأول مرة في تاريخ المملكة العربية السعودية ، يسمح للرأي المخالف لأفكار الشيخ محمد عبد الوهاب وابن تيمية ، أن يعبر عن نفسه !
فقد ظهرت خيوط ذلك في عدد من الصحف والكتب ، وبرزت أسماء جريئة تنقد الفكر الوهابي . . ولكن رائد الثورة الفكرية على الفكر التيمي السائد . . هو السيد محمد علوي المالكي .
وقد اخترنا هذا الفصل من مواد النقاش الذي جرى في أوائل شهر حزيران وشهر تموز سنة 1999، على شبكة الساحة العربية ، في ( الإنترنيت ) وتضمن رداً وبدلاً بين معارضين ومؤيدين للمالكي ، وبما أن مواد كثيرة لا يتسع المجال لعرضها ، نكتفي بنماذج منها:
ـ طلب أحدهم تعريفا بالمالكي ، فكتب المدعو أبو صالح أحد مؤيدي السيد المالكي ، تعريفا به فقال:
ترددت كثيراً قبل البدء بكتابة هذه الاسطر لسببين:
1 ـ عدم أهلية الفقير وقلة بضاعته .
2 ـ حفاظاً على حرمة السيد أن تناله ألسنة الرعاع .
لكن حينما رأيت أن تلك الأفواه لم تتوان في قذف ما بداخلها من عفن ، لم أجد بداً من إجابة الأخ السائل الذي أحب معرفة شئ عن السيد محمد بن علوي بن عباس المالكي، وها أنا أقدم للإخوة بعضاً مما ذكره السيد في بعض كتبه ، وشيئاً مما أعرفه عنه .
هو: السيد محمد الحسن بن علوى بن عباس بن عبد العزيز المالكي مذهباً الحسني الإدريسي نسباً ( تجد بقية نسبه إلى سيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما في كتاب أنساب قحطان وعدنان )

ولادته ونشأته:
ولد بمكة في بيت علماء فأبوه عالم ومحدث وجده عالم ومحدث ، وكذا حال كثير من عائلته. والسيد يروى كثيراً من الكتب وخاصة الحديث عن أبيه عن جده .
فنشأته كانت بمكة المكرمة وتعلم في حلقات العلم بالمسجد الحرام وفي مدرسة الفلاح ومدرسة تحفيظ القرآن الكريم .
أكمل دراسته الجامعية بالأزهر الشريف حتى حصل على شهادة الدكتوراة به .

رحلاته:
رحل في طلب العلم إلى مصر والمغرب والهند وباكستان وبلاد الشام واستفاد كثيراً من هذه الرحلات من جمع للمخطوطات ولقاء الرجال ومعرفة الآثار وزيارة المشاهد وكتابة الفوائد ، فسبحان المتفضل على عباده.

شئ من علمه:
بدأ بالتدريس وهو دون البلوغ بأمر والده المرحوم السيد علوى المالكي حيث كان يدرس الطلبة كل كتاب يتمه على والده .
جمع الأسانيد على المحدثين والفقهاء في شتى بقاع العالم الإسلامي حتي تحصل له أكثر من 200 شيخ يسر الله طبع الجزء المفرد بهم .
قرأ القراآت السبع على شيخ القراء بمدينة حمص بالشام الشيخ عبدالعزيز عيون السود ( انظر اسمه في آخر مصحف الشام ) وأجازة بها .
ولعل البعض يذكر أن السيد كان أحد أعضاء ( أو رئيسا ـ ان لم تخني الذاكرة ) للجنة التحكيم في مسابقة القرآن الكريم بمكة المكرمة حتى عهد قريب. وبعد ذلك اعتذر هو لشدة انشغاله .
أخبرني بذلك مشافهة أحد القائمين على المسابقة .
تعين مدرساً رسمياً في كلية الشريعة بمكة سنة 1390 هـ .
بعد وفاة والده بثلاثة أيام اجتمع علماء مكة في دار السيد علوى وكلفوه بالتدريس في مقام والده في المسجد الحرام قام بالقاء كثير من المحاضرات في المذياع والتلفاز السعودى ، وخاصة عن السيرة النبوية .
قدم استقالته من الجامعة وتفرغ للتأليف والدعوة إلى الله محتسبا لوجه الله في مكة المكرمة وخارجها . ولا يزال حفظه الله على ذلك .
ـ شارك في عدة مؤتمرات إسلامية عالمية قدم بحوثا طبع أكثرها .
ـ قام بعدة رحلات شخصية ورسمية زار فيها كثيراً من بلاد المسلمين ، ألقى فيها جملة من المحاضرات والدروس نفع الله بها آمين .

من مؤلفات السيد:
دراسات حول الموطأ
فضل الموطأ وعناية الأمة الإسلامية به
دراسة مقارنة عن روايات موطأ الاما
شبهات حول الموطأ وردها
أمام دار الهجرة مالك بن أنس
وألف كتباً عديدة في مصطلح الحديث:
أسماء الرجال ، التصوف ، علم الأسانيد ، الإثبات مثل:
القواعد الأساسية في علم مصطلح الحديث
القواعد الأساسية في علوم القرآن
القواعد الأساسية في أصول الفقه
( وهذه الثلاثة نفع الله بها توفر على طالب العلم كثيراً من الوقت والجهد ) زبدة الإتقان في علوم القرآن
العقود اللؤلؤية في الأسانيد العلوية
إتحاف ذوى الهمم العلية برفع أسانيد والدي السنية
الطالع السعيد المنتخب من المسلسلات والأسانيد
كتب عن آثار مكة
كتاب في رحاب البيت الحرام
صنف في الشمائل المحمديه كتاب: الإنسان الكامل .
وتاريخ الحوادث النبوية
وله كتب عديمة النظر في بابها ككتاب:
وهو بالأفق الأعلى
وشفاء الفؤاد بزيارة خير العباد
والزيارة النبوية بين الشرعية والبدعية
ورسالة عن أدلة مشروعية المولد النبوي
وككتاب مفاهيم يجب أن تصحح
والذى ارتضاه السواد الأعظم من الأمة ، وقرظ له كبار علماء الأمة ، والذى لا يستغنى عنه باحث عن الحق ، ولا منصف لإخوانه الذين يخالفوه في بعض الفرعيات .
ـ قام بالتحقيق والتعليق على المرفوع من رواية ابن القاسم للموطأ
ـ علق على المولد النبوي للحافظ ابن البديع
ـ علق على المولد النبوي للحافظ الملأ على القاري ، ونشره لأول مرة .
وغير ذلك كثير مما يقارب المئة ( 100 ) مؤلف ، منها الذى ظهر ومنها الذي لم يظهر يسر الله طبعها والنفع بها آمين .
شيوخ السيد:
بإمكانك أن تتعرف من خلال معرفة مشايخ السيد الذين يروي عنهم بالإسناد على جانب من شخصيته حفظه الله وبارك في علمه ثم ـ ان يسر الله ـ سأنقل كتب الحديث التي يرويها السيد بإسناده المتصل مما هو مدون لدى وأرويه عن السيد حفظه الله .
وأبدأ بأخص مشايخ السيد محمد بن علوى بن عباس المالكي :
السيد علوى بن عباس المالكي الحسني ت 1391
الشيخ محمد يحيي بن الشيخ أمان ت 1387
الشيخ محمد العربي التباني ت 1390
الشيخ حسن بن سعيد يماني ت 1391
الشيخ محمد الحافظ التيجاني شيخ الحديث بمصر ت 1398
الشيخ حسن بن محمد المشاط ت 1399
الشيخ محمد نور سيف بن هلال المكي ت 1403
الشيخ عبد الله بن سعيد اللحجي ت 1410
الشيخ محمد يس الفادانى ت 1410 وما أدراك من هو : مسند مكة وشيخ دار العلوم الدينية بها(رض)حدث في مجلس واحد عن 200 شيخ مبتدءا بمشرق العالم الإسلامي ومنتهياً بمغربه حدثنى بذلك شيخى القارئ الثقة الذي أروى عنه وعن السيد كلاهما عن الشيخ الفاداني الشيخ عبدالله أحمد دردوم ت 1407
الشيخ الفقيه شيخ العلماء حسنين بن محمد مخلوف مفتى مصر ت 1411
الشيخ محمد إبراهيم أبو العيون شيخ الخلوتية بمصر ت ؟
وهؤلاء أكثر الذين لازمهم السيد وأخذ عنهم واستفاد منهم والتقي السيد بنخبة عديمة النظر من العلماء العارفين من سادتنا آل البيت النبوي وأخذ عن فحولهم واقتبس منهم الشئ الكثير وعلى رأسهم السادة من آل باعلوى وما أدراك من آل باعلوى نفعنا الله بهم من أعلى الناس علما وتقوى وأشدهم تواضعاً وحياء لوجهلتهم لجهلت مجداً من أعرق الأمجاد لهذه الأمة المحمدية ، استقر غالبيتهم في بلاد حضرموت ، ومنها انطلقوا للدعوة إلى الله في أرجاء الأرض .
أصحاب مبدأ في حياتهم يمثلون أهل السنة والجماعة ، أشاعرة العقيدة متبعون لمذهب سيدنا الإمام الشافعى ، يعيشون إحياء علوم الدين على وجه الأرض .
ولو أنصف المؤرخون لسطروا أثرهم بماء الذهب في فاتحة أى كتاب تاريخ للمسلمين هل تدرى لماذا ؟ لأنهم بتوفيق الله غيروا خريطة العالم الإسلامي فقد أدخلوا الإسلام لأكبر كثافة إسلامية على وجه الأرض ( أكثر من 50% من مجموع المسلمين ) وهذا في آسيا وإفريقيا وهي أماكن لم تصلها جيوش المسلمين !
جملة من أئمة الدين الذين يروى عنهم السيد محمد علوي المالكي:
الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي شيخ الحديث بالهند
الشيخ المحدث حبيب الرحمن الأعظمي شيخ الحديث
الشيخ المحدث محمد يوسف البنوري بكراتشي
الشيخ محمد شفيع مفتي باكستان
الشيخ محمد أسعد العبجي مفتي الشافعية بحلب
السيد حسن بن أحمد بن عبدالباري الأهدل اليماني منصب المراوعة
السيد المسند العارف بالله مكي بن محمد بن جعفر الكتاني الدمشقي
الشيخ الفقيه شيخ العلماء حسنين بن محمد مخلوف مفتي مصر
الشيخ المحدث أمين بن محمود خطاب السبكي المصري
الشيخ المعمر محمد عبدالله عربي المصري المعروف بالعقوري وهو تلميذ
الشيخ الباجوري .
ويروي عن الأمير الصغير مباشرة بلا واسطة ، فسنده في غاية العلو. انتهى .

بداية ظهور ثورته الفكرية

ـ نشر أحدهم في الشبكة المذكورة ( بيان هيئة كبار العلماء بالضال محمد علوي المالكي ) ونص القرار المرقم 86 في 11/11/1401 هفي الدورة السادسة عشرة المنعقدة بالطائف في شوال عام 1400 هـ:
نظر مجلس هيئة كبار العلماء فيما عرضه سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والأفتاء والدعوة والإرشاد مما بلغه من أن لمحمد علوي مالكي نشاطاً كبيراً متزايداً في نشر البدع والخرافات ، والدعوة إلى الضلال والوثنية ، وأنه يؤلف الكتب ويتصل بالناس ، ويقوم بالأسفار من أجل تلك الأمور ، واطلع على كتابه الذخائر المحمدية ، وكتابه الصلوات المأثورة ، وكتابه أدعية وصلوات ، كما استمع إلى الرسالة الواردة إلى سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والأفتاء والدعوة والإرشاد ، من مصر ، وكان مما تضمنته:
( وقد ظهر في الأيام الأخيرة طريقة صوفية في شكلها لكنها في مضمونها من أضل ما عرفناه من الطرق القائمة الآن، وان كانت ملة الكفر واحدة. هذه الطريقة تسمي ( العصبة الهاشمية والسدنة العلوية والساسة الحسنية الحسينية ) ويقودها رجل من صعيد مصر يسميه أتباعه ( الإمام العربي ) وهو يعتزل الناس في صومعة له ويمرون عليه صفوفاً ويسلمون عليه ، ويحدثونه ويمنحهم البركات ، ويكشف لهم المخبؤ بالنسبة لكل واحد ، وهذا كله من وراء ستار ، فهم يسمعون صوته ولا يرون شكله ، اللهم إلا الخاصة من أحبابه وأصحابه ، فهم المسموح لهم بالدخول عليه ، وعددهم قليل جداً ، وهو لا يحضر مع الناس الجمع ، ولا الجماعات ، ولا يصلى في المسجد الذي بناه بجوار صومعته ، ويعتقد أتباعه أنه يصلى الفرائض كلها في الكعبة المشرفة جماعة خلف النبى(ص).
ويعتقدون كذلك أنه من البقية الباقية من نسل الأئمة المعصومين ، وأن المهدي سيخرج بأمره ، وقد أنشأ لطريقته فروعاً في بعض مدن مصر ، يجتمع روادها فيها علي موائد الأكل والشرب والتدخين ، ويأمرون مريديهم بحلق اللحي ، وعدم حضور الجماعة في المساجد ، وذلك تمهيداً لإسقاط الصلاة نفسها ، ويخشى أنهم امتداد لحركة باطنية جديدة ، فإن هناك وجه شبه بينهم وبين خصائص الباطنية ، فإنهم بالإضافة إلى ما سبق محظور علي أتباعهم إذاعة أسرارهم والسؤال عن أي شئ يرونه من شيوخهم ، كذلك الإسم الذى سموا به حركتهم والشعار الذي اتخذوه لها هو ( فاطمة على الحسن الحسين ) ومما يؤيد هذا الظن أنهم يجاورون الضاحية التي دفن فيها ( أغا خان ) زعيم الإسماعيلية حيث لا تنقطع أتباع الإسماعيلية عن زيارة قبره ، والإتصال بالناس هناك ، وقد دفن أغا خان في مصر لهذه الغاية ، وقد ازداد أمر هؤلاء في نظرنا خطورة حين علمنا أن لهم إتصالات ببعض أفراد في السعودية ، وقد هيأت لبعض أتباعهم فرص عمل في المملكة عن طريق هؤلاء الأفراد الذين لم نتعرف على أسمائهم بعد ، نظراً للسرية التي يحيطون بها حركتهم ، ونحن في سبيل ذلك إن شاء الله .
ولكن الذي وقفنا عليه وعرفناه يقينا لا يقبل الشك أن الشيخ ( محمد بن عباس المالكي المكي الحسني ) يتصل بهم إتصالاً مباشراً ويزور شيخهم المحتجب ويدخل عليه ويختلى به ويخرج من عنده بعد ذلك طائفاً باتباعه في البلاد متحدثاً معهم محاضراً فيهم خطيبا بينهم ، كأنه نائب عن الشيخ المزعوم ، ثم يختم زيارته بالتوجه إلى ضريح أبى الحسن الشاذلي الشيخ الصوفي المعروف ، المدفون في أقصى بلاد مصر ومعه بطانة من دهاقنة التصوف في مصر، وهو ينشر بينهم مؤلفاته التي اطلعنا علي بعضها فاستوقفنا منها كتابه المسمي ( الذخائر المحمدية ) وتحت يدى الآن نسخة منه بل الجزء الأول وهو يقع في 354 صفحة من الحجم الكبير ذي الطباعة الفاخرة، وطبع بمطبعة حسان بالقاهرة ، ولا يوزع عن طريق دار نشر وإنما يوزع بصفة شخصية ، وبلا ثمن .
والذى يقرأ هذا الكتاب يجد المؤلف هداه الله قد أورد فيه كل المعتقدات الباطلة في رسول الله(ص)، ولكن بطريق ملتو فيه من المكر والدهاء ما فيه ، حتي لا يؤخذ علي المؤلف خطأ شخصي ، فهو يذيع تلك العقائد ويشيعها عن طريق النقل من بعض الكتب التى أساءت إلى الإسلام في عقيدته وشريعته ، والتي وصلت برسول الله(ص)الي درجة من الغلو ما قال بها كتاب الله ولا سنة رسوله(ص)، بل ورد بشأنها النهي الصريح عن مثل هذا الزيغ والزيف والضلال )
ثم ذكر أمثلة مما جاء في الكتاب من الضلال وختم رسالته بقوله ( نحن انما نهتم بتعقب مثل هذه الأخطاء والخطايا من أجل أن ننبه الي خطورتها وخطرها من باب نصح المسلمين وارشادهم وتحذيرهم مما يخشى منه على العقيدة الصحيحة والإيمان الحق .
وإنما نكتب لكم به كذلك لتتصرفوا حياله بما فيه الخير للإسلام والمسلمين ، فكما أن مصر مستهدفة من أعداء الإسلام بحكم عددها وعدتها واجماعها من حيث الأصل على السنة ، فإن السعودية مستهدفة بنفس القدر إن لم يكن أكثر بحكم موقعها من قلوب المسلمين ، وبحكم عقيدتها القائمة علي حماية جناب التوحيد ، وعلى توجيه الناس إلى السنة الصحيحة واهتمامها بنشر هذه العقيدة في كل مكان .
فلا أقل من أن ننبه إلى بعض مواطن الخطر لتعملوا علي درئه ما استطعتم، والظن بكم بل الإعتقاد فيكم سيكون في محله إن شاء الله ، فإن الأمر جد خطير كما رأيتم ، من بعض فقرات الكتاب. أ هـ ) .
وقد تبين للمجلس صحة ما ذكر من كون محمد علوى داعية سوء ويعمل على نشر الضلال والبدع وأن كتبه مملوءة بالخرافات والدعوة إلى الشرك والوثنية .
ورأى أن يعمل على إصلاح حاله وتوبته من أقواله وأن يبذل له النصح ويبين له الحق واستحسن أن يحضر المذكور لدي سماحة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد رئيس المجلس الأعلى للقضاء وسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والأفتاء والدعوة والإرشاد ، ومعالى الشيخ سليمان بن عبيد الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين لمواجهته بما صدر منه من العبارات الإلحادية والصوفية ، واسماعه الكتاب الوارد من مصر ومعرفة جوابه عن ذلك ، وما لديه حول ما ورد في كتبه .
وقد حصل هذا الإجتماع المذكور في المجلس الأعلى للقضاء يوم الخميس الموافق 17 /10/ 1400 هـ .
وأعد محضر بذلك الإجتماع تضمن إجابته بشأن تلك الكتب ، وما سأله عنه المشايخ مما جاء فيها . وجاء في المحضر الذي وقع فيه أن كتاب الذخائر المحمدية وكتاب الصلوات المأثورة له. أما كتاب أدعية وصلوات فليس له ، وأما الرجل الصوفي الذي في مصر فقد قال أنه زاره ومئات من أمثاله في الصعيد ، ولكنه ليس من أتباعه ويبرأ إلى الله من طريقته ، وأنه لم يلق محاضرات في مصر، وأنه أنكر عليه وعلى أتباعه ، وقد ذكر للمشايخ أنه له وجهة نظر في بعض المسائل، أما الأمور الشركية فيقول انه نقلها عن غيره، وأنها خطأ فاته التنبيه عليه .
ولما استمع المجلس الي المحضر المذكور وتأكد من كون الكتابين له ، وعلم اعترافه بأنه جمع فيها تلك الأمور المنكرة ، ناقش أمره وما يتخذ بشأنه ، ورأى أنه ينبغى جمع الأمور الشركية والبدعية التي في كتابه الذخائر المحمدية مما قال فيها أنه خطأ فاته التنبيه عليه وتطبق علي المحضر ، ويكتب رجوعه عنها ويطلب منه التوقيع عليه ، ثم ينشر في الصحف ويذاع بصوته في الإذاعة والتلفزيون ، فإن استجاب لذلك وإلا رفع لولاة الأمور لمنعه من جميع نشاطاته في المسجد الحرام ، ومن الإذاعة والتلفزيون ، وفى الصحافة ، كما يمنع من السفر إلى الخارج ، حتي لا ينشر باطله في العالم الإسلامي ، ويكون سبباً في فتنة الفئام من المسلمين ، وقد قامت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بقراءة كتابيه المذكورين اللذين اعترف أنها له ومن إعداده وتأليفه ، وجمع الأمور الشركية والبدعية التي فيها وإعداد ما ينبغى أن يوجه له ، ويطلب منه أن يذيعه بصوته ، وبعث له عن طريق معالي الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 788 2 وتاريخ 12/ 11/1400 هـ ، فامتنع عن تنفيذ ما رآه المجلس ، وكتب رسالة ضمنها رأيه ، ووردت الي سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ، مشفوعة بكتاب معالى الرئيس العام لشئون الحرمين الشريفين ، رقم 2053/19 وتاريخ 26/12/1400 هـ.
وجاء في كتاب معليه أنه اجتمع بالمذكور مرتين ، وعرض عليه خطاب سماحة الشيخ عبد العزيز ، وما كتبه المشائخ ، ولكنه أبدي تمنعاً عما اقترحوه ، وأنه حاول اقناعه ولم يقبل ، وكتب إجابة عما طلب منه مضمونها التصريح بعدم الموافقة على إعلان توبته .
وفي الدورة السابعة عشرة المنعقدة فط شهر رجب عام 1401 هـ. في مدينة الرياض نظر المجلس في الموضوع وناقش الموقف الذى اتخذه حيال ما طلب منه ورأي أن يحاط ولاة الأمور بحاله والخطوات التي اتخذت لدفع ضرره وكف أذاه عن المسلمين ، وأعدت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بيانا يشتمل علي جملة من الأمور الشركية والبدعية الموجودة في كتابه الذخائر المحمدية منها:
1 ـ نقل في صفحة 265 من الأبيات التى جاء فيها :
ولما رأيت الدهر قد حارب الورى    جعلت لنفسى نعل سيده حصنا
تحصنت   منه    في   بديع   مثالهـا    بسور  منيع  نلت  في ظله الامنا

