• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

السكينة

 

السكينة

السكينة صفة للنفس والقلب، قال سبحانه (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين) (4 ـ الفتح). وقال: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية) (27 ـ الفجر). السكينة السكون، ومعناه الهدوء والقرار إلا أن كلمة (السكينة) تُعطي هذا المعنى، وتوحي أيضاً بالسبب الموجب للهدوء والقرار، وهو الأمن والأمان، والرضا والاطمئنان، أما الأسباب الموجبة للسكينة فهي كالآتي:

اليأس
1 ـ اليأس، قال الإمام أمير المؤمنين(ع): ((اليأس احدى الراحتين)). ولكنه مع هذه الراحة لا يوصف من حيث هو بخير أو بشرّ، بل يختلف تبعاً للمأيوس منه، فإن يئس المرء مما في أيدي الناس ثقةً بالله وبالجد والسعي، يكون اليأس، وهذي هي الحال، خيراً وفضيلة، وان يئس من روح الله ورحمته ـ نستعيذ بالله يكون ذلك شراً ورذيلة.
وفي نهج البلاغة: ((الغنى الأكبر اليأس مما في أيدي الناس)).
واليائس من الناس هو الذي يتكل على الله وكد اليمين وعرق الجبين. وأيضاً في نهج البلاغة: ((الفقيه كل الفقيه من لم يُقنّط الناس من رحمة الله، ولم يوئسهم من روح الله، ولم يؤمنهم من مكر الله). وفي سفينة البحار عن النبي(ص) أن رجلاً أقسم بأن الله سبحانه لا يغفر لفلان!. فقال الله، عظمت كلمته: لقد غفرت لفلان، وأحبطت عملك بقولك: لا أغفر لفلان.
ولا أدري كيف تجرأ هذا وأمثاله أن يخلعوا ما فيهم من لؤم ورجز على إرادة الله ـ تعالى علواً كبيراً ـ وأي فرق بين هؤلاء وبين الذين جعلوا لله صاحبة وولداً!.

القناعة
2 ـ القناعة، قال الإمام(ع): ((كفى بالقناعة ملكاً... القناعة مال لا يفنى)). والمراد بالملك هنا الرضا بما قسم وحصل.. ورُوي أن رجلاً من خدمة الملك قال لسقراط حين رآه يأكل الحشيش: لو خدمت الملك ما احتجت هذا الحشيش. فقال له سقراط: وأنت لو أكلت الحشيش ما احتجت إلى خدمة الملك. وكتب إليه آخر يعيبه بمأكله، فكتب في جوابه: أنت تعيش لتأكل، وأنا آكل لأعيش.
وما من شك أن القانع أبعد الناس عن الحسد والمطامع كما هو المفروض من خُلقه وإلا لم يكن من القانعين، والوقاية من داء الحسد والطمع سكينة وعافية، قال الإمام(ع): ((صحة الجسد من قلة الحسد)) أما الطمع فصاحبه طول حياته هائم وحائر: كيف يجمع ويدخر.
وقالوا في الفرق بين الغبطة والحسد: ان الغبطة أن تتمنى لنفسك مثل ما عند صاحبك من نعمة دون أن تزول عنه، والحسد أن تتمنى زوال النعمة عنه وإن لم يصل إليك منها شيء.. ومعنى هذا أن الحاسد لا يطمع في أن يساوي الرفيع في مكانته، والغني في ثروته، والعالم في معرفته، وإنما يريد أن يهوي الرفيع إلى ضعته، والغني إلى بؤسه، والعارف إلى جهله!.
وهنا معدن اللؤم والخسة، والخبث والدناءة. وهناك رجل وادع ومسالم للناس، كل الناس، يتمنى الخير لك ولهم، تود هلاكه والتنكيل به لا لشيء إلا لأن الله آتاه من فضله جزاء لجهده وشكره!. نافسه في الخير ان كنت رجلاً، فان التسابق والتنافس في الخير خير، قال رسول الله(ص): ((المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط)). وقال سبحانه: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (26 ـ المطففين).
ومن الدروس التي ألقيت علينا في النجف الأشرف قول المبعوث لتتميم مكارم الأخلاق: ((إذا حسدت فلا تبغ)).
وسمعنا وقرأنا في شرحه أن الله سبحانه لا ينهى عما يدور في خاطر الإنسان من ميول هوجاء وأفكار سوداء لأن ذلك تكليف بما لا يطاق، وأنما ينهاه عن الاسترسال مع هذه الميول والافكار، ويأمره بالكف عن آثارها، وأن يتكلف الصبر عليها، ويتجاهلها حتى كأنها لم تكن.

