• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا

 السؤال: هل قوله تعالى : [ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ]آية مستقلة أم جزء من آية ؟

الشیخ حسن عبدالله العجمي
الجواب: لقد قامت الأدلة على أنّ قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} نزل لوحده مستقلاً ولا يوجد دليل واحد يمكن من خلاله إثبات نزوله بمعيّة ما قبله أو ما بعده من كلامه سبحانه، وقد أطلق على هذا المقطع من قول الحق تعالى بأنّه آية جماعة من الصحابة، وذلك ضمن روايات صحيحة وردت عنهم رواها علماء أهل السنة في مصنفاتهم وصححوها، فمن جملة من صرّح بذلك أم المؤمنين أم سلمة رضوان الله تعالى عليها، ومن رواياتها في ذلك ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده فقال: (حدثنا عبد الله ابن نمير، قال: حدثنا عبد الملك – يعني ابن أبي سليمان -، عن عطاء ابن رباح، قال: حدثني من سمع أم سلمة تذكر أنّ النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم كان في بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة، فدخلت عليه فقال لها: ادعي زوجك وابنيك، قالت: فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري، قالت: وأنا أصلّي في الحجرة، فأنزل الله عزّ وجل هذه الآية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا، اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا»، قالت: فأدخلت رأسي البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله؟! قال: «إنّك إلى خير، إنّك إلى خير» .
قال: قال عبد الملك: وحدثني أبو ليلى عن أم سلمة مثل حديث عطاء سواء.
وقال عبد الملك: وحدثني داود بن أبي الجحاف عن شهر بن حوشب عن أم سلمة بمثله سواء) (1) .
ومنها ما رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار فقال: ( حدثنا فهد، حدثنا عثمان ابن أبي شيبة، حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن جعفر بن عبد الرّحمن البجلي، عن حكيم بن سعد، عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} ) (2) .
ومنها: ما روه الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين فقال: (حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا العباس بن محمد الدوري، حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، حدثنا شريك ابن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: في بيتي نزلت هذه الآية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، قالت أم سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟! قال: إنك إلى خير، وهؤلاء أهل بيتي، اللهم أهلي أحق)
ثم قال الحاكم النيسابوري: (هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)
وقال الذهبي في تلخيص المستدرك: (على شرط البخاري) (3).
ومنها: ما رواه الطحاوي في شرح مشكل الآثار فقال: (حدثنا فهد، حدثنا أبو غسان، حدثنا فضيل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}، فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟! فقال: أنت على خير، إنك من أزواج النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم وفي البيت علي وفاطمة والحسن والحسين ) (4) .
ومنها: ما رواه الطحاوي أيضاً في شرح مشكل الآثار فقال: (وما قد حدثنا فهد، حدثنا سعيد بن كثير بن عفير، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن عمرة الهمدانية قالت: أتيت أم سلمة فسلمت عليها، فقالت: من أنت؟ فقلت: عمرة الهمدانية، فقالت عمرة: يا أم المؤمنين أخبريني عن هذا الرجل الذي قتل بين أظهرنا فمحب ومبغض- تريد علي بن أبي طالب -، قالت أم سلمة: أتحبينه أم تبغضينه؟! قالت: ما أحبه ولا أبغضه! فقالت: أنزل الله هذه الآية {إِنَّمَا يُرِيدُ ...} إلى آخرها، وما في البيت إلاّ جبريل ورسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وعلي وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام، فقلت: يا رسول الله أنا من أهل البيت؟! فقال: إنّ لك عند الله خيراً فوددت أنه قال نعم، فكان أحب إليَّ مما تطلع عليه الشمس وتغرب) (5) .
وصرّح بأنّها آية من الصحابة سعد بن أبي وقاص، أخرج روايته الطحاوي في شرح مشكل الآثار فقال تحت عنوان (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم في المراد بقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}من هم؟): (حدثنا الربيع المرادي، حدثنا أسد بن موسى، حدثنا حاتم بن إسماعيل، حدثنا بكير ابن مسمار، عن عامر بن سعد، عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً عليهم السلام فقال: اللهم هؤلاء أهلي) (6)  .
وصرّح بذلك أيضاً الصحابي عمر بن أبي سلمة أخرج روايته الترمذي في سننه فقال: (حدثنا قتيبة، حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}  في بيت أم سلمة فدعا النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟! قال: أنت على مكانك وأنت إلى خير) (7).
وصرّح بذلك الصحابي واثلة بن الأسقع، أخرج روايته أحمد بن حنبل في مسنده فقال: (حدثنا محمد بن مصعب، قال: حدثنا الأوزاعي عن شداد أبي عمارة، قال: دخلت على واثلة بن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليّاً فلما قاموا قال لي: ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم؟ قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة رضي الله عنها أسألها عن علي، قالت: توجه إلى رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم فجلست أنتظر حتى جاء رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله عنهم آخذ كل واحد منهما بيده، حتى دخل فأدنى عليّاً وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساءً، ثم تلا هذه الآية {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وأهل بيتي أحق ) (8) .
وصرّح بذلك الصحابي أبو سعيد الخدري أخرج روايته الطبري في تفسيره فقال: (حدثني محمد بن المثنى، قال: حدثنا بكر بن يحيى بن زبان العنزي، قال: حدثنا مندل، عن الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله: نزلت هذه الآية في خمسة؛ فيَّ وفي علي رضي الله عنه وحسن رضي الله عنه وحسين رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنه {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}) (9) .
فتبين من هذه الرّواية أنّ قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} آية لوحدها ونزلت مستقلة لوحدها .. والحمد لله رب العالمين.
