طباعة

ثانياًً ـ من صحح الحديث من العلماء


  ثانياًً ـ من صحح الحديث من العلماء :
    من الواضح أنّ اتفاق الصحابة ـ الذين سبق ذكرهم ـ على رواية حديث الثقلين الشريف بلفظ : « كتاب الله وعترتي ... » ، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله يوجب تواتره ، وإذا ما أُضيف إلى ذلك موقف أهل البيت من هذا الحديث عُلم تواتره بأبهى صورة على منهم صرّحوا بحسن الكثير من طرقه تارة ، وصيتها اُخرى. ولو جُمعت طرق الحديث تلك لكانت وحدها دليلاً كافياً على تواتر الحديث. وإليك جملة يسيرة بأسماء من قال بحسن الحديث أو صحّته ، و هم :
    محمد ابن إسحاق ( ت / 150 هـ ) (1) ، ومحمد بن عيسى الترمذي ( ت / 297 هـ ) (2) ، ويحيى بن زكريا الحافظ النيسابوري ( ت / 307 هـ ) (3) ، ومحمد بن جرير بن رستم الطبري المفسّر العامي ( ت / 310 هـ ) (4) ، وأبو بكر محمد بن إسحاق السلمي المعروف بابن خزيمة ( ت / 311 هـ ) (5) ، وأحمد بن محمد بن عقدة الزيدي الجارودي الحافظ ( ت / 333 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ؛ إذ أخرجه عن أكثر من مائة من الصحابة وبطرق شتّى في كتاب الولاية كما صرّح بهذا السيد ابن طاوس (6).
    والأزهري اللغوي المشهور ( ت / 370 هـ ) (7) ، والحاكم النيسابوري ( ت / 405 هـ ) (8) ، وأبو سعيد السجزي ( ت / 477 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ؛ إذ أخرجه من طرق شتّى (9) ، والبغوي ( ت / 510 هـ ) (10) ، وسبط ابن الجوزي ( ت / 694 هـ ) (11) ، وابن منظور ( ت / 711 هـ ) (12) ، والمزي ( ت / 742 هـ ) (13) ، والذهبي ( ت / 748 هـ ) (14) ، وابن كثير الدمشقي ( ت / 774 هـ ) (15) ، والمحاملى في أماليه على ما سيأتي عن السيوطي ، ونور الدين الهيثمي ( ت / 807 هـ ) (16) ، والبوصيري ( ت / 840 هـ ) (17) ، وابن حجر العسقلاني ( ت / 852 هـ ) (18) ، والسخاوي ( ت / 902 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث إذ أخرجه من طرق كثيرة صحح الكثير منها (19) ، والسيوطي ( ت / 911 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتره أيضاًًً كما يظهر من كثرة طرقه ، وقد صحح بعضها ، وأشار إلى تصحيح من سبقه لها كالمحالي وغيره (20) ، والسمهودي ( ت / 911 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتره أيضاًًً كما يظهر بوضوح من طرقه لديه مع تصحيحة لكثير من تلك الطرق (21) ، ومحمد بن يوسف الشامي ( ت / 942 هـ ) (22) ، وابن حجر الهيتمي ( ت / 974 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ، وله كلام طويل في تصحيح جملة وافرة من طرقه (23) ، وعبد الرؤوف محمد بن على المناوي ( ت / 1031 هـ ) (24) ، وعلى بن برهان الدين الحلبي ( ت / 1044 هـ ) (25) ، ومحمد بن معتد خان الحارثي المعروف بالبدخشاني ( ت / 1126 هـ ) (26) ، ومحمد بن محمد بن معين المعروف بالسندي ( ت / 1161 هـ ) (27) ، والزبيدي الحنفي ( ت / 1205 هـ ) (28) ، والحسين بن أحمد الصنعناني ( ت / 1221 هـ ) (29) ، والقندوزي الحنفي ( ت / 1270 هـ ) وهو من المعتقدين بتواتر الحديث ؛ إذ أخرجه من طرق كثيرة جداًً صحح معظمها (30) ، والآلوسي المفسّر الوهابي ( ت / 1270 هـ ) فقد صحح الحديث وقال معقّباً بعد التصحيح ، إنّه : « يقتضي أن النساء المطهّرات غير داخلات في أهل البيت الذين هم أحد الثقلين » (31).
