طباعة

العّلة الاُولى ـ الخوف من القتل

 

 العّلة الاُولى ـ الخوف من القتل :
    وهذه هي العلة الظاهرة التي أيّدتها الاحاديث التاريخية بكل قوة ؛ إذ تواترت الاخبار على معنى واحد ، خلاصته معرفة السلطة العباسيّة بمن الإمام الثاني عشر عليه السّلام يمثل الخطر الأكيد على وجودهم ، ومن هنا كانوا يترقبون انتظار ولادته على حذر شديد ، الأمر الّذي يفسر لنا محاولة الإمام العسكري عليه السّلام اخفاء ولادة ولده المهدي الموعود عليه السّلام عن عامة الناس إلاّ الاقرب فالأقرب.
    وقد صحّ الخبر ـ ومن طرق شتى ـ بما فعله الحاكم العباسي بعد وفاة الإمام العسكري عليه السّلام ورواه الشيعة كلهم ، ويكفي أنه وكل القوابل على نساء الإمام العسكري عليه السّلام وإمائه بعد وفاته ليفتشهن ، كل ذلك لأجل الفتك بالإمام الثاني عشر عليه السّلام وإن كان حملاً.!!
    فالخوف من القتل كسبب من أسباب الغيبة لا نقاش فيه أصلا من الناحية التاريخية ، ومع هذا فقد جاء الخبر عن إمامنا الصادق عليه السّلام بذلك قبل حدوثه.
    1 ـ عن إبان بن عثمان وغيره ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لابد للغلام من غيبة ، فقيل له : ولِمَ يا رسول الله ؟ قال صلّى الله عليه وآله : يخاف القتل » (1).
    2 ـ وعن زرارة ، عن الإمام الصادق عليه السّلام منه قال : « إن للقائم غيبة قبل أن يقوم ، قلت : ولِمَ ؟ قال : إنّه يخاف ، وأومأ بيده إلى بطنه ، يعني : ألقتل » (2).
    وسيأتي عن الإمام الصادق عليه السّلام ما يبين هذه العلة في الغيبة ، وذلك من خلال تأكيده على من في الإمام المهدي عليه السّلام سنة من الأنبياء السابقين. ومن جملتها : سنة من موسى خائفا يترقّب والذي حكاه القرآن الكريم على لسان موسى عليه السّلام أنه حين ما فرّ من قومه وغاب عنهم زماناً ، ثم عاد ـ بعد حين ـ إليهم ، خاطبهم قائلاً : ( ففررتُ منكم لمَّا خفتكمْ فوهَبَ لي ربِّي حكماً وجعلني من المرسلينَ ) (3).
    فكذلك حال إمامنا المهدي ـ أرواحنا فداه ـ فيم سيخاطب به الناس بعد انتهاء أمد غيبته موضحاً لهم علّتها ؛ وقد جاء عن الإمام الصادق عليه السّلام ما هو صريح بورود هذه العلة على لسان الإمام المهدي عليه السّلام في ما سيتلوه من كتاب الله تعالى عند ظهوره الشريف.
    عن المفضل بن عمر ، عن ابي عبد الله عليه السّلام ، قال : « إذا قام القائم عليه السّلام تلا هذه الآية : ( ففررتُ منكم لمّا خفتكم ) » (4).

 



1 ـ علل الشرائع 1 : 243 / 1 باب 179.
2 ـ اصول الكافي 1 : 338 / 9 و 1 : 340 / 18 ، و 1 : 342 / 29 ، باب في الغيبة.   
3 ـ سورة الشعراء : 26 / 21.
4 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 174 / 11 باب / 10.