2 ـ نقل قصيدة للبكرى في الصفحتين 158 ـ 159 تتضمن أنواعا من الشرك الأكبر وفيها إعراض عن الله عز وجل قال فيها:
ما أرسل الرحمن أو يرسل    من  رحمة  تصعد  أو تنـزل
في  ملكوت  الله  أو  ملكه    من كل ما يختص أو يشمل
إلا  وطه  المصطفي عبـده    نبيـه    مختــاره   المرســـل
واســـــطة فيها وأصل لها       يعلم هذا كل من يعقـــل
فلذ به من كل ما تشـتكى      فهو شفيع دائما يقبـــل
ولذ به من كل ما ترتجي       فانه المرجع والموئـــل
وناده ان أزمـة أنشــــبت       أظفارها واستحكم المعضل
يا أكرم الخلق على ربــــه      وخير من فيهم به يسـأل
كم مسنى الكرب وكم مرة       فرجت كربا بعضه يذهـل
فبالذى خصك بين الـوري      برتبة عنها العلا تنــزل
عجل باذهاب الذي أشتكى       فإن توقفت فمن ذا أسـأل

3 ـ ذكر فى/( 25 ) أن ليلة مولده(ص)أفضل من ليلة القدر. وهذا خطأ واضح فليلة القدر أفضل الليالى بلا شك .
4 ـ ذكر في الصفحات الثالثة والأربعين والرابعة والأربعين والخامسة والأربعين قصيدة لابن حجر الهيتمى فيها اثبات حياة النبى(ص)على الإطلاق وأنه يصلى الصلوات الخمس ويتطهر ، ويجوز أن يحج ويصوم ، ولا يستحيل ذلك عليه وتعرض عليه الأعمال . ونقل عن الهيتمى استجارته بالرسول(ص)وأقره على ذلك ، والإستجارة بغير الله نوع من الشرك الأكبر .
5 ـ أورد في الصفحات ( 52 ) إلى ( 55 ) ما نصه: من استغرق في محبة الأنبياء والصالحين حمله ذلك على الإذن في تقبيل قبورهم والتمسح بها ، وتمريغ الخد عليها. ونسب أشياء من ذلك إلى بعض الصحابة ، وأقر ذلك ولم ينكره ، مع أن تلك الأمور من البدع ووسائل الشرك الأكبر ، ونسبتها إلى بعض الصحابة باطلة .
6 ـ ذكر في صفحة ( 60 ) أن زيارة قبره الشريف(ص)من كمال الحج وأن زيارته عند الصوفية فرض وأن الهجرة الي قبره عندهم كالهجرة إليه حياً. وأقر ذلك ولم ينكره .
7 ـ ذكر عشر كرامات لزائر قبر النبى(ص)كلها رجم بالغيب وقول على الله بلا علم .
8 ـ دعا إلى الإستجارة به(ص)والإستشفاع به عند زيارته فقال ما نصه ( ويتأكد بتجديد التوبة في هذا الموقف الشريف وسؤال الله تعالي أن يجعلها لديه نصوحاً والإستشفاع به(ص)فى قبولها والإكثار من الإستغفار والتضرع بتلاوة الآية المذكورة ، وأن يقول بعدها وقد ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، وأتيت بجهلي وغفلتي أمراً كبيراً ، وقد وفدت عليك زائراً وبك مستجيراً .
ص ( 100 ) ومعلوم أن الإستشفاع والاستجارة به بعد وفاته(ص)من أنواع الشرك الأكبر .
9 ـ ذكر في صفحة ( 10 ـ شعراً يقال مع الدعاء عند زيارة قبره(ص)ومنه:
هذا نزيلك أضحي لا ملاذ له    إلا جنابك يا سؤلى ويا أملى
ومنه:
ضيف ضعيف غريب قد أناخ بكم    ويستجير بكم يا سادة العرب
يا مكرم الضيف ياعون الزمان ويا غوث الفقير ومرمي القصد والطلب
ونقل عن بعضهم فى/( 102 ) شعرا تحت عنوان فضائل نبوية قرآنية:
أترضي مع الجاه المنيع ضياعنا    ونحن الي أعتاب بابك ننسب
أفضــــلها علينا نفحــــة نبوية    تلم شتات المسلمين وترأب
وهذه الأبيات الخمسة من الشرك الأكبر والعياذ بالله .
10 ـ نقل في صفحة ( 54 ) بيتا من الهمزيه هو:
ليته خصنى برؤية وجه        زال عن كل من رآه العناء
وهذا كذب وباطل وقد رآه في حياته عليه الصلاة والسلام أقوام كثيرون ، فما زال عنهم عناؤهم ولا كفرهم .
11 ـ نقل في صفحة ( 157 ) غلوا في نعال الرسول(ص)فى البيتين التاليين:
على رأس هذا الكون نعل محـــــــمد    سمت فجميع الخلق تحت ظلاله
لدى الطور موسى نودى اخلع وأحمد     إلى العرش لم يؤمر بخلع نعاله

12 ـ ذكر في صفحة ( 166 ) قصيدة شركية للشيخ عمر الباقى الخلوتى منها:
يا ملاذ الوري وخير عـيان    ورجاء لكل دان قصى
لك وجهى وجهت يا أبيض    الوجه فوجه إليه وجه الولي

13 ـ نقل في كتابه الذخائر المحمدية / ( 284 ) عن ابن القيم من كتابه جلاء الأفهام ما يوهم أن الطريق إلى الله وإلى جنته محصور في اتباع أهل البيت يعني أهل بيت النبي(ص)وتصرف في كلام ابن القيم فلم ينقله على حقيقته ، لأن ابن القيم في كتابه المذكور تكلم على إبراهيم الخليل وآله من الأنبياء وذكر أن الله سبحانه بعث جميع الأنبياء بعد إبراهيم من ذريته ، وجعل الطريق إليه مسدوداً إلا من طريقهم ، ومنهم نبينا محمد(ص).
فترك الشيخ محمد علوى مالكى نقل أصل كلام ابن القيم(رض)وتصرف فيه ، فنقل ما يوهم القراء أن المراد أهل بيت النبى محمد(ص)، ولا يخفى أن هذا الرأى هو مذهب الرافضة الإثني عشرية ، وأنهم يرون أن الأحاديث الواردة من غير طريق أهل البيت لا يحتج بها ولا يعمل بها ولو كان الراوى لها أبا بكر الصديق أو عمرأو عثمان أو غيرهم من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين.. وهذا منكر عظيم وفساد كبير وتدليس شنيع أراد به تحقيق مقصد سيئ خطير .
ومثل ما تقدم ما ذكره في الصفحتين الرابعة والخامسة من كتابه الصلوات المأثورة حيث يقول من جملة الدعاء الذى نقله ( وانشلني من أوحال التوحيد وأغرقنى في عين بحر الوحدة ) وقوله: ( ولا شىء إلا هو به منوط ) يعنى بذلك النبي(ص).
وقد رفع البيان إلى صاحب السمو الملكى نائب رئيس مجلس الوزراء مشفوعاً بكتاب سماحة الرئيس العام رقم 1280/2 وتاريخ 28/7/1401 هـ .
وفي الدورة الثامنة عشرة للمجلس ـ المنعقدة في شهر شوال عام 1401 هـ .
أعيدت مناقشة موضوعه بناء على ما بلغ المجلس من أن شره في إزدياد ، وأنه لا يزال ينشر بدعه وضلالاته في الداخل والخارج ، فرأى أن الفساد المترتب على نشاطه كبير ، حيث يتعلق بأصل عقيدة التوحيد التي بعث الله الرسل من أولهم إلى آخرهم لدعوة الناس اليها ، وإقامة حياتهم على أساسها ، وليست أعماله وآراؤه الباطلة في أمور فرعية إجتهادية يسوغ الإختلاف فيها ، وأنه يسعى إلى عودة الوثنية في هذه البلاد وعبادة القبور والأنبياء ، والتعلق على غير الله ، ويطعن في دعوة التوحيد ويعمل على نشر الشرك والخرافات ، والغلو في القبور ، ويقرر هذه الأمور في كتبه ويدعو إليها في مجالسه ، ويسافر من أجل الدعوة لها في الخارج. انتهى .
ويبدو أن الدولة السعودية قررت أن تسمح بهپا اهامش من الحرية لعالم كبير معروف في مكة والمملكة ، وأن لا تتخذ ضده اجراء بالسجن أو المنع من السفر.