    وصححه جمال الدين القاسمي ( ت / 1332 هـ ) (32).
    وصححه محمود شكري الآلوسي ( ت / 1342 هـ ) مصرّحاً بأنّ من خالف الثقلين فهو ضالّ ، ومذهبه باطل وفاسد لا يُعبأ به ، ومن جحد بهما فقد غوى ، ووقع في مهاوى الردى (33) ، ولله درّ القائل : والحقّ ينطق منصفاً وعنيدا.
    وصححه ـ كذلك ـ الأمولوي حسن زمان ( من أعلام القرن الرابع عشر الهجري ) (34) ، والألباني الوهّابي ( ت / 1413 هـ ) (35).
    وإذا ما لوحظ بمن مسلم بن الحجاج النيسابوري ( ت / 261 هـ ) قد أخرج الحديث في صحيحة ، عن أبي سعيد الخدري كما تقدم ، وإنّ علماء العّامة مطبقون على صحّة هذا الكتاب ، فلا معنى إذن للاكثار من أسماء علماًئهم الذين صحّحوا الحديث.
    ويدلّّ على ذلك أقوالهم الآتية :
    1 ـ قال العينى في عمدة القاري : « اتفق علماًء الغرب والشرق على أنه ليس بعد كتاب الله تعالى أصحّ من صحيحي البخاري ومسلم » (36).
    2 ـ وقال الكشميري الديوبندي في فيض الساري : « واعلم أنه انعقد الإجماع على صحة البخاري ومسلم » (37).
    3 ـ وقال حاج خليفة في كشف الظنون : « إن السلف والخلف قد أطبقوا على من أصحّّ الكتب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى ، صحيح البخاري ثم صحيح مسلم » (38).
    4 ـ وكان أبو على النيسابوري يرى : « أنه ما من شيء تحت أديم السماء إلاّ وصحيح مسلم أصحّ أنه » (39).
    5 ـ وذهب الذهبي ، والسرخسي ، وابن تيمية ، وعمر بن الصلاح الشهرزوري ، والحميدي ، ابن طاهر ، وأبو إسحاق الشيرازي ، القاضي عبدالوهّاب المالكي ، إلى القول بمن ما وُجد في الصحيحين يفيد القطع !! واحتجّوا بالإجماع على قبوله ، وجزم السيوطي بأن القطع هو الصواب !! (40).
    هذه هي رتبة حديث الثقلين الشريف بلفظ : « كتاب الله وعترتي ... » عند علماء العامّة ، وبهذا تُعلم قيمة إعراض البخاري في صحيحه عن رواية هذا الحديث ، وقيمة الشبهات التي أثارها ويثيرها بعض الجهلة من هنا وهناك بشأن صحة هذا الحديث تارة أو دلالته تارة اُخرى (41).




1 ـ لسان العرب / ابن منظور 4 : 538 ( عَتَرَ ).
2 ـ سنن الترمذي 5 : 662 ـ 663 / 3786 باب مناقب أهل البيت عليهم السّلام.
3 ـ الفوائد المنتقاة والغرائب الحسان عن الشيوخ الكوفيين / محمد بن علي الصوري : 73.
4 ـ كنز العمّال 1 : 379 / 1650.
5 ـ راجع : صحيح ابن خزيمة 1 : 3 من المقدمة.
6 ـ انظر : الاقبال / السيد ابن طاوس 2 : 239 ـ 240.
7 ـ تهذيب اللغة / الأزهري 2 : 157 ( عَتَرَ ).
8 ـ مستدرك الحاكم 3 : 118 / 4567 كتاب معرفة الصحابة ـ ذكر مقتل عثمان ، و 3 : 160 ـ 161 / 4711 ، و 3 : 613 / 6272.
9 ـ الاقبال / السيد ابن طاوس 2 : 239 الفصل 2.