الايمان
3 ـ الإيمان، وقبل الإشارة إلى ثمره وأثره نمهد بالفرق بين المؤمن والملحد بلا تطويل وتحليل.. يعتقد الملحد بأن الطبيعة العمياء ألقت به في هذا الوجود من غير قصد أو هدف، وأنه غير مسئول عن شيء أمام أية قوة أو سلطة فوق الكون والبشر، بل لا مبرر لوجوده على الإطلاق، وأن قائده ورائده معدته وكسوته، وبيته وزوجته، لا يقع عليه أي عبء إلا أن يعمل من أجل ذلك، ويترك الناس وما يشتهون.. وبكلمة إن الإنسان في نظر الملحد هو الحيوان الملزم بالعمل لحياته في هذه الدنيا ومعاشه ولا واجبات وراء ذلك ومسئوليات حيث يذهب بالموت إلى فناء أبدي، لا بعث ولا ثواب على حسنة ولا عقاب على سيئة!.
أما المؤمن فيعتقد بأن الله القدير العليم والغني الحكيم هو الذي خلقه وأوجده لغاية تسمو به عن اللغو والعبث، وهي أن يعطي الإنسان لهذا الكون قيمته، ويظهر حقيقته، واودع فيه كل الطاقات المؤهلات لهذه المهمة، وبها كرّمه سبحانه وفضّله على كثير من خلقه، وخصه بشريعة كاملة وافية، يعمل في ضوئها لبلوغ الغاية من وجوده، وتُعدّه لعالم الأبد والخلود، للملك الدائم، والنعيم القائم إن هو امتثل وأطاع، ولعذاب الحميم ان تمرد وعاند. وبكلمة إن المؤمن يعتصم بقائد أعلى لا يحيد به عن صراط الخير والنجاة إن أسلس القياد والزمام لمولاه، ومن هنا كان المؤمن على بصيرة من أمره وبينة من مصيره، لا قلق ولا ضياع، بل هدوء وسكينة في كل حالاته وأطواره بنص القرآن الكريم: (أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) (22 ـ المجادلة). (ان الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً إلا المصلين) (22 ـ المعارج) والمراد بالمصلين هنا المؤمنون المعتصمون بالله أبداً ودائماً في السراء والضراء.
أما الملحد فهو في غربة وحيرة، لأنه ـ كما هو الفرض عنده ـ قد انتهى بتفكيره إلى أن الوجود لا معنى له، وان الإنسان قُذف فيه صدفة وعبثاً!. وعليه فإلى أي شيء يطمئن الملحد ويلجأ؟.
وقرأت الكثير عن صفات التائه الحائر، وأول ما تبادر إلى ذهني أنها صفات من كفر وألحد، ومن تلك الصفات (أنه سجين نفسه يبحث عن مكان في هذه الحياة فلا يجده، فيحز الألم في نفسه، ويتعاطى المخدرات أو الانتحار ـ مجلة عالم الفكر، العدد الأول من المجلد الأول ص 16). وفي صفحة 36 وما بعدها من هذه المجلة قال البير كامي: ((أن الانتحار يعني بكل بساطة الاعتراف بأن الحياة لا تستحق أن تعاش)). وفي مجلة العربي العدد 191 ص 20: ((ذهب كثير من علماء النفس والاجتماع إلى أن أغلب المشكلات التي يعانيها الناس أفراداً وجماعات ـ ترجع إلى احساس الفرد بعدم الإنتماء (أي إلى دين وعقيدة) وشعوره بالحيرة والضياع)).
هذي هي بالذات حياة الملحد في احساسه وبينه وبين نفسه: اهتزار واضطراب، وغربة وحيرة، وفراغ وضياع، والعلاج الوحيد سموم تخدّر أو انتحار يدمّر، أما حياة المؤمن مع نفسه فسلم وانسجام، وراحة واطمئنان.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page