• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شبهة جائرة ، قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) أنصار أهل الخلاف

ظهرت في الآونة الأخيرة عند بعض أهل الخلاف ـ و خصوصاً المتطرِّفين منهم ـ دعوى أنْ قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) هم : من شيعته .
ولا يخفى أنّ الهدف والغاية من إلصاق هؤلاء المتطرِّفين هذه التهمة بالشيعة ، هي : تبرئة أسيادهم آل أبي سفيان من وصمة العار التي تلاحقهم أبد الدهر و تجعلهم في مزابل التاريخ .
و أيضاً إبعاد الناس عن اتِّباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام) إذ لا يوجد من يتَّبعهم ويسلك سبيلهم ويعتقد بإمامتهم من الله سوى الشيعة .
فإذا ابتعد الناس عن الشيعة ، ابتعدوا عن مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، و اقتربوا من أعدائهم من بني  اُميّة  و مواليهم و مَن حذا حذوهم .
ولا يخفى أنّ قتل الإمام الحسين (عليه السلام) من تبعات ما أسَّسه أوائلهم و أخذوه قاعدة في مدرستهم ،   و هو القول بأنّ الخلافة بيد الناس ، لا بالنصّ من الله على لسان رسوله (صلّى الله عليه وآله) ، و هو قول لا يمكن أنْ يقبل به عاقل ؛ إذ كيف لله الرحيم و اللطيف الخبير و المحيط بما يحتاجه الناس في أمور معاشهم ومعادهم أنْ يتركهم سدى مع أنّه لمْ يترك لهم واقعة إلاّ وجعل فيها حكماً حتّى كيفيَّة الجلوس في الخلاء        و كيفيَّة النوم وكيفيَّة المشي وغيرها ؟ ففي جميع المعاملات ـ الفرديّة والاجتماعيّة التي تكون بين الفرد ونفسه ، أو بينه وبين ربِّه أو بينه وبينبني جنسه ـ له منهاج وطريق يأخذ بالفرد والاُمَّة إلى السعادة الأبديَّة و الحياة السرمديَّة .
فلا يعقل أنْ يجعل الله الحكيم الناس يتخبَّطون و ينحرفون عن الجادَّة بحيث يكفِّر بعضهم بعضاً ، و يقتل بعضهم بعضاً ، و يلعن بعضهم بعضاً ، حتّى قتلوا ابن بنت نبيِّه محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، باسم خليفة نبيِّه (صلّى الله عليه وآله) ، و تعدَّوا على أهل بيته (صلّى الله عليه وآله) بجميع أنواع التعدي باسم خليفة نبيّه (صلّى الله عليه وآله) أيضاً ، مع أنَّه لا يختلف اثنان في أنّ الإمام الحسين (عليه السلام) ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وله من الفضل والشرف والمكانة عند الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله) ما لا يخفى حتّى على غير المؤمنين برسول الله (صلّى الله عليه وآله) فكيف بالمسلمين؟
و مع ذلك انُتهكت حرمة الرسول (صلّى الله عليه وآله) باسم خليفته ، و حصل الهرج و المرج والتلاعب بالمقدَّسات الإسلاميَّة باسم خليفة الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، بل ما جرى على الاُمَّة ويجري من تشتُّت المسلمين و تفرُّقهم على طوائف متنافرة إنّما هو بسبب عدم اتِّباعهم ما تمليه عليهم عقولهم و نصوص رسولهم (صلّى الله عليه وآله) ، حيث اعتقد أغلب المسلمين بأنّ الله لمْ ينصب خليفة بعد رسوله (صلّى الله عليه وآله) .