نماذج من المناقشات حول أفكاره
كتب المدعو محمد الفاتح ، تحت عنوان ( الإستغاثة والرد على محمد علوي المالكي ، ما يلي:
الحمد لله والصلاة والسلام الإتمان الأكملان على سيد الأولين والآخرين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
فمسألة الإستغاثة بالأموات والغائبين من الأنبياء والأولياء والصالحين من المسائل التي كثر فيها النزاع في العصور المتأخرة بين مانع يراها ضرباً من الشرك والوثنية ، ومبيح يراها من أفضل القرب لدى رب البرية .
ولا شك إن القرآن الكريم لم يغفل هذه القضية، ولم يسكت عن بيان حكم هذه البلية ، كيف وغاية مقصده بيان التوحيد ودعوة الناس إليه ، وكشف الشرك وتنفير الناس منه ؟! وعامة من ضل في هذا الباب إنما أتى من قبل أعراضه عن نور القرآن، وإقباله على ذبالات الأذهان، وخرافات الأحبار والرهبان، المعتمدين على منطق اليونان .
وهذا بحث مختصر ليس لي فيه إلا جمع الأقوال وترتيب النقول ، وقد استخرت الله تعالى في نشره ، فعسى أن ينفع الله به كاتبه وقارئه ، وأن يجعله ذخراً لي يوم الحساب.
وقبل الشروع في مقصود البحث لا بد من عرض مقدمات ضرورية أرى التقصير في عرضها سبباً لإتساع رقعة الخلاف وكثرة القيل والقال . وإذا ما اتفق الجميع على هذه المقدمات أمكن الإتفاق على المسألة محل النزاع .
المسألة الأولى:
هل كان المشركون الأولون مقرين لله بالربوبية ؟ هل أثبتوا خالقاً ورازقاً ومدبراً لهذا الكون غير الله رب البرية ؟
وسيتفرع عن هذه المسألة مسائل تذكر تباعاً إن شاء الله .
والذي يدفعني إلى إثارة هذه القضية التي تبدو من البدهيات الواضحات أني رأيت بعض من كتب في مسألة الإستغاثة ينكر هذه القضية ، ويزعم أن المشركين لم يفردوا الله بالخالقية والرازقية . وهذا مثال من أقوال المخالفين:
يقول محمد علوي المالكي في مفاهيمه:
وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) فإنهم لو كانوا يعتقدون حقاً أن الله تعالى الخالق وحده ، وأن أصنامهم لا تخلق لكانت عبادتهم لله وحده دونها ) انتهى .
وهو كلام لا ينقضي منه العجب ! ألا يكفي أخبار القرآن وتقريره لهذه القضية أن تكون من الحقائق لا الأوهام ؟!!!
وأعجب منه ظنه المفهوم من كلامه أن من أقر بالخالق استحال منه صرف العبادة لغيره .
أقول: بل لم يقروا بالخالق فحسب ، انما أقروا أنه الخالق الرازق المحيي المميت المتصرف في الكون الذي يجير ولا يجار عليه .
ومن كلامه الذي دخل به لتاريخه قوله بعد ذكره قوله تعالى (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) : هذه الآية صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دونه تعالى وإشراكهم اياها في دعوى الربوبية (!!!) على أن عبادتهم لها تقربهم إلى الله زلفى .
فكفرهم وشركهم من حيث عبادتهم لها ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله. وهنا مهمة لا بد من بيانها ، وهي أن هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكى عنهم ربنا ). انتهى .
فقارن رحمك الله بين كلامه وكلام المفسرين اللاتي . وانها كلمة كبيرة حقاً ( غير جادين ) فهل يعني القرآن بنقل الهزل والكذب مرات عدة دون تعليق .. إنا لله وإنا إليه راجعون فإليك البيان وابدأ بذكر آيات مشهورة معلومة للجميع مرتبة حسب ترتيب المصحف مفسرة من كلام أئمة التفسير المتفق على إمامتهم وجلالتهم. فاللهم وفق وسدد وأعن .
أولاً : قوله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ . يونس : 31
قال الإمام البغوي ( ت: 516 هـ ) في تفسيره ( فسيقولون الله ) هو الذي يفعل هذه الأشياء ( فقل أفلا تتقون ) أفلا تخافون عقابه في شرككم. وقيل: أفلا تتقون الشرك مع هذا الإقرار .
( فذلكم الله ربكم ) الذي يفعل هذه الأشياء هو ربكم ( الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون ) أي فأين تصرفون عن عبادته وأنتم مقرون به . اهـ . وقال الإمام الرازي في تفسيره (17/70 ):
ثم بين تعالى أن الرسول(ص)إذا سألهم عن مدبر هذه الأحوال فسيقولون أنه الله سبحانه وتعالى ، وهذا يدل على أن المخاطبين بهذا الكلام كانوا يعرفون الله ويقرون به ، وهم الذين قالوا في عبادتهم للأصنام أنها تقربنا إلى الله زلفى، وأنهم شفعاؤنا عند الله ، وكانوا يعلمون أن هذه الأصنام لا تنفع ولا تضر . انتهى .
ومن باب الفائدة أنقل كلام بعض الأئمة من غير المفسرين:
أولا: الإمام ملا علي القاري ، قال في شرح الفقه الأكبر/16:
وقد أعرض الإمام عن بحث الوجود إكتفاء بما هو ظاهر في مقام الشهود ، ففي التنزيل: ( قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ) ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) فوجود الحق ثابت في فطرة الخلق كما يشير إليه قوله سبحانه وتعالى ( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) ويومئ إليه حديث: كل مولود يولد على فطرة الإسلام. وانما جاء الأنبياء ((عليهم السلام) ) لبيان التوحيد وتبيان التفريد ، ولذا أطبقت كلمتهم وأجمعت حجتهم على كلمة لا اله إلا الله ولم يأمروا أهل ملتهم بأن يقولوا: الله موجود بل قصدوا اظهار أن غيره ليس بمعبود ، ردا لما توهموا وتخيلوا حيث قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، وما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى . علي أن التوحيد يفيد الوجود مع مزيد التأييد. انتهى .
فاحفظ هذا الكلام ، والخبير يعرف من المقصود برد الإمام .
ثانيا: وقال علي القارى أيضاً :
في شرح الشفا للقاضي عياض ( 2 528 ) تعليقا على ما نقله القاضي عن الباقلاني أن الإيمان بالله هو العلم بوجوده قال:
وما يتعلق به من توحيد ذاته ، وإلا فمجرد العلم بوجوده حاصل لعامة خلقه، كما قال الله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) وإنما أنكر وجوده سبحانه طائفة من الدهرية والمعطلة. انتهى .
ولست بحاجة إلى نقل كلام ابن تيمية وابن القيم والآلوسي والشوكاني والصنعاني والقاسمي والشنقيطي والسعدي ، ولا كلام محمد بن عبد الوهاب وأحفاده. ولله الحمد والمنة .
تنبيه
أحب أن أقول لكل من خالف أو أراد المخالفة : إعلم أن للقوم شبهات واهيات ، لن أضيع وقتى في ردها ، إلا إذا تبرع أحدكم بنشرها، بعد أن يصرح لنا أنه يخالف ما سبق ، وبعد أن يستشهد بعلماء معتبرين يوافقونه على فهمه واستنباطه .
تحذير:
احذر أخي أن تخالف أمرا ثابتا بالقرآن الكريم نحو هذا الثبوت المقطوع به. يقول القاضي عياض في الشفا ( 2/549 ) مع شرح القاري ( أو كذب به ، أي بالقرآن جميعه أو بشئ منه . . أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته على علم منه بذلك) أي دون نسيان أو خطأ ( أو شك في شئ من ذلك فهو كافر عند أهل العلم ) قاطبة ( بإجماع ) لا خلاف فيه .انتهى .
وليعلم أن محمد علوي المالكي ليس أول المخالفين لهذا الحق الثابت ، فقد سبقه موكب هزيل من دعاة الوثنية من أمثال القضاعي والدجوي والمجهول ابن مرزوق و . . . وهؤلاء نصبوا أنفسهم أئمة ومفسرين ومجتهدين ، فأتوا بهذا الضلال الذي هو تكذيب لحقائق القرآن ، وخروج عما أطبقت عليه كلمة أهل الإيمان والعرفان .
فها هو أحدهم يقول: هذه الآيات صريحة في انكار المشركين للخالق سبحانه وتعالى فدل على أنهم كانوا مشركين في خالقية الله تعالى ) !!!
وآخر يقول ( فاذا ليس عند هؤلاء الكفار توحيد الربوبية كما قال ابن تيمية ) !!
والسؤال: هل المفسرون السابق ذكرهم من تلاميذ ابن تيمية!! ( الطبري والقرطبي وابن عطية ، والرازي وابن الجوزي . . . ) ؟!!
وثالث منهم يقول: ( وإني لأعجب من تفريقهم بين توحيد الألوهية والربوبية ، وجعل المشركين موحدين توحيد الربوبية ) .
ورابع يقول: ( ثم انه سبحانه حكم بشركهم لاتخاذهم تلك الأصنام شريكاً لله في الخلق وتدبير العالم ، وجوزوا عبادتها خلافا لله تعالى )
تأمل: ( في الخلق وتدبير العالم )!! ( مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ ) (قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَئٍْ . . . سَيَقُولُونَ للهِ ) .
لكن . . . ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور .
ـ ثم كتب المدعو محمد الفاتح تحت عنوان ( حقيقة شرك عبدة الأصنام ):
يزعم دعاة الوثنية المعاصرة أن المشركين الأوائل كانوا غير معترفين بالله ولا يقرون له بالربوبية ، وأن القرآن الكريم سجل عليهم حكم الكفر لأنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم النفع والضر ، وأنها مساوية لله في الألوهية ، بل والربوبية .
وقد تقرر في الحلقة الأولى أن المشركين أفردوا الله بالخلق والرزق والتدبير وغير ذلك من أمور الربوبية ، وبهذا انهار جزء كبير مهم من الدعوى التي يرددها محمد علوي المالكي ، وجميع من يدعو إلى عبادة الأولياء والصالحين .
وهنا ينهار ما تبقى من الدعوى بحول الله وقوته ، وذلك من خلال عرض الحقائق التالية:
1 ـ المشركون لم يعتقدوا النفع والضر في أصنامهم .
2 ـ الأصنام لا تمثل في حس المشركين إلا صوراً للأنبياء والصالحين أو الملائكة .
3 ـ المشركون لم يعبدوا الأصنام إلا لينالوا شفاعة أصحابها من العلماء والزهاد. ولتقربهم إلى الله زلفى .
4 ـ في حال الشدة يتخلى المشركون عن وسائطهم ويفردون الله بالدعاء .
ولا تعجب أخي القارئ إذا وجدتني أتكئ كثيرا على ما كتبه الرازي والشهرستاني معرضاً عما كتبه ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب .
والغرض أن يعلم الجميع أن هذه الحقائق يقررها العلماء مهما اختلفت مشاربهم وتنوعت مدارسهم وتباعدت أعصارهم ، وأنه ليس في كلام ابن تيمية وتلاميذه في هذه المسألة ما هو جديد أو محدث ، إلا عند من لا يقرأ وإذا قرأ لم يفهم (وَمَنْ يُرِدِ اللهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللهِ شَيْئًا ).
قال الفخر الرازى في تفسيره ( 26 283) عند قوله تعالى: اللهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ ، الزمر: ويحتمل أن يكون المراد بهذا: إن الدليل يدل على أن الواجب على العاقل أن يعبد الها موصوفاً بهذه القدرة وبهذه الحكمة ، ولا يعبد الأوثان التي هي جمادات لا شعور لها ولا ادراك .
واعلم ان الكفار أوردوا على هذا الكلام سؤالاً فقالوا: نحن لا نعبد هذه الأصنام لإعتقاد أنها آلهة تضر وتنفع، وإنما نعبدها لاجل أنها تماثيل لأشخاص كانوا عند الله مقربين ، فنحن نعبدها لأجل أن يصير أولئك الأكابر شفعاء لنا عند الله .
فأجاب الله تعالى بأن قال ( أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ . ) . . .
وقال الرازى (17/59 ) في تفسير قوله تعالي ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ . . ) يونس :
وأما النوع الثانى: ماحكاه الله تعالى عنهم في هذه الآية ، وهو قولهم (هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ ) فاعلم أن من الناس من قال: ان أولئك الكفار توهموا أن عبادة الأصنام أشد في تعظيم الله من عبادة الله سبحانه وتعالى .
فقالوا : ليست لنا أهلية ان نشتغل بعبادة الله تعالى ، بل نحن نشتغل بعبادة هذه الأصنام ، وانها تكون لنا شفعاء عند الله تعالى .
ثم اختلفوا في انهم كيف قالوا في الأصنام أنها شفعاؤنا عند الله ؟ وذكروا فيه اقولا كثيرة:
فأحدها: أنهم اعتقدوا أن المتولي لكل اقليم من أقاليم العالم روح معين من أرواح عالم الأفلاك، فعينوا لذلك الروح صنماً معيناً واشتغلوا بعبادة ذلك الصنم . . . ورابعها: أنهم وضعوا هذه الأصنام والأوثان على صور أنبيائهم وأكابرهم ، وزعموا أنهم متى اشتغلوا بعبادة هذه التماثيل فإن أولئك الأكابر تكون شفعاء لهم عند الله تعالى .
ونظيره في هذا الزمان إشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر ، على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فانهم يكونون شفعاء لهم عند الله. انتهى .
قلت: الله اكبر. فمن الذي شبهكم بعبدة الأصنام ؟؟!!
وقال الرازي في ( 26/277 ) في تفسير قوله تعالى ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ ) الزمر :
وهذا مثل ضرب في غاية الحسن في تقبيح الشرك وتحسين التوحيد .
فإن قيل: هذا المثال لا ينطبق علي عبادة الأصنام لأنها جمادات فليس بينها منازعة ولا مشاكسة .
قلنا: إن عبدة الأصنام مختلفون ، منهم من يقول هذه الأصنام تماثيل الكواكب السبعة . ومنهم من يقول: هذه الأصنام تماثيل الأشخاص من العلماء والزهاد الذين مضوا فهم يعبدون هذه التماثيل لتصير أولئك الأشخاص من العلماء والزهاد شفعاء لهم عند الله . . .
وقال في ( 25/254 ) في تفسير قوله تعالى ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ ) سبأ : 23 .
واعلم أن المذاهب المفضية إلى الشرك أربعة: ورابعها: قول من قال: أنا نعبد الأصنام التي هي صور الملائكة ليشفعوا لنا. فقال تعالى في إبطال قولهم (وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ). فلا فائدة لعبادتكم غير الله ، فإن الله لا يأذن في الشفاعة لم يعبد غيره، فبطلبكم الشفاعة تفوتون على أنفسكم الشفاعة. انتهى.
وقارنه بكلام ابن القيم في المدارج .
وسأجيب عن شبهتهم: أننا لا نعبدهم ، وأنهم يملكون الشفاعة ويقدرون عليها الآن ( وهم أموات ) فنحن نطلب منهم ما يقدرون عليه ويملكونه !!!!
وقال الرازي في ( 20/102 ) في تفسير قوله تعالى ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ . . ) الإسراء:
اعلم أن المقصود من هذه الآية الرد على المشركين. وقد ذكرنا أن المشركين كانوا يقولون ليس لنا أهلية أن نشتغل بعبادة الله تعالى، فنحن نعبد بعض المقربين من عباد الله وهم الملائكة ، ثم انهم اتخذوا لذلك الملك الذي عبدوه تمثالاً وصورة واشتغلوا بعبادته على هذا التأويل. انتهى .
وانظر كلامه في ( 25/171 ) السجدة. و ( 23/102 ) الشعراء
وإليك كلام غيره من أهل العلم . . . انتهى .
وقد أطال هذا الفاتح تبعاً لإمامه ابن تيمية وكل تلاميذه، في اثبات أن المشركين كانوايعتقدون بألوهية الله تعالى فكانوا موحدين في الألوهية ، ولكنه سماهم مشركين لأنهم عبدوا معه غيره وأشركوهم في ربوبيته .
وهدفهم من ذلك أن يقولوا ان الذين يتوسلون بالأنبياء والرسل مشركون مثل أولئك ، لأنهم موحدون في الألوهية ويشركون الأنبياء والأولياء في الربوبية !!
ولكن لو صحت مقدمتهم هذه ، لبقي عليهم مقدمتان يلزم عليهم إثباتهما:
الأولى ، أن الذين يتوسلون بالأنبياء والأولياء يعبدونهم ، كما كان المشركون يعبدون الشركاء !!
والثانية ، أن توسلهم بهم عمل لم يأذن به الله تعالى ولم ينزل به سلطاناً ، كشرك المشركين !!
وقد تبين لك الفرق الشاسع بين التوسل والعبادة ، وتبين لك دلالة الآيات والأحاديث الشريفة على التوسل، وأنه عمل مشروع أذن الله به ورسوله ، فتشبيهه بشرك المشركين تلبيس وتزوير !

ثم كتب محمد الفاتح تحت عنوان:
أهم الشبهات حول شرك عباد الأصنام ، فقال:

أجدني مضطرا للرد على الشبهات التي أثارها علوي المالكي وأتباعه ومن سبقه، حول الحقائق الماضية ، والتي نقلت فيها أقوال أهل العلم في بيان أن المشركين أقروا لله بالخلق والرزق والتدبير ، وأشركوا به في العبادة ، أملأ في القربى وبحثاً عن الزلفى إلى الله ، وأنهم لم يعتقدوا في أصنامهم نفعاً ولا ضراً .
الشبهة الأولى:
كيف يقال ان المشركين لم يعتقدوا في أصنامهم نفعاً ولا ضراً ، وها هو القرآن يحكي قولهم ( إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء ) ؟
والجواب: أننا لا ننكر اعتقاد المشركين النفع والضر في آلهتهم أفليس قولهم (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى ) وقولهم (وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ ) من اعتقاد النفع تقريبا وشفاعة ؟؟
ولذلك تجد بعض المفسرين يذكر أنهم كانوا يعتقدون في أصنامهم النفع والضر وهذا حق لا ينكر كما . وليس هذا محل النزاع . . . انما النزاع في كونهم يعتقدون فيهم نفعا ذاتياً استقلالياً دون الله ، فأين الدليل على ذلك ؟
فقد اعترفوا بأن تدبير الأمر كله لله ، وأن بيده ملكوت كل شئ ، وأنه يجير ولا يجار عليه ، وقد مر معك قولهم الذي سمعه النبي(ص)وود لو اقتصروا على جزء منه ، وهو قولهم في التلبية ( لبيك اللهم لبيك . . . إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك ) .
وحين أتكلم عن شرك عباد الأصنام الذين نزل فيهم القرآن أفاجأ بمن يتحدث عن قوم إبراهيم وقوم هود ((ص)) !!!
ومع هذا أقول: غاية ما عند هؤلاء المشركين أنهم اعتقدوا أن الله تعالى فوض إليهم تدبير بعض الأمور ، وأعطاهم شيئاً من التصرف. أليس هذا عين ما يقوله عباد القبور اليوم ، حين ينسبون لأوليائهم نفعاً وضراً ، بل حين يخوفوننا بطشهم وهم تحت الثرى ؟!!
فإذا قلنا عن هؤلاء حين يخوفوننا بالولي الفلاني : إنهم يعتقدون فيه نفعاً وضراً هب المدافعون عنهم المتشدقون هنا فقالوا: إنه تفويض من الله وأقدار من الله وليس استقلالاً.
فثبت أن هذه الصورة موجودة تتكرر من أناس يؤمنون بأن الله هو الخالق والرازق والمدبر. وقد حكى القرآن عن عبدة الأصنام ( وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) وهو من جنس الكلام السابق ، مع يقينهم واعترافهم بأن كل حول وطول لآلهتهم مملوك لله ( تملكه وما ملك ). انتهى كلامه .
ويرد عليه:
أولا، أنه خلط بين أصناف متعددين من المشركين ذكرهم الله تعالى في القرآن، وحمل كلام بعضهم لبعضهم الآخر !!
وثانياً ، لو صح كلامه وكان أولئك المشركين يجعلون التأثير الذاتي كله لله تعالى ويعتقدون بأن تأثير شركائهم المزعومين تأثير مجعول من الله تعالى واقدار منه على النفع والضر بإذنه . . فإن عبادتهم لهم تبقى إشراكاً لهم في عطاء الله تعالى وفعله بدون دليل من الله ولا سلطان !
أما المتوسلون بالأنبياء والأولياء فعندهم من الله دليل وسلطان ، لأنه أذن لهم بذلك.. وإذا صدر منه الأذن صار اسم العمل توسلاً مشروعاً ، ولم يعد اسمه شركاً !! وإلا لكان ما علمه النبي صلد الله عليه وآله لذلك الأعمى شركاً صريحاً ، ووالعياذ بالله !!

ثم قال الفاتح:
الشبهة الثانية:

استدلالهم بقوله تعالى ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ ) الأنعام : 108 ، قال المالكي: في مفاهيمه:
وإذا غضبوا قابلوا المسلمين بالمثل ، فيسبون الله تعالى غيرة علي تلك الأحجار التي كانوا يعبدونها يعتقدون أنها تنفع وتضر ، فيرمون الله بالنقائص. وهذا واضح جدا في أن الله تعالى أقل منزلة في نفوسهم من تلك الأحجار التي كانوا يعبدونها. ولو كانوا يعتقدون حقا أن الله تعالى هو الخالق وحده ، وأن أصنامهم لا تخلق ، لكان على الأقل احترامهم له تعالى فوق احترامهم لتلك الأحجار ). انتهى .
قلت: أما يستحي هذا الرجل من كتابة هذا الكذب والهراء ؟!!! يا ويح من قرظ له هذا الإفك. فهلا نقلت هذا الإستنباط عن أحد قبلك من أهل العلم ؟
الجواب: سؤال: إذا قمت بنصيحة أحد الفجرة اليوم فقام بسبك وسب ربك ، كما يحدث في بعض بلدان المسلمين ، فهل يعني هذا أنه لا يعترف بربوبية الله ؟ وهل يعني هذا أنه يثبت خالقاً غير الله ؟ أم أن الأمر مرده للحمية والغيظ ؟ وإليك كلام العلماء:
قال ابن الجوزي ( 3/102 ): ( فَيَسُبُّوا اللهَ ) أي: فيسبوا من أمركم بعيبها ، فيعود ذلك إلى الله تعالى ، لا أنهم كانوا يصرحون بسب الله تعالى ، لأنهم كانوا يقرون أنه خالقهم ، وان أشركوا به. انتهى .
وقال الرازي ( 13/139 ):
أقول: لي هنا اشكالان : . . الثاني: أن الكفار كانوا مقرين بالإله تعالى وكانوا يقولون: انما حسنت عبادة الأصنام لتصير شفعاء لهم عند الله تعالى ، وإذا كان كذلك: فكيف يعقل اقدامهم على شتم الله تعالى وسبه ؟
إلى أن قال: واعلم أنا قد دللنا على أن القوم كانوا مقرين بوجود الإله تعالى فاستحال أقدامهم على شتم الإله ، بل هنا إحتمالات :
أحدها: أنه ربما كان بعضهم قائلاً بالدهر ، ونفى الصانع فما كان يبالي بهذا النوع من السفاهة .
وثانيها: أن الصحابة متى شتموا الأصنام ، فهم كانوا يشتمون الرسول عليه الصلاة والسلام ، فالله تعالى أجرى شتم الرسول مجرى شتم الله تعالى كما في قوله (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ ) وكقوله (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ ) .
وثالثها: انه ربما كان في جهالهم من كان يعتقد أن شيطاناً يحمله على إدعاء النبوة والرسالة ، ثم انه لجهله كان يسمي ذلك الشيطان بأنه اله محمد ، عليه الصلاة والسلام ، فكان يشتم اله محمد ، بناء على هذا التأويل .انتهى .
وكلام الرازي هذا نقله أبو حيان في تفسيره البحر المحيط ، وعقب عليه بقوله: وهذه إحتمالات مخالفة للظاهر ، وانما أوردها لأنه ذكر أن المعترفين بوجود الصانع لا يجسرون أن يقدموا على سبه تعالى ، وقد ذكرنا ما يحمل على حمل الكلام على ظاهره. انتهى .
قال ابو حيان: فَيَسُبُّوا اللهَ ، أنهم يقدمون على سب الله إذا سب آلهتهم وإن كانوا معترفين بالله تعالى ، لكن يحملهم على ذلك إنتصارهم لآلهتهم وشدة غيظهم لأجلها، فيخرجون عن الإعتدال إلى ما ينافي العقل، كما يقع من بعض المسلمين إذا اشتد غضبه وانحرف ، فإنه قد يلفظ بما يؤدي إلى الكفر ، نعوذ بالله من ذلك. انتهى .
وبمثل هذا التوجيه قال الآلوسي: في تفسيره روح المعانى: 7 251 . . .
وقال الراغب: إن سبهم لله تعالى ليس أنهم يسبونه جل شأنه صريحاً ، ولكن يخوضون في ذكره تعالى ويتمادون في ذلك بالمجادلة ، ويزدادون في وصفه سبحانه بما ينزه تقدس اسمه عنه . وقد يجعل الإصرار على الكفر والعناد سبا، وهو سب فعلي ، قال الشاعر:
وما كان ذنب بني مالك     بأن سب منهم غلام فسب
بأبيض ذي شطب قاطع     يقد العظام ويبرى العصب

ونبه به على ما قال الاخر: ونشتم بالافعال لا بالتكلم .
وقيل: المراد بسب الله تعالى:
سب الرسول(ص)ونظير ذلك من وجه قوله تعالي (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ ) الآية. انتهى كلام الآلوسي .
والحاصل من هذه الأجوبة أنه ليس أحد يذهب إلى ما ذهب إليه المالكي .
وها أنت ترى أنهم يجعلون الحقائق السابقة من اقرار المشركين أصلاً يردون إليه ما عداه ويبحثون عن تأويله ، على عكس ما يحاول المالكي .
وبعد . . . ألا تعجب معي من هذه الشهادات والتزكيات التي يحملها المالكي ، وهو يرضى لنفسه بترديد الشبه التي يسوقها النبهاني والقضاعي والدجوي ودحلان ، دون أثارة من علم صحيح ؟!! انتهى .
ويرد عليه ماأوردناه على شبهته الأولى ، من أن ذلك لو تم لكان قياس التوسل على عبادة المشركين قياساً مع الفارق في طبيعتهما ، وفي نزول سلطان من الله في التوسل دون الشرك !