10 ـ مصابيح السنة / البغوي 4 : 185 / 4800 ، و 4 : 189 / 4816 باب مناقب أهل البيت عليهم السّلام ، وشرح السنة / البغوي 14 : 117 / 3913 و 14 : 118 / 3914.
11 ـ تذكرة الخواص / سبط بن الجوزي : 290.
12 ـ لسان العرب / ابن منظور 4 : 538 ( عَتَرَ ).
13 ـ تحفة الأشراف / المزي 3 : 193 / 3659.
14ـ تلخيص المستدرك / الذهبي 3 : 533 ( مطبوع بهامش مستدرك الحاكم ).
15 ـ السيرة النبوية / ابن كثير 4 : 168 ، وتفسير القرآن العظيم / ابن كثير 7 : 185 في تفسير الآية ( 23 ) من سورة الشورى المباركة ، والبداية والنهاية / ابن كثير أيضاًً 5 : 228 ـ 229 ، و 5 : 231.
16 ـ مجمع الزوائد / الهيثمي 1 : 170 ، و 9 : 162 ـ 163.
17 ـ مختصر اتحاف السادة المهرة / البوصيري 8 : 461 ، و 9 : 194.
18 ـ المطالب العالية / ابن حجر العسقلاني 4 : 65 / 3972.
19 ـ استجلاب ارتقاء الغرف / السخاوي : 88 ـ 122 بعنوان : « حديث الثقلين » .
20 ـ مسند الإمام علي عليه السّلام / السيوطي : 192 / 605 ، وجامع الآحاديث / السيوطي 16 : 255 / 7863 ، والخصائص الكبرى / السيوطي 2 : 466 ، والدر المنثور / السيوطي أيضاًً 5 : 702 في تفسير الآية ( 23 ) من سورة الشورى المباركة.
21 ـ جواهر العقدين / السمهودي : 231 و 232 و 234 و 236 و 238 و 246 وقال في هذا المورد الأخير : « وهو كثير الطرق جداً وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد ، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان » .
22 ـ سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد / محمد بن يوسف الشامي 11 : 6.
23 ـ الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي : 42 و 43 و 44 و 145 و 149 و 150 و 228.
24 ـ فيض القدير شرح الجامع الصغير ، المناوي 2 : 174 / 1608.
25ـ السيرة الحلبية / الحلبي 3 : 384.
26ـ نزل الأبرار بما صحّ من مناقب أهل البيت الأطهار / البدخشاني : 33.
27 ـ دراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب / السندي : 233.
28ـ اتحاف السادة المتقين / الزبيدي 14 : 534.
29 ـ الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير / الصنعاني 1 : 39.
30 ـ ينابيع المودة 1 : 120 / 44 و 45 ، و 1 : 121 / 48 ، 2 : 432 / 191 ، وغيرها.
31 ـ روح المعاني / الآلوسي الوهّابي 11 : 197 في تفسير الآية ( 33 ) من سورة الأحزاب المباركة.
32 ـ محاسن التأويل / القاسمي 14 : 307.
33 ـ مختصر التحفة الإثني عشرية / محمود شكري الآلوسي : 52.
34 ـ القول المستحسن في فخر الحسن / المولوي حسن زمان : 594.
35 ـ صحيح الجامع الصغير / الألباني الوهّابي 1 : 286 / 1351 ، و 1 : 482 / 2457 و 2458 ، وسلسلة الأحاديث الصحيحة / الألباني الوهّابي أيضاًً ، رقم الحديث ( 1761 ).
36 ـ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري / العيني 1 : 5.
37 ـ فيض الساري على صحيح البخاري / الكشميري الديوبندي 1 : 57.
38 ـ كشف الظنون / حاج خليفة 1 : 641.
39 ـ وفيات الأعيان / ابن خلكان 4 : 208.
40 ـ شرح الزرقاني على المنظومة البيقونية لأبي الفتوح البيقوني : 57 ـ 59 ، القسم الأول ( الحديث الصحيح ) ، وفيض الساري 1 : 57.
41 ـ راجع : حديث الثقلين / السيد على الحسيني الميلاني. ( كتبه ردّاً على بعض من تخرّص باطلاً بشأن حديث الثقلين الشريف ).