فهل يرضى العقلاء من الناس من سلطانهم أنْ يُسافر ولا يجعل له نائباً يُدير مملكته ويحفظها ؟ كلاّ وألف كلاّ ، بل الرجل منَّا لا يترك بيته و عياله لو أراد السفر بدون قيِّم يقوم مقامه ومدير يُدير شؤونهم ، ولو فعل ذلك لذمَّ وليم ووبِّخ أشدَّ التوبيخ على تقصيره و إهماله ، فكيف ينسب هذا إلى سيِّد العقلاء وخالقهم ؟
و انظر باُمِّ عينك إلى جميع المؤسسات والشركات وغيرها تَرَ تنصيب أصحابها نائباً لهم إذا غابوا ليُدير ما كانوا يُديرونه و يحفظ ما كانوا يحفظونه .
و هذا الأمر الوجداني ليس الباعث له إلاّ العقل و حسن السليقة و الحكمة .
فهل يُعقل من الله العدل الخبير الحكيم أنْ لا ينصّب هادياً ترجع إليه الاُمَّة ؟بعد رسوله (صلّى الله عليه وآله) كما هو في الاًُمم السابقة ؛ إذ لكلّ نبيِّ أوصياء يحفظون الدين من بعده و يقيمون الحقَّ على نهجه.
و بهذا تعرف أنّ كلّ ما جرى ويجري على الأمَّة نتيجةٌ لمَا أسَّسه الأوائل من عدم اتِّباع الخليفة الذي نصَّ عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأمره سبحانه و تعالى بجعل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) خليفةً و إماماً من بعده .
فلينظر المسلم بعين الاعتبار الأخبار والآيات في ذلك، وليسأل المؤمن نفسه سؤالاً بسيط : لو أراد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنْ ينصّب خليفة من بعده فما الذي كان عليه أنْ يقول ويفعل كي ينصبّه ؟
فإنّه سيجد الجواب الذي لا تعتريه شبهة ولا ارتياب في تلك الآيات و الأخبار ، ولا يعذر بجهله يوم القيامة : ( قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ )(1).
فإنَّه مسؤول عمَّا جاء في كتاب الله الكريم و أقوال نبيِّه العظيم (صلّى الله عليه وآله) و أفعاله من النصّ على خليفته والهادي من بعده (صلّى الله عليه وآله) .
و بهذا يعلم أنّ كلّ ذلك بسبب مَن تقمَّص تلك الخلافة بغير حقّ ، و ادَّعى له فيها نصيباً و أنّ الويلات النازلة على الإسلام إلى يومنا هذا بسبب مخالفة الله ورسوله (صلّى الله عليه وآله) بتركهم الخليفة الواجب اتِّباعه .
وقد جاء من بعد أولئك أناس أخذوا على عاتقهم الدفاع المستميت عن أسيادهم ، و ذلك بتمحُّل مبررات لهم لا تُغني عن الحقِّ شيئ ، وبتبرئتهم بإلقاء تبعاتهم على الشيعة ، فنسبوا الضلال إلى الشيعة ، وقالوا إنّهم مَن خالف رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، مع أنّ موروث أهل الخلاف الروائي والتاريخي وغيره ـ فضلاً عمّا
يتمسك به الشيعة من مصادرهم التشريعيّة والاعتقاديَّة ـ كفيل بدفع هذه التهم بشبهاته ، بل وكفيل أيضاً بإثبات ما عليه الشيعة من الحقِّ الواضح الذي لا يعتريه ريب إلاّ عند من طبع الله على قلبه فلا يعقل شيئاً .
فصار الشيعة عند هؤلاء موضعاً لإلقاء التهم بكلّ أشكاله ، و ممّا نسبوه للشيعة قتل ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) .
وقد كادت هذه الشبهة ـ مع سخافتها ـ تنطلي على كثير من عوام أهل الخلاف ، ولا أدري كيف انطلت هذه الخزعبلات على الكثير مع وضوح افترائه ، بل و عدم تصوُّرها ؟!
مع أنّ السلف من أهل الخلاف لمْ ينسبوا هذه التهمة إلى الشيعة ، بل إنّهم لمْ يتوهموا نسبتها لهم ، و ذلك لمَا قلنا من عدم تصوُّر أنّ قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) هم شيعته .