الشبهة الثالثة:
إستدلال المالكي بقول ابي سفيان يوم أحد ( أعل هبل ) فهم المالكي منه مايلي:
ينادي صنمهم المسمى بهبل أن يعلو في تلك الشدة رب السموات والأرض ويقهره ، ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذي يريد أن يغلب آلهتهم .
هذا مقدار ما كان عليه أولئك المشركون مع تلك الأوثان ، ومع الله رب العالمين فليعرف حق المعرفة فإن كثيراً من الناس لا يفهمونه كذلك ، ويبنون عليه ما يبنون. انتهى كلام المالكي .
قلت: ليته تكرم بنقل واحد عن أهل العلم حتى لا يساء به الظن ، لكن ما أجرأه وما أجهله . . . يا ويح من قرظ له !
وقد روى البخاري في الصحيح ( 4043 ) ما جرى مع أبي سفيان:
وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد ؟. فقال: لا تجيبوه . فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة ؟
قال: لا تجيبوه . فقال: أفي القوم ابن الخطاب ؟
فقال: إن هؤلاء قتلوا ، فلو كانوا أحياء لأجابوا .
فلم يملك عمر نفسه فقال: كذبت يا عدو الله ، أبقى الله عليك ما يخزيك .
قال أبو سفيان: أعل هبل .
فقال النبى (ص): أجيبوه. قالوا: ما نقول ؟ قال: قولوا الله أعلى وأجل .
قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم .
فقال النبي (ص): أجيبوه. قالوا ما نقول: قال: قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم .
قال أبو سفيان: يوم بيوم بدر ، والحرب سجال. انتهى .
قال الحافظ في الفتح 7 408:
قوله ( أعل هبل ) في رواية زهير ( ثم أخذ يرتجز: أعل هبل ) قال ابن اسحاق: معنى قوله: أعل هبل. أي: ظهر دينك .
وقال السهيلى: معناه: زاد علوا. انتهى من الفتح .
والذي في الروض الأنف للسهيلي: زد علوا ، 3 179
فقول ابن اسحاق: أي ظهر دينك. هو المعنى الذي لا ينبغي العدول عنه ، لا ما توهمه المالكي ، مما يخالف الحقائق اليقينية السابقة .
ويزيد الأمر وضوحاً أن أبا سفيان لم يجد رداً على قول المسلمين: الله أعلى وأجل فانتقل إلى أمر آخر ، وهو انقطاع منه ظاهر !!
وها هو أبو سفيان يقول لقومه بصريح العبارة حين نجت العير: إنكم إنما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم فقد نجاها الله فارجعوا. البداية والنهاية 3/281 ، نجاها الله لا هبل ، فافهم .
بل هذا عدو الله أبو جهل يقول قبيل بدر كما يروى الإمام أحمد والنسائي والحاكم وصححه ، عن عبد الله بن ثعلبه أن أبا جهل قال: حين التقى القوم:
اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرف فأحنه الغداه. انتهى. البداية والنهاية 3/299
وهذا هو معني قوله تعالى ( إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِىَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) الأنفال : 19.
قال مجاهد كما في رواية ابن جرير: إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ ، قال: كفار قريش في قولهم: ربنا افتح بيننا وبين محمد وأصحابه ، ففتح بينهم يوم بدر. اهـ.
وقال السدي: كان المشركون حين خرجوا إلى النبي(ص)من مكة أخذوا بأستار الكعبة ، واستنصروا الله وقالوا: اللهم انصر أعز الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلتين ، فقال الله: ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح ، يقول: نصر ت ما قلتم ، وهو محمد(ص). رواه ابن جرير .
يستنصرون الله ، لا الأولياء والصالحين !!!! فهل هؤلاء منكرون ربوبية الله ؟! وقال أبو جهل أيضاً في بدر:
فلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد. البداية والنهاية 3 286. فاعتبروا يا أولى الأبصار. انتهى .
ويرد عليه:
أولا ، أنه مهما ادعى لأبي سفيان ومشركي قريش الإيمان بالله تعالى ، فإن ماثبت عنه من قوله ( أعل هبل ) يدل على أنه برأيه هو الله أو أنه أهم عنده من الله !! وهذا يوجب الشك في أن كلمة الله منه قد تعني هبلا ، ولا تعني رب العالمين سبحانه !!
وثانيا ، لو تم ما أراده من اثبات ايمان مشركي قريش بالله تعالى أكثر من هبل ، فإن اتخاذهم هبلا واللات والعرى لتقربهم إلى الله زلفى كما زعموا ، كانت إشراكاً لها مع الله تعالى ، اما في التأثير الذاتي ، أو التأثير بأقدار الله . . وكله بدون سلطان من الله تعالى !
فكيف يقاس ذلك بالتوسل برسول الله وآله صلى الله عليهم ، الذي دل عليه الدليل وكزل فيه السلطان ؟!!

الشبهة الرابعة:
استدلال القبورية بقوله تعالى ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَامُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا ) الفرقان : 60 ، قالوا: فهل يكون صاحب هذا الكلام موحداً معترفاً بالربوبية ؟!
والجواب: قال الطبري:
وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف الرحمن ولم يكن ذلك في لغتها ولذلك قال المشركون للنبي(ص): وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا إنكاراً منهم لهذا الإسم . كأنه كان محالاً عنده أن ينكر أهل الشرك ما كانوا عالمين بصحته ، أو كأنه لم يتل من كتاب الله قول الله : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ، يعني محمداً ، كما يعرفون أبناءهم ، وهم مع ذلك به مكذبون ولنبوته جاحدون .
فيعلم بذلك أنهم قد كانوا يدافعون حقيقة ما قد ثبت عندهم صحته واستحكمت لديهم معرفته. وقد أنشد لبعض الجاهلية الجهلاء:
ألا ضربت تلك الفتاة هجينها ألا قضب الرحمن ربي يمينها
وقال سلامة بن جندل الطهوي:
عجلتم علينا عجلتينا عليكم وما يشاء الرحمن يعقد ويطلق . . انتهى .
ونسيت الموضع الذي نقلته منه من التفسير .
وقال ابن جرير في تفسير آية الفرقان:
وذكر بعضهم أن مسيلمة كان يدعي الرحمن فـلما قال لهم النبي (ص): اسجدوا للرحمن قالوا: أنسجد لما يأمرنا رحمن اليمامة ؟ يعنون مسيلمة بالسجود له . .
وقال أبو السعود في تفسيره:
( قالوا وما الرحمن ) قالوه لما أنهم ما كانوا يطلقونه على الله تعالى ، أو لأنهم ظنوا أن المراد به غيره تعالى ، ولذلك قالوا ( أنسجد لما تأمرنا ) أي للذي تأمرنا بسجوده ، أو لامرك إياناً ، من غير أن نعرف أن المسجود ماذا .
وقيل: لأنه كان معربا لم يسمعوه. انتهى .
وقال الزمخشرى:
وما الرحمن. يجوز أن يكون سؤالاً عن المسمى به ، لأنهم ما كانوا يعرفونه بهذا الإسم والسؤال عن المجهول بما .
ويجوز أن يكون سؤالاً عن معناه ، لأنه لم يكن مستعملاً في كلامهم كما استعمل الرحيم والرحوم والراحم . أو لأنهم أنكروا إطلاقه على الله تعالى . . .
قلت: حين امتنع سهيل بن عمرو يوم الحديبية من كتابة اسم الله الرحمن ، ماذا كتب ؟ هل كتب: باسم هبل ؟!
روى البخاري في صحيحه: فدعا النبي(ص)الكاتب فقال النبي (ص): بسم الله الرحمن الرحيم. قال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب .
فقال المسلمون والله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم .
فقال النبي (ص): أكتب باسمك اللهم. انظر البخاري ـ كتاب الشروط ـ باب الشروط في الجهاد. ولا يغيبن عن ذهنك ما أشرت إليه سابقاً من اعتماد أهل العلم على الحقائق القرآنية السابقة ، وفهم سائر النصوص في ضوئها لو فرض اشكال. فكيف ولا إشكال ؟!
ولله الحمد ، فانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. انتهى كلام الفاتح .
ولو صح لورد عليه ماورد على شبهاته السابقة .
ثم كتب المدعو محمد الفاتح:
سبق بيان حال المشركين عبدة الأصنام ، وصحة إقرارهم لله بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، وأن شركهم لم يكن باعتقاد وجود الهين متساويين ، أو اعتقاد النفع والضر في هذه الأصنام ، وانما كان بعبادة هذه الأصنام أملا في شفاعتها ولنيل القربى والزلفى عند الله .
مع إعتقادهم أنها مملوكة مربوبة لله لا تنفع ولا تضر استقلالاً ، وما هي إلا صور للصالحين من الأنبياء والعلماء والزهاد أو الملائكة ، كما سبق مفصلاً في الحلقتين الماضيتين.
ولا يخفى أن عباد القبور ينكرون هذه الحقائق ، ويلبسون على العامة والخاصة مدعين أنه ما أشرك أولئك إلا بإعتقادهم الربوبية والنفع والضر في أصنامهم .
ولا مانع أن أعيد نص كلام محمد علوي المالكي كاملا : قال في مفاهيمه التي يجب أن تصحح ، بل أن تنسف من الأصل/95 ، تحت عنوان الواسطة الشركية ، بعد ذكر قوله تعالى: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَىِ:
والإستدلال بهذه الآية في غير محله ، وذلك لأن هذه الآية الكريمة صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام ، واتخاذها آلهة من دونه تعالى ، وإشراكهم إياها في دعوى الربوبية .
على أن عبادتهم لها تقربهم إلى الله زلفى، فكفرهم وإشراكهم من حيث عبادتهم لها ، ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله .
وهنا مهمة لا بد من بيانها وهي أن هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكي ربنا عنهم من قوله مسوغين عبادة الأصنام: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى ، فإنهم لو كانوا صادقين في ذلك لكان الله أجل عندهم من تلك الأصنام فلم يعبدوا غيره . . انتهى .
وقد مضى كلام أهل العلم الذي لا يدع مجالاً للشك ، في هذه الحقيقة التي يثبتها القرآن . ولا أدري من سلف هذا المالكي ؟!!
قلت: لعله استفاد هذا التحقيق عن طريق الكشف !!!
وقال/96 ( وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) فانهم لو كانوا يعتقدون حقا أن الله تعالى الخالق وحده وأن أصنامهم لا تخلق ، لكانت عبادتهم لله وحده دونها ) ويفهم منه أن المشركين لم يعتقدوا حقاً أن الله الخالق !!!!! وأنهم اعتقدوا أن الأصنام تخلق !!!!! انتهى .
وهذا أيضاً ربما جاءه من العلم اللدني الذي حرمه المفسرون والعلماء الأكابر ممن سبق ذكرهم .
فانظر إلى هذا الضلال البين والمخالفة الصريحة لما ثبت بالوحي (إشراكهم إياها في دعوى الربوبية . . . اعتقادهم أنها أرباب من دون الله . . . ما كانوا جادين . . . اصنامهم تخلق )

الشبهة الخامسة
استدلالهم بقوله تعالى ( إِتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ ) التوبة. والجواب: أنظر ما نشر في الحلقة الثالثة عن شرك الطاعة لتعلم أن المراد بالرب: المطاع في التحليل والتحريم ، وأن أحداً من المذكورين لم يعتقد في أحباره خلقاً ولا رزقاً .
ومثله قوله تعالى ( أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) يوسف .

الشبهة السادسة
استدلال المالكي بقوله تعالى ( وَجَعَلُوا للهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا للهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللهِ وَمَا كَانَ للهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ). الأنعام : 136
قال المالكي: فلولا أن الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الحجارة ما رجحوها عليه هذا الترجيح الذي تحكيه الآية واستحقوا عليه حكم الله عليهم بقوله (سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) انتهى. المفاهيم 96 .
الجواب: مشكلة المالكي أنه مولع بالتفرد والشذوذ والتقليد لأسلافه من القبورية! ولما كان مكذبا لما حكاه القرآن ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى ) قال هذا الكلام الساقط ( الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الأحجار ) !!!!
كيف والأحجار ومن تمثلهم ماهم إلا وسطاء إلى الله الكبير المتعال ؟! صدق الله وكذب المالكي .
وغاية ما في تصرف المشركين هذا أنهم كانوا ينذرون لله ولشركائهم ثم يجورون في القضية ، فلا يصل إلى الله شئ ، وحجتهم إن الله غني عن هذا ، وليس كما يدعي المالكي أن الله أقل في نفوسهم من الأحجار .
نعم محبة المشركين لأوثانهم، بل ومساواتهم لها مع الله في المحبة أمر معروف ، بل منهم ومن سائر عباد القبور والأصنام من يؤثرهم على محبة الله .
لكن جعل ذلك دليلاً على عدم إقرارهم واعترافهم بربوبية الله من الإفك المبين . . .
وروى ابن جرير عن ابن عباس:
وذلك أن أعداء الله كانوا إذا احترثوا حرثاً أو كانت لهم ثمرة جعلوا لله منها جزءاً وللوثن جزءاً ، فما كان من حرث أو ثمرة أو شئ من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه . فإن سقط منه شئ فيما سمي لله ردوه إلى ما جعلوا للوثن .
وإن سبقهم الماء إلى الذي جعلوه للوثن فسقى شيئاً جعلوه لله جعلوا ذلك للوثن ! وإن سقط شئ من الحرث والثمرة التي جعلوا لله فاختلط بالذي جعلوا للوثن قالوا: هذا فقير ولم يردوه الي ما جعلوا لله .
وإن سبقهم الماء الذي جعلوا لله فسقى ما سمى للوثن ، تركوه للوثن. فتأمل تعليلهم بغنى الله وبفقر الأوثان .
وهذا من ضلالاتهم وسخافاتهم ولا شك ! لكن أين ما فهمه المالكي أو افتراه ؟!!
ومهما يكن من أمر فهم معترفون بالله وينذرون له ، ويقرون بربوبيته وبأنه غني. وهذا ما ينكره المالكي !
أقول هذا تعليقاً على كلمة « أثارهم » فليست القضية الآن في المساواة أو التفضيل في المحبة ، وإنما القضية: هل هم مؤمنون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المتصرف ؟
قلت: وقد رأيت من هو فقير معدم بخيل شحيح ، لا يكاد يعرف الصدقة لله ، لكنه حريص على الذهاب بالشاة ونحوها إلى قبور الصالحين. فأي حب وايثار فوق هذا ؟؟!! بل الأمر أعظم من ذلك ، فقد شافهني أحدهم بأنه يخشى أن تموت جميع أنعامه ان لم يفعل ذلك !
فلا حول ولا قوة إلا بالله. فهل هؤلاء ينكرون خالقية الله وربوبيته أم عبدوا معه غيره !! ساء ما حكم به المالكي. انتهى .
وجوابه:
أن هؤلاء المشركين إن صح فيهم ما تقول من توحيدهم لله تعالى ! فإن شركهم لأصنامهم لم يكن فيه برهان من الله ولا سلطان !!
فكيف يقاس به توسل المتوسلين بالنبي وآله الطاهرين ، الذي دل عليه الدليل وأنزل الله فيه البهان والسلطان ؟!!
إن الكفار والمشركين اتخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالى .
والضالون اتخذوا إليه وسيلة من دونه ، لم يأمر بها ولم ينزل بها سلطانا . .
أما نحن فنوحده ونطيعه ونبتغي إليه الوسيلة التي أمرنا بها وهي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم .
والذين ينتقدوننا لم يفرقوا في موضوع التوسل والشفاعة بين ما هو من الله تعالى وما هو من دونه !!
وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والإيمان والهدى والضلال !!
وهل تقولون أن النبي(ص)عندما علم الاعمى أن يقول ( يا محمد إني توجهت بك إلى الله ) كان يعلمه الشرك والعياذ بالله ؟!! فماذا تفترون ؟!!

