طباعة

سابعاً ـ موقف الإمام الصادق عليه السّلام من تلك المهدوية

 

 سابعاً ـ موقف الإمام الصادق عليه السّلام من تلك المهدوية :
    بعد اتضاح موقف القرآن الكريم ، والسنة النبوية المطهرة من الأمويين والمروانيين ، ودولتهم ( الشجرة الملعونة ) ، وما قاله أمير المؤمنين عليه السّلام في فتنتهم وانحرافهم ؛ فماذا يتوقع بعد هذا إذن أن يقوله الإمام الصادق عليه السّلام في تلك الدولة الخبيثة المنحرفة من رأسها إلى أساسها ؟
    روى سفيان بن عيينة عن الإمام الصادق عليه السّلام بأن بني أميه لم يطلقوا تعليم الشرك للناس ؛ لكي إذا حملوهم عليه لم يعرفوه (1).
    وروى الحكم بن سالم ، عمّن حدّثه عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : « إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله ، قلنا : صدق الله ، وقالوا : كذب الله ! قاتل أبو سفيان رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وقاتل معاوية بن أبي طالب عليه السّلام ، وقاتل يزيد بن معاوية الحسين بن على عليه السّلام ، والسفياني يقاتل القائم عليه السّلام » (2).
    واما من اغتر بماورد في سيرة عمر بن عبدالعزيز من رد المظالم وأشباهها كارجاع فدك إلى بني فاطمة عليها السّلام ووصفهم له بالعدالة !!
    فجوابه ما ذكرناه في أول رد هذه المقولة ، بأنه استلم السطلة من الشجرة الملعونة ، ومقتضى العدلّ من يتنحى عنها ولا يتقدم ـ بنص الحديث الصحيح ـ على قوم نهي من التقدم عليهم ، أو على الاقلّ أن يرجعها إليهم بعد وفاته لا أن يرجعها إلى تلك الشجرة الخبيثة التي اجتثت فما لها من قرار.
    وما قيمة رد المظالم في قبال اغتصاب الحق الأكبر ؟!
سأل عبد الأعلى مولى آل سام أبا عبد الله الصادق عليه السّلام بقوله : قلت له : ( قل اللهمّ مالك الملك توتي الملك من ّتشاء وتنزع الملك ممن تشاءُ ) (3) أليس قد أتى الله عزّوجلّ بني أميه الملك ؟
    قال عليه السّلام : ليس حيث تذهب إليه ، إن الله عزّوجلّ أتانا الملك وأخذته بنو أميه ، بمنزلة الرجل يكون له الثّوب فيأخذه الآخر ، فليس هو للذي أخذه » (4).
    ومن هنا لم يتعرض إمامنا الصادق عليه السّلام إلى إبطال مهدوية عمر بن عبد العزيز بصورة مباشرة ، لعلم الأمة كلها بذلك ، وإنما نبّه الأمة على جرائم بني أميه ، ولم يستثن أحداً منهم قط ، كما هو شأن الأحاديث السابقة في مثالبهم ، مبيناً عليه السّلام ما يكفي لدحض كل دعوى زائفة بهذا الشأن سواء التي عاصرها أو التي جائت بعد حين ، وذلك عن طريق تصريحه تارة بأن المهدي عليه السّلام لم يولد بعد ، وأخرى بأنه من ذريّة الحسين عليه السّلام ، وثالثة ببيان هويته الكاملة كما لاحظنا ذلك في الفصول السابقة مما لم يبق ـ بهذا ـ مجالاً لاستمرار أية حجة للتمسك بأمثال تلك الدعاوى الباطلة ، وغيرها من دعاوى المهدوية الزائفة كما سنرى.



1 ـ أصول الكافي : 2 : 415 ـ 416 / 1 ، كتاب الايمان والكفر.
2 ـ معاني االأخبار / الصدوق : 346 / 1 ، باب معنى قول الصادق عليه السّلام ، إنّا وآل أبي سفيان أهل بيتين تعادينا في الله عزّوجلّ.
3 ـ سورة آل عمران : 3 / 26.
4 ـ روضة الكافي 8 : 222 / 389.