مناقشة الشبهة
فما أدري ما أقول في دفع هذا المقول ! إذ كيف يقاتل شيعةُ أهل البيت (عليهم السلام) أهلَ البيت (عليهم السلام) ؟! و كيف يتصوَّر ذلك مع أنّ لفظ الشيعة من المشايعة ، و هي : المتابعة و النصرة ؟ فإذا انتفت النصرة   و المتابعة خرجوا عن كونهم شيعةَ مَنْ تركوا نصرته و متابعته .
فلهذا ترى المعنى اللغوي للشيعة يرفض هذه الشبهة ، و كذا المعنى الاصطلاحي على لسان علماء أهل الخلاف أنفسهم ، و أيضاً السير التاريخي يرفضها بشدَّة و يبيِّن حماقة أصحابها .
معنى الشيعة في اللغة و الاصطلاح يدفع الشبهة
معنى المشايعة المتابعة و الموالاة ، و الشيعة هم الأتباع و الأنصار ، وقد جاء بهذا المعنى في القرآن الكريم في قوله تعالى : (وَ إِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ)(2) ، وقوله تعالى : ( وَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)(3) .
وقال ابن دريد المتوفَّى سنة 321 : فلان من شيعة فلان ، أي : ممّن يرى رأيه . و شيَّعت الرجل على الأمر تشييعاً إذا أعنته عليه ، و شايعت(4) الرجل على الأمر مشايعة و شياعاً إذا مالأته عليه(5) .
وقال ابن منظور :
و الشيعة : القوم الذين يجتمعون على الأمر ، و كلُّ قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة ، و كلُّ قوم أمرهم واحد يتبع بعضهم رأي بعض فهم شيع .
قال الأزهري : و معنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً وليس كلّهم متّفقين ، قال الله عزَّ وجلَّ : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا )(6) ، كلّ فرقة تكفِّر الفرقة المخالفة له ، يعني به اليهود والنصارى ؛ لأنّ النصارى بعضهم يكفِّر بعض ، و كذلك اليهود ، و النصارى تكفِّر اليهود و اليهود تكفِّرهم و كانوا أمروا بشيء واحد .
وفي حديث جابر لمَّا نزلت : ( أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ)(7) . قال رسول الله (صلَّّى الله عليه وآله) : (( هاتان أهون و أيسر )) .  الشيع : الفرق ، أي : يجعلكم فرقاً مختلفين .  
و أمَّا قوله تعالى : ( وَ إِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ )(8) ، فإنّ ابن الأعرابي قال : الهاء لمحمّد (صلَّّى الله عليه وآله) ، أي : إبراهيم خَبَر مَخْبَرَه فاتَّبعه ودعا له . و كذلك قال الفراء ، يقول : هو على منهاجه ودينه ، و إن كان إبراهيم (عليه السلام) سابقاً له . وقِيل : معناه ، أي : من شيعة نوح (عليه السلام) و من أهل ملَّته .
قال الأزهري : و هذا القول أقرب ؛ لأنّه معطوف على قصّة نوح (عليه السلام) ، و هو قول الزجاج .  
و الشيعة : أتباع الرجل وأنصاره ، و جمعها : شيع ، و أشياع جمع الجمع .
ويقال : شايعه ، كما يقال : والاه من الوَلْي . وحكي في تفسير قول الأعشى :
يُشَوِّعُ عُوناً وَيَجْتَابُها       . . . . . . . . . . . .
يشوِّع : يجمع .
و منه شيعة الرجل ، فإنْ صحَّ هذا التفسير فعين الشيعة و او ، و هو مذكور في بابه .
وفي الحديث : القدريَّة شيعة الدجَّال ، أي : أولياؤه و أنصاره .
و أصل الشيعة الفرقة من الناس ، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد(9)
وقال ابن الأثير : ( شيع ) (هـ)‍(10) فيه : القدريّة شيعة الدجال ، أي : أولياؤه و أنصاره . و أصل الشيعة الفرقة من الناس ، وتقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد . . . و تجمع الشيعة على : شيع . و أصلها من المشايعة ، و هي المتابعة والمطاوعة(11) .