نماذج من كتاب وزير الاوقاف السعودي ردا على كتاب المالكي
للسيد محمد علوي المالكي كتاب باسم ( مفاهيم يجب أن تصحح ) وقد نشر المدعو أبو محمد التميمي في شبكة الساحة العربية ، ردا عليه أخذه من كتاب (هذه مفاهيمنا ) للشيخ صالح آل الشيخ ، وزير الأوقاف السعودي..
وهو رد ضعيف لأنه اعتمد فيها على الإستحسانات العقلية والظنية، وحاول تطبيق آيات المشركين على المتوسلين ! مع أن المشركين اتخذوا شركاء أو وسائل من دون الله تعالى ، بينما اعتمد المتوسلون على حجة شرعية من الله ورسوله(ص).. ولكن وزير الأوقاف أصر على عدم التفريق بين ماهو من دون الله وما هو من عند الله تعالى !!!
قال الوزير: الباب الأول ، قال/45 ( يقصد المالكي في كتابه المذكور ): الوسيلة: كل ما جعله الله سبباً في الزلفى عنده ، ووصلة إلى قضاء الحوائج منه. والمدار فيها على أن يكون للوسيلة قدر وحرمة عند المتوسل إليه. اهـ .
أقول: كلامه حوى جملتين الأولى من الحق والثانية فيها اجمال به يتوصل إلى ما نهى الله عنه ، ولم يجعله وسيلة. فقوله: والمدار فيها .. إلخ ! مجمل يمكن تفسيره على أحد وجهين:
الأول: أن يدخل في ذلك ذوات الأنبياء والصالحين باعتبار أن لهم من المنزلة والزلفى عند الله ما يجل عن الوصف .
فإن كان هذا معنيا فالله سبحانه وتعالى لم يجعل ذوات الأنبياء والصالحين أو جاههم أو حرمتهم وسيلة إليه ، ولا سبباً للزلفى لديه .
وإنما جعل الوسيلة إليه هو إتباعهم وتصديق ما أخبروا به ، واتباع النور الذي جاءوا به ، والجهاد من أجل تقريره وتثبيته بين الخلق .
فهذا من الوسائل المشروعة التي يشرع للداعي بمسألة أن يقدمها بين يدي مسألته ، ولا يصح للداعي دعاء عبادة دعاؤه إلا باتباعهم وتصديقهم .
فهذا من الوسائل المشروعة التي أمر الله بها وشرعها.
وأما الأنبياء والصالحون فليس من المشروع التوسل بذواتهم ولا جاههم ولا حرمتهم كما سيأتي بيانه.
وانما يشرع التوسل بدعائهم في حياتهم كما كان يفعله المسلمون زمنه(ص) وبعده من طلب الدعاء في الإستسقاء وغيره.
وأما بعد مماتهم فليس التوسل بدعائهم ولا ذواتهم مشروعا بإجماع القرون المفضلة. انتهى كلامه . ولكن أين دليل الوزير على ما أفتى به وقال ( يشرع ولا يشرع في التوسل ) ؟!!انه فقط ظن عقله واستحسان ذوقه !! فهل يريدنا أن نأخذ الدين من عقله وظنه ؟!!
ثم قال الوزير:
الثاني : أن تكون الوسائل من الأعمال ونحوها مشروعة ، لم تتبع فيها سبل المبتدعة وانما اتبع فيها السنة وهذا حق .
والكاتب أجمل ليدخل الوسيلة المبتدعة في خلال كلمات الحق ، وقد بينا ما فيها. وما كان ينبغي له ذلك ، وهو يفسر آية من كتاب الله.
وفى الوسيلة قولان ذكرهما أهل التفسير وقربهما ابن الجوزي في ( زاد المسير (2348) قال: ( أحدهما: أنه القربة ، قاله ابن عباس وعطاء ومجاهد والفراء. وقال قتادة: تقربوا إليه بما يرضيه. قال أبو عبيدة: يقال توسلت إليه أي تقربت إليه. وأنشد:
إذا غفل الواشون عدنا لوصلنا وعاد التصافي بيننا والوسائل
الثاني: المحبة يقول: تحببوا إلى الله. هذا قول ابن زيد ) اهـ.
وفي أسئلة نافع بن الأزرق لابن عباس: أخبرني عن قوله تعالى: ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) قال: الوسيلة الحاجة .
قال: وهل تعرف العرب ذلك ؟
قال: نعم ، أما سمعت عنترة وهو يقول:
إن الرجال لهم إليك وسيلة أن يأخذوك تكحلي وتخضبي
وفي المادة شواهد غير ما ذكر .
فالوسيلة: التقرب إلى الله بأنواع القرب والطاعات ، وأعلاها إخلاص الدين له والتقرب إليه بمحبته ومحبة رسوله ومحبة دينه ومحبة من شرع حبه ، بهذا يجمع ما قاله السلف. وقولهم من اختلاف التنوع .
وتأمل قوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) ففي تقديم الجار والمجرور (إليه) افادة اختصاص الوسائل بالله ، لا يشركه معه فيها أحد. كما في ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ).
قال العلامة الشنقيطى(رض)في (تفسيره) ( 298):
التحقيق في معنى الوسيلة هو ما ذهب إليه عامة العلماء من أنها التقرب إلى الله تعالى بالإخلاص له في العبادة على وفق ما جاء به الرسول(ص)وتفسير ابن عباس داخل في هذا ، لأن دعاء الله والابتهال إليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع عبادته التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته .
وبهذا التحقيق تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهال المدعين للتصوف من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه أنه تخبط في الجهل والعمى وضلال مبين ، وتلاعب بكتاب الله تعالى .
واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار كما صرح به تعالى في قوله عنهم ( مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى )
وقوله ( وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِى السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ).
فيجب على كل مكلف أن يعلم أن الطريقة الموصلة إلى رضا الله وجنته ورحمته هي اتباع رسوله(ص)، ومن حاد عن ذلك فقد ضل سواء السبيل .
( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِىِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءً يُجْزَ بِهِ ) الآية .انتهى كلامه.
وبالله عليك أي تحقيق حققه الوزير حتى يقول عنه ( وبهذا التحقيق ) ؟!!
ولماذا حشر الآيات الثلاث التي لا دخل لها في الموضوع ؟!!
فإن الموضوع أن الإستشفاع والتوسل بالنبي(ص)، في حياته وبعد وفاته ، أمر مشروع في الإسلام ، فهو إستشفاع من عند الله وليس من دونه !!
فعليه أن ينظر في أدلة الطرف من آية وحديث ويتكلم في دلالته وسنده ، فإن لم تتم دلالته يمكنه أن يقول: هذا الإستشفاع والتوسل غير مشروع ، فهو في رأيي استشفاع من دون الله تعالى ، ومن يتشبث به مع علمه ببطلان دليله فهو يشبه الذين اتخذوا شفعاء من دون الله .
وهو مسألة فقهية عند أكثر المسلمين ، لكنه عند ابن تيمية وعندي مسألة عقيدية، والمتوسل بالنبي بعد مماته بدون حجة مشرك !
هذا غاية مايمكن له أن يقوله.. ولكنه ترك أسلوب البحث الطبيعي ، وأخذ يصدر القرارات الوزارية ، وكأنه وزير دفاع لا أوقاف !!
ثم قال الوزير:
قال الكاتب/43: ان التوسل ليس أمراً لازماً أو ضرورياً وليست الإجابة متوقفة عليه ، بل الأصل دعاء الله تعالى مطلقاً ، كما قال تعالى: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ . . انتهى .
أقول: إذا كان الأصل هو دعاء الله تعالى بلا واسطة ، فلم العدول عن الأصل إلى غيره ولا يخفى أن غير الأصل لا يتمسك به إلا من عدم الأصل ، والله جل جلاله حي قيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ، يحب أن يدعوه عبده وأن يرجوه وأن يخافه وأن يتوسل إليه بأسمائه وصفاته .
فإذا كان هذا لا ينقطع عن مسلم في أي بقعة كان ، وهو الأصل الأصيل ، فلم العدول عنه والتنكب له ؟! أفتعدل إلى طريق هي أهدى ؟
تقول: إن التوسل الذي ننكره وهو التوسل بالذوات وعمل غير الداعي ونحوها ، ليس الأصل بل الأصل معكم وأنتم حقيقون بالأصل .
تقر لنا بالهداية والاتباع ، وترغب في مخالفة الأصل دون دليل صحيح .
أما في الأصل لك كفاية ؟ أما في دعاء الله وحده بلا واسطة لك مقنع ؟
إذا كان الحي القيوم الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء يحب أن يدعوه عبده كل حين: دعاء عبادة أو دعاء مسألة ، وهو الذي يقول: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ ) إذا كان كذلك ، فلم العدول إلى الأموات تتوسل بذواتهم أو جاههم أو حرمتهم ، وغيرها من الألفاظ البدعية ؟
لم لا يعلم المسلمون دعاء الله وحده ، فتخلص قلوبهم من الإلتفات إلى غيره في دفع كربة أو رفع بلاء أو جلب نفع ؟
علموهم هذا ولا تعلقوا قلوبهم بغير الله فيتخذوهم أنداداً ، فيذهب ذكرهم لربهم وحده ، وحبهم له وحده ، اذ نفعهم معلق في أذهانهم بوسائط .
ان من انفتح عليهم باب البدعة في التوسل ألقي بهم ولو بعد حين إلى دائرة الإشراك ، اذ هو طريقه وسبيله ، ومنه يتدرج إلى دعاء الأموات أنفسهم أو سؤالهم الشفاعة أو الإغاثة أو الإعانة .
وكل هذه صرح كاتب المفاهيم بتجويزها في مواضع من كتابه ، كما سيأتي في مباحث الشفاعة .
وكل ذلك من سيئات ترك الأصول المتفق عليها ، واتباع المتشابهات المنهي عنها . انتهى كلام الوزير .
وكلام المالكي واضح وغرضه منه نفي تهمة أنه يقول بوجوب التوسل في الدعاء ، بل الأصل دعاء الله مطلقا ، كما أن التوسل في الدعاء جائز ولا بأس به .
وقد فسر الوزير قوله أن الأصل هو الدعاء مطلقاً ، تفسيراً سيئاً فجعل الأصل بمعنى القاعدة وجعل التوسل شذوذاً عن القاعدة !
ثم جعل الأصل بمعنى أن غير المتوسلين مهتدون ، والمتوسلين ابتعدوا عن الهداية ، أو ضلاً !! وهو أسلوب سياسي وليس علميا !
وقد بنى عليه الوزير يناءات وفرع تفريعات لنصرة رأيه ، بغير حق !
فموضوع البحث هو مشروعية التوسل إلى الله برسوله وغيره ، فإن كان غير مشروع فلا يكون أصلاً ولا فرعاً ، وان كان مشروعاً يأتي البحث بعد ذلك: هل الأصل في الدعاء أن يكون بطريقة التوسل بالنبي ، أم لا ؟
وهو موضوع آخر نخالف فيه المالكي ونقول:
لا أصل لهذا الأصل المتوهم في الدعاء! ولا يوجد في الإسلام دعاء مقبول بدون توسل بالنبي وآله صلى الله عليهم !
فقد روينا عن أئمتنا ، ورروا عن عمر وغيره أن الدعاء الذي ليس معه صلاة على النبي(ص)، لا يقبله الله تعالى !!
بل رووا وروينا أن صلاة المسلم لا تقبل إلا بهذا التوسل !!
ومهما فكرنا في الصلاة على النبي(ص)التي أمرنا بها الإسلام في افتتاح الدعاء ، بل في افتتاح الصلاة وأثنائها وختامها.. لا نجدها إلا توسلا به وبآله(ص) !!
قال القاضي ابن عياض في الشفاء: 2/64:
عن النبي (ص): إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي(ص)ثم ليدع بعد بما شاء... وعن عمر بن الخطاب (رض) قال: الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض فلا يصعد إلى الله منه شئ حتى يصلي على النبي(ص).
وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة/139:
أخرج الدارقطني والبيهقي حديث: من صلى صلاة ولم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل منه. وكأن هذا الحديث هو مستند قول الشافعي (رض): إن الصلاة على الآل من واجبات الصلاة كالصلاة عليه(ص) لكنه ضعيف ، فمستنده الأمر في الحديث المتفق عليه: قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، والأمر للوجوب حقيقة على الأصح . . .
ـ وروى الطبري في الذخاير/19 ، عن جابر (رض) أنه كان يقول: لو صليت صلاة لم أصل فيها على محمد وعلى آل محمد ، ما رأيت أنها تقبل. انتهى .
فهذه النصوص صريحة في أن الصلاة على النبي وآله وسيلة واجبة لقبول الصلاة والدعاء ! وأنهما بدونها لا يقبلان عند الله تعالى.. وأي قيمة لاطنان من العمل المردود ؟!!
ثم قال الوزير: قال/44:
ومحل الخلاف في مسألة التوسل هو التوسل بغير عمل المتوسل كالتوسل بالذوات والأشخاص. بأن يقول اللهم إني أتوسل اليك بنبيك محمد(ص)، أو أتوسل إليك بأبي بكر الصديق أو بعمر بن الخطاب أو بعثمان أو بعلي رضي الله عنهم ).
أقول: الواجب عند الإختلاف الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله(ص)وفهم أصحابه الكرام رضي الله عنهم كما قال تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ).
ومسألة التوسل بالذوات ، وكذا التوسل بأعمال من انقضى سعيهم ، لا خلاف عند السلف من الصحابة والتابعين أنها ليست من الدين ، ولا هي سائغة في الدعاء .
وبرهان ذلك أنه لم ينقل عن واحد منهم بنقل صحيح مصدق أنه توسل بأحد الخلفاء الأربعة أو العشرة أو البدريين .
والعمل على وفق ما فهموه هو المنجى كما فصل في السلف والسلفية من هذا الكتاب ، ومن ابتغى نهجاً جديداً فهو الخلفي ، وليس له حظ منهم .
إذا تقرر هذا فالتوسل بالذوات ونحو ذلك ممنوع ، لأوجه:
الأول: أنه بدعة لم تكن معروفة عند الصحابة والتابعين وكل بدعة ضلالة ، وليس على الله أكرم من الدعاء: وفي الحديث: الدعاء هو العبادة. أخرجه أبو داود والترمذى وغيرهما بإسناد صحيح عن النعمان بن بشير .
فإذا كان عبادة بل هو العبادة فإحداث أمر في العبادة مردود باتفاق العلماء. انتهى كلام الوزير .
وجوابه: أن الحكم بأن التوسل بذات النبي(ص)بدعة مصادرة على المطلوب ، لأن القائل به يعتقد به بسبب ماثبت عنده من تعليم النبي(ص)للأعمى ، وتطبيق عثمان بن حنيف لذلك بعد وفاة النبي(ص). فهل ماعلمه النبي وما فهمه الصحابة وطبقوه يكون بدعة واحداثا في الدين ؟!!
ثم قال الوزير:
الثاني: أن قول القائل: أتوسل بأبي بكر وعمر . . . خطأ محض جره إليه سقم فهمه وكثافة ذهنه واعتقاده أن كل شئ توسل به يكون وسيلة ، وهذا غلط .
فمن قال أتوسل بأبي بكر مثلا فقد جمع بين ذاتين لا وسيلة ولا طريق توصل وتجمع أحدهما بالآخر ، فكأنما هذا القائل قد لفظ لفظاً لا معنى له بمنزلة من سرد الأحرف الهجائية ، إذ لا إتصال بين ذات المتوسل والمتوسل به حتى يجمع بينهما .
فلا بد من جامع يتوسل به ، وهو حب الصحابة مثلاً ، وهو من عمل المتوسل فاذا قال: أتوسل اليك رب بحبي لأبي بكر أو بحبي لعمر أو بحبي لصحابة نبيك ، كان هذا حسناً مشروعاً . وكذا ان قال: أتوسل اليك بتوقيري وتعزيري وحبي واتباعي لنبيك نبي الرحمة ، كان هذا من الوسائل النافعة .
فلازم ذكر الإيمان أو العمل الصالح الذي يصل بين ذاتين ، لا يجمع بينهما إلا بجامع . كما حكى الله عن عباده المؤمنين قولهم: (رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ )
وقوله ( رَبَّنأَ إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ ) .
والآيات في هذا الباب كثيرة .
فاذا كان خيرة الخلق الأنبياء والرسل واتباعهم وحواريوهم لم يحيلوا على ما في قلوبهم ، بل قالوا بلسانهم ما حواه جنانهم ، وهم الذين لا يشك بما في قلوبهم أفلا يكون الخلوف الذين جاؤوا من بعدهم أولى وأحرى أن يفصحوا وأن يظهروا ، وأن لا يتحيلوا لفاسد قولهم بالمجاز العقلي ؟! انتهى كلام الوزير .
وقد اعترف هنا بجواز التوسل بالعمل ، واعترف بأن الآيتين تضمنتا توسلاً بالإيمان واتباع الرسول !
ويقال له: ماهو الفرق الفقهي بين التوسل بالعمل والتوسل بالذات ؟ ولماذا صار توسل المسلم بحبه لنبيه حلالا وايماناً ، وتوسله بمقام نبيه شركاً وكفراً ؟!!
إن كل الإشكالات التي أوردتها على التوسل والمتوسلين ترد عليه ! ونفس الأسئلة التي توجهونها إلى المتوسلين بالنبي تتوجه على توسلكم بالعمل ! وما تجيبون به عن:
ـ فهل تعتقدون أنه مؤثر في الإجابة مستقلاً أو بجعل الله التأثير فيه ؟
فإن قلتم بتأثير العمل مستقلاً فقد جعلتموه شريكاً مع الله تعالى !!
وإن قلتم إن الله جعل فيه التأثير ، فكذلك التوسل بمقامه(ص) !!
ثم قال الوزير:
الثالث: أن الصحابة فهموا من التوسل التوسل بالدعاء لا بالذوات ، فعمر بن الخطاب (رض) توسل بدعاء العباس عم النبى(ص). ومعاوية بن أبي سفيان توسل بدعاء يزيد بن الأسود .
ولو كان التوسل بالذوات جائزا عندهم لاغناهم عن تكلف غيره ، ولتوسلوا بذات أكرم الخلق وأفضل البشر وأعظمهم عند الله قدراً ومنزلة ، فعدلوا عن ذات رسول الله(ص)الموجودة في القبر إلى الأحياء ممن هم دونه منزلة ورتبة . فعلم أن المشروع ما فعلوه ، لا ما تركوه .
قال الشهاب الآلوسي في روح المعاني: 6/113 ، في الكلام على عدول الصحابة: وحاشاهم أن يعدلوا عن التوسل بسيد الناس إلى التوسل بعمه العباس وهم يجدون أدنى مساغ لذلك. فعدولهم مع أنهم السابقون الأولون ، وهم أعلم منا بالله تعالى ورسوله(ص)، وبحقوق الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وما يشرع من الدعاء وما لا يشرع ، وهم في وقت ضرورة ومخمصة ، يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير ، وانزال الغيث بكل طريق: دليل واضح على أن المشروع ما سلكوه دون غيره. انتهى كلام الآلوسي والوزير .
وجوابه: على مبناه في الصحابة ، فقد كتب ابن الصديق الغماري رسالة في أن ترك الصحابي لفعل لا يمكن أن يكون دليلاً على عدم مشروعيته .
على أنه صح الحديث بأن ابن حنيف علم التوسل بالنبي(ص)لرجل في زمن عثمان ، فلا يصح القول إن أصحابة تركوه !
أما لماذا لم يتوسل عمر بالنبي(ص)، وتوسل بعمه العباس ؟
فجوابه أن عمر لم يكن بلغه حديث عثمان بن حنيف ، وتعليم النبي للاعمى التوسل والتوجه به إلى الله تعالى ، وأراد أن يظهر للمسلمين مقام العباس فتوسل به .
أما على مبنانا في الصحابة ، فإن الذين عملهم حجة علينا من الصحابة إنما هم أهل البيت الذين أمرنا النبي(ص)أن نتمسك بالقرآن وبهم من بعده ، في حديث الثقلين المتواتر . . وسماهم بأسمائهم ، وهم علي وفاطمة والحسنان الذين نزلت فيهم آية التطهير وحدد النبي مصطلح أهل بيته بهم بالأسماء وأدار عليهم الكساء ، وقال ( هؤلاء أهل بيتي ) كما صح حديثه عند الجميع .
فعمل هؤلاء هو الحجة من الله تعالى ، أما غيرهم فلم يصح أن النبي جعلهم حجة ، وحديث ( كتاب الله وسنتي ) لم يثبت حتى عند السنيين ، وحديث ( أصحابي كالنجوم ) ثبت عند علمائهم أنه موضوع !
وقد قرر أهل البيت ((عليهم السلام) ) التوسل إلى الله تعالى بنبيه بعد مماته ، كالتوسل به في حياته ، كما تراه في أحاديث التوسل من مصادرنا .
ثم قال الوزير:
الرابع: أن يقال تنزلا : لا يخلو التوسل بالذوات أن يكون أفضل من التوسل بأسماء الله وصفاته ، والأعمال الصالحة ، أو لا .
فإن قيل: التوسل بالذوات أفضل ، فهو قول كفري باطل .
وإن كان التوسل بأسماء الله وصفاته وبالأعمال الصالحة أفضل ، فلم ينافح عن المفضول وتترك نصرة الفاضل وتأييده ونشره وتعليمه للناس . انتهى كلامه .
وجوابه: أولاً ، ان موضوع البحث ليس الصيغة الأفضل والأقل فضلاً في الدعاء 7 فكلامه خارج عن الموضوع .
وثانيا ، نقول أن التوسل بأسماء الله وصفاته أفضل ، ولكن مع ذلك نتوسل إليه بذات نبيه(ص)، لأنه نبينا وشفيعنا إليه .
وثالثا ، عرفت أن الله تعالى جعل الصلاة على نبيه(ص)شرطاً لقبول الدعاء ، وهذا معناه شرعية التوسل به(ص)، ومعناه أن التوسل بأسمائه تعالى وحدها بدون ذكر نبيه غير مقبول عنده !! فماذا نصنع أيها الوزير إذا كان الله تعالى مصرا على ذكر نبيه في كل دعاء ندعوه ؟ !!
نماذج من المداخلات والمناقشات الأخرى
كتب المدعو أبو صالح مدافعاً عن السيد المالكي :
الرواية بالحرف الواحد كما هى من الطريق الصحيح الذي ساقه البخاري في التاريخ الكبير وابن أبى شيبة والبيهقى واللفظ لهما وصححها ابن حجر وابن كثير (جاء رجل إلى قبر النبى(ص) فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ، فأتى الرجل في المنام فقيل له: إئت عمر فأقرئه منى السلام وأخبرهم أنهم مسقون وقل له: عليك بالكيس الكيس فأتى الرجل فأخبر عمر فقال يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه) فهذا إقرار من سيدنا عمر ومن الصحابة أجمعين علي صحة فعل الرجل ومن يدعى غير ذلك فليثبت إن استطاع !!
والشاهد من القصة ليس الرؤية المنامية كما قرر ذلك كثير من الأفاضل بل إتيان رجل ما الي القبر الشريف في زمن الصحابة وهم متوافرون ولا يضر كونه سيدنا بلال بن الحارث أو غيره إذ لا يعقل أن يسكت الصحابة ـ وعلي رأسهم الفاروق ـ  على شرك أكبر يخرج من الملة فالإستدلال لا دخل له بالرجل الرائي بل باقرار سيدنا عمر والصحابة رضي الله عنهم لفعل الرجل.
ـ وكتب المدعو هاشمي مدافعاً عن السيد المالكي:
اللهم ثبتنا على الحق ، وجنبنا تكفير الخوارج . . .
وبعد ، لقد كفر الفارس المكي السيد العلامة المالكي ، بل قد صار عنده يقين بأن سيدنا محمد المالكي في النار مع أبي جهل !!
فقد قال رادا على الأخ موسى العلي ما يلي: أسأل الله العظيم أن يحشرك في زمرة محمد علوي الضال، مبيح الشرك ، امام المبتدعة، مع أبي جهل وأبي لهب.
ثم زكى نفسه ومدحها بقوله: ونحن بإذن الله مع النبيين والشهداء والصالحين !! بل هو يلقب السيد بداعية الشرك !!
وقد ناقشناه فاستكبر وعاند وأصر على هذا التكفير الخارجي المخزي !!
وقد أيده على هذا التكفير أبو محمد التيمي، وذلك المزروعي، والمدعو شامس، وعبد الله محمد ، والدوسري ، ومعهم المراقبون !!
لذلك نحب من هؤلاء أن يفعلوا الشئ ذاته مع أئمة أهل السنة والجماعة فليس السيد العلامة بدعا منهم !!
ـ الإمام السلفي ابراهيم الحربي الذي يقول: قبر معروف الترياق المجرب ـ انظر ترجمته في السير وتاريخ بغداد .
ـ التقية الصالحة السلفية رابعة العدوية ـ وهي زنديقة عند هؤلاء !
ـ الإمام السلفي بشر الحافي الذي يقول: عندنا أم عندكم ـ يقصد الشريعة والحقيقة ـ أنظر تطاول صاحب ( هذه هي الصوفية ) على السلفي واستهزائه باللقب ( الحافي ) ـ الولي الصالح أبو يزيد البسطامي ـ أنظر ترجمته في السير .
ـ الولي الصالح السيد عبد القادر الجيلاني الذي يقول: قدمي هذه على رقبة كل ولي .
ـ الإمام الخطيب البغدادي الذي ينقل أقوالهم في تاريخه ، ولم يعقب عليها بشئ.
ـ الحافظ ابن عساكر الذي يقول كما في تبيين كذب المفتري: ودفن ، يعني الأستاذ ابن فورك ، بالحيرة ومشهده اليوم ظاهر يستشفى به ويجاب الدعاء عنده. ـ الإمام شيخ الإسلام تقي الدين السبكي وولده التاج .
كفروا هؤلاء صراحة.. مع أني متيقن أنكم تكفرونهم !!
ـ وكتب سيف المزروعي:
الحمد لله الذي أظهر الحق وأناره ومحق الباطل وأباده.. وصلى الله على سيدنا محمد المحامي عن توحيد مولاه ، القائل (إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله ) الزاجر لمن إلى ذرائع الشرك تعدى . . .
أما بعد يا هاشمي قرأت ردك عليَّ وتعجبت منك ، ومن لفك ودورانك ، فقولي عن عيسى المانع بأنه زنديق حتى النخاع أمر لم ولن أتراجع عنه ، ليس هذا فقط بل هو مشرك مبتدع ضال مضل قبوري بائد ، أزله الله وفك أهل دبي من خرافاته وخزعبلاته .
أما تكفيره لسماحة الشيخ العلامة فقيه نجد محمد العثيمين حفظه الله ، فهذا شئ الكل يعرفه ، والدليل طرده من دولة التوحيد رعاها الله ، بعد توزيعه الشريط الذي يتكلم فيه على الشيخ العثيمين .
أما عن محمد علوي المالكي قد يذهب البعض إلى تكفيره ، وقد تكون حجتهم في ذلك أنه تربى وتغذى على التوحيد ، ثم بسبب هوى في نفسه ترك التوحيد واتجه إلى الإشراك بالله ومناجاة غيره، ترك الالتزام بالسنة واتجه إلى احياء البدع التي لم يترك واحدة منها إلا التزم بها !!
لذلك لم أرد عليهم لكن الذي أعرفه أن عامة السلفية لا يتجهون إلى تكفيره وخروجه عن الملة ، لأنه لم ترد فتوى من علماء أهل السنة بذلك ، ولكنه لبلا شك رجل فاسد وضال وأعماله كفرية لكن لا أكفره حتى أحصل على فتوى بذلك ، فحينئذ لن أتردد في تكفيره .
أما عن الشيخ سفر الحوالي فالصراحة لم أقرأ له كتاب ولم أسمع له شريط ، ولا أعرف أسلوبه في الكتابة ، لم أعرفه إلا من الناس ، ولكني متأكد أن كلامه عن العلوي المالكي ذات قيمة علمية ، ونابعة من عقيدة التوحيد في جوفه ، وسأقرأ رسالته عن علوي المالكي بعون الله ( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شئ ( كذا ) ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )
وحق قول امامنا مالك(رض)حين قال: من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن محمد(ص)خان الدين ، لأن الله تعالى يقول (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ ( كذا ) لَكُمْ دِينَكُمْ ) فما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم دينا. فالنحاكم العلوى وزبانيته أمثال المانع والخزرجى .
وقال الإمام مالك(رض)( لو أن العبد ارتكب الكبائر كلها دون الإشراك بالله شيئاً ، ثم نجا من هذه الأهواء لرجوت أن يكون في أعلى الفردوس ، لأن كل كبيرة بين العبد وربه هو منها على رجاء ، ولكل هوى ليس هو على رجاء انما يهوى بصاحبه في نار جهنم )
وصدق الشيخ محمد عبيد المهيري المالكي حين قال ( إن هؤلاء القبورية البائدة الذين ينسبون أنفسهم للمذهب المالكي زورا وبهتانا ، أشبه بالرجل الذي بال في زمزم فقيل له: لما فعلت ذلك ؟ فقال لتذكرني الناس ولو باللعنة !! لو اتبعوا سبيل التوحيد الخالص الذي جاء به محمد بن عبد الله عن ربه لكان أفضل لهم ، لكن ألا إن لعنة الله على الظالمين )
فأقول للهاشمي ما قاله سمير المالكي لإبن عمه محمد العلوي المالكي: تذكر يوم العرض الأكبر ( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ) واعتبر (يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ ) واعلم أنه لن ينفعك في ذلك الموقف العصيب جاه ولا منصب (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ) ( وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَىْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) ( يَوْمَ تَأْتِى كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) احذر أن تكون ممن قال الله فيهم ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) .
وبعد فأسأل الله العلى العظيم بأسمائه وصفاته العلي أن يهدينا وإياه وسائر عباده سبيل الرشاد ، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه..
وكتب أبوصالح من مؤيدى السيد المالكي:
شئ جيد أن تقارع الحجة بالحجة . هذه مفاهيمكم و مفاهيم يجب أن تصحح ، ولندع المسلم يقرأ ويحكم والإنسان على نفسه بصيرة .
أما أن يحجر على العقول فهذا مالا يرضاه أحد، ولا يدل إلا على ضعف الخصم وخاصة أسلوب نشر رأي طرف ومنع الطرف الآخر ، كما فعل الذي حذف موضوع الهاشمي ـ الرد على محمد الفاتح ـ مع ابقاء مقالة الفاتح !!
مع أني قرأت مقالة الهاشمي ولم أجد فيها إلا قال الله وقال رسوله(ص)، فلا حول ولا قوة إلا بالله !!
ـ وكتب المدعو الفارس المكي:
إلى دعاة الشرك ( باسم التوسل ) بوهالك والهاشمي والمسيب. اسمعوا ما يقوله ابن أبي العز ت سنة 792 ه، في شرح الطحاوية/81:
( تارة يعتقدون أن هذه تماثيل قوم صالحين من الأنبياء ويتخذونهم شفعاء (ويتوسلون بهم ) وهذا أصل شرك العرب ) اهـ.
وقال ردا على المسمى/82:
وهؤلاء كانوا مقرين بالصانع وأنه ليس للعالم صانعان ، ولكن اتخذوا هؤلاء شفعاء كما أخبر تعالى ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) اهـ .
وقال عن المتصوفة أمثالكم ( فلو أقر رجل بتوحيد الربوبية الذي يقر به هؤلاء النظار ويفني فيه كثير من أهل التصوف ويجعلونه غاية السالكين وهو مع ذلك لم يعبد الله وحده ويتبرأ من عبادة ما سواه كان مشركاً من جنس أمثاله من المشركين... أهـ
فأين أنتم ياأصحاب دعوة المشركين من هذا القول ؟؟ أم أنكم أنتم تفهمون التوحيد على طريقتكم ، وعلماء الأمة أجمع لم يفهموا التوحيد ، بل هم من عهد النبي(ص)( وهابيون ) !!...
بصراحة الخلاف بيننا نحن السلفيون ( وقل عنا ان السلف منا براء ) وبينكم معاشر المبتدعة الصوفية القبورية مجددي عقيدة عمرو بن لحي . . . أن الدعوة التي نتبناها هي لله وحده لا شريك له ، على منهج النبوة ، وأنتم دعوة فلسفية وثنية له فيها سبحانه شركاء في العبادة كما تدعون ( تعال الله عما تقولون علوا كبيرا ) ! وأريدك تزور شيخك الذي مامن لفظ تفخيم إلا ونسبتم إليه وقل له: لماذا كان يتفل على الكأس وشربه ثلاثة ، ثم أصبحوا يتداولونه بينهم وهو (فارغ) ويشربونه ! !!! يشربون ماذا ؟؟
وهذه الحادثة تضاف إلى مخازيه ، وحدثت بعد وفاة والدته . . . خرافات وبدع سلمنا الله منها ولله الحمد .
وإن قال عنا المخالفون أننا ضعفاء في العلم خوارج لا نعلم من اللغة شيئاً، دعوناه سبحاه وتعالى معتقدين أنه هو وحده المقصود بالعبادة لا شريك له ، والمخالفون يعتقدون أن الثيران والبقر والنمل والقبور وسائط !
وقال شيخكم ان الواسطة هي بمثابة الجناح للطائر يرتقي بها إلى السماء !! ( في شريط فديو ) لعلك تشتاق إلى المشاركة في ذلك المحفل العظيم ! لايفوتك . . . والحمد لله رب العالمين.. ابن مكة شرفها الله
وكتب المدعو سيد محمود كاساني مدافعا عن السيد المالكي:
الأخ الذي سمي نفسه بابن الوادي تطاول في قمة سوء الأدب المعهود منه ومن على شاكلته على شيخ وعلامة ، نفعنا الله بعلمه ورفع الله درجاته .
سوء الأدب والمحاورة معهود من أهل البادية منذ أيام سيدنا محمد حتى نزلت آيات تأمرهم بالتأدب معه .
المرتدين كانوا من اليمامة ( يعني من ربع الأخ ابن الوادي ) والقرامطة كذلك والخوارج أيضاً .
يدعو على الشيخ الجليل أن يحشره الله مع أئمة الكفر .
سبحان الله هذا بهتان عظيم ! من أنت حتى تتطاول على شخص لا تعرف ولم تطلع على مافي قلبه ( الفرق كبير بين علامة فاضل عالم وبين من يرقص كالقرد في الزار) والله من وراء القصد... انتهى .