___________________
(1)مسند أحمد بن حنبل 6/292 رواية رقم: 26551، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط عن هذا الحديث بسنده الثاني – وهو الذي رواه عبد الملك عن أبي ليلى عن أم سلمة – أنّه «صحيح» ، وكذلك صححه الشيخ حمزة أحمد الزّين (انظر مسند أحمد 18/244 رواية رقم: 26388 طبعة دار الحديث بالقاهرة بتحقيق أحمد محمد شاكر وحمزة أحمد الزّين.
قلت:  وسنده الثاني صحيح أو حسن،  وهو الذي رواه عبد الملك عن داود بن أبي عوف عن شهر بن حوشب عن أم سلمة، فـ«داود» وثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، وقال عنه النسائي: (لا بأس به) وكان سفيان الثوري يوثقه ويعظمه، وقال عنه أبو حاتم: (صالح الحديث)، وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال: (يخطىء) ، نعم هو مرمي بالتشيّع بل وصفه بعضهم بأنّه غال في التشيّع وما لشيء إلاّ لأنّ عامة ما يرويه من روايات في فضائل أهل البيت، وهذا كاف عندهم لرمي الراوي بالتشيّع بل وبالغلو فيه وإن لم يكن في الحقيقة والواقع كذلك، وشهر بن حوشب قد تكلم فيه بعضهم لكن الشيخ أحمد محمد شاكر يقول أنّ كلامهم فيه بغير حجة وأنّ الرجل ثقة، ففي تعليقة له على الرّواية رقم (97) من مسند أحمد وقد وقع في سندها «شهر» قال :  (إسناده صحيح ... شهر بفتح الشين وسكون الهاء: هو ابن حوشب، وهو ثقة، تكلم فيه بعضهم بغير حجة ) وعليه فهذا السند صحيح وإن تنازلنا عن الصحة فهو حسن .
(2)شرح مشكل الآثار 2/236 ، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: (جعفر بن عبد الرّحمن البجلي: هو أبو عبد الرّحمن الأنصاري، روى عن أم طارق وحكيم بن سعد، وروى عنه الأعمش لقيه بواسط، وذكره البخاري في التاريخ الكبير2/196، وابن أبي حاتم 2/483 ولم يأثرا عنه جرحاً ولا تعديلاً غير أنّ أبي حاتم قال: سألت أبي عنه فقال: هو شيخ للأعمش، وذكره ابن حبّان في الثقات6/134 وقال: شيخ كان بواسط، قلت: وباقي رجال السند ثقات من رجال الشيخين غير حكيم بن سعد فقد روى له البخاري في الأدب والنسائي وهو ثقة).
(3)المستدرك على الصحيحين2/451 رواية رقم: 3558.
(4)شرح مشكل الآثار 2/241 رواية رقم: 786، وعلق الشيخ شيعيب الأرنؤوط على هذه الرّواية بقوله : ( عطية – وهو ابن سعيد العوفي – ضعيف ، لكن حديثه حسن في الشواهد، وهذا منها ) .
(5)شرح مشكل الآثار 2/244 رواية رقم: 772، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط معلقاً على هـذه الرّوايـة : ( ابن لهيعـة سيء الحفظ وعمـرة لم يرو عنـها غير أبي معاويـة البجلي – وهو عمار بن معاوية الدهني – وباقي رجاله ثقات )
قلت: قال الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقة له على الحديث رقم: (10) من سنن الترمذي بتحقيقه: ( وابن لهيعة – بفتح اللام وكسر الهاء – هو عبد الله بن لهيعة بن عقبة الغافقي، أبو عبد الرحمن المصري القاضي الفقيه، وهو ثقة صحيح الحديث، وقد تكلم فيه كثيرون بغير حجة من جهة حفظه، وقد تتبعنا كثيراً من حديثه وتفهمنا كلام العلماء فيه فترجح لدينا أنّه صحيح الحديث وأنّ ما قد يكون في الرّواية من الضعف إنما هو ممن فوقه أو ممن دونه وقد يخطئ، وهو كما يخطئ كل عالم وكل راو .
وروى أبو داود عن أحمد بن حنبل قال: ومن كان مثل ابن لهيعة في حديثه وضبطه وإتقانه؟ وقال سفيان الثوري: عند ابن لهيعة الأصول وعندنا الفروع ) اهـ
فطعن الشيخ شعيب الأرنؤوط في سند الحديث بوجود ابن لهيعة فيه لأنّه سيء الحفظ مردود بما ذكرناه من كلام الشيخ أحمد محمد شاكر ، أمّا عمرة الهمدانية فهي وإن لم يرو عنها إلاّ عمار بن معاوية الدهني إلاّ أن ابن حبّان ذكرها في الثقات 5/288 ترجمة رقم: 4880 بعنوان (عمرة بنت الشافع)، ووثقها العجلي في معرفة الثقات 2/457 رقم الترجمة 2345 بعنوان (عمرة الهمدانية)، وكيف كان فإن سند هذه الرّواية معتبر ومورد الشاهد في الرّواية مما تابع عمرة عليه جماعة وردت رواياتهم من طرق صحيحة وأخرى حسنة .
(6)شرح مشكل الآثار 2/235 رواية رقم: 761، وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: (إسناده صحيح).
(7)سنن الترمذي 5/663 رواية رقم: 3787، وقال الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي 3/543 رواية رقم: 3787 : (صحيح)، وأخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار 2/243-244 رواية رقم: 771 وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: (سنده حسن) .
(8) مسند أحمد 4/107 رواية رقم: 17029وعلق الشيخ شعيب الأرنؤوط على هذه الرّواية بقوله: (حديث صحيح) وقال عنه الشيخ حمزة أحمد الزين: (إسناده حسن) (مسند أحمد 13/224 رواية رقم: 16925 طبعة دار الحديث القاهرة ) .
(9) تفسير الطبري22/6.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page