وقال الزبيدي : و شيعة الرجل ـ بالكسرـ أتباعه وأنصاره ، وكلّ قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة . وقال الأزهري : معنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضاً وليس كلّهم متّفقين ، وفي الحديث : القدريّة شيعة الدجَّال ، أي : أولياؤه
و أصل الشيعة الفرقة من الناس على حدة ، و كلّ من عاون إنساناً وتحزَّب له فهو له شيعة ، قال الكميت ( رحمه الله ) :


و مالي إلاّ آلَ أحمـدَ شـيعةٌ       و مالي إلاّ مشعبَ الحق مشعبُ


و يقع على الواحد و الاثنين و الجمع و المذكر و المؤنث بلفظ واحد ومعنى واحد(12) .
ولا يخفى على الملتفت أنّ الشيعة بهذا المعنى اللغوي العامّ يصدق على مَن بايعوا(13) أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، على أنّه الخليفة بعد عثمان بن عفّان ـ كما يتبيَّن لك ذلك ـ و إنْ لمْ يبايعوه على أنّه الخليفة بالنصّ من الله بعد رسوله (صلّى الله عليه وآله) ، و هؤلاء كثيرون جداً ، إذ جميع البقاع الإسلامّية ـ ما عدا الشام و أفراداً قليلين جداً من غيرها ـ بايعت أمير المؤمنين (عليه السلام) على أنّه خليفة رابع بعد عثمان ، ولا يمكن أنْ نقول إنَّ الشيعة ـ الذين اعتقدوا أنّ أمير المؤمنين خليفة بعد رسول الله (صلّى الله عليه و آله) بالنصّ و هو أفضل مَن عليها بعد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، كسلمان الفارسي و أبي ذر و المقداد وغيرهم ، و مَن حذا حذوهم إلى يوم القيامة من الشيعة الاثني عشريّة ـ مثل هؤلاء الشيعة الذين تابعوا و بايعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) على أنّه خليفة رابع ، فها هم أهل الكوفة بايعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) و تابعوه وصلَّوا خلفه ، و مع ذلك لمَّا نهاهم عن صلاة التراويح بإمام نادوا : و اعمراه ! والشيعة لا يختلف اثنان في أنّهم لا يرون قول و سنّة عمر بن الخطاب فضلاً عن خلافته .
قال عبد الحميد المعتزلي : وقد رُوي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) لمَّا اجتمعوا إليه بالكوفة ، فسألوه أنْ ينصب لهم إماماً يصلّي بهم نافلة شهر رمضان ، زجرهم و عرَّفهم أنّ ذلك خلاف السنّة ، فتركوه و اجتمعوا لأنفسهم ،  و قدَّموا بعضهم ، فبعث إليهم ابنه الحسن (عليه السلام) فدخل عليهم المسجد و معه الدرَّة ، فلمّا رأوه تبادروا الأبواب و صاحوا : و اعمراه !(14) .
و كذا كلّ مَن بايع الإمام الحسن (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) من أهل الكوفة و أهل المدينة وبقيّة الأمصار ؛ إذ بايعوا الإمام الحسن (عليه السلام) خليفة خامس ، و الإمام الحسين (عليه السلام) خليفة سادساً أو سابع ، و أمَّا الشيعة بالمعنى الخاص فقليلون جد .
معنى الشيعة الخاصّ بلسان علماء أهل الخلاف يدفع الشبهة و معنى لفظ الشيعة عند علماء أهل الخلاف ،  هو : كلّ مَن اعتقد بإمامة عليٍّ و أهل بيته (عليهم السلام) بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالنصّ من الله ،   و أنّهم (عليهم السلام) أفضل الخلق بعد رسوله (صلّى الله عليه وآله) .
قال أبو الحسن الأشعري : و إنّما قِيل لهم الشيعة ؛ لأنّهم شايعوا عليّاً (عليه السلام) ، و يقدِّمونه على سائر أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(15) .