خـتــام: مناظرة مع عالم وهابي
نختم البحث بهذه المناظرة في ( الإنترنيت ) ساحة النقاش الإسلامية بين المدعو ( صارم ) الوهابي ، والمدعو ( العاملي ) الشيعي في شهر جمادى الأولى من سنة 1420 ، في مشروعية زيارة النبي(ص)، والتوسل به إلى الله تعالى .
العاملي:
من مختصات ابن تيمية وبدعه: تحريمه التوسل والاستشفاع والاستغاثة بالنبي (ص)فقد قال السبكي في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الانام )/291: اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والإستغاثة والتشفع بالنبي(ص)الى ربه سبحانه وتعالى. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين ، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين ، والعلماء والعوام من المسلمين .
ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ، ولا سمع به في زمن من الأزمان ، حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الاغمار ، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار !!!. انتهى .
صارم:
سؤالي: لماذا تدعون إلى شد الرحال وزيارة القبور ، والتبرك بها ؟
العاملي:
حديث شد الرحال لم يصح عند أهل البيت ((عليهم السلام) ). وقد صح عند بقية المذاهب وفهموا منه عدم شموله لشد الرحال إلى زيارة قبر النبي(ص)، بدليل أنهم كانوا يفعلون ذلك ، وما رووه في بعض صيغه ( لا تشد الرحال إلى مسجد ) وفهم هؤلاء حجة على من يعتقد بالحديث ، ويعتقد بحجية فهم الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب ، لأنهم أقرب إلى عصر النص ومعناه .
وقد ألف عدد من العلماء قبل ابن تيمية رسائل في تفسير الحديث ، وعندما چاء ابن تيمية ببدعته رد عليه عدد آخر منهم، واتفقوا على أن فهمه للحديث مخالف لإجماع علماء المسلمين وسيرتهم لمدة ثمانية قرون ، بل هو مخالف لفهم عامة علمائهم إلى يومنا هذا !!
فنحن نشد الرحال إلى زيارة قبر النبى(ص)، وقبور الأئمة المعصومين ((عليهم السلام) ) ، لأن زيارة قبورهم مستحبة عندنا ، ومن أفضل القربات إلى الله تعالى. ولم يثبت عندنا أن النبى(ص)نهى عن ذلك ، بل ثبت أنه دعا إليه وحث عليه ، وكان يزور القبور المباركة لتكون سنة من بعده .
وكذلك كانت سيرة علي وفاطمة والأئمة ((عليهم السلام) ) .
ولزيارة القبور عندنا أحكام وشروط وآداب شرعية ، وليس فيها شئ ينافي التوحيد أبداً ، بل فيها ما يؤكد التوحيد ، وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً ، بل هم عباد مكرمون ، نزورهم ونستشفع بهم إلى الله تعالى ، كما أمرنا .
صارم:
أحسنت وهذا ما أريده منك بالضبط فقد شفيت غليلي بهذه الإجابة الشافية الكافية. ولعل صدرك يتسع لأسئلتي .
وسؤالي الآن: لماذا تستشفع بهم ؟
لم لا تتجه في طلبك إلى الله مباشرة ؟
لماذا تجعلهم واسطة بينك وبين الله ؟
ألم تعلم أن الجاهليين كانوا يعبدون الأصنام يستشفعون بها ، ويجعلونها واسطة بينهم وبين الله ؟!
وقد ناقضت نفسك حينما قلت ( وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً ، بل هم عباد مكرمون ، نزورهم ونستشفع بهم إلى الله تعالى كما أمرنا ).
كيف تستشفع بهم وهم ( لا يملكون من عندهم شيئا بل هم عباد مكرمون ) لقد خالفت المنهج الرباني وسنة المصطفى من وجهين:
الوجه الأول: من مخالفة السنة ، لأن الأموات لا يملكون لانفسهم نفعاً ولا ضراً ، فما بالك بإمتلاك النفع لغيرهم ؟!
الوجه الثاني: مشابهة الكفار ، وقد نهينا عن مشابهتهم. فهل بعد هذا تستشفع بهم؟ أرجو للجميع الهداية .
العاملي:
سؤالك في أصله وجيه ، فلو كان الأمر لنا لقلنا: فلنطلب كل شئ من الله تعالى مباشرة ، ولا نجعل بيننا وبينه واسطة من المخلوقين ؟!
ولكن الأمر له عز وجل وليس لنا ، وقد قال لنا ( اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ). وقال ( أولئك يبتغون إليه الوسيلة أيهم أقرب ) وقال ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَّلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ )
ولا حاجة إلى مجيئهم واستغفارهم عند الرسول ، واستغفار الرسول لهم..
وهذا يعني أنه تعالى قال لرسوله(ص)كن موحداً بلا شرط ، ومهما قلت لك فأطعني ، وحتى لو قلت لك عندي ولد فاعبده فافعل !! وقل لهم (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) ! ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً !!
فالمسألة اذن ، ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التي أمر بها الله تعالى أو سمح بها ، وهو يختلف عن زعم التوسل عند المشركين ، سواء في طبيعته أم في نيته . . . فهل تقبل أصل مبدأ التوسل والإستشفاع الذي قبله امامك ابن تيمية؟ أم أنك أشد في هذا الأمر من امامك ؟ !
صارم:
قلت عن التوسل: ( ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التى أمر بها الله تعالي أو سمح بها ) هل لي أن أعرف هذه الحدود التي أمر أو سمح بها ؟
أرجو أن تجيبني باختصار ، وفي حدود السؤال. هديت للصواب .
فأجابه العاملي:
الظاهر أن السبب فيما أثاره بعضهم إشكالاً على مبدأ التوسل ، أنهم يرون الشفاعات والوساطات والمحسوبيات السيئة عند الرؤساء والمسؤولين في دار الدنيا ، وما فيها من محاباة واعطاء بغير حق ولا جهد من المشفوع لهم أو المتوسط لهم .
وبما أن الله تعالى يستحيل عليه أن يحابي كما يحابي حكام الدنيا ، وانما يعطي جنته وثوابه بالإيمان والعمل الصالح . . فلذلك صعب عليهم قبول الشفاعة والوساطة والوسيلة إلى الله تعالى !
ولكنه فات هؤلاء أن الحكمة من جعله تعالى الأنبياء والأوصياء الوسيلة إليه تعالى:
أولا: أن يعالج مشكلة التكبر في البشر ، لأن البشر لا يمكنهم الإنتصار على تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالى ، إلا إذا انتصروا على ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء ، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والإختيار الإلهي ، وأنهم المبلغون عن الله تعالى..
وفاتهم أن جعل الأنبياء والأوصياء وسيلة إلى الله تعالى ضرورة ذهنية للبشر.. ذلك أن الفاصلة بين ذهن الإنسان المحدود الميال إلى المادية والمحدودية ، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري ، فاصلة كبيرة ، فهي تحتاج إلى نموذج ذهني حاضر من نوع الإنسان ، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوة له .
وبدون هذا النموذج القدوة ، يبقى الإنسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته ، والجنوح في هذا الموضوع الخطير أخطر أنواع جنوح الضلال !!
وهذا هو السبب في اعتقادي في أن الله تعالى جعل أنبياءه وأوصياءهم حججاً على العباد .
وهو السبب في أنه جعلهم من نوع أنفسهم وليس من نوع آخر كالمــلائكة مـــثلا . . .
والنتيجة:
أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالى لو كان يرجع إلينا لصح لنا أن نقول يا ربنا نريد أن تجعل ارتباطنا بك مباشراً ، ولا تجعل بيننا وبينك واسطة في شئ ، وهذا ما يميل إليه أهل الإشكال على الشفاعة والتوسل !
ولكن الأمر ليس بيدنا ، فالأفضل أن يكون منطقنا أرقى من ذلك فنقول: اللهم لا نقترح عليك ، فأنت أعلم بما يصلحنا ، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطة بيننا وبينك ، وحججا علينا عندك ، فنحن مطيعون لك ولهم ولا اعتراض عندنا . . .
وهذا هو التسليم المطلق لارادته تعالى ، وقد عبر عنه سبحانه بقوله لرسوله(ص) في سورة الزخرف 81 ـ 82: قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ .
صارم:
كلامك طويل وفيه نسبة من الصحة ، اضافة إلى بعض الشبه التي تحتاج إلى رد ، فلو كان مقالاك قصيراً لرددت على كل نقطة تذكرها وتخالف ما أعتقده. لذا أرجو مرة أخرى أن يكون جوابك مختصراً دقيقاً. وعموماً فأجيبك باختصار:
الآيات التي استدللت بها في الأمر بطاعة الرسول×عليك لا لك ، لأنه أمرنا بالتوحيد الخالص النقي من شوائب الشرك ، ومن طاعته تنقية التوحيد مما يفضي إلى الشرك ، أعاذنا الله وإياك من مضلات الفتن .
ثم انك استدللت في الإستشفاع بدعاء النبي للأعمى ، وهذا لا إشكال فيه لأنه طلب من حي فيما يستطيعه ، لذا لجأ عمر (رض) إلى عم النبي ، ولو كان الإستشفاع فيما ذكرته صحيحا للجأ الناس إلى النبي×وهو في قبره ، وهذا ما لم يحصل إطلاقاً .
وأعود وأسأل مرة أخرى ما الذي يستطيع عمله الميت حينما تستشفع به ؟
العاملي:
من أسباب الخطأ عند المخالف للتوسل: أنه يتصور أن المتوسل يطلب من النبي (ص)، أو من الولي.. بينما هو يطلب من الله تعالى ويتوسل إليه بمقام النبي أو يطلب من النبي التوسط له عند الله تعالى. فلا طلب إلا من الله تعالى .
وأما شبهة أن الرسول ميت فكيف تصح مخاطبته ؟
فجوابها: أنه حي عند ربه ، ولذلك تسلم عليه في صلاتك ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) .
وإذا قبلت حديث تعليم النبي للأعمى أن يتوسل به ، فقد صح عندكم أن عثمان بن حنيف طبقه بعد وفاة النبي(ص)، وعلمه لشخص كان عنده مشكلة عند الخليفة عثمان ، فاستجاب الله له وتغيرت معاملة عثمان معه .
وتطبيق الصحابي الثقة حجة لأنه معاصر للنص .
وقد أجاز ابن تيمية التوسل بالنبي بعد موته ، فلا تكن ملكياً أكثر من الملك !!
بل ورد عندكم التوسل إلى الله تعالى بالممشى إلى الصلاة والحج ( أتوسل إليك بممشاي ) !
صارم:
قلت لك: نحن نحرم شد الرحال إلى زيارة القبور منعا لجناب التوحيد أن تشوبه شوائب الشرك. ثم سألتك لم تشدون الرحال ؟ فقلت: للإستشفاع !! فإن أردت أن تجيبني علي قدر السؤال ، فهذا سؤالي:
لماذا تستشفعون بالأموات ؟ وكيف ؟
العاملي:
إلى الأن مازلت تتصور أن الزيارة لابد أن يرافقها إستشفاع ، فمن أين جئت بهذا؟! فقد يزور مسلم نبيه ويؤدى واجب إحترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به !
وقد يتوسل المسلم بنبيه في بيته ، ولا يذهب لزيارته !
فالزيارة شئ ، والتوسل شئ آخر !!
وإلى الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع ! مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها ، أو مع نية الإستشفاع والتوسل !
وقد أجبتك بأن النبي(ص)حي عند ربه ، وأنك تسلم عليه في صلاتك فلا مانع أن يخاطبه المتوسل .
على أن المتوسل لا يطلب من النبي بل من الله ، ولا يحتاج إلى مخاطبة النبي بل يخاطب ربه ، ويسأله بحق رسوله ومقامه ومعزته عنده !!
وقلت لك لقد أجاز ابن تيمية التوسل والاستشفاع بالنبي ( الميت ) !!(ص)، فهل تريد نص كلامه ؟!!
وتعود وتسألني: لماذا تشدون الرحال للإستشفاع ، ولماذا تستشفعون بالميت ؟ أرجو أن تتأمل في كلامي أكثر .
صارم:
لقد تأملت في كلامك جيداً وتوصلت لما يلي:
قلت في معرض كلامك: ( وإلى الآن تتصور أن شد الرحال لايكون إلا للإستشفاع ! مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها ، أو مع نية الإستشفاع والتوسل !)
النتيجة واحدة وهو وجود التوسل والإستشفاع ، وهذا ما أريده وأسأل عنه .
وقلت أيضا: ( فقد يزور مسلم نبيه ويؤدى واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به ! ) هذا منطوق كلامك. وعليه فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ويتوسل ويستشفع به ! وهذا مفهوم كلامك. وسؤالي:
كيف يتوسل به ؟
وسؤالي الثاني: كيف يستشفع به ؟
هل أجد عندك إجابة مختصرة في حدود السؤالين السابقين ؟
العاملي:
توسل به إلى الله ، واستشفع به ، وتوجه به ، وتجوه به ، وسأله به ، واستغاث به وأقسم عليه به . . كلها بمعنى واحد ، أي توسط به إلى الله تعالى .
ومعني توسلنا واستشفاعنا بالرسول(ص) أننا نقول:
اللهم ان كنت أنا غير مرضي عندك ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي ، فاني أسألك بحرمة عبدك ورسولك محمد ، الذي هو نبيي ومبلغي أحكامك ، وخير خلقك ، وصاحب المقام الأول عندك . . أن تقبل دعائي وتستجيبه .
وهذا ياأخ . . . أمر طبيعي صحيح ليس فيه عبادة للنبي ولا ادعاء شراكة له مع الله تعالى ، بل فيه تأكيد لمقام عبوديته واطاعته لربه الذي وصل به إلى مقامه المحمود عند الله تعالى. وهو مشروع لورود النص به .
صارم:
أعوذ بالله من غضب الله ما هذه الجرأة على الله ؟ كيف تقول ( ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي ) !!!
هل تعتقد أن الله لا يسمع ؟ نعوذ بالله من الخذلان .
هل تعتقد أن الله يخفي عليه شئ في الأرض وفي السماء ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم .
أفق يا رجل فوالله ان الذي قلته ليزلزل الجبال. هداك الله. أرجو أن تستغفر الله بلا واسطة عن هذا الذنب العظيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولي معك وقفة باذن الله
العاملي:
عبارة ( إن كنت لا تسمع دعائي بسبب ذنوبي ) تعني لا تستجيب . . وسماع الدعاء بمعنى استجابته عربي فصيح أيها العربي !!
صارم: هل لك أن تدلني على أن السماع بمعنى الاستجابة من لغة العرب وقبل ذلك القرآن ؟
العاملي:
يستحب للمصلى أن يقول سمع الله لمن حمده ، ومعناها استجاب وليس مجرد السماع. ويكفي استعمالها عند العرب بقولهم: هل يسمع فلان منك أم لا ؟ وهو ليس سؤالاً عن حالة أذنيه وطرشه !!
وفي سنن النسائي: 8 ـ 263: عن أبي هريرة يقول كان رسول الله(ص)يقول: اللهم إني أعوذ بك من الأربع : من علم لاينفع ، ومن قلب لا يخشع ، ومن نفس لا تشبع ، ومن دعاء لا يسمع. انتهى .
وفي هذا كفاية ، فأجب على ما ذكرته في موضوعنا .
صارم:
أشكرك على إحالتك وبيانك. وسؤالي ـ وأرجو ألا تتذمر :
لم تلجؤون إلى الواسطة بينكم وبين الله ؟ ألم يخلقنا ؟ ألم يرزقنا ؟ أليس سبحانه هو المتكفل بنا ؟ ألم يقل لنا: أدعوني أستجب لكم ، بلا واسطة ؟
ألا تعلم أن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد ؟
ألا تعلم أن كل وازرة لا تزر وزر أخرى ؟
ألا تعلم أن الإنسان مهما بلغ من الكمال فهو عبد ضعيف مربوب لله تعالى ، لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ؟ فأي فرق بيننا وبين الأموات ؟
وقد ذكرت لك أن عمر (رض) استشفع بعم النبي(ص)ولم يلجأ إلى قبر النبي(ص)! فلم لم يفعل ذلك ؟!! أتراه غفل عما تدعون إليه ؟!!
نعم للإنسان أن يطلب من آخر حي أن يدعو له ، أما من الميت فإن الميت لا حول له ولا قوة !! ولو كان بيده شئ لدفع الموت عن نفسه .
وسؤالي مرة أخري لم تجعلون الميت واسطة ؟
العاملي :

