طباعة

ثانياًً ـ براءة ابن الحنفية رضى الله عنه من القول بمهدويته

 

 ثانياًً ـ براءة ابن الحنفية رضى الله عنه من القول بمهدويته :
    مات السيد محمد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام المعروف بمحمد بن الحنفية رضى الله عنه سنة ( 73 /هـ ) وقيل غيرها (1) ، وهو لا يعرف عن دعوى الكيسانية في إمامته ومهدويته وغيبته شيئاً يذكر ، حيث روّجت الكيسانية له ذلك جهلاً ـ بعد وفاته ـ ؛ تأثّراً بسموّ أخلاقه ونبله وعلمه ، زيادة على كونه أخاً للسبطين وابناً لامير المؤمنين عليهم السّلام ، مع عناد بعضهم على القول بإمامته ومهدويته وغيبته حتى بعد وفاته ودفنه !
    وكان محمد بن الحنفية رضى الله عنه قد سمع بعضهم وهم يسلّمون عليه بالمهدوية ، ولكنه لم يحمل تحيتهم على معنى مهدي آخر الزمان عليه السّلام بل على كونه من جملة العباد الصالحين الذين يهدون إلى الحق وبه يعملون ، وقد نبّههم على ذلك في وقته.
    ويدلّ عليه ما أخرجه ابن سعد في طبقاته بسنده عن أبي حمزة قال : « كانوا يسلّمون على محمد بن علي : سلام عليك يا مهدي. فقال : أجل ، أنا مهدي اهدي إلى الرشد والخير ، ولكن اسمي اسم نبي الله ، وكنيتي كنية نبي الله ، فإذا سلّم أحدكم فليقل : سلام عليك يا محمد ، أو السّلام عليك يا أبا القاسم » (2).
    ولم أجد في جميع المصادر أكثر صراحة من هذه الرواية في الدلالة على وصفه بالمهدوية في حياته. في حين انّها لاتدلّ على إرادة المهدي الموعود به في آخر الزمان ، كما لا تدلّ على رضاه ، ولا تبنيه ذلك كما يظهر من كلامه المتقدم.



1 ـ اختلفت الروايات في وفاة السيد محمد بن الحنفية رضى الله عنه ما بين سنة ( 73 و 80 و 81 و 82 و 92 و 93 /هـ ) راجع : تهذيب الكمال / المزي 26 : 152 / 5484.
2 ـ الطبقات الكبرى / ابن سعد 5 : 94 في ترجمة محمد بن الحنفية ، وتاريخ دمشق / ابن عساكر 54 : 347 / 6797 ، وتاريخ الإسلام / الذهبي 6 : 188 / 138 في وفيات سنة ( 81 ـ 100 / هـ ) ، وسير أعلام النبلاء / الذهبي 4 : 123 / 36 في ترجمة محمد بن الحنفية.