وقال الشهرستاني : الشيعة هم الذين شايعوا عليّاً (عليه السلام) على الخصوص ، وقالوا بإمامته و خلافته نصّاً و وصية ، إمَّا جليّاً و إمَّا خفيّاً ، و اعتقدوا أنّ الإمامة لا تخرج من أولاده ، و إنْ خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقيّة من عنده . و قالوا : ليست الإمامة قضيّة مصلحيّة تناط باختيار العامّة و ينتصب الإمام بنصبهم ، بل هي قضيّة أصوليّة ، و هي ركن الدين لا يجوز للرسل عليهم الصلاة والسلام إغفاله و إهماله ، ولا تفويضه إلى العامّة         و إرساله ، يجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص ، و ثبوت عصمة الأنبياء والأئمّة (عليهم السلام) و جوباً عن الكبائر و الصغائر ، و القول بالتولّي و التبرّي قولاً و فعلاً و عقداً ، إلاّ في حال التقيّة(16) .
وقال النوبختي: إنّ أوَّل فرق الشيعة هم فرقة عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) المسمَّون شيعة عليّ (عليه السلام) في زمان النبي (صلّى الله عليه وآله) و بعده معروفون بانقطاعهم إليه و القول بإمامته(17) .
وقال ابن حزم الأندلسي : و مَن وافق الشيعة في أنّ عليّاً (عليه السلام) أفضل الناس بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) و أحقُّهم بالإمامة و ولده من بعده ، فهو شيعي و إنْ خالفهم فيما عدا ذلك ممّا اختلف فيه المسلمون ، فإنْ خالفهم فيما ذكرنا فليس شيعيّاً(18) .
وقال ابن منظور : وقد غلب هذا الاسم الشيعة على مَن يتوالى عليّاً و أهل بيته (عليهم السلام) ، حتّى صار لهم اسماً خاصّاً ، فإذا قِيل : فلان من الشيعة ، عُرف أنّه منهم . وفي مذهب الشيعة ، كذا ، أي : عندهم .     و أصل ذلك من المشايعة ، وهي المتابعة والمطاوعة . قال الأزهري : و الشيعة قوم يهوون هوى عترة النبيّ (صلَّّى الله عليه وآله) ، ويوالونهم(19) .
وقال ابن الأثير : وقد غلب هذا الاسم ( الشيعة ) على كلِّ مَن يزعم أنّه يتولَّى عليّاً و أهل بيته (عليهم السلام) ، حتّى صار لهم اسماً خاصّاً ، فإذا قيل : فلان من الشيعة عرف أنّه منهم . وفي مذهب الشيعة ، كذا ، أي : عندهم . وتجمع الشيعة على : شيع . و أصلها من المشايعة ، وهي : المتابعة والمطاوعة (س)(20) .
ومنه حديث صفوان : إنّي لأرى موضع الشهادة لو تشايعني نفسي . أي : تتابعني(21) .
وقال الزبيدي : وقد غلب هذا الاسم ( الشيعة ) على كلّ مَن يتولَّى عليّاً و أهل بيته (عليهم السلام) حتّى صار اسماً لهم خاصّاً ، فإذا قيل : فلان من الشيعة عرف أنّه منهم . وفي مذهب الشيعة كذا ، أي : عندهم . و أصل ذلك من المشايعة وهي المطاوعة و المتابعة .
وقِيل : عين الشيعة و او ، من شوَّع قومه إذا جمعهم ، وقد تقدَّمت الإشارة إليه قريباً .
وقال الأزهري : الشيعة قوم يهوون هوى عترة النبي (صلَّّى الله عليه وآله) ويوالونهم(22) .
فبعد وضوح أنّ للفظ الشيعة معنيين لغوياً عامّاً و اصطلاحياً خاصّاً يتّضح أنّ مَن خرج على الإمام الحسين (عليه السلام) لا يصدق عليه أنّه من شيعته و متَّبعيه و ناصريه على كلا هذين المعنيين(23) ، بل يصدق عليه أنّه من شيعة مَن خرج لنصرته .