حسب فهمنا المحدود وادراك عقولنا القاصرة ، الأمر كما تقول. فالإنسان يعبد الله تعالى مباشرة فينبغي أن يطلب منه مباشرة . . والله تعالى سميع بصير عليم ، وهو أقرب الينا من حبل الوريد ، فلا يحتاج إلى واسطة من شخص حي ولا ميت ، ولا أي مخلوق . . هذا حسب إدراك عقولنا . .
ولكنه سبحانه بنى هذا الكون ، وخلق الإنسان وأقام حياته في الأرض على أساس الأسباب والمسببات في أمور الطبيعة . .
وأخبرنا أن عبادته والطلب منه لها أصول وأسباب ، وأن علينا أن نتعامل معه حسب هذه الأصول .
مثلا: لماذا يجب الإيمان بالرسول ؟
فاذا أردنا أن ننفي الواسطة نقول: إن المطلوب هو الإيمان بالله وحده والرسول مبلغ وقد بلغ ذلك وانتهى الأمر ، فلماذا نجعل الإيمان به مقروناً بالإيمان بالله تعالى ؟!
لماذا قال الله تعالى: أطيعوني وأطيعوا الرسول ، ولم يقل أطيعوني فقط كما بلغكم الرسول ؟!! وهذا المثل قد يكون صعبا . .
مثل آخر : الكعبة . . لماذا أمر الله تعالى ببناء غرفة ، وقال توجهوا إليها وحجوا اليها وتمسحوا بها ؟ هل يفرق عليه في عبادتنا له أن نصلي له إلى هذه الجهة أو تلك ؟ أو تحج تلك المنطقة أو لا تحج ؟ فلماذا جعلها واسطة بيننا وبينه ؟!
بل . . إن الصلاة أيضاً نوع من التوسل ، وقد يسأل انسان هل تحتاج عبادة الله إلى صلاة له ؟
بل إن الدعاء أيضاً توسل . . فالله تعالى مطلع على الضمائر والحاجات ، فلماذا يطلب أن نقول له ؟
بل يمكن لهذا التفكير العقلي أن يوصل الإنسان إلى القول: لماذا خلق الله الإنسان بحيث تكون له حاجات وقال له ادعني حتى أستجيب لك . .
إنا جميعاً يا صارم أفكار العقل القاصر أمام حكمة الله تعالى ، وحكمته تعرف بالشرع والعقل معا ، وليس بظنون العقل واحتمالاته !!
ومادام مبدأ التوسل ثبت في الشرع، فإن العقل لا يعترض عليه ، بل هو (العقنقل) كما عبر عنه بعضهم !!
والتوسل بالنبي(ص)ثابت في حياته وبعد موته بدون فرق ، لأنه حي عند ربه ، وحياته أقوى من حياة أحدنا !!
وقد قلت لك إن التوسل لا يحتاج إلى مخاطبة ، فهو سؤال لله تعالى بمقام النبي وجهاده في سبيله وشفاعته عنده .
وأخبرتك أن ابن تيمية أجاز التوسل بالاموات ، ولعله حصره بالنبي(ص).
صارم:
أولا: أوافقك القول على أن العقل قاصر ، وهذا لا مرية فيه. أما تمثيلك بالكعبة فقياس مع الفارق ، لوجود الدليل الذي أمرنا الله من خلاله أن نتوجه إلى الكعبة إذ الكعبة ليست واسطة .
ولك أن تتصور أن شخصاً يتحدث معك وقد التفت عنك وأعطاك ظهره !! هل تقبل عليه وتتحدث معه ؟
وكذلك وضعت الكعبة ليتجه إليها المسلمون جميعا في صلاتهم ، لا أنها واسطة . . . إلى غير ذلك من الحكم .
ثانيا: قلت أن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ولعله حصره بالنبي(ص).
كلامك متناقض كيف تقول أجاز ثم ترجع وتقول: لعله ؟!!! هذا لا يستقيم .
فاما أنه أجاز التوسل بالأموات ، وهذا محال ، أو أنه أجاز التوسل بالنبي× ؟
فهل لك أن تدلني على كلام شيخ الإسلام(رض)في التوسل بالنبي(ص)مع ذكر المرجع ؟
ثالثا: أريد الدليل من القرآن ـ ومن القرآن ـ على قولك راجياً الإختصار ما أمكن وشكراً لك .
العاملي: قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه/16:
وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي(ص)علم شخصاً أن يقول: اللهم اني أسألك وأتوسل اليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله اني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها . اللهم فشفعه في .
فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام !
والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل انما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا على سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه. انتهى .
فقد أفتى ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي(ص)وهو ميت ! ولاحظ يا صارم أن الميزان عند ابن تيمية أن تطلب من الله أو من المتوسل منه. وهذا هو كلام علماء المسلمين كلهم .
وتفريقه بين المتوسل والداعي والمستغيث غير صحيح، لأنه لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله ، أو يستغيث به من دون الله !!
وأزيدك حديثاً آخر صححه الطبراني يفسر حديث الضرير ، قال في المعجم الكبير ( 9/17 ) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن عمه عثمان بن حنيف (رض): أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان (رض) في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك ، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم اني أسألك وأتوجه اليك بنبيك محمد(ص) نبي الرحمة . يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فتقضي لي حاجتي ، وتذكر حاجتك. ورح الي حتى أروح معك. فانطلق الرجل فصنع ما قال له ، ثم أتى باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه معه على الطنفسة وقال له: ما حاجتك ؟ فذكر حاجته ، فقضاها له ، ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة ، وقال: ما كانت لك من حاجة فائتنا .
ثم ان الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال له: جزاك الله خيراً ، ما كان ينظر في حاجتي ، ولا يلتفت إلى حتى ، كلمته في ؟!
فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال له النبي (ص): أو تصبر ؟ فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق علي .فقال له النبي (ص): ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ، ثم ادع بهذه الدعوات .قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث ، حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط !
صارم:
إليك الجواب عما أثرته ـ وأعتذر عن الإطالة ـ :
أولا: لم تحلني على مرجع. وقولك: قال ابن تيمية في: رسالة لشيخ الإسلام من سجنه/16 ! أتعد هذا احالة ؟!!
ما رأيك لو قلت لك: قال صاحب الكافي في رسالة له. أتقبل ذلك مني ؟!
ثانيا: إما أنك لا تجيد النقل ، وتأخذ ما يوافق هواك !! وأعيذك بالله أن تكون كذلك . واما أنك أسأت فهم كلام ابن تيمية، أو نقلت شبهة كان يريد الرد عليها ، لأن أقواله في هذه المسألة ـ التوسل بالنبي ـ مشهورة مبثوثة في ثنايا كتبه(رض).
وحتى أزيدك ايضاحاً حول هذه المسألة عند أهل السنة والجماعة، أقول: التوسل بالرسول×ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يتوسل بالإيمان به واتباعه. وهذا جائز في حياته وبعد مماته .
القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه ، أي بأن يطلب من الرسول(ص)أن يدعو له ، فهذا جائز في حياته ، أما بعد مماته فلا ، لتعذره .
القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله . فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته . ثالثاً : قلت يا عاملي: فقد أفتى ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي(ص)وهو ميت !
ولا أدري من أين استنبطت قولك: وهو ميت ؟!!!
رابعا: قلت: لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله أو يستغيث به من دون الله !! فبالله عليك لم يشد الناس رحالهم إلى القبور ؟
ان قلت: من أجل الدعاء عندها دون أن يكون للميت تأثير .
قلنا لك: فلا فائدة من شد الرحال ، والإجابة حاصلة في مكانك الذي أنت فيه ، دون أن تشد الرحل .
وإن قلت: ان للميت تأثيراً ، أو من أجل حصول البركة .
قلنا: كيف يؤثر وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ؟
ومن هنا جاء النهي عن شد الرحال للقبور ، منعا لجناب التوحيد من شوائب الشرك .
ولو تنزلنا معك ووافقناك في قولك أنا لا أستغيث بها .
قلنا لك: لكن عوام الناس ممن لا فقه عنده سيظن أن للميت تأثيراً ، وإلا لما شدت إليه الرحال ، فيلجأ في دعائه إلى الميت ، وهذا ما يحصل عند غالب القبوريين .
فلما كانت هنالك مفسدة مترتبة على ذلك وقع النهي .
خامساً : أما حديث الطبراني فيحتاج إلى مراجعة ، فلم يسعفني الوقت للوقوف عليه وعلى صحته .
آمل أن تتأمل جوابي جيدا ليتضح لك الحق باذن الله .
العاملي:
أرجو أن تصحح ما هو المركوز في ذهنك من أن الزيارة تلازم التوسل والإستغاثة ، وأن شد الرحال يكون للإستغاثة ، فلا تلازم بينها أبداً . .
وإذا أكملنا البحث في التوسل آتي لك بنصوص الزيارة بلا توسل .
وهذا اليوم قرأت لإمامك ابن تيمية مجدداً كل مقولاته حول التوسل وعن حديث عثمان بن حنيف عن الضرير ، وعن حديث عثمان بن حنيف الآخر الذي صححه الطبراني . . فقد تعرض لذلك في كتبه وكتيباته التالية:
العبادات عند القبور ، وزيارة القبور ، والتوسل والوسيلة ، واقتضاء الصراط المستقيم ، ورسالة من سجنه .
وخلاصة رأيه أنه يفسر حديث الاعمى بأنه توسل بدعاء الرسول(ص)لا بذاته. ويحصره في حياته لا بعد مماته .
قال في التوسل والوسيلة/265:
وفي الجملة فقد نقل عن بعض السلف والعلماء السؤال به بخلاف دعاء الموتى والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين والإستغاثة بهم والشكوى إليهم، فهذا مما لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، ولا رخص فيه أحد من أئمة المسلمين. وحديث الأعمى الذي رواه الترمذي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه .
وقال في/268:
وفيه قصة قد يحتج بها من توسل به بعد موته إن كانت صحيحة رواه من حديث اسماعيل بن شبيب بن سعيد الحبطي عن شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المديني عن أبي أمامة سهل بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته ، فلقي الرجل عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين ، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة . يا محمد اني أتوجه بك الي ربي . . . الخ.
قال البيهقي ورواه أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه بطوله ، وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب بن سعيد ، قال ورواه أيضاً هشام الدستوائي عن أبي جعفر . . . الخ. انتهى .
ثم ناقش ابن تيمية في سند الحديث ، ولم يفت بالتوسل بالنبى(ص)بعد وفاته .
أما رسالته من سجنه فهي مطبوعة ضمن مجموعة رسائله وتبدأ من/248 ، وهي من سجنه من مصر ، وأنقل لك منها فقرات وفي الأخيرة منها يجيز التوسل بالنبي (ص)، فقد قال به ولم يقل بدعائه !!
قال في/250: فجاء الفتاح أولاً فقال يسلم عليك النائب وقال: إلى متى يكون المقام في الحبس ؟
أما تخرج ؟ هل أنت مقيم على تلك الكلمة أم لا ؟
وعلمت أن الفتاح ليس في إستقلاله بالرسالة مصلحة لأمور لا تخفى ، فقلت له: سلم على النائب وقل له أنا ما أدري ما هذه الكلمة ؟ والى الساعة لم أدر على أي شئ حبست ، ولا علمت ذنبي ، وأن جواب هذه الرسالة لا يكون مع خدمتك ، بل يرسل من ثقاته الذين يفهمون ويصدقون أربعة أمراء ، ليكون الكلام معهم مضبوطاً عن الزيادة والنقصان ، فأنا قد علمت ما وقع في هذه القصة من الأكاذيب .
فجاء بعد ذلك الفتاح ومعه شخص ما عرفته ، لكن ذكر لي أنه يقال له علاء الدين الطيبرسي، ورأيت الذين عرفوه أثنوا عليه بعدذلك خيراً وذكروه بالحسنى، لكنه لم يقل ابتداء من الكلام ما يحتمل الجواب بالحسنى ، فلم يقل الكلمة التي أنكرت كيت وكيت ، ولا استفهم: هل أنت مجيب إلى كيت وكيت ؟!
ـ وقال في/253: وجعل غير مرة يقول لي: أتخالف المذاهب الأربعة فقلت أنا ما قلت إلا ما يوافق المذاهب الأربعة . .
وقال في/256: وقال لي في أثناء كلامه فقد قال بعض القضاة أنهم أنزلوك عن الكرسي .
فقلت: هذا من أظهر الكذب الذي يعلمه جميع الناس ، ما أنزلت من الكرسي قط ! ولا استتابني أحد قط عن شئ ، ولا استرجعني .
وقلت قد وصل اليكم المحضر الذي فيه خطوط مشائخ الشام وسادات الإسلام ، والكتاب الذي فيه كلام الحكام الذين هم خصومي كجمال الدين المالكي وجلال الدين الحنفي . . .

