طباعة

خامساًً ـ ملاحقة الإمام الصادق عليه السّلام لحجج الكيسانية ونسفها


  خامساًً ـ ملاحقة الإمام الصادق عليه السّلام لحجج الكيسانية ونسفها :
    لم يتوقف الإمام الصادق عليه السّلام في إبطال دعوى الكيسانية على صعيد هذا اللقاء بالسيد الحميري ، وإنّما راح أبعد من ذلك بكثير يوم بيّن لبعض رؤؤس الكيسانية زيف عقيدتهم ، ولكنهم ركبوا رؤوسهم عناداً وصلفاً ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهَ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَيِبلاً ) (1). ومن أولئك : حيان السرّاج.
    عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : « قال أبو عبد الله عليه السّلام : أتاني ابن عم لي يسألني أن آذن لحيان السرّاج ، فأذنت له ، فقال لي يا أبا عبد الله إني أريد أن أسألك عن شيء أنا به عالم إلاّ أني أحب أن أسألك عنه ، أخبرني عن عمّك محمد بن علي مات ؟ قال ، فقلت : أخبرني أبي أنه كان في ضيعة له فأتى ، فقيل له : أدرك عمك ! قال : فأتيته ـ وقد كانت أصابته غشية ـ فأفاق فقال لي : أرجع إلى ضيعتك. قال : فأبيت ، فقال لترجعن ، قال : فانصرفت ، فما بلغت الضيعة حتى أتوني ، فقالوا : ادركه ! فأتيته ، فوجدته قد اعتقل لسانه فدعا بطست ، وجعل يكتب وصيته ، فما برحت حتى غمضته ، وغسلته ، وكفنته ، وصلّيت على ، ودفنته.
    فإن كان هذا موتاً فقد والله مات. قال : فقال لي رحمك الله شبّه على أبيك. قال ، قلت : يا سبحان الله ! منت تصدف على قلبك. قال فقال لي : وما الصدف على القلب ؟ قال ، قلت : الكذب » (2).
    وعن بريد العجلي قال : « دخلت على ابي عبد الله عليه السّلام فقال لي : لو كنت سبقت قليلا أدركت حيان السرّاج. قال : وأشار إلى موضع في البيت ، فقال عليه السّلام : كان ههنا جالساً فذكر محمد بن الحنفية وذكر حياته وجعل يطريه ويقرظه فقلت له : ياحيان أليس تزعم ويزعمون وتروي ويروون لم يكن في بني إسرائيل شيء إلاّ وهو في هذه الأمة مثله ؟ قال : بلى. قال : فقلت : هل رأينا ورأيتم أو سمعنا وسمعتم بعالم مات على أعين الناس ، فنكح نساؤه ، وقسّمت أمواله. وهو حيٌّ لا يموت ؟ فقالم ولم يرد عليَّ شيئاًً » (3).
    وعن عبد الله بن مسكان قال : « دخل حيان السرّاج على أبي عبد الله عليه السّلام فقال له : ياحيان ! ما يقول أصحابك في محمد بن على ( بن ) الحنفيّة ؟ قال : يقولون هو حي يرزق. فقال أبو عبد الله عليه السّلام : حدّثني أبي أنه كان فيمن عاده في مرضه ، وفيمن أغمضه ، وفيمن أدخله حفرته .. وقسّم ميراثه. قال : فقال حيان : إنّما مثل محمد بن الحنفية في هذه الأمة مثل عيسى بن مريم ، فقال : ويحك ياحيان شُبّه على أعدائه ! فقال : بلى شبّه على أعدائه فقال : تزعم أن أبا جعفر عدو محمد بن على ! لا ولكنك تصدف ياحيان .. » (4).
    وبهذا ونظائره استطاع الإمام الصادق عليه السّلام أن يبيّن للناس جميعاً تهافت مقولة الكيسانية وكذبها ، أما أدّى بالنتيجة إلى تبخر تلك المزاعم وإزالتها من صفحة الوجود بعد انقراض المتعصّبين لها ، وبصورة لم تترك معها أدنى تأثير ـ ولو طفيف ـ على خط الإمامة العريض الواضح ، كما لم تؤثّر شيئاًً على علم القواعد الشيعية بمن سيغيب من أئمة الهدى عليهم السّلام.



1 ـ سورة النساء : 4 / 143.
2ـ رجال الكشي : 314 ـ 315 / 569.
3 ـ رجال الكشي : 314 / 568.
4 ـ رجال الكشي : 315 ـ 316 / 570.