و متابعته وهم بنو اُميّة ، فأغلب مَن خذل و خرج على الإمامين الحسن و الحسين (عليهما السلام) من شيعة بني اُميّة ، و جميع مَن بايع الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام) بايعهما على أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) خليفة خامس، و الإمام الحسين (عليه السلام) خليفة سادس ، إنْ لمْ يقرَّ بالبيعة لمعاوية و إلاّ فخليفة سابع، لا على أنّهما الوصيان الثاني و الثالث من أوصياء النبيِّ محمّد (صلّى الله عليه وآله) .
[ . . . ] ففاز بالشهادة ، وسلك إلى آخر مسلك السعادة ، فالسلام على الحسين (عليه السلام) المقتول يوم الاثنين :


لقد ذبحوا الحسينَ بنَ البتولِ         وقـالو : نحن أشياعُ الرسولِ
بـقطرةِ شـربةٍ بَـخِلُوا عليه        وخاض كلابُهُمْ وَسْطَ السيولِ
قُـصَارى هـمِّهم ريحٌ شمالٌ         وكـاساتٌ من الراحِ الشَّمُولِ
و إن مـوفَّـقاً إن لـم يُـقَاتِلْ        أمـامَك يـابنَ فاطمةَ البتولِ
فـسوف يصوغُ فيك مُحَبَّراتٍ      تنقَّلُ في الحزونِ وفي السهولِ


زهير ابن المرحوم الحاج عليّ الحكيم
---------------------------------------------------
(1) سورة الأنعام / 149 .
(2) سورة الصافات / 83 .
(3) سورة القصص / 15 .
(4) وفي المنقول منه : ومشايعة الرجل ، و الظاهر ما أثبتناه .
(5) جمهرة اللغة لابن دريد العضدي 3 / 63 ، نقلاً عن كتاب السلفيّة بين السنة و الإماميّة للسيد محمّد الكثيري / 74 .
(6) سورة الأنعام / 159 .
(7) سورة الأنعام / 65 .
(8) سورة الصافات / 83 .
(9) لسان العرب ، ابن منظور 8 / 188 ، الناشر أدب الحوزة ـ قم المقدّسة ـ 1405 هـ .
(10) هذا رمز يضعه ابن الأثير لمّا أخذه من كتاب الغريبين للهروي .
(11) النهاية في غريب الحديث ، ابن الاثير 2 / 519 ، الناشر مؤسسة إسماعيليان ـ قم المقدّسة ـ .
(12) تاج العروس ، الزبيدي 5 / 405 ، الناشر دار الفكر ـ بيروت ـ 1414 هـ .
(13) بل حتّى مَن بايع يمكن أنْ لا يكون من الشيعة بالمعنى اللغوي ؛ إذ ربما يبايع ولا يتبع ولا ينصر .
(14) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد المعتزلي 12 / 283 .
(15) مقالات الإسلاميّين للأشعري 1 / 65 .
(16) الملل و النحل ، للشهرستاني 1 / 146 ، الناشر دار المعرفة ـ بيروت ـ .
(17) فرق الشيعة للنوبختي / 15 .
(18) الفصل في الملل و الأهواء و النحل لابن حزم 2 / 113 .
(19) لسان العرب ، ابن منظور 8 / 189 .
(20) هذا رمز يضعه ابن الأثير لمَا أخذه من كتاب أبي موسى الأصبهاني في شرح غريب القرآن والحديث .
(21) النهاية في غريب الحديث ، ابن الأثير 2 / 519 .
(22) تاج العروس ، الزبيدي 5 / 405 .
(23) فهؤلاء ليسوا بشيعة جدِّه المصطفى (صلّى الله عليه وآله) فضلاً عن كونهم شيعته (عليه السلام) . قال الموفّق الخوارزمي في مقتله 2 / 179 ، راثياً الإمام الحسين (عليه السلام) ومستنكراً على قتلته :


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page