ـ وقال في/265:
فقال: فاكتب هذه الساعة أو قال أكتب هذا أو نحو هذا .
فقلت: هذا هو مكتوب بهذا اللفظ في العقيدة التي عندكم التي بحثت بدمشق واتفق عليها المسلمون ، فأي شئ هو الذي تريده ؟
وقلت له: أنا قد أحضرت أكثر من خمسين كتابا من كتب أهل الحديث والتصوف والمتكلمين والفقهاء الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية ، وتوافق ما قلت . . .
ـ وقال في/266: فراح ثم عاد وطلب أن أكتب بخطي أي شئ كان ، فقلت فما الذي أكتبه ؟ قال: مثل العفو ، وألا تتعرض لأحد !! فقلت: نعم هذا أنا مجيب إليه . . . !!
وقال في/272: وهذا الذي يخافه من قيام العدو ونحوه في المحضر الذي قدم به من الشام إلى ابن مخلوف ، فيما يتعلق بالاستغاثة بالنبي(ص)ان أظهروه كان وباله عليهم ، ودل على أنهم مشركون لا يفرقون بين دين المسلمين ودين النصارى . . .
ـ وقال في/276:
وأما حقوق رسول الله(ص)بأبي هو وأمي مثل تقديم محبته على النفس والأهل والمال، وتعزيره وتوقيره واجلاله ، وطاعته واتباع سنته وغير ذلك ، فعظيمة جدا .
وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء ، كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي(ص)علم شخصا أن يقول: أللهم إني أسألك وأتوسل اليك بنبيك محمد نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله اني أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها . أللهم فشفعه في . فهذا التوسل به حسن ، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام .
والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين .
المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا على سبيل استحضاره لا على سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل المدعو ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه والله هو رب العالمين. انتهى .
وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به ، وليس بدعائه ، كما أنه لم يخصصه بحال حياته ، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلا !!

صارم:
هنالك نقطة اختلاف بيني وبينك ، ولعلها لم تظهر بعد ، فأنت حينما تسافر وتقطع مئات الأميال من أجل أن تزور القبر الفلاني ، لم أقدمت على هذا العمل ؟ وكيف لا يكون هناك تلازم بين التوسل والإستغاثة والزيارة ؟
وهذا ما قصدته فيما كتبته لك ، وهو ما أسأل عنه لـم تشد الرحل للقبر ؟ فقلت بعظمة لسانك: ( نزورهم ونستشفع بهم إلى الله تعالى ) ثم تقول: لا تلازم أي تناقض هذا ؟!!!!
أما قولك: إنك قرأت كتب ابن تيمية حول موضوعنا ، فأشكرك على شجاعتك ونقلك لما يخالف كلامك ، وكنت أتمنى منك لو قلت: وقد أخطأت أو وقد تبين بطلان كلامي ، فكل منصف سيرى هذا الخطأ الذي وقعت فيه ونسبته لشيخ الإسلام.
أخيرا قولك فيما نقلته عن الشيخ : . . . أتوسل بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن .
وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام ، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. ثم قلت ( وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به ، وليس بدعائه ) أقول لك: ارجع إلى تقسيم التوسل الذي ذكرته لك آنفاً ، وستعرف المقصود بكلام الشيخ(رض)فلا حجة لك عليه و وكيف تفسر الكلام بهواك بلا دليل ؟
وقولك ( كما أنه لم يخصصه بحال حياته ، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلا !!
من أين لك هذا الإستنباط ؟!! فلو كان هذا فهم السلف ، لما لجؤوا إلى عم النبي العباس (رض) في الإستسقاء . وإلا فقل لي بربك ما تفسير توسلهم بدعاء عم النبي(ص)ولم يلجؤا إلى قبره ؟!!!
أرجو أن أجد جواباً شافياً مختصراً على جميع أسئلتي .

العاملي:
أذكرك أولاً بفهرس مسائل نقاشنا:
فأصل موضوعنا زيارة قبر النبى(ص). وهناك موضوعان يتصلان بها:
الأول: شد الرحال اليها يعني السفر إلى المدينة المنورة بقصد الزيارة .
والثاني: التوسل والإستشفاع بالنبي(ص) .
وثانياً ، كان موضوعنا الحكم الشرعي لذلك سواء من الأحاديث الصحيحة على حسب موازين علماء المذاهب . . ووصلنا إلى رأي ابن تيمية في ذلك .
لقد قرأت اليوم رأيه في زيارة القبور وشد الرحال اليها من بضعة كتب وكتيبات له وهي:
ـ فتيا في نية السفر
ـ زيارة بيت المقدس .
ـ رسالة في الدعاء عند القبور .
ـ رده على الاخنائي
ـ ابطال فتاوى قضاة مصر
ـ الجواب الباهر في زوار المقابر
ـ شرح حديث لعن الله زوارات القبور
ـ بيان مختصر لمناسك الحج
مضافاً إلى ماذكره حول المسألة في: تفسير سورة الإخلاص والحديث وعلومه .
والنتيجة التي خلصت اليها أنه يحرم شد الرحال إلى زيارة أي قبر ، حتى قبر النبي(ص)، ويحلله إلى مسجده ، كما يحلل زيارته(ص)، بمعنى السلام عليه بدون شد رحال وبدون توسل به .
ووصلت إلى نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم وتقية بتعبيرنا ، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والإجمال ليرضي القضاة والسلطان ويخلص نفسه منهم .
لا بأس . . لو سألك شخص من مصر وهو ناو للحج ، فقال لك: أنا ذاهب إلى مكة والمدينة ، فدلني كيف أنوي ، وكيف أزور قبر النبي وشهداء أحد زيارة شرعية لا بدعية حسب فتوى ابن تيمية ، فما هو الحلال وما هو الحرام ؟
فبماذا تجيبه ؟
صارم:
تشكر على رجوعك للحق حينما قرأت بعض كتب ابن تيمية وقررت ما قررته من أن ابن تيمية لا يجيز الإستشفاع بالأموات ، أما التوسل بهم فكما ذكرت في تقسيمي أعلاه .
وبالرغم من ذلك فلي عتب عليك حينما قلت: ووصلت إلى نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم ، وتقية بتعبيرنا ، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والإجمال ليرضي القضاة والسلطان ، ويخلص نفسه منهم ) لأن ذلك موضوع آخر ليس هذا مجال نقاشه ، وأنا أرد قولك عليك لأن هذا الإمام الجهبذ قد وقف نفسه لله ، ولا يمكن أن يفعل ذلك .
ولك تحياتي وشكري على اعترافك بالحق . هدانا الله واياك إلى المحجة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك .
العاملي:
لقد تشعب الموضوع بمداخلات الآخرين . . .
وقد سألتك عن شد الرحال لاثبت لك تناقض فتاوي ابن تيمية فيها ، وسأترك مطالبتك بالجواب فعلاً ، وأجيبك عن التوسل والإستشفاع ومعناهما عندنا وعندكم واحد .
فالتوسل الجائز عند امامكم هو التوسل بدعاء النبي في حياته فقط ، ومعناه أنه الآن لا يجوز حتى بدعائه ، كما لا تجوز مخاطبته لأنه ميت .
أما عندنا فالتوسل جائز ومستحب بالنبي وآله(ص)، بذاته الشريفة وكل صفاته الربانية ومقامه المحمود ، وكذا مخاطبته والطلب منه أن يدعو ربه أو يشفع إلى ربه في الحاجة أوالجنة . . كل ذلك جائز وبعضه مستحب .
ولا فرق عندنا في ذلك بين حياته وبعد وفاته ، لأنه حي عند ربه ، يسمع كلامنا باذن ربه ، إلا أن يحجب الله كلام من لا يحبه عنه .
وهذا التوسل ليس فيه أي شائبة شرك ، لأنا نعتقد أنه عبد الله ورسوله ليس له من الأمر شئ إلا ما أعطاه الله ، ولا يملك شيئاً من دون الله ، بل كل ما يملكه فهو من الله تعالى .
وطلبنا منه وتوسلنا به ليس دعاء له من دون الله ، بل هو دعاء الله وطلب من الله وحده ، والطلب من الرسول أن يكون واسطة وشفيعا إلى ربه .
ودليلنا على ذلك: الآيات والأحاديث الصحيحة التي أجازته وحثت عليه.. وقد أشرت لك إلى أننا لم نخترع ذلك من عندنا ، ولا عندنا هواية لأن نضم إلى الطلب من الله مباشرة الطلب منه تعالى بواسطة ، ولا الأمر الينا حتى نختار هذا الأسلوب في دعائنا وعبادتنا أو ذاك . .
بل الأمر كله له عز وجل ، وقد قال لنا ( اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ). وقال ( أولئك يبتغون إليه الوسيلة أيهم أقرب ) وقال ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَّلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ) وقال عن أبناء يعقوب ( يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ) كما روينا ورويتم الأحاديث الصحيحة الدالة في رأي علماء المذاهب ومذهبنا .
فهل إشكالكم علينا لأنا نطيع ربنا ونتبع الواسطة والوسيلة التي أمرنا بها . . ولا نتفلسف عليه ونقول له: نريد أن ندعوك مباشرة ، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة !!
لقد أمر عز وجل رسوله(ص)أن يكون موحدا بلا شروط ويطيعه مهماً أمره حتى لو قال له لقد اتخدت ولدا لي فاعبده !!
( قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولدا !!
لكن أخبرنا أنه جعل رسوله وآله شفعاء إليه ، وأمرنا أن نتوسل بهم ونستشفع بهم في الدنيا والآخرة .
أما نسبتي إلى ابن تيمية تجويز التوسل في سجنه ، فلم تكن إفتراء والعياذ بالله ، بل اعتمدت على عبارته المتقدمة في سجنه ، وكذلك اعتمد عليها السبكي في كتابه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) وأبو حامد المرزوق في كتابه ( التوسل بالرسول وجهلة الوهابية ) وغيرهما كثير.. وذكر عنه ابن كثير أصرح منها .
ولا أقول إن هؤلاء العلماء قد افتروا عليه فهم من أهل البحث والدقة . . ولكنهم اعتمدوا على تلك العبارات المجملة التي كتبها !
ونحن الشيعة حساسون من كل ما يكتب بالإكراه أو شبه الإكراه ، ولا نقول بصحة نسبة الرأي الصادر من صاحبه في ظروف الإكراه وشبهه . . ونفتي ببطلان البيع المكره عليه ، وكذا البيعة .
لذلك بعد قراءتي الشاملة لما كتبه في الموضوع قلت أن ابن تيمية لم يجوز التوسل ، رغم عبارته المذكورة .
ولكني لا أوافقه على رأيه ، لأن دليل علماء المذاهب أقوى من دليله..
ثم دليلنا في اعتقادي أقوى من أدلة علماء المذاهب . . وشكراً .
صارم:
سؤالي: لماذا تشد الرحال إلى القبور ؟فأجبت للإستشفاع !! لماذا تستشفع بهم ؟
فأجبت لأن لي ذنوبا !!! ما الذي يعمله الميت لك ؟
أرجو أن تجيب بصراحة عن هذا السؤال وبلا إطالة .

العاملي:
كان سؤالك: لماذا تشد الرحال الي القبور ؟
وجوابه: أننا نشد الرحال لزيارة من ثبت عندنا استحباب زيارته كالنبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم . .
فالغرض لنا ولكل المسلمين من شد الرحال والسفر هو الزيارة ، وقد لا يعرف بعضهم الإستشفاع أبداً ، بل يقول أنا ذاهب لزيارة النبي . وقد يستشفع بهم الزائر وقد لا يستشفع ، بل يسلم عليه ويصلى عنده ويدعو الله تعالى بدون استشفاع .
ـ وسألتنى: لماذا تستشفع بهم ؟
ـ فضربت لك مثلا في طلب شفاعتهم بالمغفرة ، وأضيف هنا: أن النبي صلوات الله عليه وآله له مقام عظيم أكرمه به ربه في الدنيا والآخرة ، ومن اكرامه له أن المسلم إذا طلب من ربه حاجة مستشفعاً به وكانت مستجمعة للشروط الأخرى ، قضاها له. فالتوسل والإستشفاع طلب من الله تعالى وحده بجاه نبيه ، وليس طلباً من النبي الذي هو مخلوق مثلنا ، ليس له من الأمر شئ إلا ما أعطاه الله .
وسألت: ما الذي يعمله الميت لك ؟
وجوابه أن النافع الضار هو الله تعالى وحده لا شريك له ، والميت والحي وكل المخلوقات لا تملك لي ولا لأنفسها نفعاً ولا ضراً ، إلا ما ملكها الله تعالى.. ومن اعتقد بأن أحداً له بنفسه ذرة من ذلك فهو مشرك بالله تعالى. ولكن الله تعالى هو الذي جعل هذا المقام لنبيه(ص)، وأمرنا بأن نبتغي إليه الوسيلة بالعمل ، وبتشفيع رسوله في حاجاتنا في الدنيا والآخرة .
ومع الأسف أن بعضكم ما زال يتصور أن شد الرحال إنما تكون بنية الإستشفاع والتوسل ، وأن الإستشفاع والتوسل طلب من النبي ودعاء له بدل الله تعالى !!
ونعوذ بالله من ذلك ، ونعوذ به ممن يتهم المسلمين بذلك بدون دليل !!
صارم:
معذرة لتأخري ، وأعود مرة أخرى لموضوعنا وأقول:
هل لك أن تفرق بين فعل الشيعة وبين فعل المشركين في جاهليتهم عند قبورهم؟
فالمشركون يقرون بالربوبية ، وإنما كفروا بتعلقهم بالملائكة والأنبياء لأنهم يقولون ( هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللهِ ) ؟
أرجو أن تفرق لى باختصار. تحياتي لك .
العاملي:
الكفار والمشركون اتخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالى .
والضالون اتخذوا إليه وسيلة من دونه ، لم يأمر بها ولم ينزل بها سلطاناً . .
أما نحن فنوحده ونطيعه ونبتغي إليه الوسيلة التي أمرنا بها وهي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم .
والذين ينتقدوننا لم يفرقوا في موضوع التوسل والشفاعة بين ما هو من الله تعالى وما هو من دونه !!
وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والإيمان والهدى الضلال .
انتهت المناقشة ، ولم يجب بعد ذلك المدعو صارم !
*  *
تم بحمد الله المجلد الرابع من العقائد الإسلامية
ويليه المجلد الخامس في مسائل العصمة ، إن شاء الله
*  *


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page